اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

ماالفرق بين دعوة اهل اليمن ودعوة الفرس الى الاسلام


Recommended Posts

مالفرق بين إرسال سيدنا معاذ الى اهل اليمن لتبليغهم الاسلام وبين إرسال سيدنا ربعي بن عامر الى روستم قائد الفرس ولماذا لم ينقل الدعوة بالجهاد الى اهل اليمن كما نقل الى الفرس

رابط هذا التعليق
شارك

من كتاب البداية و النهاية لابن كثير حول ارسال الرسل الى اليمن و يليها رسله الى كسرى و قارن انت بنفسك أخي لتعلم الفرق:

 

باب بعث رسول الله خالد بن الوليد

قال ابن إسحاق: ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في شهر ربيع الآخر أو جمادى الاولى سنة عشر إلى بني الحارث بن كعب بنجران، وأمره أن يدعوهم إلى الاسلام، قبل أن يقاتلهم، ثلاثا فإن استجابوا فاقبل منهم وإن لم يفعلوا فقاتلهم.

فخرج خالد حتى قدم عليهم، فبعث الركبان يضربون في كل وجه، ويدعون إلى الاسلام ويقولون: أيها الناس: أسلموا تسلموا، فأسلم الناس ودخلوا فيما دعوا إليه، فأقام فيهم خالد يعلمهم الاسلام وكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كما أمره رسول الله إن هم أسلموا ولم يقاتلوا.

ثم كتب خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم، لمحمد النبي رسول الله من خالد بن الوليد: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو: أما بعد يا رسول الله صلى الله عليك، فإنك بعثتني إلى بني الحارث بن كعب، وأمرتني إذا أتيتهم أن لا أقاتلهم ثلاثة أيام، وأن أدعوهم إلى الاسلام، فإن أسلموا [ أقمت بهم و ] (1) قبلت منهم، وعلمتهم معالم الاسلام وكتاب الله وسنة نبيه وإن لم يسلموا قاتلتهم، وإني قدمت عليهم فدعوتهم إلى الاسلام ثلاثة أيام كما أمرني رسول، وبعثت فيهم ركبانا: [ قالوا ] (2) يا بني الحارث أسلموا تسلموا فأسلموا ولم يقاتلوا، وأنا مقيم بين أظهرهم آمرهم بما أمرهم الله به وأنهاهم عما نهاهم الله عنه وأعلمهم معالم

الاسلام وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، حتى يكتب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته.

فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد النبي رسول الله إلى خالد بن الوليد، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو.

أما بعد، فإن كتابك جاءني مع رسولك يخبر أن بني الحارث بن كعب قد أسلموا قبل أن تقاتلهم، وأجابوا إلى ما دعوتهم إليه من الاسلام، وشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن قد هداهم الله بهداه، فبشرهم وأنذرهم، وأقبل، وليقبل معك وفدهم، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ".

فأقبل خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل معه وفد بني الحارث بن كعب، منهم قيس بن الحصين ذو الغصة، ويزيد بن عبد المدان، ويزيد بن المحجل، و عبد الله بن قراد (3) الزيادي، وشداد بن عبيد (4) الله القناني، وعمرو بن عبد الله الضبابي (5).

فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم

__________

(1) من ابن هشام.

(2) من ابن هشام.

(3) قوله: قراد، وفي الطبري قريظ، وفي الاصابة: قداد، وفي أسد الغابة: قداذ.

(4) في ابن هشام والطبري: عبد الله.

(5) الضبابي: بكسر الضاد، قال السهيلي: وبالفتح في نسب النابغة الذبياني، وبالضم: في بني بكر.

(*)

(5/114)

ورآهم.

قال من هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند ؟ قيل: يا رسول الله هؤلاء بنو الحارث بن كعب، فلما وقفوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلموا عليه وقالوا: نشهد أنك رسول الله وأنه لا إله إلا الله.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله.

ثم قال: " أنتم الذين إذا زجروا استقدموا " فسكتوا فلم يراجعه منهم أحد، ثم أعادها الثانية ثم الثالثة فلم يراجعه منهم أحد، ثم أعادها الرابعة.

قال يزيد بن عبد المدان: نعم يا رسول الله ! نحن الذين إذا زجروا استقدموا قالها أربع مرات.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو أن خالدا لم يكتب إلي أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا، لالقيت رؤوسكم تحت أقدامكم ".

فقال يزيد بن عبد المدان: أما والله ما حمدناك ولا

حمدنا خالدا.

قال فمن حمدتم ؟ قالوا حمدنا الله الذي هدانا بك يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقتم.

ثم قال: بم كنتم تغلبون من قاتلكم في الجاهلية ؟ قالوا: لم نك نغلب أحدا، قال بلى، كنتم تغلبون من قاتلكم.

قالوا: كنا نغلب من قاتلنا يا رسول الله إنا كنا نجتمع ولا نتفرق، ولا نبدأ أحدا بظلم قال: " صدقتم " ثم أمر عليهم قيس بن الحصين.

قال ابن إسحاق: ثم رجعوا إلى قومهم في بقية شوال أو في صدر ذي القعدة، قال: ثم بعث إليهم بعد أن ولى وفدهم عمرو بن حزم ليفقههم في الدين، ويعلمهم السنة ومعالم الاسلام، ويأخذ منهم صدقاتهم، وكتب له كتاب عهد إليه فيه عهده وأمره أمره، ثم أورده ابن أسحاق وقد قدمناه في وفد ملوك حمير (1) من طريق البيهقي وقد رواه النسائي نظير ما ساقه محمد بن إسحاق بغير إسناد.

بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الامراء إلى أهل اليمن قال البخاري: باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع.

حدثنا موسى، ثنا أبو عوانة ثنا عبد الملك، عن أبي بردة قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى ومعاذ بن جبل إلى اليمن قال: وبعث كل واحد منهما على مخلاف، قال: واليمن مخلافان، ثم قال: " يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا " وفي رواية: وتطاوعا ولا تختلفا وانطلق كل واحد منهما إلى عمله، قال: وكان كل واحد منهما إذا سار في أرضه وكان قريبا من صاحبه أحدث به عهدا [ فسلم عليه ] (2) فسار معاذ في أرضه قريبا من صاحبه أبي موسى، فجاء يسير على بغلته حتى انتهى إليه، فإذا هو جالس وقد اجتمع الناس إليه، وإذا رجل عنده قد جمعت يداه إلى عنقه، فقال له معاذ يا عبد الله بن قيس أيم هذا قال: هذا رجل كفر بعد إسلامه، قال: لا أنزل حتى يقتل، قال: إنما جئ به لذلك، فانزل، قال: ما أنزل حتى يقتل فأمر به فقتل ثم نزل.

فقال: يا عبد الله كيف تقرأ

__________

(1) انظر الكتاب في هذا الجزء ص 89.

(2) من البخاري في: 64 كتاب المغازي (60) باب فتح الباري ج 8.

(*)

(5/115)

القرآن ؟ قال: أتفوقه (1) تفوقا قال: فكيف تقرأ أنت يا معاذ ؟ قال أنام أول الليل، فأقوم وقد قضيت جزئي من النوم، فاقرأ ما كتبت الله لي، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي (2).

انفرد به البخاري دون مسلم من هذا الوجه.

ثم قال البخاري: ثنا إسحاق، ثنا خالد، عن الشيباني، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى الاشعري.

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن فسأله عن أشربة تصنع بها فقال ما هي ؟ قال: البتع والمزر فقلت لابي بردة: ما البتع ؟ قال نبيذ العسل، والمزر نبيذ الشعير.

فقال: " كل مسكر حرام " رواه جرير وعبد الواحد عن الشيباني عن أبي بردة (3).

ورواه مسلم من حديث سعيد بن أبي بردة.

وقال البخاري: حدثنا حبان، أنبأنا عبد الله، عن زكريا بن أبي إسحاق، عن يحيى بن عبد الله بن صيفي، عن أبي معبد مولى ابن عباس عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: " إنك ستأتي قوما أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فان هم أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم، فان هم أطاعوا لك بذلك فاياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " (4).

وقد أخرجه بقية الجماعة من طرق متعددة.

وقال الامام أحمد: ثنا أبو المغيرة، ثنا صفوان، حدثني راشد بن سعد، عن عاصم بن حميد السكوني، عن معاذ بن جبل.

قال: لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن خرج معه يوصيه ومعاذ راكب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي تحت راحلته، فلما فرغ قال: يا معاذ إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن تمر بمسجدي هذا وقبري، فبكى معاذ خشعا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم التفت بوجهه نحو المدينة فقال: " إن أولى الناس بي المتقون من كانوا وحيث كانوا " ثم رواه عن أبي اليمان، عن صفوان بن عمرو، عن راشد بن سعد، عن عاصم بن حميد السكوني: أن معاذ لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن خرج معه يوصيه ومعاذ راكب ورسول الله يمشي تحت راحلته، فلما فرغ قال يا معاذ " إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن تمر بمسجدي

هذا وقبري " فبكى معاذ خشعا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " لا تبك يا معاذ، للبكاء أوان، البكاء من الشيطان " (5).

وقال الامام أحمد: حدثنا أبو المغيرة، ثنا صفوان، حدثني أبو زياد يحيى بن

__________

(1) أتفوقه تفوقا: أي ألازم قراءته ليلا ونهارا شيئا بعد شئ وحينا بعد حين، مأخوذ من فواق الناقة: وهي ان تحلب ثم تترك ساعة حتى تدر ثم تحلب.

(2) فتح الباري ج 8 / 60 الحديث 4341.

(3) فتح الباري الحديث 4342.

ج 8 / 61.

(4) فتح الباري الحديث 4347.

ج 8 / 64.

(5) مسند الامام أحمد ج 5 / 235.

(*)

(5/116)

عبيد الغساني، عن يزيد بن قطيب، عن معاذ أنه كان يقول: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فقال: " لعلك أن تمر بقبري ومسجدي فقد بعثتك إلى قوم رقيقة قلوبهم يقاتلون على الحق مرتين، فقاتل بمن أطاعك منهم من عصاك، ثم يفيئون إلى الاسلام حتى تبادر المرأة زوجها والولد والده والاخ أخاه، فانزل بين الحيين السكون والسكاسك ".

وهذا الحديث فيه إشارة وظهور وإيماء إلى أن معاذا رضي الله عنه، لا يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، وكذلك وقع فإنه أقام باليمن حتى كانت حجة الوداع، ثم كانت وفاته عليه السلام بعد أحد وثمانين يوما من يوم الحج الاكبر.

فأما الحديث الذي قال الامام أحمد: حدثنا وكيع عن الاعمش عن أبي ظبيان، عن معاذ أنه لما رجع من اليمن قال: يا رسول الله رأيت رجالا باليمن يسجد بعضهم لبعض أفلا نسجد لك قال: " لو كنت آمر بشرا أن يسجد لبشر لامرت المرأة أن تسجد لزوجها " وقد رواه أحمد، عن ابن نمير عن الاعمش: سمعت أبا ظبيان يحدث عن رجل من الانصار عن معاذ بن جبل قال: أقبل معاذ من اليمن فقال: يا رسول الله إني رأيت رجالا.

فذكر معناه.

فقصد دار على رجل منهم ومثله لا يحتج به ولا سيما وقد خالفه غيره ممن يعتد به فقالوا: لما قدم معاذ من الشام كذلك رواه أحمد ثنا إبراهيم بن مهدي، ثنا إسماعيل بن عياش،

عن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن شهر بن حوشب عن معاذ بن جبل.

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مفاتيح الجنة شهادة أن لا إله إلا الله " وقال أحمد: ثنا وكيع، وثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ميمون بن أبي شبيب، عن معاذ.

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا معاذ اتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن " قال وكيع وجدته في كتابي، عن أبي ذر: وهو السماع الاول، وقال سفيان مرة عن معاذ ثم قال الامام أحمد: حدثنا إسماعيل، عن ليث، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ميمون بن أبي شبيب عن معاذ.

أنه قال: يا رسول الله أوصني، فقال: " اتق الله حيثما كنت، قال: زدني قال اتبع السيئة الحسنة تمحها، قال: زدني، قال: خالف الناس بخلق حسن ".

وقد رواه الترمذي في جامعه: عن محمود بن غيلان، عن وكيع، عن سفيان الثوري به وقال: حسن.

قال شيخنا في الاطراف وتابعه فضيل بن سليمان، عن ليث بن أبي سليم، عن الاعمش عن حبيب به.

وقال أحمد: ثنا أبو اليمان، ثنا إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي، عن معاذ بن جبل.

قال: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات قال: " لا تشرك بالله شيئا وإن قتلت وحرقت، ولا تعقن [ والديك ] (1) وإن أمراك أن تخرج من مالك وأهلك، ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمدا، فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله، ولا تشربن خمرا فإنه رأس كل فاحشة، وإياك والمعصية فإن بالمعصية يحل سخط الله، وإياك والفرار من الزحف وإن هلك

__________

(1) من مسند أحمد.

(*)

(5/117)

الناس، وإذا أصاب الناس موت وأنت فيهم فاثبت، وأنفق على عيالك من طولك، ولا ترفع عنهم عصاك أدبا، وأحبهم في الله عز وجل " وقال الامام أحمد: ثنا يونس، ثنا بقية، عن السري بن ينعم، عن شريح، عن مسروق عن معاذ بن جبل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن.

قال: " إياك والتنعم، فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين " وقال أحمد: ثنا سليمان بن داود الهاشمي، ثنا أبو بكر - يعني ابن عياش - ثنا عاصم، عن أبي وائل عن معاذ قال: بعثني رسول

الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأمرني أن آخذ من كل حالم دينارا أو عد له من المعافر، وأمرني أن آخذ من كل أربعين بقرة مسنة ومن كل ثلاثين بقرة تبيعا حوليا وأمرني فيما سقت السماء العشر، وما سقى بالدوالي نصف العشر " وقد رواه أبو داود من حديث أبي معاوية والنسائي من حديث محمد بن إسحاق عن الاعمش كذلك.

وقد رواه أهل السنن الاربعة من طرق عن الاعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ وقال أحمد: ثنا معاوية عن عمرو وهارون بن معروف قالا: ثنا عبد الله بن وهب عن حيوة عن يزيد بن أبي حبيب، عن سلمة بن أسامة، عن يحيى بن الحكم.

أن معاذا قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق أهل اليمن، فأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا قال هارون - والتبيع الجذع أو جذعة - ومن كل أربعين مسنة، فعرضوا على أن آخذ ما بين الاربعين والخمسين وما بين الستين والسبعين وما بين الثمانين والتسعين فأبيت ذلك.

وقلت لهم: أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقدمت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين تبيعا، ومن كل أربعين مسنة، ومن الستين تبيعين، ومن السبعين مسنة وتبيعا ومن الثمانين مسنتين، ومن التسعين ثلاثة أتباع، ومن المائة مسنة وتبيعين ومن العشرة ومائة مسنتين وتبيعا ومن العشرين ومائة ثلاث مسننات أو أربعة أتباع، قال: وأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أخذ فيما بين ذلك شيئا إلا أن يبلغ مسنة أو جذع وزعم أن الاوقاص (1) لا فريضة فيها.

وهذا من أفراد أحمد، وفيه دلالة على أنه قدم بعد مصيره إلى اليمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحيح إنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك كما تقدم في الحديث.

