واعي واعي Posted June 8, 2018 Report Share Posted June 8, 2018 بسم الله الرحمن الرحيم النداء الخامس والثمانون ترغيب المؤمنين بالتجارة الرابحة مع الله تعالى قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّـهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ). (الصف 13) قَالَ ابنُ كَثِيرٍ فِي تَفسِيرِهِ: تَقَدَّمَ فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن سَلَام أَنَّ الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَرَادُوا أَنْ يَسْأَلُوا رَسُول اللَّه r عَنْ أَحَبّ الْأَعْمَال إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِيَفْعَلُوهُ فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى هَذِهِ السُّورَة وَمِنْ جُمْلَتهَا هَذِهِ الْآيَة يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى تِجَارَة تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَاب أَلِيم ثُمَّ فَسَّرَ هَذِهِ التِّجَارَة الْعَظِيمَة الَّتِي لَا تَبُور وَاَلَّتِي هِيَ مُحَصِّلَة لِلْمَقْصُودِ وَمُزِيلَة لِلْمَحْذُورِ . وقَالَ القُرطُبِيُّ فِي تَفسِيرِهِ: قَالَ مُقَاتِل: نَزَلَتْ فِي عُثْمَان بْن مَظْعُون; وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ أَذِنْت لِي فَطَلَّقْت خَوْلَة, وَتَرَهَّبْت وَاخْتَصَيْت وَحَرَّمْت اللَّحْم, وَلَا أَنَام بِلَيْلٍ أَبَدًا, وَلَا أُفْطِر بِنَهَارٍ أَبَدًا! فَقَالَ رَسُول اللَّه r: "إِنَّ مِنْ سُنَّتِي النِّكَاح, وَلَا رَهْبَانِيَّة فِي الْإِسْلَام, إِنَّمَا رَهْبَانِيَّة أُمَّتِي الْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه, وَخِصَاء أُمَّتِي الصَّوْم, وَلَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَات مَا أَحَلَّ اللَّه لَكُمْ, وَمِنْ سُنَّتِي أَنَام وَأَقُوم, وَأُفْطِر وَأَصُوم, فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي". فَقَالَ عُثْمَان: وَاَللَّه لَوَدِدْت يَا نَبِيّ اللَّه أَيّ التِّجَارَات أَحَبّ إِلَى اللَّه فَأَتَّجِر فِيهَا ; فَنَزَلَتْ . وَقِيلَ : " أَدُلّكُمْ " أَيْ سَأَدُلُّكُمْ . وَالتِّجَارَة الْجِهَاد ; قَالَ اللَّه تَعَالَى: (إِنَّ اللَّه اِشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ). (التَّوْبَة 111) وَهَذَا خِطَاب لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ. وَقِيلَ: لِأَهْلِ الْكِتَاب. أَيْ تُخَلِّصكُمْ وَقِرَاءَة الْعَامَّة (تُنْجِيكُمْ) بِإِسْكَانِ النُّون مِنْ الْإِنْجَاء. وَقَرَأَ الْحَسَن وَابْن عَامِر وَأَبُو حَيْوَة (تُنَجِّيكُمْ) مُشَدَّدًا مِنْ التَّنْجِيَة .قَولُهُ تَعَالَى: (مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) أَيْ مُؤْلِم. الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ هُوَ ذِرْوَةُ سَنَامِ الإِسلَامِ, أَيْ هُوَ أَعْلَى شَيءٍ فِيهِ, فَبِهِ يُعَزُّ الإِسلَامُ وَأَهلُهُ, وَيُذَلُّ الشِّرْكُ وَالكُفْرُ وَالنِّفَاقُ وَأَهْلُهُ, وَبِهِ تُصَانُ دَولَةُ الإِسلَامِ, وَتَبقَى عَزِيزَةً مَنِيعَةً, وَبِهِ تُحفَظُ الحُقُوقُ, وَتُرَدُّ لِأَصحَابِهَا الشَّرعِيِّينَ، وَبِهِ يُذَبُّ عَنْ حُرُمَاتِ الـمُسلِمِينَ وَمُقَدَّسَاتِهِمْ وَأَعرَاضِهِمْ, وَأَرضِهِمْ وَدِيَارِهِمْ, وَبِهِ تُحمَى بَيضَةُ الإِسلَامِ, وَتَرتَفِعُ رَايَةُ القُرآنِ خَفَّاقَةً عَلَى رُؤُوسِ العَالَـمِينَ فِي أَرجَاءِ الـمَعمُورَةِ كُلِّهَا. وَقَدْ وَرَدَ فِي فَضْلِ الجِهَادِ وَالاستِشهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى مِنَ الأَخبَارِ الإِلَهِيَّةِ الصَّادِقَةِ, وَالأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الصَّحِيحَةِ, مَا يَجعَلُ الجِهَادَ مِنْ أَعظَمِ القُرُبَاتِ وَأَفضَلِ العِبَادَاتِ. وَمِنْ تِلْكَ الأَخبَارِ الإِلَـهِيَّةِ وَالأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ قَولُ اللهِ تَعَالَى فِي أَوَّلِ سُورَةِ الصَّفِّ: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرصُوصٌ). وَقَولُهُ فِي آخِرِهَا: (هُوَ الَّذِي أَرسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوُ كَرِهُ الـمُشرِكُونَ. يَا أَيَّهُا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ. تُؤمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ, وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ, ذَلِكُمْ خَيرٌ لَكُمْ, إِنْ كُنتُمْ تَعلَمُونَ. يَغفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ, وَيُدخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجرِي مِنْ تَحتِهَا الأَنهَارُ, وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الفَوزُ العَظِيمُ. وَأُخرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الـمُؤمِنِينَ). إِنَّها حَقًّا لَتِجَارَةٌ رَابِحَةٌ مَعَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى, فَمَا عَلَينَا إِلَّا أَنْ نَدفَعَ الثَّمَنَ الَّذِي مَنَحَنَا اللهُ إِيَّاهُ, وَهُوَ أَنْ نُقَدِّمَ أَروَاحَنَا وَأَموَالَنَا فِي سَبِيلِ اللهِ لِلحُصُولِ عَلَى الأَربَاحِ الوَفِيرَةِ وَهِيَ: النَّجَاةُ مِنَ العَذَابِ الأَلِيمِ, وَغُفْرَانُ الذُّنُوبِ, وَدُخُولُ الجَنَّاتِ, وَالـمَسَاكِنُ الطَّيبَةُ فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ, وَنَصْرُ اللهِ, وَالفَتْحُ القَرِيبُ, وَإِظهَارُ دِينِ اللهِ, وَأشيَاءُ أُخرَىَ كَثِيرَةٌ نُحِبُّهَا أَخفَاهَا اللهُ عَنَّا, يَا لَهُ مِنْ رِبْحٍ عَظِيمٍ, يَمنَحُنَا إِيَّاهُ رَبٌّ كَرِيمٌ! إِنَّ وُقُوفَ الرَّجُلِ فِي صَفِّ الجِهَادِ يَعدِلُ قِيَامَهُ للهِ سَبعِينَ سَنَةً, كَمَا أَنَّ الاستِشهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِلَّا الدَّينَ, وَقَدْ مَرَّ الرَّسُولُ r لَيلَةَ الإِسرَاءِ بِقَومٍ يَزرَعُونَ فِي يَومٍ, وَيَحصُدُونَ فِي اليَومِ التَّالِي, وَكُلَّمَا حَصَدُوا عَادَ الزَّرعُ كَمَا كَانَ, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: «مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبرِيلُ؟» فَقَالَ: هَؤُلَاءِ الـمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ تُضَاعَفُ حَسَنَاتُهُمْ بِسَبعِمِائَةِ ضَعْفٍ, وَمَا انَفَقُوا مِنْ شَيءٍ فَهُوَ يُخلِفُهُ. إِنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ شَهْرٌ مُبَارَكٌ, وَهُوَ شَهْرُ الجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ, فِيهِ حَدَثَتْ مُعظَمُ غَزَوَاتِ الرَّسُولِ r وَمَعَارِكُ الإِسلَامِ الحَاسِمَةِ وَالفَاصِلَةِ, نَذكُرُ مِنهَا عَلَى سَبِيلِ الـمِثَالِ لَا الحَصْرُ: غَزوَةَ بَدْرٍ الكُبرَى, وَفَتْحَ مَكَّةَ, وَمَعرَكَةَ بَلَاطِ الشُّهَدَاءِ, وَفَتْحَ عَمُّورِيَّةَ, وَمَعرَكَةَ عَينِ جَالُوتَ, وَمَعرَكَةَ كُوسُوفُو الَّتِي زَحَفَ فِيهَا جَيشُ الخِلَافَةِ العُثمَانِيُّ الـمُجَاهِدُ نَحوَ أُورُوبَا الشَّرقِيَّةِ. هَذَا وَقَدْ حَدَثَتْ مَعرَكَةُ تَحرِيرِ بَيتِ الـمَقْدِسِ مِنَ الصَّلِيبِيِّينَ عَلَى يَدِ القَائِدِ البَطَلِ صَلَاحِ الدِّينِ الأَيُّوبِيِّ فِي السَّابِعِ وَالعِشرِينَ مِنْ شَهْرِ رَجَب, فِي لَيلَةِ الإِسرَاءِ وَالـمِعرَاجِ. اللَّهُمَّ اهْدِنَا سُبُلَ الرَّشَادْ, وَأَقِمْ عَلَمَ الجِهَادْ, وَاقْمَعْ أَهَلْ الكُفْرِ وَالعِنَادِ, وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ عَلَى العِبَادِ يَا أَرحَمَ الرَّاحِمِينَ ... آمِينَ يَا رَبَّ العَالَـمِينَ! Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
Recommended Posts
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.