اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

الاستاذ عثمان بخاش: كي ينجح الربيع العربي


خلافة راشدة

Recommended Posts

كي ينجح الربيع العربي

 

نص الكلمة التي القاها المهندس عثمان بخاش في منتدى الأربعاء،

بيروت17 ربيع الثاني 1433هـ/ 27-2-2013م

 

هل فشل الربيع العربي؟ أم نجح؟ أم أن السجل إلى الان يشير إلى خليط من النجاح والفشل ؟ وإلى إين تتجه مسيرة الربيع العربي، هل ستثمر ما يرضي الله ورسوله أم ستنجح قوى الغرب (والشرق) في إحباطها وتجيير ثمرتها لمصالحها؟؟

وبناء عليه ما هي التوصيات التي نراها لتتمكن الأمة من قطف ثمرة ما سمي بالربيع العربي، والحيلولة دون انحراف بوصلتها، ودون تمكن أعداء الأمة من إفشالها؟

 

مع أن انتفاضة ما سمي بالربيع العربي انطلقت شرارتها في 17-12-2010 م في سيدي بوزيد في تونس أي منذ اكثر من عامين، وامتدت لاحقا إلى مصر واليمن وليبيا وسوريا بشكل مباشر، وتركت آثارًا ضخمة على صعيد الشارع العربي كله، بل والإسلامي، ووصل الأمر برئيس روسيا السابق ديميتري ميدفيديف بأن وصفها بأنها توازي في أهميتها أهمية سقوط جدار برلين في 1989م، والذي كما نعلم جميعا كان إيذانا بسقوط المنظومة الاشتراكية الشيوعية في عقر دارها في موسكو وتوابعها في شرق أوروبا....كما ترددت أصداء الربيع العربي في الظاهرة الاحتجاجية المعروفة ب"احتلوا وول ستريت" سوق المال الشهير في قلب نيويورك، وهو الذي يرمز إلى عصب ومركز النظام الرأسمالي المتفلت من كل قيد، وتمثل ذلك بقيام 982 مظاهرة احتجاجية في 80 بلد عبر العالم في محاولة يائسة للتحدث باسم ال "99%" من الشعب، فقد زعم القائمون على تلك الاحتجاجات بأنهم يعبرون عن وجع ال 99% من الشعب نتيجة سيطرة وهيمنة ال 1% على ثروات وخيرات البلاد والعباد....

إلا أن المراقب لما تحقق من انجازات إلى الان على مستوى الشارع العربي يخرج بمشاعر مختلطة ما بين التقدير لجهة هز رؤوس هرم النظام السابق ( في ليبيا ومصر وتونس واليمن) واسقاطهم، ومشاعر التألم للواقع المتردي الذي ما زالت هذه المجتمعات تئن تحت وطأته بعد أن خُيًِِل لها أن كفاحها في سبيل بناء غد أفضل وما تكبدته من تضحيات ذهبت أدراج الرياح هباء منثورا!! وارتفعت الأصوات مطالبةً بثورةٍ ثانيةٍ لتصحيح المسار ولتحقيق الأهداف الأصلية التي خرجت الجموع تطالب بها في أول 2011، أي الشعار الشهير" الشعب يريد اسقاط النظام"....

هذا مع عدم اغفال حمام الدماء بل نهر الدماء الذي لا يتوقف في سوريا بمباركة صليبية كشف عنها تصريحات الساسة الأمريكان بأن استخدام الاسلحة الكيماوية خط أحمر، بزعمهم، وما دون ذلك فأمر فيه نظر، بل قد يكون مبررًا لدرء خطر فزاعة "القاعدة" و"الاصوليين المتطرفين" الذين يطالبون باقامة دولة الخلافة الممتدة من إندونيسيا الى الأندلس، كما ذكر الرئيس الامريكي السابق جورج بوش. ووافقهم في ذلك شريكهم الروسي لافروف الذي نبه في تصريحه الأمس إلى أن المتطرفين هم الذين يحولون دون اتمام الحل السياسي، في سوريا ، الذي تم طبخه بين الرئيسين أوباما وبوتين في لقائهما في المكسيك في حزيران 2012 بما يخدم مصالحهم.