وقد قال عبد الرزاق: أنبأنا معمر، عن الزهري، عن أبي بن كعب بن مالك، قال: كان معاذ بن جبل شابا جميلا سمحا من خير شباب قومه لا يسأل شيئا إلا أعطاه حتى كان عليه دين أغلق ماله فكلم رسول الله في أن يكلم غرماءه ففعل.

فلم يضعوا له شيئا، فلو ترك لاحد بكلام أحد لترك لمعاذ بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فدعاه رسول الله فلم يبرح أن باع ماله وقسمه بين غرمائه.

قال: فقام معاذ ولا مال له، قال: فلما حج رسول الله بعث معاذا إلى اليمن قال: فكان أول من تجر في هذا المال معاذ، قال: فقدم على أبي بكر الصديق من اليمن وقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء عمر ؟

فقال: هل لك أن تطيعني، فتدفع هذا المال إلى أبي بكر، فإن أعطاكه فاقبله، قال فقال معاذ: لم أدفعه إليه وإنما بعثني رسول الله ليجيرني، فلما أبى عليه انطلق عمر إلى أبي بكر فقال: أرسل إلى

__________

(1) الاوقاص: ما بين الفريضتين في الزكاة.

(*)

(5/118)

هذا الرجل فخذ منه ودع له.

فقال أبو بكر: ما كنت لافعل، وإنما بعثه رسول الله ليجيره، فلست آخذ منه شيئا.

قال: فلما أصبح معاذ انطلق إلى عمر فقال: ما أرى إلا فاعل الذي قلت، إني رأيتني البارحة في النوم - فيما يحسب عبد الرزاق قال - أجر إلى النار وأنت آخذ بحجزتي، قال: فانطلق إلى أبي أبكر بكل شئ جاء به حتى جاءه بسوطه وحلف له أنه لم يكتمه شيئا.

قال: فقال أبو بكر رضي الله عنه: هو لك لا آخذ منه شيئا (1).

وقد رواه أبو ثور (2) عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك فذكره إلا أنه قال: حتى إذا كان عام فتح مكة، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على طائفة من اليمن أميرا، فمكث حتى قبض رسول الله، ثم قدم في خلافة أبي بكر، وخرج إلى الشام.

قال البيهقي: وقد قدمنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلفه بمكة مع عتاب بن أسيد ليعلم أهلها، وأنه شهد غزوة تبوك، فالاشبه أن بعثه إلى اليمن كان بعد ذلك والله أعلم، ثم ذكر البيهقي لقصة منام معاذ شاهدا من طريق الاعمش عن أبي وائل عن عبد الله وأنه كان من جملة ما جاء به عبيد فأتى بهم أبا بكر، فلما رد الجميع عليه رجع بهم، ثم قام يصلي، فقاموا كلهم يصلون معه فلما انصرف.

قال لمن صليتم.

؟ قالوا: لله قال: فأنتم له عتقاء فأعتقهم (3).

وقال الامام أحمد: ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن أبي عون، عن الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة، عن ناس من أصحاب معاذ من أهل حمص عن معاذ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن قال: كيف تصنع إن عرض لك قضاء ؟ قال أقضي بما في كتاب الله، قال: فإن لم يكن في كتاب الله ؟ قال: فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله ؟ قال: اجتهد وإني لا آلو.

قال فضرب رسول الله صدري ثم قال: " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله " (4.

وقد رواه أحمد: عن وكيع، عن عفان، عن شعبة باسناده ولفظه.

وأخرجه أبو

داود والترمذي من حديث شعبة به وقال الترمذي لا نعرفه إلا من هذا الوجه وليس إسناده عندي بمتصل.

وقد رواه ابن ماجه من وجه آخر عنه إلا أنه من طريق محمد بن سعد بن حسان - وهو المصلوب أحد الكذابين - عن عياذ بن بشر، عن عبد الرحمن، عن معاذ به نحوه، وقد روى الامام أحمد عن محمد بن جعفر، ويحيى بن سعيد، عن شعبة عن عمرو بن أبي حكيم عن عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن معمر، عن أبي الاسود الدئلي.

قال: كان معاذ باليمن

__________

(1) الخبر رواه البيهقي في الدلائل ج 5 / 405 - 406، وأخرجه بتمامه أبو نعيم في حلية الاولياء 1 / 231، وأخرجه الحاكم مختصرا في مستدركه (3 / 273).

(2) في دلائل البيهقي: ابن ثور، وفي نسخة للدلائل: أبو ثور.

وفي الحاشية: هو محمد بن ثور الصنعاني، أبو عبد الله العابد الثقة، له ترجمة في التهذيب 9 / 87.

(دلائل النبوة ج 5 / 405).

(3) دلائل البيهقي ج 5 / 405، وحلية الاولياء لابي نعيم ج 1 / 232 رواه مرسلا، ووصله الحاكم في المستدرك 3 / 273.

(4) مسند الامام أحمد ج 5 / 230 و 236 و 242.

(*)

(5/119)

فارتفعوا إليه في يهودي مات وترك أخا مسلما.

فقال معاذ: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الاسلام يزيد ولا ينقص " فورثه.

ورواه أبو داود: من حديث ابن بريدة به.

وقد حكى هذا المذهب عن معاوية بن أبي سفيان، ورواه عن يحيى بن معمر القاضي، وطائفة من السلف وإليه ذهب إسحاق بن راهويه وخالفهم الجمهور، ومنهم الائمة الاربعة وأصحابهم محتجين بما ثبت في الصحيحين عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر " والمقصود أن معاذ رضي الله عنه كان قاضيا للنبي صلى الله عليه وسلم باليمن وحاكما في الحروب ومصدقا إليه تدفع الصدقات كما دل عليه حديث ابن عباس المتقدم، وقد كان بارزا للناس يصلي بهم الصلوات الخمس كما قال البخاري: حدثنا سليمان بن حرب، ثنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن عمرو بن ميمون، أن معاذا لما قدم اليمن صلى بهم الصبح

فقرأ: * (واتخذ الله ابراهيم خليلا) * فقال رجل من القوم: لقد قرت عين إبراهيم (1).

انفرد به البخاري.

ثم قال البخاري: باب (2) بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع حدثنا أحمد بن عثمان، ثنا شريح بن مسلمة، ثنا ابراهيم بن يوسف [ بن اسحاق ] بن أبي إسحاق، حدثني أبي، عن أبي اسحاق سمعت البراء بن عازب قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع خالد بن الوليد إلى اليمن قال: ثم بعث عليا بعد ذلك مكانه قال: مر أصحاب خالد من شاء منهم أن يعقب معك فليعقب ومن شاء فليقبل فكنت فيمن عقب معه قال: فغنمت أواقي ذات عدد انفرد به البخاري من هذا الوجه ثم قال البخاري حدثنا محمد بن بشار، ثنا روح بن عبادة، ثنا علي بن سويد بن منجوف، عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا إلى خالد بن الوليد ليقبض الخمس، وكنت أبغض عليا فأصبح وقد اغتسل فقلت لخالد ألا ترى إلى هذا ؟ فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له فقال: " يا بريدة [ أ ] تبغض عليا ؟ فقلت: نعم فقال: " لا تبغضه، فإن له في الخمس أكثر من ذلك " (3).

انفرد به البخاري دون مسلم من هذا الوجه.

وقال الامام أحمد: ثنا يحيى بن سعيد، ثنا عبد الجليل قال انتهيت إلى حلقة فيها أبو مجلز وابنا بريدة فقال عبد الله بن بريدة: حدثني أبو بريدة قال: أبغضت عليا بغضا لم أبغضه أحدا قط، قال: وأحببت رجلا من قريش لم أحبه إلا على بغضه عليا قال فبعث ذلك الرجل على خيل فصحبته ما أصحبه إلا على بغضه عليا قال فأصبنا سبيا قال فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبعث إلينا من يخمسه قال فبعث إلينا عليا وفي السبي وصيفة من أفضل السبي.

