Jump to content
منتدى العقاب

#نداءات_القرآن_للذين_آمنوا


Recommended Posts

#نداءات_القرآن_للذين_آمنوا

بسم الله الرحمن الرحيم

النداء الثامن والسبعون
من آداب المجالس أن يفسح المسلم لأخيه
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ). (المجادلة 11) 
قَالَ الإِمَامُ الطَّبَرِيُّ فِي تَفسِيرِهِ: يَقُول تَعَالَى ذِكْره: يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّه وَرَسُوله (إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِس). يَعْنِي بِقَوْلِهِ تَفَسَّحُوا تَوَسَّعُوا مِنْ قَوْلهمْ مَكَان فَسِيح إِذَا كَانَ وَاسِعًا. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَجْلِس الَّذِي أَمَرَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ بِالتَّفَسُّحِ فِيهِ, فَقَالَ بَعْضهمْ: ذَلِكَ كَانَ مَجْلِس النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة. 
حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن, قَالَ: سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول: أَخْبَرَنَا عُبَيْد, قَالَ: سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله: (إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِس) قَالَ: كَانَ هَذَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ حَوْله خَاصَّة, يَقُول: اسْتَوْسِعُوا حَتَّى يُصِيب كُلّ رَجُل مِنْكُمْ مَجْلِسًا مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَهِيَ أَيْضًا مَقَاعِد لِلْقِتَالِ .. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ فِي مَجَالِس الْقِتَال إِذَا اِصْطَفُّوا لِلْحَرْبِ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ: 
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد, قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي, قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي, قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ اِبْن عَبَّاس, قَوْله: (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِس فَافْسَحُوا يَفْسَح اللَّه لَكُمْ). قَالَ: ذَلِكَ فِي مَجْلِس الْقِتَال. وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال: إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْرُهُ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَفَسَّحُوا فِي الْمَجْلِس, وَلَمْ يُخَصِّص بِذَلِكَ مَجْلِس النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُون مَجْلِس الْقِتَال, وَكِلَا الْمَوْضِعَيْنِ يُقَال لَهُ مَجْلِس, فَذَلِكَ عَلَى جَمِيع الْمَجَالِس مِنْ مَجَالِس رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَجَالِس الْقِتَال. يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِذَا قِيلَ اِرْتَفِعُوا, وَإِنَّمَا يُرَاد بِذَلِكَ: وَإِذَا قِيلَ لَكُمْ قُومُوا إِلَى قِتَال عَدُوّ, أَوْ صَلَاة, أَوْ عَمَل خَيْر, أَوْ تَفَرَّقُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقُومُوا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ: 
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد, قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي, قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي, قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ اِبْن عَبَّاس قَولُهُ تَعَالَى: (وَإِذَا قِيلَ اُنْشُزُوا فَانْشُزُوا) إِلَى قَولِهِ: (وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير) قَالَ: إِذَا قِيلَ: اُنْشُزُوا فَانْشُزُوا إِلَى الْخَيْر وَالصَّلَاة .. وَإِنَّمَا اِخْتَرْتُ التَّأْوِيل الَّذِي قُلْت فِي ذَلِكَ, لِأَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا قِيلَ لَهُمْ اُنْشُزُوا, أَنْ يَنْشُزُوا, فَعَمَّ بِذَلِكَ الْأَمْر جَمِيع مَعَانِي النُّشُوز مِنْ الْخَيْرَات, فَذَلِكَ عَلَى عُمُومه حَتَّى يَخُصّهُ مَا يَجِب التَّسْلِيم لَهُ. قَوْله: (يَرْفَع اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَاَلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم دَرَجَات) يَقُول تَعَالَى ذِكْره: يَرْفَع اللَّه الْمُؤْمِنِينَ مِنْكُمْ أَيّهَا الْقَوْم بِطَاعَتِهِمْ رَبّهمْ فِيمَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ التَّفَسُّح فِي الْمَجْلِس إِذَا قِيلَ لَهُمْ تَفَسَّحُوا, أَوْ بِنُشُوزِهِمْ إِلَى الْخَيْرَات إِذَا قِيلَ لَهُمْ اُنْشُزُوا إِلَيْهَا, وَيَرْفَع اللَّه الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم مِنْ أَهْل الْإِيمَان عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يُؤْتَوْنَ الْعِلْم بِفَضْلِ عِلْمهمْ دَرَجَات, إِذَا عَمِلُوا بِمَا أُمِرُوا بِهِ, كَمَا فِي الحَدِيثِ: حَدَّثَنَا بِشْرُ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيد, قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيد, عَنْ قَتَادَة, قَوْله: (يَرْفَع اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَاَلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم دَرَجَات). إِنَّ بِالْعِلْمِ لِأَهْلِهِ فَضْلًا, وَإِنَّ لَهُ عَلَى أَهْله حَقًّا, وَلَعَمْرِي لِلْحَقِّ عَلَيْك أَيّهَا الْعَالَم فَضْل, وَاَللَّهُ مُعْطِي كُلّ ذِي فَضْل فَضْله. 
وَكَانَ مُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه بْن الشِّخِّير يَقُول: فَضْل الْعِلْم أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ فَضْل الْعِبَادَة, وَخَيْر دِينكُمْ الْوَرَع. وَكَانَ عَبْد اللَّه بْن مُطَرِّف يَقُول: "إِنَّك لَتَلْقَى الرَّجُلَيْنِ أَحَدهمَا أَكْثَر صَوْمًا وَصَلَاة وَصَدَقَة, وَالْآخَر أَفْضَل مِنْهُ بَوْنًا بَعِيدًا, قِيلَ لَهُ: وَكَيْف ذَاكَ؟ فَقَالَ: هُوَ أَشَدّهمَا وَرَعًا لِلَّهِ عَنْ مَحَارِمه. وَكَمَا فِي الحَدِيثِ: حَدَّثَنِي يُونُس, قَالَ: أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب, قَالَ: قَالَ اِبْن زَيْد, فِي قَوْلِهِ: (يَرْفَع اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَاَلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم دَرَجَات). فِي دِينهمْ إِذَا فَعَلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ. وَقَوْله: (وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير) يَقُول تَعَالَى ذِكْره: وَاَللَّه بِأَعْمَالِكُمْ أَيّهَا النَّاسُ ذُو خِبْرَة, لَا يَخْفَى عَلَيْهِ الْمُطِيع مِنْكُمْ رَبّه مِنْ الْعَاصِي, وَهُوَ مُجَازٍ جَمِيعَكُمْ بِعَمَلِهِ الْمُحْسِن بِإِحْسَانِهِ, وَالْمُسِيء بِاَلَّذِي هُوَ أَهْله, أَوْ يَعْفُو .. .اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمُ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا يا كريم!!
 
