واعي واعي Posted September 17, 2020 Report Share Posted September 17, 2020 http://www.saowt.com/index.php/t-34075996c.html?s=f9e50178a13b694d3c3bfaba5f9ae6b5 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,اضع بين يدي قراء المنتدى هذا الكتاب الجميل المؤلف مما يقارب ال 90 صفحةلماذا دولة الخلافة هي الحل الجذري للقضية الفلسطينية؟الحقيقة الكاملةإعداد: الأستاذ ابو تقي الدين الخليلي Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
واعي واعي Posted September 17, 2020 Author Report Share Posted September 17, 2020 بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(1)وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا(2)ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا(3) وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا(4)فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا(5)ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلنكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا(6)إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَافَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا(7)عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا(8)﴾ أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبىء اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله إن هذا يهودي خلفي تعال فاقتله الا الغرقد فانه من شجر اليهود" مقدمة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد النبي الأمي الأمين وعلى آله وصحبه وسلم وبعد : فهذه سلسلة موضوعات تلقي الضوء على جوانب من القضية الفلسطينية: نشأتها، تاريخها، والتضليل الذي مورس فيها منذ أن هدمت دولة الخلافة والى يومنا هذا. وهذا العمل يحاول أن يبرز الكثير من الحقائق التي تخفى على الكثير من ابناء المسلمين ليصل بهم الى أن فلسطين سقطت بسقوط الخلافة الإسلامية وأن الخلافة الإسلامية القادمة بإذن الله تعالى هي التي ستحل القضية الفلسطينية حلا جذريا بإعادتها الى حظيرة الخلافة مرة اخرى. اسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين الى الحكم بالاسلام والعمل بالإسلام، انه على ما يشاء قدير. مع كتاب الله... آيات وحقائق بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(1)وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا(2)ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا(3) وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا(4)فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا(5)ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا(6)إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَافَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا(7)عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ﴾ (8)﴾ تبدأ الآيات بالاشارة الى الاسراء ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ والحكمة من ذلك ﴿لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا﴾. كما تذكر بكتاب موسى وما قضى الله فيه لبني اسرائيل من نكبة وهلاك وتشريد، مرتين، بسبب طغيانهم وإفسادهم، مع انذارهم بثالثة ورابعة﴿ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا﴾... وهذه الحلقة من سيرة بنى اسرائيل لا تذكر في القرآن الا في هذه السورة، سورة الاسراء. وهي تتضمن نهاية بني اسرائيل التي صاروا اليها، ودالت دولتهم بها. كما أنها تكشف عن العلاقة المباشرة بين مصارع الأمم وفشو الفساد فيها، وفاقا وتأكيداً لسنة الله، وهي أنه اذا قدر الله الهلاك لقرية جعل إفساد المترفين فيها سببا لهلاكها وتدميرها. تبدأ الآيات بتذكير بني إسرائيل بجدهم الأكبر- نوح- العبد الشكور الذي لم يحمل معه في السفينة بوحي من الله الا المؤمنين. وهذا التذكير والإنذار يأتي مصداقا لوعد الله الذي يتضمنه سياق السورة، من أن الله لا يعذب قوما حتى يبعث اليهم رسولا ينذرهم ويذكرهم. و قد أخبر الله بنى اسرائيل بما قضاه عليهم من تدميرهم بسبب افسادهم في الأرض، وتكرار هذا التدمير مرتين لتكرر أسبابه من أفعالهم ﴿وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا﴾، وأنذرهم بمثله كلما عادوا الى الإفساد في الأرض، تصديقا لسنة الله الجارية التي لا تتخلف. وقضاء الله في بنى إسرائيل إخبار لهم بما سيكون منهم، حسب ما وقع منهم في علمه. وهو ليس قضاء قهريا عليهم، تنشأ عنه أفعالهم. فالله سبحانه لا يقضي بالإفساد على أحد، إنما يعلم ما سيكون علمه بما هو كائن، ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾. وقد قضى الله أن بنى إسرائيل سيفسدون في الأرض مرتين، وأنهم سيعلون في الأرض المقدسة ويسيطرون، وقضى أنهم كلما ارتفعوا فاتخذوا الإرتفاع وسيلة للإفساد سلط عليهم من عباده من يقهرهم ويستبيح حرماتهم ويدمرهم تدميرا. وهذه هي الأولى: يعلون في الأرض المقدسة ويفسدون فيها. فييعث الله عليهم عبادا من عباده أولي بأس شديد، يستبيحون الديار، ويروحون فيها ويغدون بإستهتار، ويطأون ما فيها ومن فيها بلا تهيب ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا﴾. نعم وعدا لا يخلف ولا يكذب. حتى اذا أفاد بنو اسرائيل من هذا البلاء المسلط عليهم، وحتى اذا ما ذاقوا ويلات الغلب والقهر والذل فرجعوا الى ربهم وأصلحوا أحوالهم، وحتى اذا استعلى الفاتحون وغرتهم قوتهم فطغوا هم الآخرون وأفسدوا في الأرض، مكن الله للمستضعفين من المستكبرين ﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا﴾. ثم تتكرر القصة مع بنى اسرائيل من جديد... ولكن قبل ذكرها يقرر الله قاعدة العمل والجزاء عنده: ﴿ إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا﴾... نعم، هذه هي القاعدة التي لا تتغير، والتي تجعل عمل الإنسان كله له، بكل نتائجه وثماره، وتجعل الجزاء ثمرة طبيعية للعمل، وتجعل الإنسان مسؤولا عن نفسه، إن شاء أحسن اليها، وإن شاء أساء، لا يلومن إلا نفسه حين يحق عليه الجزاء. وتأتي الثانية: ﴿فإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾... وهذا بعد ما يقع من بنى إسرائيل من إفساد تبع ﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ﴾. فيذكر الله ما يسلطه عليهم في المرة الآخرة من إذلال ومساءة واستباحة واستهانة... نكال بهم يطغى على كل شىء، والذي لا يبقي على شيء ﴿وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾. ولقد صدق الله فيهم ووقع الوعد، فسلط الله على بنى إسرائيل من قهرهم أول مرة، ثم سلط عليهم من شردهم في الأرض، ودمر مملكتهم فيها تدميرا. ولا ينص القرآن على جنسية هؤلاء الذين سلطهم على بنى اسرائيل، لأن النص عليها لا يزيد في العبرة شيئا. والعبرة هي المطلوبة هنا، وبيان سنة الله في الخلق هو المقصود. ويعقب سياق الآيات على النبوءة الصادقة والوعد المفعول، بأن هذا الدمار قد يكون طريقا للرحمة ﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ﴾ إن أفدتم منه عبرة. فأما إذا عاد بنو اسرائيل الى الإفساد في الأرض فالجزاء حاضر والسنه ماضية ﴿ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا﴾.... ولقد عادوا الى الإفساد فسلط الله عليهم المسلمين فأخرجوهم من الجزيرة كلها. ثم عادوا الى الافساد فسلط عليهم عبادا آخرين. حتى كان العصر الحديث فسلط عليهم نكالا في أوروبا. ولقد عادوا اليوم الى الافساد في صورة (إسرائيل) التي أذاقت وتذيق المسلمين في فلسطين الويلات. وليسلطن الله عليهم من يسومهم سوء العذاب، تصديقا لوعد الله القاطع، وفاقا لسنتة التى لا تتخلف ﴿وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا﴾..... وان غدا لناظره قريب. هذا في الدنيا وعلى أيدي عباد الله. أما في الآخرة فمصير الكافرين والمفسدين معروف ﴿وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا﴾.إن وعد الله بالقضاء على دولة يهود أمر لا ريب فيه، فهو وعد بنص قطعي الثبوت قطعي الدلالة، فمهما تضخمت دولة يهود وانتفخت، ومهما بلغت من القوة والتفوق شاءوا بعيدا، ومهما سايرتها دول وحكومات العالم، فقوله سبحانه وتعالى :﴿ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا﴾ قول دائم وقاطع وواقع، ومعناه أنه إن عاد اليهود واستكبروا في الأرض، وعاثوا فيها الفساد –كما يفعلون اليوم - فإن الله سبحانه سيعود عليهم بالتقتيل والتدمير والهلاك. فالآية ﴿وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا﴾ هي قاعدة ربانيه لا تتخلف، وبناءا عليها، فان تدمير (إسرائيل) لا محالة حاصل، وسيكون بالإسلام وعلى يد المسلمين- إن شاء الله تعالى- تحت راية الجهاد ولن يكون باسم العروبة أو الفلسطينية. وصدق رسول الله حين أخبر أن المسلمين سيقاتلون يهود وسيقتلونهم حيث يقول: " لا تقوم الساعه حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبىء اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله الا الغرقد فانه من شجر اليهود" رواه مسلم. أين كانت بداية القضية ؟ إن بداية قضية فلسطين كانت وتبلورت مع الموقف العظيم الذي اتخذه آخر خليفة للمسلمين عندما راوده يهود على فلسطين. ذلك أنه لم يكن لفلسطين أن تحتل وتغتصب بوجود سلطان الإسلام ودولة الإسلام. وإن كل ما حصل للمسلمين ولبلادهم من تمزيق وإضعاف وهوان، حصل بعد أن تمكن الغرب الكافر من هدم دولة الإسلام، ونفي آخر خليفة للمسلمين الى سالونيك في اليونان. إن من يدرك أن كل بلايا المسلمين كانت ولا تزال بسبب غياب حكم الله في الأرض بعد زوال الخلافة الاسلامية يعي ويقطع أن عودة العزة للمسلمين مرة أخرى، كما كانت أيام خلافتهم، يحتاج الى موقف لا يكون أقل قوة من موقف أمير المؤمنين عبد الحميد. أما هذا الموقف، فليس هناك مرشحا لإتخاذه اليوم الا خليفة المسلمين القادم قريبا باذن الله. وسيكون الموقف واحدا ومشتركا بين أميرين: أحدهم رفض التنازل عن فلسطين، وعندما زالت الخلافة أخذت فلسطين غصبا، والآخر سيعيد فلسطين بعد أن تقوم الخلافة على منهاج النبوة مرة أخرى. هذه هي المعادلة فعلا: سقطت فلسطين وأخواتها بسبب مباشر ألا وهو سقوط الخلافة، وستعود بعودتها. وليسمع كل من لديه عقل وبصيرة ماذا قال السلطان عبد الحميد لهرتسل حين راوده عن فلسطين. قال:"إن فلسطين ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية، واذا مزقت دولة الخلافة يوما فانهم يستطيعون آنذاك ان يأخذوا فلسطين بلا ثمن. أما وأنا حي، فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة العثمانية. من الممكن أن تقطع أجسادنا ميتة، وليس من الممكن أن تشرح ونحن على قيد الحياة". رحمك الله أميرنا. لقد أدركت الأمر حقا، وأدركت أن سقوط فلسطين هين سهل بتمزق الخلافة. وها هي فلسطين تذهب بلا ثمن. رحمك الله أميرنا. لقد اعتبرت أن الحياة للمسلمين تكون بوجود كيان لهم وأن موتهم يكون بغياب هذا الكيان. لقد تمثل فيك الإمام الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه أنه الجنة الذي يتقى به ويقاتل من ورائه. رحمك الله أيها السياسي. لقد كنت تدرك ما يحصل من مؤامرة، وكنت لا تقبل الا أن تسوس أمتك سياسة الإسلام. أين أشباه الساسة حكام المسلمين منك اليوم. انهم أعجز من أن يرعوا قطيع غنم. انهم يدركون تمام الإدراك مقولتك في فلسطين، ويدركون بعد قضيتها وحجمها. الا أن عمالتهم وخيانتهم وموالاتهم للكفار وإسراعهم فيهم يمنعهم من أن يتخذوا أدنى المواقف شرفا. إن المواقف المشرفة لا يعرفها الا خلفاء المسلمين، وقد انقطعت هذه المواقف بعد السلطان عبد الحميد ولن يعيدها الا رجل من شاكلته. رجل يحمل فهم ووعي واخلاص عبد الحميد. رجل يقول:"لعمل المبضع في جسدي أهون علي من أن أرى فلسطين ومقدساتها أسيرة أعداء الله. حي على الجهاد لتحريرها". إن اغتصاب فلسطين يجب أن يربط بهدم دولة الخلافه العثمانية إرتباطا سببيا. فمواقف العثمانيين المشرفة الخالدة تجاه فلسطين أكبر من أن تنسى، ولعلها كانت من أوائل موجبات عمل الكفار لهدم دولة الخلافة. ذلك أنهم أدركوا استحالة وجود كيان ليهود في فلسطين بينما هناك خلافة. نعم لقد كان ذلك صحيحا ففي سنة 1882 م. أصدرت الحكومة العثمانية قانونا حرمت فيه الهجرة اليهودية الى فلسطين، وشراء الأراضي. ثم عادت وحددت الإقامة لليهود بشهر واحد، ومن تأخر يلاحق ويبحث عنه حتى يخرج. ولما أعلنت الحرب العالمية الأولى سنة 1914م. راح العثمانيون يطاردون الصهيونيين. وأصدر جمال باشا بوصفه القائد للجيش الرابع المرابط في فلسطين أمرا منع فيه رفع أي شعار صهيوني في أي أرض تقع تحت حكمة، كما منع أي لافتة تكتب باللغة العبرية، وصادر جميع الطوابع والأوراق المالية التي تخص الحركة الصهيونية، وألغى جميع المؤسسات اليهودية التي تكونت في فلسطين، بعد أن دخلتها خفية. وجاء في البيان الذي صدر يومئذ في 25 كانون الثاني سنة 1915م. أن الحكومة العثمانية فعلت ذلك بناءا على ما لديها من معلومات تثبت أن بعض العناصر تتآمر باسم الصهيونية لإقامة مملكة يهودية في فلسطين. ثم كانت قبل ذلك مواقف عظيمة للسلطان عبد الحميد رحمه الله. يقول رحمه الله:" إن الصهيونية لا تريد أراضي زراعية في فلسطين لممارسة الزراعة فحسب، ولكنها تريد أن تقيم حكومة، ويصبح لها ممثلون في الخارج. انني أعلم أطماعهم جيدا، وانني أعارض هذه السفالة، لأنهم يظنونني أنني لا أعرف نواياهم أو سأقبل بمحاولاتهم. وليعلموا أن كل فرد في دولتنا يمتلىء قلبه غيظا عليهم طالما هذه نواياهم، وأن الباب العالي ينظر اليهم مثل هذه النظرة. وانني أخبرهم أن عليهم أن يستبعدوا فكرة إنشاء دولة في فلسطين، لأنني لا زلت أكبر أعدائهم"، ويقول:" أعرض هذه المسألة المهمة كأمانة في ذمة التاريخ. إنني لم أتخل عن الخلافة الإسلامية لسبب ما سوى أنني بسبب المضايقة من رؤساء جمعية الإتحاد المعروفة بإسم (جون ترك) وتهديداتهم، إضطررت وأجبرت على ترك الخلافة الإسلامية. إن هؤلاء الإتحاديين أصروا علي بأن أصادق على تأسيس وطن قومي لليهود في الأرض المقدسة فلسطين. ورغم إصرارهم فلم أقبل بصورة قطعية هذا التكليف". ويقول هرتسل: بعث الي السلطان هذا الجواب:(بلغوا الدكتور هرتسل ألا يبذل بعد اليوم شيئا من المحاولة في هذا الأمر، فإني لست مستعدا أن أتخلى عن شبر واحد من هذه البلاد لتذهب الى الغير. فالبلاد ليست ملكي، بل هي ملك شعبي، وشعبي روى تربتها بدمائه، فليحتفظ اليهود بملايينهم من الذهب). وهكذا يظهر أن المضلليين من الناس، أو العملاء الخونة هم من يظنون أو يعتبرون أن قضية فلسطين قضية شعب يطالب باستقلال وتحرر ووطن ونشيد، كغيره على جزء من أرض زرع فيها الغرب يهود من أجل حرب الإسلام وأهله ومنعه من التوحد مرة أخرى كما كان في دولة واحدة إسمها الخلافة. إن واقع المشكلة الفلسطينية نشأ عمليا وسياسيا منذ العام 1916 م. عندما تم تقاسم ممتلكات الدولة العثمانية المنهارة بين الدول الأوروبية المستعمرة، وبالذات بين بريطانيا وفرنسا. ففي تلك السنة إتفق وزيرا خارجية الدولتين، سايكس وبيكو، على تقسيم البلاد العربية فيما بينهما. وكان في التقسيم شيء غريب عجيب، إذ سلخت فلسطين تحديدا من بلاد الشام، وأعطيت صفة متميزة عند الانتداب البريطاني الفرنسي. وهذه الصفة تتمثل في جعلها منطقة دولية وذلك توطئة لمنحها لليهود. وبعد ذلك بعام جاء وعد بلفور مؤكدا على منح اليهود وطنا قوميا في فلسطين. وجيء باليهود بعد ذلك بكثافة، ومكنوا من السلاح والمال والنفوذ حتى أقاموا الدولة اليهودية في أعقاب تسليم الانجليز لفلسطين لهم بعد انتهاء الإننتداب البريطاني عليها، ثم إخراج هذه المسرحية بحرب مزيفة بين الدول العربية والعصابات اليهودية تم على أثرها إقامة الكيان اليهودي وتمت رعايته دوليا من قبل الدول الكبرى. هذه هي جذور المشكلة وبداياتها العملية. بينما بدأت جذورها وبداياتها النظرية منذ غزو نابليون لبلاد الشام حيث إختمرت وقتها في أوروبا فكرة زرع كيان يهودي في قلب العالم الاسلامي، وإبعاد يهود اوروبا والتخلص منهم. وقد أخرجت الفكرة سياسيا لأول مرة عام 1907م. حيث نشر اللورد كامبل ممثلا عن بريطانيا والدول الأوروبية تقريره الشهير عن حال المسلمين، الذي قال فيه:" هناك شعب واحد متصل، يسكن من المحيط الى الخليج لغته واحدة ودينه واحد وأرضه متصلة وماضيه مشترك وآماله واحدة، وهو اليوم في قبضة أيدينا، ولكنه أخذ يتململ، فماذا يحدث لنا اذا استيقظ العملاق؟. يحب علينا أن نقطع إتصال هذا الشعب بإيجاد دوله دخيلة، تكون صديقة لنا، وعدوة لأهل المنطقة، وتكون بمثابة شوكة توخز العملاق كلما أراد أن ينهض". إذاً هذا هو واقع القضية. دولة دخيلة تابعة للغرب عدوة لأهل المنطقة، تمنع اتصال شعوبها، وتوخز العملاق كلما أراد أن ينهض. و لعل هذه الكلمات للورد كامبل تعبر بأوضح عبارة عن حقيقة هذه الدولة الدخيلة المسماة (اسرائيل). وهذا الواقع بعد إدراكه جيدا، يدل على أن هذا الغرب المتمثل بأوروبا وأمريكا، الذي سلخ فلسطين من الجسم الاسلامي الكبير لا يمكن أن يسمح بعودتها لأهلها، لأنه فعل ذلك من أجل السيطرة على المنطقة، فلا يعقل أن يسمح بعودتها لأهلها. وبذلك ندرك أن هذا الغرب الصليبي هو العدو الحقيقي، لأنه هو الذي زرع الكيان اليهودي في فلسطين بعد أن سلخها عن جسم دولة الخلافة السابقة. وهذه الحقيقة لا يمكن أن تنسى ولا يجوز أن ننساها، لأننا إن نسيناها أو تناسيناها، فهذا يعني أننا لم نعد بقادرين على تحديد العدو من الصديق. وعليه فإن الغرب هو الطرف الرئيسي المعادي لنا في هذه القضية وعلينا أن نتعامل معه بوصفه عدوا، هذا إذا فهمنا المشكلة فهما صحيحا وحاولنا حلها حلا جذريا. أما اذا تغاضينا عن هذه الحقيقة فاننا سنقع في فخاخ كثيرة، وهذا ما حصل لنا بالفعل. فإنه لما كانت الحلول المطروحة للقضية الفلسطينية حلولا تسكينية ترقيعية وصلنا الى ما وصلنا اليه الآن من تفريط بأكثر من أربعة أخماس الأرض (الفلسطينية)، والتفريط بالخمس الباقي أو بمعظمه آت على الطريق عن طريق من أوجدوا لتصفية القضية لصالح يهود والغرب الصليبي. إن المدقق للمطالب العربية الحكومية في فلسطين منذ عام 1948 م. الى 1967 م. يجد أن هذه المطالب كانت تتمثل – في ناحيتها العملية - باقامة دولة فلسطينية علمانية تضم اليهود والمسلمين والنصارى بحيث تكون السطوة فيها طبعا لليهود. وفي هذه الأثناء تم ترويض الرأي العام الإسلامي والعربي المطالب بتحرير فلسطين المحتلة عام 48، فكان الطرح الرسمي العربي في تلك الأثناء يعمل على إحتواء الطرح الشعبي وامتصاص غضبه، ثم تغير الطرح بعد هزيمة 67 النكراء وأصبح الطرح الرسمي العربي يطالب باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في الأراضي التي احتلت عام67، وواكب هذا التغيير جملة من الهزائم والمذابح والتنازع بين الأطراف العربية الرسمية أدت الى ارهاق الشعب وترويضه، وجعله يبدو كأنه يرضى بدولة على خمس فلسطين. ثم عندما انخفض سقف المطالب العربية والفلسطينية، راحت (إسرائيل) تلعب لعبة جديدة وهي لعبة المستوطنات، فملأت الضفة والقطاع بالمستوطنات بعد أن أدخلت الأطراف العربية والفلسطينية في اتفاقات أوسلو السلمية وغيرها، والتي إنشغلوا بها بينما إسرائيل تستمر في بناء المستوطنات. وما أن إستهلكت مسيرات أوسلو ومفاوضاتها، ووصلت الى الطريق المسدود، حتى إندلعت الإنتفاضة وبدأت مسيرة الدماء الزكية تنهمر على أيدي يهود. ثم جاءت خارطة الطريق أخيرا بتوقف الإنتفاضة ولتعد الفلسطينيين بدولة لم يتبق لها من أراض تقام عليها. ووافق اليهود على هذه الخارطة وتبنتها الإدراة الأمريكية وظن الجاهلون أن اعتراف أمريكا و(إسرائيل) باقامة دولة فلسطينية هو مكسب للقضية الفلسطينية. مع أن الحقيقة التي لا مراء فيها أن أعداءنا في الغرب بزعامة أمريكا ومعها يهود لم يتبق لديهم شيء يسوقونه لنا الا فكرة الدولة الفلسطينية، وكأن مشكلتنا هي دولة كرتونية جديدة نتلهف لإقامتها. فالحقيقة أن مشكلتنا ليست الدولة فعندنا من مثلها كثير، وهي غثاء كغثاء السيل، ولكن مشكلتنا هي تحرير فلسطين من رجس يهود. هذه هي مشكلتنا فلا يجوز أن تختلط علينا الأمور الى هذا الحد. وهكذا إذا أدركنا حقيقة المشكلة وواقعها إدراكا عميقا، عندها يمكن وضع الحل الجذري لهذه المشكلة. والحل الجذري هو الحل المصيري وهو الحل الشرعي الذي يرتضيه الله سبحانه لنا، وهو يكمن في الرجوع الى الكتاب والسنة واستنباط الحكم الشرعي منهما، قال تعال: ﴿ فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾، وقال: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾. والقضية الفلسطينية وفقا لهذا الحل قضية مصيرية اسلامية باركها الله سبحانه. لقد اغتصب اليهود فلسطين يعاونهم الغرب والحكام العملاء الذين استمروا حتى الآن في ضمان أمن دولة يهود وفي ضمان احتلالها لفلسطين. والقضية المصيرية تقضي بأن تسترد هذه الأرض جميعها من قبضة الغرب ويهود بالجهاد في سبيل الله، قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾. وحتى يستكمل هذا الحل، لا بد له من تحريك الجيوش أولا للإطاحة بالحكام العرب الذين يحافظون على أمن يهود ويحرسونها من المجاهدين، لأن الجيوش الإسلامية لن تتمكن من القضاء على كيان يهود تحت إمرة هؤلاء النواطير. لذلك لا بد من إزالتهم واقامة حاكم مسلم واحد بدلا منهم يحكمنا بشرع الله ويوحد الجيوش ويوجهها لتحرير فلسطين من رجس الغاصبين. فالتفريق بين الحكم بالإسلام وبين تحرير فلسطين، والفصل بين القضيتين، لا يجوز شرعا ولا يصح واقعا. فالمسألتين متلازمتين لا مجال للإنفكاك بينهما. فعن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن أخوف ما أخاف على أمتي من بعدي أعمال ثلاثة: لا أخاف جوعا يقتلهم، ولا عدوا يجتاحهم، ولكني أخاف على أمتي أئمة مضلين، إن أطاعوهم فتنوهم وإن عصوهم قتلوهم". وعليه فالقضية الفلسطينية بدأت مع سقوط الخلافة ولن تنتهي الا مع ميلادها من جديد. فدولة الخلافة هي القادرة على إنهاء حراس يهود في بلاد المسلمين، وطرد الأمريكان، وإنهاء نفوذهم، وتحريك الجيوش لتحرير بيت المقدس وكل أرض المسلمين السليبة، وإعادة فتح الأرض من جديد باذن الله لنشر الخير والحق والعدل وإنهاء سيطرة الزناة الفجرة عليها. ورد في تاريخ ابن عساكر، عن يونس بن ميسرة بن حلبس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا الأمر يعني (الخلافة) كائن بعدي بالمدينة ثم بالشام ثم بالجزيرة ثم بالعراق ثم بالمدينة ثم ببيت المقدس، فاذا كانت ببيت المقدس فثم عقر دارها، ولن يخرجها قوم فتعود اليهم أبداً". أي أن الخلافة تكون بالمدينة المنورة وكانت، ثم بدمشق وكانت، ثم بالجزيرة شمال سوريا وكانت أيام الخليفه الأموي مروان، ثم بالعراق أيام العباسيين، ثم بالمدينة وهي مدينة هرقل القسطنطينية التي فتحها محمد الفاتح السلطان العثماني واتخذها عاصمة له بعد ذلك وأسماها إسلام بول، والتي قال بحقها الرسول صلى الله عليه وسلم:" مدينة هرقل تفتح أولا"، ومعنى إسلام بول مدينة الإسلام. وظلت الخلافة هناك حتى أسقطها مصطفى كمال اليهودي عميل الانجليز سنه 1924م. وبقيت المرحلة الأخيرة من مراحلها وهو قيامها وتحرير بيت المقدس لتنقل اليه وتستقر فيه في عقر دارها "عقر دار الإسلام بالشام" كما أخبر الرسول. أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبىء اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله ان هذا يهودي خلفي تعال فاقتله الا الغرقد فانه من شجر اليهود". وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يا ابن حوالة، إذا نزلت الخلافة الأرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور العظام". فستقوم إن شاء الله ويحملها الرجال على أسنة رماحهم وحد سيوفهم محررين أرض الاسراء حاضنة قبلة المسلمين الأولى منهين أيام الألم والحزن. وردا على كل طامع أثيم بهذه الأرض المباركة، ستعلن القدس عاصمة لدولة الخلافة (وليس لمن أعطاها ليهود) إن شاء الله ليعود اليها عزها ومجدها من جديد، لتكون حاضرة العالم أجمع الذي ستحكمه بإذن الله العظيم. عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لقد زوى الله لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها". وبهذا ينتهي خض الماء في فلسطين وتنتهي الفتنة التي أخبر عنها محمد عليه الصلاة والسلام وتأتي السواعد المؤمنة التي تخض قلوب المجرمين وتحسم الصراع. عن طلحة بن عبيد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ستكون فتنة لا يهدأ منها جانب إلا جاش منها جانب حتى ينادي مناد من السماء أميركم فلان" رواه الطبراني في الأوسط. وعن سليمان بن حاطب قال:حدثني رجل منذ أربعين سنة سمع كعبا يقول:" إذا ثارت فتنة فلسطين تردد في الشام تردد الماء في القربة، ثم تنجلي حين تنجلي وأنتم قليل نادمون"، وعن سعيد بن المسيب قال:"تكون بالشام فتنة كلما سكنت من جانب طمت من جانب، فلا تتناهى حتى ينادي مناد من السماء إن أميركم فلان" أبو عقاب الشامي 01-19-2009, 08:21 AM كيف سقطت فلسطين ؟...تاريخ وعبرة إن فلسطين أرض إسلامية سلمت للأعداء الكفار، وبلاد مباركة دنسها أحقر شعوب الأرض. أخرجوا منها اهلها بمؤامرات مع زعمائها، حتى غدا الأدعياء الدخلاء أصلاء، والأصلاء غدوا لاجئين ونازحين طريدين مشتتين. في البداية ساوم يهود عليها الخليفة عبد الحميد رحمه الله فرفض أن يملكهم منها شبرا واحد ومقولته في ذلك وموقفه معروفان. ثم دارت الدوائر وهدمت الخلافة، وانتدبت بريطانيا على فلسطين من قبل عصبة الأمم لتكون كفيلة على تنفيذ وعد بلفور، وتحقيق فكرة الوطن القومي لليهود في فلسطين. وقبل ذلك...