اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

مكانة الدولة في الاسلام للدكتور يوسف القرضاوي


أبو مالك

Recommended Posts

مكانة الدولة في الاسلام

يوسف القرضاوي

من كتاب: من فقه الدولة في الاسلام

استطاع الاستعمار الغربي الذي حكم ديار المسلمين أن يغرس في عقولهم فكرة غربية خبيثة مؤداها: أن الاسلام دين لا دولة، (دين) بالمفهوم الغربي لكلمة (الدين)، أما شئون الدولة فلا صلة له بها، وإنما ينظمها (العقل الانساني) وحده وفقا لتجاربه وظروفه المتطورة!

ولقد أرادوا أن يطبقوا على الاسلام في الشرق، ما طبق على المسيحية في الغرب، فكما أن النهضة هناك لم تتم إلا بعد التحرر من سلطان الدين، فكذلك يجب أن تقوم النهضة في شرقنا العربي الاسلامي على أنقاض الدين!

ومع أن الدين هناك معناه: الكنيسة وسلطة البابا، واستبداد رجال الكهنوت بالضمائر والأرواح، فأين هذا من الدين هنا، وليس فيه بابا ولا كهنوت ولا استبداد بالضمائر والارواح.

على كل حال لقد نجح الاستعمار في خلق فئات تؤمن أن الدين لا مكان له في توجيه الدولة وتنظيمها، وأن الدين شيء والسياسة شيء آخر، وأن هذا يجري على الاسلام كما جرى على المسيحية، وكان من الشعارات المضللة التي شاعت: أن الدين لله والوطن للجميع ...

وإنما مرادهم بكلمة الدين لله، أن الدين مجرد علاقة بين ضمير الانسان وربه، ولا مكان له في نظام الحياة والمجتمع.

وكان أبرز مثل عملي لذلك هو "الدولة العلمانية" التي أقامها كمال أتاتورك في تركيا، وفرضها بالحديد والنار والدم على مجموع الشعب التركي المسلم، بعد تحطيم الخلافة العثمانية، آخر حصن سياسي بقي للاسلام بعد صراع القرون، مع الصليبية واليهودية العالمية.

وقد أخذت الحكومات في البلاد الاسلامية الأخرى تقلد تركيا الجديدة، على درجات متفاوتة، فأقصي الاسلام عن الحكم والتشريع في الأمور الجنائية والمدنية ونحوها، وبقي محصورا فيما سمي بالأحوال الشخصية، كما اقصي عن التوجيه والتأثير في الحياة الثقافية والتربوية والاجتماعية إلا في حدود ضئيلة، وفسح المجال للتوجيه الغربي والثقافة الغربية والتقاليد الغربية.

....

وكان من أبرز المظاهر لنجاح الغزو الثقافي الغربي: أن "الفكر العلماني" الدخيل الذي ينادي بفصل الدين عن الدولة، لم يقف عند الرجال "المدنيين" وحدهم، بل تعداهم إلى بعض الذين درسوا دراسة دينية في معهد اسلامي عريق كالأزهر، كما تجلى ذلك في كتاب الشيخ علي عبد الرازق "الاسلام واصول الحكم"

ومن الإنصاف أن نقول أن هذا الكتاب قد أحدث ضجة هائلة حين صدوره في المجتمع عامة، وفي الأزهر خاصة، وقد شكلت هيئة من كبار علماء الأزهر لمحاكمة مؤلفه، فقضت بتجريده من شهادة العالمية، وإخراجه من زمرة العلماء، كما رد عليه كثير من العلماء والمفكرين، أزهريين وغير أزهريين.

كان لا بد إذن من تأكيد الوقوف في وجه العلمانية ودعاتها ومبرريها، بتأكيد شمول الاسلام، وإبراز هذا الجانب الحي من أحكامه وتعاليمه: جانب الدولة، وتنظيمها وتوجيهها، بأحكامه وآدابه، وإعلان ان ذلك جزء لا يتجزا من نظام الاسلام، الذي امتاز بشموله للزمان والمكان والانسان، ونزل كتابه تبيانا لكل شيء، كما قال تعالى: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين)

الدليل من نصوص الاسلام:

ولم يكن هذا ابتكارا من الحركة الاسلامية ومؤسسيها ودعاتها، بل هو ما تنطق به نصوص الاسلام القاطعة، ووقائع تاريخه الثابتة، وطبيعة دعوته الشاملة.

أما نصوص الاسلام، فحسبنا منها آيتان من سورة النساء: (إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) 58 و 59 من سورة النساء

فالخطاب في الآية الأولى للولاة والحكام، أن يرعوا الأمانات، ويحكموا بالعدل، فإن إضاعة الامانة والعدل نذير بهلاك الامة وخراب الديار، ففي الصحيح: إذا ضيعت الأمانة فانتظروا الساعة، قيل: وكيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الامر إلى غير أهله فانتظر الساعة.