نريد فيما يلي أن نسبر غور هذه الظاهرة لنقف على واقعها من جهة، ولترسم ملامح المستقبل الآتي مع طرح توصيات واقتراحات ،علها تخدم النقاش الدائر وتشحذ الفكر للتوصل الى العمل الصحيح الذي يرضي ربنا في الدارين.

رابط هذا التعليق
شارك

فنقول مستعينين بالله:

 

تقوم الأمم على قاعدة أساسية تحكم مسيرتها في الحياة، هذه القاعدة هي المنظومة العقدية التي تحدد للفرد والمجتمع رسالته في الحياة ، وما يبنى عليها من نظم وأحكام ومفاهيم تحدد كيفية معالجة قضايا الحياة المتعددة التي تؤثر بمصير الفرد والجماعة من سلم واطمئنان أو إلى ردع العدوان عنهم من أي طامع خارجي يتربص بهم شرا.

 

وتمر الأمم ، كما الأفراد، بمسيرةٍ من الطفولة والعنفوان وصولا إلى الكهولة ومن ثم الشيخوخة، بحسب سنن كونية تعرض لها القران الكريم في أكثر من موضع، وحاول الكثير من علماء العمران الوقوف على مفاتيحها، ولعل أشهرهم ابن خلدون كما لا يخفى.

ولعل الآية القرآنية : "إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" هي مفتاح أساس في فهم هذه السنن الكونية.

 

والناظر في مسيرة الأمة الاسلامية يجد أن العرب الذين كانوا أمة امية قام مجتمعهم القبلي على أساسٍ واهٍ من العقائد الفاسدة، فمع عدم جدالهم في أن الله سبحانه هو الذي خلق السموات والارض، إلا إنهم كانوا يصرون على أن تشريع التحليل والتحريم والتصرف في مصائر الناس يعود لقادتهم بما يرونه من هوى يخدم مصالحهم. فلما جاءهم رسول الله برسالة الاسلام التي دعت إلى التوحيد الخالص والخضوع التام لأمر الله دون سواه، حاربوه بكل ما أوتوا من جهد ومكر وحيلة، إلى أن قيض الله لأهل يثرب أن يعتنقوا الدين الجديد وجندوا انفسهم لافتداء الرسول بأرواحهم وأموالهم، ما مكنه من إقامة الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، وانطلق من ثم لتحرير مكة وسائر بلاد العرب من نجس الشرك، فترتب على الانقلاب الفكري الذي حصل في المجتمع العربي انقلاب في المفاهيم فأنطلقوا ليكونوا رسل هدى ورحمة للعالمين، وكان الرسول جهز جيش أسامة بن زيد عشية مرضه الذي توفاه الله فيه، فأصر أبو بكر رضي الله عنه على انفاذه ملتزما بتوصية الرسول. ومع ما وقع من ردة حاول فيها بعض المتسلقين بناء أمجاد لهم، إلا أن المؤمنين كانوا لهم بالمرصاد فاحبطوا كيدهم، وتابعوا مسيرتهم في نشر الإسلام خارج الجزيرة العربية كما نعلم جميعا...

ثم بدأ الوهن والضعف يدب في جسم الأمة الاسلامية نتيجة تسرب الأفكار والمفاهيم الهدامة التي انجرف وراءها بعض المسلمين على مستوى القادة وبعض العلماء. هكذا بدأت النشأة الجنينية للانحراف الفكري في الفهم الصحيح للاسلام، والذي ترجم إلى تردي مستوى الحكم والمجتمع، فظهرت الفرق والملل والنحل التي أدت إلى الفرقة الداخلية ، ما مكّن القوى الخارجية المتربصة من توجيه طعنتين كادتا أن تودي بكيان الأمة الاسلامية، أعني بذلك الحروب الصليبية والغزو المغولي.

 

إلا أن الأمة الاسلامية كان لديها ذخر باق من قوة العقيدة والفهم للاسلام مكنها من صد الهجمتين، بل انطلقت من بعدهما للتوسع في حملتها الجهادية في أوروبا وطرق الجيش الاسلامي أبواب فيينا مرتين في 1529 و 1683م.

 

ومع القوة الظاهرة للدولة الاسلامية إلا أن بذور الوهن الفكري الداخلي كانت تتنامى، ما أدى إلى جمود العقل والفكر والاجتهاد وصارت الأجيال اللاحقة تعيش على أمجاد أسلافهم الغابرة...

