واعي واعي Posted July 20, 2018 Report Share Posted July 20, 2018 أحمد القصص بسم الله الرحمن الرحيمموقف حزب التحرير من الفكر الإمامي الاثني عشريشارك أحد الباحثين في مؤتمر في النجف الشهر الماضي، وكان مطلوبًا منه أن يقدّم ورقة تتضمّن موقف حزب التحرير من الفكر الشيعي، ونظرته إلى النزاع العثماني-الصفوي، والنزاع المحتدم بين السنة والشيعة، والموقف من النظام الإيراني، ولا سيما بعد انضمامه إلى النظام السوري في حربه على أهل سوريا. فوجّه إليّ الباحث مجموعة أسئلة يستعين بها على كتابة ورقته، وأجبته عليها باختصار. وسأنشر الأسئلة والأجوبة تباعًا، وفيما يلي الإجابة على السؤال الأول: كيف ينظر حزب التحرير للشيعة بشكل عام؟ هل هم كفرة أم ضالون أم مذهب يجوز التعبد به؟ من المعروف أن مصطلح الشيعة واسع الدلالة وتنضوي تحته فرق كثيرة. فليس كل الشيعة سواء في أفكارهم التي يقوم عليها تشيُّعهم. فالذين ألَّهوا الإمام عليًّا رضي الله تعالى عنه وكذلك الذين نسبوا التِيه للأمين جبريل عليه السلام يصنَّفون ضمن الفرق الشيعية، وهؤلاء بالطبع هم فرق مرتدة عن الدين لا يجوز أن يُنسبوا إلى الإسلام بحال من الأحوال. وبالمقابل فإن الزيدية الذين لا يقولون بعصمة الأئمة ولا بالنص الإلهي على خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون إن عليًّا رضي الله عنه كان الأفضل لخلافة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مع قولهم بصحة إمامة المفضول يصنَّفون ضمن الشيعة، على أن هؤلاء لا فرق مهمًّا بينهم وبين أهل السنة، ولا سيما بعد تمادي الزمان والبعد عن صدر الإسلام، والخلاف بينهم وبين أهل السنّة يكاد يخلو من الأثر في زماننا هذا. وعليه فإن السؤال المفيد اليوم يكاد ينحصر عمليًّا في الإمامية الاثني عشرية. من المعلوم أن حزب التحرير لا يكفّر الإمامية الاثني عشرية، ويَعُدُّهم من المسلمين. فهو وإن خالفهم في فكرهم المكوِّن لمذهبهم فإنه لا يرى في هذا الفكر ما يستوجب التكفير. وهذا لا يشمل بالطبع الغلوّ الذي يودي ببعض المنتسبين إلى الإمامية الاثني عشرية إلى الكفر، كاتهام أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالفاحشة أو كالقول بأن القرآن محرّف أو غير ذلك من شطحات الغلوّ. وفي هذا المجال لا بد من الإشارة إلى أن حزب التحرير يميز بين الفقه الجعفري الذي يعدّ فقهًا إسلاميًّا معتبرًا لدى جمهور العلماء المسلمين من السنة والشيعة من جهة، والفكر الذي قام عليه مذهب الإمامية الاثني عشرية، وهو فكر متأخر تاريخيًّا عن عصر الإمام جعفر رحمه الله تعالى. علمًا بأن هناك نقاشًا واسعًا حول مدى صحة بعض ما نُسب إلى الإمام جعفر من آراء فقهية. وعليه فإننا حين نناقش فكر الإمامية الاثني عشرية لا نناقشه بوصفه جزءًا من الفقه الجعفري، ولا يهمُّنا كثيرًا تحديد نشأة هذا الفكر تاريخيًّا ولا تحديد من يُنسب إليه إرساء هذا الفكر، فالفكرة قائمة الآن وموجودة ولها عشرات الملايين من الأتباع، ونقرؤها ونناقشها كما هي عليه الآن لدى معتنقيها. وإن عدم تكفير الحزب للإمامية الاثني عشرية لا يعني أنه يعدّ جميع أفكارهم إسلامية. وإنما يعني فقط أن هذه الأفكار لم تخرجهم من دائرة الإسلام. والحزب ليس حياديًّا كما قد يخطر للبعض في المسائل التي قام عليها الفكر الإمامي الاثنا عشري والذي لطالما كان محلَّ نزاع بين الإمامية وسائر المسلمين. فقد خصص الحزب لنقض الفكرتين الأساسيتين اللتين قام عليهما المذهب الاثنا عشري بحثًا ذا وزن وحجم في ثقافته. وأعني بالفكرتين: فكرة النص الإلهي على خلفاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفكرة وجوب أن يكون الإمام معصومًا باعتبار أن الدولة الإسلامية دولة إلهية، وبيّن أن هاتين الفكرتين لا تستندان إلى أدلة معتبرة. وقد جاء هذا النقض في كتاب "الشخصية الإسلامية ج2" تحت عنوانين، الأول هو: "لم يعين الشرع شخصًا معينًا للخلافة"، والثاني: "الدولة الإسلامية دولة بشرية وليست دولة إلهية". هذا فضلًا عن أن للحزب آراءه المحسومة في المسائل التي ترتبت على هاتين الفكرتين والتي كانت أيضًا محل نزاع بين الإمامية الاثني عشرية وجمهور المسلمين. فالحزب يرفض الطعن بالصحابة رضوان الله عليهم، ويعتقد أنهم جميعًا عدول، وإن لم يكونوا معصومين من الخطأ والمعصية، بل يعتقد أن إجماعهم هو من أدلة التشريع الإسلامي، لا من حيث كون رأي الصحابي دليلًا تشريعيًّا، وإنما من حيث كون إجماعهم كاشفًا عن دليل خفي عنا، مع التنبيه إلى أن الحزب يدقق في تعريف الصحابي فلا يقول بقول من يعرّف الصحابي بأنه كل من رأى الرسول عليه الصلاة والسلام، وإنما يرى أن الصحابي هو من تَحَقَّقَ فيه معنى الصحبة الفعلية، وهو قول فريق واسع من علماء الإسلام، ولا سيما الأصوليون منهم. ويرى أن أدلة التشريع تنحصر في الكتاب والسنة وما أرشدا إليه، وهما القياس وإجماع الصحابة. والسنة هي ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، ولا تشمل بالطبع ما صدر عن أحد من آل البيت أو الصحابة - رضي الله عنهم جميعًا - من رأي أو اجتهاد. وعليه فإنه من المعروف أن في صفوف الحزب أعضاء يلتزمون الفقه الجعفري، ولكنهم بكل تأكيد بعد تبنيهم ثقافة الحزب ليسوا إمامية اثني عشرية، ولا يقولون بعصمة الأئمة، ولا يقولون بالنص الإلهي على خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعتقدون بالبداء، ويعتقدون أن عهد الخلفاء الأربعة الأوائل هو عهد الخلافة الراشدة، ويرون أن العهود التالية للراشدين من الأمويين والعباسيين والعثمانيين هي عهود خلافة إسلامية طُبِّق فيها نظام الإسلام على ما اعترى تطبيقَه من إساءات، ويعتقدون بعدالة الصحابة جميعًا، وبأن إجماعهم دليل شرعي، كما أن الحزب لا يقرّ بشرعية زواج المتعة ولا يسمح بالتالي لأحد من أعضائه بالأخذ به. Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
Recommended Posts
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.