سيناريو متوقع في ظل التقدم الكبير للثوار على الأرض

[ابو اياس]

سيناريو متوقع في ظل التقدم الكبير للثوار على الأرض...

 

 

 

بقلم عبد الله عمر:

رغم الصمود الظاهري للجيش النظامي في مواجهة الثورة السورية , إلا أن هذا الصمود هو تآكل من الداخل , لدرجة ربما تؤدي لانهياره , وإن النظام بعد أن خرج من صدمة المفاجأة , و بعد أن تشكلت غرف أزمة عالمية للثورة السورية لمساعدته في تجاوز أزمته , ربما تحوي مثل هذه الغرف خبراء ايرانيين وامرييكيين و روس , فإن النظام لن يتنازل عن السلطة , لكن هناك عوامل أرغمت النظام على اعادة التفكير في منهج قمع الثورة :

انشقاق عدد كبير من الضباط و العسكريين , وهم وإن لم ينضموا للثورة إلا أن النظام فقدهم , علاوة على تخلف كثير من السنة عن الالتحاق بالجيش و خاصة بعد أن أصبحت مناطقهم محررة ولم يعد يشكل لهم الموضوع مشكلة أمنية .

الضغط الاقتصادي الكبير الذي يعيشه النظام , حتى وصل لحليفته ايران جراء المساعدات الايرانية , وهذا عامل لا يمكن اغفاله , أما عن تورط الغرب في مساعدات مالية للنظام ربما تؤدي الى منافسة من قبل أعداء النظام كالدول الخليجية لدعم الطرف الآخر , وهذا أمر ربما لا يحتمله النظام وحلفائه .

الفاتورة الكبيرة التي يدفعها النصيرييون على الرغم من بعد المعارك عن مدنهم ومناطقهم , إلا أن خسائرهم بالارواح كبيرة , ولم يعد بامكانهم تحملها , فبدأنا نرى تخلف شبابهم عن الالتحاق حتى بالخدمة الالزامية , بعد أن كانوا يتطوعون للقتال الى جانب النظام , كما بدأنا نرى تفاقم الخلاف النصيري النصيري , وهذا الخلاف لم يكن ليحدث ابدا ومهما اجرم النظام لولا الدم الكثير الذي سال من الطائفة , والتي بدأت الاطراف من غير الاسرة الحاكمة تحمل النظام مسؤوليتها ,

خروج مناطق كبيرة من ايدي النظام , الامر الذي سمح للثوار بترتيب اوراقهم وتحديث اسلحتهم من خلال الصناعة اليدوية والقيام بمعارك نوعية من السيطرة على المطارات , والقطع العسكرية , الامر الذي آلم النظام عسكريا .

زيادة ملحوظة في عدد المتطوعين في كتائب المعارضة , وزيادة في مساحة انتشار المناطق الثائرة ,

في ظل هذه العوامل المستجدة لم يعد بامكان النظام الحفاظ على كامل خطوطه الحمراء التي قطعها , فلم يعد بامكانه الحفاظ على كامل تراب الوطن تابعا له , كما لم يعد بامكانه الاستمرار دون الاستعانة المباشرة بجنود و عناصر من خارج البلد , و لم يعد بامكانه العزوف عن استخدام الاسلحة الممنوعة دوليا

....

وهنا يكون السيناريو المتوقع سلوكه على النحو التالي ...

استغناء النظام عن منطقة كبيرة جغرافيا مرهقة له عسكريا , وبالتالي جعلها منطقة آمنة , يتكفل بها الثوار بادارة امورها , فتنشأ خلافات كبيرة خاصة مع طمع كل اطراف المعارضة في منصب او مكان له يضمن به مستقبله السياسي في دولة المستقبل , بالاضافة الى تحمل الثوار عبأ تأمين الطعام و الشراب والخدمات لابناء هذه المناطق ,

جعل هذه المنطقة حلم لبقية الثوار الذين تعبوا من تحمل أعباء ضغوط كبيرة منذ بداية الثورة , وخاصة ثوار دمشق و ريفها وحمص و ريفها , وحتى اللاذقية , وبالتالي وضع خيار أمام ثوار هذه المناطق خاصة بعد أن أيقن النظام من استحالة القضاء عليهم , ويدل على ذلك المجازر الكبيرة التي ارتكبها النظام في ريف دمشق , وذلك لافقاد الثوار حاضنتهم الشعبية , والضغط عليهم باتجاه مغادرة هذه المنطقة , وكذلك الحصار على ثوار حمص , في الوقت الذي يهنأ بقية حمص بهدوء نسبي , الأمر الذي يجعل الثوار يفكرون جديا بمغادرة هذه المناطق , و أكثر ما يدل على هذا الخيار هو قطع الامدادات من الذخيرة عن ريف دمشق و عن حمص , في ظل استمرارها لحلب و ادلب .