 
 

Bild könnte enthalten: Text

Link to comment
Share on other sites

Kein automatischer Alternativtext verfügbar.
 
 
 
#نداءات_القرآن_للذين_آمنوا
إخواننا _ الكرام # أخواتنا _ الكريمات # أعضاء ومتابعي مجموعة نداءات القرآن الكريم للذين آمنوا # سنقوم بنشر هذه النداءات تباعا .... آملين منكم متابعتها ونشرها على صفحاتكم الغراء سائلين المولى تبارك وتعالى أن يضاعف لنا ولكم الحسنات وأن ينفعنا وإياكم بالقرآن العظيم وما جاء فيه من الآيات والذكر الحكيم إنه ولي ذلك والقادر عليه ... آمين يا رب العالمين!!
بسم الله الرحمن الرحيم

النداء السابع والسبعون
بالبر والتقوى يتناجى المؤمنون
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ). (المجادلة 9) 
قَالَ ابنُ كَثِيرٍ فِي تَفسِيرِهِ: قَولُهُ تَعَالَى: (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَان وَمَعْصِيَة الرَّسُول). أَيْ كَمَا يَتَنَاجَى بِهِ الْجَهَلَة مِنْ كَفَرَة أَهْل الْكِتَاب, وَمَنْ مَالَأَهُمْ عَلَى ضَلَالهمْ مِنْ الْمُنَافِقِينَ. وَقَولُهُ تَعَالَى: (وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ). أَيْ فَيُخْبِركُمْ بِجَمِيعِ أَعْمَالكُمْ وَأَقْوَالكُمْ الَّتِي أَحْصَاهَا عَلَيْكُمْ وَسَيَجْزِيكُمْ بِهَا. 
قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا بَهْز وَعَفَّان قَالَا: أَخْبَرَنَا هَمَّام عَنْ قَتَادَة عَنْ صَفْوَان بْن مُحْرِز قَالَ: "كُنْت آخِذًا بِيَدِ اِبْن عُمَر إِذْ عَرَضَ لَهُ رَجُل فَقَالَ: "كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى يَوْم الْقِيَامَة؟". قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ اللَّه يُدْنِي الْمُؤْمِن فَيَضَع عَلَيْهِ كَنَفَهُ, وَيَسْتُرُهُ مِنَ النَّاس, وَيُقَرِّرهُ بِذُنُوبِهِ, وَيَقُول لَهُ: أَتَعْرِفُ ذَنْب كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْب كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْب كَذَا؟ حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسه أَنْ قَدْ هَلَكَ, قَالَ: فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتهَا عَلَيْك فِي الدُّنْيَا, وَأَنَا أَغْفِرهَا لَك الْيَوْم, ثُمَّ يُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ, وَأَمَّا الْكُفَّار وَالْمُنَافِقُونَ (فَيَقُولُ الْأَشْهَاد: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبّهمْ أَلَا لَعْنَة اللَّه عَلَى الظَّالِمِينَ). أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث قَتَادَة.
اللَّهُمَّ غَفَّارَ الذُّنُوبِ, سَتَّارَ العُيُوبِ, كَشَّافَ الكُرُوبِ, عَلَّامَ الغُيُوبِ, يَا مَنْ تَعلَمُ خَائِنَةَ الأَعيُنِ وَمَا تُخفِي الصُّدُورُ, نَسأَلُكَ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ, وَالـمُعَافَاةَ الدَّائِمَةَ فِي الدِّينِ وَالدُّنيَا وَالآخِرَةِ, وَنَستَغفِرُكَ اللَّهُمَّ لِذُنُوبِنَا, وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا, وَنَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ, وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ, وَبِكَ مِنكَ, لَا نُحصِي ثَنَاءً عَلَيكَ أَنتَ كَمَا أَثنَيتَ عَلَى نَفسِك. اللَّهُمَّ يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكرَامِ, وَالفَضْلِ وَالإِنعَامِ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لَا تُرَام. اكْفِنَا اللَّهُمَّ بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ, وَبِطَاعَتِكَ عَنْ مَعصِيَتِكَ, وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ يَا أَرحَمَ الرَّاحِمِينَ. آمِينَ آمِينَ آمِينَ يَا رَبَّ العَالَـمِينَ!!
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
Link to comment
Share on other sites

Bild könnte enthalten: Text

 

#نداءات_القرآن_للذين_آمنوا
إخواننا _ الكرام # أخواتنا _ الكريمات # أعضاء ومتابعي مجموعة نداءات القرآن الكريم للذين آمنوا # سنقوم بنشر هذه النداءات تباعا .... آملين منكم متابعتها ونشرها على صفحاتكم الغراء سائلين المولى تبارك وتعالى أن يضاعف لنا ولكم الحسنات وأن ينفعنا وإياكم بالقرآن العظيم وما جاء فيه من الآيات والذكر الحكيم إنه ولي ذلك والقادر عليه ... آمين يا رب العالمين!!

