أفكار تحريرية حارة

[واعي واعي]

 

 

 

منذر عبدالله

 

 

#معركة_الوعي 
أفكار تحريرية حارة

نتيجة للضعف الفكري الشديد الذي نعيشه اليوم، ونتيجة للعجز عن إدراك قيمة الفكر، وبالتالي العجز عن إدراك أثره في الحياة سلباً وايجاباً تجد الكثير من الناس يقولون لك : "شبعنا كلام" ! أو يقولون "كفانا تنظير" !!

إن مهاجمة "الكلمة" بشكل مطلق دون النظر إلى مدلولها، ودون فهم معناها، ودون معرفة الصحيح والخاطىء منها، يُعبر عن عجز وضعف ويأس !!

المسلم يسمع الكلام، ويفهم مدلوله، ثم ينظر.. هل هو موافق للواقع والشرع أم مخالف لهما، وهل يستند إلى دليل أم لا، وهل يُبتغى به وجه الله أم وجه الغرب الكافر، وهل يقدم فكراً نقياً وواضحاً، وهل يرسم طريقاً ويبلور حلولاً أم لا .
من يهاجم "الكلمة" وأعمال حمل الدعوة لكونها تستند الى الفكر والأمر والنهي، فهو جاهل، بل غارق في الجهل . 
فالكلمة كانت دائماً محور عمل الانبياء وسلاحهم الأول.. والكلمة الصادقة تُحيي أمة، وكلمة الباطل قد تُهلكها، وقد تحقق الكلمة نصراً أو تسبب هزيمة، وقد تفجر ثورة أو تخدر أمة ...

كلمة بوجه سلطان جائر، تنير بها درب المؤمنين، وتكشف بها فساد المجرمين، تجعلك بصحبة سيد الشهداء حمزة رضي الله عنه "سيد الشهداء حمزة إبن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر، فأمره ونهاه فقتله"...

وكلمة تتفوه بها لتشوه بها الحقائق، ولترضي بها الظالمين، كأن تقول: نريد حواراً مع بشار المجرم بدل العمل على إسقاطه ومحاكمته، أو كأن تقول: نريد دولة مدنية، أو تقول: نأخذ دين الله بالتدرج، تحت ذريعة -أننا ضعفاء، ولا نقوى على حمل كتاب الله كله، بل نقطعه ونجزئه ثم نحمله بالتقسيط - كلاماً يشبه كلام بني إسرائيل لموسى..

هكذا كلمة ترديك إلى قعر جهنم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحدكم ليتفوه بالكلمة، لا يلقي لها بالاً يهوي بها سبعين خريفاً في جهنم"..

أما من يقول كلمة الباطل عن خبث ومكر ليفسد في الأرض فحاله ومآله أسود ..

إن دعوات الانبياء كلهم عليهم السلام بدأت بكلمة (يا قوم أعبدوا الله ما لكم من إله غيره) ورد المجرمين عليهم، وصدهم عن سبيل الله كان أيضاً يبدأ بكلمة، رغم ما يملكونه من قوة وقدرة على البطش، أمثال فرعون الذي قال عن موسى: {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ} وغيره من طغاة الأرض حين قالوا: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}.
الثورات اليوم من تونس إلى سوريا بدأت بكلمة بوجه الطاغية، ثم تحولت الكلمة إلى رعد يزلزل عروش الظالمين وكان من أروعها "هي لله هي لله" "قائدنا للأبد سيدنا محمد"، ولن تتوقف حركة الأمة بإذن الله حتى تحقق النصر الكامل والتغيير الشامل رغم مكر أميركا وعبيدها...

هناك فرق بين كلمة تافهة لا تعبر عن واقع، ولا تهدف إلى مرضاة الله، وكلمة صادقة تثمر وعياً وفكراً مستنيراً يقود الأمة الى الصلاح، ويفجر فيها ألف ثورة وثورة .
قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} .
وقال سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم: "أفضل الجهاد كلمة حق تقال عند ذي سلطان جائر"...

أيها المسلمون: خذوا كل كلام صادق يصدر عن الشرع أو يبلور الحقائق بشكل جلي، وتمسكوا به بقوة، وأتركوا كل كلام مخالف للشرع ومناقضٌ للواقع، وواجهوه بقوة .
واعلموا أن الفكر إن صَلُح، صَلُح الكون كله، وإن فَسد، فَسد الكون كله، واعلموا أن الفكر الصحيح أقوى من الجيوش الجرارة، وأخطر من ألف غارة وغارة، وإنكم والله تملكون أعظم فكر في الوجود، هو لا إله إلا الله محمد رسول الله، لو فهمتموه وحملتموه وعملتم به وأقمتم دولته وخضتم به غمار الحياة، لما وقف بوجهكم باطل...!!

كلمة طيبةٌ هي لا إله الا الله، وخلافة راشدة تجسدها في الحياة، وجهاد ينشرها، ودعوة وفكر يجليها للناس، ليحيا من حيّ عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة..

{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

#منذر_عبدالله