 

كل هذا بينما حصلت في أوروبا ثورة فكرية ، استغرقت قرونا من الزمن، ولكنها أدت إلى كسر القالب القروسطي المنغلق وفتح الباب أمام نقلة نوعية في الفكر السياسي والثورة الصناعية التي واكبت الانفجار المعرفي في شتى ميادين العلوم.

ومع تخبط فلاسفة الغرب في نظرتهم إلى النظام الأمثل للحياة ما بين ديمقراطية ليبرالية أو اشتراكية معتدلة إلى اشتراكية ماركسية متطرفة، فالعقيدة العلمانية القائمة على فصل الدين عن الحياة أقصت الدين عن وضع المثل العليا للمجتمع ووضعت الإنسان مكان الاله في التشريع والتنظيم، وهذا مكّن أصحاب الثروة والمتحكمين في النظام السياسي من صياغة المجتمع الغربي وفق مصالحهم. فزعموا أن النظام الليبرالي يمنح الانسان الفرد حرياته المقدسة، ولكن في واقعهم على الفرد أن يكون حيوانا مساهما في الانتاج من جانب ومستهلكا في الوقت نفسه، فيسعى لاشباع جوعاته الفطرية والغرائزية بشتى أصناف السلع ، وبين الحدين يمضي حياته في خواء روحي وبؤس لا يعرف حدودا، ترجم إلى معدلات الجريمة ومستويات العنف غير المسبوقة، والادمان على المسكرات، فتزامن الرقي المادي مع انحطاط روحي وشقاء انساني لا سابق له في تاريخ البشرية، هذا دون التعرض للسجل الاستعماري القبيح في العالم القديم والقارة الامريكية.

 

إلا أن قادة الغرب وساسته كانوا يدركون جيدا قوة الاسلام الكامنة، فبذلوا جهودهم كلها في سبيل تحطيم دولته أولا، وهذا ما تم لهم على إثر الحرب العالمية الاولى، ثم عمدوا إلى إيجاد فئة من أبناء المسلمين المضبوعين بالحضارة الغربية، استعانوا بهم في فرض قالب التبعية للحضارة الغربية. وكان أخطر ما نجحوا فيه هو ايجاد فئة من المسلمين ممن يدعون إلى تغريب المجتمع المسلم، وذلك عبر الترويج لمقولات التوفيق بين الفكر العلماني الغربي والإسلام.

 

ويؤكد د. رفيق حبيب في كتابه القيّم (تفكيك الديمقراطية) أن الغرب إنما تخلى عن الاحتلال العسكري المباشر بعدما اطمأن إلى بقاء ورسوخ نفوذه الاستعماري بعد أن نجح في تخريج فئة من أبناء البلاد يسيرون على نهجه في تغريب المجتمع والإبقاء عليه في دور التبعية للغرب والحيلولة دون عودة الحضارة الاسلامية:"إننا لا نعاني من استعمار عسكري خارجي، ولكننا نواجه استعمارًا اقتصاديًا وثقافيًا واجتماعيًا، استعمار لا يفرض نفسه من خلال الجيوش الغربية بل يفرض نفسه من خلال وكلاء الغرب، إنه استعمار صناعة محلية، فهل تحقق الاستقلال؟؟ لا فالأفكار والقيم والمباديء التي تحكمنا ليست منا والمصالح والنخب الحاكمة هي نموذج مفروض لم تختره الأمة لذلك فهو نموذج يستعمر عقل و وجدان الأمة ويسيطر على مصيرها وقرارها."( )

 

ويضيف "عندما كنا تحت الاحتلال، كنا نواجه عملاءه، وبعد خروج الاحتلال اختفى العملاء، وبقي الوكلاء. فالأفكار التي استعمرت عقول القلة ظلت تجد لها أرضية من بين أبناء الوطن، حتى كوّنت جماعة وكلاء الغرب، واستمر تأثير الاستعمار الثقافي باشكاله المتعددة....وظل استعمار الأفكار هو الأرضية الثابتة لنزع كل احتمالات استقلال الأمة، فهو المرحلة التي مهدت لغيره من أشكال الاستعمار وهو كذلك العنصر الذي جعل الاستقلال الحقيقي وهمًا سرعان ما تبخر..."( )