ستنقسم سوريا الى قسمين : قسم مع الثوار يتحملون هم اعباء ادارته و الخلاف على قيادته وقسم مع النظام تمتد من حماه الى دمشق و درعا و الساحل , وهذه أصبحت خالية من الثوار بعد أن غادروها الى الشمال , وسيصبح من السهل ضبطها مع عدد أقل من الجنود , كما سينعم ابناء هذه الطائفة بالراحة وخاصة بعد أن حقق لهم النظام أكبر نصر معنوي بالسيطرة على حمص عاصمة الثورة ,

في تكلمة للسيناريو , سيتم ايقاف امداد الذخيرة القادمة من وراء الحدود التركية الى ثوار الشمال , وبالتالي اضعاف قوتهم العسكرية , وتقليل امكانياتهم لخوض حرب تحرير شاملة مع نظام يملك كل أنواع الاسلحة وربما حتى قوات فصل تمنع تقدم أحد الطرفين على الآخر

هنا و في ظل اعادة تصدر السياسيين من المجلس الوطني و غيره المشهد سيتم اللجوء لخيار الحوار او المفاوضات , و خاصة بعد أن أوقف النظام اجرامه اليومي , ذاك "العائق الوحيد" أمام الحوار , الأمر الذي طالما صرحت به المعارضة .

كيف تتم موجهة مثل هكذا سيناريو....

إن ثبات الثوار في منطقتي ريف دمشق و حمص و ريفها و الحفاظ على طرق ايصال الذخيرة لها هي الخيارات الأهم لتلافي هذا السيناريو , وإن الذي يظن أن العمل ضمن هذه المناطق يكلفها الكثير من حياة المدنيين , فإن الخروج منها سيكلف أكثر حتما , وبالتالي إن خيار التنازل عن حمص لا يمكن أن يكون الا باتجاه الريف الدمشقي , أي عكس الاتجاه الذي يرغب به النظام , ومجرد تفكير مشابه لهذا سيجعل النظام يخفف من الضغط باتجاه اخراج الثوار من حمص قبل ضمان خروجهم باتجاه الشمال لا الجنوب .

إن موضوع ايقاف الذخيرة و منعها أمر وإن بدأ الآن في حمص , فستلحقها بقية المناطيق تباعا فور ترتيب الوضع الجديد , وعلى هذا فإن خسارة ريف دمشق و ريف حمص سيمنع الثوار من خيار السيطرة على غنائم عسكرية من القطع العسكرية أو من الذخيرة المتنقلة على الطرقات بين مرفأ طرطوس و دمشق ,

على كتائب مناطق الشمال ألا تورط نفسها كما حصل في حلب بمسؤولية تحرير مناطق , كالرقة و دير الزور و ادلب , وتحاول سحب الجيش السوري الى تلك المناطق ليسهل تصيده , وذلك أن اعلان تحرير مناطق كبيرة سيحتم على تلك الكتائب مسؤولية الدفاع عنها , وهذا سيكلفها الكثير , و ستبقى بموقع الدفاع بدل الهجوم , كما حصل في حلب , و بالتالي على هذه الكتائب متى ما انتهت من نقاط القوة في الشمال ان تتجه الى الجنوب , لتجعل عملها ممتدا من شمال حلب الى جنوب درعا , لتنهك النظام بضربات نوعية مفاجأة لنقاط القوة فيه وليس بالسيطرة على تجمعات سكانية , تصبح عبئا على تلك الكتائب .

الأهم هنا , الأمر الذي كررنا كثيرا , ضرورة ايجاد قوة سياسية للكتائب , وذلك لجعل خيار ايقاف الذخيرة او خيار سيطرة بعض السياسين على زمام الامور خيارا صعبا , وهنا لابد للاعلاميين من اعادة صدوح صوتهم بالحق , ليس لمهاجمة النظام , بل لمواجهة اتفاقات دولية تعزم الى ايقاف الذخيرة ومنعها بعد أن أغروا الثوار بها , ولمنع اسقاط الثورة مع سقوط بعض المعارضين في فخ التنازلات للنظام .

أصبح ضروريا بل محتما على الثوار بشقيهم العسكري و المدني , ايجاد قيادة حقيقية داخلية تملك مشروعا سياسيا , يقودها الى التحرر و الخلاص من العبودية , دون أن يهوي بها الى الركوع بين يدي الانظمة الغربية والخضوع لاوامرها ونواهيها , وخاصة بعد خسائر كبيرة تسببها تسليم امرنا لهم من هو اقل بكثير من تحمله , فأوصلوا الثورة الى الحضيض سياسيا , في الوقت الذي كان به الثوار الحقيقيين يحققون نتائج خيالية على الأرض بالمقارنة مع امكاناتهم .

ونقطة هامة يجب الاشارة اليها هنا... أن هذا السيناريو لن يكون معلنا, بل سيحصل بشكل و كأنه نتيجة تلقائية للظروف و الامكانيات.

[ابن الصّدّيق]

المصدر :

 

http://tahrir-syria.info/index.php/press-2/210-synariomotuqa3.html