اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

مجموعة خطب للشيخ عصام عميرة ----- نص


Recommended Posts

الجمعة 3 رجب 1435هـ

02/05/2014م

بدعة شد الرحال تحت الاحتلال

 

(الخطبة الأولى)

 

أيها الناس: عقد في العاصمة الأردنية عمان قبل أيام المؤتمر الدولي الأول "الطريق إلى القدس" برعاية ملكية، طالب أثناءه عضو هيئة العلماء علي جمعة بزحف سلمي إلى القدس لإثبات الوجود وعدم ترك المقدسيين وحدهم في مواجهة الاحتلال "الإسرائيلي"، مكررا أمام نخبة من علماء القصور الغافلين عن القبور أن زيارة القدس جائزة باتفاق المسلمين. وأجمعوا بعد جدل مستفيض وساخن جدا خلال ثلاثة أيام على عدم تحريم زيارة المسجد الأقصى المبارك تحت الاحتلال لفئتين من المسلمين في العالم، وهم: الفلسطينيون أينما كانوا ومهما كانت جنسياتهم، والمسلمون الذين يحملون جنسيات دول بلدان خارج العالم الإسلامي وعددهم حوالي 450 مليون مسلم. وتُرِكَ باب الاجتهاد مفتوحا بخصوص حق باقي مسلمي العالم في زيارة المسجد الأقصى المبارك، لتكثير سواد المسلمين فيه، والدفاع عن الأقصى والمرابطين فيه. واستدل علماء الحضرة الملكية على فتواهم تلك بما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى". وأن الأصل استحباب زيارة المسجد الأقصى باتفاق العلماء. وقد شارك في المؤتمر عدد كبير من العلماء من الذين وافقت على خروجهم من ديارهم مخابرات بلادهم، ووافقت على دخولهم المخابرات الأردنية.

أيها الناس: أنظروا إلى هذه البدعة في دين الله التي تجاهلت العساكر الجاثمة على صدر المسجد الأقصى، والتي تمنع المسلمين المجاورين له من الصلاة فيه، ثم انظروا كيف أن علماء القصور الغافلين عن القبور قد أخرجوها على شكل فتوى تشد من أزر المسجد الأقصى بترغيب المسلمين في زيارته من البلدان الخالية من جيوش المسلمين المدججة بالسلاح! فما هو السياق الذي جاءت فيه هذه الفتوى البدعة؟ ولماذا جاءت في هذا التوقيت بالذات تزامنا مع تضييق الخناق على المسجد الأقصى ومنع المصلين من الدخول إليه، ومع المصالحة المشبوهة، والمفاوضات العبثية التي تضع آخر مسمار في نعش القضية الفلسطينية؟ ما هذا يا من تسمون علماء! ألهذا الحد ضعف دينكم، وخضعتم للإرادة الملكية، وصرتم جسرا يعبر عليه حكام دويلات الضرار الأشرار إلى باطلهم، ومتكأ لهم لتمرير خياناتهم وضلالاتهم؟ ما الذي أصابكم حتى يضيق فقهكم عن تذكر شيء من أحكام الجهاد والقتال في الشريعة الإسلامية المرادفة لإنقاذ البلاد المحتلة والمقدسات المغتصبة ولا تنفك عنها بحال؟ والله لقد لحقكم من الخزي والعار بفتواكم هذه ما لم يلحق أحدا من المسلمين وعلمائهم عبر قرون طويلة، بئس الخلف أنتم لخير سلف.