 

"وهكذا أصبحت الديمقراطية أكثر قداسةً من التراث نفسه، وأصبحت الحضارة الإسلامية كمشروع نهضة وعمل سياسي تحتاج،حتى تُمنح الشرعية، إلى صك يؤكد ديمقراطيتها، وهذا الصك لن يمنح لها إلا من النخبة الحاكمة المتغربة.... لذلك علينا أن نسال عن شرعية الديمقراطية من خلال منظومة المباديء التي تحملها الحضارة الاسلامية،حضارة الأمة،وليس العكس." ( )

رابط هذا التعليق
شارك

من هنا نقول إن قيمة أي ثورة تتجسد من خلال الفكر الجديد الذي تطرحه، وليس من خلال أعمال عشوائية لا تقوم على فكرة ناضجة واعية. ومن طبيعة الثورات، عموما، اختلاط الامور ببعضها، ومن طبيعتها أن كثيرا من الناس يثورون ضد ما يرونه من مظالم وأزمات اكتووا بنارها، ولكن معظمهم لا يعرف بالظبط ما هو النظام البديل الذي ينشده...فعبارة "الشعب يريد اسقاط النظام" تعكس التطلع إلى هدم النظام الظالم البائد، ولكنها لا تعبر عن النظام البديل الذي تنشده...صحيح أن الجموع تنطلق بما عندها من أحاسيس ومشاعر إسلامية تستند إلى خزان جمعي من التمسك بالاسلام دينا ورسالة، وتعكس المسيرة الدعوية التي قام بها حشد من الدعاة عبر عقود من الزمن مهما تنوعت أدوارهم سواء على مستوى الخطابة في المساجد ،أم في تعليم النشأ الجديد أحكام دينه، أو في مقارعة الحكام الظلمة والتصدي لسياسياتهم الجائرة، وغير ذلك فكل هذه روافد ساهمت في الاعداد والتهيئة لطوفان الثورة التي انطلقت. وهذا يشبه ما حصل في الثورة الفرنسية حيث مهد الكتّاب والمفكرون بالدعوة لها ، وإن ماتوا دون أن يروا ثمرة دعوتهم. وكذلك فإن الثورة الايرانية استندت إلى تاريخ طويل من الكفاح ضد ظلم الشاه وطغيانه، والالوف من الشهداء لم يعيشوا ليحتفلوا بانتصار ثورتهم. أما الثورة الشيوعية في روسيا فقد توجت عقودا من الكفاح في روسيا ضد النظام القيصري، وضد الفكرة الراسمالية التي انتشرت وتجذرت في القرن التاسع عشر، وقد سبقتها ثورة 1905م التي سرعان ما اخمدت.

 

ونقف قليلا عند الثورة الفرنسية، لنستخلص عبرا منها. المعلوم أن الثورة الفرنسية ابتدأت بكونها ثورة جياع على إثر ارتفاع سعر الخبز، ولكن كانت هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير، فقد سبق ارتفاع سعر الخبز أن قامت السلطة الملكية بفرض سلسلة من الضرائب على كاهل الشعب الذي حرم من المشاركة في صنع القرار الذي كان محتكرا من قبل الاسرة الحاكمة وتحالف الطبقة الارستقراطية معها، بمباركة الكنيسة التي كان لها حصة من الكعكة. فجاءت الثورة لتقلب الطاولة على الجميع مطالبة بأن تعكس السلطة القرار الشعبي عبر نظرية العقد الاجتماعي التي دعا لها جان جاك روسو ، هذا العقد الذي يجعل السيادة للأمة جميعا، على أن يتساوى الأفراد في الحقوق السياسية. ومع أن صفوف الثورة ضمت تيارات متباينة كل منها يدعو لرأي معين، وشهدت الثورة تصفيات دموية بينهم، ما اتاح الفرصة للضابط المغامر نابليون باقناع الجميع ان يسلموه زمام القيادة فالغى العهد الجمهوري ليبني مجده الامبراطوري...