بسم الله الرحمن الرحيم

النداء السادس والسبعون
أمر المؤمنين بتقوى الله والإيمان برسوله
قَالَ تَعَالَى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم). (الحديد 28) 
قَالَ ابنُ كَثِيرٍ فِي تَفسِيرِهِ: قَدْ تَقَدَّمَ فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ حَمَلَ هَذِهِ الْآيَة عَلَى مُؤْمِنِي أَهْل الْكِتَاب, وَأَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ أَجْرهمْ مَرَّتَيْنِ كَمَا فِي الْآيَة الَّتِي فِي الْقَصَص, وَكَمَا فِي حَدِيث الشَّعْبِيّ عَنْ أَبِي بُرْدَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلَاثَة يُؤْتَوْنَ أَجْرهمْ مَرَّتَيْنِ: رَجُل مِنْ أَهْل الْكِتَاب آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِي فَلَهُ أَجْرَانِ, وَعَبْد مَمْلُوك أَدَّى حَقّ اللَّه وَحَقّ مَوَالِيه فَلَهُ أَجْرَانِ, وَرَجُل أَدَّبَ أَمَته فَأَحْسَن تَأْدِيبهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ". أَخْرَجَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَوَافَقَ اِبْن عَبَّاس عَلَى هَذَا التَّفْسِير الضَّحَّاك وَعُتْبَة بْن أَبِي حَكِيم وَغَيْرهمَا وَهُوَ اِخْتِيَار اِبْن جَرِير. وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر لَمَّا اِفْتَخَرَ أَهْل الْكِتَاب بِأَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ أَجْرهمْ مَرَّتَيْنِ أَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَة فِي حَقّ هَذِهِ الْأُمَّة: (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اللَّه وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) "أَيْ ضِعْفَيْنِ", وَزَادَهُمْ: (وَيَجْعَل لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِر لَكُمْ). يَعْنِي هُدًى يُتَبَصَّر بِهِ مِنْ الْعَمَى وَالْجَهَالَةِ, فَفَضَّلَهُمْ بِالنُّورِ وَالْمَغْفِرَة. (رَوَاهُ اِبْن جَرِير عَنْهُ) وَهَذِهِ الْآيَة كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّه يَجْعَل لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ وَيَغْفِر لَكُمْ وَاَللَّه ذُو الْفَضْل الْعَظِيم). وَقَالَ سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز سَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَبْرًا مِنْ أَحْبَار يَهُود: أَفْضَلُ مَا ضُعِّفَ لَكُمْ حَسَنَة؟ قَالَ: "كِفْلٌ". ثَلَاثمِائَةِ وَخَمْسِينَ حَسَنَة. قَالَ: فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ عَلَى أَنَّهُ أَعْطَانَا "كِفْلَيْنِ". ثُمَّ ذَكَرَ سَعِيدٌ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَته). قَالَ سَعِيد: وَالْكِفْلَانِ فِي الْجُمُعَةِ مِثْل ذَلِكَ. (رَوَاهُ اِبْن جَرِير). 
وَمِمَّا يُؤَيِّد هَذَا الْقَوْل مَا رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل حَدَّثَنَا أَيُّوب عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلكُمْ وَمَثَل الْيَهُود وَالنَّصَارَى كَمَثَلِ رَجُل اِسْتَعْمَلَ عُمَّالًا فَقَالَ: مَنْ يَعْمَل لِي مِنْ صَلَاة الصُّبْح إِلَى نِصْف النَّهَار عَلَى قِيرَاط قِيرَاط؟ أَلَا فَعَمِلَتْ الْيَهُود ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَل لِي مِنْ صَلَاة الظُّهْر إِلَى صَلَاة الْعَصْر عَلَى قِيرَاط قِيرَاط؟ أَلَا فَعَمِلَتْ النَّصَارَى, ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَل لِي مِنْ صَلَاة الْعَصْر إِلَى غُرُوب الشَّمْس عَلَى قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ؟ أَلَا فَأَنْتُمْ الَّذِينَ عَمِلْتُمْ, فَغَضِبَتْ النَّصَارَى وَالْيَهُود وَقَالُوا: "نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلًا, وَأَقَلُّ عَطَاء". قَالَ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْركُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَإِنَّمَا هُوَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاء". وَالتَّقْوَى إِخْوَةَ الإِيمَانِ هِيَ الثَّمَرَةُ الـمَرجُوُّ تَحقِيقُهَا مِنَ الصِّيَامِ. قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ومِنْ مَعَانِي التَّقْوَى أَنْ تَجعَلَ مِنْ عَمَلِكَ الصَّالِـحِ, وَمِنْ طَاعَتِكَ لِرَبِّكَ وِقَايَةً تَقِيكَ غَضَبَ اللهِ وَعَذَابَهُ يَومَ القِيَامَةِ؛ فَتَحْرِصَ عَلَى أَنْ يَجِدَكَ اللهُ حَيثُ أَمَرَكَ, وَيَفتَقِدَكَ حَيثُ نَهَاكَ.
 
 
 

 

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

Kein automatischer Alternativtext verfügbar.