أيها العلماء: يفترض بكم أن تكونوا البوصلة التي توجه الأمة في تحركاتها، وأن تكونوا روّاداً هداةً لها لشرع ربها ومعالجاته الحكيمة لكل قضاياها. هكذا كان علماء الأمة الربانيون الأفذاذ كابن حنبل وابن تيمية والعز بن عبد السلام وابن الجوزي الذي حرّك جموع المسلمين لجهاد الصليبيين، وكان من خطبته المشهورة "...وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة، الحرب في سبيل الله، ثم في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض، فإذا لم تقدروا على الخيل تقيدونها فخذوها فاجعلوها ذوائب لكم وضفائر، إنها من شعر النساء، ألم يبق في نفوسكم شعور؟!... وصرخ: ميدي يا عمد المسجد، وانقضي يا رجوم، وتحرقي يا قلوب ألماً وكمداً، لقد أضاع الرجالُ رجولَتَهم". لكنكم يا علماء القصور الغافلين عن القبور نكصتم على أعقابهم، وأهنتم مكانة العلم والعلماء، وسخّرتم الدين في خدمة انبطاح الحكام الصاغرين الموالين لأعداء الأمة المتآمرين على مقدساتها ومصالحها، عندما خلا مؤتمركم من ذكر الحل الشرعي الوحيد لقضية فلسطين والقدس والأقصى، وهو وجوب الجهاد لتحرير كل شبر محتل من أرض فلسطين المباركة. ويلكم أيها المبتدعون، تدعون إلى ضرورة زيارة الأقصى تحت حراب الاحتلال، وتطالبون الجماهير بزحف سلمي لتأكيد هوية القدس بزعمكم، والإسلام يحرم ذلك، ويوجب الجهاد لتحرير القدس والأقصى؟ لقد أثبتت الجماهير المسلمة التي خرجت إلى الميادين تنادي "على القدس رايحين شهداء بالملايين" أنها أكثر إخلاصا للقدس والأقصى. فانزلوا عن مرتبة العلماء، وألصقوا وجوهكم بالأرض عند نعال المسلمين الغيورين على القدس والأقصى. فإن تعلمتم منهم الدرس، فارفعوا رؤوسكم، وارجعوا إلى ربكم، واستغفروه على ما بدر منكم، واعقدوا العزم بعدها على إصدار الفتاوى تترى بخلع حكام دويلات الضرار ومبايعة إمام للمسملين، وتجييش الجيوش لتحرير القدس والأقصى، وسيأتي المسلمون خلف الجيوش المظفرة من كل حدب وصوب دون أن تدعوهم،ليشدوا الرحال لأقصاهم، تحت راية العقاب الخفاقة، وعندها يكون الزحف السلمي شرعيا وليس كما زعمتم أيها المطبعون المضلون المتخاذلون.

 

 

(الخطبة الثانية)

 

أيها الناس: إن التخاذل عن نصرة القدس والأقصى سيبقى وصمة عار في جبين الحكام المتخاذلين، وإن القدس والأقصى هي أمانة في أعناق المسلمين، وسيسأل عنها العلماء الساكتون عن قول الحق، والناعقون بالفتاوى التطبيعية الباطلة. وإن تحرير فلسطين وتطهير الأقصى من رجس يهود شرف ومكانة عالية لن ينالها الحكام الأقنان، بل ينالها المؤمنون المخلصون بقيادة صنو أبي عبيدة وخالد وصلاح الدين وقطز، وحينها سيخرج من علماء الأمة الربانيين صنو القاضي محيي الدين بن زكي الدين ليخطب من على منبر المسجد الأقصى المبارك تالياً قول الله سبحانه {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. وإن ذلك كائن قريباً بإذن الله.

أيها العلماء: لو أفتى عالم بفتواكم هذه زمن صلاح الدين لأهدر دمه أو سجن، ولتخطفته السيوف والأسنة قبل الألسن، فأعيدوا قراءة قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ}، وأعيدوا قراءة حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إياكموأبوابالسلاطينفإنهأصبحصعبًا هبوطًا". فما بالكم تهافتم على أبوابهم، وأكلتم على موائدهم؟ فلقد ضلت بوصلتكم، وازددتم من الله بعدا، وخُنتم أمانة العلم والفقه، وخذلتم أمتكم وأنتم أئمتها وروادها، وإن الرائد لا يكذب أهله؟ ولقد أفك قوم أضلهم الله على علم، فلماذا لم تجرّمواكبيركم الذي علمكم التطبيع، فقد زار الأقصى وهو من مواطني دولة حرمتم زيارة المسلمين منها؟ فما لكم كيف تحكمون؟ وتبا لكم كيف تُفتون!

