اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

حجم الابتلاء أو العقاب


Recommended Posts

حجم الابتلاء أو العقاب

إن ما يصيب المسلمين من ضنك شديد هذه الأيام سببه البعد عن شرع الله، وهذا واضح لكل متابع لحال المسلمين وما يحصل لهم من كوارث، ولكن الكثيرين يخلطون في هذه المسألة في نواح عدة؛ مثل ما هي الأعمال التي جعلتنا نستحق هذا الضنك، وما السبيل للخروج من هذا الأمر، وهل ما يصيبنا عقاب أم ابتلاء؟

إن من سنة الله في التغيير أن يبتلي عباده المؤمنين، قال عليه الصلاة والسلام: ((أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل)) ومن سنته أيضا أن يعاقب العصاة، قال تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}، وليس المطلوب منا التمييز بين الابتلاء للمؤمن والعقوبة للعاصي، فكلها تكفر السيئات، فترفع درجة المؤمن وتحط السيئات عن العاصي، وإن كان الضنك عاما كما يحصل للمسلمين فإنه بسبب عدم تطبيق شرع الله تعالى أو الإساءة في التطبيق.

وأن شدة هذا الضنك الذي يعانيه المسلمين وما يمكن أن يلاقوه من ضنك لا يمكن أن نتخيله أو نتصوره، فمثلا إساءة التطبيق للإسلام في الأندلس جرت على المسلمين ويلات وعذاب شديد جدا إذا تخيلناه هذه الأيام اقشعرت أبداننا، وكذلك ما فعله التتار في بلاد المسلمين من عملية إبادة وما سبقهم به الصليبيون بعد تفرق المسلمين في تلك الحقبة من الزمن، هذه الأمور تجعل الإنسان لا يتصور حجم هذا الابتلاء أو الضنك من الله تعالى، فإساءة تطبيق الإسلام أدت إلى إبادة للمسلمين وتعذيب لهم بأبشع الطرق وقتل وحرق واغتصاب وسبي لنسائهم.

إن ما يحصل اليوم للمسلمين في الشام إذا قارناه بما حصل سابقا سنجده قليل بالنسبة لما حصل سابقا، مع أن المسلمين اليوم يرتكبون من الموبقات أشد مما ارتكبه المسلمون في السابق، ولا اقصد هنا أن العذاب سيزداد أو سيقل، فهذا في علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى.

ولكني طرقت هذا الموضوع لأمور معينة يجب الالتفات إليها جيدا وهي:
• أن الضنك والشدة قد تزداد على المسلمين أكثر مما نراه اليوم بمئات المرات، وهذا لا يعني أن هذا تخلي من الله عنا، بل هو ابتلاء شديد حتى يرجع المسلمون إلى دينهم.
• أن هذا الابتلاء قد يؤدي إلى إبادة مسلمين في مناطق معينة من العالم ويؤدي إلى إفنائهم في تلك المنطقة إما بالقتل أو التهجير، ولكن الأمة الإسلامية معصومة من ذلك، قال عليه الصلاة والسلام: ((وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال: يا محمد، إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها أو قال من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا)) وأيضا قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} ولا يمكن حفظ القرآن إلا بحفظ أمة القرآن أو بعضها، ومن هنا نرى أنه قد ينزل بلاء شديد في المسلمين ويموت منهم خلق كثير، ولكن لا يمكن إبادة الأمة الإسلامية.
• السبب الذي أدى إلى هذه الكوارث العظيمة التي سجلها التاريخ هو ضعف الخلافة، وضعف تطبيق الإسلام، وضعف المحاسبة أو ضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففي عهد العباسيين تفرقت بلاد المسلمين إلى عدة ولايات وكذلك في الأندلس، وهذا سببه ضعف في تطبيق الشريعة الإسلامية وضعف للخلافة، وكذلك اليوم لا يوجد خلافة للمسلمين، وإنه عندما عادت الخلافة قوية في السابق عادت القوة والعزة والهيبة للمسلمين، ولن تعود العزة والهيبة للمسلمين إلا بعودة الخلافة قوية تحكم الأرض وتطبق الشرع كما أمر الله تعالى.
• أول طريق بناء الخلافة هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم الخوف من الظالمين، فهذه أول طريق التغيير، فإن سكوت المسلمين عن ضعف الخلافة في العهد العباسي وفي الأندلس أدى إلى ما حصل ماضيا، وضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم العمل للخلافة والخوف من الظالمين (حكام المسلمين الحاليين) هذه الأيام من قبل قطاع عريض من المسلمين هو السبب الرئيس لما يحصل للمسلمين هذه الأيام، قال عليه الصلاة والسلام: ((والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله عز وجل أن يبعث عليكم عذابا من عنده ثم تدعونه فلا يستجاب لكم)) وقوله: ((إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودّع منهم)).
• مخطئ من ظن أن الاكتفاء بالعبادات من صلاة وصيام وأذكار وتسبيح ودعاء قد يرفع البلاء، فلن يرتفع البلاء الشديد إلا بعودة الحكم بالقرآن والسنة في جميع مناحي الحياة وهذا لن يكون إلا بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة تاج الفروض.


والخلاصة أنه قد يصيب المسلمين أكثر مما يصيبهم اليوم، ولا يعني شدة ما نراه اليوم أن الفرج قد اقترب فهذا في علم الغيب، ولا يعني ما نراه من بعد كثير من أبناء المسلمين عن الدين أن الفرج بعيد، فالله وعد الفئة العاملة بالنصر ولو لم يلتف حولها إلا القلة، فالآية تقول: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون} ومنكم هنا تفيد التبعيض، لأنه من الاستحالة عودة جميع المسلمين للدين كي نستحق النصر، وأيضا فإن الله يمحص عباده المؤمنين، قال تعالى: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمنُوا}

فنحن مطالبون بالعمل لإقامة الخلافة ومطالبون بالصبر على ما أصابنا، وإن ما أصابنا يكفر السيئات، وكلنا خطاؤون، ويرفع الابتلاء الدرجات للمؤمنين الصابرين العاملين: ((إن الله إذا أحب عبد ابتلاه))، ومن الخطأ الشنيع الظن أن محاولة إرضاء الكفار ستؤدي إلى توقف الضنك، فإن المسلمين في الأندلس وفي بغداد قديما قد أصاب بعضهم هذا الظن فأدى إلى هذه الصور البشعة من التنكيل التي أصابتهم، عندما ظنوا أن إرضاء الكفار يخفف عنهم الشدة.

فالصبر الصبر والعمل العمل مع العاملين لإقامة الخلافة، فبها وحدها يرفع الضنك عن المسلمين، ولمثل هذا فليعمل العاملون.

 

http://naqed.info/forums/index.php?showtopic=4285&st=0&gopid=15818&#entry15818

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...