قال: فخمس وقسم فخرج

__________

(1) أخرجه البخاري في المغازي (60) باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن.

فتح الباري 8 / 65.

(2) كتاب المغازي - 61 باب فتح الباري ج 8 / 65.

(3) فتح الباري 8 / 65 - 66 الحديثان 4349 - 4350.

وما بين معكوفتين من الفتح.

(*)

(5/120)

ورأسه يقطر فقلنا: يا أبا الحسن ما هذا ؟ فقال ألم تروا إلى الوصيفة التي كانت في السبي، فإني قسمت، وخمست فصارت في الخمس، ثم صارت في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ثم صارت في آل علي ووقعت بها، قال، فكتب الرجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت أبعثني فبعثني مصدقا فجعلت أقرأ الكتاب وأقوله صدق قال: فأمسك يدي والكتاب فقال: " أتبغض عليا " قال: قلت نعم ؟ قال " فلا تبغضه وإن كنت تحبه فازدد له حبا فوالذي نفس محمد بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة " قال: فما كان من الناس أحد بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم أحب إلي من علي.

قال عبد الله بن بريدة فوالذي لا إله غيره ما بيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث غير أبي بريدة (1).

تفرد به بهذا السياق عبد الجليل بن عطية الفقيه أبو صالح البصري وثقه ابن معين وابن حبان.

وقال البخاري: إنما يهم في الشئ وقال محمد بن إسحاق: ثنا أبان بن صالح، عن عبد الله بن نيار الاسلمي عن خاله عمرو بن شاس الاسلمي وكان من أصحاب الحديبية.

قال: كنت مع علي بن أبي طالب في خيله التي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فجفاني علي بعض الجفاء.

فوجدت في نفسي عليه فلما قدمت المدينة، اشتكيته في مجالس المدينة وعند من لقيته، فأقبلت يوما ورسوله الله جالس في المسجد، فلما رآني أنظر إلى عينيه نظر إلي حتى جلست إليه فلما جلست إليه قال: " إنه والله يا عمرو بن شاس لقد آذيتني " فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، أعوذ بالله والاسلام أن أوذي رسول الله.

فقال: " من آذى عليا فقد آذاني " وقد رواه البيهقي من وجه آخر: عن ابن إسحاق عن أبان بن [ صالح، عن ] الفضل بن معقل بن سنان عن عبد الله بن نيار عن خاله عمرو بن شاس فذكره بمعناه (2).

وقال الحافظ البيهقي: أنبأنا محمد بن عبد الله الحافظ، أنبأنا أبو إسحاق (3) المولى ثنا عبيدة بن أبي السفر: سمعت إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن أبي إسحاق عن البراء: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الاسلام.

قال البراء: فكنت فيمن خرج مع خالد بن الوليد، فأقمنا ستة أشهر يدعوهم إلى الاسلام فلم يجيبوه، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب وأمره أن يقفل خالدا، إلا رجلا كان ممن [ يمم ] مع خالد، فأحب أن يعقب مع علي فليعقب معه.

قال

البراء: فكنت فيمن عقب مع علي، فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا، ثم تقدم فصلى بنا علي ثم صفنا صفا واحدا ثم تقدم بين أيدينا وقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت همدان جميعا، فكتب علي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب خر ساجدا ثم رفع رأسه فقال: " السلام على همدان السلام على همدان ".

قال البيهقي: رواه البخاري مختصرا من وجه

__________

(1) مسند الامام أحمد ج 5 / 351 و 359.

(2) الخبر في دلائل البيهقي ج 5 / 395، وأخرجه الامام أحمد في مسنده 3 / 483.

وما بين معكوفين من الدلائل.

(3) العبارة في الدلائل: حدثنا أبو اسحاق: ابراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، أنبأنا أبو عبد الله: أحمد بن علي الجوزجاني، حدثنا أبو عبيدة بن أبي السفر...(*)

(5/121)

آخر عن ابراهيم بن يوسف (1).

وقال البيهقي: أنبأنا أبو الحسين [ محمد بن الحسين ] محمد بن الفضل القطان، أنبأنا أبو سهل بن زياد القطان، [ حدثنا أبو اسحاق: اسماعيل بن إسحاق القاضي ] ثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثني أخي، عن سليمان بن بلال، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة عن أبي سعيد الخدري.

أنه قال: بعث رسول الله علي بن أبي طالب إلى اليمن.

قال أبو سعيد، فكنت فيمن خرج معه، فلما أخذ من إبل الصدقة، سألناه أن نركب منها ونريح إبلنا - وكنا قد رأينا في إبلنا خللا - فأبى علينا، وقال: إنما لكم فيها سهم كما للمسلمين.

قال، فلما فرغ علي وانطفق من اليمن راجعا، أمر علينا إنسانا وأسرع هو وأدرك الحج، فلما قضى حجته، قال له النبي صلى الله عليه وسلم.

" ارجع إلى أصحابك حتى تقدم عليهم " قال أبو سعيد: وقد كنا سألنا الذي استخلفه ما كان علي منعنا إياه ففعل، فلما عرف في إبل الصدقة أنها قد ركبت، ورأى أثر الركب، قدم الذي أمره ولامه.

فقلت: أما أن الله علي لئن قدمت المدينة لاذكرن لرسول الله، ولاخبرنه ما لقينا من الغلظة والتضييق.

قال: فلما قدمنا المدينة غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد أن أفعل ما كنت حلفت عليه، فلقيت أبا بكر خارجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآني وقف معي، ورحب بي وساءلني وساءلته.

وقال متى قدمت ؟ فقلت: قدمت البارحة، فرجع معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل، وقال هذا سعد بن مالك بن الشهيد.

فقال: ائذن له فدخلت، فحييت رسول الله وحياني، وأقبل علي وسألني عن نفسي وأهلي وأحفى المسألة، فقلت: يا رسول الله ما لقينا من علي من الغلظة وسوء الصحبة والتضييق، فاتئد رسول الله وجعلت أنا أعدد ما لقينا منه، حتى إذا كنت في وسط كلامي، ضرب رسول الله على فخذي، وكنت منه قريبا وقال: " يا سعد بن مالك ابن الشهيد: مه، بعض قولك لاخيك علي، فوالله لقد علمت أنه أحسن في سبيل الله ".

قال: فقلت في نفسي ثكلتك أمك سعد بن مالك - ألا أراني كنت فيما يكره منذ اليوم، ولا أدري لا جرم والله لا أذكره بسوء أبدا سرا ولا علانية.

وهذا إسناد جيد على شرط النسائي ولم يروه أحد من أصحاب الكتب الستة (2).

وقد قال يونس: عن محمد بن إسحاق: حدثني يحيى بن عبد الله بن أبي عمر (3)، عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال إنما وجد جيش علي بن [ أبي ] طالب الذين كانوا معه باليمن، لانهم حين أقبلوا خلف عليهم رجلا، وتعجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فعمد الرجل فكسى كل رجل حلة، فلما دنوا خرج عليهم علي يستلقيهم فإذا عليهم الحلل.

قال علي: ما هذا ؟ قالوا: كسانا فلان: قال: فما دعاك إلى هذا قبل أن تقدم على رسول الله فيصنع ما شاء فنزع الحلل منهم، فلما قدموا على رسول الله اشتكوه لذلك، وكانوا قد صالحوا رسول الله، وإنما

__________

(1) دلائل البيهقي ج 5 / 396.

والبخاري في كتاب المغازي (61) باب وقد تقدم.

(2) الخبر رواه البيهقي في الدلائل، والزيادات بين معكوفين منه، ورواه مختصرا الامام أحمد في مسنده ج 3 / 86.

(3) في ابن هشام: يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة.