عندما أخرج النصارى المسلمين من الأندلس سنه 1492م. أخرجوا معهم اليهود. وقد ذهب قسم من اليهود ليعيشوا مع المسلمين في دولة الخلافة. أما القسم الثاني فقد توزعوا في البلدان الأوروبية، ولكنهم وضعوا في (غيتووات) أي حظائر خاصة بهم منفصلين عن باقي الجماعات والسكان في الدول الأوروبية. وفرق كبير بين عيشهم مع رعايا الدولة العثمانية وعيشهم في أوروبا منعزلين منبوذين. أما الذين عاشوا مع المسلمين فإن قسما منهم أعلنوا اسلامهم، وأضمروا يهوديتهم، وهم يهود الدونمة في سالونيك وغيرها. وقد أخذوا يكيدون للدولة التي يعيشون فيها، ويدبرون المؤامرات. وقد التقى كيدهم هذا مع مصلحة بريطانيا وكيدها، و التي تحيك المؤامرات السياسية، وتتخذ أنواع الخداع لضرب الخلافة واضعافها آنذاك. أعطى نابليون وعدا لليهود باعطائهم فلسطين، وأعطى ابراهيم باشا وعدا لليهود باعطائهم فلسطين. وكلا الوعدين لم تتح الفرصة لتنفيذهما، لهزيمه نابليون في فلسطين، وإخراجه نهائيا من مصر، ولإندحار ابراهيم باشا عائدا الى مصر بموجب اتفاقية لندن سنه 1840م. في 10 حزيران سنه 1916م. أعلن حسين بن علي (ثورته العربية)، وقاتل مع الكفار المستعمرين ضد دولة الخلافة العثمانية. هذه الثورة التي قال عنها اللنبي في تقريره الذي رفعه الى وزارة الحرب فور انتهاء القتال: ( إن ثورة العرب ضد الترك قد ساعدت الحلفاء مساعدة كبيرة في الحصول على نتائج فاصلة في الحرب). في 1917 أعطت بريطانيا وعدا لليهود باعطائهم فلسطين وطنا قوميا لهم، وفرضت نفسها منتدبة في فلسطين وعينت أول مندوب سامي عليها وكان اسمه هربرت صمويل، وهو يهودي، هذا بعد تنفيذها لإتفاقية سايكس- بيكو مع فرنسا. وعندما إنتهت الحرب العالمية الثانية سرحت بريطانيا كثير من جنود مستعمراتها، وكان منهم حوالي 80 ألف يهودي، كانوا يساعدون بريطانيا في الحرب، لكنهم تحولوا الى عصابات الهاجانا واشتيرن والأرغون وغيرها، حيث قامت بأعمال دموية فظيعة في فلسطين، كما قامت بنسف بعض المراكز الحكومية تنفيذا لمخطط سياسي، ما جعل بريطانيا تعلن أنها تريد وضع قضية فلسطين في أيدي الأمم المتحدة، فتتخلص بذلك من المأزق الذي سببه قتال العرب ويهود في فلسطين. على إثر ذلك جاءت وذهبت وفود أممية الى فلسطين واستقر الرأي في النهاية على قرار بتقسيم فلسطين رقم 181 بين يهود الدخلاء وأهلها الأصلييين، إضافة الى القرار المجرم بتدويل القدس لإيجاد مدخل للغرب الكافر في شؤون القدس. ويجدر الذكر في هذا المقام أن فكرة تدويل القدس في الأصل هي فكرة بابويه. خرجت بريطانيا من فلسطين، وفي نفس اللحظة أعلن قيام دولة يهود، وتبع ذلك فورا إعتراف الدول الكبرى بها وتبع ذلك دخول جيوش سبع دول عربية لحمايتها. حصلت مذابح رهيبة من قبل اليهود ضد أهل فلسطين في تلك الفترة. وطبعا بدل أن تفعل الجيوش العربية شيئا اشتبكت مع بعضها. يا للعجب جيوش سبع دول لا تستطيع فعل شي، أم أنها الخيانة المدبرة ؟!! صدر صك الانتداب في 1922، وصدر دستور حكومة فلسطين في 1922، وصدر الكتاب الأبيض الأول والثاني والثالث وجاءت عدة لجان تحقيق، ثم صدر قرار التقسيم في 1947، ثم اعلن قيام دولة يهود في 1948، ثم وقعت اتفاقيات الهدنة في رودس في 1949،كما اجتمعت من أجلها أكثر من خمس عشرة قمة عربية، ثم أوجدوت منظمة التحرير سنه 1964، ولحقتها منظمات اخرى. وقعت ثورة 29، وثورة 36-39 ، ووقعت حروب 48، 56، 67 ، 73، 82 ، ووقعت اتفاقية كامب ديفيد بين مصر ودولة يهود، ثم اتفاقية أوسلو ثم اتفاقية وادي عربة ثم اتفاقية واي ريفر وغيرها. فوجئت الأمة الاسلامية باتفاق (غزة أريحا أولا) ووجدت سلطة الحكم الذاتي ودخلت قوات جيش التحرير وتحولت الى شرطة تلاحق وتطارد المسلمين دفاعا عن يهود وحفاظا على مصالحهم. هكذا أخذ يهود فلسطين، وجاءت فترة المرحلة النهائية وهي إجراءات التوقيع والإمضاءات من الدول العربية والمنظمة ثم السلطة. ذهبت الوفود والأطراف الى مدريد بإشارة من بوش الأب، ثم انتقلت الى واشنطن، ثم طرحت فكرة: غزه - أريحا أولا، وإذا باتفاقية أوسلو تطل برأسها، وبدأت الهرولة: التواقيع في واشنطن، ثم التواقيع في وادي عربة، ثم التواقيع في واي ريفر والمفاوضات المكثفة في كامب ديفد الثانية، ثم طابا المتكررة وتنيت وخطة ميتشل وهكذا. وقبل هذا بفترة طويلة في 17 –9- 1978 وقعت مصر اتفاقية كامب ديفد الأولى. ولا ننسى اعتداءات اليهود المتكررة على لبنان ودخولهم مرتين حتى وصلوا بيروت، كما دخل اليهود مصر مرتين في 56 و 67 ومكثوا فترة طويلة على ضفاف القناة. و في هذا السياق يجب ألا ننسى ما قاله اللورد اللنبي حينما دخل القدس سنه 1917 :"الآن انتهت الحروب الصليبية". هذا الرجل كانت تنعته الصحف البريطانيه آنذاك ب"العائد من الحروب الصليبية"، ولا يجب أن ننسى ما قاله موشى ديان في القدس سنه 1967:"الان انتقمنا لخيبر"، ويجب أن لا ننسى كلمة عرفات في الجمعية العمومية:"إنه ليعز علي الدم اليهودي كما يعز علي الدم العربي"، وكلمة الشيخ عبد الحميد السائح عندما كان رئيسا للمجلس الوطني الفلسطيني: "نحن واليهود أبناء ابراهيم. يجب أن نعيش في فلسطين معا بسلام"، ومقولة الملك حسين بعد أن وقع سلامه مع يهود:"لقد حققت حلم جدي منذ عشرات السنين". كما لا يجب أن ننسى كلمة عبد العزيز آل سعود حين وقع على كلمات: "إنني أوافق على اعطاء فلسطين لليهود المساكين". وهكذا يظهر أن الذي أوجد الحكام في البلاد العربية ووزع عليهم الصلاحيات المحددة هو الذي أوجد منظمة التحرير الفلسطينية لتتوج إنهاء قضية فلسطين عن طريق التنازل عن ما تبقى منها بعد أن تنصلت الأنظمة العربية من مسؤولية تحرير فلسطين بإعطاء المنظمة حق تمثيل الشعب الفلسطيني. إن كل الإتفاقات الخيانية والتواقيع والإمضاءات والمفاوضات، ومن قبلها الحروب الهزلية والتمثيليات التي جرت في فلسطين، كلها لم تزد اليهود إلا غطرسة، ولم تنقص من الاحتلال شيئا بل زادت بفلسطين ضياعا فوق ضياع. وبعد هذا السرد للأحداث والحالات التي أخذ اليهود بها فلسطين، هل بقي من أمل في أي نظام من الأنظمة القائمة في العالم الاسلامي ليقوم باسترجاع فلسطين؟ وهل بقي من ثقة في المنظمة أو السلطة أن تتولى أمر فلسطين؟. وفي الحقيقة، هل هناك من أحد منهم يمتلك إصدار القرار السياسي فيما يتعلق بقضية فلسطين؟ وهل هناك من يمتلك تنفيذ ذلك القرار؟ إن الأحداث والتجارب والوثائق والمؤتمرات كلها في مجموعها تعطينا الجواب الأكيد أن لا أحد. أللهم إلا اذا كان القرار يسوق وينفذ حسب طلب أسيادهم وأولياء نعمتهم. ومن الجدير ذكره في الحديث عن تاريخ فلسطين وإنعكاسات ذلك سياسيا في التعامل مع قضية فلسطين أن الكثير من الكتاب والمؤلفين والمحاضرين والمفكرين المعاصرين، يتناولون فلسطين والقدس من جانبها المادي والواقعي، دون أن يربطوها بجانبها الروحي الذي قرر لها مكانتها وقدسيتها. وهم بذلك انما ينهجون نهج الغربيين، وينطلقون من وجهة نظرهم عن الحياة، وهي عقيدة فصل الدين عن الحياة. فهم يفصلون قضية فلسطين عن تاريخها الإسلامي وأثر الأحكام الشرعية المتعلقه بها، فتكون النتيجة بالتالي خلط وإنحراف عن الطريق القويم في التعامل مع القضية وحلها. وهؤلاء يتناولون بيت المقدس وما حوله ، تاريخيا، من البدايات الأولى عبر حقب متناهيه في القدم، ابتداءاً من اليبوسيين مرورا بمن دخلها واحتلها من أقوام كالفراعنة واليهود، ثم الآشوريين فالبابليين ثم الفرس والرومان والبيزنطييين الذين خاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم هرقلهم ليدعوه الى الإسلام. وهذا التأريخ لبيت المقدس وأكناف بيت المقدس إنما قصد به هؤلاء إثبات أن العرب كانوا هم السابقين في بناء القدس وسكناها، حيث أن اليبوسيين هم كنعانيون، أي عرب كنعانيون. و هذا هو الجانب المادي من موضوع فلسطين والقدس، غير أن هناك جانبا آخر ونظرة أخرى جاء الإسلام وبينها في حق فلسطين، وأصبحت هي المعتمدة والأساس من حيث الحكم الشرعي المتعلق بها وبتاريخها. فتاريخ القدس وما حولها في الإسلام يبدأ أولا من حيث قدسيتها. فقد أثبت القرآن قدسية القدس، أي ربطها بالعقيدة من حين نزول قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾. هذا قبل أن يظهر أن هناك مسجدا ثالثا، وهو مسجد المدينة المنورة، مسجد هجرته عليه السلام. وزاده الله قدسية أن بارك حوله، فكان موضع الإسراء المذكور في الآية الكريمة، وكان هو منطلق العروج به صلى الله عليه وسلم الى السماء. وجرت الأمور على طبيعتها، واستقر الأمر لرسول الله في الجزيرة بأسرها، وسارت الفتوحات وتسلم عمر بن الخطاب مفاتيح القدس من البطريرك صفرونيوس في حين كانت محاصرة بالجيوش بقيادة أبي عبيدة سنه 15 للهجرة، 636 للميلاد. ومن قدسية هذا المكان أنه ظل سته عشر شهرا قبلة للمسلمين في صلاتهم حتى تحولت القبلة الى الكعبة. أما الأمر الثاني من تاريخ القدس وأكنافها، والذي لا يفهمه المفكرون والمثقفون العلمانيون اليوم، والذي لا يريد أن يعيه من أوجد من أجل التنازل عن القدس وفلسطين ليهود، فهو طبيعة الأمر الذي استقر عليه وضع القدس وأكنافها عندما تسلم عمر رضي الله عنه مفاتيحها، وهو أن عمر أعطاهم وثيقة استقر عليها حال المكان من حيث الأمان، وصيانة معابدهم، و أخذ عليهم عهدا أن لا يساكنهم فيها أحد من يهود، على أن يدفعوا الجزية. وقد مارس النصارى فيها حياتهم اليومية على هذا الوضع المنصوص عليه في العهدة العمرية بهدوء وإطمئنان. وهذه العهدة العمرية موجودة يحتفظ بها البطاركة عندهم الى يومنا هذا. ومنذ تلك الساعات أصبحت أرض القدس وفلسطين أرضا إسلامية جرت عليها أحكام الإسلام وخضعت لسلطان الإسلام، وأمانها بأمان المسلمين، وسكانها يحملون التابعية الإسلامية، وغدت دار إسلام، يقاتل دونها. وحمايتها والدفاع عنها وإسترجاعها فيما لو طرأ عليها عارض أو تغلب عليها مغتصب إنما يكون فرضا على جميع المسلمين، والى يوم الدين. وهكذا كما قلنا، فانه قبل نزول آية ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾ ومن قبل تسلم عمر مفاتيحها، ما قبل هذا التاريخ لا يؤبه له، ولا قيمة له عمليا، سواء كانت مكانا للهيكل الذي يزعم اليهود به، أو مكانا للنصارى بوجود كنيسة القيامة. كل هذا أصبح الآن منسوخا لا اعتبار له، ولا قيمة له، وليس لهم الا ما أعطاهم الإسلام من ممارسة عبادتهم وطقوسهم الدينية، ولهم الأمان ما حافظوا على العهود والمواثيق. لأن صاحب الحق في الإثبات والنسخ وهو الله تعالى قد نسخ كل ما مضى من تاريخ، وما تعلق به من حقوق. وقد نسخها كلها وأثبتت الحقائق التي ابتدأت من حين نزول الآية المذكورة زمنا وعملا. فأحكام أهل الذمة، وأحكام الجزية، وأحكام حقوق المعاهدين والمستأمنين، كلها منصوص عليها بنصوص قطعية، وطبقت عمليا من قبل الخلفاء والولاة والعمال والقضاة. هذا هو التاريخ الذي يجب أن يبني عليه المسلمون فقط نظرتهم لفلسطين وبيت المقدس المغتصب. وهو تاريخ رسمت ملامحة الأحكام الشرعية التي لا تتغير بتغير الزمان. وهذا التاريخ بأحكامه هو ما جعل المسلمين في سابق عهدهم يتعاملون مع فلسطين على الأساس الشرعي السليم حينما حرروها من قبضة الصليبيين الفرنجة بقيادة صلاح الدين الأيوبي. حينئذ لم يكن هناك تضليل وإنحراف في الفهم، بل استنارة في الوعي على الواقع والأحكام، فكان الجهاد ضد من أباد المسلمين قتلا وذبحا وتقطيعا وحرقا بالنيران. واليوم، فإن الإسلام هو الإسلام والأحكام المتعلقة بفلسطين والقدس هي نفس الأحكام والحل يجب أن يكون هو نفس الحل. أبو عقاب الشامي 01-19-2009, 08:21 AM القضية الفلسطينية أكثر قضية مورس فيها التضليل إن قضية فلسطين من أكثر القضايا التي مورس فيها الخداع والتضليل وقلب الحقائق وتعمد خلق وقائع وقضايا جديدة وجعلها موضع الاهتمام والبحث والحديث لطمس حقيقة القضية أو فروع منها، حتى أصبحت هناك أجيالا لا تكاد تعرف شيئا عن هذه القضية، إلا بما تجود به وسائل الاعلام المسيسة والموجهة من صانعي القرار الغربيين، ومن التافهين أشباه السياسيين من حكام المسلمين الذين يتبعونهم. وقبل الحديث عن التضليل الذي مورس في فلسطين، لا بد من القول أن الغرب الصلييي لم يسلم بأن الاسلام إنتشر في ربوع العالم، وأقام حضارة عالميه كانت وبالا على نفوذه وهيمنته. فلم ينس ذلك وكرر محاولاته لإعادة تلك الهيمنة، سواء عبر التبشير والغزو الفكري، أم بإعادة إحتلال الأرض وسلخها عن البلاد الاسلامية الأخرى. ولعل الحروب الصليبية القديمة الحديثة والاستعمار الحديث أكبر دليل على ذلك. ومن هذه الزاوية، زاوية الصراع العقدي والحضاري يجب أن ينظر الى إقامة دولة يهود في فلسطين لأن الغرب حريص على أن يكون إنتصاره على المسلمين أبديا. لذلك يحاول أن يركز هيمنته وانتصاره. وما إقامة دولة يهود في فلسطين إلا إحدى تلك الوسائل حتى يبقى هذ الكيان خنجرا مسموما في جسد الأمة يعيث فيه الفساد والإفساد، ويكون رأس جسر للغرب في قلب العالم الاسلامي. لقد التقى المخطط الغربي هذا بطروحات يهود وأحلامهم في اقامة دولة لهم في فلسطين، فكان أن حصل هذا الزواج النكد بين المخطط والطموح، حيث تبنت بريطانيا اقامة هذا الكيان المسخ، فأعطت اليهود وعد بلفور، ثم مكنتهم فعليا من اغتصاب الأرض واقامة دولتهم عبر مساعدتها المباشرة. وعند إقامة هذ الكيان سنه 1948 كانت الدول العربية المحيطة بفلسطين تحت النفوذ والإستعمار البريطاني الفرنسي، ولذلك فإن حكام تلك الدول كانوا جزءا من المخطط التآمري على فلسطين، فقاموا بما رسم لهم أسيادهم لتمكين اليهود من فلسطين ، وبعد ذلك سخروا الجيوش وأجهزة الاستخبارات لحماية يهود وأخذ إعتراف أهل المنطقة بها. ورغم هذا التحالف الثلاثي بين حكام المنطقة والغرب ويهود، إلا أن موقف الأمة كان ضدهم، وهو أن فلسطين جزء من أرض المسلمين، وفيها مسرى رسولهم وثالث الحرمين، وأن اليهود الكفار وبرعاية الغرب الصليبي يريدون سلخها عن محيطها وبترها عن جسد الأمه. لذلك نادى الكل بتحرير فلسطين بالكامل ورفض وجود يهود. وهنا أدرك السياسيون في الغرب أن (إسرائيل) كدولة، ستبقى مشروعا فاشلا ينتظر لحظة إنهائه، وأيقنوا أيضا أن اعتراف الحكام بيهود دون الشعوب لن يعطيها الشرعية المطلوبة، وعرفوا أن آلية تثبيت يهود -ليس فقط في فلسطين ولكن في المشرق العربي بأسره- يكمن في إنتهاج سياسة جديدة يتم بموجبها تطويع الشعوب، وبخاصة أهل فلسطين. ومن محاور هذه السياسه التدليسية التضليلية ما يلي: 1. أوجدوا مشكلات ووقائع جديدة لتصبح هي محل البحث والإهتمام وتوجه الأنظار اليها بدلا من المشكلة الأساسيه، فقد سلم حسين بقية فلسطين والمسمى بالضفة الغربية الى يهود في تمثيلية 1967، وبمسرحيات مماثلة استولت دولة يهود على سيناء والجولان. وبالتالي أصبح هناك واقع جديد وإحتلال جديد للفت الأنظار عن الاحتلال القديم لجزء كبير من فلسطين، وتصبح المطالبة بالانسحاب من الأراضي التي أحتلت مؤخرا فقط. ثم ضمت دولة يهود أجزاء من الضفة الغربية اليها، وأنشأت المستعمرات، واتبعت سياسة القتل والتهجير الجماعي للفلسطينيين بعامة، ولأهل القدس بخاصة. وبذلك أوجدت مشاكل ووقائع جديدة على الأرض لتصرف الأنظار الى معالجتها. 2. حجموا قضية فلسطين بفصلها عن الاسلام و المسلمين، وإعطائها صبغة غير اسلامية، وسموها ( الصراع العربي الاسرائيلي). وقد أتخذت لهذا التحجيم أساليب متعددة وملتويه إشترك فيها الحكام في بلاد المسلمين وإعلامهم وكتابهم باطلاق شعاراتهم الوهميه المضللة، وإبعاد ذكر الاسلام عند ذكر فلسطين. ثم الحديث عن مساندة الفلسطينيين وحصر ذلك باللجان الرسمية، والأعمال الشعبية، وفض الناس عن هذه القضية، ثم ترديد الإعلام وبعض رموز الأنظمة بأن قضية فلسطين كلفت الدول كثيرا وأخرت التنمية، ثم الإقلال من الحديث عن فلسطين في الإعلام وإعادة صياغة المناهج التعليمية لتجهيل الأجيال الجديدة بواقع القضية، وتنشئتها على قبول الواقع الجديد (دولة يهود). أما الفلسطينيون المهجرون في الدول العربية، وخصوصا دول الجوار، فقد حيكت لهم المكائد والفتن والصراعات المسلحة بينهم وبين الأنظمة، وأحيانا شعوب تلك الدول، وذلك لإيجاد الحقد والكراهية وإبعاد المسلمين عن فكرة تحرير فلسطين. فشهد الأردن وسوريا ولبنان مذابح ودماء وشهدت الدول الأخرى التضييق والطرد الجماعي. 3. ثم حجموا القضية أكثر بفصلها عن محيطها العربي، وحصرها بالفلسطينيين وحدهم، واعتبارها ( صراع فلسطيني إسرائيلي). 4. ثم أعادوا تحجيمها أكثر من ذلك بايجاد قيادة فلسطينيه، واعتبارها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، لتقوم بمهمة التفاوض مع يهود والتنازل لهم عن فلسطين وإعطائهم شرعيه الوجود. وتم ذلك باسلوب خبيث ظاهره لا يوحي بذلك، وهو إشاعة فكرة أن الفلسطينيين هم أصحاب الحق في التحدث والتصرف في قضية فلسطين فقط. فقد أصدر مؤتمر القمة العربي الذي عقد في الرباط سنه 1974 قرارا باعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وبذلك نفض الحكام العرب أيديهم من قضية فلسطين، علما بأنهم هم الذين سلموها وأضاعوها، وهم مسؤولون عن تحريرها. وحتى تغطى الجريمة الفظيعة التي سترتكبها بذلك القيادة الفلسطينية من جهة، ولإرضاء طموح أهل فلسطين واسكاتهم من جهة أخرى، رأت أمريكا وجوب اقامة كيان للفلسطينيين يسمونه ( دوله)، وليس له من مواصفات الدولة الا الإسم، واتخذت أساليب التضليل في صناعة قيادة أو زعماء من الفلسطينيين يجرؤون على القيام يهذه الخيانة. فقد إبتدأت تلك القيادة بفكرة تحرير فلسطين "كل فلسطين"، والقتال ضد يهود، وتجميع الناس تحت السلاح، واشاعة أجواء الحرب، حتى إستطاعوا جمع الناس حولهم، وأخذ قيادتهم. ولكن أعينهم وأعين أسيادهم الذين صنعوهم كانت تتطلع الى هذا الإستسلام الذي نراه ونشاهده اليوم. وقد إقتضى بناء هؤلاء الزعماء قتل وتصفية كل من يلمس ويشم منه رائحة الإخلاص، وما أكثر ما شهدته تلك المنظمة من قتل وتصفيات جسدية بين عناصرها. أما موضوع الكيان أو الدولة الفلسطينية، فإن الإسلام لا يقر بكل هذه الحدود التي رسمها الغرب في بلاد المسلمين. والمسلمون لا ينقصهم أن يزداد عدد أعضاء جامعة الدول العربية. ولا يجوز أن ينظر الى هذا الكيان إلا ضمن الترتيبات التي ترافقه والظروف التي يولد فيها، والثمن الباهظ الذي سيدفع له. من هذا الإستعراض الموجز جدا يتضح لنا أن المرحلة الحالية التي وصلت اليها قضية فلسطين كانت ثمرة لذلك المكر وتلك الجهود الحثيثة الخبيثة التي بذلها الغرب وأعوانه الحكام ويهود. وبناء على ذلك تسقط كل التبريرات التي يؤلفها ويروجها صناع الهزيمة، ومن يريد بيع بلاد المسلمين ليهود، بادعاء أن الظروف الدولية، وسقوط الإتحاد السوفياتي وتفرد أمريكا في السياسة الدولية، هو سبب بيعهم واستسلامهم ؟ وهذا باطل، فما كان الإتحاد السوفياتي يوما يؤيد تحرير فلسطين، ولا هم بدأوا مساومتهم وخيانتهم بعد سقوط الإتحاد السوفياتي، بل منذ وجودهم. يقول هاني الحسن أحد زعماء منظمة التحرير بعد أن إعترف المجلس الوطني الفلسطيني بدولة يهود سنه 1989: إنهم إتحذوا قرار الإعتراف (باسرائيل) سنه 1969، ولكنهم احتاجوا الى عشرين سنه حتى يعلنوا ذلك، لأنه كان عليهم أن يقنعوا الشعب الفلسطيني بالتنازل عن 78% من أرض فلسطين. وتسقط مقولة أن الضعف والعجز العربي هو سبب الاستسلام والبيع. فالضعف العربي هم الذين صنعوه ورعوه، وهم الذين يحافظون عليه إستجابة لأسيادهم الكفار حتى تخضع الأمة لما يخطط لها. وتسقط مقولة أن إنقسام المسلمين والتشرذم العربي هو سبب استسلامهم وخيانتهم، فهم القائمون على إنقسام المسلمين، حراس الغرب في تمزيق الأمة، وهم الذين يحاربون عودة الإسلام الى الحكم وتوحيد بلاد المسلمين تحت لوائه، وهم القائمون على الإنقسام، حتى أنهم لا يتفقون على عقد مؤتمر قمة الا اذا أمروا بعقده مع علمنا بتفاهته. وتسقط مقولة أن (إسرائيل) وبالدعم الغربي أقوى من الدول العربية، لأن الأمة قادرة، وعندها الإمكانية ليس لتحرير فلسطين فقط، بل لطرد النفوذ الغربي من كل بلاد المسلمين. والأمة تتشوق للجهاد في سبيل الله، ولكنهم هم الذين يكبلونها، ويقفون حائلا بينها وبين قتال أعداءها، ويحمون أعداءها منها. والأمة الاسلامية التي دحرت الصليبيين وطردتهم من فلسطين واستوعبت الهجمة التترية والمغولية، وقاومت الإستعمار الحديث قادرة على العودة سيرتها الأولى، باذن الله، إن هي وعت على الحقائق، وضحت في سبيلها عن بعض حطام الدنيا. و تسقط مقولة ان الناس قد سئموا الصراع والحروب، فلنتوجه الى التنمية وتحسين ظروف الناس. فهذا باطل، فالمسلمون لم ولن ييأسوا، والجهاد معلوم لصغيرهم وكبيرهم أنه فرض من الله وأنه عبادة، ولكنهم في هذا العصر لم يخوضوا حربا فعلية ضد عدوهم لتحرير فلسطين. ولو خلي بين المسلمين وبين عدوهم بحرب فعلية لحرروا فلسطين منذ زمن بعيد، ولما كلفتهم عشر ما كلفته خيانات الحكام والحروب الوهمية والغطرسة والعلو اليهودي والإستسلام ليهود. إن الذي يجب أن يدركه المسلمون اليوم هو أن قضية فلسطين ليست إستجداء يهود في جزء من فلسطين تقام عليها دولة للفلسطينيين بعاصمة لها في جزء من القدس أو أطراف القدس، ولا هي في التحدث في كيفية إيواء اللاجئين وتوزيعهم، وكم يدخل الى (دولة) السلطة، ولا في البحث في السلطة التي تعطى لهذه الدولة الناشئة، أهي كاملة أم ناقصة. فالقضية ليست في هذا كله، ولا ينبغي أن يكون. بل إن القضية هي أن بلدا إسلاميا إحتله عدو كافر حاقد من أشد الناس عداوة للمؤمنين لا حل له الا بالقضاء عليه قضاءا يشرد به من خلفه من دول الكفر، ومن ثم تعود فلسطين كاملة الى ديار الإسلام. ولولا الحكام العملاء يمنعون الجيوش من قتال يهود، بل ويحرسون أمن كيانهم، ويقومون هم والسلطة بالاعتراف بالمغتصب وتقزيم قضية فلسطين الى مفاوضة يهود على جزء مما اغتصبوا لعله يعيد جزءا منه مهما كان واقع السيادة على هذا الجزء المستجدى من يهود... لولا ذلك لإنتهت القضية منذ زمن. إن على الأمة أن ترتقي الى مستوى الأحداث، وتمتلك القدرة على الإدراك السياسي، فلا تنخدع كما انخدعت من قبل بالألاعيب السياسية التي يحيكها الكفار، فتسير خلف زعامات زائفة أبرزها الكافر لهم، لتجرهم الى الهلاك والضياع. فهذا زعيم الأمة كلها وذاك الأخ المناضل وذاك الشجاع مشروع الشهادة.... وما هم الا أدوات إنحطوا بالأمة، وتركوها تضيع في خرافات النصر الزائف، وما هي الا هزائم صوروها انتصارات باهرة تحت شعارات منحطة فارغة لم تدرك الأمة واقعها الا متأخرا، كالحرية والوطنية والقومية والاشتراكية والاستقلال المزعوم. لقد سعت( إسرائيل) والغرب الى تحويل الصراع – بالمغالطة – من كونه صراع إسلام ضد كفر الى صراع عرب ضد يهود، ثم حولوه ثانيا الى صراع فلسطيني يهودي، ثم حولوه ثالثا الى صراع منظمات فلسطينية ضد (إسرائيل)، ثم حولوه أخيرا الى صراع أجنحة من حركات ضد ( إسرائيل). والله يعلم كيف سيحولونه مستقبلا بالمغالطة دفاعا عن يهود. إن تقزيم الصراع الإسلامي اليهودي الى هذا المستوى هو الذي ضمن ليهود البقاء. فاذا أدركنا مرامي اليهود ومن ورائهم الغرب، في عزل معظم الأمة الاسلامية وتحييدها عن الصراع، و إلهاء الجيوش في ضرب شعوب الأمة وحفظ العروش، إذا أدركنا ذلك كله فانه يتوجب علينا إرجاع الصراع الى صعيده الأصلي، ألا وهو صراع المسلمين ضد الكفار اليهود ومن ساندهم من الغربيين. إن سياسة قلب المفاهيم الصحيحة وتحويلها بالتضليل الى أشلاء مفاهيم، أو الى مفاهيم كسيحة هي من أخطر وأخبث السياسات التي حاربنا بها الكافر المستعمر، ما أوجد الميوعة عندنا في الفكر والعمل. إن سياسة قلب المفاهيم جعلت الجهاد إرهاب، وبسبب هذه السياسة ألقى المناضلون القدامى السلاح وتحولوا الى مفاوضين عصريين خائبين لا شغل لهم الا إلقاء التهم على من لم يلق السلاح بعد، ونعتهم بأقبح الأوصاف وإدراجهم في خانة العنف والخيانة. أبو عقاب الشامي 01-19-2009, 08:22 AM حكام العرب و المسلمين ... والقضية الفلسطينية لقد توصلت شعوب العالم الإسلامي الى استنتاجات حاسمة في شأن الحكام واليهود وفلسطين، منها: أن الحكام لن يفعلوا شيئا لفلسطين، ولن يقطعوا العلاقات مع يهود مهما كانت الأسباب، ولن يعلنوا الجهاد لا ضد يهود ولا ضد أمريكا ولا ضد أحد، ولن يفتحوا الحدود للمتطوعين ولو قطعوا إربا إربا، ولن يدعموا من يجاهد في فلسطين مهما تكن الظروف، ولن يستعملوا سلاح النفط ولا حتى التلويح به، ولن يجمعوا على رأي واحد تجاه فلسطين، أو تجاه أي قضية أخرى، وسوف يتجنبون مجرد ذكر كلمة حرب في أي تصريح لهم، ولن يقاطعوا السلع، ولن يجرؤوا على إعلان (ولو كذبا) وقف المفاوضات نهائيا مع يهود أو وقف التطبيع معهم. والحكام همهم الأول والأخير أن يبقوا في كراسيهم، وأن ينالوا الرضى من أسيادهم الذين نصبوهم. لذلك ما يفعلونه فقط هو أنهم يروحون ويجيئون، يسوقون الخطاب السياسي لأطراف اللعبة السياسية، على شعوبهم، باحثين فيها عن إيجابيات مزعومة، وغاضين الطرف طبعا عن ما فيها من إسلام لبلاد المسلمين وأهلها ليهود وأمريكا وأوروبا. فحاكم منهم يقول: إن خطة أمريكا في فلسطين متوازنة، وآخر يعلن: بأنها مهمة وايجابية، وثالث يصرح: أنها ينقصها بعض التوضيح، داعيا لإلتماسه في تفسيرات وزير الخارجية الأمريكي، عندما يزور المنطقة. يالها من مفارقات عجيبة!!؟. أمريكا وأوروبا ويهود يعملون لتحقيق أجنداتهم السياسية في بلاد المسلمين، والحكام آخر من يعلم، وآخر من يؤثر. هذا إن سمح لهم أن يعلموا وأن يؤثروا. والله إنه لولا أن الغرب يريد أن يضلل البقية الباقية من الناس ممن يظنون أن هناك دولا عربية وحكاما، لما جاء سياسيوه ليجلسوا مع الزعامات، ولاإكتفوا بمراسلي سفاراتهم لبعث الأوامر والتعليمات. لكن الغرب يريد أن يظهر للعامة من المخدوعين والمضللين من أبناء المسلمين، أنهم يناقشونهم ويفاوضونهم، و يقيمون لهم وزنا. بعد هذه النتائج القاطعة والحقائق المؤلمة لم يبق أمام الأمة الإسلامية سوى المراهنة على نفسها وجهدها وتضحياتها المجردة والمنسلخة عن الحكام تماما في تحركها من أجل التغيير، ليس فقط في فلسطين ولكن في كل العالم الاسلامي بالطبع. إن كل من يظن خيرا في هؤلاء الحكام عليه، مراجعة امكانياته العقلية مهما كانت درجة أميته السياسية بعد كل ما رأى وسمع منذ قيام دوله يهود، و حتى هذه اللحظة. وإن كل من يراهن على مجرد خطوة عملية ومفيدة من هؤلاء الحكام فهو جد واهم، فقد أصبح الصغير قبل الكبير، ومن عنده شيء عقل، يجزم بعمالة الحكام وعجزهم. إن كل الأسلحة التي اقتناها الحكام منذ 1948 وحتى الآن، والتي كلفت مئات المليارات، يعرف الناس أنها لقمع الشعوب ولن تطلق منها رصاصة واحدة على أصدقائهم اليهود المرتبطين معهم بعلاقات سرية وعلنية. إن أحداث فلسطين الأخيرة كشفت عورات الحكام أمام شعوبهم، فقد جلسوا في مقاعد المتفرجين على ما يدور و يجري، لا يحركون ساكنا أمام ما يجري من مذابح في فلسطين. لقد فقدوا الحياء والاحساس، وجسدوا بمواقفهم تلك مقولة أنهم حماة كيان يهود المسخ، يدفعون عنه الاذى، و يذودون عنه، لا يستحيون من الله ولا يرقبون في عباده إلا ولا ذمة. إن الحكام يصورون لشعوبهم أنهم لا يستطيعون قتالا، ولا يملكون خيارا الا هذا السلام المزعوم، ويكتمون حقيقة الأمر التي يعرفها القاصي والداني، وهي أنهم لعب متحركة بأيدي رؤوس الكفر. فلا تظهر قوتهم الا على شعوبهم. عليها يصولون ويجولون، وهم أمام أعداء الله أذلة خانعون. ووظيفة هؤلاء الحكام أن يحرفوا الكلم عن مواضعه، فبدل قوله تعالى:﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ﴾، يقولون: ساوموهم وفاوضوهم وسالموهم. وبدل قوله تعالى :﴿ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ ﴾ يقولون: تنازلوا لهم عن كل الأرض مقابل الإنسحاب من بعض الأرض. وهؤلاء لا يفتأون يسارعون الى أمريكا والأمم المتحدة، لعلها تجد لهم حلا. وهم يعلمون ويدركون أن الذي أنشأ دولة يهود هم من أوجدهم لنفس الهدف، وهم الذين ما زالوا يمدونها بالمال والسلاح والرجال. ولكن ماذا نتوقع من عجزة عملاء خونة !!؟ وإمعانا في التضليل والخيانة، فان حكام المسلمين يستخدمون علماء سوء، وظيفتهم حرف الفهم الصحيح عند العامة. وهؤلاء المشايخ جاهزون وعلى الدوام لتفصيل الأحكام لتناسب مقاس الحكام، لترضي أسيادهم من اليهود والأمريكان. يقول العلي العظيم في شأن هؤلاء: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾. وكأن هذه الأية نزلت في حق إمام الأزهر وغيره، و الذي خرج علينا – في آخر استعراضاته المخزية وغير المستهجنة – في كوالالمبور أمام حشد من علماء المسلمين ليقول: أن الهجمات الإستشهادية (ويسميها الإنتحارية) التي يشنها المسلمون في العراق أو الشيشان أو افغانستان بما فيها تلك الهجمات التي تشن على الإسرائيليين هي هجمات غير مبررة وأنها خطأ. وأضاف: إن التطرف ليس السبيل للتنفيس عن الإحباط. فلا حول ولا قوة الا بالله. يالفرحة يهود والأمريكان بك يا شيخ النظام !. إن هذا الرجل وغيره من علماء السلاطين، ممن يتجرأون على دين الله، خدمة لأسيادهم الحكام هو نفسه من صفع مواطنا مصريا على وجهه وسط ذهول الجميع لمجرد أن قال له: لماذا لا تحث الناس على الجهاد لتحرير فلسطين؟ فكان رده: روحوا جاهدوا. هذا ما نشرته جريدة الأسبوع الصادرة في القاهرة رقم 193 بتاريخ23-10-2000. ونحن نقول بدورنا له: ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ﴾. إن هذا الرجل الذي يعتبر الجهاد ضد يهود وغيرهم عملا ارهابيا لا يقره الشرع، وأن الإستشهاديين يقدمون على الإستشهاد بسبب مشاكل نفسية. هذا الرجل يمثل جميع العلماء المرتزقة الذين يعتاشون من لي أعناق النصوص بإشارة إصبع من الحكام الذين سيتبرأون منهم عندما يقف الجميع موفق الذل عند المنتقم الجبار ﴿ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوْا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الْأَسْبَابُ ﴾. وعلى فداحة ما يخرج من فم (الإمام الأكبر) الا أنه لا يستغرب عليه، وعلى غيره من علماء السوء هذا الكلام. فهؤلاء قطعا ليسوا العلماء الذين يرثون الأنبياء كما أخبر النبي صلى الله عليهم وسلم، وهم قطعا ليسوا بالعلماء العاملين. بل هم الذين يشركون الحكام في العبودية مع الله عندما يزينون لهم أعمالهم ويبررون فعل الحرام لهم. نعم لايستهجن منهم ذلك فهم أداة طيعة عند الحكام وجزء من نظامهم الفاسد وهم شركاؤهم في جرائمهم، لأنهم لا يأمرونهم بالمعروف ولا ينهونهم عن المنكر. وعلى المسلمين أن لا يأخذوا دينهم عن هؤلاء ، وقد ثبت أنهم من ركائز الأنظمة المهترئة الواجب التخلص منها. وعلى المسلمين أن لا يخشوا في الله لومة لائم وأن يقولوا لعلماء السوء في أنفسهم قولا بليغا بعد أن يكون لديهم من الله برهان على خروجهم ولوثاتهم، وأن يتهموهم اذا رأوهم على أبواب الحكام كما جاء في الاثر. والمقصود هنا نفر من العلماء باعوا أنفسهم للشيطان وقبلوا أن يكتموا الحق بل ويحرفوه. أما العلماء العاملين فان الأمة تتعلم منهم وعلى أيديهم، وفضلهم لا ينكر. يقول الله في علماء السوء والموقف الواجب تجاههم :﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللَّاعِنُونَ ﴾، ويقول :﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾. إن حكام المسلمين هانوا فسهل الهوان عليهم. عندما اشتدت مجازر يهود ضد مسلمي فلسطين قبل عامين قام صحافيون عرب بسؤال سمسار أمريكا الكبير في المنطقة (حاكم مصر) سؤالا مفاده: هل ستحاربون اليهود؟، فأجاب: "حرب ايه يا ابني؟"، وهو يستنكر مجرد السؤال. وعندما اشتدت طبول الحرب التي تقرعها أمريكا ضد العراق، وقف نفسه يقول: لا أحد يستطيع تأجيل الحرب، ولا أحد يستطيع منع وقوعها. إن هذه العينة من الحكام هي التي جرأت يهود وأمريكا على ذبح المسلمين، وهم يظنون أن الأمة غائبه، ولكنهم لا يعلمون أن الأمة ستنفجر فجأة، وسيتطايرون هم وبطانتهم شظايا، ويطير معهم كبيرهم الذي علمهم السحر. ومهما كثفوا أجهزة التنصت و القمع وإحصاء الأنفاس، فان نهايتهم ستأتي من حيث لا يحتسبون، لأن الله ولي الذين آمنوا، وهم أولياؤهم الطاغوت. إن أمتنا (خير الأمم) التي صدت المغول والتتار وهزمتهم وهزمت الصليبيين، لكفيلة باعادة الحق الى نصابه ولو بعد حين باذن الله تعالى، وسوف يطلع فجرها رغم أنف المنافقين المعاندين. فهل بقي من بسطاء المسلمين، وحسني النية فيهم، من لا زال يثق بهؤلاء الحكام؟ وهل بقي من يعول عليهم فعل شيء من الخير لفلسطين أو غير فلسطين من أرض المسلمين؟ إنه لم يبق عذر لمعتذر أوحجة لمحتج، فمن لم يعمل لتغيير هؤلاء العملاء وهو قادر على ذلك، يكون مشاركا لهم في جرائمهم. إن جهود الأمة يجب أن تتجه نحو هذا الهدف. ولئن كان يلتمس العذر فيما مضى لبعض المضللين من الذين ظنوا أن خيرا قد يأتي من هؤلاء المتسلطين على رقاب المسلمين، فاليوم لم يعد هناك مدخلا للتضليل، فالأمور قد انكشفت والحكام أنفسهم يجاهرون بولائهم للغرب وبخاصة أمريكا وربيبتها يهود، ولم يعد الحكام يستخفون لا من الله ولا من الناس. إن مطالب الشعوب المسلمة الآن، وبعد أن سقط كليا خيار الحكام والعمل من خلالهم، تتمحور حول قلع هؤلاء الرويبضات. ولأنهم لن يرحلوا طواعية ولن يتزحزحوا عن كراسيهم، ولأنهم مصدر الداء والبلاء، ولأنهم العقبة الأخيرة أمام الأمة كلها للتحرر، فلا بد من ازالتهم والتخلص منهم. وهذا ما سيحصل باذن الله قريبا، ومهما عملوا على تأخيره، فسيأتيهم، وعنده سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، وستنتقم الأمة منهم شر نقمة. أبو عقاب الشامي 01-19-2009, 08:24 AM رجال السلطة والقضية الفلسطينية إن ما جرى، ويجري في فلسطين اليوم من شجاعة فائقة للمسلمين في مواجهة يهود، قد كشف حقيقة جريمة المفاوضات التي خاضها ويخوضها رجال السلطة في فلسطين مع يهود، مقرين بكيانهم ومحاولين التعايش معهم رغما عنهم بكل ما أوتوا من قوة و مقرين لهم بالسلطان والسيادة على معظم فلسطين. ورجال السلطة لا يزالون مصرين على (إخضاع) يهود لإستمرار المفاوضات معهم، والإنصياع للقرارات الدولية ذات الصلة، ويعدون ذلك مطلبا، مهما وإنجازاً متقدماً، على الرغم من رفض يهود المتواصل. فرجال السلطة لن (يسمحوا) ليهود بأن يخربوا عملية السلام، وهم مستعدون لكل المذابح في سبيل هذا السلام. ويهود عند هؤلاء لا يعرفون مصلحتهم، وهم قاصرون، ولا يجب أن تقابل مجازرهم إلا بالورود، ولا بد لسلام الشجعان من أن يتحقق رغم أنف يهود. إن المجازر التي تحصل في فلسطين لم ولن تقنع رجال السلطة بأن يتجهوا الى الرشد والصواب. وكيف لهم ذلك وقد أوجدوا من أول يوم لتصفية فلسطين لحساب يهود. إنها لإحدى الكبر أن لا تكفي الدماء الزكية في فلسطين لأن تعيد لرجال السلطة شيئاً من إحساس او حياء. ألم تكف هذه الدماء لإقناعهم أن الإعتراف بكيان يهود جريمة، والتفاوض معهم خيانة؟! أليس من عجائب الدنيا أن يناشد رجال السلطة المجتمع الدولي وعلى رأسه امريكا الصليبية بعد كل مجزرة أن يتدارك الأمر حفاظا على استمرار (العملية السلمية) وخشية (تعميق الجراح والكراهية)؟! إن رجال السلطة يتخذون من تسخين الأجواء أوضاعاً لتحسين شروط المفاوضات، والتلاقي في المؤتمرات. وهم يتخذون الدماء الزكية التي تسيل تكأة لتنفيذ المؤامرات الخيانية في فلسطين. لقد وصلت جرأتهم حداً فظيعا لدرجة انهم يتآمرون ويتواطؤن مع امريكا ويهود لسفك الدماء الزكية في فلسطين كطريقة لترويض أهل فلسطين للقبول بالحلول، بدل ان تكون هذه الدماء الطاهرة طريقاً للقضاء على كيان يهود وإعادة فلسطين الى ديار الاسلام. إن ما يدور في فلسطين لمفارقات مضحكة مبكية: فرجال السلطة مشغولين بما يسمى الإصلاحات والتعديلات والإنتخابات، تعزل هذا وتعين هذا، وكلاهما لا يمت الى تحرير فلسطين من يهود أو بسط سلطان فعلي على أي جزء من فلسطين، بينما يهود مشغولون ببسط سلطانهم على كل فلسطين، ومشغولون بقضيتهم المركزية، وهي إرتكاب المجازر والإغتيالات، يفعلون ذلك بتسارع وتباطئ حسب ما تقتضيه السياسة والظروف والأحوال. اليهود يبطشون ويقتلون ورجال السلطة لا زالوا يطالبون بالتفاوض والمحافظة على الإتفاقيات و(سلام الشجعان)، ويستمرون بالتنازلات التي تدفع يهود للمطالبة بأخرى!!؟. مفارقات عجيبة غريبة: اليهود يعملون باخلاص لقضيتهم، ورجال السلطة يمسخون قضيتهم (هذا إن اعتبر أحد أن لهم قضية). مهمتهم الأساس كيف لا يغضبون أمريكا ولا يجرحون مشاعر أوروبا، بعد أن جعلوا الأرض المباركة ميدانا للصراع تصول فيه أمريكا وتجول، وتحاول أوروبا اللحاق بالسباق ليكون لها نصيب من المصالح والنفوذ. أما رجال السلطة وحكام العرب، فيصفقون للسابق، ولا يقطعون الود مع اللاحق. مبلغ همهم بقاؤهم فوق عروشهم، لا يضرهم سيطرة يهود على البلاد والعباد ما داموا هم يلمسون كراسيهم باقيه تحتهم. ونتيجة لخيانات رجال السلطة، فهم لا يملكون حق السيادة على الأرض، ولا على المياه ولا على الأمن، ولا على المعابر ولا على الإقتصاد. كما لا يملكون حق القرار المستقل في الناحية السياسية، ولا التشريعية ولا الإقتصادية، ولا الأمنية. وقد قبلوا بكل ذلك فيما وقعوه أمام العالم من اتفاقيات، والتزموا به ليهود. كما قبلوا أن يكونوا أدوات بيد يهود للمحافظة على أمنهم ومستوطناتهم، ومنع أية مقاومة لهم من أفراد الشعب الفلسطيني، ومنع أي نقد أو مهاجمة قولية أو كتابية لهم في جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، ومنع الخطباء من التعرض لهم بأي سوء ولو بآيات القرآن أو الأحاديث النبوية. هذا قليل من كثير قبل به رجال السلطة وبمشاركة وتأييد حكام المسلمين خصوصا في الدول العربية. لكن كل اتفاقياتهم وتنازلاتهم باطلة لا تلزم الأمة الإسلامية لا الآن ولا في المستقبل بعد تطهير الأرض من أنظمتهم قبل تطهير فلسطين. إن رجال السلطة الظلمة يتبعون أهواءهم وأهواء يهود وأولياءهم الأمريكان، وصدق الله اذ يقول في أمثالهم :﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ، إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ﴾. نعم، هؤلاء هم أبطال مدريد، وعرابو أوسلو الذين اكتفوا من الغنيمة أن يقال عنهم أبطال سلام. ورحم الله الأيام الخوالي عندما قال المخلصون في أواسط الستينات أن منظمة التحرير ما أنشئت الا للتنازل عن أرض فلسطين والإعتراف بكيان يهود على الأرض المقدسة. عندها، هاج البعض وماج، وسخر وشتم، وهدد وتوعد، ونفخ وأزبد، بل صرخ عاليا حتى ضجت منه الآذان، أن الثوابت عندنا: تحرير فلسطين كل فلسطين، ولن نساوم على ذرة تراب واحدة من أرض فلسطين .... هذا ما كانت اذاعة صوت فلسطين صوت الثورة من بغداد تصم به الاذان. واليوم... أين هذه الشعارات وهذه الأغاني!!؟، وأين هذه الثوابت المزعومة!!؟. أسلقتها شمس أمريكا فتبخرت؟ أم أن هذه الدعوة كانت ضلالا وكفرا فاهتدى الناعقون بها أخيرا الى الحق؟. ما الذي حدث؟ لعلهم قرؤوا في التاريخ أننا لا نملك هذه الأرض، أو اكتشفوا أنهم يجهلون بالجغرافيا، فاكتشفوا أن أرض فلسطين أرض يهودية لم يفتحها عمر بن الخطاب، ولم يحررها صلاح الدين!! ما الذي حصل؟ هل اكتشف هؤلاء انهم كانوا مخطئين عندما نادوا بتحريرها، وعندما نعتوا الداعين للصلح مع يهود بالعملاء الخونة؟ أتراهم بعد ذلك فكروا وقدروا فقتلوا كيف قدروا ... فقالوا نريد أن نحقن الدماء. أي دماء يريدون ان يحقنونها!!؟ دماء لبنان التي سفكت فسالت أوديه !!؟، أم الدماء التي سفحت ظلما في الأردن وتونس؟. أية دماء هذه التي يريدون حقنها وهم الذين دعوا للإنتفاضة الأولى فتآمروا على شهدائها، وأنجبوا على اثرها بنت سفاح ... مؤامرة اوسلو!!؟. ولم يكتفوا بذلك، فدعوا لإنتفاضة ثانية سطر خلالها أهل فلسطين الميامين بطولات يأبى التاريخ إلا أن يكتبها بسطور من نور، ولا يزال مخيم جنين شاهد عليها. فهل كانت هذه الدماء جسراً يوصلهم راكعين لأعتاب البيت الابيض؟، وهل أرادوا أن يقدموا هؤلاء الشهداء قرابين لسادتهم ليتنازلوا عن مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟. لا والله ما لهذا قاتل المجاهدون في فلسطين. سقط القناع وظهر الوجه الذميم وراءه. سقطت شعارات التحرير لكل الأرض ودحر يهود، وبدأت شعارات أخرى: اركعوا فهذا ليس عصر الجهاد، اعبدوا أمريكا واتقوها ما استطعتم، فالقول ما قالت، والحق ما أمرت، والعدل ما حكمت. لقد ولى عهد ما سمي بالمقاومة والدفاع عن الحقوق، وجاء عهد الخضوع والخنوع والانقياد. جاء عصر ملاحقة المخلصين والقضاء على كل من يرفع سلاح في وجه يهود. نعم هذه هي شعارات من ترضى عنه أمريكا، ومن ترضى عنه قطعاً متهم عند المسلمين ولا خلاق له. إن أمريكا تصنع تلك القيادات على عين بصيرة، لتمرير مخططاتها وسياساتها. وهي تعلن رضاها عنهم على رؤوس الأشهاد لتضليل بعض السذج، ودفعهم لدعم تلك القيادات المنبطحة. ماذا قال الرئيس الأمريكي عن رئيس الحكومه الفلسطينية الأسبق عندما جاء الى العقبة في آخر زياره له؟ قال عنه: انه رجلنا الذي نثق فيه. أما رئيس الوزارة، بدوره، فقال في نفس المناسبة: "لا نتجاهل آلام وعذابات اليهود على مر العصور، وسنعمل على انهاء هذه العذابات"، وقال أيضا: "لا يوجد عداوة بين الشعب الفلسطيني والشعب الإسرائيلي". ذلك قولهم بأفواههم، والله القوي العزيز يقول:﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ﴾. فمن نصدق؟ المنتقم الجبار؟ أم من يقول: سنجمع سلاح المقاتلين المجاهدين، وسندس كل من يخالف ذلك في غياهب السجون، وسنوقع بهم أشد أنواع العذاب!!؟ إن حكومة الفلسطينيين العتيدة، المرضي عنها أمريكيا، مصممة على محاربة ما يسمى بالارهاب، وعلى جمع أسلحة المجاهدين، بل وعلى قتلهم واعتقالهم إذا لزم الأمر، ولو كانوا من نفس تنظيم رئيس الحكومة ووزرائها. بل إن الحكومة إستحدثت جهازاً أمنياً جديداً لمكافحة هذا الإرهاب، أي لحرب المجاهدين. كل هذا يحصل لإرضاء أمريكا حتى تقتنع أننا أهلا لمنحنا دويلة أو أي شيء تريده. و كل هذا يحصل، بينما يهود يعملون في مسلمي فلسطين القتل والتشريد، فلا حول ولا قوة الا بالله. ألهذا كانت كل هذه التضحيات!!؟ الهذا كان كل القتل والإغتيالات!!؟ ألهذا كان كل التدمير والتخريب وهدم البيوت؟ ألهذا كانت كل هذه الأعداد من الشهداء والجرحى والمعتقلين؟ ما الفرق إذن بين ما قبل 28-9 بداية الإنتفاضة، وبين ما سيأتي في قابل الأيام حسب ما يريدون تنفيذه من خيانة؟ لا فرق. فقد خانوا مسلمي فلسطين وطعنوهم في ظهورهم وتآمروا عليهم. يقول عز وجل: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾. إن هؤلاء (الأبطال)، أبطال مدريد وأوسلو يوهمون أنفسهم، ويريدون إيهام أهل فلسطين المخلصين أن ليس لديهم خيارات لأن العراق قد انتهى، والعرب قد طبعوا وسالموا، والكل قد تخلى عنا، وأنه لا أحد فوق الإرادة الامريكيه... وكأن العراق ببعثيته واشتراكيته البائدة كان سيحميهم !!، وكأن العرب ليسوا متواطئين على فلسطين منذ اليوم الاول !!. أم أنهم كغيرهم من حكام المسلمين مصنوعين للتنازل والتفريط والخيانة !!؟ أين ذهب شعار فلسطين من البحر الى النهر؟ وفيم كان كل هذا القتل والتدمير والخراب والحصار !!؟. إن سئلوا فسينغضون رؤوسهم ولا جواب، وإن تجرؤوا وأجابوا، فكذب كلامهم. ومن كذبهم إسطوانتهم المشروخة التي تعلموها من حكام المسلمين المنبطحين، والتي تردد أن ميزان القوى الدولية ليس في صالحهم، وأن هذا أقصى ما يمكن فعله، وأن على هذه القوى أن تمن عليهم أو تساعدهم. بئس ما يقولون. فمنذ متى كانت القوى الدولية، قوى الكفر والعداء للاسلام، ترد للمسلمين حقا أو تدفع عنهم ضيما أو تنكأ لهم عدواً، وقد إكتوى المسلمون بنار تلك القوى في كل مكان؟. إن قولهم أننا ضعفاء وأن موازين القوى ليست في صالحنا قول هراء وهو فاسد. فالضعف ليس علة للتنازل ولا لإرتكاب الخيانات والمعاصى والآثام ولا يوجد دليل شرعي يدل على هذا المعنى. إضافة الى أن المسلمين ليسوا ضعفاء البتة، فعندنا من القوة ما يكفي لقبر دولة يهود لأنه لا ينقصنا المال ولا الرجال ولا العتاد، ولا ينقصنا الا القرار السياسي المعدوم بوجود حكام النذالة والخسة... القرار السياسي الذي يساعد رجال السلطة وبقوة على إستمرار جعله معدوما باعترافهم بحق اليهود في فلسطين ومكافأتهم بتقديمها لهم هدية بعد أن تستأصل كل معارض ومجاهد. لكن رجال السلطة لا يستحيون ولا يخجلون، فهم أحفاد أبي رغال وشاور وابن العلقمي، بل إنهم تفوقوا عليهم. وهل بقي أحد لا يدرك أن السلطه في فلسطين إستغلت ولا زالت، دماء المسلمين التي تسفك على أيدي يهود لتسريع عجلة المفاوضات؟ وهل بقي أحد يصفق لما تتشدق به من حرص على الحقوق والتزام بالثوابت؟. يستمر يهود في جرائمهم في مشهد يدمي كل صاحب حس ومع ذلك يتقابل رموز السلطة مع يهود على موائد عامرة يتجاذبون أطراف الحديث كأن هؤلاء القتلى وتلك البيوت المهدمة لا تعنيهم. تتنافس حكومات يهود على الجرائم في فلسطين، ويجيب المفاوضون الأشاوس أنهم يفضلون اليسار الإسرائيلي و حزب العمل اليهودي، مع أن أكثر المصائب التي نزلت بأهل فلسطين كانت على يد حزب العمل المفضل لديهم. يصرح يهود بأن لا إزاله للمستوطنات، وأن لا لعودة اللاجئين، وأن لا لرفع الحصار... ويجيب الفلسطينيون أبطال السلام: لعل هذه التصريحات انتخابية، وأن السلطة لا تحب أن يسجل عليها العالم رفض السلام، لا بل هي شأن إسرائيلي داخلي. يصرح مسئولو السلطة وعلى الدوام أن الحوار مع يهود هو حوار طرشان، وتستمر المفاوضات، وتتهم السلطة الحكومات الإسرائيليه ورؤساءها بإرتكاب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني، وتطالب بمحاكمتهم دولياً كمجرمي حرب، ثم تدعو لعقد مفاوضات مكثفة معهم. وهكذا يظهر أنهم يناورون ويتآمرون على دماء الشهداء الزكية لترويض الناس لقبولها ولو بالحديد والنار، لتثبيت كيان يهود المسخ في الأرض المقدسة. وهكذا ينكشف كيف يتنازل من يزعمون أنهم ممثلو فلسطين عن البقية الباقية من فلسطين بعد أن تنازلوا عن أل 48 وباعوها ونسوها. هؤلاء فقدوا الحس والحياء، وفاقد الحياء لا يدري أية جريمة يصنع، ولا في أي ذنب يقع، فقد صدئت قلوبهم وفقدوا التفكير السليم منذ زمن بعيد بعد أن قبلوا أن يبيعوا دينهم بدنياهم وكرامتهم بكراسيهم. ثم إن رجال السلطة دأبوا على اختزال القضية الفلسطينية في قضايا ثانوية يفرضها يهود حتى يصبح حل هذه المشاكل الفرعية وكأنه مطلب للشعب الفلسطيني، وتحقيقه يصور انتصاراً وطنياً. وحكام فلسطين يفعلون ذلك لأنه ليس لهم قضية في الأساس يعملون لها بإخلاص، ولأنهم ليسوا لاعبا أساسيا في الساحة السياسية، وكل عملهم ردات فعل لما يفعله يهود ولما تحاول أمريكا إنتزاعه من يهود لهم. فقضية الجدار العازل الذي تبنيه (إسرائيل) اليوم أصبح هو الموضوع عندهم، وأصبحت عملية السلام في (خطر شديد) بسببه، وهو جدار (عنصري) لأنه يفصلنا عنهم، وهو جدار غير إنساني ويجب أن تقاضى (إسرائيل). وفي المقابل يستمر يهود في أعمالهم مدركين تأثير تصريحات سياسيو السلطة، وأنه يجب على هؤلاء أن يتلهوا بشيء. وقبل الجدار كان موضوع القتل والإغتيالات، وأن توقفها مغنم يمكن أن يسير بالأطراف الى طاولة المفاوضات !!. ومن الأمثلة على هذا النهج التقزيمي والتضليلي للقضية موضوع المستوطنات والمياه والإقتحامات وهدم البيوت !... فهل كانت الطرقات قبل الإنتفاضة مغلقة؟ وهل كانت البيوت تهدم كما اليوم؟ أليس من الخيانة أن تكون مطالبهم أن ينسحب يهود من الأراضي التي اجتاحوها؟ وأن يفك قيد الأسرى الذين أسروا؟ وأن تفتح الطرقات لتعود الأوضاع الى ما كانت عليه قبل أن تبدأ الإنتفاضة!؟. إن هذا لشيء عجاب!!. أم كان كل هذا القتل والحصار والجوع والتدمير والخوف، ونقص الأموال والأنفس حتى يحسن وضع المفاوض الفلسطيني المغوار؟ الذي باع البلاد وما فيها من عباد !!. وأي تحسين لوضعه وهو الذي تنازل عن كل شيء، وليس عنده سقف للتنازل؟. هل كانت دماء الشهداء لأجل أن ينتفع بها أصحاب شعارات "الوحدة الوطنيه والمصالح العليا للشعب الفلسطيني"؟. إن الشهداء الذين قضوا لو أجابوا لقالوا: إن جهادنا كان لنيل رضوان الله باخراج الكفار اليهود من أرض الاسراء والمعراج، ولقالوا: إنا برءآء مما يصنعون. أما رجال السلطة فيعتبرون أن التنازل عن فلسطين والحفاظ على كيان يهود من هؤلاء المجاهدين وإيقاف المقاومة محافظة على المصالح التي يسمونها عليا للشعب الفلسطيني. كما أنهم يبيعون فلسطين تحت شعار "الوحدة الوطنية" الذي يراد منه وقف الجهاد والمقاومة للمخلصين بحجة مصالح عليا. أيعقل أن توجد ثورة هدفها تحرير الأرض من المحتل، فاذا بها تتحول الى الحفاظ على أمن المحتل !!؟ والله ما سمعنا بهذا من قبل؟ وصدق الله العظيم اذ يقول: ﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ ثم يأتي موضوع الهدنة أو وقف العمليات ضد يهود، ليتوج رجال السلطة بذلك الإنبطاح والسير في المخططات المرسومة. فلم تكن الدعوة للهدنة صدفة بعد مؤامرة وخيانة العقبة، ولم تكن المطالبة بها موجودة قبل خارطه الطريق، فهو سير في مخطط الكفار وجزء من تصفية القضية. وهو في نفس الوقت كالذي يخلي بينه وبين جلاده يذبحه. والمطلوب طبعا تفكيك الحركات التي تدعو الى مقاومة يهود ونزع سلاحها حتى ولو قبلت بالهدنة. إن دماء الشهداء ليست موضع مساومة وبيع وشراء ومتاجرة، فهي لم تسفك لأجل أحد يأتي ليغدرها ويستغلها في إمضاء هدنة أو اتفاق هدفه الأساس القضاء على من يفكر في جهاد يهود. إن على الحركات التى تتحدث عن هدن أن تعي أن جهاد يهود لا يلتقي بحال مع السير في بيع فلسطين ليهود، وعليهم أن ينتبهوا أنه يراد لهم المشاركة في مخططات التصفية تحت مسميات وذرائع مختلفة، وعليهم أن يرفضوا السير في هذا الطريق وأن يعوا أن من يقدم الشهداء لم يأخذ تفويضا من الله سبحانه بأن يسير في هذه المخططات. إن أحداً لا يملك الشهداء ولا الأرض المقدسة حتى يسوغ السير والإنخراط في خط التصفية للقضية الذي لا يرضى الله ولا الشهداء الذين بذلوا أنفسهم وبذلوا أغلى ما يملكون.... كلا والله. إن على هؤلاء أن يتوقفوا عن الإنخراط في خدعة ما يسمى بالهدنة وأن لا يكونوا ﴿ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا ﴾. كما يجب عليهم أن يقطعوا أن من يسير في بيع فلسطين لا يمكن أن يلتقي مع من يريد أن يحررها !!؟ إلا اذا كان ذلك الإلتقاء من أجل الاحتواء. ألا يرون من يتابع ويرعى ويهتم بموضوع وقف العمليات واستمرار الهدنة !!؟. ألا يفهمون ما معنى أن يرعى رئيس مخابرات أكبر دولة عربية هذا الأمر. ألم يشاهدوه يحمل إتفاق الفصائل في القاهرة ويطير به الى السي آي أي في اليوم التالي بعد آخر لقاء للفصائل عقد في القاهرة ؟ ألا يرون أنهم هم المقصودون من كل ما يجري؟ فلا حول ولا قوة الا بالله. ورجال السلطة يعاونهم علماء، باعوا أنفسهم للشيطان، يحاولون مع كل خيانة وتنازل تزيين ذلك وإلباسه ثوب الشرعية، وهم بذلك يسيئون الى الإسلام العظيم. ومثال هذ التزوير الرهيب ما قاله بعضهم عن إتفاق أوسلو من أنه فتح عظيم يشبه فتح رسول الله صلى الله على وسلم ودخوله مكة، أو أن الهدن لها أصل في الحديبية. وهذا افتراء وتزوير وقح. ذلك أن فتح مكة وصلح الحديبية قررهما الرسول الكريم من عرين الدوله الإسلاميه، ولم يشاركه القرار احد من الكفار. بينما قررت كل الإتفاقات مع يهود في عواصم دول الكفر ومن قبل الكفار وبإمضائهم، وسار في تنفيذها بعض من يزعمون أنهم من أمة الإسلام طوعا أو كرها. ثم إنه عليه الصلاة والسلام فاجأ قريش بجيش الفتح فإستسلمت له، فدخلها بجيشه فاتحاً منصوراً عزيزاً كريماً. أما القائمون على الإتفاقيات مع يهود فلم يأتوا فاتحين ولا أعزة ولا كرماء، بل أذنت لهم (إسرائيل) بالدخول منزوعي السلاح تحت حراب يهود وفي قبضتهم. يضاف الى ذلك أن فتح مكة جعل للمسلمين سلطانا فيها، وجعل السيادة للشرع، أما إتفاقيات الفلسطينين فقد جعلت السلطان للكفار على المسلمين في فلسطين، وليس لرجال السلطة من الأمر شيء ولا يملكون أمرهم، وصدق رسول الله فيهم في حديث أخرجه أحمد في مسنده "... وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم بشيء". ورجال السلطة لا يمثلون أهل فلسطين، وهم كغيرهم من أنظمة الحكم في بلاد المسلمين لا ترضى عنهم شعوبهم بل هم متهمون لديها. ولو خلي بين الناس في فلسطين، لاختاروا الإسلام لا الإستسلام شريعة، ولنصبوا عليهم من يحبونهم، ومن يأخذ بيدهم، ومن يوحدهم ويطبق شرع الله فيهم، لا من يتآمر عليهم ويسلمهم ويحارب وحدتهم وجهادهم. وأما موضوع "الممثل الشرعي والوحيد"، فقد جعلوه شرعيا ووحيداً حتى لا يحاسبه أحد عندما يخون ويتنازل.؟!. ويهود والأمريكان من وراءهم، يدركون أن الحكام جميعهم ليسوا شرعيين ولا يمثلون إرادة شعوبهم، لذلك فهم يعملون على جعل أفكارهم السياسية، من سلام واستسلام، وتنازل عن الحقوق، وأخذ الديمقراطية، ثقافه جماهيرية عند المسلمين. لكن خاب فألهم وخسئوا، فهم يحاربون الله. قال عز وجل :﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ﴾. إن من يظن من المسلمين أن الإعتماد على الغرب وتحركاته السياسية وإرسال المبعوثين، يغدون ويروحون...إن من يظن أن في هذا نفعا لفلسطين يكون واهما مخدوعا، هذا مع إفتراض حسن النية في من يظن، فكيف بمن يعتمد على الغرب ويواليه، غادرا بأمته، خائنا لقضيته، يداوي عامدا بالتي كانت هي الداء!!؟ أليس الغرب نفسه هو الذي زرع دولة يهود في فلسطين، وأمدها، وما يزال، بأسباب الحياة الإصطناعية ليستطيع من خلالها، ومن خلال توابعه من العملاء، أن يحفظ مصالحه ويبقي على استعماره ونفوذه ويستنزف مقدراتنا ؟ فهل كانت توجد دولة يهود أو تستمر لولا الغرب!؟ إن حكام المسلمين والسلطة لا يخجلون أن يستنكروا مقتل يهودي في عملية إستشهادية، ففي الوقت الذي تسفك فيه دماء المسلمين بالآلاف صباح مساء، في فلسطين، نراهم يشجبون قتل يهودي واحد ويغضون الطرف عن شهداء المسلمين، ولا يحركون جيشا او جزءا من جيش لنصرة فلسطين وأهل فلسطين، بل يستنفرون الجيوش لقمع المحتجين على مجازر يهود دون هوادة أو رحمة. إن هؤلاء الحكام والسلطة أمامهم لا خير فيهم يرتجى، فهم رغم كل ما يصنعه يهود، يتسابقون الى الإعتراف به وتثبيت كيانه. إنهم يقفون موقف المتفرج رغم ما يرونه من قضم يهود للقدس بل لفلسطين كلها جزءا جزءا، ومع ذلك يعتبرون التفاوض مع يهود نصرا مؤزرا. إن هؤلاء متبر ما هم فيه، شر على فلسطين ولعنة على أهلها. وعليه فلا يصح أن يكون الموقف هو الصلح مع يهود المغتصبين، ولا السير في ركاب الغرب والعمالة له والغدر للأمة والخيانة للقضية، وليس هو كذلك في التنسيق مع السلطة والحكام في تقزيم فلسطين الى أجزاء متناثرة هنا وهناك، بل هو جهاد يهود أعداء الله وتحريرها بالكامل. وبعد كل هذا وذلك، نقول: ألم يأن لأهل التفاوض أن يدركوا جريمة ما صنعوا وما يصنعون؟ ألم يأن لهم أن يدركوا أن تبعيتهم للغرب وتقربهم من يهود لن يزيدهم الا ذلا واحتقارا عند يهود؟ ألم يأن لهم أن يعوا أن من أعان ظالما سلطه الله عليه ومن ركن للظالمين أهلكوه؟ ألم يأن لهم أن يدركوا أن التنازل ليهود عن فلسطين، لن يجعلهم يكسبون ودا عند يهود، فالخانع الذليل لا يحترمه عدو ولا صديق. ألم يأن لهم أن يدركوا أن فلسطين لن تعيدها مفاوضات ولا مساومات، بل زحف وقتال وتحرير، فيهود ﴿ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمْ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ﴾. عندها يفرح المؤمنون بنصر الله. أما أولئك اللاهثون وراء التفاوض مع أعداء الله فلن يجنوا إلا الخزي على أيدي المسلمين وعذابا فوق عذاب يوم القيامة. فهل يعقل أهل التفاوض ؟!! أبو عقاب الشامي 01-19-2009, 08:25 AM الشعب الفلسطيني المسلم والأمة الإسلامية ... وقضية فلسطين إن أهل فلسطين المسلمين وكل أبناء الامة الاسلامية الواحدة مقتنعون أن حل الصراع مع يهود لن يكون من خلال التنازل والتفاوض وإسلام أهل فلسطين ليهود وامريكا، يفعلون بهم ما يشاؤون. كما أنهم يعلمون أن الصراع مع يهود صراع عقائدي سينتهي بتحريرها من اليهود المغتصبين، وذلك بعد أن يتخلص المسلمون من حكامهم، وبعد أن يتوحدوا في دولتهم، دولة الخلافة، التي تجيش الجيوش لإزالة هذا الكيان الخبيث الذي ترعاه أمريكا ودول الغرب ليكون خنجرا مسموما في خاصرة الامة الاسلامية. لكن أهل فلسطين، مثل سائر الشعوب الاسلامية، لا يملكون قرارهم السياسي، وتتحكم بهم أنظمة وسلطات عميلة للكفار خائنة لدين الله، تسير في مخططات أمريكا ويهود، من الإبقاء على ما يسمى بالدول الاسلامية ضعيفة منهوبة مجزأة يسهل افتراسها. وعليه فالمسلمون في فلسطين مغلوبون على أمرهم، وتتحدث بإسمهم ودون إرادة منهم سلطة فرضت نفسها عليهم، تعمل وتسير فيما يفرض عليها من أمريكا ويهود. وهذه السلطة كسائر أنظمه الحكم الموجودة في بلاد المسلمين، وبإسم الوطنية والتحرير، تسلم البلاد كل البلاد، والعباد لأعداء الله نهبا وتقتيلا وتشريدا، وتلاحق الشباب المسلم (الإرهابي) وتطبق أنظمة الكفر. وأهل فلسطين على قناعة من أن سلطتهم لا تملك حتى ارادتها في أبسط صورها، لأنها ببساطة تقوم بوظيفة، رسم دورها وبعناية من أتى بها الى فلسطين، ومن يدعمها، ومن تطلب هي منه أن يعطيها حقها، ويسمح لها باقامه (حلم) الشعب الفلسطيني، حتى لو كان ذلك في سجون يغلقها يهود ويحتلونها في دقائق. وإنه من المعلوم لدى القاصي والداني أن أهل فلسطين والمسلمين جميعا تغلي دماؤهم في عروقهم غضبا مما يحدث في فلسطين، وغيرها من بلاد المسلمين، وأن الأمه تلعن حكامها صباحا ومساءا، وتعتبرهم سبب مصائبها وأنهم أورثوها الذل والفقر والبعد عن الدين. والمسلمون من أدناهم الى أقصاهم على رأي واحد، والأمة تعتبر أن خلاصها بالاسلام ولكنها ساكتة، تتلوى كالمريض من غير آهات، وتبكي من غير دموع. إنها تقف موقفا ضعيفا مع أنها هي المرتجى. والمطلوب منها أن تأخذ حقها بيدها، وأن تتحرك، وأن تضع حدا لكل هذه الخيانات من حكامها والإعتداءات من أعدائها. والمسلمون يجب أن يقفوا الموقف الشرعي الذي أمرهم الله سبحانه به. فالله سبحانه طلب أن يجاهد المسلمون في سبيل الله، وأن يدفعوا أعدائهم، وأن يحكموا بالاسلام. ويجب عليهم أن يتحركوا تحركات جدية لمنع حكامهم من التفريط والتنازل عن فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين. كما أن سكوت أهل فلسطين والمسلمين جميعا، عما يجري ويحدث، يجرىء أمريكا ويهود، ويجعلهم يسقطون من حسابهم وجودهم، ويجعلهم يستمرون في عدوانهم، واغتصابهم لبلاد المسلمين لإطمئنانهم الى أن شيئا لن يمنعهم، ومن غير أن يخافوا عاقبة أفعالهم. إن سكوت المسلمين عما يحدث في فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين حرام شرعا.كما أن سكوت المسلمين عن حكامهم في الإستسلام والخيانة والتنازل ليهود والأمريكان حرام أيضاً. وإن سكوتهم عن حكامهم في الأصل حرام، ويجب تغييرهم بخليفة لهم. والمسلمون ليسوا مخيرين شرعا في مواجهة ما يحدث، والأمة ليست معذورة، بل هي مأمورة، ولا يجوز للمسلمين أن يسكتوا بحجة أن حكامهم يمنعونهم، فالجهاد واجب عليهم، وإذا منعهم مانع الحكام من ذلك فعليهم أن يغيروهم، وأن يقيموا من يقيم فيهم أحكام الإسلام ويطهر بيت المقدس وأكنافه من رجس يهود والى الأبد. لكن بعضاً من أبناء فلسطين، مضللون، ولا يعون حقيقة قضية فلسطين وحيثياتها، ويظنون أنها قضية خاصة بشعب مظلوم بقي وحيدا من غير تحرير ودولة، ويظنون أن ما تفعله السلطة في فلسطين باسم التحرر والوطنية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، فيه راحتهم من الإحتلال، وتحقيق لأشياء حققتها شعوب أخرى في المنطقة والعالم. وهؤلاء المغرر بهم لا يأخذون تجاه أنفسهم موقفا حقيقيا، من حيث أنهم مسلمون، وأنهم يحملون عقيدة الإسلام، والتي يجب أن توجه تفكيرهم وسلوكهم تجاه الواقع أمامهم. وهؤلاء الوطنيون السذج لا يعون مقتضيات مواقف الأمة الحقيقية تجاه أمريكا والغرب كله بعامة، وصنيعتهم (إسرائيل)، ونواطيرهم الحكام، لأن مواقفهم لا زالت عاطفية مشاعرية، وربما مخلصة لكنها قطعا مضللة. فهم يظنون أن دولة فلسطينية علمانية على جزء يسير من فلسطين إنجاز. وهم يتوهمون أن يهود يمكن أن يعطوا (الفلسطينين) شيئا. وهؤلاء يفرحون لنشيد يغنى أو علم يرفع في (دولة) لا يعرف أين تقام. لكنهم لا يفكرون ولا يحبون أن يفهموا. ولا يعون أن مصيبتنا هي في وجود دول تسمي نفسها عربية أو اسلامية عميلة، نرجو الله لو أنها تنتهي في كيان وحدة بدل تفرقها، فكيف بدولة تزيد الغثاء والتشرذم فوق تلك الدول. وهؤلاء المخدوعون لا يعون أن الاستقلال المزعوم الذي يجرون خلفه ثمنه التنازل عن معظم فلسطين ليهود، وهذا من أشد الأفعال حرمة عند الله. وهؤلاء الذين يتمنون تقليد من إستقل من دول العرب، لا يدركون أن استقلال العرب المزيف جاء نتيجة لزوال دولة الخلافة المتآمر عليها من دول الكفر. وهؤلاء يظنون أن (دولة فلسطين) العتيدة ستكون نموذجا (ديمقراطيا) مختلفا عن باقي الدول العربية التي يعتبرون هم وجودها عاراً. هؤلاء لا يلتفتون للجهة التي تدعم الكيان الفلسطيني المحتمل والتي تصنع قياداته على عين بصيرة، بل وتقدم لها كل الدعم من أجل المضي في محاربة الذين يرفضون الاستسلام والتنازل ليهود، ومن أجل السير في المخططات المرسومة. هؤلاء لم يفكروا لم سمح يهود (لقيادات) الشعب الفلسطيني بالعودة وبدءهم مشوار التنازل. هؤلاء لا يسمعون عن اللقاءات الأمنية العلنية قبل السرية مع يهود، حتى وهم يقتلون وينسفون ويسجنون. هؤلاء لا يريدون أن يسمعوا عن الساعات الطوال واليومية التي يجلسها رجال السلطة مع الاستخبارات الأمريكية لمحاربة المجاهدين (الإرهابيين) والتجسس على أهل فلسطين. أليست أمريكا هي العدو في بلاد المسلمين أم ماذا ؟. وهؤلاء المضللون ينزلون الى الشوارع ويطالبون أحيانا، بإخلاص، بوقف المفاوضات، ويحرقون الأعلام ويدوسون الدمى، ويطالبون بمقاطعة البضائع الأمريكية، ويكيلون الشتائم. لكنهم لا يعون أن هذا مما يسر أمريكا ويهود لأنه ليس العمل المنتج الذي يخشونه. هؤلاء المضللون فوجئوا مرة بتلاشى كل مظاهر السلطة الخادعة التي يتظاهر بها جماعة السلطة الفلسطينية، ففي لحظات هددت (إسرائيل) بإخلاء مواقع السلطة تمهيدا لقصفها فامتثلت كل أجهزة السلطة وتم القصف. وقامت (إسرائيل) بأعمال أنهت دويلة السلطة في لحظات فقطعت أوصال الجزر الفلسطينية، وأقفلت مطار غزة، ومنعت رجال السلطة من السفر، وعزلت المدن عن بعضها، وتوقفت بعض الإمدادات الغذائية. وهذا يدل على أن دولة السلطة المنتظرة اذا أعلنت فلن تكون أفضل حالا مما هي عليه الآن، في الضفة والقطاع. فدولة لا تملك الا البندقية المشرومة (المشطوفة)، ولا تستطيع حماية نفسها هي كذبة كبيرة، وهي أعجز من أن تحمي رعاياها، أو حدودها من قطعان المستوطنين. لماذا كل هذا الخداع، خداع وهم دولة يعشعش في أذهان المخدوعين؟ دولة لا تملك طائرة واحدة، ولا تملك دبابة واحدة أو صاروخا. دولة تم تعداد الرصاص لرجالها الاشاوس عندما أدخلتهم (إسرائيل) عبر الحدود!؟. وهؤلاء المضللون في أفكارهم، والحمد لله في تناقص، وهم قطعا يختلفون عن السائرين عن عمد وقصد في الخيانة والتنازل والإستسلام، ومن يلحق بهم من المنتفعين، وأصحاب المصلحة، والخائفين. فهؤلاء أصبح لا ينفع معهم النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أما أبناء المسلمين المغرر بهم، والذين يميلون قليلا مع دعاية الظلمة لسياساتهم وطروحاتهم في فلسطين، فالخير كل الخير فيهم أن يتجاوبوا مع الحقائق بعد إماطة اللثام والكشف عن كثير من اللبس والخداع والتزوير. ماذا يقول هؤلاء عندما يقرأون عن آخر الخطط من أجل اعادة تأهيل الخطباء والأئمة في فلسطين، تلبية للمطالب الأمريكية في محاربة (الإرهاب)؟! فقد نشرت صحيفة القدس العربي بتاريخ 16-1-2004 خطة لمدير الشرطة الفلسطينية يعلن فيها ما يلي: "تعتبر المساجد من الوجهة التاريخية، أحد أهم مراكز النشاط الحيوية، التي تتم بها عمليات الإستقطاب والتأطير والتعبئة للأجيال المتعاقبة، التي تحمل خيارات مشروع الاسلام السياسي المضاد للمشروع الوطني...وتمثل أيضا مركز اتصال جماهيري ومنبرا إعلاميا فاعلا ومؤثرا لأصحاب مشروع الإسلام السياسي".... فالإسلام في نظرهم، مضاد لمشروعهم الوطني. قطعا إن الاسلام مضاد لمشروعهم الوطني، القائم على التنازل عن فلسطين جزءا بعد جزء، وبيعها بثمن بخس، وأن نكون حراسا ليهود. وورد في هذه الخطة أن المطلوب "...فتح ملف أمني شخصي لخطباء وموظفي المساجد يتضمن النقاء الأمني والأخلاقي، والإنتماء السياسي والإرتباطات التنظيميه... إضافه الى اجراء المداهمات والتفتيش اللازم...وستعمل السلطه وفق الخطة على التسلل الهادىء للمساجد التي تسيطر عليها المعارضة". والمقصود بالنقاء الأمني هو عدم القيام بأعمال معادية ليهود، أما التسلل الهادىء، فيعني التجسس على الخطباء. وصدق الله العظيم إذ يقول: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾. ماذا يقول هؤلاء المضللون عندما يلقون نظرة سريعة على مناهج السلطة الجديدة؟! والتي هي من بعض إستحقاقات الإستقلال المزعوم والدويلة اللقيطة. ماذا سيقولون عندما يقرؤن عن الذي يتعلمه أبناؤنا في ما يسمى بالتربية المدنية التي تدعو الى مفاهيم الديمقراطية الغربية والحريات والاعلان العالمي لحقوق الانسان- اعلان العهر والكفر- الذي يبيح للمسلم أن يرتد عن دينه، ويبيح للمسلمه أن تتزوج من تريد، كافرا كان أو مسلما؟! كما أنهم في وزارة التربيه والتعليم ووزارة الثقافة، من خلال ما يعرف ببرامج التوعية، ينفرون بناتنا من الزواج المبكر، فلا يريدون لهم ذلك، وفي الجهة المقابلة يعلمون بنات الصف السادس ما هي وسائل منع الحمل. وكأن من بلغت اثني عشر عاماً تعرف الحمل ووسائل منعه. لكن المقصود من ذلك اللحاق بالثقافة الغربية، التي تشجع البنات أن يقمن علاقات الزنا والفاحشة خارج اطار الزوجية، وصدق الله العظيم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾. كما أن هذه المناهج تركز عند المسلم قبول الكفار ودمجهم بين المسلمين من باب الوحدة الوطنية، وقبول الرأي الآخر، مع أن ذلك يخالف عقيدتنا وقرآننا وسنه نبينا. وقد محوا من هذه المناهج كل آيه تتعلق بالجهاد، أو عداوة يهود أو كفرهم، واستبدلوا فلسطين بالضفة والقطاع، وصدق الله العظيم :﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾. إن الواجب على أهل فلسطين كلهم والأمة الإسلامية أن يقفوا وقفة حقيقية مع الذات وأن يحزموا أمرهم بأنهم أمة اسلامية واحدة وأن الصراع بين الأمة وغيرها لم ولن يتوقف، وأن ما يصيبنا ليس الا نتيجة لهذا السبب. إن اعتبار الصراع حضاري يقضي أن يفهم المسلمون واقع الصراع بشكل صحيح، فلا يستهجنون بعدها تصريحات أمريكا واليهود، بل يقفون المواقف التي يتطلبها منهم مبدؤهم، فلا يقفون المواقف المشاعرية التي لا تقدم ولا تؤخر، أو يستجدون الحلول من أمريكا أو الأمم المتحدة، أو يظنون خيرا بالحكام. إن إعتبار الصراع مبدئيا حضاريا، هو الذي يجب أن يتحكم بنظرة المسلمين للحل ، تماما كما تتحكم نظرة المصالح بأمريكا. أما الموقف الحقيقي من أمريكا ويهود ومن حكام المسلمين فيكون بالعمل على إقامة دولة إسلامية، فهي الطريقة الوحيدة التي تظهر بواسطتها حضارة الاسلام، وبها يخاض الصراع الحضاري. وهذا ما تعي عليه أمريكا ويهود والغرب، ويعملون جاهدين على منعه. بل ويستخدمون الحكام الذين جعلوهم على رقاب المسلمين ليقصوا الإسلام بواسطتهم عن الحكم، وليستولوا على خيرات بلاد المسلمين. والحفاظ على الدول العربية، مقسمة مجزأة، تحافظ كل واحدة على وطنيتها، يعتبر أهم الإستراتيجيات التي يتبعها الغرب ويهود في ذلك. وما قبول أمريكا ويهود بدولة فلسطينية علمانية تشبه أخواتها العربيات العميلات للغرب والملتزمات بتحقيق مصالحة إلا إمعانا منهم في السيطرة والاذلال، وإفشال مشروع الإسلام السياسي القادم المتمثل بإذابة كل الكيانات الوطنية في كيان دولة الخلافة، لا زيادة عددها وتفرقها. إن حكام المسلمين مثلهم كمثل الأجراء عند الغرب، يعملون له ويسيرون بحسب مخططاته، لذلك فان الموقف الحقيقي من أمريكا، ومن اليهود يتطلب من المسلمين أن يقفوا الموقف الحقيقي من الحكام أيضا. فهؤلاء الحكام على سبيل المثال لا الحصر يطلبون من وزراء داخليتهم الاجتماع من أجل محاربه الارهاب بحسب المفهوم الأمريكي، أي مساعدة أمريكا في حربها على الاسلام، ومنهم من يحاكم عشرين شخصا متهما بالعمل على تهريب أسلحة الى داخل فلسطين لمساعدة اخوانهم، ومنهم من يسلم الشباب المسلم المجاهد لدول الكفر، ومنهم من يغير مناهجه لتوافق أهواء طاغوت الغرب، ومنهم من يدفع فاتورة حرب الصليبيين ضد المسلمين بعد أن مكنهم من بلاده...فلا حول ولا قوة إلا بالله. إن الحكام أصبحوا خط الدفاع الأول عن مصالح الغرب، ولا يمكن تجاوزهم اذا أرادت الأمة مواجة أمريكا او (إسرائيل). ولما كان المسلمون هم أهل المنطقة وهم الذين يرتبط حاضرهم بماضيهم، فلا بد أن يكون هذا الإرتباط ممتدا الى مستقبلهم كذلك، فالمستقبل فيها هو للأمة الإسلامية وللأمة الإسلامية فقط، ولا مستقبل فيها لغيرها لأنه غريب عنها، وسيظل غريبا عنها مها طال عليه الزمن ومهما بلغ من القوة والغطرسة ومهما أمدته دول العالم بأسباب البقاء، فالأمة الإسلامية أمة عريقة في الأمجاد والحضارة والفكر، ومهما طالت غفوتها واستطال سباتها من جراء العوامل الكثيرة التي تراكمت عليها عبر القرون، فانها ولا ريب كائن حي ستتمرد على القيود التي كبلتها وستحطمها لتنطلق من عقالها وتعيد الأمور الى نصابها في المنطقة لا سيما وأنها والحمد لله ما زالت تؤمن بالله ورسوله ولم تنسلخ عن إسلامها، وأنها تلك الأمة العسكرية التي تكمن فيها حوافز الغزو والفتح والتوسع وتحرص على الموت حرص الأمم الأخرى على الحياة. أبو عقاب الشامي 01-19-2009, 08:26 AM ماذا تريد أمريكا في فلسطين ؟ أمريكا تريد أن تبقى دولة يهود دولة قوية مرتبطة بها، وخطا متقدما يحول دون وحدة المسلمين في كيان واحد. وأمريكا تعمل على أن لا تسمح لأي بلد أن يكون عنده قوة مسلحة مسلمة تشكل خطرا على مصالحها أو على يهود. وأمريكا تريد إنشاء دويلة هزيلة فلسطينية عميلة لها لا تدفع عن نفسها الذباب، ويمكن أن تحتل خلال دقائق. وبهذه الدولة الكرتونية تريد أمريكا أن تنهي قضية فلسطين الى الأبد، ويتحقق بها الإعتراف القانوني والشرعي بيهود المغتصبين فلسطينيا وعربيا وإقليميا ودوليا. وأمريكا تريد ضياع معظم فلسطين لصالح يهود، وبموافقة أهل القضية الذين يعملون لحساب أجهزة إستخباراتها للتنازل عن كل ما تريده امريكا واسرائيل، وتقديمه على طبق من ذهب مهما كان. وأمريكا اليوم تعمل على الإمساك بكل مفاتيح القضية عن طريق التحالف مع يهود ضد مسلمي فلسطين والمنطقة تفعل بها ما يوافق مصالحها. وأمريكا بعد أن تلقفت منظمة التحرير من أوروبا بعد أوسلو تحاول إخراج الاوروبيين من اللعبة السياسية والتفرد بها وحدها. وأمريكا تتبنى مشاريع سياسية في فلسطين لا تختلف عن بعضها الا في الإسم، أما الأهداف فكما ذكرنا. وأمريكا ليست مستعجلة في حل القضية الفلسطينة كثيرا الآن، فإستعمارها الجديد لبلدان العالم الاسلامي، للسيطرة عليها ولنهب خيراتها وتقسيمها ومنع قيام دولة الخلافة ...كل ذلك يشكل أولوية لديها، وملفا أسخن بالنسبة لها. لكن أمريكا تحرص على الظهور وكأنها منشغلة بالقضية الفلسطينية للتضليل، والهدف عندها إشغال المنطقة، ولصرف الإنظار عما تفعله بالمسلمين في مناطق أخرى. وإنشغالها بقضية فلسطين يعتمد على قوة الضغط السياسي لإرادتها ومقدار صمود يهود أمام مطالبها. كما يتأثر بموسم الانتخابات لديها، والذي تحرص فيه على عدم إزعاج يهود كثيرا. فمثلا الآن والإدارة الإمريكية على أبواب الانتخابات، لا يتوقع أن يحصل شيء يضايق يهود، و يستلزم منهم التنازل عن بعض أشياء. لذلك ستستمر الحالة القائمة في فلسطين على الأقل حتى بعد الانتخابات المقبلة (11-2004). ووجود دولة (إسرائيل) في فلسطين مسألة استراتيجية ثابته في السياسة الأمريكية، سواء عند الحزب الديمقراطي أو الحزب الجمهوري. والساسة الأمريكيون يرون في وجود (إسرائيل) قاعدة لهم يستخدمونها لحفظ مصالحهم ونفوذهم. وليس تأييدهم لها هو مجرد خدمة لليهود، فأمريكا هي مثل سائر الدول الإستعمارية تجعل مصالحها أساسا لسياستها، وفوق أي إعتبار. وليس عند الدول الإستعمارية سياسات مبنية على العواطف. وإدراك أمريكا للدور الذي يمكن أن تقوم به (اسرائيل) لخدمة المصالح الأمريكية في المنطقة هو الذي يدفعها لتغدق على (اسرائيل) ما أغدقت من مقومات مادية ودعم معنوي، وقد تحقق لأمريكا ما أرادت من تغلغل في الشرق الأوسط، فكانت (اسرائيل) هي الفزاعة وأمريكا المستفيد الأكبر سياسيا. ولا تقبل أمريكا أن تكون مسيرة من (إسرائيل) ولا من جماعة الضغط اليهودي لمصلحة (إسرائيل). نعم يوجد في أمريكا من يتعاطف مع يهود، ومن يفهم مصلحة أمريكا أنها بالإنحياز الكامل مع (إسرائيل) ويوجد فيها من يرى غير ذلك. ولكن تبقى في النهاية أمريكا ومصالح أمريكا هي الأساس عند الجميع. أما حكومة (إسرائيل) هذه أو تلك فإنها شيء عابر، وقد تختلف معها حكومة أمريكا أو تتفق حسب السياسات التي تسلكها حكومة (إسرائيل). والحاصل أن أمريكا تريد (إسرائيل) أداة لها، وحكومات (إسرائيل) تريد منافسة أمريكا ومزاحمتها. وهذا هو الخلاف الأساسي بين الحكومتين، ويكاد يكون دائميا. وهكذا كلما تقدم (إسرائيل) على سياسات أو تصرح بسياسات لا تريدها أمريكا في فلسطين وغيرها تبدأ الضغوط السياسية على يهود حتى يرجعوا الى ما تريده حكومة أمريكا. كما يلاحظ أيضا أن حكومات أمريكا تدخل في اداراتها ساسة يهود، وهذا أسلوب كي يبرهن الأمريكان أنهم حين يختلفون مع حكومات (إسرائيل) أنهم ليسو ضد مصالح يهود الحقيقية في المنطقة، بل ضد سياسة حكومات هي لا تدرك مصلحة (إسرائيل)، كما يعبر الساسة الأمريكيون. إن زعماء أمريكا يسوسون بلادهم بحسب مبدئهم ووجة نظرهم في الحياة. وكل عمل يقومون به لا يفسر الا على ضوء ذلك. وأمريكا دولة رأسمالية تتحكم فيها نظرتها للمصالح. وهي دولة استعمارية، مستعدة أن تحرق العالم كله من أجل تأمين مصالحها، ومصلحتها هي مع اليهود في إحتلالهم، وفي عدوانهم وفي إغتصابهم، وهي ضد المسلمين لأنهم أصحاب مبدأ وحضارة ويشكلون خطرا على مصالحها، وتهديدا فعليا لزعامتها. إن أمريكا تسلح يهود بأقوى وأحدث الأسلحة، وتدعم كيانهم اقتصاديا، وتغطيه سياسيا، لأن مصلحتها تقضي ذلك. لذلك نجد أن موقفها من اليهود ومن كيانهم حقيقي. ولا يؤثر في هذا الموقف استهجان الأوساط السياسية الحاكمة في بلاد المسلمين والسلطة، وتعتبر إستهجانهم لأفعالها تجاه المسلمين، وتجاه أهل فلسطين خاصة إستهجانا ظاهريا لا يصل الى مواقف عملية، حيث ترى الإدارة الأمريكية رأي العين، أن هذه الأوساط تروح وتجيء الى واشنطن تلتمس منها العطف والرعاية لفلسطين، على الرغم من مواقفها المنحازة ليهود... نعم، هكذا تتصرف أمريكا مع حكام العرب والسلطة، وهي تدرك أنهم ليسوا مخلصون لقضاياهم، وأنه لا يهمهم الا البقاء فوق كراسيهم ولو احتلت البلاد وقتلت العباد. أما حكام يهود عند أمريكا، فهم أناس ليسوا خونة لشعبهم، ولا يتنازلون عن حقهم، ولذلك فهي تحترمهم، ولو خالفوها، وتحتقر حكام المسلمين المفرطين. والناظر في مواقف أمريكا من أحداث فلسطين يرى ذلك جليا. فعندما يفعل يهود بالمسلمين في فلسطين الأفاعيل، يكون رد أمريكا أن ذلك عملية دفاع عن النفس، لولا بعض مظاهر القسوة. أما اذا قام مسلم مجاهد بعملية إستشهادية ضد يهود، عندها تقوم أمريكا تزبد وترغي، وتصف العمل بالإرهابي، وتستنكر قتل الأبرياء أشد الاستنكار وتقدم التعازي الحارة ليهود. وهكذا فمواقف أمريكا في فلسطين لصالح يهود هي بسبب مصالحها الاستعمارية كما ذكرنا، وبسبب حقدها على الإسلام وحضارتة وأهلة. كما أن تماديها في مواقفها في فلسطين وغيرها من قضايا المسلمين آت من قناعاتها أن السياسين وما يسمى المفكرين والاعلاميين في بلاد المسلمين منهزمون أمام حضارتها. فهي تدرك أن مواقف هؤلاء تغلب عليها ردة الفعل، والإنهزام الفكري، وغياب الأساس الذي تبنى عليه المواقف، فيكثر عندهم: الشكاية والصراخ، والتعبير الحار، والتصريحات المنبطحة، ولا نرى عندهم التوجه الصحيح ولا العلاج الصحيح. وكل ما يفعلونه هو أنهم يطالبون أمريكا أن تلعب دورا ايجابيا في حل قضية فلسطين، وينادون بأهمية اقناع الشعب الأمريكي بالحق العربي، وإنشاء ما يسمى باللوبي العربي للضغط على الحكومة الأمريكية، ويقولون إن خطاب بوش جاء مخيبا للآمال، ويقولون إن الأمم المتحدة أو مجلس الأمن جاء قراره منحازا، ويطلبون من الأوروبيين أن يلعبوا دورا إيجابيا في الأحداث !!. ولأجل تضليل الشعوب، ومنه الشعب الفلسطيني، بعد كل موقف أمريكي منحاز تجاه يهود، فإن أمريكا توجه حكام المسلمين والسلطة لإتباع سياسة الاستهجان، وإظهار عدم الرضى، وذلك حتى تراهم شعوبهم يفعلون شيئا من مثل أن يقولوا: أن أمريكا تكيل بمكيالين وأن امريكا تقول أن شارون رجل سلام، أو قولها أن السلطة لا تقوم بما يكفي لمحاربة الإرهاب !!؟. لكن الجديد الآن أن أمريكا لم تعد بحاجة الى المناورة والمداورة لإرضاء عملائها، وعدم إحراجهم في ضرب مشاعر المسلمين علانية جهارا نهارا، فقد كانت من قبل تراعي شيئا من الوزن لهم. لكنها اليوم لم تعد تعير إهتماما ليس فقط لأعدائها، بل حتى لعملائها، فلا تلقي لهم بالا، بل هي تهينهم وتنعتهم بشتى الأوصاف، وهي في مأمن من عدم احساسهم بالاهانة أو تأثرهم بالمهانة. انها لمن المآسي المفزعة أن يكون أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه الى السموات العلى، أن يكون تحت سلطان يهود، ينتهكون حرماته ويعيثون فسادا وإفسادا فيه و حوله، بعد أن اغتصبوه وأقاموا كيانهم المسخ، ومن ورائهم أمريكا تمدهم بالحديد والنار، وتثبت كيانهم بالقرار تلو القرار، ومع ذلك يتخذها الحكام وأعوانهم حليفا أو ويسطا نزيها، يضعون 99% من أوراق الحل لقضايا المنطقة في سلتها، يهرولون اليها، بل يتوسلون، كما قال قائلهم، لعلها تصغط على يهود ليعطوا أهل فلسطين شيئا من حقهم. وأمريكا هي غطاء يهود في القيام بمجازرهم في حق أهل فلسطين، بل هي تبارك ذلك وتدعمه. وإن كل ما تفعله (إسرائيل) يأتي بأوامر أمريكية وبتخطيط أمريكي، وما يهود الا يدها التي تنفذ وتقتل وترتكب أبشع المجازر. إن أمريكا هي الملامة الأولى وهي المدانة الأولى... فما بال حكام المسلمين كالمستجير من الرمضاء بالنار؟، ويطلبون منها أن تكون رسولها الى يهود؟. إن امريكا أكثر إجراما بحق المسلمين من يهود، وأكثر عداءا لهم. فكيف يرجونها هؤلاء ويتوسلون اليها!!؟ إن التشابه شديد بين إجرام أمريكا وإجرام يهود، في نشأتهما وفي أعمالهما السياسية. فأمريكا سبقت يهود في إبادة آلاف الآلاف من سكان الأرض الأصليين، ومن الزنوج لكي يحلوا محلهم كما فعل يهود. ألا يقوم الأمريكان في أرجاء العالم الإسلامي بقتل المسلمين بمئات الآلاف واستعمال الأسلحة المحرمة دوليا كما تفعل (إسرائيل)؟ ألا تفرض أمريكا الحصارات والعقوبات الاقتصادية فتقتل الآلاف من الأطفال في صور لا تختلف عما تفعله (اسرائيل) اليوم ؟ ألم يقل بوش ان الحرب "صليبية" على المسلمين؟ ألم يصف المسلمين بأنهم ارهابيون؟ فما الذي فعلته دولة يهود ولم تفعله أمريكا بحق المسلمين؟ بعد هذا البيان... فلماذا يتصرف حكام العرب والمسلمين هكذا؟ ألأنهم يجهلون ذلك؟. أم لأنهم يعتبرون أنفسهم غير مسلمين؟ وبالتالي فإن قضايا المسلمين ليست قضاياهم؟ أم أنهم خونة، جبناء، ضعفاء، هانوا على أنفسهم فهانوا على أعدائهم، فصاروا يستخدمونهم في خططهم وأصبحوا عيونا لأعداء الأمة خصوما لها ؟ إن أمريكا تجعل لحكام المسلمين العملاء لها، دورا بارزا في حربها المعلنة على المسلمين وحضارتهم. ويخطىء من يظن ان حكام المسلمين والعرب ومنهم السلطة الفلسطينية لم يكونوا على علم بما سيحدث للمسلمين في فلسطين. الأرض تباع والناس تقتل وتهجر وتسجن. أما حكام فلسطين، وأزلامهم فقد بقوا طلقاء، حياتهم مضمونة، وسلامتهم مكفولة، يصرخون ويصرحون ويهرعون الى أمريكا لعلها تعيد لهم من (إسرائيل) حقا ساهمت هي في إعطائه ليهود، وخططت هي للمجازر التي جرت وتجري في فلسطين، ومع ذلك يرتمون في أحضانها، لا بل يرفعون شارات النصر "رايحين رايحين الى الأقصى شهداء بالملايين"؟. من الذي سيروح؟ أهل مخيم جنين ورفح ؟ أم رجال المنتجعات المفاوضون الأشاوس!؟ إن المتتبع لما يجري في فلسطين يرى عجبا!!، والمشهد على وجوه عدة: فمن جهة تقوم دولة يهود بالمجازر. ومن جهة أخرى يتصدى أهل فلسطين للمجرمين اليهود بما لديهم -على ندرتة - مظهرين بطولة وصلابة. ومن جهة ثالثة تقدم السلطة رجلا في النزال وتؤخر أخرى، عينها الأولى على المقاومة، وعينها على ما تريده من مفاوضة، فتعتقل المقاومين هنا وهناك وتقفل مقارهم وتعتبرهم خارجين على القانون، بل إرهابيين، وتطالب السلطة يهود أن تمهلها قليلا لتنفذ المطلوب منها. فيكون الإمهال من يهود أن يضربوا السلطة بين أقدامها، ولكن بعيدين كل البعد عن رأسها، منذرين ومتوعدين المرة تلو الأخرى. ومن جهة رابعة تقف الدول الكافرة موقف العداء لأهل فلسطين فتدين الضحية وتبرىء الجلاد، وتتوالى الوفود بين السلطة ويهود لإستمرار التنسيق الأمني، وتحريك المفاوضات وتقريب الكراسي، على حساب من يذبح ويسجن، ضمن معادلات محسوبة مدروسة. أما الأنظمة العربية، فهي تتعاون مع السلطة لتسهيل الدخول في هذه المعادلات المحسوبة المدروسة للوصول الى (السلام العادل الشامل) الذي يعني تثبيت كيان يهود في معظم فلسطين مقابل سلطة جزئية في جزء من فلسطين. وهكذا تتشابك الأمور وتتقاطع ضمن معادلات وتداخلات طويلة عريضة. كل ذلك لأن الصراع لم يحسم مع يهود على الأساس الصحيح الذي يوجبه الإسلام. بل إن هذا الصراع تريده السلطة مع يهود مدخلا للجلوس على مائدة المفاوضات لتمتزج الدماء الطاهرة بحبر المفاوضات الخاسرة الخائنة. إن امريكا اليوم تقود ثقافة جديدة مع حكام المسلمين العملاء لها وغيرهم تقوم على الإستسلام، والإنبطاح. وهذه الثقافة تركزت عندهم جميعا، خصوصا بعد المشاهد المقصودة لصدام بعد اعتقاله. وصدق الله فيهم اذ يقول :﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(51)فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ ﴾. هذا هو حال الحكام المطايا اليوم. لكن المسلمين الذين تعلموا الإنقياد للحكام وأعوانهم، خوفا وطمعا، عليهم أن يتعلموا الإنقياد لله سبحانه، بأن يعملوا من أجل نصره دينه فقط ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾. أبو عقاب الشامي 01-19-2009, 08:27 AM اليهود وفلسطين... وصفاتهم في القرآن يهود يطمحون لأن تكون كل فلسطين لهم، يهودية صرفة، بأيديهم، وبسيطرة عسكرية واقتصادية كاملة. ويهود يعلمون أنهم لا يفاوضون السلطة بل أمريكا، من خلال رجالها في السلطة، للتنازل للفلسطينين عن بعض ما يشاءون. ويهود كما وصفهم عز وجل خونة عهود، لا يعطون شيئا، وهم أشد الناس عداوة للمسلمين. قال تعالى فيهم: ﴿ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾، وقال :﴿ أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا﴾، وقال: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾. لكن رجال السلطة وحكام والمسلمين لا يصدقون الله ، فهم علمانيون أتى بهم الكافر المستعمر ليسوموا المسلمين سوء العذاب، وليمكنوا الكفار من خيرات بلادنا، وليمنعوا وحدة المسلمين مرة اخرى في دولة اسلام واحدة. لكن خاب فألهم وفأل من أتى بهم، ولن يتمكنوا من إنهاء قضية فلسطين على الوجه الذي يشتهون من تطويب للأرض ليهود وملاحقة المجاهدين بإسم الإرهاب المزعوم. إن يهود يستمرون بلعب دورهم العقائدي والتاريخي المعروف عنهم، وهم حتى لا يملكون أن يخرجوا عن هذا الدور، فهم قبل كل شيء، وقبل أن يكونوا سيساسين براجماتيين عمليين، هم يهود. وهذا يعني أن تعاملهم مع قضاياهم السياسية تحكمه توراتهم المحرفة، وقناعتهم بأنهم أسياد العالم المختارين، ولا تحكمه مصلحتهم وفائدتهم المنفعية فقط. وهذا هو سبب نكوصهم على عهودهم ووعودهم، وفي هذا تدميرهم باذن الله، لأنهم يسيرون باتجاه تحقيق وعد الله باخراجهم من فلسطين. وهكذا فإن يهود ليسوا أذكياء سياسيا ليقدموا بعض التنازلات غير المهمة والتي بها يمكن لهم أن يلتفوا على (الفلسطينيين) وغيرهم، فيتفرغوا بعدها الى السيطرة الاقتصادية والتطبيع وغيره. لكنهم وإن عرفوا ذلك، لكنهم لا يستطيعون أن يفعلوه، والسبب الوحيد وراء ذلك هو طبيعتهم وصفاتهم اليهودية التي لا يملكون هم أنفسهم تغييرها. ويهود سائرون في طريق تحقيق وعد الله دون أن يدركوا ذلك. ومهما تنازل لهم (الفلسطينيون)، خيانة للمسلمين، فان يهود لن يسمحوا لهم بذلك، وسيستمرون في عدم إعطاء أي شيء للفلسطينيين، وسيستمرون في التنكب في عهودهم الكاذبة، وصدق الله فيهم: ﴿ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ ﴾، وكذب (الفلسطينيون) الذين بدل أن يحققوا بالجهاد وعد الله في فلسطين، يسلمون العباد والبلاد ليهود. يا لمفارقات وعجائب الحياة !!. يقول عز وجل:﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ(55)الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ(56)فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ(57)وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ﴾. هذه الآيات تتضمن بعضا من قواعد تعامل المسلمين مع أعدائهم، وبخاصة اليهود، في السلم والحرب، ونظرة الإسلام الى العهود والمواثيق. إن القرآن الكريم فيه حكم ما قبلنا، وحكم ما بيننا، وحكم ما بعدنا. وإن الآيات الكريمة التي ذكرناها مع ما حدث مع الرسول يوضح لنا، ولواقعنا، عدة أمور: 1- إن اليهود الذين شهد الله لهم بالنكث والغدر ما زالوا هم هم. وهم لم يعقدوا معاهدة مع حكام اليوم الا لينقضوها ويأخذوا منها المغنم، ويطرحوا المغرم على المسلمين. وهم من اتفاقية الى اتفاقية يحاولون أن يحققوا ما لم يحققوه في الحروب. 