#نداءات_القرآن_للذين_آمنوا
إخواننا _ الكرام # أخواتنا _ الكريمات # أعضاء ومتابعي مجموعة نداءات القرآن الكريم للذين آمنوا # سنقوم بنشر هذه النداءات تباعا .... آملين منكم متابعتها ونشرها على صفحاتكم الغراء سائلين المولى تبارك وتعالى أن يضاعف لنا ولكم الحسنات وأن ينفعنا وإياكم بالقرآن العظيم وما جاء فيه من الآيات والذكر الحكيم إنه ولي ذلك والقادر عليه ... آمين يا رب العالمين!!
بسم الله الرحمن الرحيم
النداء التاسع والسبعون
تقديم المؤمنين بين يدي نجواهم صدقات
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ ۚ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). (المجادلة 12) 
قَالَ ابنُ كَثِيرٍ فِي تَفسِيرِهِ: يَقُول تَعَالَى آمِرًا عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ إِذَا أَرَادَ أَحَدهمْ أَنْ يُنَاجِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ يُسَارِّهِ فِيمَا بَيْنه وَبَيْنه أَنْ يُقَدِّم بَيْن يَدَيْ ذَلِكَ صَدَقَة تُطَهِّرهُ وَتُزْكِيه وَتُؤَهِّلهُ لِأَنْ يَصْلُح لِهَذَا الْمَقَام وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى" ذَلِكَ خَيْر لَكُمْ وَأَطْهَر " ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا " أَيْ إِلَّا مَنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ لِفَقْرِهِ (فَإِنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم) فَمَا أَمَرَ إِلَّا مَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا ... وَقَالَ الإِمَامُ القرطبيُّ فِي تَفسِيرِهِ: فِيهِ ثَلَاث مَسَائِل: 
الْأُولَى: قَوْله تَعَالَى: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُول). (نَاجَيْتُمْ) أَي سَارَرْتُمْ. قَالَ اِبْن عَبَّاس: نَزَلَتْ بِسَبَبِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يُكْثِرُونَ الْمَسَائِل عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى شَقُّوا عَلَيْهِ, فَأَرَادَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُخَفِّف عَنْ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ كَفَّ كَثِير مِنْ النَّاس. ثُمَّ وَسَّعَ اللَّه عَلَيْهِمْ بِالْآيَةِ الَّتِي بَعْدهَا. وَقَالَ الْحَسَن: نَزَلَتْ بِسَبَب أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَسْتَخْلُونَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُنَاجُونَهُ, فَظَنَّ بِهِمْ قَوْم مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ يَنْتَقِصُونَهُمْ فِي النَّجْوَى, فَشَقَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَأَمَرَهُمْ اللَّه تَعَالَى بِالصَّدَقَةِ عِنْد النَّجْوَى لِيَقْطَعهُمْ عَنْ اِسْتِخْلَائِهِ. 
وَقَالَ زَيْد بْن أَسْلَم: نَزَلَتْ بِسَبَبِ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ وَالْيَهُود كَانُوا يُنَاجُونَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُونَ: إِنَّهُ إِذَنْ يَسْمَع كُلّ مَا قِيلَ لَهُ, وَكَانَ لَا يَمْنَع أَحَدًا مُنَاجَاته. فَكَانَ ذَلِكَ يَشُقّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ, لِأَنَّ الشَّيْطَان كَانَ يُلْقِي فِي أَنْفُسهمْ أَنَّهُمْ نَاجُوهُ بِأَنَّ جُمُوعًا اِجْتَمَعَتْ لِقِتَالِهِ. قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَان وَمَعْصِيَة الرَّسُول). (الْمُجَادَلَة 9) الْآيَة, فَلَمْ يَنْتَهُوا فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة, فَانْتَهَى أَهْل الْبَاطِل عَنْ النَّجْوَى, لِأَنَّهُمْ لَمْ يُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ نَجْوَاهُمْ صَدَقَة, وَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَهْل الْإِيمَان وَامْتَنَعُوا مِنْ النَّجْوَى, لِضَعْفِ مَقْدِرَة كَثِير مِنْهُمْ عَنْ الصَّدَقَة فَخَفَّفَ اللَّه عَنْهُمْ بِمَا بَعْد الْآيَة.
الثَّانِيَة: قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ: وَفِي هَذَا الْخَبَر عَنْ زَيْد مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْأَحْكَام لَا تَتَرَتَّب بِحَسَبِ الْمَصَالِح, فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ: (ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ). ثُمَّ نَسَخَهُ مَعَ كَوْنه خَيْرًا وَأَطْهَر. وَهَذَا رَدّ عَلَى الْمُعْتَزِلَة عَظِيم فِي اِلْتِزَام الْمَصَالِح, لَكِنَّ رَاوِي الْحَدِيث عَنْ زَيْد اِبْنه عَبْد الرَّحْمَن وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْعُلَمَاء. وَالْأَمْر فِي قَوْله تَعَالَى: (ذَلِكَ خَيْر لَكُمْ وَأَطْهَر) نَصّ مُتَوَاتِر فِي الرَّدّ عَلَى الْمُعْتَزِلَة. وَاَللَّه أَعْلَم.