أيها الناس: إن لفلسطين مكانة عقدية عظيمة عند كل مسلم، فهي أولى القبلتين، وثالث الحرمين، ومسرى الرسول عليه الصلاة والسلام، ولن يحررها إلا رجال تغلغلت العقيدة الاسلامية في نفوسهم، وعلموا حقيقة مكانة المسرى في قلوب المسلمين وعقولهم، ولن ينال شرف تحريره منبطحون أُشربوا في قلوبهم الخضوع للقوانين الدولية، والانقياد لسيدهم الأمريكي.والحل الوحيد الذي لا ثاني له لهذه القضية المباركة وقضايا المسلمين جميعاهو العمل لإقامة الدولةالإسلامية الواحدة التي يحكمها خليفة واحد، ولها جيش واحد تحت راية واحدة ولواء واحد.ثم إعلان الجهاد في سبيل الله لتحرير البلاد وإنقاذ المقدسات والثأر للحرائر والثكالى والأرامل، ونصر المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا. وإن الأقصى ليتطلع لزحف المحررين لا زحف المطبعين، ولفتاوى العلماء الربانيين لا لعلماء القصور والسلاطين! فاللهم إنا نبرأ إليك من فتاواهم، وندعوك مخلصين لهدايتهم.

 

 

 

 

الجمعة 10/7/1435 هـ

الموافق 9/5/2014 م

وهل تُنقِذُ القشّةُ غريقا؟

 

(الخطبة الأولى)

 

أيها الناس: هناك مثل عربي شائع يقول: (الغريق يتعلق بقشة)، ويضرب للذي ألمّ به أمر ما، فيفقد الأمل وتقل خياراته، ولا يتبقى له من السبل إلا أضيقها، ولا من طرق النجاة سوى أقلها، فلا يلام في إمساكه بالقشة حتى لا يقال استسلم للموت غرقا دون محاولة إنقاذ نفسه، ولو كانت يائسة فاشلة. أما إن وجد الغريق سفينة ضخمة تمخر عباب البحر آمنة، وعرض عليه أن يستقلها، ثم رفض وأصر على التشبث بالقشة، فإنه يكون حينئذ قد أهلك نفسه، وضرب مثلا في الحمق وقلة الهداية وضيق الدراية، وسوء التقدير وضعف التدبير. وينطبق عليه قول الله عز وجل: {وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ. يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، وقوله سبحانه وتعالى: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، أعاذنا الله وإياكم من ذلك.

