واعي واعي Posted June 9, 2018 Report Share Posted June 9, 2018 بسم الله الرحمن الرحيمالنداء السادس والثمانون دعوة المؤمنين ليكونوا أنصار الله تعالى قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ ۖ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ ۖ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ). (الصف 14) قَالَ ابنُ كَثِيرٍ فِي تَفسِيرِهِ: يَقُول تَعَالَى آمِرًا عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا أَنْصَار اللَّه فِي جَمِيع أَحْوَالهمْ بِأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالهمْ وَأَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ, وَأَنْ يَسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ كَمَا اِسْتَجَابَ الْحَوَارِيُّونَ لِعِيسَى حِين قَالَ: مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّه؟ أَيْ مُعِينِي فِي الدَّعْوَة إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ الْحَوَارِيُّونَ وَهُمْ أَتْبَاع عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: نَحْنُ أَنْصَار اللَّه, أَيْ نَحْنُ أَنْصَارك عَلَى مَا أُرْسِلْت بِهِ وَمُوَازِرُوك عَلَى ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا بَعَثَهُمْ دُعَاة إِلَى النَّاس فِي بِلَاد الشَّام فِي الْإِسْرَائِيلِيِّينَ وَالْيُونَانِيِّينَ, وَهَكَذَا كَانَ رَسُول اللَّه r يَقُول فِي أَيَّام الْحَجّ: "مَنْ رَجُل يُؤْوِينِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَة رَبِّي؟ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ رِسَالَة رَبِّي", حَتَّى قَيَّضَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَهُ الْأَوْس وَالْخَزْرَج مِنْ أَهْل الْمَدِينَة فَبَايَعُوهُ وَوَازَرُوه وَشَارَطُوه أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ إِنْ هُوَ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ, فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَيْهِمْ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابه وَفَوْا لَهُ بِمَا عَاهَدُوا اللَّه عَلَيْهِ؛ وَلِهَذَا سَمَّاهُمْ اللَّه وَرَسُوله "الْأَنْصَار", وَصَارَ ذَلِكَ عَلَمًا عَلَيْهِمْ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ وَقَوْله تَعَالَى: (فَآمَنَتْ طَائِفَة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل وَكَفَرَتْ طَائِفَة) أَيْ لَمَّا بَلَّغَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام رِسَالَة رَبّه إِلَى قَوْمه وَوَازَرَهُ مَنْ وَازَرَهُ مِنْ الْحَوَارِيِّينَ اِهْتَدَتْ طَائِفَة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ, وَضَلَّتْ طَائِفَة, فَخَرَجَتْ عَمَّا جَاءَهُمْ بِهِ, وَجَحَدُوا نُبُوَّته, وَرَمَوْهُ وَأُمّه بِالْعَظَائِمِ, وَهُمْ الْيَهُود عَلَيْهِمْ لَعَائِن اللَّه الْمُتَتَابِعَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة, وَغَالَتْ فِيهِ طَائِفَة مِمَّنْ اِتَّبَعَهُ حَتَّى رَفَعُوهُ فَوْق مَا أَعْطَاهُ اللَّه مِنْ النُّبُوَّة, وَافْتَرَقُوا فِرَقًا وَشِيَعًا فَمِنْ قَائِل مِنْهُمْ: إِنَّهُ اِبْن اللَّه, وَقَائِل: إِنَّهُ ثَالِث ثَلَاثَة: الْأَب وَالِابْن وَرُوح الْقُدْس, وَمِنْ قَائِل: إِنَّهُ اللَّه, وَكُلّ هَذِهِ الْأَقْوَال مُفَصَّلَة فِي سُورَة النِّسَاء. وَقَوْله تَعَالَى: (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوّهُمْ) أَيْ نَصَرْنَاهُمْ عَلَى مَنْ عَادَاهُمْ مِنْ فِرَق النَّصَارَى, (فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) أَيْ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ بِبَعْثَةِ مُحَمَّد r كَمَا قَالَ الْإِمَام أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير رَحِمَهُ اللَّه حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب, حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة, عَنْ الْأَعْمَش, عَنْ الْمِنْهَال يَعْنِي اِبْن عَمْرو, عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر, عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَرْفَع عِيسَى إِلَى السَّمَاء خَرَجَ إِلَى أَصْحَابه وَهُمْ فِي بَيْتٍ اِثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنْ عَيْن فِي الْبَيْتِ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً فَقَالَ: "إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يَكْفُرُ بِي اِثْنَتَيْ عَشْرَة مَرَّة بَعْد أَنْ آمَنَ بِي". قَالَ: ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمْ يُلْقَى عَلَيْهِ شَبَهِي فَيُقْتَلَ مَكَانِي, وَيَكُونُ مَعِي فِي دَرَجَتِي؟". قَالَ: فَقَامَ شَابّ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا فَقَالَ: أَنَا فَقَالَ لَهُ: "اِجْلِسْ" ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ فَقَامَ الشَّابّ فَقَالَ: أَنَا فَقَالَ لَهُ: "اِجْلِسْ". ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ فَقَامَ الشَّابّ فَقَالَ: أَنَا فَقَالَ: "نَعَمْ أَنْتَ ذَاكَ" قَالَ: فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَه عِيسَى, وَرُفِعَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ رَوْزَنَة فِي الْبَيْتِ إِلَى السَّمَاءِ قَالَ: وَجَاءَ الطَّلَب مِنْ الْيَهُود, فَأَخَذُوا شَبِيهَهُ فَقَتَلُوهُ, وَصَلَبُوهُ وَكَفَرَ بِهِ بَعْضهمْ اِثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً بَعْد أَنْ آمَنَ بِهِ فَتَفَرَّقُوا فِيهِ ثَلَاث فِرَق: فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: "كَانَ اللَّهَ فِينَا مَا شَاءَ ثُمَّ صَعِدَ إِلَى السَّمَاء". وَهَؤُلَاءِ الْيَعْقُوبِيَّة. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: "كَانَ فِينَا اِبْنَ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ رَفَعَهُ إِلَيْهِ". وَهَؤُلَاءِ النَّسْطُورِيَّة. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: "كَانَ فِينَا عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ". وَهَؤُلَاءِ الْمُسْلِمُونَ. فَتَظَاهَرَتْ الْكَافِرَتَانِ عَلَى الْمُسْلِمَة فَقَتَلُوهَا, فَلَمْ يَزَلْ الْإِسْلَام طَامِسًا, حَتَّى بَعَثَ اللَّه مُحَمَّدًا r فَآمَنَتْ طَائِفَة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل, وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ يَعْنِي الطَّائِفَة الَّتِي كَفَرَتْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل فِي زَمَن عِيسَى, وَالطَّائِفَة الَّتِي آمَنَتْ فِي زَمَن عِيسَى, (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوّهُمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) بِإِظْهَارِ مُحَمَّد r دِينَهُمْ عَلَى دِينِ الْكُفَّارِ. هَذَا لَفْظه فِي كِتَابِهِ عِنْد تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة, وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ عِنْد تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة مِنْ سُنَنِهِ عَنْ أَبِي كُرَيْب عَنْ مُحَمَّد بْن الْعَلَاء عَنْ أَبِي مُعَاوِيَة بِمِثْلِهِ سَوَاءٌ, فَأُمَّة مُحَمَّد r لَا يَزَالُونَ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقّ حَتَّى يَأْتِي أَمْرُ اللَّهِ, وَهُمْ كَذَلِكَ, وَحَتَّى يُقَاتِل آخِرهمْ الدَّجَّالَ مَعَ الْمَسِيحِ عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا وَرَدَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. هَذَا وَإِنَّ أَروَعَ مَا قِيلَ فِي الرَّدِّ عَلَى النَّصَارَى الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ هُوَ ابنُ اللهِ تَعَالَى مَا قَالَهُ الشَّاعِرُ البَاكِستَانِيُّ محمد إِقبَال: عَجَبًا لِلمَسِيــــحِ بَينَ النَّصَارَى وَإِلَــــــــــى اللهِ وَلَـــــــــــــــــدًا نَسَبُـــــــــــــوهُ أَسلَمُــــــــوهِ لِليَهُـــــــــــــــودِ وَقَالُــــــــــوا: إِنَّهـُــــمْ بَعْــــــــــدَ قَتلِـــــــــــــــهِ صَلَبـُـــــــــوهُ فَلَئِنْ كَـانَ مَا يَقُولُـــــــــــونَ حقــــًا فَاسأَلُوا القَومَ: أَينَ كَانَ أَبُوهُ؟ فَـــــإِنْ كَـــــانَ رَاضِيــــــًا بِأَذَاهُـــــــــــــمْ فَاشكُروا القَومَ لِأَنَّهُمْ عَذَّبُـــوهُ وَإِنْ كَانَ سَاخِطًـــــا غَيرَ رَاضٍ فَاعْبُدُوهُـــــمْ لِأَنَّهُــمْ غَلَبُـــــــــوهُ!! Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
Recommended Posts
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.