والخطاب في الآية الثانية للرعية المؤمنين: أن يطيعوا "أولي الامر" بشرط أن يكونوا "منهم" وجعل هذه الطاعة بعد طاعة الله وطاعة الرسول، وامر عند التنازع برد الخلاف إلى الله ورسوله أي إلى الكتاب والسنة، وهذا يفترض أن يكون للمسلمين دولة تهيمن وتطاع، وإلا لكان هذا الامر عبثا.

وفي ضوء الآيتين المذكورتين ألف شيخ الاسلام ابن تيمية كتابه المعروف: السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، والكتاب كله مبني على الآيتين الكريمتين.

وإذا ذهبنا إلى السنة، رأينا الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: من مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية،

ولا ريب أن من المحرم على المسلم أن يبايع أي حاكم لا يلتزم بالاسلام.

فالبيعة التي تنجيه من الإثم أن يبايع من يحكم بما أنزل الله.

فإذا لم يوجد ذلك فالمسلمون آثمون حتى يتحقق الحكم الاسلامي

وتتحقق البيعة المطلوبة

ولا ينجي المسلم من هذا الاثم إلى أمران: الأول: الإنكار – ولو بالقلب عند العجز- على هذا الوضع المنحرف المخالف لشريعة الاسلام

والثاني: السعي الدائب لاستئناف حياة اسلامية قويمة، يوجهها حكم اسلامي صحيح، وهذا لا ينفع فيه السعي الفردي، فلا بد أن يضع يده في يد إخوانه الذين يؤمنون بما يؤمن به والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا.

وجاءت عشرات الاحاديث الصحيحة في الخلافة والإمارة والقضاء والأئمة وصفاتهم وحقوقهم من الموالاة والمعاونة على البر والنصيحة لهم وطاعتهم في المنشط والمكره، والصبر عليهم، وحدود هذه الطاقة وهذا الصبر، وتحديد واجباتهم من إقامة حدود الله، ورعاية حقوق الناس، ومشاورة أهل الرأي، وتولية الأقوياء الأمناء واتخاذ البطانة الصالحة، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى غير ذلك من أمور الدولة وشئون الحكم والإدارة السياسية.

ولهذا رأينا شئون الإمارة والخلافة تذكر في كتب العقائد واصول الدين، كما رأيناها تذكر في كتب الفقه، كما رأينا كتبا خاصة بشئون الدولة الدستورية والإدارية والقضائية والمالية والسياسية كالأحكام السلطانية للماوردي، ومثله لأبي يعلى، والغياثي لإمام الحرمين، والسياسة الشرعية لابن تيمية، وتحرير الأحكام لابن جماعة، والخراج لأبي يوسف، ومثله ليحيى بن آدم، والأموال لأبي عبيد ومثله لابن زنجوية ,,, وغير ذلك مما ألف ليكون مرجعا للقضاة والحكام كالطرق الحكمية والتبصرة ومعين الحكام وما شابهها .

الدليل من تاريخ الاسلام

......

 

الدليل من طبيعة الاسلام

.....

 

حاجتنا إلى دولة تحتضن الاسلام

....

 

لو كانت لنا حكومة

....

 

الاسلام والسياسة

.....

 

....

دولة شرعية دستورية:

والدولة الاسلامية دولة دستورية أو شرعية، لها دستور تحتكم إليه، وقانون ترجع إليه، ودستورها يتمثل في المبادئ والأحكام الشرعية التي جاء بها القرآن الكريم وبينتها السنة النبوية في العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات والعلاقات: شخصية ومدنية، وجنائية وإدارية ودستورية ودولية.

وهي ليست مخيرة في الالتزام بهذا الدستور أو القانون، فهذا مقتضى إسلامها، ودليل إيمانها:

وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَٱحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) المائدة 49-50

وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ

وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ

وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ

المائدة 44و 45 و 47

وهذه الآيات – وإن نزلت في شأن أهل الكتاب- جاءت بلفظ عام يشملهم ويشمل المسلمين معهم، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو معلوم.

ولا يتصور ان يحكم الله بالكفر او الظلم أو الفسق على من لم يحكم بما أنزله من اليهود والنصارى، ويعفي من ذلك المسلمين، فعدل الله واحد، وليس ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم دون ما أنزل على موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام.

وهذا الالتزام من الدولة بقانون الشريعة هو الذي يعطيها الشرعية، ويجعل لها حق المعاونة والطاعة من الشعب في اليسر والعسر، والمنشط والمكره، فأما إذا حادت عن هذا المنهج أو النظام فهذا يسلبها حق الشرعية ويسقط عن الناس واجب الالتزام بطاعتها، فإنما الطاعة في المعروف، ولا طاعة لبشر في معصية الله تعالى، وفي الحديث المتفق عليه: السمع والطاعة حق على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة،

وقال أبو بكر في خطبة خلافته: أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم.