2- إن اليهود لا يضع حدا لإحتلالهم، ونكثهم، ويحقق فيهم عقاب الله، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا دولة المسلمين، لأن الرسول كان يفعل ذلك كحاكم للمسلمين. أما حكام فلسطين فقد اوجدوا من أجل أن يخونوا ويفرطوا. 3- إن الاعمال الجهادية التي تقوم ضد يهود يجب أن تستمر حتى تقوم دولة اسلامية تستأصل شأفتهم. ولا يجوز الدخول معهم في مفاوضات، ولا إبرام معاهدات، لأنهم على أرض للمسلمين اغتصبوها، ويجب دفعهم وعدم مفاوضتهم، فضلا عن أن إبرام المعاهدات هي من عمل الدولة الاسلامية لا الجماعات الجهادية، ولا يكون فيها إعتراف بملكية كفار لبلاد المسلمين. 4- إن العمل الجهادي على مشروعيتة لن يستطيع أن يحقق دفع اليهود، لأن حكام المسلمين يقفون في صف أعدائهم وهم يحمون يهود، فكان لا بد من إزاحتهم. فضلا عن أن ازاحتهم فرض مستقل بذاته، ثم اقامة دولة اسلامية ثم دفعهم كما هو مطلوب شرعا. وإن التنظيمات المسلحة مهما بلغت من قوة واعداد، فانها لا تدفع دولة، إضافة الى إحتواء الأنظمة الجائرة لهذه التنظيمات، والتجسس عليها، واختراقها، خصوصا وأن كثيرا منها تتعامل مع حكام المسلمين وكأنهم حكام شرعيين. و الحكام أدوات الكفار، وواجهة حربهم ضد المسلمين، يستغلون هذه التنظيمات أسوأ استغلال باظهار أن القتال أو المقاومة ليست من شأنهم كحكام، وأنها ليست بواجبة عليهم وأن عمل هذه الحركات كاف. وهم بذلك يتنصلون من أية مسؤولية، هذا قبل أن ينقلبوا عليها لأنها في قاموسهم وقاموس أمريكا (ارهابية). إن الواقع الذي نواجهه في فلسطين هو أن يهود يملكون دولة تملك القوى البرية والجوية والسلاح المتطور. ويتم تحريك هذا بقيادة تملك القرار السياسي، وتملك المقدرة على تنفيذ القرار السياسي. هذا الواقع يفرض أن يكون هناك في الطرف المقابل دولة تملك القوة والسلاح، وتملك اصدار القرار السياسي وتنفيذ هذا القرار. وبما أن الأنظمة القائمة الآن لا تملك شيئا من هذا، فإن الحكم الشرعي، والفرض الذي فرضه الله على المسلمين جميعا، هو ايجاد دولة إسلامية وخلافة تملك اصدار القرار وتنفيذه. فالجهاد هو الطريق الشرعي والسياسي الذي فرضه الله لإسترجاع فلسطين، والقضاء على كيان يهود ولحماية الأسر التي تشردت، والعمل على اعادتها الى ديارها، والثأر لهؤلاء الذين سقطوا شهداء في ساحات المعارك، يواجهون الدبابات والصواريخ بصدورهم العارية وحجارتهم. (إسرائيل) تحتاج ازالتها من الوجود الى جيوش زاحفة، ودبابات هادرة، وطائرات تسد عليها الأفق، وصواريخ تنقض كالأجل المحتوم تأتيها من كل مكان...وعندئذ لا نترك للبحر أن يبتلع يهود، وإنما ينفذ فيهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم "فيقتلهم المسلمون". هذا ما يطلبه الله منا:﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ﴾ والله لا يطلب أمرا فوق طاقة المخاطبين. 5- إن كل الاتفاقيات التي أبرمت مع يهود حتى الان ترعاها دول الكفر، وخصوصا امريكا التي تمد يهود بكل سبل الحياة، وهي أشد على المسلمين من يهود ويعاونها حكام المسلمين. 6- إنه لا يستطيع أن يواجه اليهود ومن وراءها، إلا كيان دولة للمسلمين يواجه كيان يهود، وجيش يواجه جيشها، فالأعمال الجهادية والإستشهادية لا تكفي. وبهذا يتحقق قول الرسول "تقاتلكم يهود فتقتلونهم". إن ما يقترفه يهود في الوقت الحالي من مجازر تجاه أهل فلسطين، ما كان لهم أن يفعلوه لو كانوا يعلمون أن حاكما واحدا في بلاد المسلمين يتصدى لهم، ويلحق بهم ادنى الاذى.كيف لا والحكام هم الذين عطلوا الجهاد، بل وألغوه في أحد مؤتمراتهم الخيانية دون أن يستحيوا من ربهم. إن يهود يتجرأون على المسلمين في فلسطين، ويتمادون في القتل والتشريد، وتهشيم العظام، وقتل الأطفال العزل بدم بارد، دون أن يحسبوا حسابا لأحد ولا يتوقعوا عقابا من احد. ويهود يدركون هذه الوقائع المؤلمة في المنطقة، ولهذا لا يستغرب وصف حكام يهود إحتجاجات وشجب واستنكار حكام المسلمين الكاذبة، على ما يجري في فلسطين، بأنها زوبعة في فنجان لا تلبث أن تزول. ويهود يجسون نبض الأمة من خلال مجازرهم المتتالية، فإن صمتت عن افعالهم سارعوا الى ما هو اعظم وأنكى. هذا كان شأنهم، منذ أول خطوة بدأوها في فلسطين، ثم أصبحت الخطوة خطوات، وقام كيانهم واستمروا في سلب الحق تلو الحق حتى الان، يساعدهم وبكل سرور (الفلسطينيون الأشاوس حماة القضية) والذين قدموا لهم آخر الحقوق وهو التنازل عن حق العودة...والحبل على الجرار. ومن الأمور التي تقض مضجع يهود، تزايد السكان في فلسطين. ولذلك فان سياسة (إسرائيل) هي العمل على إبقاء الفلسطينيين في حالة من الفقر والجوع والكبت والتقتيل والتشريد، ليدب اليأس والإنهزام في نفوسهم، ما يؤدي الى هجرتهم الى بلاد أخرى سعيا وراء لقمة العيش، وهربا من الكبت والتضييق واليأس. وهذا يتطلب القيام بحروب وهمية بين حين وآخر ينتصر فيها يهود، يمكن أن يتحرك أثنائها الفلسطينيون، ما يعطي مبررا لهم للقتل والتهجير. وهكذا يكشف لنا الله عز وجل من خلال الآيات التي تتحدث عنهم، وعن عللهم، ومنها الفسوق، وأنهم جماعة مفككة الاهواء رغم تعصبها، فهم لا يجتمعون على رأي، ولا يثبتون على عهد ولا يحفظ بعضهم عهد بعض ﴿ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾، وما من عهد يقطعونه على أنفسهم حتى ينقضه فريق منهم، فقد نبذوا عهودهم مع أنبيائهم، ونبذوا عهدهم الذي أبرموه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا أول أعدائه، وما حالهم اليوم بمختلف، وهم على نقضهم للعهود الى ما شاء الله. واليهود لا يعطون أحدا شيئا ولو بمقدار صغير ضئيل، وهذا ديدنهم، فهم شعب الله ( المختار)، والناس مسخرون لخدمتهم. فكيف ينزلون لأحد عن أي شيء عندهم ولو كان صغيرا. نعم ﴿ أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا﴾ أي بمقدار نواة التمر. ويكفي للتدليل على سلوكهم هذا ما يفعلونه في فلسطين من عدم تنازلهم عن أي شيء، ودوام نكوصهم عن مواثيقهم الخادعة. فيهود مع علمهم أن السلطة مستسلمة لكل إملاءاتهم، لكنهم لا يقبلون استسلام السلطة لهم ولا حتى أهل فلسطين، لأن هذا الاستسلام يكلفهم الكثير والذي لا يريدون دفع تبعاته مطلقا في أي وقت. ويهود يعتبرون أن استسلام أهل فلسطين يعني بقاءهم على أرضهم في غير ما تبغيه (اسرائيل) وتطلبه. ويهود لا يريدون استسلاما من عدو (أهل فلسطين)، لأن وجود (العدو) هو القاسم المشترك بين اليهود أنفسهم لبقائهم لحمة واحدة تجهد في محاولة الحياة. ومن طبع يهود التلكؤ والتبريرات. قال تعالى في محكم التنزيل عن قصتهم مع موسى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ(67)قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ(68)قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ(69) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ(70)قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ(71)وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾. إن المتدبر لهذه ا لآيات العظيمة، يتبين له طبع من طبائع اليهود المتأصلة فيهم وهو التلكؤ في تنفيذ ما يطلب منهم والبحث عن التبرير وراء التبرير لإطالة أمد التنفيذ، إن لم يتمكنوا من الغائه. هذه حالهم مع الله خالقهم ومع رسله اليهم وأنبيائه والناس أجمعين. فالحقوق لا تؤخذ منهم بالحجج والإقناع، ولا في معاهد الدراسات والمفاوضات بل تنتزع منهم إنتزاعا بضربات تنسيهم وساوس الشيطان، وهو العلاج الذي عالجهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة نتيجة خيانتهم ونقضهم للعهود والمواثيق. أما من يفاوضون يهود فلن يتعلموا الدرس أبدا: لم يتعلموا أن يهود قوم بهت، شيمتهم الغدر والخداع والمماطلة، ولم يتعلموا أن طريق مفاوضة يهود سيكون طويلا وشاقا ولا نهاية له، وأن النهاية لن يكتبها المفرطون الأشاوس بل الفاتحون المحررون. وأنى لهم أن يدركوا ذلك وهم أدوات عملاء؟! وقصة البقرة الصفراء، وقصة صيد السمك يوم السبت، وقصة شايلوك، مشهورة معروفة، ومن يعش سوف يرى العجب العجاب من يهود، حتى ينطق الحجر والشجر:"يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي تعال فاقتله". ويهود قوم جبناء ضعفاء. ولولا دعم لا محدود من الغرب والحكام لهم وملاحقة من يفكر حتى في ايذائهم، لأكلهم أبناء فلسطين بمفردهم، فكيف بكيان مخلص قيادة ومقودين؟ إن الأمثلة على جبنهم وضعفهم لا تحصى. ويكفي ذكر الحادثتين التاليتين للتمثيل: ففي سنه 1996 م. إندلعت بين الفلسطينين والجيش اليهودي مصادمات دموية، ومواجهات كثيفة، إثر المس بمشاعر المسلمين نتيجة إقدام يهود على فتح النفق الذي اخترق المسجد الأقصى وصولا الى ساحة البراق، في محاولة تهويده لطمس ما تبقى من معالم إسلاميه في بيت المقدس. فكان أن نزل الفلسطينيون واشتبكوا مع يهود المدججين بالأسلحة وقتلوا منهم وأسروا أربعين جنديا فيما يسمى بقبر يوسف بعد أن هرب الباقون. كل ذلك دليل على البطولة النادرة والشجاعة الفائقة التي إتسم بها الرجال الذين مرغوا كرامة الجيش اليهودي (الأسطوري) في الوحل. ولولا تدخل السلطة حينها وتهديدها لما أنقذ جنود يهود. وصدق الله فيهم اذ يقول:﴿ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ﴾. وفي 23-5-2000 أذاعت وكالات الأنباء أنه على إثر انهيار العملاء – جيش لحد- في جنوب لبنان فر جنود يهود من مواقعهم تاركين أسلحتهم بل حتى أمتعتهم، وعليه قرر المجلس الأمني المصغر لدولة يهود تعجيل الإنسحاب من جنوب لبنان قبل الموعد في تموز 2000. هذه هي دولة يهود، رغم ما ألبست نفسها ثوبا فضفاضا من القوة والعنجهية، لم تستطع أن تضمن إنسحابا منظما لجيشها في النهار، فانكفأوا مدحورين في الليل تاركين بعض أسلحتهم وراءهم. وهي لم تستطع حماية أمن يهودها فأدخلتهم الملاجىء، ومع ذلك فروا منها الى مناطق أبعد، فزعا وذعرا. هذه هي دولة يهود، لم تقاتل في حرب الا هزمت، فشيء من قتال في القدس القديمة وباب الواد سنه 48، هزمها، وشيء من قتال الكرامة سنه 67 دحرها، وشيء من قتال 73، أصاب منها مقتلا. هذه دولة يهود، لم تقاتل في حرب فعلية الا هزمت، ولكنها ما قاتلت في دهاليز سياسة العملاء إلا ربحت. وإغتصابها لفلسطين شاهد، وما حدث في كل الحروب الوهمية شاهد، وما يحدث من مفاوضات شاهد. ويهود مهزومي النفسية، إن يقاتلوا قتالا حقيقيا يهزمون ويولون الأدبار، وصدق الله فيهم اذ يقول :﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ﴾. والحرص على الحياة يورث الجبن فيخشى صاحبه الصدام والتضحية والإقدام، وواقع القتال مع يهود شاهد على ذلك. أما هالة النصر الخادعة التى أحاطت بهم والصورة المزيفة للجيش الذي لا يقهر، فقد رسمها الحكام العملاء في بلاد المسلمين بكثرة هزائمهم أمامهم في الحروب السياسية المصطنعة معهم، ما أعطاهم حجما أكبر من حجمهم، ليحافظ هؤلاء الحكام على معنويات اليهود من التداعي والسقوط، وليتخذوا من هذا الزيف والخداع سلاحا يواجهون به من يطالبهم بالقتال قائلين: كيف نواجه من لا طاقة لنا به، كما يزعمون ويدعون. إن ما يحصل في فلسطين، بإسم الوطنية والإستقلال المزعومين، خيانة كبرى ولن يجني منها الفلسطينيون الموالون ليهود أي شيء، فيهود خونة عهود ولا يعطون الناس نقيرا، وهذا وصفهم لا يتخلف الى قيام الساعة. وسيستمر هذا المسلسل، مسلسل تنازل المتنازلين الموالين ليهود، يتبعه نكران وتراجع من يهود عن وعودهم الكاذبة، حتى يتحقق وعد الله فيهم بتطهير الأرض المقدسة من رجسهم. وصدق الله اذ قال في الذين يوالون يهود :﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(51)فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ ﴾. صدق الله فيهم، وكذب كل من والى اليهود وسارع فيهم وحارب الإسلام عندما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمسلمون من الخندق، وقد نصرهم الله عز وجل على المشركين، وكشف لهم خيانة يهود بني قريظة، ولما كان الرسول في بيته يريد أن يغتسل من غبار المعركة، أتاه جبريل عليه السلام وأمره بالذهاب الى قتال بني قريظة وقال له: ألا أراك وضعت اللأمّة ولم تضعها الملائكة بعد، إن الله يأمرك أن تسير الى بني قريظة، فاني عامد اليهم فمزلزل يهم حصونهم. فأمر الرسول عليه السلام أن ينادي المنادي "يا خيل اركبي، من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة". إن العداء مع يهود ليس عداء على مشكلة من المشاكل حتى تحل بالتفاهم، كما أنه ليس ثأرا موروثا ينسى ويضيع مع الأيام، أو مالا مسروقا يمكن استرجاعه، أو أرضا مختلفا عليها يمكن التعويض عنها. إنه ليس كذلك، ولا يمكن أن يكون كذلك. إن العداء بين المسلمين واليهود هو عداء عقائدي، عداء وجد يوم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإسلام الذي جعله الله خاتمة الرسالات، وجعله الطريق الى دخول الجنة في الدار الآخرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من يهودي أو نصراني سمع بي ولم يؤمن بي الا دخل النار". وليس غريبا على يهود أن يعادوا الحق، فهم على ما أكرمهم الله به من الرسالات والفضائل، قد ناصبوا الله العداء قبل بعثة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فهم الذين عصوا وكفروا، وكان قتل الأنبياء شيمة من شيمهم، والغدر من أبشع خصالهم. قال تعال:ى﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمْ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾، وقال: ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾. والآيات في وصف خبث يهود، وعدائهم للإسلام ولرسول الاسلام ولأمة الإسلام كثيرة في كتاب الله، وقد حذرنا الله منهم ونهانا عن موالاتهم، أو التودد اليهم، وجعل ذلك إن حصل منا طعنا في عقيدتنا وميلا الى ملتهم،قال تعال:ى ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾. وصفات يهود يصدقها الواقع، وليس المسلمون فقط من يعي حقيقتهم، بل كل من عاملهم وصل الى نفس النتائج. فأفعالهم ومكرهم وخبثهم قد أجمع عليه العالم قديما وحديثا، و منذ أيام رسلهم الى العصر الحديث. فأينما حلوا وارتحلوا فسدوا وأفسدوا، وكان لذلك كبير تأثير في إرسالهم للعيش في أرض فلسطين واغتصابها، إلتقاءا للمصالح مع الغرب الصليبيي الذي لا يقل حقدا ومكرا عنهم. حتى من حالفهم ومكن لهم بعد الحرب العالمية الثانية، الأمريكان، يعتبرونهم أخبث وأحقر من أوجد على وجه البسيطة. يقول الرئيس الأمريكي بنجامين فرانكلين في اليهود في الكلمة التي ألقاها في المؤتمر التأسيسي للدستور الأمريكي عام 1789 م.:"أيها السادة: هناك خطر كبير يتهدد الولايات المتحدة الأمريكية، وهو خطر اليهود. انهم حيث حلوا يقومون بتهبيط المستوى الخلقي، وتخفيض درجة الأمانة التجارية. انهم يحاولون الإمساك بخناق الأمة ماليا كما صنعوا في إسبانيا والبرتغال... إنهم مصاصوا دماء ومبتزوا أموال...واذا لم يخرج اليهود من البلاد بنص دستوري فانهم سيتدفقون على البلاد بأعداد تستولي على حكمنا وتدميرنا...وسيصبح أطفالنا يعملون في الحقول لإطعام اليهود وهم جالسون في المكاتب يفركون أيديهم طربا بما نالوه...إن لم تخرجوا اليهود نهائيا، فان أطفالكم وأطفال أطفالكم سيلعنونكم في قبوركم... إن النمر لا يستطيع تغيير جلده". هذه شهاده نسوقها للمضليين والناعقين. أما نحن المسلمين فنعرفهم منذ 1400 عام وقد صدقنا الله فيهم إذ قال: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ ﴿ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ وقال:﴿ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ﴾. واليهود على إختلاف أحزابهم يعتبرون أن القضية الفلسطينية هي قضية إسرائيلية داخلية. فاليهود هم الذين يحددون صيغة الحل وشكله، وهم الذين يحددون شكل الكيان الفلسطيني المنتظر وصلاحياتة، ويحددون حدوده. وهم يتفقون على أن هذا الكيان يجب أن يكون في جوفهم وفي داخل (إسرائيل)، وخارج مدينة القدس التي يريدونها موحدة تحت سيادتهم. ويهود كانوا مختلفين على تسمية الكيان الفلسطيني المنتظر، فكان حزب العمل يرى فيه دولة فلسطينية منزوعة السلاح، أي منقوصة السيادة أو ما كان رابين يسميه "أقل من دولة"، بينما يرى حزب الليكود فيه حكما ذاتيا موسعا. الا أن الحزبين اليوم يقبلون أن يسمى هذا الكيان "دولة" مع قناعتهم أنه لا يرتقي الى ذلك. وقبولهم بالتسمية يأتي تمشيا مع رغبة الإدارة الأمريكية التي تريد (إعطاء) دولة للفلسطينيين مكافأة لهم على خيانتهم، وتنازلهم غير المسبوق في فلسطين، ومكافأة لهم على التعاون الحميم في ما يسمى بالحرب على الإرهاب. كما أن قبول يهود بتسمية "دولة" يأتي موافقة مع تضليل الإدارة الأمريكية للشعب الفلسطيني المتعطش للتحرر والاستقلال. وعليه فاليهود اليوم لا يختلفون بشيء عن اليهود الذين حدثنا عنهم القرآن الكريم، ولن يختلفوا ما داموا يهودا. صفاتهم صفات غدر ولؤم وجبن وحقد وكره ومكر...انهم قوم غضب الله عليهم ولعنهم وجعلهم شرا مكانا وأضل عن سواء السبيل. إنهم أشر الخلق لم يتحملهم أي مجتمع أو أي شعب من الشعوب على مدار التاريخ. لذلك عملت في رقابهم السيوف، وشتتوا لسبب من نفسياتهم اللئيمة، وتعاليهم ونشرهم الفساد، وحبكهم المؤامرات. إنهم يهود أينما حلوا، وهم الذين قال قائلهم: إن يهود روسيا أو فرنسا أو انكلترا ليسوا روسا أو فرنسيين أو انجليز بل هم يهود فحسب...إنهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا وهذا قول قائلهم: يا أبناء إسرائيل إعلموا أننا لم نفٍ محمدا العقوبة التي يستحقها. وإن يهود اليوم كما كانوا عندما قالوا: أنهم يتقربون الى الله بزعمهم اذا قتلوا مسلما. فهل أمثال هؤلاء يمكن أن يقوم معهم سلام؟ حتى وإن لم يغتصبوا الأرض المقدسة، أرض الإسراء والمعراج، فكيف وقد فعلوا، وفسدوا وأفسدوا، وانتهكوا الحرمات والمقدسات؟ فكيف تمد لهم يد أو يطمئن لهم قلب؟ إن من يفكر بالصلح معهم من المسلمين يكون غاشا لربه ولنفسه وللمسلمين، ومصيره الخزي في الحياة الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة أبو عقاب الشامي 01-19-2009, 08:27 AM التطبيع مع كيان يهود والحكم الشرعي فيه التطبيع كما هو متعارف عليه دوليا: إعادة علاقات طرفين معينين الى وضعهما الطبيعي، الذي كانا عليه قبل أن يطرأ هذا الموقف الصراعي بينهما. وهذا المفهوم يعني إعادة العلاقات الى طبيعتها بين طرفين طرأ بينهما موقف غير طبيعي. أي موقف صراعي سواء بلغ حده الأعلى باعلان الحرب، أو حده الأدنى في حدود الصراعات العادية. وهذا المفهوم يذكرنا باصطلاح المقاطعة الذي يقصد منه: إجراء تلجأ اليه سلطات الدولة أو هيئاتها أو أفرادها المشتغلون بالتجارة لوقف العلاقات التجارية مع دولة اخرى، ومنع التعامل معها، او مع رعاياها بقصد الصغط عليها ردا على ارتكابها اعمالا عدوانية وما شابه ذلك. بعد هذه المقدمة التعريفية، نقول: إن التطبيع ورفع المقاطعة هو حلم صهيوني قديم، وقناعة عميقة في عقول قادة يهود منذ إنشاء دولتهم في فلسطين المحتلة المسلمة. لكن التطبيع عند يهود، وإن سعوا إليه، خبث ومكر وإفساد وهيمنة وعدم تنازل، وإلتفاف على المسلمين، ويقصد منه التمهيد والعمل لضربهم ومنعهم من النهوض والوحدة على أساس الإسلام، فيهود يريدون التطبيع للتضليل والسيطرة. وهذا التطبيع الزائف يقوم على مرتكزات أهمها: 1. إنهاء حالة الحرب بين الطرفين وإقامة سلام تستطيع فيه (إسرائيل) ان تعيش في أمان. 2. اعتراف كامل بالكيان اليهودي، وإقامة العلاقات الدبلوماسية والقنصلية وتبادل السفراء، وفتح الحدود أمام الأفراد والسلع. 3. إنهاء المقاطعة الاقتصادية العربية للشركات اليهودية والدول المتعاملة معها، وإزالة الحواجز ذات الطابع التمييزي المفروضة ضد حرية تنقل الأفراد والسلع. 4. إقامه علاقات ثقافية واقتصادية وسياحية وفي كافة الميادين وتشجيع ذلك. 5. السماح للسفن الاسرائيلية بعبور قناة السويس ومضيق ثيران وبحرية مطلقة، واستخدام كافة الموانىء. 6. تعهد عربي واضح وفعال بعدم مساعدة العمل الفدائي، ومنع الفدائيين من القيام بأي عمل يمس أمن يهود، وتقديم من يرتكب مثل ذلك للمحاكمة. ويهود يسعون لمكتسبات كبيرة وعظيمة من وراء هذا التطبيع بعد إقامة السلام المزعوم مع الدول العربية نلخلصها بما يلي: أ- إزالة الحاجز النفسي بين اليهود والمسلمين بحيث يتقبل المسلمون وجود دولة لليهود في قلب العالم الإسلامي كأي دولة اخرى. ب- إلغاء المقاطعة العربية والاسلامية (لإسرائيل)، والتي تحد من هيمنتها الاقتصادية على الأسواق العربية والإسلامية في الدول المجاورة، فقد سببت هذه المقاطعة كثيرا من الإحراج للشركات الأجنبية الكبرى خوفا من المقاطعة العربية لها. ج– الهيمنة على مصادر المياه الغزيرة في المنطقة، والتي يحتاجها يهود في الزراعة، فهناك مشاريع ضخمة مخطط لها لاستغلال الثروة المائية، خاصة لنهر الاردن واليرموك والليطاني إضافة الى نهر النيل. د– تهيئة ظروف مناسبة، وحالة سلمية تشجع يهود العالم للهجرة الى دولة تعيش في أمان، ضمن حدود معترف بها، فيهود فلسطين حاليا يشكلون ما يقرب من 26% من يهود العالم. وقبل بيان أهم مظاهر ومجالات التطبيع التي يسعى الى تحقيقها يهود، نعرض بعض ما قاله زعماؤهم في ذلك: يقول إسحق نافون، الرئيس السابق للكيان اليهودي:" إن العرب المسلمين قبلوا خلال مئات السنين بأن يكونوا أوصياء على اليهود، لكنهم لم يقفوا يوما أمام المعضلة التي حدثت الآن. مجال مشترك وحقوق متساوية لدولة إسلامية ولدولة يهودية تبدأ بالإعتراف، وتنتهي بالصداقة والتحالف". اما مناحيم بيغن رئيس الوزراء السابق فيقول: " لن يرفرف بعد الآن أي علم عربي فوق القدس، الا اذا كان هذا العلم فوق سفارة عربيه". اما حاييم هيرتسوغ، وهو ايضا رئيس صهيوني سابق، فقد قال اثناء حفل تقديم أوراق اعتماد السفير المصري الأول:" انني آمل ان تكون هناك لقاءات أخرى واحتفالات كثيرة يقدم فيها سفراء عرب أوراق اعتمادهم". أما أهم مظاهر ومجالات التطبيع فهي: أولا: التطبيع السياسي وهو أهم مظاهر التطبيع بين العرب والصهاينة، حيث أن عملية التفاوض في ذاتها تعتبر جزءا من عملية التطبيع. وهذا التطبيع ياخذ المظاهر التالية: التمثيل الدبلوماسي، والتمثيل القنصلي، والتنظيمات الشعبية لتدعيم العلاقات، ولقاءات القمة والزيارات المتبادلة بين الرؤساء، والعلاقات البرلمانية والحزبية، والعلاقات العسكرية. ثانيا: التطبيع الإقتصادي يعتبر التطبيع الإقتصادي من اكثر المسائل أهمية ليهود، فهم ينظرون الى خيرات الدول العربية الضخمة ويتطلعون الى السوق الإستهلاكي العربي الواسع. وتم التركيز على الامور التالية: التبادل التجاري، قطاع النفط، قطاع النقل والمواصلات، السياحة، وقطاع الزراعة معتمدين في ذلك على التفوق العلمي والتكنولوجي على المنطقة العربية. ثالثا: التطبيع الثقافي لا شك أن هذا التطبيع من أهم القطاعات في مجالات التطبيع. ذلك أن يهود يعلمون أن الشعوب لا تتجاوب مع ما يصنع الحكام من سلام مزعوم مع (إسرائيل). لذلك ينظر يهود الى التطبيع الثقافي على أنه الدعامة الرئيسية لبناء السلام مع العرب والمسلمين، فهو أكثر إقناعا وأكثر استقرارا من أي ترتيبات أمنية عابرة يمكن أن تتم. فهو ببساطة محاولة لنزع العداء ضد يهود من العقل العربي، والإسلامي المتأصل. لذلك تعددت مظاهر الإهتمام والنشاط الصهيوني في هذا القطاع وشمل عدة جوانب منها: إنشاء المراكز الأكاديمية، تبادل الزيارات بين أساتذة الجامعات، المؤتمرات العلمية، المجال التعليمي والتربوي، مجال الفكر والأدب، ومجال الرياضة والموسيقى والسينما والتلفزيون وغير ذلك. بعد هذ العرض السريع لأهم مجالات التطبيع، لا بد من بيان أهم مخاطر التطبيع على المنطقة: 1 – إستغلال الدين وتطبيعه، حيث أن الدين الحنيف لم يسلم من أيدي العبث الخبيثة لإقناع بعض السذج، عن طريق لي النصوص الشرعية لخدمة أهدافهم في عملية التطبيع، وقبول يهود في قلب الأمة الاسلامية. فالجهاد أصبح حربا دفاعية عندهم، ومنعت السور القرآنية التي تتحدث عن اليهود، وتذكر أوصافهم من الكتب المدرسية، وحذفت السور التي تتحدث عن اليهود وما فعلوه بأنبياء الله، ومنعت البرامج التي تتناول قصص اليهود من شاشات التلفزيون، وإستخدام فكرة الحوار بين الأديان لإلغاء أثر الشريعة من نفوس أصحابها، وانشاء لجان عمل مشتركة أمريكية مصرية أردنية فلسطينية يهودية لمحاربة التطرف الأصولي الإسلامي. 2- الإختراق الثقافي، عن طريق الإتفاق على عدة أمور ثقافية في الاتفاقيات الموقعة أهمها: إعادة النظر في البرامج الدراسية بحيث توافق التطبيع والسلام وما أسموه التعايش بين الشعوب، ونشر الثقافة والآداب اليهودية عن طريق المحاضرات والنشرات والمهرجانات والخدمات المكتبية والطلابية وغير ذلك. 3 – النشاط التجسسي بحيث إستطاعت أجهزة الاستخبارات أن تشق طريقها في الكثير من المدن في العالم العربي، خاصة مصر والاردن، وكثير من دول الخليج ولبنان. وقامت وتقوم بنشاطات مكثفة عبر شبكة هائله من العملاء والوكلاء تقوم بنشاطات تخريبية، والتجسس في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية. واستخدمت السفارات لهذه الغاية إضافة للمعاهد الأكاديمية خصوصا في مصر، والشركات والوكالات الصهيونية والسياح وغيرها. 