الثَّالِثَة: رَوَى التِّرْمِذِيّ عَنْ عَلِيّ بْن عَلْقَمَة الْأَنْمَارِيّ عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُول فَقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَة) سَأَلْتُهُ قَالَ لِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا تَرَى دِينَارًا) قُلْت لَا يُطِيقُونَهُ. قَالَ: (فَنِصْف دِينَار) قُلْت: لَا يُطِيقُونَهُ. قَالَ: (فَكَمْ) قُلْت: شَعِيرَة. قَالَ: (إِنَّك لَزَهِيد) قَالَ فَنَزَلَتْ: (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَات) (الْمُجَادَلَة 13) الْآيَة. قَالَ: فَبِي خَفَّفَ اللَّه عَنْ هَذِهِ الْأُمَّة. قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حَسَن غَرِيب إِنَّمَا نَعْرِفهُ مِنْ هَذَا الْوَجْه, وَمَعْنَى قَوْله: شَعِيرَة يَعْنِي وَزْن شَعِيرَة مِنْ ذَهَب. قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ: وَهَذَا يَدُلّ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ أُصُولِيَّتَيْنِ: الْأُولَى: نَسْخ الْعِبَادَة قَبْل فِعْلهَا. وَالثَّانِيَة: النَّظَر فِي الْمُقَدَّرَات بِالْقِيَاسِ, خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَة.
قُلْت: الظَّاهِر أَنَّ النَّسْخ إِنَّمَا وَقَعَ بَعْد فِعْل الصَّدَقَة. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِد: أَنَّ أَوَّل مَنْ تَصَدَّقَ فِي ذَلِكَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَنَاجَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رُوِيَ أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِخَاتَمٍ. وَذَكَرَ الْقُشَيْرِيّ وَغَيْره عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب أَنَّهُ قَالَ: فِي كِتَاب اللَّه آيَة مَا عَمِلَ بِهَا أَحَد قَبْلِي وَلَا يَعْمَل بِهَا أَحَد بَعْدِي, وَهِيَ: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُول فَقَدِّمُوا بْن يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَة) كَانَ لِي دِينَار فَبِعْته, فَكُنْت إِذَا نَاجَيْت الرَّسُول تَصَدَّقْت بِدِرْهَمٍ حَتَّى نَفِدَ, فَنُسِخَتْ بِالْآيَةِ الْأُخْرَى (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَات). (الْمُجَادَلَة 13) وَكَذَلِكَ قَالَ اِبْن عَبَّاس: نَسَخَهَا اللَّه بِالْآيَةِ الَّتِي بَعْدهَا. وَقَالَ اِبْن عُمَر: لَقَدْ كَانَتْ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ثَلَاثَة لَوْ كَانَتْ لِي وَاحِدَة مِنْهُنَّ كَانَتْ أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ حُمُر النِّعَم: تَزْوِيجه فَاطِمَة, وَإِعْطَاؤُهُ الرَّايَة يَوْم خَيْبَر, وَآيَةُ النَّجْوَى. أَيْ مِنْ إِمْسَاكهَا (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا) يَعْنِي الْفُقَرَاء (فَإِنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم). 
إنَّ قَاعِدَةَ الـمَصَالِحِ الـمُرْسَلَةَ مأخُوذَةَ مِنَ استِقرَاءِ النُّصُوصِ التِي ذَكَرَتْ أن الأَحْكَامَ شُرِعَتْ لِحِكْمَةٍ, وَرَأى فِيهَا بَعضُ الفُقَهَاءِ أنَّ هَذِهِ الحِكَمَ هِيَ مَقَاصِدُ التَّشرِيعِ, مِثلُ قَولِهِ تَعَالَى فِي الحَجِّ: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ). (الحج 28) وَقَولِهِ: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ). (العنكبوت 45) وَقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «صُومُوا تَصِحُّوا». وَغَيرِهَا مِنَ النُّصُوصِ, فَاعتَبَرُوا أنَّ الـمَصَالِحَ الـمُرسَلَةَ قَد أُخِذَتْ مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ التِي جَاءَتْ رَحْمَةً لِلعَالَمِينَ, تُحَقِّقُ مَصَالِحَ العِبَادِ وَتَدْرَأُ عَنهُمُ الفَسَادَ. وَعَلَيهِ يَجِبُ أنْ تَكُونَ الـمَـصَالِحُ مُعتَبَرَةً فِي التَّشرِيعِ.
وَالـمَصلَحَةُ الـمُرسَلَةُ فِي نَظَرِ القَائِلِينَ بِهَا هِيَ كُلُّ مَصلَحَةٍ لَمْ يَرِدْ فِي الشَّرعِ نَصٌّ عَلَى اعتِبَارِهَا بِعَينِهَا أو نَوعِهَا فَهِيَ مُرسَلَةٌ مِنَ الدَّلِيلِ, فَلا دَلِيلَ عَلَيهَا, وَلَكِنْ دَلَّ عَلَى اعتِبَارِهَا مُجمَلُ الشَّرِيعَةِ التِي جَاءَتْ لِمَصلَحَةِ العِبَادِ, فَكُلُّ عَمَلٍ فِيهِ مَصلَحَةٌ غَالِبَةٌ مِنْ غَيرِ شَاهِدٍ خَاصٍّ مِنْ نُصُوصِ الشَّرِيعَةِ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا العَمَلِ شَرْعًا. وَالـمَصَالِـحُ الـمُرسَلَةُ لَيسَتْ مِنَ الأَدِلَّةِ الشَّرعِيَّةِ الـمُعتَبَرَةِ عِندَنَا.
وَعَلَيهِ فَإِنَّ القَائِلِينَ بِالـمَصَالِحِ الـمُرسَلَةِ يَعتَبِرُونَ كُلَّ عَمَلٍ فِيهِ مَصلَحَةٌ لا ضَرَرَ فِيهَا, فَهُوَ مَطلُوبٌ, وَكُلُّ عَمَلٍ فِيهِ ضَرَرٌ, وَلا مَصلَحَةَ فِيهِ أو إِثْمُهُ أكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِ فَهُوَ مَرفُوضٌ وَمَنهِيٌّ عَنهُ, مِنْ غَيرِ أنْ يَحْتَاجَ إِلَى دَلِيلٍ؛ لأَنَّهُمْ وَجَدُوا أنَّ الشَّارِعَ قَصَدَ مِنَ التَّشرِيعِ تَحقِيقَ مَصَالِحَ العِبَادِ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 