 

فالمقصود هنا أن الثورة الفرنسية دامت ما يزيد على ال 16 عاما من 1789 الى 1815. ومع كونها هزمت سياسيا وعسكرياً بهزيمة نابليون في واترلوو، و تمكنت الدول الملكية من ارجاع اسرة آل بوربون إلى الحكم، إلا أن النظام السياسي الذي ساد في أوروبا ما قبل الثورة انتهى عمليا نتيجة حصول الانقلاب الفكري الداعي الى حق الامة في القرار السياسي، ورفض انفراد الملوك والطبقة الارستقراطية بالقرار. ومع تقدم القرن التاسع عشر تجذرت الصيغة الديمقراطية في اوروبا.

 

أما الثورة الشيوعية الروسية فهي في واقعها انقلاب تمكن لينين من اغتنام الفرصة السانحة نتيجة الازمات التي المت بالنظام القيصري، ووجود نقمة واسعة في صفوف الشعب الروسي نتيجة الهزيمة العسكرية على يد المانيا ، أي أن الثورة الشيوعية لم تعكس وجود رأي عام مقتنع بالنظرية الشيوعية، وأنما توسلت الثورة سياسة الحديد والنار لفرض منطقها على الشعب المغلوب، ومع أن السلطة الشيوعية نجحت لعقود محددة في فرض ما أرادته، إلا أن كيانها انهار تحت وطأة الأزمات المتلاحقة فضلا عن غياب السند الشعبي لها.

 

أما بالنظر الى الثورة الاسلامية التي قادها النبي الاكرم فنجد أنها أرست جذورها في أعماق الامة، ونجحت أيما نجاح في نقل مشعل رسالتها إلى الامم فتجذرت في قلوب أبناء البلاد حيث انتشرت، ومن الشواهد على ذلك أن 70 سنة من الحكم الشيوعي الملحد لم تفلح في خلع الاسلام من نفوس المسلمين في وسط آسيا. كما أن من الشواهد على ذلك نجاح الأمة الإسلامية في دحر الهجمتين الصليبية والمغولية في آن واحد، بل حتى دخل المغول في دين الله.

 

فالصراع الفكري هو الأساس وهذا ما تنبه إليه قادة الغرب، وقد مارس التغريبيون أشد أنواع التضليل وأشده شراسة ولعل أبرزه هو الذي يلتصق بمفاهيم الدين أو بمظهره ويتمسح به ليدعو لضد ما يدعو له الإسلام ولنقيضه وعلى رأس قائمتهم دائماً: فصل نظام الإسلام ودولة الخلافة عن الحياة تقليداً لفصل الكنيسة في الغرب عن تنظيم شؤون الناس.

رابط هذا التعليق
شارك

وقد عرف هذا الصراع أوجه من الناحية الفكرية بنشر علي عبد الرازق، وهو شيخ متخرج من الأزهر وقاض في المحاكم الشرعية سنة 1925 عشية هدم دولة الخلافة، كتابه "الاسلام واصول الحكم" أنكر فيه الأصل الشرعي لنظام الخلافة الإسلامية وقاسه على نظام الكنيسة واللاهوت في الغرب وإعتبر أن الدولة المدنية هي تطور تاريخي على النسق الأوروبي. وقد أحدث كتابه ربما أكبر ضجة حول كتاب في التاريخ القريب، لعظم ما أنكر كاتبه. ودار صراع فكري كبير كان فيه الإمام الأكبر محمد الخضر حسين مكان القطب من الرحى. واستمر هذا الصراع بأوجه شتى.

 

ومن ذلك المقال بعنوان "دراسة أمريكية: الإسلام المعتدل هو الحل الوحيد ! " للدكتور أسعد الدندشلي ، ( 24 اذار 2008 ) ذكر فيه :" نُشرت دراسة بمجلة شؤون خارجية Foreign Affairs في عددها عن شهري مارس – ابريل 2007، تحت عنوان "الإخوان المسلمون المعتدلون" "The Moderate Muslim Brotherhood". وطبقاً لكاتبيها، روبرت إس . ليكن وستيفن بروك Robert S Leiken and Steven Brooke، وكلاهما من مركز نيكسون Nixon Center، فإن إسلامي مصر لن يُسرعوا فقط الدمقرطة لكن أيضاً سيخدمون أهداف السياسة الأمريكية الأخرى. وقد جاءت هذه الدراسة بناءاً على تقرير عُرض في حلقة نقاشية في وزارة الخارجية أشار إلى مصلحة رسمية "أمريكية" جديدة بالانفتاح علي الإخوان المسلمين.