4 – تمييع القضية الفلسطينية عن طريق مسلسل التنازلات، والخفض المستمر لسقف المطالب الفلسطينية. 5- تقييد و تحديد القدرة الدفاعية للدول التي تسمى بدول الطوق. ويتم ذلك بتقييدها في وضع قوات محدودة وسلاح محدود في المناطق المتفق عليها بناءا على الاتفاقيات. 6 – ضمان أمن وسلامة الكيان الصهيوني بعد عقد معاهدات السلام المنفردة، ومثال المعاهدة المصرية الصهيونية دليل. 7 - شق الصف العربي، وزيادة شرذمته. وذلك يظهر جليا من خلال إصرار الصهاينة على عقد اتفاقيات منفصلة مع الدول العربية. 8- نشر الفساد والرذيلة في المجتمعات العربية، وذلك عن طريق نشر الكتب والمجلات الدورية الفاسدة والبرامج الاذاعية والمتلفزة وعرض الأفلام الخليعة. وقد هرب يهود المخدرات الى مصر، وسربوا شحنات فاسدة وملوثة بالاشعاع النووي من خلال شركات أوروبية. وقد عمل يهود على فتح فضائية ناطقة بالعربية وموجهة للدول العربية حتى تفسد الذوق العام للأمة الاسلامية من خلال تشجيع الاسفاق الفكري. 9- ايجاد الأجواء المناسبة في فلسطين المحتلة من الأمن والسلام، وذلك لتشجيع المهاجرين الصهاينة للهجرة الى فلسطين لزيادة القوة البشرية للكيان الصهيوني، وجلب الاستثمارات ورؤوس الأموال العالمية. وهكذا نرى أن الصهاينة يريدون لكيانهم الإندماج في وسط العالم الاسلامي، والمنطقة العربية، ولكن بشروطهم. وقد ظهرت آمال وتطلعات (إسرائيل) للتسوية في جملة واحدة قالها دافيد بن غوريون:" لن تكون هناك تنازلات إقليميه بل تعديلات طفيفة لتقوية الحدود، واسرائيل لن تسمح بأي حال من الأحوال بأي عودة للاجئين، والقدس لن تكون موضع مفاوضات". وهذا مصداق قوله تعالى:﴿ أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا ﴾. بعد هذا العرض لواقع ومفهوم التطبيع فلا بد من بيان الحكم الشرعي فيه. إن مقتضيات التطبيع مع كيان يهود تعني بالمفهوم الشرعي إقرار الصهاينة على إغتصاب أرض المسلمين، والتنازل عن أولى القبلتين وثالث الحرمين، بالإضافه الى موالاة أشد الناس عداوة لله وللمؤمنين، وإظهار الموده لهم. وهذا من الجرائم الكبرى في الإسلام وخيانة لله ولرسوله والمؤمنين، فاليهود هم كما وصفهم الله تعالى ﴿ َّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ ﴾، يضاف الى ذلك احتلالهم لأرض الإسراء والمعراج. كل ذلك يفرض أن تكون العلاقة معهم هي حالة حرب فعلية، فهم قد احتلوا أرضا اسلامية، والواجب على المسلمين تحريرها. إن الله حرم موالاة يهود والله تعالى قال في ذلك:﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾. إن على الأمة، فوق عدم قبولها بهذا التطبيع مهما زين لها، وعدم موالاة يهود ومن والاهم من الحكام، أن تقاوم هذا التطبيع بكل أشكالة، وأن تبذل الوسع في مقاتلة اليهود الغاصبين أينما ثقفوا حتى يتم اخراجهم من الأرض المقدسة، قال تعالى:﴿ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ﴾. فالعلاقة التي قررها الله عز وجل بيننا وبين يهود هي القتل والقتال، وليست الصلح والإستسلام او التطبيع. إن المسلمين يفهمون ذلك جيدا. يقول اسحاق نافون للسادات أثناء زيارته للسويس :" لم يوجه الي واحد منهم نظرة، وتهرب معظمهم من مصافحتي، ويبدو يا سيدي الرئيس أن أهالي السويس لا يجييدون العربية، باستثناء المحافظ، فلم يحدثني غيره، وكنت كلما القيت سؤالا بالعربية على أحدهم أجابني بالصمت المطبق". وقال الياهو بن اليسار أول سفير يهودي في مصر:" عليكم أن تأخذوا بعين الإعتبار أن ثمة رجلا واحدا في مصر هو معنا، أما الاخرون فهم ضدنا، حتى هؤلاء الجنود الذين يتولون حراسة السفارة، قد يستخدمون بنادقهم ضدنا في أي وقت من الأوقات. نحن هنا اذن فريق كوماندوز داخل محيط معاد تماما"، وقالت نيتشا بن اليسار زوجة السفير:" أحد الأمور التي إكتشفتها كإسرائيلية في مصر تتمثل في اعتباري شيطانة". وهكذا فان التطبيع مع يهود هو خطر كله، ومن كبائر الاثم والعدوان. ولكن الأشد خطرا والأعظم اثما، هو بقاء هذا الكيان قائما على أي جزء من فلسطين. والأمة ترفض التطبيع بشكل كاسح، ففي استفتاء قامت به قناة الجزيرة تبين أن حوالي 95% من المشاركين قالوا للتطبيع مع يهود وكيانهم "لا"، وكان عدد المشاركين يناهز الثلاثين ألفا. وعلى الرغم من هذا فالتطبيع ماض، وعليه فانه لن ينفع قطعا أن يقاوم التطبيع بفتوى من علماء المسلمين، ولن يتوقف ببيان من لجنة هنا ونقابة هناك. ذلك أن هذه الفتاوى والبيانات لا تؤثر على صاحب القرار، سواء أكان من الحكام أم من أسيادهم، فالحكام وأسيادهم لم يعودوا يقيمون وزنا لمثل هذه الفتاوى والبيانات، بل لا يقيمون وزنا للأمة بعد أن وجدوا فيها من ينفذ مؤامراتهم المفضوحة والأمة ساكته وبعضها يرقص للخونة، وتنهب خيراتها وهي لا تفكر بالتغيير جديا، بل ساقوا جيوشها لضرب العراق حينا ولحفظ أمن يهود حينا آخر، والأمة تفكر بتشكيل لوبي يؤثر على الكونغرس أو بمقاطعة الكولا. فان قيل أن المقصود بنسبة الرفض هذه هي الأمة، فإنه تحصيل حاصل، وهذه النسبة ربما كانت في حقيقتها أعلى من 95% ، فما عسى تفعل البيانات والفتاوى والمقالات في قوم يرفضون التطبيع أصلا. إن هذه النسبة الكاسحة ليست بحاجة الى إقناعها بأن تقول للتطبيع "لا"، بل هي بحاجة ماسة لأن تفهم ما يلي: أولا: إن التطبيع فرع لأصل، والفرع يموت تلقائيا اذا قطع الأصل، وهو كيان يهود الغاصب لفلسطين وكل المعاهدات التي عقدها الحكام العملاء معه. ثانيا: أن ترفض الأمة التطبيع لأنه حرام لا لأنه يجلب مصلحة أو يدرأ مفسدة في مثل وضع يهود، بل لأنه يعنى إعترافا بهذا الكيان الغاصب، والاعتراف به حرام. وكل معاهدة تعترف به باطلة، وكل صلح معه باطل، وكل ما يبنى على الصلح باطل. ثالثا: إن وقف التطبيع لا يكون بفتوى ولا بيان ولا مظاهرة ولا احتجاج ولا محاضرة ولا بنشر أسماء المطبعين، وإن كان في كل ذلك خير، لكنه لا يوقف صاحب قرار قادر على تنفيذه، ولما كان صاحب مثل هذا القرار معدوما في الأمة لأن كل حكامها يتسابقون على خطب ود يهود، كان واجبا على كل مسلم أن يكون جادا في العمل على ايجاد صاحب هذا القرار، وأنا على يقين أنه لن يكون الا خليفة المسلمين. فعلى كل مسلم أن لا يكتفي برفض التطبيع مع أنه موقف يؤجر عليه إن شاء الله، بل عليه أن يعمل جادا مع العاملين لإستئناف الحياة الإسلامية، وعندها فقط يوقف التطبيع ويخرس المطبع، ويهدم الكيان الذي يراد التطبيع معه. أبو عقاب الشامي 01-19-2009, 08:28 AM آثار الصلح مع يهود (الأثر الإستراتيجي) إن الصلح والإعتراف الذي يقوده الحكام بكيان يهود قد أفقد الأمة بعض توازنها، وأوجد فيها تخلخلا يصعب ملؤه ذاتيا، فوجود كيان يهودي معترف به في قلب المنطقة الإسلامية أدى الى تقطيع أوصال الأمة وفقدانها لأدنى درجات التناسق والتكامل. ذلك أن دولة يهود جسم غريب في قلب مجتمعات متجانسة ومتحدة أيدولوجيا وحضاريا وتاريخيا، وبقاء هذا الجسم وتقويته يفقد الأمة هذا التوازن الذي نعمت به ثلاثة عشر قرنا ونيفا. في الماضي لم تؤثر الحملات الصليبية استراتيجيا على تماسك مجتمعات المسلمين بالرغم من احتلال الصليبيين لبلاد الشام واستيطانها، وذاك لسبب واحد وهو: عدم اعتراف المسلمين بحق الصليبيين في الوجود، ولذلك لم تؤثر المدة الطويلة التي مكثها الصليبييون في البلاد الإسلامية على الإطلاق. وكذلك إنشاء الكيان اليهودي في فلسطين لم يؤثر استراتيجيا على مجتمعات المسلمين المترامية الأطراف من حوله ولو طال بقاؤه مئات السنين، وانما الذي أثر استراتيجيا هو اعتراف المسلمين بالكيان اليهودي أي اعترافهم بحقه في الوجود. فإعتراف المسلمين بحق اليهود في الوجود ككيان طامة أكبر من قيام الكيان نفسه، بل إن اعتراف المسلمين بالكيان اليهودي فاجعة أكبر من كل كوارث وهزائم ونكبات العرب في حروبهم التآمرية مع الدولة اليهودية طيلة الخمسين عاما الماضية. إن الصلح مع يهود والإعتراف بكيانهم في فلسطين لهو أكبر هدية قدمها العالم لليهود. ذلك أن اعتراف كل دول العالم بدولة ليهود في فلسطين لا يعني شيئا، ولكن إعتراف المسلمين من أهل فلسطين بهم وبدولتهم هو المهم،وهو الذي منح الشرعية القانونية الدولية للكيان اليهودي المغتصب. يقول يوسي ساريد رئيس حركة ميرتس اليهودية اليسارية ما نصه:"إن إسرائيل اليوم خلقت من جديد، فمنذ إنشائها لم تكن الدولة شرعية في المنطقة التي قامت فيها، وقد ظلت طوال الحقب الماضية قادرة على أن تغزو وتقمع وتنتصر ولكن بلا شرعية. اليوم 13 أيلول 1993 اكتسبت دولة إسرائيل شرعية الإعتراف بها". وقد كانت أوسلو مركزية في الإعتراف بشرعية يهود لأنه تبعتها إجراءات عملية وتنفيذ لهذه الإجراءات على الأرض، وشهادة الدول والمنظمات العالمية على هذا الإعتراف هي التي منحت قانونية الإعتراف من ناحية دولية. لم يشهد تاريخ المسلمين ولا حتى تاريخ غيرهم من الشعوب والأمم شبيها بما حصل للمسلمين في هذه الأيام. فأن يتنازل شعب عن أرضه الى الأبد لشعب آخر لم يحدث ولا حتى في قصص الخيال، فالمسلمون أيام الصليبيين لم يخطر على بال أحد من متنفذيهم أن يتنازلوا للصليبيين ولو على شبر واحد من الأرض. وكانت النتيجة تطهير البلاد من كل أثر للصليبيين الغاصبين. أما ما يحصل اليوم من صلح دائمي مع اليهود ومنحهم فلسطين أو معظمها الى الأبد تحت شعار الصلح الدائم والعادل فإنه لا يمكن أن يصدر الا عن أناس لا يملكون الإرادة الذاتية أوالسلطان التام، ولذلك فلا مفر من القول بأن من وقع ووافق على هذا الصلح من حكام وزعماء المسلمين اليوم إنما هم عملاء وخونة فرطوا في حقوق المسلمين وممتلكاتهم. وهذا عرض الأجيال القادمة لخطر أكيد يستلزم تقديم أكبر التضحيات لإزالته. إنه وإن ذكر التاريخ أن بعض حكام المسلمين قد خانوا أمتهم وتعاونوا مع الكفار، الا أن عددهم لم يتجاوز اليد الواحدة، ولم يسجل التاريخ عبر ثلاثة عشر قرنا من الزمان في صفحاته السوداء غير إبن العلقمي وشاور وأحد ملوك الأيوبيين في دمشق. أما حكام المسلمين كلهم ودون إستثناء في هذه الأيام فانهم يتبجحون لإرتكابهم خياناتهم، ويدعون باطلا أن خياناتهم هي نصر مبين. فاعترافهم ب(إسرائيل) كدولة تامة السيادة في فلسطين المحتلة عام 48 هو تنازل صريح وحقيقي عن فلسطين لليهود، ولا مجال لمتلاعب أن يتلاعب بالكلمات ويحاول تغيير الحقائق، وإستناد المعترفين بإسرائيل للقرارات الدولية هو توثيق دولي لهذا الإعتراف، وهو نسف لإدعاءات البعض بأن التحرير سيكون على مراحل، فالإعتراف يعني بكل بساطة التنازل والتفريط. والتفريط بالأمانة، أية أمانة ، ومهما صغرت يعتبر خيانة. فكيف بمن يفرط بالبلاد والعباد والمصير والأجيال ومستقبلها؟ إن هذا التفريط لا شك في أنه خيانة إستراتيجية وليس مجرد خيانة عادية، والخيانة الإستراتيجية ليست هي مجرد إضاعة مال لشخص أو لمجموعة أشخاص، وانما هو إضاعة بلاد وممتلكات، وتمكين الأعداء من الوجود الشرعي في بلاد لا يستحقونها، وإهدار حقوق الأجيال، وضرب حضارة الأمة وخلخلة تماسكها وزرع جسم خبيث في داخلها. وهذا كله ذو طابع إستراتيجي يتصل بوجود الأمة وشخصيتها وتميزها بين الأمم. ووجود هذا الجسم الشاذ في قلب الأمة يحول دون وحدة أقطارها ويفت في عضدها ويجزئها الى عرقيات في أوطان ممزقة. فهذا الجسم الشاذ قد زادته إتفاقية الصلح مع يهود تثبيتا حتى غدا جزءا من المظلة الأمنية الإسرائيلية. وكذلك يدخل في الناحية الإستراتيجية إستمرار الضعف العسكري للدول العربية وازدياد التفوق العسكري اليهودي في المنطقة، فبعد كل إتفاقية صلح تبرمها الدولة اليهودية مع حكام العرب تنهال على يهود الأسلحة من كل جانب في حين تتخلى الدول العربية عن التزامها بالتسلح، بل وتعمل على إضعاف جيوشها بأمر من أسيادها، بحجة أن التسلح يستنزف مقدراتها ويعطل برامج التنمية فيها. ونهاية القول في الأثر الإستراتيجي للصلح مع اليهود أن استمرار عقد الصلح مع الدولة اليهودية سيحيل (إسرائيل) الى دولة مركزية في المنطقة، يمكنها من السيطرة على المزيد من مفاتيح المنطقة إقتصاديا وسياسيا وأمنيا، ما يجعلها محور إستقطاب يسعى الجميع لكسب ودها، ويرنو الحكام العملاء الذين لم يوقعوا الصلح معها بعد الى إستشراف هذا التوقيع ويتخوفون من أن يسبقهم غيرهم الى نيل هذا الشرف العظيم. لا شك أن طرح أفكار التطبيع وبناء شرق أوسط جديد وما شابهها هدفها تذويب إسرائيل في المنطقة وتذويب المنطقة في إسرائيل بحيث يكون وجه المنطقة لا هو وجه إسلامي ولا هو وجه يهودي، بل يكون وجها مشترك المعالم بقيادة الأكفاء وهو هنا إسرائيل. في مؤتمر الدار البيضاء الإقتصادي الذي عقد قبل حوالي السبع سنوات، وصف بعض الأوروبيين اليهود فيه بأنهم كانوا ككتيبة مدرعة وسط قافلة من الجمال... وهذا هو المطلوب طبعا. إن على المسلمين أن يتنبهوا الى مخاطر التطبيع والصلح مع يهود التي تهرول الأنظمة بإتجاهه، وأن يعملوا على إزالة آثاره من العقول والوجود، وما ذلك على الله بعزيز. وإزالته تعني شيئا واحدا: الإنقلاب على الحكام وعودة خلافة المسلمين، وقتال يهود. وحتى ذلك الوقت لا بد للمسلمين من إنكار ومنع المفاوضات مع يهود، وبيان كونها من أفظع الجرائم التي ترتكب في حق الأمة والدين والتاريخ، لأن إعترافنا بها سيمنحها الشرعية والدعم الدوليين، وسيكون قتالنا لها بعد ذلك قتالا للعالم الذي اعترف بها. أما إن أنكرنا حقها في الوجود، بقيت (إسرائيل) مجرد تجربة فاشلة سرعان ما تسقط، ولن يكترث بها المجتمع الدولي ولو استمرت مئات السنين. وهذه الحقيقة يعيها الغرب الصليبيي ويدرك أن (اسرائيل) ستذوب مع عودة العافية لجسم الأمة الاسلامية بعودة نظام الخلافة الذي يتطلع اليه المسلمون اليوم. ولذلك يعمل من أوجد اسرئيل ومن يسندها ويحميها على أن لا تعود الأمة موحدة في كيان الخلافة الراشدة. أبو عقاب الشامي 01-19-2009, 08:29 AM حق "العودة والتعويض" لم يتوقف الحديث عن ما سمي بحق العودة والتعويض للآجئين الفلسطينين الذين شردوا منذ خمسين عاما ونيف أي منذ النكبة عام 48، فمنذ ذلك الوقت والجدال يدور حول هذه المشكلة، فاختلفت الآراء وتشعبت، وصدرت القرارات الدولية ورفضت ثم قبلت، وتحولت فيما بعد الى نصوص تشريعية ومرجعيات فقهية يؤلفون على أساسها الكتب، ويكتبون المقالات، ويطلقون التصريحات، حتى ان رجال الإفتاء ومشايخ الحكومات أقحموا في المعمعة، فتارة يحرمون، وتارة يحللون، وانشغل الرأي العام في هذه القضية. بينما (إسرائيل) لم تلق لها بالا وضربت عرض الحائط بكل القرارات الدولية وانشغلت بتقوية نفسها وبناء ترساناتها العسكرية والنووية الضخمة. ولما هل أوان تصفية القضية الفلسطينية وانعقد مؤتمر كامب ديفيد 2 وشرعت أمريكا بمباشرة عملية التصفية، وبدأت بإبراز معالم الحل، طغت مسألة اللآجئين على السطح واعتبرت هي ومسألة القدس من المسائل الرئيسية التي طرحت على طاولة المفاوضات، ثم جاء الحل الأمريكي لهذه المسألة يفوح برائحة المال والدولارات التي أسالت لعاب السياسيين الخونة من العرب والفلسطينيين، وأصبح الحكام العملاء والزعماء المأجورون يضربون أخماسا في أسداس، ويسعون للحصول على أقصى ما يستطيعون الحصول عليه من مال. وأضحى الحديث في هذه المسألة منحصرا في الحسابات والمصروفات والاستحقاقات والنفقات، وتحولت مسألة اللآجئين الى مسألة مالية بحتة، وانتقل الحديث من تعويض الأفراد الى تعويض الحكومات، ومن حق عودة شعب الى وطنه، الى حق عودة أفراد الى وطن الأعداء. وهكذا مسخت فكرة التعويض والعودة -المغلوطة اساسا- وتحولت الى فكرة مالية يساوم فيها على الربح والخسارة، وإن خالطها معنى رمزي للعودة. وحتى هذا المعنى الرمزي للعودة فقد تأسس على فهم خاطئ ومضلل كرس حق اليهود في ملكيتهم لفلسطين، اذ بدلا من الحديث عن عودة فلسطين الى المسلمين أصبح الحديث عن عودة بعض اللاجئين الى اسرائيل أو الى أراضي السلطة. ولم يعد أحد من المتشدقين في وسائل الإعلام يتحدث عن عودة فلسطين الى أصحابها الشرعيين، وإنما تحول الحديث الى عودة اللآجئين الى بيوتهم في إسرائيل وتحت حكم اليهود وسلطانهم. إن هذا الواقع الخطير لهذه المسألة المهمة يتطلب فهمه فهما دقيقا، وإنزال الحكم الشرعي عليه إنزالا صحيحا، وبيان الرأي السياسي فيه، بحيث يكشف عن عمق المؤامرة التي تحاك من قبل أمريكا ويهود بتواطؤ من حكام العرب العملاء وخونة الفلسطينيين الأجراء. فأصل المشكلة لا تكمن في عودة اللاجئين الى ديارهم وبيوتهم وانما في عودتهم الى ديارهم وبيوتهم وتحت سلطانهم. أما إسقاط الحكم والسلطان من مفهوم العودة فهذا يعني اعادتهم تحت سلطان الكفار اليهود، ما يكرس الإعتراف بحق (إسرائيل) في السيطرة على فلسطين. فطرح هذه المشكلة في الأصل كان مغلوطا وذلك لتجاهله لسلطان أهل البلاد الشرعيين، وكان الخبث في فكرة العودة بمعزل عن السلطان باديا في ذلك الطرح مع أن الأصل أن تقدم فكرة السلطان على فكرة العودة. ومن هنا كانت فكرة العودة والتعويض الواردة في القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن مخالفة للشرع ومحرم قبولها وتداولها بين المسلمين وباطلة من أساسها وذلك للأسباب التالية: الأول: أنها صادرة عما يسمى بالشرعية الدولية بدلا من الشرعية الاسلامية. الثاني: أنها تتضمن الإعتراف بحق (إسرائيل) في الوجود على أرض فلسطين. الثالث: أنها تكرس حق اليهود في الحكم والسلطان على أرض فلسطين المغتصبة. الرابع: أنها ترجع بعض المسلمين من اللآجئين للعيش في ظل سلطان الكفار اليهود. وهذه الأسباب الأربعة تجعل عبارة "حق العودة والتعويض" محرمة شرعا وينطبق عليها قوله سبحانه وتعالى:﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾. وها هم خونة فلسطين وكما كان متوقعا تنازلوا عن العودة كما أعلن في جنيف وعلى رؤوس الأشهاد، والحبل على الجرار. هذا بالنسبة للعودة تحت سلطان يهود. أما بالنسبة للتعويضات فان واقعها يدل على أنها عملية بيع رسمية وقانونية لأراضي فلسطين لليهود، لأن التعويض في حقيقته عبارة عن الثمن المقبوض لقاء التنازل عن ممتلكات الفلسطينيين وتمليك الكفار الحربيين أراضي المسلمين وهذا لا خلاف في حرمته عند كل العلماء. فما الحال عندما تكون هذه الأراضي قد باركها الله تعالى؟ وعليه فحرام على كل فلسطيني أن يقبل التعويضات مهما كانت ظروفه صعبة، ومهما كانت الإغراءات المالية كبيرة. واذا إستطاعت أمريكا والغرب و(إسرائيل) -لا قدر الله- أن تحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين فيعني ذلك أنها استطاعت ببضعة مليارات من الدولارات أن تسلخ فلسطين من قلب العالم الإسلامي وأن تحوله بتفويض من أهل فلسطين الى أندلس جديدة تحتاج الى أجيال وأجيال حتى يتم استردادها وتحريرها من دنس الأعداء. فحكم التعويضات إذن هو الحرمة القطعية، وواقعها وواقع العودة سياسيا على النحو المذكور تحت سلطان يهود، يعني في حال نفاذه، أن الكفار الذين لم يتمكنوا من سلخ فلسطين عن أصلها الاسلامي أيام الحروب الصليبية، إستطاعوا فعل ذلك على يد اليهود وحكام العرب الخونة وزعامات فلسطين العميلة. ولا يتأتى للكفار والخونة أن يتموا المؤامرة، ويغلقوا الملف وينهوا تصفية القضية الفلسطينية بدون حل لمشكلة اللاجئين، لأن حل هذه المشكلة يعني وضع التوقيع النهائي من قبل أصحاب الأرض الشرعيين على صك التنازل عن فلسطين، اذ لا يكفي توقيع الحكام على البيع، بل لا بد من توقيع السكان أصحاب الأملاك، وبذلك تكتمل المؤامرة ويغلق الملف. أما إن رفض الاجئون أخذ التعويضات فستبقى (إسرائيل) دولة غير قانونية وغير شرعية، ولن ينفعها حينئذ إعتراف الحكام والحكومات بها لأن الحكام لا يمثلون في الحقيقة الا أنفسهم. وإذا أخذوا، فإنما يأخذون ويتنازلون عن حق التصرف في أرض ملكيتها أصلا ليست لهم، لهم فيها حق الإنتفاع لا حق التملك لرقبة الأرض على أساس أنها أرض خراجية. فحذارِ ألف حذار أن ينزلق اللاجئون في منزلق التوقيع الخياني الذي انزلق به الحكام السماسرة من قبل لأنهم إن فعلوا وقبلوا بأخذ التعويضات، فانهم يكونون قد ارتكبوا محرما من أكبر المحرمات، واقترفوا جرما من أفظع الجرائم، ويكونون بذلك الصنيع قد شاركوا الحكام الخونة في الضلوع بييع فلسطين رسميا ونهائيا لليهود واستحقوا بذلك الخزي في الحياة الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة. والله سبحانه وتعالى قد حذرنا من مغبة مثل هذه الأفعال في قوله عز وجل: ﴿فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾. أبو عقاب الشامي 01-19-2009, 08:29 AM خرافة "الحق التاريخي" إن ما يذاع في فلسطين وغيرها عن ما يسمى الحق التاريخي للعرب وللمسلمين لإثبات أننا أصحاب حق في فلسطين أمام يهود، ما هو الا خرافة وألهية اخترعها الإستعمار لإبعاد المسلمين في فلسطين وفي غيرها عن التفكير في حقهم المبدئي فيها المبني على أساس العقيدة الإسلامية. وفكرة الحق التاريخي واحدة من سلسلة المؤامرات على بلاد المسلمين وتمثل كفاحا رخيصا، يكون صاحبه إما غبيا جدا أو عميلا محترفا، حيث أن معناه وواقعه إثبات من الذي سكن هذه الأرض قبل الآخر، فإن ثبت أن اليهود سكنوها قبلنا، فمعنى ذلك أن الأرض ملك لهم، وإن ثبت أن النصارى سكنوها قبل غيرهم فهم إذن أحق بها وهكذا. ثم يبرز رخص هذا الكفاح في إثبات الأرض، أنهم يبحثون عن حق الفلسطينيين التاريخي في القدس والخليل ونابلس ولا يبحثونه في تل الربيع وعسقلان وصفد وعكا وحيفا واللد ويافا وسائر مدن فلسطين وقراها. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الفكرة إستعمارية خبيثة توضع حيث يريدها الإستعمار وعملاؤه. إن فكرة الحق التاريخي في تحرير وإسترداد البلاد طريقة وفكرة باطلة ليس عليها دليل من الشرع يجيزها لا في الكتاب ولا في السنة، فوق كونها تخالف الطريقة الشرعية في تحرير المغتصب من بلاد المسلمين وطرد الغاصب. فالطريقة الشرعية لإسترداد البلاد المغتصبة هي الجهاد في سبيل الله، ولذلك اصطلح عند فقهاء المسلمين على مر العصور أنه: (اذا هجم العدو أو داهم أو نزل بلاد المسلمين، أو إغتصبها أصبح الجهاد فرض عين على المسلمين الأقرب، فالأقرب حتى يتحقق طرد ذلك الكافر منها). وهذا الفهم مأخوذ من قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنْ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ ومن قوله: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمْ الْأَدْبَارَ﴾، ومن قوله :﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ﴾، ومأخوذ من مفهوم الرباط في سبيل الله، وأنه لا يكون الا على ثغور بلاد المسلمين للدفاع عنها ورد الطامع من الكفار، ومأخوذ من دفع النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته لقريش عن المدينة المنوره يوم بدر وأحد، ومأخوذ من حديث رسول الله الذي رواه أحمد والثلاثة عن سعيد بن زيد أنه قال: "من قتل دون ماله فهو شهيد...ومن قتل دون أهله فهو شهيد"، والبلاد فيها المال والأهل، الى غير ذلك من الأدلة. فاذا كان هذا في شأن ما أغتصب من بلاد المسلمين عموما، فكيف اذا كان الحديث عن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وما حوله ؟. والجدير بالذكر هنا أن البلاد أو الأرض تنسب للمسلمين بإحدى طريقتين: أما أولاهما: فأن يسلم أهل البلاد من تلقاء أنفسهم فتصبح البلاد إسلامية بإسلام أهلها عليها. وأما ثانيتهما: فعن طريق الفتوحات الإسلامية، سواء فتحت عنوة أو صلحا، فالأرض التي نزلها المسلمون فتحا أو صلحا فهي أرض إسلامية، كمصر و العراق وبيت المقدس وسائر بلاد الشام. قال أبو عبيد بن سلام في كتابه "الأموال": وجدنا الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده قد جاءت في إفتتاح الأرضين بثلاثة أحكام: أرض أسلم عليها أهلها فهي لهم ملك أيمانهم وهي أرض العشر، وأرض افتتحت صلحا على خراج معلوم، وأرض أخذت عنوة ". ثم سرد الأخبار عن رسول الله فمن ذلك: فتحه صلى الله عليه وسلم لخيبر عنوة وتقسيمها بين المسلمين. ومنها: ما قاله الزبير بن العوام لعمرو بن العاص لما فتحت مصر: إقسمها كما قسم رسول الله خيبر. ومنها: قوله عليه السلام: " أيما قرية أتيتموها وأقمتم فيها فسهمكم فيها، وأيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله ولرسوله، ثم هي لكم" الأموال ص 57. نعود ونقول أن مجرد التفكير في حق المسلمين في بيت المقدس وفي فلسطين عن طريق الحق التاريخي يعتبر مخالفة شرعية وتعديا على مصادر المسلمين الشرعية في إثبات أحقيتهم، ففلسطين فوق كونها فتحت على يد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإن القرآن قد ذكرها وربطها بمكة المكرمة، قال الله تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾. وأما قول دعاة الحق التاريخي من أن أهل فلسطين اليوم من أصل كنعاني، فانه إعتبار لرابطة القومية بدلا من رابطة العقيدة الإسلامية، وقد ذمها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث أحمد وابن حبان "من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوة بهن أبيه ولا تكنوا"، وروى أحمد وأبو داود من حديث رسول الله "من إنتسب الى تسعه آباء كفار يريد بهم عزا وكرما كان عاشرهم في النار"، وعند البخاري ومسلم وغيرهما من حديث مطول عن دعوى الجاهلية بقوله: "دعوها فانها منتنة". إن فكرة الحق التاريخي تصطدم مع كثير من الأحكام والأمور التي سار عليها المسلمون جيلا بعد جيل منذ القرون الأولى للإسلام مما يدل على أنها دعوة باطلة وخبيثة مستوردة. ومن هذه الأمور والأحكام: • إن فكرة الحق التاريخي لا تعطي بلالا الحبشي وصهيبا الرومي وسلمان الفارسي وأبناءهم الحق في فلسطين لأنهم ليسوا من أصل عربي أو كنعاني، وهذا مناقض لأحكام الإسلام القاضية بأن العالم الإسلامي كله موطن لكل المسلمين أيا كان لونهم وجنسهم، فلا وطنية ولا قومية في الإسلام. • ومنها: عدم المطالبة باسترداد الأندلس التي فتحها المسلمون ووطئوها قرونا وحكموا أهلها بالإسلام، وعدم المطالبه كذلك باليونان وقبرص وصقلية من المدن والبلاد التي فتحها المسلمون وطردهم الكفار منها لمجرد أن المسلمين ليسوا أول من سكنها، وهذا مخالف لفرضية إسترجاع كل أرض إسلامية غصبها الكفار. • ومنها: أن فكرة الحق التاريخي تعني إعطاء خيبر في البلاد الحجازية لليهود لأن (الحق التاريخي) فيها لهم قبل المسلمين. وكذلك فإن الرسول عليه السلام لم يجعل للحق التاريخي أي اعتبار، ونحن كذلك، حين أخبر أن "مدينة هرقل تفتح أولا" يعني القسطنطينية، وستفتح روما ان شاء الله ولو بعد حين، وستكون ملكا للمسلمين بإذن الله مع أن المسلمين ليس لهم فيها (حق تاريخي). لذا فإن الناظر في النصوص الشرعيه وأفعال صاحب الشريعة وأقواله يجد أن فكرة الحق التاريخي فكرة باطلة ليس عليها دليل من الشرع وتخالف ما درج عليه المسلمون جيلا بعد جيل في فتح البلدان وتحريرها، وإن اللجوء الى هذه الفكرة يدل دلالة واضحة على ضعف المسلمين فكريا وعقائديا وماديا، فإسترداد ما أغتصب من بلاد المسلمين لا يكون الا كما فعل نور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي وأمثالهما من أبطال الأمة عندما حرروا بلاد الشام وبيت المقدس من أيدي الصليبيين. إن استرجاع فلسطين يكون بالجهاد والإعداد مصداقا لقوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾، وبهذا فقط تسترجع البلاد ويحرر العباد، وليس بخرافة الحق التاريخي. أبو عقاب الشامي 01-19-2009, 08:29 AM "المسيرة السلمية" ... الى اين ؟ يتنادى الجميع من السياسيين في المنطقة والعالم وخصوصا أطراف الصراع كما يقال بالسلام وعملية السلام المزعومة، وأن السلام هو هدف الأطراف ولا سبيل سواه ينقذ المنطقة مما هي فيه من نزاع حقوق وإختلاف مصالح ورؤى سياسية متباينة. إن الأجواء المحيطة بما يسمى بعملية السلام بين (إسرائيل) من جهة، وبين الفلسطينيين والعرب من جهة اخرى يمكن إختزال ملامحها كالتالي: جمود على المسار الفلسطيني، توتر في جنوب لبنان، تراجع عن الإستعداد للإنسحاب من الجولان بل وانشاء مستوطنات جديدة هناك ومحاولة إستعداء سوريا، جمود في العلاقات مع مصر، واستمرار في التضييق على الفلسطينيين عن طريق قتلهم وتهجيرهم ومصادرة البقيه الباقية من (أرضهم). والآن بعد اكثر من 12 سنة على إنقضاء مؤتمر مدريد و10 سنوات على أوسلو المشؤوم والكثير من المؤتمرات والتفاهمات والإتفاقيات، دعونا نتفحصص ماذا حققت المنطقة من إنتهاج مسيرة السلام؟ فبالنسبة لمصر، والتي مضى على اتفاقات كامب دفيد قرابة 22 عاما، ما زالت حالة الحرب قائمة بين الشعب في مصر وبين الكيان الإسرائيلي، وما زال الناس يرفضون التطبيع مع اليهود، وما زالت الثقة مفقودة حتى بين قيادتي البلدين، فإسرائيل تتهم مصر بأنها وراء عدم رضوخ عرفات لإبتزاز اليهود، وبأنها تنمي قدراتها العسكرية وبأنها لا تمنع تهريب الأسلحة، واسرائيل تصدر اليها شبكات التجسس، و مظاهر الإفساد، ومحاولات تخريب الإقتصاد. وبالنسبة للاردن، فبالرغم من انفتاح النظام الاردني برموزه على اليهود، وايجاد شركات وصناعات مشتركة، وجحافل السياح الوافدة من اسرائيل الى الاردن، إلا أن الرخاء الإقتصادي الذي وعدت به الحكومة الناس ما زال حلما، وما زال التضييق على الناس مشددا وكان آخر مظاهره الاعتقالات التي شملت الكثيرين من أبناء الأمة العاملين لإعادة عزها ومجدها، وقانون المطبوعات الذي يضيق كثيرا على الصحافة والصحفيين، وتلويث مياه الشرب، وشح مياه الاستعمال، ما سبب للناس عنتا وإرهاقا شديدين. وما زالت إسرائيل تقيم المراكز الأمنية والتجسسية في الأردن، وتتعامل الأجهزة الأمنية الأردنيه مع الموساد الإسرائيلي، ولا تزال إسرائيل تحتل 400 كيلو متر مربع من أراضي الأردن كما جاء على لسان المجالي رئيس وزراء الأردن السابق. وفي لبنان لا تزال إسرئيل تقوم بالإعتداءات واختراق أجوائه بكل صلف واستفزاز. اما بالنسبة للحال مع سوريا فبعد أن استعد رابين للإنسحاب من الجولان الى حدود الرابع من حزيران (وقد أكد نتنياهو امام الكنيست أن رابين وافق على الإنسحاب)، وبدأ البحث في الترتيبات الأمنية على جانبي الحدود، ومراكز الإنذار المبكر، تراجع يهود عن هذه الموافقة، وأكد الكنيست قانون ضم الجولان، وأعلن مؤخرا عن انشاء آلاف الشقق السكنية في الهضبة السورية، ما يضاعف عدد المستوطنين هناك. أما على الصعيد العسكري فلا تزال إسرائيل تهدد سوريا وتستعرض عضلاتها بالتنسيق مع تركيا والأردن. وبالنسبة للفلسطينيين فما تزال (إسرائيل) تقتلهم وتعتقلهم وتنكل بهم، وتضيق عليهم في أرزاقهم، وتسرق مياههم، وتهدم منازلهم وتصادر أراضيهم، وتقيم عليها المستوطنات، فمنذ اتفاق أوسلو صادرت إسرائيل الآلاف من الدونمات من الأراضي الفلسطينية منها فقط ما يزيد عن 32 الف دونم صودرت لشق الطرق الإلتفافية لوصل المستعمرات اليهودية في الضفة، ولفصل المدن والقرى الفلسطينية عن بعضها بعضا، ومنها أكثر من 16 الف دونم من المناطق الصخرية لتستخدم حجارتها في بناء المستوطنات اليهودية، وبأيدي أبناء فلسطين، وأما المناطق الحرجية فتمت مصادرتها تحت تسمية "محميات طبيعية"، وما صادرته بإعتباره "املاك دولة". أما بالنسبة للاستيطان فحدث ولا حرج وقد بلغ الاستيطان حدا لا يمكن التصور بعده أن يهود يمكن ان يكفوا او يعيدوا شيئا. يقول عبد السلام المجالي عن يهود: إن "الإسرائيليين لو استطاعوا لجعلوا حدود القدس عند بغداد." هذا بالإضافة الى أن اتفاق أوسلو أعطى الشرعية للاحتلال الإسرائيلي، واعطى اليهود الحق في تحديد مستقبل الأرض الفلسطينية بشكل متساو مع الجانب الفلسطيني. وفي الوقت الذي تزيد اسرائيل من قدراتها العسكرية تسابقها السلطة وتقدم لشعبها أضخم كازينو للقمار في منطقة الشرق الأوسط وتبشر الناس بأن ذلك سيؤدي الى ازدهار الإقتصاد الفلسطيني، وتجبي الضرائب التي ما أنزل الله بها من سلطان، وتنشئ أكبر عدد من الأجهزة الأمنية عرفتها دولة، وتقدم التنازل تلو التنازل وآخرها "حق العودة"، وتدفع يهود-بإستسلامها وتخاذلها- للسطو على أراض جديدة لم يتبق بعدها شيء يذكر. هذه مراجعة سريعة لمسيرة السلام المهين الذي اتخذته دول المنطقة استراتيجية ثابتة، فهل يصح أن يبقى مسلم مخلص يعلق آمالا على هذه المسيرة؟ وهل يصح أن يبقى المسؤولون يطالبون بتحقيق "سلام شامل وعادل ودائم" بناء على "مرجعية مدريد" ومبدأ "الأرض مقابل السلام"؟ الم يئن للذين آمنوا ان يعلموا أن الأرض المحتله لا تسترد بغير الجهاد؟ الم يقرأوا قوله تعالى:﴿ فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ﴾؟ وقوله: ﴿ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ﴾ ؟ إن رجال السلطة لا يهمهم دين ولا شرع ولا أي شيء من هذا في تعاملهم مع قضية فلسطين، لأنهم علمانيون. لكن العجب العجاب فيهم، أنه حتى الكفار أنفسهم لا يقبلون بتنازلهم وتفريطهم !!. ولم يشهد التاريخ (تاريخ التحرر والعمل للإستقلال) ،في الغرب قبل الشرق، مثل ما يحصل في فلسطين من ركوع وإنبطاح. صحيح أن الإسلام ينكر على رجال السلطة تقديمهم البلاد والعباد على طبق من فضة ليهود، ويعتبر ذلك جريمة ما بعدها جريمة. لكن ليس الإسلام وحده يرفض صنيعهم، فمن ظن أن هناك قيادة في العالم تسير في مسخ قضيتها وانهائها لصالح أعداءها كما يفعل الفلسطينيون المستسلمون ليهود، فهو واهم. إن ما تفعله السلطة في فلسطين لا يقبله كافر على نفسه، ولا يمكن أن يفسر إلا في إطار العمالة والخيانة. فمن يعطي يهود كل ما يطلبون مقابل مجازرهم وفظائعهم لا يمكن الا أن يكون سائرا في مخطط مرسوم مسبقا وبدهاء، مخطط وضعه رؤوس الكفر في أمريكا وأوروبا (وإسرائيل) وينفذه رجال أعلنوا منذ أول يوم أستقدموا فيه الى فلسطين، أن خيارهم الإستراتيجي والثابت هو (السلام)؟!! ونتساءل: لماذا يصر هؤلاء الحكام على أن الخيار الإستراتيجي هو صنع السلام في الوقت الذي يواصل فيه أعداؤنا اليهود الحرب والقتل والعدوان؟ إن الجواب الوحيد على ذلك :لأنهم عملاء أجراء لا يملكون من أمرهم شيئا، وإلا لضحوا وقاتلوا وبذلوا من أجل الوصول الى حقوقهم. لكن هؤلاء لا يقودون الشارع الفلسطيني في تصديه لهجمات يهود التي لا يمكن أن تستهدفهم. ولأنهم لا يعبرون عن مفاهيم ومشاعر شعبهم المضادة ليهود ومفاوضتهم والتنازل لهم، فهم يهربون الى منتجعات هادئة لتوقيع اتفاقياتهم مع يهود بعيدا عن أجواء المجازر وتهديم البيوت التي يمكن أن تنكد عليهم وتذكرهم بواجباتهم الحقيقية. فمنتجعات كامب ديفد وواي ريفر وشرم الشيخ دخلت التاريخ من بابه الواسع، باب التنازل عن الأرض والحق. أما منتجعات قيادات المسلمين فقد كان إسمها حطين، وعين جالوت، ومرج دابق، واليرموك، والقادسية، ومؤتة، وتبوك، وجنين ورفح. وهؤلاء الذين استجلبوا لتصفية القضية همهم المحافظة على عمليه السلام التي يريد يهود ايقافها ومنعها وتدميرها !؟ أما الالآف الذين يقتلون تحت بيوتهم المهدمة فهم لا يعنوهم، ولا قيمة لهم عندهم فهم ليسوا منا ولسنا منهم !. وإذا كان قتل مئات الالآف منهم يفضي الى إنجاز المسيرة السلمية فليكن!؟ كم هم يستحقرون ويستخفون بعقول الناس حين يكون خيارهم الإستراتيجي إسقاط حكومة شارون !!؟...ليكون اللقاء بعد ذلك مع الشريك والجار وابن العم الذي يفهم "سلام الشجعان"...إخوه شارون، وأبناؤه الذين لا يقلون عنه يهودية؟!! لقد رضي رجال السلطة بالتخلي عن فلسطين ورضوا بإلقاء السلاح وبالخيار السياسي والدبلوماسي...وبدل حماية شعبهم والقتال معهم، يسارعون الى يهود والأمريكان...الى مجلس الأمن والأمم المتحدة، لتطبيق الشرعية الدولية وطلب الحماية الدولية من رأس الأفعى وذيل العقرب...وصدق فيهم الشاعر: لا يلام الذئب في عدوانه إن يك الراعي عدو الغنم ولكن في عصر برمجة العقول، وبرمجة الشعوب للنطق بخطاب سياسي مبرمج، ومواقف سياسية مبرمجة، وإستعراضات شوارعية مبرمجة، تاهت الحقيقة لدى البعض وتاهوا عنها. فينطق أقطاب العمل السياسي بما لقنوا ويبتعدون عن المواقف المبدئية التي تفرضها الشريعة الإسلامية. وها هو الإعلام العربي والفلسطيني المبرمج يركز على الأمور الثانوية للتضليل، فيركز على قضايا ممسوخة مجزأة لتقزيم القضية، مثل القدس والمستوطنات والإغتيالات والآن الجدار، من أجل التدليس. فيشددون على القدس والأقصى فقط لإقناع الناس بأن القدس هي الأرض الوحيدة الباقية لدى المغتصب اليهودي إمعانا في تضليل الأمة لكي تنسى كل فلسطين، ويوهمون الأمة بأن الضفة وغزة هي كل فلسطين. فلا أحد يتحدث عن حيفا وعكا واللد الفالوجة والرملة، ويخدعون الناس بتصوير خروج عشرات من أبناء فلسطين من سجون يهود إنتصارا وطنيا، رغم وجود الآلاف خلف القضبان، ويوهمون الناس أن تعديل يهود للجدار "العنصري والاإنساني" ملحمة شعبية...فلا حول ولا قوة إلا بالله. إن اليهود تحكمهم عقيدة دينية ترى أن فلسطين كلها هبة من الله لهم، ويعتبرون أن أي انسحاب من جانبهم من أرض فلسطين تضحية يجب أن لا تحصل أو أن تكون عند أضيق حدود، وهم يرون أن الأوضاع الاقليمية مواتية لهم لتحقيق أمنهم مع الإحتفاظ بالقدر الأكبر من الأراضي المحتلة، ولهذا يعملون على نهب كل ما يستطيعون،حتى بعد أن يتفقوا مع الفلسطينيين على حصص معينة، كما حصل في الخليل، إذ إقتطعوا لأنفسهم 20% من مساحة المدينة خلافا لإتفاق أوسلو. وزعماء يهود يتحالفون مع الأحزاب الدينية لتغطية مماطلتهم في تنفيذ ما التزموا به، وهم يهددون بهدم المسجد الأقصى، فهل نتركهم ينفذون ما يخططون له ونكتفي بالبكاء على الأطلال؟ إن الواجب على المسلمين أن يحزموا أمرهم، وأن يوحدوا صفهم، وأن يخرجوا حب الدنيا وكراهية الموت من قلوبهم، وأن يعلنوها حربا لا هوادة فيها على اليهود وأعوانهم، ويلقنوهم درسا لا ينساه أعداؤنا في الغرب الكافر الذين جاءوا بهم الى بلادنا، ومنحوهم وعد بلفور ورعوا انشاء دولة لهم، لتكون صارفا لنا عن قضيتنا المصيرية ألا وهي رفع راية الإسلام ونصب خليفة للمسلمين. قال تعالى: ﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾. إن قضيه فلسطين بعامة وقضية المجازر التي ترتكب بخاصة لا ولن تحل بالتوسل لأمريكا والأمم المتحدة وغيرها لإيجاد ضغط على يهود لتسوية وتصفية القضية، وليس في تقديم إلتماس من الحكام الى يهود علهم يعودوا عن جرائمهم ومجازرهم وقراراتهم، ولا تحل القضية الفلسطينية في تعليق المفاوضات الخيانية قليلا -كما يفعلون- لحفظ ماء الوجه ثم يعودوا الى ما بدأوا بعد زوال أو هدوء عاصفة من عواصف الذبح للمسلمين، ولا تحل في تصعيد وتأزيم المواجهات من أجل أن يجتمع حكام فلسطين مع يهود لإستكمال ما بقي من حلول. إن الذين يراهنون على المفاوضات والحلول السلمية، ويأملون أن تحقق لهم أمريكا الوعود بالإستقلال وحق العودة وتقرير المصير، إنما إستزلهم الشيطان ببعض ما اكتسبوا، وتلك نتيجة حتمية للجهل السياسي والضحالة الدينية والسير وراء السراب الخادع. ماذا جلبت علينا الإضرابات والوفود والمفاوضات وأعمال الإحتجاج من زمن الإحتلال البريطاني ومرورا بالحكم الأردني وانتهاءا بالإحتلال الإسرائيلي؟ وما الذي جنيناه من تضحياتنا بأبنائنا وأموالنا وجهودنا وأوقاتنا في غير موضع صحيح وفي غير قضية تخدم الإسلام؟ إن الجواب الصادق على هذا السؤال يكمن في كلمات موجزة: إحتلال إسرائيلي للجزء الأكبر من فلسطين، وإحتلال أمريكي بغلاف فلسطيني لما تبقى. أما ما يفعله حكام المسلمين ورجالات السلطة والسياسيين كمساهمة في العملية السلمية فيتمثل في طرح تصريحات لتضليل الأمة، خصوصا ما يتعلق منها بموقف جهابذة التفاوض من أبناء فلسطين، من أنهم لن يقبلوا أي اتفاق الا اذا شمل حق العودة والسيطرة على القدس والمقدسات وكامل أراضي الضفة الغربية وغزة ... و كل ذلك للإستهلاك اليومي وسيصبح هشيما تذروه الرياح. وحتى لو تم لهم ذلك فهو تفريط في أرض الإسلام وبيع لفلسطين، وهو خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين. إن دماء الشهداء ما جفت، وأقلام الإتفاقيات ما رفعت، ووفود التفاوض والتآمر كلما عادت من الوكر رجعت، واللقاءات السرية ما انقطعت وجراح الجرحى ما التأمت، والإغلاقات ما رفعت والأطواق الأمنية ما كسرت، والإغتيالات ما توقفت. إجراءات مميتة، وتعقيدات متعمدة، وإخراج للمشهد يقتل صبر المراقب، ويحبط آمال المنتظر، ولكنها قواعد اللعبة، ومقتضيات المسرحية، حتى تنطلي الحيلة، ويقول الجميع ليس بالإمكان أبدع مما كان....ويأتي التنازل يتلو وكثير يصفق للوطن!؟ إن يهود إحتلوا بلدا من بلاد المسلمين وهم يشكلون رأس حربة متقدمة في خاصرة العالم الإسلامي كما يريد لهم من أقام كيانهم ومن يحالفهم من رؤوس الكفر من أجل أن يظل المسلمون متفرقين منهوبي الثروات. وبعد أن احتلوها ارتكبوا المجازر وشردوا أهلها ولا يزالون، وقتلوا ولا زالوا، ما داموا موجودين ككيان، واذا لم يقض عليهم ككيان سيستمر القتل والتهجير والتدمير والإعتقال والتهويد. والعلاج لذلك هو أن يقضى على هذا الكيان ولا علاج غيره. إن رصاصة واحدة تطلق على يهود وصيحة تنطلق الله أكبر ممزوجة بقذيفه مدفع أو صاروخ، وإن جيشا يزحف للتحرير نحو فلسطين يحيي القلوب أكثر مليون مرة من أدوية الحكام المتآمرين وحناجر المذيعين والخطباء والمنشدين والكتاب. والأمة قادرة على قتال يهود فالجهاد مغروس في أعماقها، وأما الرأي العالمي والقرار الأممي الذي لا يجد الحكام ملجأ الا فيه فلا يقيم وزنا لضعيف ولا ينصر مضيعا للحق. إن الله سبحانه قد اختار للأمة الجهاد وليس الإستسلام ليهود خيارا إستتراتيجيا ليس فقط لتحرير فلسطين وبلاد المسلمين، بل ولحمل الإسلام رسالة هدى ورحمة الى البشرية المعذبة بكل صنوف الشقاء. وتاريخ الأمة الإسلامية حافل بالأبطال الذين اتخذوا القتال والجهاد خيارا استراتيجيا، فكان خيار أم عمار سمية زوجة ياسر الإستراتيجي رضوان الله والجنة، وكان لقتيبة بن مسلم أن يطأ بقدميه تراب الصين...وكان لهارون الرشيد أن قال لنكفور حين رفض دفع الجزية:"بسم الله الرحمن الرحيم من هارون الرشيد أمير المؤمنين الى نكفور كلب الروم، وقد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه ولا تسمعه"...وكان الخيار الإستراتيجي لدولة الخلافة هو الإعداد والجهاد... وهذا كان خيار الرسول سيد الأنام الذي قال:"أمرت أن اقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله الا الله محمد رسول الله، فان قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم الا بحقها". أما كيف يكون سلام الأمة ومتى، فإن الأمة الإسلامية هي التي بيدها وحدها إحلال السلام في الشرق الأوسط لا بل في العالم الإسلامي ومن ثم في العالم كله، حين تستيقظ من غفوتها وتهب لتصحيح الأوضاع في منطقتها باعادة الأمور الى نصابها بعد الإطاحة بهذه الأوضاع المصطنعة وتطهير بيت المقدس من رجس يهود وتحرير المسجد الأقصى من سلطان الكفر والإستعمار وإعادته الى سلطان الإسلام والمسلمين. وعندئذ فقط يفرح المؤمنون بنصر الله وعندئذ يحل السلام الشامل العادل الدائم، وليس ذلك السلام الذي يتبجح به رؤوس الكفر في أمريكا و(إسرائيل) ويردده من ورائهم عبيدهم من طغمة الحكام والعملاء والمرتزقة المقتاتين على أعتاب الدول الكافرة، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾، فالسلم هو في الاسلام وهو سلم المسلمين الشجعان وليس سلم الجبناء من العملاء والجواسيس والسماسرة والفساق المنافقين من أبناء هذه الأمة الذين باعوا دينهم بدنياهم ونسوا الله فانساهم أنفسهم. هذا هو السلام الذي يفرضه أصحاب الحق الأقوياء وليس هو ذلك الإستسلام الذي يصنعه الرعاديد الجبناء ويسمونه سلاما. إن أهل مصر وأهل فلسطين وأهل الأردن لم ولن يصالحوا يهود. لكن الذي سالمهم هم الحكام العملاء الذين لا يمثلون الا أنفسهم ومن أوجدهم من الكفار، ولا قيمة لسلمهم وصلحهم ومفاوضاتهم وتنازلاتهم ما دامت الأمة رافضة وجود يهود. فالصلح هو صلح المسلمين والسلم هو سلم المسلمين، فلا صلح مع اليهود في فلسطين حتى يحكم الله بيننا وبينهم ويفتح بالحق وهو خير الفاتحين...فتربصوا انا معكم متربصون. أبو عقاب الشامي 01-19-2009, 08:30 AM الحل الجذري للقضية الفلسطينية... لماذا دولة الخلافة ؟ إن المتبصر لكل حيثيات قضية فلسطين منذ أكثر من مائة عام وحتى الآن، ويقرأ القضية قراءة موضوعية في سياقها الشرعي والكلي والصحيح يجب أن يصل الى ما يلي: 1. إن المسلمين ينطلقون من الإسلام عقيدة وأحكاما في تناولهم لجميع قضاياهم، ومنها قضية فلسطين كإحدى قضايا الأمة الإسلامية المحورية. وهذا ما يجب أن يكون عليه المسلم في كل قضية يتناولها،كبرت أم صغرت، وفي أي مجال كانت، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) وقال: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾. 2. إن النظرة الواعية الى كل قضايا الأمة الاسلامية، سواء إحتلال أجزاء من بلادها، أو تجزئتها واثارة النعرات القومية والوطنية بينها، أو الإفقار ونهب ثرواتها، أو ذبح بعض شعوبها والعالم يتفرج عليها، أو التأخر في كل الميادين: السياسية والاقتصادية والعلمية والعسكرية والصناعية والزراعية..... فالنظرة الواعية تقول لنا: أن كل ذلك هو بسبب قضية مصيرية ومركزية واحدة ألا وهي غياب الاسلام كنظام حياة من عند الله تعالى عن الدولة والأمة والمجتمع، ما أفقد الأمة سيادتها وأفقدها مناعتها وفتح المجال على مصراعيه للدول الاستعمارية الكبرى لتفعل بأمتنا وبلادنا وثرواتنا ما تشاء. وما لم تدرك الأمة هذه القضية، وتعمل على حلها باقامة كيان مخلص في بلادها يطبق الاسلام في الحياة والدولة والمجتمع، ويأخذ على عاتقه البدء بحل قضايا الأمة كلها، فإن القضايا الفرعية ستزداد وسنبقى نركض من قضية الى قضية نكتوي بنارها ونبكي منها دون أن نستطينع حلها. 3. إن من كبريات القضايا السياسية في العالم -بإستثناء قضية الخلافة- هي قضية فلسطين، أرض الرباط، أرض باركها الله في كتابه الكريم. وهي كبيرة في حجمها عميقة في أبعادها التاريخية، غريبه في بدايتها، فاجعة في نهايتها، وإن لم تنته بعد. تكالبت عليها الدول والشعوب حتى الزعامات من أهلها. تدرجت في مراحل سياسية متعددة ومتباينة. طرحت بشأنها عشرات الحلول، وصدر حيالها مئات القرارات من قبل عصبة الأمم، وهيئه الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي ومن مؤسسات دولية كثيرة. كم من الزعماء تسلقوا عليها نفاقا وخداعا!؟، وكم من الدول حركت الجيوش لتنقذها فأغرقتها!؟، وكم من الأحزاب اتخذتها قميصا جعلته لها شعارا ودثارا !؟، كم من الحرورب اشتعلت !؟، وكم من المآسي والفواجع ارتكبت !؟، وكم من الجرائم اقترفت بحق شعبها وأهلها !؟، بحق النساء والأطفال والشيوخ: تشريد وإبعاد، وتشتيت وتمزيق، ولا تزال الأمة تعيش في خضم صراعاتها، وتعاني من ويلاتها. وهذا كله دليل على أن قضية فلسطين أبعد وأكبر من حكام فلسطين وحكام المسلمين وخياناتهم، ولن يتمكنوا هم ولا غيرهم من إنهائها كما يحلمون وكما خطط لهم من أوجدهم للقيام بهذه المهمة الشنيعة. والقضية الفلسطينية أكبر من اليهود أنفسهم الذين سيظلون أهل الغدر والخداع والنقض للعهود والضن بفتات ما يملكون، فقد قضى الله عليهم في قرآنه أن يكونوا كذلك صنيعة ما يقترفون، وهم ليسوا مخيرين في أن يغيروا جلدهم وأن يكونوا على غير وصف الله لهم. إن قضية فلسطين قضية عالميه مصيرية لا يتخذ فيها الا إجراء واحد هو اجراء الحياة أوالموت. ومهما حاول المحاولون ودبر المتآمرون في عتمة الليل من مؤامرات لوأد هذه القضية أو تحويرها وتحويلها من قضية سياسية عسكرية الى قضية لاجئين أو قضية إقتصادية، ومهما حاولت الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا إغراء المسلمين في المنطقة بالوعود من إعادة الشرق الأوسط الى الجنات التي كان ينعم بها في الماضي ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ﴾، نقول أنه مهما حاولت هذه الدول وعملاؤها فانها لن تستطيع أن تلغي كون هذه القضية قضية سياسية عسكرية عالمية ما دامت هناك امرأة مسلمة واحدة تشهد بالله ربا وبمحمد رسولا، لأنها ستنجب من سيقتلع كيان يهود المسخ من جسم المنطقة. 4. إن العالم يعيش في زمان يجب مراجعة كل شيء فيه، وتشكيل النظرة على أساسه، وبناء المواقف الحقيقية عليه. فمن رفض فكرة من أساسها، ومن رفض سياسة من أساسها، فعليه أن لا يلتقي معها، ومن إعتبر أن أمريكا أو اليهود أعداء له فعليه أن يكون على مستوى العداء لهم والا فسيخسر، وستكون أحواله بعد المواجهة أسوأ منها قبلها. ومن اعتبر أن الحكام عملاء فعليه ان لا ينتظر منهم الا ما يراه، وأن لا يعمل الا على التخلص منهم. هذا هو الموقف الحقيقي الذي يجب أن يقفه المسلمون اذا أرادوا أن يعودوا الى الدور الذي كلفهم الله به، واذا أرادوا أن يعودوا خير أمة أخرجت للناس يحملون الإسلام ويدعون اليه، واذا أرادوا أن يكونوا في مقدمة الركب، واذا أرادوا أن يعيدوا الأرض ويحفظوا العرض ويفتحوا الفتوح وينشروا العدل في ربوع العالم. إن على المسلمين أن يعوا أن صعيد الصراع الحقيقي هو الصراع المبدئي الحضاري الذي يصان فيه العرض وتحفظ الأرض، ولا يتخذ فيه أعداء الله أولياء، يلقى اليهم بالمودة، ويتنازل لهم عن الحقوق ذلا واستسلاما. أما آن للمسلمين أن يفيقوا من سباتهم وينفضوا الغبار عنهم ويفكروا تفكيرا عميقا مستنيرا في حل مشكلتهم المصيرية الأولى، أو بالأحرى إدراك قضيتهم المصيرية الأولى، ألا وهي اعادة سلطان الاسلام؟!! إن مقارنة بسيطة بين توران شاه في آخر عهد الأيوبيين وحكام المسلمين، تري الفارق الكبير بين المسلمين حين كان الإسلام مسيرا لهم وبين وضعهم الآن في ظل خلو الأرض من سلطان الاسلام. فقد وجد الفرنجة أثناء الحرورب الصليبية أنهم لن يستطيعوا دخول القدس والبقاء فيها ما دامت مصر موجودة، ولذلك رأوا أن يوجهوا جهدهم وقوتهم الى مصر قبل بلاد الشام، وفعلا قامت الحملة الصليبية التاسعة موجهة ضد مصر مباشرة التي أصابها الوهن. وقد جرت مفاوضات بين الفرنجة وبين أهل مصر للإنسحاب منها مقابل التنازل عن القدس.وقد قبل وزير توران شاه المفروض هذه الشروط وذهب الى توران شاه ليقنعه بذلك، وعلل له قبوله الشروط بضعف المسلمين آنذاك، وأنهم بحاجة الى الوقت لإستعادة عافيتهم وقوتهم، فاستشاط توران غضبا وقال له: والله لولا أن يقول الناس أن توران شاه يقتل وزراءه لضربت عنقك، وقال له: ألا تدري ماذا تعني القدس لنا نحن المسلمين. لا يمكننا التخلي عن القدس ولو أخذوا مصر وما بعد مصر، وإنهم لن يأخذوها ما بقيت فينا حياة، وليس لهم عندنا الا السيف. فكان توران واثقا من نصر الله، فأمر جنده بالاستعداد وقادهم في حرب كان النصر حليفهم فطهرت مصر من رجسهم، وأسر ملك فرنسا واضطره على الخروج من مصر صاغرا. هكذا يكون موقف الرجال المؤمنين الصادقين. وها هو موقف الخزي والعار موقف حكام مصر وحكام المسلمين جميعا الذين يظنون أنهم بانبطاحهم واستسلامهم والتودد ليهود وأمريكا سيزيلون العداء العقائدي من نفوس المسلمين، وهم بذلك يكونون كالذي كذب كذبة وصدقها. وصدق الشاعر عندما قال فيهم: خفضوا الرؤوس بطوله ونضالا واستعذبوا الأصفاد والأغلالا مسحوا الوجوه على النعال فأصبحت لنعال من غصبوا البلاد نعالا واستسلموا صفا أمام عدوهم متسابقين أعزة أبطالا صالو بميدان الكلام بمنطق دنس المقال يدنس الأفعالا نصر من المذياع حازوا مجده يكسو العروش فخامة وجلالا وتوحدوا لكن لبيع بلادهم وسواه زادوا فرقة وضلالا عار الهزيمة لا يزال شعارهم يكسو الوجوه مهانة وخبالا يتمرغون على الوحول وفعلهم جم المخازي يخجلى الأوحالآ قمم ولكن ليس في شرفاتها نسر يتيه محلق صوالا 5. إن المتتبع لحال المسلمين يرى الصورة جلية بذلك. لقد صدق المسلمون الولاء لله ولرسوله فعزوا وسادوا ونشروا العدل والخير في ربوع العالم، وكانوا قوة يرهبها العدو، واستمروا على ذلك قرونا وقرونا، فلما تخلخل الولاء، وظهر في بلاد المسلمين خونة من العرب والترك، أعطوا الولاء للكفار وبخاصة بريطانيا آنذاك، عندها هزمت الخلافة من داخلها قبل أن تهزم من الأعداء في الحرب العالمية الأولى. بعد ذلك أصبح الولاء للكفار ديدن الحكام الذين نصبهم الكفار في بلاد المسلمين، فأقصي الاسلام عن الحياة وسادت أنظمة الكفر في بلاد المسلمين، ومزقت بلادهم شر ممزق، الى أن وصل الحال أن يحتل يهود أرض الاسراء والمعراج. كل ذلك لأن المسلمين لم يدركوا أنهم أمة واحدة، بعضهم أولياء بعض، ولم يدركوا أن الكفر ملة واحدة وأن الكفار أولياء بعض، وأن هذه الصورة اذا انقلبت، انتقل المسلمون من أعلى الدرجات بولائهم للإسلام الى أدنى الدركات بولائهم للكفار. ولأن الأمة لم تقف الوقفة الصادقة الصلبة فتغير هؤلاء الحكام الموالين للكفار، كانت الفتنه والفساد الكبير. فأي فتنة أعظم من إقصاء الإسلام عن الحياة ؟ وأية فتنة أعظم من تمزيق بلاد المسلمين وزوال الدولة التي كانت تجمعهم ؟ وأية فتنة أعظم من تكالب الكفار على بلاد المسلمين يحتلون ويستبيحون وينهبون ؟ وأية فتنة أعظم من حملات البطش التي يشنها الحكام العملاء في بلاد المسلمين على من يقول ربي الله؟ كل واحدة منها فتنة قائمة بذاتها فكيف وهي نازلة بهم مجتمعة عليهم؟ 6. إن الحل الجذري لأية مشكلة هو ذلك الحل الذي يعالج أصول المشكلة ويتعمق في العلاج الى أن يصل الى جذورها، وهو غير الحل التسكيني أو الترقيعي. والحل الجذري هو حل دائم بينما التسكيني أو الترقيعي هو حل مؤقت سرعان ما ينتهي ويتلاشى وتعود المشكلة وتطفو على السطح من جديد. وبالنسبة للقضية الفلسطينية، فإن جميع الحلول التي طرحت حتى الآن بشأنها كانت ولا تزال تسكينية وترقيعية ومؤقتة، والسبب في ذلك يعود الى واقع المشكلة. وواقع المشكلة كما ذكرنا ليس في دويلة تقام على كيلومترات أو بضع مئات من لاجئين يعودون أو لا يعودون، يقبلون تعويضا أو لا، وليست المشكلة في إزالة مستوطنة أو جدار أو حاجز ليعود الأمر الى سابق عهده، وليست المشكلة في اعتراف الولايات المتحدة بدولة وفق المقاييس... إنما المشكلة مشكلة صراع بين الحق والباطل، صراع بين الأمة الإسلامية من جهة وبين أعدائها التاريخيين اليهود ونصارى الغرب. إن مشكلة فلسطين مرتبطة ارتباطا عضويا بقضية الإسلام المركزيه اليوم ألا وهي عودته كنظام حياة يطبقه المسلمون جميعهم في دولة واحدة هدمت بتخطيط ومكر، واستبدلت بدويلات متشرذمة عميلة زرعت (إسرائيل) في وسطها إمعانا في الهيمنة والتفريق. إن مشكله فلسطين مرتبطة ارتباطا عضويا بقضية الحكام الضالين المضلين الذين يطبقون أحكام الكفر على الناس ويوالون الكفار وقد نهوا عن ذلك، ﴿لا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾. 