اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

خطبة جمعة : السنة الهجرية الجديدة


Recommended Posts

انقضي عام هجري آخر، وبدأ عام جديد، فكل عام وأنتم بخير، وكل عام وأنتم إلى الله أقرب، وكل عام والمسلمون أعلى فهما لقضاياهم، وكل عام وهم أشد وعيا على أعدائهم، وكل عام وهم أكثر إفاقة من غيبوبتهم التي مضى عليها نحو قرن من الزمان ، وكل عام وهم أشد غيرة على أعراضهم وأكثر حماية لشرفهم .

ونسأل الله أن يكون هذا العام الهجري الجديد عام بذل و عطاء و تضحية و إقدام على إقامة الخلافة كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم منذ اليوم الأول من هجرته، فلا بد أن يكون هذا العام مختلفا عن كل الأعوام السابقة ، فيكون عام نصرة و قوة و منعة و تمكين للإسلام  و المسلمين ، لننتقل من الاستضعاف إلى الاستخلاف .

في هذه الأيام عباد الله ومع بداية العام الهجري الجديد : نتذكر هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد كانت هجرته عليه السلام في شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة من بعثته عليه السلام وذلك في يوم الاثنين كما روى الإمام أحمد عن ابن عباس أنه قال: ولد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين واستنبئ يوم الاثنين وتوفي يوم الاثنين وخرج مهاجرا من مكة إلى المدينة يوم الاثنين وقدم المدينة يوم الاثنين ورفع الحجر الأسود يوم الاثنين.

ولم تكن هجرته عليه الصلاة والسلام كأي هجرة يقوم بها البشر ، بل هي هجرة غيرت مجرى الحياة ، فماذا تعني لنا الهجرة النبوية  ..

الهجرة في اللغة تعني ترك شي إلى آخر، أو الانتقال من حال إلى حال، أو من بلد إلى بلد، وأما الهجرة النبوية تعني بناء امة في دولة ، هجرة.. من بلد صد واستكبر وأبى أن يكون لأهله شرف بناء دولة الإسلام ، بلد لا يحكم بالإسلام إلى بلد حُكمَ بشرع الله ، حكم بالقرآن وسنة محمد صلى الله عليه وسلم .

أيها الناس :- لقد كان الناس في جاهلية وكفر ،كان القوي يقتل الضعيف ، وكان الفساد عاماً وطاماً ،كان الربا معروفا والزنا مألوفاً والعريّ منتشرا، كان الناس يطففون المكيال ، ويأدون بناتهم ويستحيون نسائهم ، كانت غاية غاياتهم السجود لصنم صنعوه بأيدهم ،وكان المسلمون ضعفاء ، لا حول لهم ولا قوة ،  ولا يقدرون على عبادة الله وهم آمنون ، ولا يستطيعون تغير المنكرات ،وكان الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم يدعوهم ليُخرجهم من الظلمات إلى النور، فلقي الصدّ والأذى من قريش ولم يسلم معه إلا القليل، هذه بعض الصور لواقع الناس قبل الهجرة ، وعندكم صورٌ كثيرةٌ يرحمكم الله.


أيها الناس :-ما أشبة اليوم بالبارحة ، لقد عم الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ، بسبب غياب دولة الإسلام التي أقامها الرسول صلى الله عليه وسلم عند هجرته ، تمكن الكفار وأعوانهم من العمل بالفساد والإفساد بين أبنائنا وبناتنا وأهلينا.

بيوت ربوية تسمى مؤسسات رأسمالية بنكية بأسماء عديدة ، ومعاملات محرمة بمسميات جديدة ، نماء إسلامي ومرابحة وغيرها .. فضائيات وإعلام وإِشاعة للرذيلة ليل نهار حتى أصبح الزنا في كثير من البلاد مألوفا ..

جمعيات ومؤسسات نسوية وغيرها تعمل على نزع لباس العفة والطهارة عن نساء المسلمين ، ودعوات أخرى لنشر الدياثة والانحلال بحجة حرية المرأة ، وأكلٌ لحقوق المرأة وحرمان لها من حقها بالحجاب والمهر والنفقة بحجة تحررها.

انتشارٌ لشريعة الغاب ، القوي منا يأكل الضعيف ، يتكالب علينا البشر كما تتكالب الأكلة إلى قصعتها جاهلية جديدة ،يطبق فيها علينا أنظمة كفر لا ترضي الله ورسوله ، نرمى من الكفار عن قوس واحده ، ثم يستجدي البعض منا قرارا من مجلس الخوف ،

في الجاهلية الأولى كانوا يسجدون لأصنام من صنع أيدهم ، واليوم يسجدون لأصنامٍ من بشر،قبلتهم لندن وواشنطن ، وأمثلهم طريقه يرتمي في أحضان موسكو ودول أوروبا.