أيها الناس: تشهد الساحة الفلسطينية برا وبحرا وجوا تحركا تركيا حثيثا ولافتا، لا على صعيد تحريرها وإعادتها إلى حضن الأمة الإسلامية، وإنقاذ الأقصى وباقي الأماكن المقدسة فيها. ولكن على صعيد تمويل المشاريع الخيرية والثقافية والتراثية التي عاصرت عهد الدولة العثمانية إبان حكمها لفلسطين، كالمساجد وسبل مياه الشرب للمارة والقلاع والحصون والمقابر وغيرها. ومن قبل ما رمموا مقبرة باب الأسباط، وهو البوابة الشرقية لسور القدس والمسجد الأقصى حيث يقف الجنود الإسرائيليون المدججون بالسلاح، فيسمحون بدفن الأموات في المقبرة، ولا يسمحون بدخول الأحياء للصلاة في الأقصى. وآخر نشاطات الحكومة التركية هو إعادة ترميم وتأهيل سبيل الرفاعية الأثري في مدينة غزة القديمة الذي أنشأه العثمانيون قبل أكثر من 500 عام عندما بسطوا سيادتهم الكاملة على قطاع غزة،وكانت جيوشهم ترعب جيوش أوروبا قاطبة. ويطلق الفلسطينيون على هذا السبيل اسم"سبيل السلطان عبد الحميد الثاني" تقديرا له بعد ما أعاد ترميمه عام 1900 وهو تحت سيادته الكاملة. أما أوردغان فقد أعاد ترميمه ومده بالماء العذب المعالج لشرب المارة في مدينة غزة دون أي سيادة تذكر. ويأتي هذا الترميم في وقت لم تعد فيه 98% من مياه قطاع غزة صالحة للشرب. وفي لقاء مع أحد مواطني غزة، عبّر عما تكنه نفوس المسلمين فيها بكلمات قليلة مفادها أنه يشكر تركيا على ترميم هذا السبيل، ويطلب منها المزيد من الدعم السياسي، وإن كان الدعم عسكريا "فنورٌ على نور"، لأنها القادرة على إزالة الاحتلال، وذكر ما يفيد بأن السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله لم يقبل بهجرة يهودي واحد إلى أرض فلسطين، ورفض إقامة وطن قومي لهم عليها.ومع ذلك فقد رفع الغزيون الأعلام التركية على واجهات المحال التجارية وأطلق الكثير من أصحاب المطاعم اسم تركيا أو عاصمتها على محالهم، وعرضوا صورة أوردغان مع صور أمير دولة قطر ووالده على معلقات كبيرة في مفترقات شوارع رئيسية بمدينة غزة، تقديرا لمواقفهم الساعية للتخفيف من آثار الحصار. وقد شيدت الحكومة في غزة نصبا تذكاريا لشهداء سفينة الحرية في مينائها، وهم الأتراك التسعة الذين قتلهم الجيش "الإسرائيلي" على متنها عندما سيطر عليها في عرض البحر محملة بمساعدات إنسانية للمحاصرين في غزة. وفي كلمة له في افتتاح السبيل، قال وزير السياحة والآثار في حكومة غزة: إن فلسطين يربطها بتركيا الدين والتاريخ وعلاقات القربى.وكرر شكره لتركيا وشعبها على ما يقدمونه من دعم ومساندة لفلسطين، معبرا عن أمله أن يكون هذا "السبيل" باكورة لسلسلة من المشاريع المشتركة للنهوض بالقطاع الأثري والسياحي في فلسطين.أما السفير التركي في فلسطين فقال في كلمة له فور وصوله من رام الله في الضفة الغربية خصيصا للمشاركة في مراسم افتتاح السبيل، - ولا أدري كيف وصل – قال: إنه "يشعر في داخله بعمق العلاقة التاريخية والثقافية بين تركيا والشعب الفلسطيني".وذكر السفير أن إعادة ترميم هذا الأثر العثماني يدل على عمق العلاقة التركية الفلسطينية، ووعد باستمرار مسيرة المشاريع التركية المتعددة في كافة المجالات بمدينة غزة وسائر المدن الفلسطينية.أما أستاذ العلوم السياسية ناجي شراب فأكد أن تركيا تسعى لأن تكون دولة مركزية إقليمية في المنطقة العربية والإسلامية، لتحقيق مشروعها السياسي الداعي إلى تأسيس الخلافة العثمانية الجديدة عبر بوابة القضية الفلسطينية بكافة أبعادها الدينية والتاريخية والثقافية والسياسية!!!وأوضح أن تركيا تولي غزة اهتماما أكثر من غيرها لأنها تتعرض لحصار وحروب، ولكن ذلك لم يؤثر على ثوابت السياسية الخارجية التركية المتعلقة بالمحافظة على علاقاتها الإستراتيجية والتحالفية مع الولايات المتحدة و"إسرائيل"!! ولا نستطيع أن نفهم هذه التصريحات إلا كما فهمنا تصريحات ملك الأردن وأعوانه عندما باع منزلا له في بريطانيا وطلى بثمنه قبة الصخرة في المسجد الأقصى بماء الذهب ليزينها وهي أسيرة ومغتصبة، فكانوا جميعا كالديوث الذي أرسل لأخته المغتصبة ذهبا صلة لها بمناسبة العيد كي تتزين لغاصبها!