7. إن المسلمين في فلسطين والعالم بدأوا يعون جذور وأساس القضية الفلسطينية وبالتالي الحل الجذري لها بعد ردحا من الزمن ظنوا فيه-تضليلا- أن القضية والمشكلة قضية وطنية محلية تحل بالسلام والمفاوضات والتنازل ليهود عن معظم فلسطين مقابل فتات. لكن التضليل يكاد ينتهي، والمطلوب ليس كيان يسمى زورا وبهتان (دولة) تمن أمريكا بها على الفلسطينيين المساكين تحمي يهود وتلاحق المجاهدين وتصفي القضية الى الأبد وتزيد عدد الأنظمة المأجورة. بل المطلوب عودة فلسطين كامله الى حضن أخواتها من بلاد المسلمين، والتي لا تقل عنها في المعاناة والظلم. نعم. يجب أن يدرك جميع المسلمين أن حال المسلمين (المحررين والمستقلين) في دولهم العتيدة ليس بأفضل من حال أهل فلسطين، وعلى شعب فلسطين المسلم أن يعي أن مصيره إن حصل وأقيم هذا الكيان الفلسطيني الحرام فلن يكون بأحسن من ظروف جميع المسلمين الذين يرزحون تحت أنظمة الجور والتجسس والملاحقة والبطش. إن المطلوب توحد بلدان المسلمين مرة أخرى كما كانت في دولة الإسلام السابقة وليس إستقلالات جديدة تفت في عضد قوة ووحدة المسلمين. إن الإستقلال المزعوم الذي يدعى له في فلسطين اليوم - مع عدم وجود مقومات له- هو نفس الإستقلال الذي أعطي تضليلا وتلبيسا للبلاد العربية بعد هدم الخلافة وتقسيم تركتها. وقد يقول بعض الواقعيين: نبدأ بأي شيء في فلسطين ثم نعمل للتحسين. نقول لهؤلاء: كفاكم إنبطاحا للواقع المفروض عليكم. ألا ترون من يعطيكم شرعية وجود كيانكم؟ ألم تتخلوا عن كل ثابت أعلنتموه حتى يرضى عنكم؟ ألا تفهمون أن أي حل عدا الحل الشرعي لن ينفعكم في الدنيا والآخرة؟ أم أنكم لا تحسبون أنفسكم من المسلمين؟ إعلموا أن العلاجات السطحية لن تجدي بينما العلاج الشرعي الجذري الذي يكمن بإزالة دول الضرار، واقامة كيان الإسلام العظيم مكانها وتطبيق الإسلام وتحرير كل فلسطين. واعلموا ان الأمور تسير نحو هذا الإتجاه لأن عنجهية أمريكا وعربدتها وصلفها ولؤم يهود وطمعهم وكونهم لا يؤتون الناس نقيرا، كل ذلك يساعد في إستعداء المسلمين ويؤكد حقيقة الصراع الأبدي بيننا وبين الكفار. وها هي أمريكا قد رفعت شعار محاربة الإسلام علانية وإن ألبسته ثوب الإرهاب والتطرف، وها هم يهود قد تخطوا كل الحدود، وها هم حكام النذالة قد تواطؤا معهم على محاربة كل من يقول ربي الله، وبذلك تكون شرارة الحرب الشاملة بين المسلمين كل المسلمين وبينهم قد بدأت، ويكون التعايش كفكرة يروج لها الكفار قد سقطت الى الأبد ولم يبق للمسلمين من خيار سوى الإسلام. إنه لا يشك أحد أن خيار المسلمين إسلامي، وقضاياهم إسلامية، وهم يضحون ويبذلون من أجل دينهم. شاهدنا ذلك في كل مكان فيه للمسلمين قضية: في فلسطين والأعمال الإستشهادية، في الشيشان، في أفغانستان، في جنوب لبنان...ولكن هذه التضحيات يقضي عليها الحكام أو يسخرونها لمصلحة أسيادهم. وما حدث في باكستان من تظاهرات، ومن توجه للإلتحاق بالمسلمين في أفغانستان لمواجهة الغزو الأمريكي ليدل على أن الأمة حية، وعندها قضاياها، ولها مصالحها، ولها فكرها، ولها مشاعرها، ولها قيمها، ولها مصلحتها العليا. وهي قطعا غير المصلحة التي يراها حكامها العملاء 8. منذ فتح المسلمون بلاد الشام - وفلسطين جزء منها- وقضي على الدولة الرومانية النصرانية، منذ تلك اللحظة، لا يريد الغرب أن يسلم بأن الإسلام كسب المعركة في تلك البقعة من الأرض. ولذلك وفي سياق الصراع العقدي والحضاري بين الإسلام والغرب، كرر الغرب محاولاته لاعادة هيمنته على تلك المنطقة، سواء عبر التبشير والغزو الفكري حتى يترك الناس إسلامهم، أم بإعادة احتلال الأرض وسلخها عن البلاد الإسلامية الأخرى. ولعل الحروب الصليبيه والاستعمار الحديث أكبر دليل على ذلك. ومن هذه الزاوية، وهي الصراع الحضاري بين الإسلام والغرب يجب النظر الى إقامة دولة يهود في فلسطين. فالغرب حريص على أن يكون إنتصاره على المسلمين أبديا، وهو يحاول أن يركز هيمنته. واقامة دولة يهود هي إحدى تلك الوسائل حتى يبقى هذا الكيان خنجرا مسموما في جسد الأمة، يعيث بما حوله الفساد والإفساد، ويكون رأس جسر للغرب في قلب العالم الإسلامي. 9. إن ملامح قضية فلسطين يمكن اختزالها في النقاط التالية: أ- إن أرض فلسطين هي أرض اسلامية ومعظمها أرض خراجية لا يجوز لكائن من كان التفاوض عليها، فهي منذ دخلها سيدنا عمر بين الخطاب رضي الله عنه وحتى قيام الساعة لا يتغير الحكم الشرعي في صفة أرضها الخراجية، والذي بموجبه يملك رقبتها عامة المسلمين. وأحكام العهدة العمرية هي أحكام شرعية يلتزم المسلمون بتنفيذها، ومن أحكام هذه العهدة بعد تطبيق الإسلام على القاطنين في بيت المقدس هو إخراج اليهود منها. ب- إن ضعف المسلمين في هذه الأيام وعجزهم عن تحرير فلسطين وتغيير موازين القوى ليس علة شرعية توجب تغيير الحكم الشرعي ولا هو مبررا للتنازل عن فلسطين لليهود أو التنازل عن حكمها بالإسلام. ت- إن الحل الإسلامي الوحيد للقضية الفلسطينية - والذي لا يوجد حل سواه - يتمثل في جهاد يهود وطردهم من فلسطين. وهذا من الثوابت الإسلامية التي دلت عليها النصوص والأحكام الشرعية، وكونها ثوابت يعنى أنها لا تتبدل ولا تتغير ولا تتطور، ولا يجري عليها أي تبديل أو تعديل في أي عصر ومع أي جيل، وهي ليست موضع جدال أو تفاهم أو مفاوضات. ث- إن على المسلمين أن يختاروا الطريق السياسي لتحقيق هذه الثوابت في هذه الأيام، وأن يؤمنوا إيمانا قاطعا بأن العمل الفردي والعمل التكتلي المنفصل عن الأمة لا يمكن أن يوصل الى تحقيق هذه الثوابت، وهذا الطريق السياسي هو طريق يتعلق بجماعة المسلمين، وجماعة المسلمين مصطلح يقصد به الأمة الإسلاميه ولا يقصد به الكتلة أو الحركة الإسلامية، فالعمل يكون بالأمة ومعها من أجل تحرير فلسطين بالجهاد، أي أنه يجب أن تعمل الأمة بجميع قواها وامكاناتها للقتال والجهاد وليس أفرادا أو حركات منها فحسب. وهذا العمل السياسي عندما سيثمر باذن الله فإن وجود كيان يهود في فلسطين لا يعدو كونه مسألة وقت ليس إلا. ج- إن العمل السياسي وحده هو الذي يقود كل الأمة، وهو الذي يجمع قواها المادية وغير المادية وحشدها لمحاربة أعدائها، وهو الذي يغير أنظمة الحكم القائمة الفاسدة، وهو الذي يوجد السلطان الإسلامي والخلافة الإسلامية، وهو الذي يعلن الجهاد، جهاد الأمة كلها، الجهاد الحقيقي المنتج، الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام. ولا يجوز ترك العمل السياسي للحكام العملاء الخونة وحدهم ليبعثروا ثروات الأمة وليحققوا بذلك رغبة اليهود والنصارى أعداء الإسلام الذي يعملون جاهدين لتفتيت جهود الأمة وبعثره قواها لتسهل سيطرتهم عليها ومواجهتها. ح- إن دولة يهود السرطانية يجب أن تزول، ولا تزال إلا بدولة مثلها على الأقل، ولا يمكن ازالتها إلا بإزالة الحكام النواطير الذين يحرسونها، ولا يزال هؤلاء إلا بقلبهم عن عروشهم وإسقاط أنظمتهم، وإقامة الدولة الإسلامية على أنقاض حكمهم، ولا تقام دولة الخلافة الا بوجود حزب سياسي يسعى جاهدا لتغيير الأوضاع، وبناء الدولة والمجتمع، وتجهيز الجيوش وشحنها لدك حصون يهود كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دك بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة وخيبر وما ذلك على الله بعزيز. عندها يصبح موتانا شهداء نزال وقتلى جهاد لا صرعى خيانات ومؤامرات. وبذلك وحده تتحقق مصلحة الأمة العليا بعودة الإسلام للحياة وعودة العزة للأمة. 10. إن المسلمين يتساءلون اليوم: هل ستنجح ما يسمى بعملية السلام المزعوم وبالتالي تضيع فلسطين الى الأبد، وما المطلوب لمنع ذلك، حتى لا نسجل مع الخونة أو مع الساكتين عنهم أو المتقاعسين عن واجبهم؟. ماذا علينا أن نفعل؟ والجواب: العمل وفورا باتجاه الحل الحاسم لكل قضايا المسلمين ومنها قضية فلسطين باقإمة الخلافة الراشدة. ومع عملنا لهذا الغرض يجب أن نظل ملتزمين بالواجبات التالية: • أن نقبض على ديننا بالنواجذ كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن نحكم الاسلام في كل ما يعترضنا من مشكلات، صغيرها وكبيرها، فردية كانت أم جماعية، ونجعله المصدر الوحيد لجميع الحلول. قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾. • دوام ربط قضية فلسطين بالإسلام عقيدة وأحكاما، لأن سلخلها عن الإسلام يعني ضياعها. • الوقوف الصلب مع اخواننا في فلسطين في وجه المستسلمين ليهود مع نشر وإظهار جرائم يهود ومكائدهم التي يرتكبونها بحق المسلمين. • الثبات على أمر الله في القول والعمل، بأن فلسطين كلها هي التي يجب أن نحررها من النهر الى البحر مع ابقاء حالة الصراع مع دولة يهود مستمرة حتى يأذن الله تبارك وتعالى بالنصر. • عدم قبول المفاوضات مع الغاصب المحتل، أو البحث في أيه قضية جزئية معه لأن في ذلك إقرارا عمليا بشرعية وجوده. • تضييق الخناق على كل من يشترك في بيع بلاد المسلمين أو التفريط بها ولعنهم على رؤوس الأشهاد، وحث ذويهم أن يتبرءوا منهم ومما يصنعون، وحفظ أسمائهم لليوم الذي ستحاسب فيه الأمة من فرط في حقها وتآمر مع عدوها. • دوام محاسبة حكام المسلمين وفضح خيانتهم وعدم قبول تمثيليات التبرع بالدم ودعوات الشجب والإستنكار التي يطلقونها ضد جرائم يهود، وعدم قبول أي عمل منهم أقل من توجيه الجيوش وحث المسلمين على القتال لتحرير فلسطين، وإلا فليرحلوا عن صدر هذه الأمة وليخلوا بينها وبين عدوها لتحزم أمرها وتسترد حقها وكرامتها وسلطانها بيدها. فلنعمل على أن نكون نحن عباد الله المخلصين الذين اختارهم الله ليحقق وعده وننال رضاه، ونفوز بعز الدنيا والآخرة، قال تعال:ى ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ 11. إن الواجب على الأمة أن تتداعى للعمل الجاد لتغيير أوضاعها بالكلية بالتخلص من حكامها أولا وقبل كل شيء ومن التوحد تحت راية خليفة يزحف بالجيش العرمرم الى فلسطين لقتال يهود والقضاء عليهم واستئصالهم من جذورهم بضربات تنسيهم وساوس الشيطان وتشرد بهم من خلفهم. إن المسلمين أمة مجاهدة لا تعجزها شراذم يهود الذين قال الله فيهم: ﴿ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمْ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ﴾. إن الله يقول إن يهود لا يستطيعون ثباتا أمام المسلمين في حرب ومن أصدق من الله قيلا؟ الحكام يدعون أنهم لا يستطيعون قتالهم قاتلهم الله أنى يؤفكون !. لقد رأينا بأم العين أن الحاجز الذي يقف بين المسلمين وبين تحرير أرضهم في فلسطين ليس هو قوة الآلة العسكرية اليهودية، فقد بان وانكشف عوارها وهزالها أمام صدور الأطفال العارية، وأمام هذه الروح الإستشهادية التي تفجرت في الأمة. إن الذي يقف سدا منيعا أمام استعادة فلسطين هو هؤلاء الحكام الذين يمنعون المسلمين من تلبية دعوة الجهاد والقتال، والذين اختاروا "السلام" خيارا إستراتيجيا... والذين لم يهتز لهم جفن وهم يرون دماء أبناء أمتهم - ان كانوا من هذه الأمة – تهدر، وتنتهك مقدساتهم. وهم لم يكتفوا بأن يقفوا موقفا سلبيا مما يجري، بل قاموا بقمع المظاهرات التي خرجت للتنديد بمجازر يهود، وتندد بهذا الصمت المخزي من هؤلاء النواطير التوافه الرويبضات الذين تستعملهم أمريكا ويهود من أجل قتل الروح الإستشهادية في الأمة ووصف أهلها بالإنتحاريين. ولذلك فالمطلوب اليوم من المسلمين، ومن أمامهم الحركات الإسلامية العمل بأقصى سرعة وبأقصى طاقة لإزالة هؤلاء الحكام وتنصيب خليفة للمسلمين يحكمهم بما أنزل الله ويخلصهم من هذا الذل. وعلى الأمة أن ترتقي الى مستوى الحدث وتمتلك الادراك السياسي فلا تنخدع بالألاعيب السياسية التي يحيكها الكفار فتسير خلف زعامات زائفة لتجرهم من ضياع الى هلاك. فلم يبق عذر لمعتذر ولا حجة لمحتج، فإن المصيبة قد عمت والذل قد إستفحل، والا فسيكون حالنا يقول:"أنج سعد فقد هلك سعيد". والى كل من أطلق طلقة على يهود نقول: إحرصوا على الأجر الذي حصلتم عليه بما صنعتم ولا يخدعنكم كلام معسول ممن رضي أن يفاوض عدوه، ويتنازل له عن معظم، أرضه وباع دينه بعرض من الدنيا قليل. والى جرحانا وأهالي شهدائنا نقول: إنكم لستم أول من جرح وقتل في سبيل الله فقد سبقكم بذلك ألوف مؤلفة من المسلمين الأبرار، وعلى رأسهم صحابة رسول الله ومسلمو الشام وبيت المقدس إبان الحروب الصليبيية، والذين قاتلوا في سبيل الله محطمين أعداء الله وفاتحين. وتلك سنة تحتذى وطريقة تتبع، فليس غير القتال في سبيل الله طريقا للمسلمين للعودة الى فلسطين، ولتلقوا من وراء ظهورهم هزال المفاوضين وكيد المنظمات الدولية الحاقدة على الإسلام وفساد القرارات الدولية وإفسادها، ولتكفوا عن مخاطبة الرأي العام العالمي والمنظمات الدولية، فليس ذلك يسمن أو يغني من جوع، واعلموا أن لكم اخوة في بلاد المسلمين ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم لن يهدأ لهم بال حتى يتحقق زحف جيش المسلمين الى فلسطين والأقصى مكبرين مهللين. والله لو كان للمسلمين خليفه يجمعهم لما جرؤت دولة على إهانة مسلم، وإن كان في أراضيها، ناهيك عن قتله بدم بارد. ولما جرؤ كائن من كان يزعم أنه ينتسب الى هذه الأمة الكريمة أن يستنكر قتل يهودي محارب وهو يعلم أننا في حالة حرب فعلية مع يهود، وأن دماءهم وأموالهم هدر، وأنهم صنعوا في فلسطين وفي لبنان وما زالوا من المجازر تفوق حتى طبائع المجرمين. إن قضايا الأمة العظام تستأهل كلمة حق وقول حق وفعل حق يدوي في الأرض عله يصعق خائنا أو يوقظ نائما أو يعيد العقل لمضبوع. 12. إن الأمة أدركت أن الذي أوجد الأنظمة في بلاد المسلمين، ووزع عليها الصلاحيات المحددة هو الذي أوجد السلطة في فلسطين أيضا. وأدركت أن لا أمل يرجى منهم في استرجاع فلسطين، كيف لا وهم يصرحون في مؤتمراتهم أن السلاح لا لزوم له وأنهم مع الشرعة الدولية وأنهم يلومون يهود لأنهم يضعون العراقيل في وجه "مسيرة السلام". هل بعد هذا من تخاذل؟. إن الحكام تنصلوا من قضية فلسطين ورفعوا أيديهم عنها في مؤتمر الرباط وجعلوها من اختصاص الفلسطينيين وحدهم. أليس هذا هو العار؟، ثم إنهم هيأوا لذلك بالغاء فريضة الجهاد. أليس في هذا إثم مبين وعار وبيل؟ لماذا يكون اذن عند كل أمة أو شعب أو دولة جيش ومقاتلون وأسلحة وعتاد؟ أليس للدفاع عن البلاد والعباد، وعن المقدسات والكرامات والقيم والأعراض... ومن هم أبناء الجيوش؟ أليسوا هم أبناءنا واخواننا وأقاربنا؟ أوليسوا هم من المسلمين الذين يقولون "لا اله الا الله محمد رسول الله"؟ أليسوا ممن كتابهم القرآن و رسولهم محمد صلى الله عليه وسلم؟ أليسوا يتشوقون لنصرة إخوانهم وأهلهم المسلمين وتحرير الأقصى وفلسطين وكل البلاد من رجس الكفار وأتباعهم؟ وبأموال من، وثروات من تبنى هذه الجيوش وهذه الترسانات من دبابات وطائرات وصواريخ؟ أليس بأموالنا وجهودنا وثروات بلادنا؟. وطالما حكام المسلمين وأزلامهم قد ضلوا، فزاغت أبصارهم وعميت قلوبهم وعادوا شعوبهم، فما نفع الكلام أن يوجه اليهم !؟، وهل نظل نقول لهم: انظروا نحن نذبح. أنظروا مقدساتنا تضيع، انظروا...!؟، أو نظل نعيد عليهم: قد أسمعت لو ناديت حيا، أو رب وامعتصماه انطلقت، أو بلغ السيل الزبى. أو ان الله يأمركم بكذا أو إن الجهاد فرض....؟ كلا، فهم كالأنعام بل هم أضل. 13. إن هذا الكلام ليس موجه إليهم، وإنما الى الأمة، وليس لتدرك واقعهم، فالأمة قد أدركت هذا، وإنما المقصود أن تدرك واقع الذين ما زالوا يلتمسون لهم الأعذار، ويدعون للمحافظة عليهم ومصالحتهم وطمأنتهم على كراسيهم، وأن تدرك واقع العلماء الذين ما زالوا يوجهون الناس للبحث عن الحلول اعتمادا على هؤلاء الحكام ومن خلالهم، ويصرفون الناس عن العمل للاطاحة بهم وعن التفكير والنظر والبحث في كيفية ازالتهم. إن الأمة قد صحت على إسلامها وحكامها ولا زالت تتقدم في ذلك والحمد لله، لكن عليها أن تدرك أيضا وبوضوح الخيانة أو السذاجة والبلاهة عند الذين يتصدرونها باسم الإسلام للتوجيه والفتوى، وهم علماء السلاطين، ومن الملمعين المنافقين، أو من المتخاذلين والجبناء الذين يسكتون عن الحق ليحافظوا على ما صنع لهم من شهرة وإسم. أحد أبرز علماء الشاشات الفضائية سئل مؤخرا سؤالا يتعلق بالحكام الخونة، فأجاب: إنهم ليسوا خائنين وانما هم خائفون. وعندما سئل عن واقع المسلمين قال: إن من سبب بلاء المسلمين أن الغرب حريص على فرقتهم، وأنه نصب عليهم حكاما تابعين ضعفاء. لكنه عندما سئل عن التغيير المطلوب أجاب: إن المطلوب لذلك أن يتقارب الحاكم والمحكوم وأن يتصالحوا، وأن يتقارب المسلم الملتزم مع العلماني، وأن تعمل كل القوى في المجتمع (علمانيها وإسلاميها) سويا من أجل فعل شيء، وأن نأتي ببعض العلماء من الغرب ونلملمهم حتى نتقدم تكنولوجيا، وأنه لا يجوز الإنقلاب على الحكام عسكريا مهما حصل. والأنكى من ذلك دعوته: لقيام إتحاد عالمي لعلماء المسلمين كبديل عن الخلافة المفقودة. هل يصدق أن رجلا منسوبا لشيوخ المسلمين وعلمائهم لا يدرك الفرق بين دولة الخلافة وبين إتحاد لعلماء المسلمين؟ وقد يقال: لعل الشيخ يقصد بإتحاد العلماء هذا أن يعمل لإزالة أنظمة الكفر في بلاد المسلمين، والتصدي للحكام الظلمة، والعمل على ازالتهم، وإقامة نظام الخلافة مكانهم. لكن الرجل يريد من هذا الإتحاد وبصراحه: أن لا يشتغل بالسياسة ولا يتصدى للحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله وتغييرهم، بل يقول:إن الإتحاد ليس من أهدافه الإصطدام بالسلطات السياسية؟ هذا ما قاله في جريدة الخليج العدد 7888 السبت 27 رمضان 1421 هـ. الصفحه 15، فلا حول ولا قوة الا بالله. إن هذا العالم السلطاني وأمثاله كثيرون يعرفون الحق، لكنهم يخفونه خوفا وطمعا من الحكام. فتراهم وتحت ضغط السؤال يشخصون المرض ويتحدثون قليلا عن بعض أسبابه: من التفرق وولاء بعض الأنظمة للغرب (وليس كلها) وأن المسلمين بحاجة الى إلتزام بالإسلام أكثر. وهؤلاء العلماء يصيبون الى حد ما في وصف العلل. لكنهم عندما يسألون عن التغيير المطلوب يبدأون باللف والدوران ويسكتون عن الحق، لا بل ويحرفون الفهم لدى الناس. فكلامهم الصحيح في بعض الجوانب يجعل أفئدة الناس تهوي اليهم فيصدقون كل كلامهم، وهنا تكمن المشكلة. فمثلا عندما سئل عالم الفضائيات نفسه عن الجهاد وعن كيفيته، وأن الطريق مسدود أمام المسلمين، وأن حكامنا يحمون حدود يهود، فما العمل؟ قال: إن الجهاد فرض عين على المسلمين الأقرب فالأقرب حتى يعم الأمة. نعم هذا حق. لكنه لا يدعو الى أن تتحرك الجيوش الرابضة باتجاه فلسطين، بل يعلن: أن المطلوب هو أن يستخدم الفلسطينيون كل ما استطاعوا اعداده من أسلحة، وأن ينتقلوا إن استطاعوا لقنابل المولتوف إضافه الى الحجارة في ضوء الأية ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾، أما الحكام وجيوش المسلمين فلا دخل لهم ولا نتحدث عنهم ولا نزيلهم لأنهم عائق في طريق الجهاد، ويزعم أن هذا غير ممكن، بل ويستنكر إزالتهم قائلا: هل نوقف الإنتفاضة ونذهب لتغيير الحكام؟ فهذا غير وارد ولا يجب أن يفكر به المسلمون (بحسب الشيخ). إذن فما الحل يا صاحب الفضيلة؟ الحل في هذه الحالة (عنده) هو: بإستصحاب نيه الجهاد، وبالدعاء، وبالتبرع بالمال والدم وبمقاطعة البضائع الأمريكيه، فلا تشربوا كوكا كولا ولا تشتروا الجينز، وقاطعوا ماكدونالدز. وكرر الشيخ غير مرة: أن هذه الدعوة بدأت تؤتي ثمارها، فلا حول ولا قوة الا الله. لقد سئمت أمتنا الهروب من الصراحة والتغطية على الحكام، وقصر الأمر على هذه السبل تضليل وتيئيس، وينطوي على سذاجة من جهة، وعلى محافظة على مكاسب الشهرة من جهة أخرى. الحكام يركزون كيان يهود ويفتحون البلاد لجيوش الكفار ونحن الأسرى في أقفاصهم، فهل يا ترى استبدال العرقسوس بالكولا ومقاطعة الشكلتس هو الحل؟ وما هو دور النفط مثلا وسائر الثروات والجيوش مثلا؟ وهل تظل الأمة تنظر الى ما يفعل بها وكل ما تفعله الدعاء؟ وهل يكفي الأمة أن تحرق الأعلام وتتظاهر بينما أهل فلسطين يذبحون؟ نقول لعلماء الفضائيات: إن الدعوة الى تغيير الحكام ووجوب ذلك لا يعني وقف الإنتفاضة أو تركها بل يفضي الى نصرتها حق النصر، ونقول لهم:لماذا توحون وتصورون للناس أن تغييرهم يقتضي فتنة وحروبا أهلية؟ ألم يسبق لكم أن رأيتم أو علمتم أن تحركات الشعوب قد تسقط أنظمة؟ أوليس وجودهم فوق رؤوسنا هو الفتنة، بل فتنا متلاحقة؟ أم أن الموضوع عندكم أن لا تفتنوا أنتم بعدم الحديث في السياسة والإقتصار على العبادات؟ ألا تسألون أنفسكم كيف وصل هؤلاء الحكام الى الحكم؟ أليس عن طريق انقلابات؟ بلى. فلماذا لا توجهون الكلام الشرعي الى المسلمين المخلصين من ذوي القوه في الجيوش، وذوي النفوذ في البلاد، ليتعلموا وينتبهوا الى الواجب الشرعي والطريق العملي، وهو فريضة تغيير الحكام !؟. لماذا – بدلا من ذلك- يقوم علماء التيئيس بتصوير الأمر وكأنه مستحيل؟، لماذا يكونون معول هدم في الأمة بدل أن يكونوا محرضين على العمل والصبر، وباعث أمل وثقة وحيوية؟. إن الأمة اليوم بأمس الحاجة الى علم وفقه في طلب النصرة، لينتبه فيها الأنصار الجدد، وليتحول الغثاء وقلة الحيلة الى أعظم وأضخم فاعلية في التاريخ، ولا بد للأمة أن تدرك أن إزالة الحكام أمر قريب جدا وسريع إن هي أدركت وجوب هذا الأمر وعملت لأجل تحقيقه، ويجب أن يرتقي الوعي العام فيها حتى تشمئز من الفتاوى السلطانية ولو ألبست لبوس المعارضة الكاذبة أو النصيحة التي لا محل لها، وحتى تنظر بارتياب الى وجوه أصحاب الفتاوى والآراء والتوجيهات الخادمة للحكام الكفرة والفجرة والفسقة، ويجب أن تحذر من الترويج لسياسات الحكام والغرب عبر الفضائيات التابعة. أما اليائسون وأصحاب الحسابات الخاطئة والساقطون في امتحان الله والذين يخوفهم الشيطان ويخشون العاقبه فنذكرهم بقول الله تعالى :﴿ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾،وبقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللَّاعِنُونَ ﴾ وبقوله :﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ وبقوله تعالى:﴿ والعاقبة للمتقين ﴾، وقوله صلى الله عليه وسلم:"صنفان من الناس اذا صلحا صلح الناس واذا فسدا فسد الناس. العلماء والأمراء" رواه أبو نعيم في الحلية. وفي هذا المقام يقول الامام الغزالي في إحياء علوم الدين عن أثر العلماء العظيم (ج 7 /92) ما يلي:" ففساد الرعايا بفساد الملوك وفساد الملوك بفساد العلماء. وفساد العلماء باستيلاء حب المال والجاه، ومن استولى عليه حب الدنيا فلم يقدر على الحسبة على الأراذل فكيف على الملوك والأكابر؟". فإذا كان هذا حال العلماء في عصر الغزالي، فما هو حال علماء اليوم؟ فلا حول ولا قوة إلا بالله. 14. إن حكام المسلمين في واد والأمة في واد والخطاب مع الحكام انتهى. أما الأمة الإسلامية ولا سيما العسكرين من ابنائها فنقول لهم: إن هؤلاء اليهود ومعهم حكام المسلمين هم أعداء لله ولرسوله، وأن اليهود هم أشد الناس عداوة للذين آمنوا، فاما أن تصدقوا أيها العسكريون الله ورسوله أو أن تصدقوا هؤلاء العملاء من حكامكم الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأورثوكم دار البوار. أيها العسكريون: كأنكم لم تقرأوا كتاب الله تعالى، أم أنكم نبذتموه وراء ظهوركم كما فعل الحكام من قبل؟ ألم تقرأوا في كتاب الله تعالى أن هؤلاء اليهود ملعونون على ألسنه أنبياء الله ورسله: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ، كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾؟. ألم تسمعوا قوله تعالى في محكم التنزيل: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾؟ ألم تسمعوا قوله تعالى: ﴿ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾؟. إننا نريد أن نطمئنكم أيها العسكريون المؤمنون أن لا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون، فقضيه فلسطين أكبر بكثير مما يتصور الكثيرون من الناس، أكبر من اليهود، وأكبر من أهل فلسطين وأكبر من المنظمات الخائنة وزعمائها، وأكبر من الحكام العملاء وأسيادهم في لندن وواشنطن. إن لبيت المقدس حرمته ومكانته في نفوس المسلمين حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ما دامت الأمة الإسلامية تشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا عبده ورسوله، فالمسجد الأقصى هو الذي بارك الله به في محكم التنزيل وقرنه بالمسجد الحرام بقوله: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، فهو جزء لا يتجزأ من عقيدتكم أيها العسكريون، فلا تخيبوا ظن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكم، وكونوا عند حسن ظنه بالمؤمنين، وكيف ستواجهون الله يوم القيامة وبأي وجه اذا سألكم عن هذه الأمانة العظيمة التي فرط بها حكامكم وسلموها ليهود؟ ، فأنتم أيها الضباط أهل القوة والمنعة وبيدكم كل أسبابها، فلا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم وقوموا لنصرة الله ورسوله وقد وعدكم رب العزة بالنصر والتمكين ﴿ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾، ولأنتم أيها الرجال الأقوياء أشد رهبة في نفوس هؤلاء الحكام المتقاعسين المستسلمين الأذلة. ألا ترونهم يغدقون عليكم الامتيازات ليأمنوا جانبكم ويبعدوا نقمتكم أن تصب على رؤوسهم وتحطم عروشهم وكراسيهم !؟. إننا لا نريد أن نخاطب هؤلاء الحكام أو أن نوجه اليهم نداء للتحرك كما تفعل الصحافة العربية المهترئة المرتزقة، بل إن الخطاب والنداء موجهان اليكم أيها العسكريون الرجال، لأن الأمة قد نفضت أيديها من حكامها ولم تعد تؤمن بصدقهم ولا بوعودهم بعد أن تبين لها دجلهم وكذبهم وتخاذلهم واستسلامهم، ولم يبق لها الا هذا الأمل الوحيد الذي هو أنتم أبناؤها العسكريون، فكونوا محط هذا الأمل ولا تخيبوا ظنها بأبنائها الرجال، وهي ولا ريب رديفكم ان شاء الله حين تتحرك جحافلكم للإطاحة بهؤلاء الحكام ومن ثم الزحف الى بيت المقدس لاسترداده وتطهيره وارجاعه الى حظيرة الاسلام وسلطان المسلمين ﴿ وَإِذْ يَعِدُكُمْ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ، لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ﴾. فهيا أيها القادة العسكريون كونوا أنصار الاسلام الجدد وخذوا المنزلة التي أخذها أنصار المدينة عندما نصروا الدين ومكنوا رسول الله من إقامة الدولة الاسلامية. هبوا الى نصرة الله ورسوله، وكونوا على رأس الجيوش المجاهدة في سبيل الله لتحرير بيت المقدس، لا على رؤوس الموائد والحفلات والمؤتمرات، حتى تفوزوا بعز الدارين، في الدنيا والآخرة ﴿ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾. فإما نصر وإما شهادة، أو فإن المصير مخيف في هذه الدنيا وفي الآخرة ﴿ إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾. إننا نهيب بالجيوش أولي القوة برجالها الأشاوس الذين ينتظرون على أحر من الجمر أن يأتي اليوم الذي يقدمون أرواحهم فيه لنصرة دينهم العظيم لا يمنعهم ويكبل أيديهم الا الأنظمة. اننا نهيب بهؤلاء أن يتحركوا لإنقاذ الأمة من تسلط الحكام على رقابها والذين عطلوا الجهاد وتآمروا على مسرى نبيه مع أعداءه، وأن يكونوا جيشا إسلاميا في دولة إسلامية تعيد العزة للإسلام والمسلمين. قال عز وجل: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. انتهى Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
Recommended Posts
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.