فإذا كانت بعض الدول الحديثة تعتز بأنها تلتزم بسيادة القانون والتمسك بالدستور، فإن الدولة الاسلامية تلتزم بالشرع، ولا تخرج عنه، وهو قانونها الذي يلزمها العمل به، والرجوع إليه حتى تستحق رضوان الله وقبول الناس.

وهو قانون لم تضعه هي، بل فرض عليها من سلطة اعلى منها، وبالتالي لا تستطيع أن تلغيه أو تجمده إلا إذا خرجت عن طبيعتها ولم تعد دولة مسلمة.

....

ومعنى (الخلافة) النيابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حراسة الدين وسياسة الدنيا به، كما يعبر التفتازاني وابن خلدون وغيرهما.

رابط هذا التعليق
شارك

السلام عليكم

 

أخي أبا مالك

 

الكلام تقريبا صحيح في مكانة الدولة الإسلامية

 

ولكن القرضاوي وغيره من أصحاب مدرسة الاعتدال والوسطية يريدون الآن الدولة المدنية

 

ونحن لا نريد الدولة المدنية بل نريد دولة المدينة التي اقامها رسول الله

 

فلماذا أتيت بهذا الموضوع الآن؟

رابط هذا التعليق
شارك

الحقيقة أخي يوسف، أن الدكتور القرضاوي في الكتاب نفسه هذا، والذي طبع في العام ١٩٩٦ يدعو لأن تكون الدولة مدنية بمرجعية اسلامية، ولكنه حين يشرح هنا معنى المرجعية الاسلامية، فإنها لا تعني فصلا للدين عن السياسة، ولا تعني تجميدا لقوانين الشريعة لصالح قوانين بشرية

ومن الملاحظ في فكر القرضاوي، أنه يسترسل في الموضوع، بحيث تجد وأنت الباحث في كلامه عما يؤيد أن تكون الدولة بدستور إسلامي صرف، ما يفيدك بهذا

ويجد خصمك الذي يبحث عما يؤيد رأيه في أن الدولة مدنية ما يؤيد رأيه

فهذا الخلط وعدم الفصل والتميز في المفاهيم، آفة يعاني منها الدكتور

لذلك أرى في مثل هذه الأمور أن يحاجج هو وأتباعه بكلامه الذي يسدد فيه ، وهو ما نقلته هنا

أي أن يرد الفهم السقيم إلى هذا الفهم الصحيح،

وأما عن التوقيت، فأي توقيت أفضل في أن تحاجج القوم بما يقوله الدكتور من فمه الآن كي لا ينساقوا وراء فهم مغلوط يفضي إلى فصل الاسلام عن السياسة وعن الدولة

رابط هذا التعليق
شارك

  • 1 year later...

السلام عليكم

لو حاججتهم الان بما قاله او كتبه منظريهم في سالف الايام لاجابوك و بافحام بمراجعات فكرية و منهجية

والخير لا يعدم في الامة و باب التوبة مفتوح مفتاحه عنده سبحانه و تعالى

رابط هذا التعليق
شارك

  • 2 weeks later...

بسم الله الرحمن الرحيم

يشق على النفس أن تر تيه العلماء الذين يفترض بهم ان يقودوا الأمة في العمل لاستئناف الحياة الاسلامية بالطريقة الشرعية:

إقامة دولة الخلافة بالطريقة الشرعية، وليس التاثر بضغط الواقع الآني و المناداة بدولة مدنية ذات مرجعية اسلامية

ووالله إنا لنسر حين يقوم احدهم (القرضاوي كان ام الغنوشي او سواهم) فيضيف جهوده مع المنادين بتصحيح المفاهيم المغلوطة و يدعو الناس للاعتصام بحبل الله والتمسك بالاحكام الشرعية بعيدا عن التلوث باي لوثة دخيلة مستوردة من مصطلحات فرضها الغرب وروج لها

 

 

ولو كان عند القرضاوي حسن النية وصفاء القصد لما ضاق ذرعا بالاخوة الشباب الذين كانونا يناشدونه عبر منبره في برنامج الشريعة والحياة

ان يصدح بالدعوة للخلافة فيتبرم منهم ومن دعوتهم ويكاد يفقد رشده

 

ولو انه سكت لكان اولى له، دون ان نقول إنه كان يجب عليه تأييدهم في دعوتهم و ليس الضيق منهم والضجر مما يدعونه اليه

والحق يبقى احق ان يتبع

 

فالصراع الفكري لا زال دائرا في أوجه

ولعل في اخواننا من شباب الاخوان من يصحو من غفلته ان لم يكن من خلال النقاش المدعم بالادلة

فان لهم فيما جرى من سكرة بشرعية الديمقراطية ما يوجب عليهم ان يكفروا بسمومها

 

ويثوبوا الى رشدهم

والدين النصيحة كما جاءنا عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...