 

Link to comment
Share on other sites

Kein automatischer Alternativtext verfügbar.

 

#نداءات_القرآن_للذين_آمنوا
إخواننا _ الكرام # أخواتنا _ الكريمات # أعضاء ومتابعي مجموعة نداءات القرآن الكريم للذين آمنوا # سنقوم بنشر هذه النداءات تباعا .... آملين منكم متابعتها ونشرها على صفحاتكم الغراء سائلين المولى تبارك وتعالى أن يضاعف لنا ولكم الحسنات وأن ينفعنا وإياكم بالقرآن العظيم وما جاء فيه من الآيات والذكر الحكيم إنه ولي ذلك والقادر عليه ... آمين يا رب العالمين!!
بسم الله الرحمن الرحيم
النداء الثمانون
دعوة المؤمنين إلى تقوى الله والنظر فيما أعدوه للآخرة
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ). (الحشر 18)
قَالَ ابنُ كَثِيرٍ فِي تَفسِيرِهِ: قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنْ عَوْن بْن أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ الْمُنْذِر بْن جَرِير عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنَّا عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْر النَّهَار قَالَ فَجَاءَهُ قَوْم حُفَاة عُرَاة مُجْتَابِي النِّمَار أَوْ الْعَبَاء مُتَقَلِّدِي السُّيُوف عَامَّتهمْ مِنْ مُضَر بَلْ كُلّهمْ مِنْ مُضَر فَتَغَيَّرَ وَجْه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى بِهِمْ مِنْ الْفَاقَة قَالَ: فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ, فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ الصَّلَاة فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: (يَا أَيّهَا النَّاس اِتَّقُوا رَبّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة) إِلَى آخِر الْآيَة وَقَرَأَ الْآيَة الَّتِي فِي الْحَشْر: (وَلْتَنْظُرْ نَفْس مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) تَصَدَّقَ رَجُل مِنْ دِينَاره, مِنْ دِرْهَمه, مِنْ ثَوْبه, مِنْ صَاع بُرّه, مِنْ صَاع تَمْره - حَتَّى قَالَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَة". 
قَالَ فَجَاءَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفّه تَعْجِز عَنْهَا, بَلْ قَدْ عَجَزَتْ, ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاس حَتَّى رَأَيْت كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَام وَثِيَاب, حَتَّى رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّل وَجْهه كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ, فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَام سُنَّة حَسَنَة فَلَهُ أَجْرهَا وَأَجْر مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْده مِنْ غَيْر أَنْ يَنْقُص مِنْ أُجُورهمْ شَيْء, وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَام سُنَّة سَيِّئَة كَانَ عَلَيْهِ وِزْرهَا وَوِزْر مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْر أَنْ يَنْقُص مِنْ أَوْزَارهمْ شَيْء". اِنْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِم مِنْ حَدِيث شُعَبه بِإِسْنَادِهِ مِثْله. 
فَقَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اللَّه) أَمْرٌ بِتَقْوَاهُ, وَهُوَ يَشْمَل فِعْل مَا بِهِ أَمَرَ, وَتَرْك مَا عَنْهُ زَجَرَ. وَقَوْله تَعَالَى: (وَلْتَنْظُرْ نَفْس مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) أَيْ حَاسِبُوا أَنْفُسكُمْ قَبْل أَنْ تُحَاسَبُوا وَانْظُرُوا مَاذَا اِدَّخَرْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ الْأَعْمَال الصَّالِحَة لِيَوْمِ مَعَادكُمْ وَعَرْضكُمْ عَلَى رَبّكُمْ. وَقَولُهُ تَعَالَى: (وَاتَّقُوا اللَّه) تَأْكِيد ثَانٍ. وَقَولُهُ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّه خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ). أَيْ اِعْلَمُوا أَنَّهُ عَالِم بِجَمِيعِ أَعْمَالكُمْ وَأَحْوَالكُمْ, لَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْكُمْ خَافِيَة, وَلَا يَغِيب عَنْهُ مِنْ أُمُوركُمْ جَلِيلٌ وَلَا حَقِيرٌ.
خَطَبَ النبي صلى الله عليه وسلم مرةً فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ, إِنَّ لَكُمْ مَعَالِـمَ فَانتَهُوا إِلَى مَعَالِـمِكُمْ، وَإِنَّ لَكُمْ نِهَايَةً فَانتَهُوا إِلَى نِهَايَتِكُمْ، وَإِنَّ الـمُؤمِنَ بَينَ مَخَافَتَينِ، بَينَ أَجَلٍ قَدْ مَضَى لَا يَدرِي مَا اللهُ صَانِعٌ بِهِ, وَأَجَلٍ قَدْ بَقِيَ لَا يَدرِي مَا اللهُ قَاضٍ فِيهِ، فَليَأْخُذِ العَبدُ مِنْ نَفسِهِ إِلَى نَفسِهِ, وَمِنْ دُنيَاهُ لِآخِرَتِهِ، مِنْ شَبَابِهِ قَبلَ الكِبَرِ، وَمِنْ حَيَاتِهِ قَبلَ الـمَمَاتِ, فَوَ الَّذِي نَفْسُ محمد بِيَدِهِ، مَا بَعدَ الدُّنيَا مِنْ دَارٍ إِلَّا الجَنَةُ أَوِ النَّارُ".