(*)

(5/122)

بعث عليا إلى جزية موضوعة.

قلت: هذا السياق أقرب من سياق البيهقي وذلك إن عليا سبقهم لاجل الحج، وساق معه هديا وأهل باهلال النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يمكث حراما وفي رواية البراء بن عازب أنه قال له: إني سقت الهدي وقرنت.

والمقصود أن عليا لما كثر فيه القيل والقال من ذلك الجيش بسبب منعه إياهم

استعمال إبل الصدقة واسترجاعه منهم الحلل التي أطلقها لهم نائبه، وعلي معذور فيما فعل، لكن اشتهر الكلام فيه في الحجيج.

فلذلك والله أعلم لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجته، وتفرغ من مناسكه ورجع إلى المدينة، فمر بغدير خم قام في الناس خطيبا فبرأ ساحة علي ورفع من قدره ونبه على فضله ليزيل ما وقر في نفوس كثير من الناس، وسيأتي هذا مفصلا في موضعه إن شاء الله وبه الثقة.

وقال البخاري: ثنا قتيبة، ثنا عبد الواحد، عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة، حدثني عبد الرحمن بن أبي نعم، سمعت أبا سعيد الخدري يقول: بعث علي بن أبي طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها.

قال: فقسمها بين أربعة، بين عيينة بن بدر (1)، والاقرع بن حابس، وزيد الخيل، والرابع إما علقمة بن علاثة وإما عامر بن الطفيل (2).

فقال رجل من أصحابه: كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء.

فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " ألا تأمنوني ؟ وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحا ومساء " قال: فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين، ناشز الجبهة كث اللحية، محلوق الرأس، مشمر الازار.

فقال: يا رسول الله اتق الله ! فقال: ويلك أو لست أحق الناس (3) أن يتقي الله ؟ قال: ثم ولى الرجل قال خالد بن الوليد: يا رسول الله ألا أضرب عنقه ؟ قال: لا لعله أن يكون يصلي قال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لم أومر أن انقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم.

قال: ثم نظر إليه وهو مقف فقال: " إنه يخرج من ضئضئي (4) هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية " - أظنه قال: لئن أدركتهم لاقتلنهم قتل ثمود (3) -.

وقد رواه البخاري في مواضع أخر من كتابه ومسلم في كتاب الزكاة من صحيحه من طرق متعددة إلى عمارة بن القعقاع به.

ثم قال الامام أحمد: ثنا يحيى عن الاعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري عن

__________

(1) وهو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، ونسبه في روايته إلى جده الاعلى.

(2) قال ابن حجر: ذكر عامر بن الطفيل غلط من عبد الواحد فإنه كان مات قبل ذلك.

(3) في البخاري: أحق أهل الارض.

(4) ضئضئ: النسل والعقب.

(5) فتح الباري: الحديث 4351.

(*)

(5/123)

علي.

قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأنا حديث السن، قال: فقلت: تبعثني إلى قوم يكون بينهم أحداث ولا علم لي بالقضاء.

قال: " إن الله سيهدي لسانك ويثبت قلبك " قال: فما شككت في قضاء بين اثنين (1).

ورواه ابن ماجه من حديث الاعمش به.

وقال الامام أحمد: حدثنا أسود بن عامر، ثنا شريك عن سماك، عن حنش، عن علي.

قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال: فقلت: يا رسول الله تبعثني إلى قوم أسن مني، وأنا حدث لا أبصر القضاء.

قال فوضع يده على صدري وقال: " اللهم ثبت لسانه وأهد قلبه، يا علي إذا جلس إليك الخصمان فلا تقض بينهما حتى تسمع من الآخر ما سمعت من الاول فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك " قال فما اختلف علي قضاء بعد - أو ما أشكل علي قضاء بعد.

ورواه أحمد أيضا وأبو داود من طرق عن شريك والترمذي من حديث زائدة كلاهما عن سماك بن حرب، عن حنش بن المعتمر، وقيل ابن ربيعة الكناني الكوفي عن علي به.

وقال الامام أحمد: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الاجلح، عن الشعبي، عن عبد الله بن أبي الخليل عن زيد بن أرقم أن نفرا وطئوا امرأة في طهر فقال علي: لاثنين اتطيبان نفسا لذا (2) فقالا لا فأقبل على الآخرين فقال أتطيبان نفسا لذا فقالا: لا ! فقال: أنتم شركاء متشاكسون.

فقال: إني مقرع بينكم فأيكم قرع أغرمته ثلثي الدية وألزمته الولد، قال فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا أعلم إلا ما قال علي.

وقال أحمد: ثنا شريح بن النعمان، ثنا هشيم، أنبأنا الاجلح عن الشعبي، عن أبي الخليل، عن زيد بن أرقم: أن عليا أتي في ثلاثة نفر إذ كان في اليمن اشتركوا في ولد فأقرع بينهم فضمن الذي أصابته القرعة ثلثي الدية وجعل الولد له.

قال زيد بن أرقم: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بقضاء علي، فضحك حتى بدت نواجذه.

ورواه أبو داود: عن مسدد، عن يحيى القطان والنسائي عن علي بن حجر، عن علي بن مسهر كلاهما عن

الاجلح بن عبد الله، عن عامر الشعبي، عن عبد الله بن الخليل، وقال النسائي في رواية عبد الله بن أبي الخليل عن زيد بن أرقم.

قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من أهل اليمن فقال إن ثلاثة نفر أتوا عليا يختصمون في ولد، وقعوا على امرأة في طهر واحد فذكر نحو ما تقدم.

وقال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد روياه أعني أبا داود والنسائي: من حديث شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن الشعبي: عن أبي الخليل، أو ابن الخليل عن علي قوله فأرسله ولم يرفعه.

وقد رواه الامام أحمد أيضا عن عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن الاجلح عن الشعبي، عن عبد خير، عن زيد بن أرقم فذكر نحو ما تقدم.

وأخرجه أبو داود والنسائي جميعا عن حنش بن أصرم، وابن ماجه عن إسحاق بن منصور كلاهما عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري، عن

__________

(1) رواه أحمد في مسنده 1 / 83 وابن سعد في الطبقات 2 / 237 وابن ماجه 2 / 26.

ومن طرق وأسانيد متصلة رواه أحمد في 1 / 88، 111، 136، 149، 156 ورواه أبو داود 3 / 327 والترمذي 2 / 277 وقال: حسن صحيح.

(2) وفي نسخة التيمورية: نفساكما.

(*)

(5/124)

صالح الهمداني، عن الشعبي، عن عبد خير عن زيد بن أرقم به.

قال شيخنا في الاطراف لعل عبد خير هذا هو عبد الله بن الخليل ولكن لم يضبط الراوي اسمه قلت: فعلى هذا يقوى الحديث، وإن كان غيره كان أجود لمتابعته له لكن الاجلح بن عبد الله الكندي فيه كلام ما، وقد ذهب إلى القول بالقرعة في الانساب الامام أحمد وهو من أفراده.

وقال الامام أحمد: ثنا أبو سعيد، ثنا اسرائيل ثنا سماك، عن حنش عن علي قال: بعثني رسول الله إلى اليمن فانتهينا إلى قوم قد بنوا زبية للاسد فبينما هم كذلك يتدافعون إذ سقط رجل فتعلق بآخر ثم تعلق آخر بآخر حتى صاروا فيها أربعة فجرحهم الاسد، فانتدب له رجل بحربة فقتله وماتوا من جراحتهم كلهم.

