Jump to content
منتدى العقاب

النداء الثامن والثمانون تحذير المؤمنين من انشغالهم بأموالهم وأولادهم عن ذكر الله


Recommended Posts

Kein automatischer Alternativtext verfügbar.
بسم الله الرحمن الرحيم
النداء الثامن والثمانون
تحذير المؤمنين من انشغالهم بأموالهم وأولادهم عن ذكر الله

قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ). (المنافقون 9)
قَالَ ابنُ كَثِيرٍ فِي تَفسِيرِهِ: يَقُول تَعَالَى آمِرًا لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِكَثْرَةِ ذِكْرِهِ وَنَاهِيًا لَهُمْ عَنْ أَنْ تَشْغَلهُمْ الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد عَنْ ذَلِكَ, وَمُخْبِرًا لَهُمْ بِأَنَّهُ مَنْ اِلْتَهَى بِمَتَاعِ الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزِينَتهَا عَمَّا خُلِقَ لَهُ مِنْ طَاعَة رَبّه وَذِكْرِهِ فَإِنَّهُ مِنْ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ يَخْسَرُونَ أَنْفُسهمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْم الْقِيَامَة ثُمَّ حَثَّهُمْ عَلَى الْإِنْفَاق فِي طَاعَته .
وَقَالَ الطَّبَرِيُّ فِي تَفسِيرِهِ: الْقَوْلُ فِي تَأْوِيل قَوْلِهِ تَعَالَى: (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ عَنْ ذِكْر اللَّه) يَقُول تَعَالَى ذِكْره: يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّه وَرَسُوله (لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالكُمْ) يَقُولُ: لَا تُوجِب لَكُمْ أَمْوَالكُمْ (وَلَا أَوْلَادكُمْ) اللَّهْوَ (عَنْ ذِكْر اللَّه) وَهُوَ مِنْ أَلْهَيْتُهُ عَنْ كَذَا وَكَذَا, فَلَهَا هُوَ يَلْهُو لَهْوًا; وَقِيلَ: عُنِيَ بِذِكْرِ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ. عَنِ الضَّحَّاك: (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) قَالَ: الصَّلَوَات الْخَمْس .وَقَوْله: (وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ) يَقُول: وَمَنْ يُلْهِهِ مَالُهُ وَأَوْلَاده عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ (فَأُولَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ) يَقُول: هُمْ الْمَغْبُونُونَ حُظُوظَهُمْ مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى .
مِنَ الـمَعلُومِ بَدَاهَةً أَنَّ قَلْبَ الأَبَوَينِ مَفطُورٌ عَلَى مَحَبَّةِ الأَبنَاءِ, وَمُتَأَصِّلٌ بِالـمَشَاعِرِ النَّفسِيَّةِ, وَالعَوَاطِفِ الأَبَوِيَّةِ لِحِمَايَتِهِمْ, وَالرَّحْمَةِ بِهِمْ, وَالاهتِمَامِ بِأَمرِهِمْ, وَلَولَا ذَلِكَ لانقَرَضَ النَّوعُ الإِنسَانِيُّ مِنَ الأَرضِ, وَلَـمَا صَبَرَ الأَبَوَانِ عَلَى رِعَايَةِ أَولَادِهِمَا, وَلَا عَجَبَ أَنْ يُصَوِّرَ القُرآنُ الكَرِيمُ هَذِهِ الـمَشَاعِرَ الأَبَوِيَّةَ الصَّادِقَةَ أَجْمَلَ تَصوِيرٍ, فَيَجْعَلَ مِنَ الأَولَادِ تَارَةً زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنيَا, قَالَ تَعَالَى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا). (الكهف 46) وَيَعتَبِرَهُمْ تَارَةً أُخرَى قُرَّةَ أَعْيُنٍ, قَالَ تَعَالَى: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ). (الفرقان 74) وقد قال تعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ). (آل عمران 14). وَهَذَا يَعنِي أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ تُثَبِّطُ الأَموَالُ وَالنِّسَاءُ هِمَمَهُمْ عَنِ التَّسَابُقِ فِي مَيَادِينِ الجِهَادِ لِنُصرَةِ دِينِ اللهِ, أَو أَنَّ حُبَّ الـمُتعَةِ بِأَموَالِهِمْ وَأَولَادِهِمْ قَدْ يَصرِفُهُمْ عَنِ العَمَلِ لِإِعلَاءِ كَلِمَةِ اللهِ, بَلْ حَتَّى عَنْ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى؛ لِذَا جَاءَ هَذَا النِّدَاءُ الإِلَهِيُّ لِيُحَذِّرَ الـمُؤمِنِينَ مِنَ الاشتِغَالِ أَوِ اللَّهْوِ بِمَلَذَّاتِ الحَيَاةِ الدُّنيَا وَزِينَتِهَا عَنْ ذِكْرِ اللهِ.
وَعِندَمَا حَذَّرَ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ مِنَ الاشتِغَالِ بِالأَموَالِ وَالأَولَادِ, إِنَّمَا ذَكَّرَهُمْ بِمَا قَالَهُ فِي سُورَةِ التَّغَابُنِ: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ). (التغابن 15) وَالفِتنَةُ بِمَعنَى الاختِبَارِ, وَأَعظَمُ الفِتَنِ النِّسَاءُ وَالـمَالُ وَالولَدُ وَالجَاهُ وَالسُّلطَانُ, وَمَا سُمِّيَ الـمَالُ بِهَذَا الاسِمِ إِلَّا لِكَونِ الإِنسَانِ مَيَّالٌ إِلَيهِ بِفِطْرَتِهِ, وَأَمَّا فِتْنَةُ الوَلَدِ؛ فَلِكَونِ الوَلَدِ قِطْعَةً مِنْ كَبِدِ أَبِيهِ وَأَلْصَقَ الأَشيَاءِ بِهِ, وَنُذَكِّرُ بِأَمرَينِ هَامَّينِ: 
الأَمرُ الأَوَّلُ: أَنَّ ذِكْرَ اللهِ لَا يَنحَصِرُ بِدُعَاءٍ مُعَيَّنٍ, وَالذِّكْرُ قَدْ يَكُونُ بِتِلَاوَةِ القُرآنِ, أَوِ بِالصَّلَاةِ, أَو بِالزَّكَاةِ, أَو بِالحَجِّ, أَو بِالجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ أَو بِكُلِّ عَمَلٍ يَقُومُ بِهِ الـمُسلِمُ ابتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ.
الأمر الثاني: أَنَّ اللهَ تَعَالَى حِينَ حَذَّرَ عِبَادَهُ مِنَ الاشتِغَالِ بِالأَموَالِ وَالأَولَادِ عَنْ طَاعَتِهِ لَـمْ يَقصِدْ عَدَمَ الاهتِمَامِ بِالسَّعيِ لِكَسْبِ الرِّزْقِ الحَلَالِ, إِنَّمَا التَّحذِيرُ كَانَ مِنْ أَجْلِ أَنْ لَا تَطْغَى الـمَشَاعِرُ الصَّادِقَةُ مِنَ الحُبِّ وَالعَطْفِ وَالحنَانِ نَحْوَ الأَولَادِ عَلَى ذِكْرِ اللهِ, وَلِئَلَّا تَأخُذُ هَذِهِ الاهتِمَامَاتِ كُلَّ أَوقَاتِ الـمُؤمِنِ, فَتَشغَلُهُ عَنْ ذِكْرِ اللهِ, فَيَكُونَ مِنَ الخَاسِرِينَ, فَالنِّدَاءُ يُرشِدُ إِلَى الأُمُورِ الآتِيَةِ:
1. وُجُوبُ الاشتِغَالِ بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى, وَإِدَامَةِ الذِّكْرِ, وَأَدَاءِ فَرَائِضِ الإِسلَامِ, وَحُقُوقِ اللهِ تَعَالَى.
2. عَدَمُ الاشتِغَالِ بِتَدبِيرِ الأَموَالِ وَالاهتِمَامِ بِشُؤُونِ الأَولَادِ عَنْ أَدَاءِ حُقُوقِ اللهِ تَعَالَى.
3. حَثُّ الـمُؤمِنِينَ عَلَى الإِنفَاقِ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ فِي سُبُلِ الخَيرِ شُكْرًا للهِ عَلَى نِعَمِهِ.
 
 
 
Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
 Share

×
×
  • Create New...