 
Edited by واعي واعي
Link to comment
Share on other sites

Kein automatischer Alternativtext verfügbar.

 

#نداءات_القرآن_للذين_آمنوا
إخواننا _ الكرام # أخواتنا _ الكريمات # أعضاء ومتابعي مجموعة نداءات القرآن الكريم للذين آمنوا # سنقوم بنشر هذه النداءات تباعا .... آملين منكم متابعتها ونشرها على صفحاتكم الغراء سائلين المولى تبارك وتعالى أن يضاعف لنا ولكم الحسنات وأن ينفعنا وإياكم بالقرآن العظيم وما جاء فيه من الآيات والذكر الحكيم إنه ولي ذلك والقادر عليه ... آمين يا رب العالمين!!
بسم الله الرحمن الرحيم

النداء الواحد والثمانون
نهي المؤمنين عن اتخاذ عدو الله وعدوهم أولياء
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ ۚ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ). (الممتحنة 1)
قَالَ ابنُ كَثِيرٍ فِي تَفسِيرِهِ: كَانَ سَبَب نُزُول صَدْر هَذِهِ السُّورَة الْكَرِيمَة قِصَّة حَاطِب بْن أَبِي بَلْتَعَةَ وَذَلِكَ أَنَّ حَاطِبًا هَذَا كَانَ رَجُلًا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَكَانَ مِنْ أَهْل بَدْر أَيْضًا وَكَانَ لَهُ بِمَكَّة أَوْلَاد وَمَال وَلَمْ يَكُنْ مِنْ قُرَيْش أَنْفُسهمْ بَلْ كَانَ حَلِيفًا لِعُثْمَان فَلَمَّا عَزَمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَتْح مَكَّة لَمَّا نَقَضَ أَهْلهَا الْعَهْد فَأَمَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ بِالتَّجْهِيزِ لِغَزْوِهِمْ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ عَمِّ عَلَيْهِمْ خَبَرَنَا". فَعَمَدَ حَاطِب هَذَا فَكَتَبَ كِتَابًا وَبَعَثَهُ مَعَ اِمْرَأَة مِنْ قُرَيْش إِلَى أَهْل مَكَّة يُعْلِمُهُمْ بِمَا عَزَمَ عَلَيْهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوهمْ لِيَتَّخِذ بِذَلِكَ عِنْدهمْ يَدًا فَأَطْلَعَ اللَّه تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِسْتِجَابَة لِدُعَائِهِ فَبَعَثَ فِي أَثَر الْمَرْأَة فَأَخَذَ الْكِتَاب مِنْهَا وَهَذَا بَيِّن فِي هَذَا الْحَدِيث الْمُتَّفَق عَلَى صِحَّته. قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ عَمّه أَخْبَرَنِي حَسَن بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي رَافِع وَقَالَ مَرَّة إِنَّ عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي رَافِع أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَقُول: بَعَثَنِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْر وَالْمِقْدَاد فَقَالَ: "اِنْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَة خَاخ فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَة مَعَهَا كِتَاب فَخُذُوهُ مِنْهَا". فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَة فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ قُلْنَا" "أَخْرِجِي الْكِتَاب" قَالَتْ: "مَا مَعِي كِتَاب" قُلْنَا: "لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَاب أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَاب". قَالَ: فَأَخْرَجَتْ الْكِتَاب مِنْ عِقَاصهَا, فَأَخَذْنَا الْكِتَاب, فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَإِذَا فِيهِ: "مِنْ حَاطِب بْن أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاس مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّة يُخْبِرهُمْ بِبَعْضِ أَمْر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا حَاطِب مَا هَذَا؟" قَالَ: "لَا تَعْجَل عَلَيَّ, إِنِّي كُنْت اِمْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْش وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسهمْ, وَكَانَ مَنْ مَعَك مِنْ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَات يَحْمُونَ أَهْلِيهِمْ بِمَكَّة فَأَحْبَبْت إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنْ النَّسَب فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذ فِيهِمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي, وَمَا فَعَلْت ذَلِكَ كُفْرًا, وَلَا اِرْتِدَادًا عَنْ دِينِي, وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْد الْإِسْلَام". فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُ صَدَقَكُمْ" فَقَالَ عُمَر: "دَعْنِي أَضْرِب عُنُق هَذَا الْمُنَافِق". فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَا يُدْرِيك لَعَلَّ اللَّه اِطَّلَعَ إِلَى أَهْل بَدْر فَقَالَ اِعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْت لَكُمْ". 
وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَة. فَقَوْلُهُ تَعَالَى (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقّ) يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ وَالْكُفَّار الَّذِينَ هُمْ مُحَارِبُونَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ شَرَعَ اللَّه عَدَاوَتهمْ وَمُصَارَمَتهمْ, وَنَهَى أَنْ يُتَّخَذُوا أَوْلِيَاءَ وَأَصْدِقَاءَ وَأَخِلَّاءَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضهمْ أَوْلِيَاء بَعْض وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) وَهَذَا تَهْدِيد شَدِيد وَوَعِيد أَكِيد وَقَالَ تَعَالَى: (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اِتَّخَذُوا دِينكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ وَالْكُفَّار أَوْلِيَاء وَاتَّقُوا اللَّه إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ). وَقَالَ تَعَالَى: (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا). وَقَالَ تَعَالَى: (لَا يَتَّخِذ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّه فِي شَيْء إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاة وَيُحَذِّركُمْ اللَّه نَفْسه). 
وَلِهَذَا قَبِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُذْر حَاطِب لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ مُصَانَعَة لِقُرَيْشٍ لِأَجْلِ مَا كَانَ لَهُ عِنْدهمْ مِنْ الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد. وَيُذْكَر هَهُنَا الْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا مُصْعَب بْن سَلَام حَدَّثَنَا الْأَجْلَح عَنْ قَيْس بْن أَبِي مُسْلِم عَنْ رِبْعِيّ بْن حِرَاش سَمِعْت حُذَيْفَة يَقُول: ضَرَبَ لَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْثَالًا: وَاحِدًا وَثَلَاثَة وَخَمْسَة وَسَبْعَة وَتِسْعَة وَأَحَد عَشَر قَالَ: فَضَرَبَ لَنَا مِنْهَا مَثَلًا وَتَرَكَ سَائِرهَا قَالَ: "إِنَّ قَوْمًا كَانُوا أَهْل ضَعْفٍ وَمَسْكَنَةٍ قَاتَلَهُمْ أَهْل تَجَبُّر وَعَدَاء فَأَظْهَرَ اللَّه أَهْل الضَّعْف عَلَيْهِمْ, فَعَمَدُوا إِلَى عَدُوّهُمْ فَاسْتَعْمَلُوهُمْ وَسَلَّطُوهُمْ فَأَسْخَطُوا اللَّه عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْم يَلْقَوْنَهُ". وَقَوْله تَعَالَى (يُخْرِجُونَ الرَّسُول وَإِيَّاكُمْ) هَذَا مَعَ مَا قَبْله مِنْ التَّهْيِيج عَلَى عَدَاوَتهمْ وَعَدَم مُوَالَاتهمْ لِأَنَّهُمْ أَخْرَجُوا الرَّسُول وَأَصْحَابه مِنْ بَيْن أَظْهُرهمْ كَرَاهَة لِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ التَّوْحِيد وَإِخْلَاص الْعِبَادَة لِلَّهِ وَحْده وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: (أَنْ تُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ رَبّكُمْ) أَيْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ عِنْدهمْ ذَنْب إِلَّا إِيمَانكُمْ بِاَللَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ الْعَزِيز الْحَمِيد). وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارهمْ بِغَيْرِ حَقّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبّنَا اللَّه). وَقَوْله تَعَالَى: (إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي). أَيْ إِنْ كُنْتُمْ كَذَلِكَ فَلَا تَتَّخِذُوهُمْ أَوْلِيَاء إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ مُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِي بَاغِينَ لِمَرْضَاتِي عَنْكُمْ, فَلَا تُوَالُوا أَعْدَائِي وَأَعْدَاءَكُمْ, وَقَدْ أَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَاركُمْ وَأَمْوَالكُمْ حَنَقًا عَلَيْكُمْ وَسُخْطًا لِدِينِكُمْ. وَقَوْله تَعَالَى: (تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَم بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ). أَيْ تَفْعَلُونَ ذَلِكَ, وَأَنَا الْعَالِم بِالسَّرَائِرِ وَالضَّمَائِر وَالظَّوَاهِر؟ (وَمَنْ يَفْعَلهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيل). صَدَقَ اللهُ العَظِيمُ.

 
 
Link to comment
Share on other sites

Kein automatischer Alternativtext verfügbar.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
النداء الثاني والثمانون
تحريم تزويج المؤمنات للكفار

قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). (الممتحنة 10)
قَالَ ابنُ كَثِيرٍ فِي تَفسِيرِهِ: تَقَدَّمَ فِي سُورَة الْفَتْح فِي ذِكْر صُلْح الْحُدَيْبِيَة الَّذِي وَقَعَ بَيْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْن كُفَّار قُرَيْش فَكَانَ فِيهِ: عَلَى أَنْ لَا يَأْتِيك مِنَّا رَجُل وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينك إِلَّا رَدَدْته إِلَيْنَا, وَفِي رِوَايَة عَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيك مِنَّا أَحَد وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينك إِلَّا رَدَدْته إِلَيْنَا, وَهَذَا قَوْل عُرْوَة وَالضَّحَّاك وَعَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد وَالزُّهْرِيّ وَمُقَاتِل بْن حَيَّان وَالسُّدِّيّ, فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَة تَكُون هَذِهِ الْآيَةُ مُخَصِّصَةٌ لِلسَّنَةِ, وَهَذَا مِنْ أَحْسَن أَمْثِلَة ذَلِكَ, وَعَلَى طَرِيقَة بَعْض السَّلَف نَاسِخَة, فَإِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ إِذَا جَاءَهُمْ النِّسَاء مُهَاجِرَات أَنْ يَمْتَحِنُوهُنَّ, فَإِنْ عَلِمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا يَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّار, لَا هُنَّ حِلّ لَهُمْ, وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي تَرْجَمَة (عَبْد اللَّه بْن أَبِي أَحْمَد بْن جَحْش) مِنْ الْمُسْنَد الْكَبِير مِنْ طَرِيق أَبِي بَكْر بْن أَبِي عَاصِم عَنْ مُحَمَّد بْن يَحْيَى الذُّهْلِيّ عَنْ يَعْقُوب بْن مُحَمَّد عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن عِمْرَان عَنْ مُجَمِّع بْن يَعْقُوب عَنْ حُنَيْن بْن أَبِي أَبَانَة عَنْ (عَبْد اللَّه بْن أَبِي أَحْمَد) قَالَ: هَاجَرَتْ أُمّ كُلْثُوم بِنْت عُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط فِي الْهِجْرَة, فَخَرَجَ أَخَوَاهَا عُمَارَة وَالْوَلِيد حَتَّى قَدِمَا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَكَلَّمَاهُ فِيهَا أَنْ يَرُدّهَا إِلَيْهِمَا فَنَقَضَ اللَّه الْعَهْد بَيْنه وَبَيْن الْمُشْرِكِينَ فِي النِّسَاء خَاصَّة, فَمَنَعَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُنَّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ, وَأَنْزَلَ اللَّه آيَةَ الِامْتِحَان. قَالَ اِبْن جَرِير: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب, حَدَّثَنَا يُونُس بْن بُكَيْر, عَنْ قَيْس بْن الرَّبِيع, عَنْ الْأَغَرّ بْن الصَّبَّاح, عَنْ خَلِيفَة عَنْ حُصَيْن, عَنْ أَبِي نَصْر الْأَسَدِيّ قَالَ: "سُئِلَ اِبْن عَبَّاس كَيْفَ كَانَ اِمْتِحَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاء؟". قَالَ: كَانَ يَمْتَحِنهُنَّ بِاَللَّهِ, مَا خَرَجْت مِنْ بُغْض زَوْج, وَبِاَللَّهِ مَا خَرَجْت رَغْبَة عَنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ, وَبِاَللَّهِ مَا خَرَجْت اِلْتِمَاس دُنْيَا, وَبِاَللَّهِ مَا خَرَجْت إِلَّا حُبًّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ!!
وَقَوْله تَعَالَى: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَات فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّار). فِيهِ دَلَالَة عَلَى أَنَّ الْإِيمَان يُمْكِن الِاطِّلَاع عَلَيْهِ يَقِينًا. وَقَوْله تَعَالَى: (لَا هُنَّ حِلّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) هَذِهِ الْآيَة هِيَ الَّتِي حَرَّمَتْ الْمُسْلِمَات عَلَى الْمُشْرِكِينَ, وَقَدْ كَانَ جَائِزًا فِي اِبْتِدَاء الْإِسْلَام أَنْ يَتَزَوَّج الْمُشْرِك الْمُؤْمِنَة؛ وَلِهَذَا كَانَ أَمْر أَبِي الْعَاصِ بْن الرَّبِيع زَوْج اِبْنَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَب رَضِيَ اللَّه عَنْهَا, وَقَدْ كَانَتْ مُسْلِمَة, وَهُوَ عَلَى دِين قَوْمه, فَلَمَّا وَقَعَ فِي الْأَسَارَى يَوْم بَدْر بَعَثَتْ اِمْرَأَته زَيْنَب فِي فِدَائِهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا كَانَتْ لَأُمّهَا خَدِيجَة, فَلَمَّا رَآهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَّ لَهَا رِقَّة شَدِيدَة وَقَالَ لِلْمُسْلِمِينَ: (إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرهَا فَافْعَلُوا). فَفَعَلُوا فَأَطْلَقَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ يَبْعَث اِبْنَتَهُ إِلَيْهِ, فَوَفَى لَهُ بِذَلِكَ وَصَدَقَهُ فِيمَا وَعَدَهُ وَبَعَثَهَا إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ زَيْد بْن حَارِثَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَأَقَامَتْ بِالْمَدِينَةِ مِنْ بَعْد وَقْعَة بَدْر, وَكَانَتْ سَنَة اِثْنَتَيْنِ إِلَى أَنْ أَسْلَمَ زَوْجهَا أَبُو الْعَاصِ بْن الرَّبِيع سَنَة ثَمَان فَرَدَّهَا عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّل وَلَمْ يُحْدِث لَهَا. 
وَقَوْله تَعَالَى: (وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا) يَعْنِي أَزْوَاج الْمُهَاجِرَات مِنْ الْمُشْرِكِينَ اِدْفَعُوا إِلَيْهِمْ الَّذِي غَرِمُوهُ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْأَصْدِقَة قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَقَتَادَة وَالزُّهْرِيّ وَغَيْر وَاحِد. وَقَوْله تَعَالَى: (وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ). يَعْنِي إِذَا أَعْطَيْتُمُوهُنَّ أَصْدَقْتهنَّ فَانْكِحُوهُنَّ أَيْ تَزَوَّجُوهُنَّ بِشَرْطِهِ مِنْ اِنْقِضَاء الْعِدَّة وَالْوَلِيّ وَغَيْر ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر) تَحْرِيم مِنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ نِكَاح الْمُشْرِكَات وَالِاسْتِمْرَار مَعَهُنَّ. وَفِي الصَّحِيح عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ عُرْوَة عَنْ الْمِسْوَر وَمَرْوَان بْن الْحَكَم أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا عَاهَدَ كُفَّار قُرَيْش يَوْم الْحُدَيْبِيَة جَاءَهُ نِسَاء مِنْ الْمُؤْمِنَات, فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَات مُهَاجِرَات) - إِلَى قَوْله – (وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر). فَطَلَّقَ عُمَر بْن الْخَطَّاب يَوْمئِذٍ اِمْرَأَتَيْنِ تَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان وَالْأُخْرَى صَفْوَان بْن أُمَيَّة. وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَنْ الزُّهْرِيّ طَلَّقَ عُمَر يَوْمئِذٍ قَرِيبَة بِنْت أَبِي أُمَيَّة بْن الْمُغِيرَة, فَتَزَوَّجَهَا مُعَاوِيَة, وَأُمّ كُلْثُوم بِنْت عَمْرو بْن جَرْوَل الْخُزَاعِيَّة, وَهِيَ أُمّ عَبْد اللَّه, فَتَزَوَّجَهَا أَبُو جَهْم بْن حُذَيْفَة بْن غَانِم رَجُل مِنْ قَوْمه, وَهُمَا عَلَى شِرْكهمَا وَطَلَّقَ طَلْحَة بْن عُبَيْدَ اللَّه أُرْوَى بِنْت رَبِيعَة بْن الْحَارِث بْن عَبْد الْمُطَّلِب فَتَزَوَّجَهَا بَعْده خَالِد بْن سَعِيد بْن الْعَاصِ. وَقَوْله تَعَالَى: (وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا) أَيْ وَطَالَبُوا بِمَا أَنْفَقْتُمْ عَلَى أَزْوَاجكُمْ اللَّاتِي يَذْهَبْنَ إِلَى الْكُفَّار إِنْ ذَهَبْنَ, وَلْيُطَالِبُوا بِمَا أَنْفَقُوا عَلَى أَزْوَاجهمْ اللَّاتِي هَاجَرْنَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ. وَقَوْلُهُ: (ذَلِكُمْ حُكْم اللَّه يَحْكُم بَيْنكُمْ) أَيْ فِي الصُّلْح وَاسْتِثْنَاء النِّسَاء مِنْهُ, وَالْأَمْر بِهَذَا كُلّه هُوَ حُكْم اللَّه يَحْكُم بِهِ بَيْن خَلْقه. وَقَولُهُ: (وَاَللَّه عَلِيمٌ حَكِيمٌ) أَيْ عَلِيمٌ بِمَا يُصْلِحُ عِبَادَهُ حَكِيمٌ فِي ذَلِكَ .

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
 Share

×
×
  • Create New...