لا تشعرْ بالغربة ... وإن كنتَ من الغرباء .. (بدعة العصر) *التدرج في تطبيق الإسلام:*

[واعي واعي]

 

 

 

اسماعيل الوحواح

 

 

لا تشعرْ بالغربة ... وإن كنتَ من الغرباء ..

(بدعة العصر)

*التدرج في تطبيق الإسلام:*

لا ينقضي عقد إلا وتخرج علينا فكرة مدمرة تفتك بأفكار الناس وسلوكهم، تبح حناجرنا وتنشف ريقنا ونحن نحذر منها ونفندها وما أقل المستجيبين.
ولكنني لا أرى في هذه الأيام أشد فتكا من هذه الفكرة التي نعيش بلاءها الذي عم وطم.

تقول الفكرة بأن الحكم بالكفر هو المرحلة الأولى للحكم بالإسلام!! وإذا أردنا طاعة الله فيجب أن نبدأ بمعصيته أولا!!!
وتقول أيضا بأن الناس لا تتحمل دينا ثقيلا ومتعبا كالإسلام، لذلك لا بد أن نريح الناس فنخلط أحكام الإسلام الثقيل بأحكام الكفر لكي يسهل على الناس هضمها!!!
فكرة جعلت الغرب يضحك منا وهو يرى مسلما ينوب عنه بتطبيق دساتيره مغتبطا، ومعلنا لها الولاء!!
فكرة تسلُّ غضبة الناس عن الطواغيت، بل تحولها إلى فرحة وتهنئة وأمل كاذب!!!
فكرة تحول الحاكم من متجرئ على الله إلى قائد فذ وسياسي محنك!!
فكرة حولت مشاهد التحالف مع الغرب من خيانة مستقذرة إلى سنة مبررة!!
فكرة تتهم الرسول بعدم الحكمة والسياسة، وتقنع المسلم بأن يقول، زمانه غير زماننا!!
فكرة تتهم أنبياء الله بأنهم حكموا بغير ما أنزل الله!!
فكرة تتهم رسول الله بأنه أذن لمن يحكم بغير دينه واحتفى به!!
فكرة تعمي العيون عن نور الوحيين الشريفين، فلا كتاب ولا سنة ولا نهج سلف!!
فكرة تعلم المسلم الكذب والاحتيال والنفاق والدجل والخداع واللف والدوران!!
فكرة تجعل الكفر أساسا يطبق بالجملة والإسلام احتياطا يطبق بالتقسيط!!
فكرة كم حاربها الرسول وكم رفضها وكم عذِّب وأوذي لدحضها!!
فكرة تحول المسلم من رجل ثوابت مبدئي إلى رجل مصالح براغماتي!!
فكرة تقدم ميكيافيللي لتجعله مصدرا خامسا من مصادر التشريع!!
فكرة تجعل من ينادي بالالتزام بالسنة منظِّرا ومشاغبا وعدو الناجحين!!
فكرة جعلت المسلم يرى الحانات والشواطئ ودور الفحش بعين القبول لا بعين الغضب والثورة على الأوضاع!!
فكرة تجعل المسلم كالمضبوع يصيح ألما وتنزف يده ويبقى يدخلها في نفس الجحر مرات ومرات!
فكرة حولت التعاطي مع الواقع الفاسد من ضرورة التغيير إلى ضرورة الانتظار والدفاع!!
فكرة جعلت المسلم يقبل بخطابات تمجد العلمانية والكفار، فيغض الطرف ويسكت ألسنة المنكرين!!
فكرة حولت جهد الناس من محاسبة حكام السوء إلى محاسبة إخوانهم الدعاة!!
فكرة أدت إلى ان لا ينتقد الحاكم على تقصيره بل ينتقد حامل الدعوة على تذكيره!!
فكرة كم عرقلت طريق الدعوة إلى الخلافة، وكم صعبت علينا المهمة!!
فكرة تلقفها العلمانيون واحتفوا بها وأفردوا لها الشاشات والبرامج وأبرزوا دعاتها ودعموا تثقيفها ونشرها في الآفاق!
فكرة دمرت في المسلم مشاعر النخوة والعزة والغيرة على حرمات الله، وأحالته إلى ما يشبه المخنث يرى السوء في قومه ودينه فيرضى!!
فكرة ضربت العمل الإسلامي وأسالت دماءه، ومكنت لعدونا من رقابنا وأجهضت ثوراتنا وفرقت جمعتنا وفضحتنا بين الأمم!
والله إني لأجد خطرها أشد فتكا من الخمر والمخدرات،
اللهم إني أعوذ بك من بدعة العصر، وأشهدك بأنني أؤمن بأن شرعك الطاهر لا يُتدرج بتطبيقه ولا يشرك في حكمه ولا يدنس بشرائع البشر، اللهم إني أبرأ إليك مما يفعله الغافلون من أمة محمد، أبرأ إليك من حكام غنموا من جهالة الجاهلين فمكنوا أعدائنا من بلادنا وأساؤوا إلى هذا الدين.
وأشهدك بأن هذه البدعة ليست من محجة رسولنا البيضاء، التي ليلها كنهارها، وأسألك اللهم ان تعيننا على محوها وإنكارها وإبعاد أمتنا عنها، اللهم إني أسألك الثبات على محجة محمد البيضاء والاستنارة بضحى نهارها، وأعوذ بك من الزيغ عنها فإنه لا يزيغ عنها إلا هالك.

أبو نزار الشامي