 

 

(الخطبة الثانية)

 

أيها الناس: إن حكومة غزة المغتصبة الغريقة تتشبث بالقشة التركية للنجاة من الاحتلال الإسرائيلي والقطيعة المصرية والمدابرة السورية والجفاف الإيرانيوالجفاء السعودي، وتتشبث بقشة منظمة التحرير الفلسطينية الميتة سريريا عبر المصالحة مع سلطة رام الله الفاقدة لكل مقومات العزة والكرامة والسيادة فضلا عن مقومات إنقاذ الغرقى، بل إنها هي التي أغرقت السفينة الفلسطينية في بحار السياسية الخاطئة الكاذبة القاتلة. فتركيا وإيران والسعودية ومصر وسوريا وغيرها من دويلات الضرار تعمل جاهدة لتثبيت كيان "يهود" خدمة لأميركا ودول الغرب الكافر، والحفاظ على نفوذهم في بلاد المسلمين، وتتفانى في تنفيذ مخططاتهم الاستعمارية لنهب الثروات، والسيطرة على الممرات، وأعظم من ذلك فهذه الدول تشكل سيفا مسلطا على رقاب المجاهدين والعاملين الجادين لإقامة دولة خلافة المسلمين الثانية الراشدة على منهاج النبوة، فما وجودهم إلا بغيابها، وسيكون وجود الخلافة قريبا بإذن الله سببا في غيابهم، وما ذلك على الله بعزيز.

أيها الناس: نقول لإخواننا في غزة: لقد كبر علينا تشبثكم بقشة أردوغان وسفينته الخائبة، وهل تنقذ القشة غريقا؟ وآلمنا انشغالكم في مسابقات اختيار شاعر غزة أو مطربها، وإقامة مهرجان"بقعة ضوء"للأفلام غير التقليدية برعاية المركز الثقافي الفرنسي في غزة، متجاهلين سفينة النجاة الحقيقية التي تنقذ غزة والضفة والقدس وحيفا ويافا وعكا وعسقلان وغيرها من رقاع أرض فلسطين، بل وتنقذ المسلمين جميعا والبشرية من بعدهم، تلكم السفينة هي دولة الخلافة الإسلامية الثانية الراشدة على منهاج النبوة، فتعلو راية العقاب فوق كل راية، وتعلو كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله فوق كل كلمة. فلا يبقى غريق إلا أنقذته، ولا مظلوم إلا نصرته. فاتركوا القشة واركبوا السفينة، وكونوا مع الصادقين العاملين لإعزاز هذا الدين الذي تنتمون له، فلا فرق في ديننا بين غزي وضفاوي، ولا بين أردني وفلسطيني وتركي، ولا بين عراقي وسوري ولبناني، ولا بين مصري وباكستاني ومغربي، واتركوا هذه الوطنية العفنة، فقد أزكمت رائحتها الأنوف.

 

 

 

الجمعة 17/7/1435 هـ

الموافق 16/5/2014 م

وانحصرت النكبة في ذكراها

 

(الخطبة الأولى)

 

أيها الناس: يقول الحق تبارك وتعالى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}. قبل ستة وستين عاما نفذت ما يعرف بالشرعية الدولية، والأجدر أن تسمى شريعة الغاب الجديدة، شريعة الرأسمالية الجشعة المتوحشة، نفذوا جريمة تاريخية بحق أهل فلسطين، فقاتلوهم في الدين، وأخرجوهم من ديارهم وظاهروا على إخراجهم. وقد اكتملت فصول هذه الجريمة عام 1948م، وتوجت بإحداث واقع جديد على أرض فلسطين "جغرافيّا" و"ديموغرافيّا" (سُكّانيّا). فعلى الصعيد الجغرافي رُسمت حدود ما يسمى بخط الهدنة أو الخط الأخضر ليقسم فلسطين إلى قسمين، واحد لليهود والآخر لما تبقى من أهل فلسطين. وأما على الصعيد الديموغرافي، فقد استمرت تغذية الداخل بالمهاجرين وأعمال التهويد،وتفريغ الداخل والخارج من أهل فلسطين، بالتضييق والطرد والتهجير والقتل والجرح وتكسير العظام، وتشتيت الأسر، ومحو التاريخ، والعبث بالمفاهيم الدينية والثقافة الاجتماعية والأعراف والقيم التي عاش عليها أهل فلسطين ردحا طويلا من الزمن، تحت ظل دول الخلافة المتعاقبة عليهم منذ أن دخل الإسلام والمسلمون إلى فلسطين، أيام الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ولقد كان للحرب العالمية الأولى التي بدأت عام 1914م أكبر الأثر في ضياع فلسطين، حيث بدا واضحا أن الحلفاء الكفار قد ربحوا الحرب ضد الدولة العثمانية وحليفتها ألمانيا، ما أتاح لهم تقسيم تركة الرجل المريض بينهم، وتنفيذ المخطط البريطاني الصهيوني بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