فقام أولياء الاول إلى أولياء الآخر فأخرجوا السلاح ليقتتلوا فأتاهم علي على تعبية ذلك فقال: تريدون أن تقاتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي أني أقضي بينكم قضاء، إن رضيتم فهو القضاء وإلا أحجز بعضكم

عن بعض حتى تأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فيكون هو الذي يقضي بينكم فمن عدا بعد ذلك فلا حق له، اجمعوا من قبائل الذين حضروا البئر ربع الدية، وثلث الدية، ونصف الدية والدية كاملة فللاول الربع لانه هلك والثاني ثلث الدية، والثالث نصف الدية، والرابع الدية، فأبوا أن يرضوا، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند مقام إبراهيم فقصوا عليه القصة.

فقال: أنا أحكم بينكم، فقال رجل من القوم: يا رسول الله إن عليا قضى علينا فقصوا عليه القصة فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رواه الامام أحمد أيضا عن وكيع، عن حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن حنش عن علي فذكره.

كتاب حجة الوداع في سنة عشر ويقال لها حجة البلاغ وحجة الاسلام وحجة الوداع لانه عليه الصلاة والسلام ودع الناس فيها ولم يحج بعدها، وسميت حجة الاسلام لانه عليه السلام لم يحج من المدينة غيرها، ولكن حج قبل الهجرة مرات قبل النبوة وبعدها.

وقد قيل إن فريضة الحج نزلت عامئذ.

وقيل سنة تسع، وقيل سنة ست، وقيل قبل الهجرة وهو غريب، وسميت حجة البلاغ لانه عليه السلام بلغ الناس شرع الله في الحج قولا وفعلا، ولم يكن بقي من دعائم الاسلام وقواعده شئ إلا وقد بينه عليه السلام فلما بين لهم شريعة الحج، ووضحه وشرحه أنزل الله عز وجل عليه وهو واقف بعرفة * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) * [ المائدة: 3 ].

وسيأتي ايضاح لهذا كله والمقصود ذكر حجته عليه السلام كيف كانت، فإن النقلة اختلفوا فيها اختلافا كثيرا جدا بحسب ما وصل إلى كل منهم من العلم وتفاوتوا في ذلك تفاوتا كثيرا لاسيما من بعد الصحابة رضي الله عنهم، ونحن نورد بحمد الله وعونه، وحسن توفيقه ما ذكره الائمة في كتبهم من هذه الروايات ونجمع بينهما جمعا يثلج قلب من تأمله، وأنعم النظر فيه، وجمع بين

(5/125)

 

طريقتي الحديث وفهم معانيه إن شاء الله وبالله الثقة وعليه التكلان، وقد اعتنى الناس بحجة رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتناء كثيرا من قدماء الائمة ومتأخريهم، وقد صنف العلامة أبو محمد بن حزم

الاندلسي رحمه الله مجلدا في حجة الوداع أجاد في أكثره ووقع له فيه أوهام سننبه عليها في مواضعها وبالله المستعان.

رابط هذا التعليق
شارك

و هذا تفصيل ما اورده ابن كثير بالنسبة لكسرى:

 

بعثه إلى كسرى ملك الفرس

وروى البخاري: من حديث الليث عن يونس عن الزهري عن عبيدالله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه مع رجل إلى كسرى وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأه كسرى مزقه قال: فحسبت أن ابن المسيب قال: فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق (1).

وقال عبد الله بن وهب عن يونس عن الزهري حدثني عبد الرحمن بن عبد القاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ذات يوم على المنبر خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وتشهد ثم قال: " أما بعد فإني أريد أن أبعث بعضكم إلى ملوك الاعاجم فلا تختلفوا علي كما اختلفت بنو اسرائيل على عيسى بن مريم " فقال المهاجرون: يارسول الله إنا لا نختلف عليك في شئ أبدا فمرنا وابعثنا، فبعث شجاع بن وهب إلى كسرى فأمر كسرى بايوانه أن يزين ثم اذن لعظماء فارس، ثم أذن لشجاع بن وهب، فلما أن دخل عليه أمر كسرى بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبض منه، فقال شجاع بن وهب: لا حتى أدفعه أنا إليك كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال كسرى: ادنه فدنا فناوله الكتاب ثم دعا كاتبا له من أهل الحيرة فقرأه فإذا فيه، من محمد عبد الله ورسوله إلى كسرى عظيم فارس.

قال:

فأغضبه حين بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه وصاح وغضب ومزق الكتاب قبل أن يعلم ما فيه، وأمر بشجاع بن وهب فأخرج، فلما رأى ذلك قعد على راحلته ثم سار ثم قال: والله ما أبالي على أي الطريقين أكون إذ أديت كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: ولما ذهب عن كسرى سورة غضبه بعث إلى شجاع ليدخل عليه فالتمس فلم يوجد، فطلب إلى الحيرة فسبق، فلما قدم شجاع على النبي صلى الله عليه وسلم أخبره بما كان من أمر كسرى وتمزيقه لكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مزق كسرى ملكه " (2) وروى محمد بن اسحاق: عن عبد الله بن أبي بكر عن أبي سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة (3) بكتابه إلى كسرى ؟ فلما قرأه مزقه، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " مزق ملكه " وقال ابن جرير (4) حدثنا أحمد بن حميد، ثنا سلمة، ثنا ابن اسحاق، عن زيد بن أبي حبيب قال: وبعث عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعيد بن سهم إلى كسرى بن هرمز ملك فارس وكتب معه، بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأدعوك بدعاء الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة

__________

(1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد فتح الباري (6 / 108).

(2) نقل الخبر البيهقي في الدلائل بإسناده ج 4 / 387.

(3) سيرة ابن هشام ج 4 / 255.

(4) تاريخ الطبري 3 / 90 وما بين معكوفين في الخبر من الطبري.

(*)

 

(4/306)

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

لانذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين.

فإن تسلم تسلم وإن أبيت فإن إثم المجوس عليك.

قال: فلما قرأه شقه وقال: يكتب إلي بهذا وهو عبدي ؟ ! قال: ثم كتب كسرى إلى باذام (1) وهو نائبه على اليمن: أن ابعث إلى هذا الرجل [ الذي ] بالحجاز رجلين من عندك جلدين فليأتياني به، فبعث باذام قهرمانه - وكان كاتبا حاسبا - بكتاب فارس وبعث معه رجلا من الفرس يقال له خرخرة (2)، وكتب معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن ينصرف معهما إلى كسرى

وقال: لاباذويه (3) إيت بلاد هذا الرجل وكلمه وائتني بخبره، فخرجا حتى قدما الطائف فوجدا رجلا من قريش في أرض الطائف فسألوه عنه فقال هو بالمدينة، واستبشر أهل الطائف - يعني وقريش بهما - وفرحوا.

وقال بعضهم لبعض أبشروا فقد نصب له كسرى ملك الملوك كفيتم الرجل، فخرجا حتى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه أبا ذويه فقال: شاهنشاه ملك الملوك كسرى قد كتب إلى الملك باذام يأمره أن يبعث اليك من يأتيه بك وقد بعثني اليك لتنطلق معي، فإن فعلت كتب لك إلى ملك الملوك ينفعك ويكفه عنك، وإن أبيت فهو من قد علمت فهو مهلكك ومهلك قومك ومخرب بلادك.

ودخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما فكره النظر إليهما وقال " ويلكما من أمركما بهذا ؟ " قالا أمرنا ربنا - يعنيان كسرى - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ولكن ربي أمرني باعفاء لحيتي وقص شاربي " ثم قال " ارجعا حتى تأتياني غدا " قال وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بأن الله قد سلط على كسرى ابنه شيرويه فقتله في شهر كذا وكذا في ليلة كذا وكذا من الليل سلط عليه ابنه شيرويه فقتله.