 

والمعروف ان مؤسسة راند وضعت عدة دراسات بحثية في 2004 ثم في 2007 تدعو الى انشاء شبكة من المسلمين العمتدلين، ومما جاء في توصيات دراسة 2007:

 

في نهاية الدراسة يشير الباحثون إلي مجموعة من التوصيات التي يجب علي الولايات المتحدة الالتفات إليها ويمكن إيجازها فيما يلي:

- أن تشرع الولايات المتحدة في بناء شبكات من الإسلاميين المعتدلين، وأن يكون ذلك جزء من الاستراتيجية الأمريكية الشاملة حول هذا الملف وهو ما يمكن تحقيقه من خلال وجود جهاز مؤسسي يقوم بهذا الجهد.

- يجب أن تهتم الإدارة الأمريكية من خلال مبادرة دعم الديمقراطية في الشرق الأوسط ببناء علاقات مع كل من العلمانيين ورجال الدين المعتدلين والمفكرين والصحفيين والناشطين في مجال المرأة.

- وضع برامج محددة في مجالات التعليم الديمقراطي، الإعلام، جمعيات الدفاع المدنية.

- عقد ورش عمل ودورات للمعتدلين والليبراليين والاستماع إلي أفكارهم.

- بناء شبكة دولية لربط الليبراليين والمعتدلين الإسلاميين حول العالم ووضع برنامج محدد لتطوير أدواتهم وإمكاناتهم.

وتتساءل الدراسة :هل يمكن دمج الإسلاميين؟

تشير الدراسة إلي الجدل المحتدم في الولايات المتحدة وأوروبا حول الموقف من دمج الإسلاميين في العملية السياسية، والتعامل معهم باعتبارهم شركاء. وتستعرض الدراسة وجهتي نظر مختلفتين حول هذه المسألة. الأولى تتبنى الدمج وتقوم علي ثلاث حجج، أولها أن الإسلاميين يمثلون البديل المحتمل للنظم الشمولية في العالم الإسلامي خصوصاً في العالم العربي. ثانيها أن العديد من الجماعات الإسلامية تتبني أجندة ديمقراطية تقوم علي احترام التعددية وحقوق الأقليات كما هو الحال مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية. ثالثها، أن هؤلاء الإسلاميين الأكثر قدرة علي مواجهة الخطر الراديكالي الذي يمارس العنف والإرهاب، وهم أقدر على ذلك من رجال الدين التقليديين.

 

في حين تقوم وجهة النظر الأخرى التي تعارض دمج الإسلاميين ومعاملتهم كشركاء علي ثلاث حجج، أولها عدم التأكد من أن خطاب الإسلاميين بشأن موقفهم من الديمقراطية يعبر عن موقف تكتيكي أم استراتيجي. وما إذا كانوا سيقبلون بمبدأ الفصل بين الدين والدولة، وما إذا كانت فكرة الدولة الإسلامية لا تزال تهيمن على مخيلتهم أم لا؟. ثانيها، إنه ربما يقوم هؤلاء الإسلاميين، علي المدى القصير، بدور فعال في مواجهة الجهاديين، وهو ما قد يفقدهم المصداقية أمام الشعوب، وتكون مواجهتهم مرتفعة الثمن في المدى الطويل.

 

وثالثها، أن أفضل طريق للتعاطي مع هؤلاء الإسلاميين يكون فقط من خلال تقوية شبكاتهم وجعلهم نداً لغيرهم من الجماعات قبل الحديث عن شراكة وتحالف معهم.

 

وتخلص الدراسة في هذا الجزء إلى أن خمسة فئات يجب دعمها في العالم الإسلامي وهي، فئة الأكاديميين والمفكرين الليبراليين والعلمانيين، وفئة الشباب من رجال الدين وفئة نشطاء المجتمع المدني، وفئة الناشطين في مجال حقوق المرأة، وفئة الكتاب والصحفيين والإعلاميين.