ما أحوجنا أن نهجر هذه المنكرات وأن نهاجر إلى الله ورسوله ، آمرين بالمعروف وناهين عن المنكر لا تأخذنا في الله لومة لائم ... فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ

أيها الناس : لم تكن هجرةُ الرسولِ صلى الله عليه وسلم هربا من المشركينَ ولا يأسًا من واقعِ الحالِ، ولم تكُنْ هجرتُهُ حُبًّا في الشُّهرة والجاهِ والسُّلطانِ،ولم تكُنْ هجرتُهُ التماسًا للهدوءِ وطلَبًا للراحةِ، فلم يقبل تنازلاً عَنْ دينه ودعوته ، ولم يقبل بكل عروض الكفر عليه من مال أو ملك لغير الله ، والله يا عمُّ لو وضعوا الشمسَ في يميني والقمرَ في يساري على أنْ أتركَ هذا الأمرَ ما تركتُهُ حتى يُظهرَهُ الله سبحانَهُ وتعالى أو أَهلِكَ دونَهُ ".

كانت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة امتثالا لأمر الله وليس هربا أو جُبْنا، فأنبياء الله هم أشجع خلق الله، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم هو أشجع النّاس وقد أوتي قوة أربعين رجل من الأشدّاء، وقد قالَ بعضُ الصحابةِ : «كنَّا إذا حَمِيَ الوَطِيسُ في المعْرَكَةِ نحتمي برسولِ الله صلى الله عليه وسلم ». فقدْ أعطى الله نبِيَّنا قوّةَ أربعينَ رجلاً مِن الأشدَّاءِ.

كانت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام، تضحية بالغالي والنفيس، كانت تضحية بالنفس والمال ، كانت تضحية بترك الأهل والولد والبلد والمال ، من أجل إقامة الدين .

الهجرة كانت انتقال من مرحلة الاستضعاف والتعذيب إلى مرحلة القوة والتمكين وإقامة أحكام الدين.

حتى أصبح المسلمون يقومون بأحكام الدين دون خوف أو وجل ، وصار لهم كيان يحفظ بيضتهم وأرواحهم وأعراضهم وأموالهم. ، فعاشوا في دولة بناها محمد صلى الله عليه وسلم وصحبة ، وهدمها مصطفى كمال وحزبه ، فصلوات ربي وسلامه على الباني ولعنات ربي وغضبة على الهادم ، فاللهم وأكرمنا بأنصارٍ كأنصار محمد صلى الله عليه وسلم .

ــــــــــــ

الحمد لله و كفى ، و سلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون ، أما بعد  أيها الناس:

في ذكرى الهجرة النبوية، نستحضر أبعادها الروحية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والجغرافية وغير ذلك من الأبعاد التي توحي بها هذه الذكرى العظيمة، ويفيض بها هذا الحدث الجلل، وتمليها الأحكام الشرعية ذات الصلة بها.

نستحضر تفريق الهجرة بين الحق والباطل، وبين الاستضعاف والاستخلاف، وبين الحركة لتحقيق الأهداف الدنيوية، والحركة لتحقيق الأهداف الأخروية.

 

نستحضر كيف يفر المرء بدينه من الفتن مهاجرا في سبيل الله، ونستحضر بيعة العقبة الثانية التي كانت من أبرز الأعمال التي سبقت قرار الهجرة، حيث مهدت السبيل لإقامة دولة الإسلام الأولى، بعد أن التحمت الدعوة بالمنعة.

 ونستحضر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ .
أيها الناس: فلتكن هجرتنا إلى الله ورسوله، ولنجعل من ذكرى الهجرة منعطفا نحو السير على خطى صاحب الهجرة، وإتباع منهجه بالعمل مع العاملين لإقامة دولة خلافة المسلمين الثانية الراشدة على منهاج النبوة.

فالله قد وعد المسلمين العاملين بها، والرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي بشر بها.

فهي صنو الدولة التي أقامها عليه السلام أول مرة بالهجرة إلى المدينة، وهي التي فُرض علينا إقامتها إذا هدمت، وهي الدولة الوحيدة التي تطبق الشريعة الإسلامية الغراء التي نزلت من فوق سبع سماوات، وطبقها النبي عليه السلام في المدينة، ويحرم على المسلمين إقامة غيرها من أشكال الدول مهما كان وصفها .

وما أحوج المسلمين اليوم لإقامتها حتى ننتقل بها من الاستضعاف إلى الاستخلاف، ومن كبت المسلمين إلى عزهم ونصرهم، ومن ظهور الكفر إلى قمعه وظهور الإسلام مكانه.

فاللهم اجعلنا من المتبعين لطريقة رسولك في العمل لإقامتها، ولا تجعلنا يا مولانا من المبتدعين.

اللهم وردنا إلى دينك ردا جميلا
اللهم واجمعنا على اتقى قلب رجل منا يحكمنا بكتابك وسنة نبيك

 

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...