قال: فدعاهما فأخبرهما فقالا: هل تدري ما تقول ؟ إنا قد نقمنا عليك ما هو أيسر من هذا فنكتب عنك بهذا ونخبر الملك باذام ؟ قال " نعم أخبراه ذاك عنى وقولا له: إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ كسرى وينتهي إلى الخف والحافر، وقولا له إن أسلمت أعطيتك ما تحت يديك وملكتك على قومك من الابناء " ثم أعطى خرخرة منطقة فيها ذهب وفضة كان أهداها له بعض الملوك فخرجا من عنده حتى قدما على باذام، فأخبراه الخبر فقال: والله ما هذا بكلام ملك، وإني لارى الرجل نبيا كما يقول وليكونن ما قد قال، فلئن كان هذا حقا فهو نبي مرسل، وإن لم يكن فسنرى فيه رأيا.

فلم ينشب باذام أن قدم عليه كتاب شيرويه أما بعد، فإني قد قتلت كسرى وما أقتله إلا غضبا لفارس لما كان استحل من قتل أشرافهم ونحرهم (4) في ثغورهم، فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممن قبلك، وانطلق إلى الرجل الذي كان كسرى قد كتب فيه فلا تهجه حتى يأتيك أمري فيه.

فلما انتهى كتاب شيرويه إلى باذام قال: إن هذا الرجل لرسول فأسلم وأسلمت الابناء من فارس من كان منهم

__________

(1) في الطبري: باذان.

(2) في الطبري: خرخسرة.

(3) في الطبري: بابويه وهو قهرمان باذان.

(4) في الطبري: وتجميرهم في ثغورهم.

(*)

 

(4/307)

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

باليمن.

قال: وقد قال باذويه لباذام: ما كلمت أحدا أهيب عندي منه، فقال له باذام: هل معه شرط ؟ قال: لا.

قال الواقدي رحمه الله: وكان قتل كسرى على يدي ابنه شيرويه ليلة الثلاثاء لعشر ليال مضين من جمادى الآخرة (1) من سنة سبع من الهجرة لست ساعات مضت منها: قلت: وفي شعر بعضهم ما يرشد أن قتله كان في شهر الحرام وهو قول بعض الشعراء: قتلوا كسرى بليل محرما * فتولى لم يمتع بكفن وقال بعض شعراء العرب (2): وكسرى إذ تقاسمه بنوه * بأسياف كما اقتسم اللحام تمخضت المنون له بيوم * أتى ولكل حاملة تمام وروى الحافظ البيهقي: من حديث حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن، عن أبي بكرة: أن رجلا من أهل فارس أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن ربي قد قتل الليلة ربك " [ يعني كسرى ] (3) قال: وقيل له - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - إنه قد استخلف ابنته فقال " لا يفلح قوم تملكهم امرأة ".

قال البيهقي: وروى في حديث دحية بن خليفة [ الكلبي ] أنه لما رجع من عند قيصر وجد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رسل كسرى (4)، وذلك أن كسرى بعث يتوعد صاحب صنعاء ويقول له: ألا تكفيني أمر رجل قد ظهر بأرضك يدعوني إلى دينه، لتكفينه أو لافعلن بك، فبعث إليه [ فلما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم كتاب صاحبهم تركهم خمس عشرة ليلة ثم قال لهم: اذهبوا إلى صاحبكم ] (5) أخبروه أن ربي قد قتل ربه الليلة " فوجدوه كما قال.

قال وروى داود بن أبي هند عن عامر الشعبي نحو هذا (6) ثم روى البيهقي: من طريق أبي بكر بن عياش عن داود بن أبي هند، عن أبيه عن أبي هريرة قال: أقبل سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إن

في وجه سعد خبرا " فقال يا رسول الله هلك كسرى " فقال " لعن الله كسرى أول الناس هلاكا فارس ثم العرب ".

قلت: الظاهر أنه لما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهلاك كسرى لذينك الرجلين يعني الاميرين

__________

(1) في الطبري نقلا عن الواقدي: جمادى الاولى.

(2) ورد البيتان في الجزء الثاني من كتابنا ونسبا إلى خالد بن حق الشيباني.

(3) من دلائل البيهقي.

(4) العبارة في الدلائل: وجد عنده رسل عامل كسرى على صنعاء وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان كتب إلى كسرى فكتب كسرى إلى صاحبه بصنعاء يتوعده..(5) من الدلائل، وفي الاصل: فقال لرسله.

(6) دلائل النبوة ج 4 / 390 - 391 وفي رواية الشعبي سمي العامل الذي كتب إليه كسرى فقال: باذان.

(*)

 

(4/308)

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

اللذين قدما من نائب اليمن باذام، فلما جاء الخبر بوفق ما أخبر به عليه الصلاة والسلام وشاع في البلاد وكان سعد بن أبي وقاص أول من سمع جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بوفق إخباره عليه السلام وهكذا بنحو هذا التقدير ذكره البيهقي رحمه الله.

ثم روى البيهقي من غير وجه عن الزهري: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أنه بلغه أن كسرى بينما هو في دسكرة ملكه بعث له - أو قيض له - عارض يعرض عليه الحق فلم يفجأ كسرى إلا برجل يمشي وفي يده عصا فقال: يا كسرى هل لك في الاسلام قبل أن أكسر هذه العصا ؟ فقال كسرى: نعم لا تكسرها، فولى الرجل فلما ذهب أرسل كسرى إلى حجابه فقال: من أذن لهذا الرجل علي ؟ فقالوا: ما دخل عليك أحد، فقال: كذبتم، قال: فغضب عليهم وتهددهم (1) ثم تركهم.

قال: فلما كان رأس الحول أتى ذلك الرجل ومعه العصا، قال: يا كسرى هل لك في الاسلام قبل أن أكسر هذه العصا ؟ قال: نعم لا تكسرها، فلما انصرف عنه دعا حجابه قال لهم كالمرة الاولى، فلما كان العام المستقبل أتاه ذلك الرجل معه العصا فقال له: هل لك يا كسرى في الاسلام قبل أن أكسر

العصا فقال لا تكسرها لا تكسرها فكسرها (2)، فأهلك الله كسرى عند ذلك.

وقال الامام الشافعي: أنبأنا ابن عيينة عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، فوالذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله " (3) أخرجه مسلم من حديث ابن عيينة وأخرجاه من حديث الزهري به.

قال الشافعي: ولما أتي كسرى بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مزقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يمزق ملكه " وحفظنا أن قيصر أكرم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعه في مسك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثبت ملكه " قال الشافعي وغيره من العلماء ولما كانت العرب تأتي الشام والعراق للتجارة فأسلم من أسلم منهم شكوا خوفهم من ملكي العراق والشام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده " قال فباد ملك الاكاسرة بالكلية وزال ملك قيصر عن الشام بالكلية، وإن ثبت لهم ملك في الجملة ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم حين عظموا كتابه والله أعلم (4).

قلت: وفي هذا بشارة عظيمة بأن ملك الروم لا يعود أبدا إلى أرض الشام.

وكانت العرب تسمي قيصر لمن ملك الشام مع الجزيرة من الروم، وكسرى لمن ملك الفرس، والنجاشي لمن ملك الحبشة، والمقوقس لمن ملك الاسكندرية، وفرعون لمن ملك مصر كافرا، وبطليموس لمن ملك الهند ولهم أعلام أجناس غير ذلك وقد ذكرناها في غير هذا الموضع والله أعلم.

وروى

__________

(1) في البيهقي: وتلتلهم.

(2) في البيهقي: لا تكسرها، فكسرها.

والخبر في الدلائل ج 4 / 391 - 392.

(3) صحيح مسلم في 52 كتاب الفتن (ح: 77) ص (4 / 2227) ونقله البيهقي في الدلائل ج 4 / 393.

(4) نقل الخبر البيهقي من طريق الربيع بن سليمان باختلاف في ألفاظه (*).

 

(4/309)

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

 

مسلم: عن قتيبة وغيره عن أبي عوانة عن سماك عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لتفتحن عصابة من المسلمين كنوز كسرى في القصر الابيض " (1) وروى أسباط عن سماك عن

جابر بن سمرة مثل ذلك وزاد: وكنت أنا وأبي فيهم فأصبنا من ذلك ألف درهم (2).