 

وكان من الطبيعي ان تستعين أمريكا بأهم مركز تعليمي اسلامي الذي لطالما كان صرحا من قلاع المسلمين، الا وهو الأزهر ففي اخر شهر حزيران 2011 كشف شيخ الازهر د احمد الطيب عن الوثيقة التي عرفت بوثيقة الازهر والتي تضمنت الخطوط العريضة لرؤية الازهر للمجتمع الجديد في مصر،وأعرب العلماء والمفكرون المجتمعون وفقا لنص الوثيقة عن توافقهم على مباديء تحدد طبيعة المرجعية الإسلامية بوصفها أساس القضايا الكلية, ومن أبرزها دعم الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية, واعتماد النظام الديمقراطي القائم علي الانتخاب الحر المباشر, الذي هو الصيغة العصرية لتحقيق مباديء الشوري الإسلامية, بما يضمنه من تعددية وتداول سلمي للسلطة.

 

وأكدت الوثيقة الالتزام بمنظومة الحريات الأساسية في الفكر والرأي, مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والمرأة والطفل, واعتبار الوطنية وعدم التمييز علي أساس الدين أو النوع أو الجنس مناط التكليف والمسئولية, فضلا عن تأكيد مبدأ التعددية, واحترام جميع العقائد السماوية الثلاث.

 

وجاءت الوثيقة ملأى بالمضامين العلمانية الملطفة حتى ان نائب رئيس الوزراء يحي الجمل رحب، وأشاد بها في جلسة اجتماع لمجلس الوزراء. وعدها، «من أهم الوثائق التي صدرت منذ أيام الإمام محمد عبده».

 

وأعلن "الطيب أن المجتمعين اتفقوا على المبادئ التالية لتحديد طبيعة المرجعية الإسلامية النيرة، التى تتمثل أساساً فى عدد من القضايا الكلية، المستخلصة من النصوص الشرعية القطعية الثبوت والدلالة، بوصفها المعبرة عن الفهم الصحيح للدين".

رابط هذا التعليق
شارك

أولاً: دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة، التى تعتمد على دستور ترتضيه الأمة، يفصل بين سلطات الدولة ومؤسساتها القانونية الحاكمة، ويحدد إطار الحكم، ويضمن الحقوق والواجبات لكل أفرادها على قدم المساواة، بحيث تكون سلطة التشريع فيها لنواب الشعب؛ بما يتوافق مع المفهوم الإسلامى الصحيح، حيث لم يعرف الإسلام لا فى تشريعاته ولا حضارته ولا تاريخه ما يعرف فى الثقافات الأخرى بالدولة الدينية الكهنوتية التى تسلطت على الناس، وعانت منها البشرية فى بعض مراحل التاريخ، بل ترك للناس إدارة مجتمعاتهم واختيار الآليات والمؤسسات المحققة لمصالحهم، شريطة أن تكون المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية هى المصدر الأساس للتشريع، وبما يضمن لأتباع الديانات السماوية الأخرى الاحتكام إلى شرائعهم الدينية فى قضايا الأحوال الشخصية

 

وفي 17-8- 2011 دعا شيخ الأزهر إلى اجتماع ضم من سمّاهم مفكرين ومثقفين وسياسيين وبعض الأحزاب الإسلامية والليبرالية وذلك لبحث وثيقة الأزهر التي دعت إلى دولة مدنية ديمقراطية دستورية حديثة، ولم يسمح لغير من وجهت لهم الدعوة إلى الحضور واستثنى كل من ظن الأزهر أنهم سيعترضون على وثيقته. وسرعان ما أُعلن أن المجتمعين قد وافقوا بالإجماع على وثيقة الأزهر.

كما عبّر الدكتور محمد مرسى رئيس حزب "الحرية والعدالة" حينها ،الذراع السياسى لـ "الإخوان المسلمين"، عن موقف حزبه بالقول: "نحن قبلنا وثيقة الأزهر ووثيقة التحالف الديمقراطى ونلتزم بهما". وأكد التمسك بإقامة دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية، قائلا: "نحن لا نتحدث عن الدولة الثيوقراطية على أساس الحكم بالحق الإلهي.. هذا مرفوض وليس من الإسلام فى شيء".

وأضاف: "المرجعية الإسلامية تعنى بالضرورة دولةً مدنيةً وطنيةً بالمفهوم العصرى الحديث، تكون فيها الأمة مصدر السلطة، وتكون مبادئ الشريعة هى الإطار العام الحاكم للتشريع, والمبادئ الإسلامية تعني الأحكام قطعية الدلالة والثبوت، وليس أحكام الفقه المتغيرة، إنها دولة أساسها المواطنة".