أيها الناس: ليس قضيتنا اليوم منحصرة في استذكار الآلام والخسائر البشرية والمادية التي حصلت بسبب النكبة الفلسطينية، ولا التباكي على ملك الدولة العثمانية الذي ضاع، وأدى ضياعه إلى ضياع فلسطين وباقي بلاد المسلمين، فلربما كانت نكبة مسلمي فلسطين في منظور الخسائر أقل حجما من نكبة شعب الروهنجا المسلم في بورما، أو نكبة شعب فطاني المسلمفي تايلند، أو شعب الموروس المسلم في الفلبين، أو المسلمين من شعوب الهوتو والتوتسي في رواندا، وهي بالتأكيد أقل من نكبة مسلمي العراق وعربستان ومصر والسودان والجزائر وإفريقيا الوسطى وأفغانستان، وكل هذه النكبات بكل تأكيد هي أقل من نكبة مسلمي الشام، فيا طوبى للشام، يا طوبى للشام، يا طوبى للشام، قالوا يا رسول الله: وبم ذلك؟ قال: تلك ملائكة الله باسطوا أجنحتها على الشام. وأعود إلى القول بأن المشكلة ليست في النكبات التي تحصل، فهذا قضاء من الله وقدر منه، يصيب به من يشاء من عباده، ولكن المشكلة في موالاة الذينتسببوا في هذه النكبات، وقاتلونا في ديننا، وأخرجونا من ديارنا، وظاهروا على إخراجنا. أجل، أيها المسلمون، إن المشكلة في رجال وعائلات وتنظيمات وأحزاب وقادة وزعماء وعلماء تسللوا إلى مواقع القيادة عند المسلمين، وتحكموا في مفاصل حياتنا، واستولوا على مراكز اتخاذ القرار فينا، ثم والوا أعداءنا، وركعوا عند أعتابهم، وصلوا في محاريبهم، واتخذوهم أولياء من دون المؤمنين، وأربابا من دون الله. هذه هي المشكلة، أن يبرز من أهل فلسطين مثلا من يزعم تمثيلهم، ويعترف للغاصبين بشرعية وجودهم، ويمنع مقاومتهم، ويحصر النكبة في ذكراها، باحتجاج في ساحة، أو تظاهرة عند حاجز أو جدار، يوما في الأسبوع أو الشهر أو السنة! وتهراق دماء جديدة من غير طائل. والمشكلة أن يبرز من أهل بورما الروهنجيين من يزعم تمثيلهم، ثم يوالي طاغوت ميانمار ويتنازل لهعن طرد شعبه من الديار، وحرقهم وإتلاف ممتلكاتهم وذبحهم وتدميرهم واغتصاب نسائهم وطرد من تبقى منهم إلى المجهول، ويختزل مشكلتهم في مخيم لجوء أو بطاقة إعاشة أو نحو ذلك. والمشكلة أن يبرز من أهل إفريقيا الوسطى من يزعم تمثيلهم، ثم يتجاوز عن المذابح والمجازر والتهجير القسري وأبشع ألوان العذاب الذي نزل بالمسلمين هناك، ثم يوالي الطغمة الحاكمة فيها، ويعانق جيوش الفرنسيين الذي ظاهروا على تنفيذ هذه الجرائم البشعة، مقابل مقعد له في برلمان بلاده، أو منصب رخيص، أو مبلغ من المال أو غير ذلك من الأثمان التي يُشترى بها عبيد السياسة من الأنذال الخائنين. وما يسري على فلسطين وبورما والفلبين وإفريقيا الوسطى، يسري على العراق وسوريا وأفغانستان وباقي بلاد المسلمين. قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {إنما ينهاكم اللّه عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم}: أي إنما ينهاكم عن موالاة هؤلاء الذين ناصبوكم بالعداوة فقاتلوكم وأخرجوكم، وعاونوا على إخراجكم، ينهاكم اللّه عزَّ وجلَّ عن موالاتهم، ويأمركم بمعاداتهم. ثم أكد الوعيد على موالاتهم، فقال: {ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون}، كقوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن اللّه لا يهدي القوم الظالمين}. وعلى هذا تكون السلطة الفلسطينية ظالمة، ويكون الائتلاف السوري ظالما، والصحوات العراقية ظالمة، ويكون ظالما مثلهم كل من يسير سيرهم، ويوالي من قاتل شعبه وأخرجه من دياره وظاهر على إخراجه، تماما كما وُصف مصطفى كمال وحسين بن علي بالظلم والخيانة، هم ومن سار على طريقهم القومي والوطني في بلاد العرب والعجم والترك إلى يومنا هذا.