رابط هذا التعليق
شارك

و باختصار شديد اخي الكريم فقد بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم خالد بن الوليد الى اليمن فأسلم على يديه من أسلم منهم و لبث فيهم يعلمهم الاسلام ثم رجع بوفد ممن أسلم الى رسول الله يبايعونه ثم خلف خالد بن الوليد علي بن أبي طالب فأسلم ايضا على يديه من أسلم و منهم همدان و حكم و قضى بينهم ثم بعد ذلك أمّر على طائفة منهم معاذ بن جبل و على اخرى ابا موسى الأشعري يعلّمونهم الاسلام و يدعونهم و يحكمونهم به.

رابط هذا التعليق
شارك

كان الإشكالية عندي أخي علاء في كون ان معاذ او خالد بن الوليد او ربعي بن عامر هم آحاد ويبلغون العقيدة وأعرف ان على المبلغ ان يحكّم عقله فيما بلغه وهذا يعني ان العبرة في التصديق الجازم بالعقيدة التي وردت بالآحاد ليس كونها آحادا بل العبرة في ما يقدمه المبلغ(بكسر اللام )إلى المبلغ (بفتح اللام) هل هذا صحيح ؟ارجو التوضيح

رابط هذا التعليق
شارك

نعم صحيح أخي.

 

فالعبرة كما ذكرت بما يقوله المبلغ و يبلغه لأنه اعتقاد و قد ذم الله سبحانه المشركين حينما اتبعوا ما قال لهم آباؤهم و اجدادهم دون اعمال للفكر حيث قال فيهم : " وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ( 170 ) ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون"

 

أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون ( 21 ) بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون ( 22 ) وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ( 23 ) قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون ( 24 ) فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين ( 25)

 

قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ( 35 ) وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون.

 

فهذه الآيات و غيرها كثير تبيّن انهم كانوا يتبعون اتباعا في الاعتقاد دون تفكير...

تم تعديل بواسطه علاء عبد الله
رابط هذا التعليق
شارك

هل هذا يعني ان العبرة في عدم الاستدلال بخبر الواحد في العقيدة لا لكونه أحادا (يعني الاشكهالية ليس في السند) بل لأن الأدلة التي يتضمنها لا ترتقي الى درجة القطع وإلا كيف نفهم أن خبر ربعي بن عامر ودعوته رستم الى الاسلام خبر آحاد ويمهل المخالف ثلاثةا أيام كي يبين رأيه فيما بلغه وان لم يدفع الجزية سوف يقاتله ألا يعني هذا أن رستم وجب عليه الإقتناع بالعقيدة بخبر الواحد بدليل أن دمه يكون حلالا بعد هذه الثلاث ايام ؟

رابط هذا التعليق
شارك

حينما قلنا بأن العبرة بما فيها او بالمضمون فهو الذي يحتاج الى اعمال فكر و بناء على اعمال الفكر يحصل القطع عند المتلقي. اما الآحاد فمن حيث الاسناد ان كان صحيحا ففيه غلبة ظن و ليس قطع هذا اولا ، و ثانيا فانه يهمل المضمون لأنه يأخذ الخبر الاعتقادي تصديقا جازما بمحتواه لغلبة الظن بصدق المخبر.

 

فالخبر الذي يحتوى مواضيع عقدية ان جاء من طريق آحاد فيصدق به كما جاء أي بغلبة ظن و لا بتعداه الى الاعتقاد الجازم على خلاف ما قطع به مثل المتواتر و القرآن (القطعي الدلالة) او ما قطع العقل به مثل وجود الله سبحانه.

 

أما الرسل الى الملوك فكانوا مبلّغين و ناقلين و لا يمكن هنا ان يدخل احتمال ان يكون هؤلاء الرسل يبلّغون من انفسهم او يكذبون بل كل من وصلهم الخبر من طريق هؤلاء الرسل قطع بأنهم رسل رسول الله صلى الله عليه و سلم و لم نعلم أن أي منهم شكك بالرسل... لماذا؟

لعدة اسباب منها :

محتوى ما يحملونه لا يمكن الا ان يكون من رسول يصله الخبر من السماء.

سؤال الملوك الرسل عن رسول الله و صفاته كما حدث مع النجاشي و هرقل.

الخاتم الذي على الرسالة.

الاخبار التي كانت تدور في الاقاليم و المناطق القريبة و الأبعد بأن هناك رسولا خرج و يحرر البلاد... و قد كانت تصلهم اخباره من عملائهم و عيونهم.

رابط هذا التعليق
شارك

جزاك الله خيرا وبارك الله فيك حقيقة حلت عندي كثير من الاشكاليات وبقيت حالة واحدة لم أفهمها وهي هل هناك علاقة بين إستحلال دم الكفار واقامة الحجة عليهم بخبر الآحاد يعني ممكن ان يعارضنا احد في قولنا بعدم الاعتقاد بخبر الآحاد فيقول إن لم يكن خبر الآحاد موجبا للإعتقاد لما أستحل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم دماء من ارسل إليهم الرسل وأقوامهم ولما قاتلهم ،أتمنى أن يوضح لي هذه النقطة أيضا وجزاك الله خيرا

رابط هذا التعليق
شارك

لا زلنا ندور حول نفس المسألة و هي ان العبرة بما تبلّغه و التدليل عليه ... قال تعالى :" ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" و قال : " رسلا مبشرين و منذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل و كان الله عزيزا حكيما"

 

و أصلا من عدالة الله سبحانه ان ارسل الرسل لترشد الناس الى الحق و لا بد لنا من اتباع ذلك قبل الجزية او استحلال الدم.

و اقامة الحجة في العقيدة لا بد و ان تكون حجة قاطعة و يكفي لأن يقيم الحجة القاطعة واحد لأن القطع يكون من جهة الرسالة المبلغة و ليس من جهة الاسناد و عدنا من حيث بدأنا في أول الكلام... مثال : لو انا اقنعت كافرا بالاسلام فأنا أقنعت عقله و أطمأن قلبه لما قلت و ليس لأنه يثق بكلامي انني صادق مثلا، و هذه الطريقة بأنه يصدق ما اقول لانني صادق لا تكون في الاعتقاد فهل يعقل ان اذهب الى الكافر أقول له " انظر هذا الكلام الذي اقوله لك هو كلام الله و بما انني صادق فعليك تصديقي في هذا و ان لم تفعل قتلتك!!" لا يمكن هذا و ليس هذا ما فعله رسول الله بارسال الرسل و الادلة على ذلك كثيرة فمثلا حينما ارسل خالد بن الوليد الى اليمن لم يسلم كل اهلها على يديه بل بعضهم و كذلك بعض آخر على يدي علي و هكذا.... بل حتى رسول الله حينما كان يبلغ كان يقيم الحجة عليهم بالعقل و يخاطبهم به لذلك ذمهم الله في كثير من المواضع انهم كالانعام بل أضل! لأنهم لم يستعملوا عقولهم.

تم تعديل بواسطه علاء عبد الله
رابط هذا التعليق
شارك

بوركت اخي الكريم علاء ونور الله دربك وبصرك بالحق وفتح عليك الآن الآن حلت عندي جميع الاشكاليات واطمأن نفسي أيما إطمئنان ولا أخفيك انني عندما أطرح سؤالا في المنتدى فإني في حقيقة الأمر ومع خالص تقديري لكل الإخوة في المنتدى وفقهم الله أحبذ ان تجيب أنت عليه لأني أرتاح لأسلوبك في الجواب لأنك تبسطه بحيث تجعل المقابل يستوعب واقع المسألة ويدرك مدلولاتها فجزاك الله خيرا ووفقك لما يحب ويرضى

تم تعديل بواسطه التحريري المبتدئ
رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...