اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

خبر وتعليق: إن هذا الدين متين ... فأوغلوا فيه برفق!


خلافة راشدة

Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

خبر وتعليق

إن هذا الدين متين ... فأوغلوا فيه برفق!!

الخبر:

تتناقل وسائل الإعلام العالمية والمحلية في بلاد المسلمين، وفي كافة نشرات الأخبار، وفي مختلف الأزمان والأوقات مناظر للقتل والذبح والتشريد، يمارسه بعض المسلمين في بعض بلاد العالم الإسلامي، محاولة من الغرب الكافر إظهار المسلمين على أنهم مجموعة من القتلة، وما ذلك إلا لتشويه صورة دولة الإسلام القادمة قريبًا بإذن الله، والتي ستكون على منهاج النبوة كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم!!

التعليق:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق، ولا تبغضوا إلى أنفسكم عبادة الله، فإن المنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى». أجل، إن هذا الإسلام العظيم متين، ولقد جاءت لفظة "الدين" في الحديث الشريف محلاة بالألف واللام لتفيد العموم، فالإسلام قوي لأنه يستند إلى فكر عميق يبحث في الوجود، وعلاقة هذا الوجود بما قبله وما بعده، ويبحث في أمر تنظيم الوجود في الحياة؛ ليبني لدى الإنسان القاعدة الفكرية؛ لينطلق في الحياة من خلال ما انبثق منها من أحكام، وما بني عليها من أفكار تضبط سلوكه كاملاً بأمر الله ونهيه؛ لذا أمر الله جل جلاله الإنسان أن يتفكر في الوجود؛ ليهتدي إلى الخالق العظيم، قال تعالى: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّـهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾. [العنكبوت: 20] وقال تعالى: ﴿أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ * فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ﴾. [الغاشية: 17- 20]

والإسلام على عمقه واستنارته لا تناقض قوته بساطته، فهو ليس بفكر معقد ولا صعب، ولا خارج الطاقة البشرية في الفهم، بل هو ضمن مقدور البشر في الفهم، طبعًا بما اشترطه الإسلام من أدوات للفهم والاجتهاد؛ لذا كانت قوته في ذاته لا تناقض بساطته قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾. [القمر: 17] وأنكر على من لا يفهمونه فقال تعالى: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾. [محمد 24] حيث ربط القفل على "القلب" أي "العقل" لا على الإسلام بذاته؛ لأنه سهل ميسور، فلا عذر لمعتذر، ولا حجة لأيٍّ كان في عدم فهم الإسلام إذ الأصل أن يفهم كل مؤمن خطاب الله بذاته، وجاء التقليد استثناء في جوازه، ولكن المقلد يعلم أنه يقلد حكم الله من خلال عالم رباني مجتهد يأتمنه على دينه وأحكامه.

والإسلام لا يعرف التناقض بين فكره وأحكامه، أو بين بعض أحكامه، قال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾. [النساء: 82] لذا أدرك الغرب الكافر أن قوة الإسلام في ذاته، وأدرك سقوط أفكار الكفار ومفاهيمهم، منذ بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم، وكيف أن الإسلام تحداهم فلجؤوا إلى حرب الإسلام بالسيف والسنان، لا بقوة البرهان والبيان. ولقد تنوعت أساليب حربهم، ولقد تفننوا بهذه الأساليب والوسائل طمعًا في ضرب الإسلام، وإنهاء وجوده، فقد أوجدوا زمن النبي صلى الله عليه وسلم مسجدًا ضرارًا لضرب القيادة السياسية في المدينة، ومرجعية الوحي إلى تعدد في المرجعيات والأهواء وآراء البشر، فكان رد الإسلام بهدم مسجدهم، ومع خبث فكرتهم إذ يخيل للرجل البسيط أنهم أصحاب ديانة وعبادة والتزام، ولكن حقيقة أمرهم أنهم يسعون لضرب الإسلام وأهله ووحيه، ولنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فأمر رسول الله بهدم مسجدهم، بل إنه لم يرفع يدهم عن هذا المسجد، ولم يبقه بل أمر بهدمه، وقد أنزل الله فيه آيات تتلى إلى يوم الدين، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ۚ لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ * أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾. [التوبة: 107-110]

واليوم انبثق تفكير الغرب الكافر في محاربته للإسلام من خلال بعض أهله، فحمَّل بعض المسلمين إسلامًا منبثقًا عن مفاهيم الغرب ونظرته، فأحلوا الردة وتعدد الكيانات، وأطلقوا الحريات، وتركوا أمر الله إلى الغيب، فلا كيان ولا سلطان للمسلمين يطبق ويحمي الحدود، وإنما جعلوا الإسلام جملة من الوصايا والأمنيات، وأخذ هذا الفريق جولته، ولا زال ماضيًا في غيه وترهاته، وجاء بقوم آخرين سماهم "المتشددين" أحلوا سفك الدماء، وإشاعة الخراب في حلهم وترحالهم، واستهانوا بالدم الحرام، وهؤلاء وأولئك من بني جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، يلبسون ثيابنا، ويتزيون بزينا، لكنهم عن فكر الإسلام واستنارته أبعد ما يكونون، فتارة يريدون إسلامًا اشتراكيًا، وتارة يريدونه ديمقراطيًا، وثالثة الأثافي يريدونه إسلامًا وسطيًا كما يريده الغرب الكافر!

إن عدم فهم الإسلام فهمًا دقيقًا، وعدم التروي في فهمه والوقوف على حقيقة أحكامه ومراميه، لخطر عظيم، وأمر جسيم مصداقًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: «إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق، ولا تبغضوا إلى أنفسكم عبادة الله، فإن المنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى». بل يصور لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء "المتشددين" بقوم قد ينخدع الناس بهم كما في رواية البخاري حيث يقول عليه الصلاة والسلام: «يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية!».

وقبل الختام نقول: إن دين الإسلام لدين عظيم، ارتضاه الله للبشرية قاطبة! فيا معاشر المسلمين اتقوا الله في دينكم! ولا تكونوا فتنة للبسطاء من الناس، أو لغير المسلمين ممن لا يعادوننا، أو ممن هم بحاجة إلى فهم رسالتنا بالحجة والبيان والبرهان، والدليل القاطع والإحسان في التطبيق والالتزام، وإياكم أن تكونوا عونًا وأداة للغرب الكافر، يضرب بعضكم رقاب بعض، ويلعن بعضكم بعضًا. فنهاية هذه الطريق ظلمة وظلام، ووبال ونكال عند الله أكبر، وحبل الكفار وإن طال قصير، وحبل الله هو الحبل المتين، والإسلام هو الأقوى والأبقى، فأقبلوا على إسلامكم بفهم عميق، واعتصموا بحبل ربكم كما أراد لكم، وأبصروا حلاله وحرامه، وإياكم من المرور العابر من الدين كما يمر السهم من الرمية الذي حذركم منه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وختامًا نذكركم بقول الله جل في علاه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾. [الأنفال: 24-25]

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذ حسن حمدان (أبو البراء) - ولاية الأردن

24 من شوال 1435

الموافق 2014/08/20م

http://www.hizb-ut-t...nts/entry_38926

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...