 

 

(الخطبة الثانية)

 

أيها الناس: يقول كاتب فلسطيني في مقال له بعنوان: (نكبة مفتوحة عـلى نكبـات) نشر يوم أمس:

"ذكرى النكبة الفلسطينية ليست ذكرى اللجوء الوحيدة بعد أن أثمر الربيع العربي وقبله احتلال بغداد عن لاجئين على مدّ البصر، لجوء في الداخل ولجوء في الخارج، ومهجرون ونازحون من كل الأقطار، وطغى مخيم الزعتري على كل مخيمات اللجوء... في ذكرى النكبة، هنا كاعترافات جديدة بالمحرقة وبالكيان العبري... يشارك نواب لاجئون في احتفالات استقلاله جهرا وسرا... وربما نُلغي ما تيسر من أذكار عن حيفا ويافا واللد والرملة، ونُسقط اسماء الدلع للنكبة من شاكلة مصطلح الخط الاخضر وفلسطين الطبيعية وعرب الـ“48“، فهذه كانت بداية المؤامرة على النكبة. في ذكرى النكبة سنجتهد في اجترار نكبات كثيرة، وسيصبح القوس مفتوحا عند الحديث عن اللاجئين... ولن نغلق القوس، فثمة وافدون إلى سوق اللجوء، وسنتحدث في معاركنا السياسية ولجاننا الوطنية وأجنداتنا الإصلاحية، عن حقوق اللاجئين والمواطنة والتوطين والأوطان البديلة وتمثيل اللاجئين في البرلمان... وكلما طال أمد اللجوء صَغُرت أحلام العودة، وكلما انزلقنا في الانصياع إلى الأوامر الكونية (الأمم المتحدة) ضاعت سمات اللاجئ، حتى ألعاب الصغار لم تعد عسكر وحرامية، أو فدائي وصهيوني، بل صارت ألعاباً إلكترونية عن الرجل الحديدي وسباق السيارات و"ماريو".

أيها الناس: تعالوا بنا ننبذ هذه المنهجيات الفاسدة في التعاطي مع القضايا الكبيرة، ونقبل على الله ولا نعرض عن ذكره، فمن يعرض عن ذكره يضل ويشقى، ولنخرج من عقولنا مصطلحات الوطنية والأرض والنكبة والديموقراطية وما شاكل ذلك، ولندخل إليها مصطلحات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولنتعرف على معاني كلمات البراء والولاء، ومفاهيم القتال والإخراج من الديار والمظاهرة على الإخراج، فهذه الكلمات والمصطلحات والمفاهيم قرآنية، تعيدنا إلى صعيد الصراع الحقيقي، وتبعد عنامكائد الأعداء وحبائل شياطين السياسة والإعلام. فما أحوجنا إلى أن نعود إلى الله ورسوله والدين والشريعة والخلافة والحكم بما أنزل الله والجهاد في سبيل الله، فهي العزة والكرامة والنجاح والفلاح، قال سبحانه: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ}. فاللهم عجل لنا بخلافتنا ورد علينا ضالتنا.

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...