 

اختم بالتالي:

 

لقد حقق الربيع العربي انجازات لا تنكر من أهمها كسر قالب النظام القمعي،الذي يحصي على الناس انفاسهم ويحظر على ضمائرهم التفكير، وأدركت الأمة أن بامكانها إذا حزمت أمرها أن تتخلص من حكم الطغاة بدل أن ترسخ في اصفاد العبودية الخانعة والخوف المذل وهذا ما يطلق عليه نفسية( او سيكولوجية) التغيير.

 

ولكن هذه خطوة أولى في سبيل الوصول الى التحرر الكامل من نفوذ الغرب ومفاهيمه التي تتناقض مع الاسلام جملة وتفصيلا، ويبقى وجوب العمل لبناء الحضارة الاسلامية التي تعطي بديلا حضاريا لشعوب الأرض التي تضج من ويلات الحضارة الراسمالية.

إن الغرب الذي هيمن على العالم الاسلامي وفرض على المسلمين منظومته الفكرية القائمة على فصل الدين عن الحياة والانسياق وراء الحياة المادية ،ونصب حكاما على المسلمين بذلوا وسعهم في خدمة مصالح اسيادهم في الغرب، ومكنوهم من نهب ثروات الامة ومسخ شخصيتها الاسلامية، هذا الغرب لن يقف متفرجا على كفاح الامة لكسر طوق التبعية عبر استئناف الحياة الاسلامية. ذلك إن النموذج الحضاري الاسلامي لا يعني فقط تحرر الامة من التبعية الغربية، بل يعني ايضا تقديم نموذج بديل لعقلاء البشر الذين يبحثون عبثا عن بديل للنظام الراسمالي الذي أهلك الحرث والنسل على مستوى العالم كله

 

وبالتالي سعى الغرب وسيسعى لصرف المسلمين عن دينهم وذلك عبر الترويج لطروحات ومقولات ما أنزل الله بها من سلطان ، بغية تزيين الحضارة الديمقراطية الراسمالية للمسلمين من جهة ،وفي الوقت نفسه يعمل على تشويش الفهم الاسلامي النقي لطريقة الاسلام في العيش والنموذج الحضاري الاسلامي.

 

اننا نحذر مما سبق للدكتور رفيق حبيب أن حذر منه بقوله:" لا يمكن نجاح عملية التنميط الغربي لمجتمعاتنا دون التوصل إلى(فريق) إسلامي يقوم بتلك العملية نيابة عن الغرب، ويقدم له الغرب كل الدعم، حتى إن أراد الوصول للسلطة؛ فالوصول إلى نموذج الإسلامي الحركي الذي يرفع الشعار الإسلامي، ويطبق المعايير العلمانية، ويرفع شعار الخصوصية الحضارية ويطبق المعايير الغربية، ويرفع شعار التميز ويطبق النموذج الغربي، يُعد الوسيلة الأضمن لنجاح خطة توحيد المواصفات القياسية للمجتمعات العربية والإسلامية، طبقًا للمواصفة الغربية.

 

ولكن الإسلامي العتيد يريد دولة إسلامية وتلك مشكلة، ويريد تطبيق الشريعة الإسلامية، وتلك مشكلة أخرى، ويريد توحيد الأمة الإسلامية، وتلك هي الطامة الكبرى؛ لذا بدأت عملية التوفيق والمصالحة بين الفكرة الغربية والفكرة الإسلامية تدريجيًّا، على قاعدة أن أسس الفكرة الغربية لا تتعارض مع الإسلام، وبدأت عملية تليين طويلة الأمد لتطويع عدد من المفاهيم حتى تُقبل إسلاميًّا، وتظل اللافتة الإسلامية موجودة.

 

فالغرب لا يريد من الإسلامي أن يعلن أنه علماني، بل يريد له أن يكون علمانيًّا يرفع راية إسلامية، وإلا لن يختلف دوره عن النخب العلمانية الفاقدة للشعبية، والتي لم تصبح بديلاً مقبولاً شعبيًّا للحكم.

 

المطلوب من الإسلامي إذن، أن يحافظ على صورته كإسلامي، ولكن يبقى من حيث المضمون متوافقا مع الشروط والمعايير القياسية الغربية للعمل السياسي..

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...