اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

تراجع النفوذ الإيراني / أبو هاشم


Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

خبر وتعليق

 

تراجع النفوذ الإيراني

 

 

 

استحوذت إيران في الآونة الأخيرة على عناوين الأخبار على صعد عديدة، من اعتبار (إسرائيل) إيران تهديدا لوجودها، واستمرار الغرب في الحديث عن برنامج إيران النووي، واستمرار مجلس التعاون الخليجي بالشكوى بمرارة من تدخل طهران في البحرين واليمن، ولوم السوريين القوات الإيرانية على ذبح المدنيين السوريين، ومع ذلك فإنّه يُلاحظ تضاؤل للتأثير الإيراني في المنطقة.

فالنفوذ الإيراني في بلاد الشام والعراق في تناقص مستمر وبسرعة مذهلة، وواضح تضاؤل قدرة إيران على التأثير في السياسة الإقليمية، فبالنسبة للملف السوري فإنّه في بداية الثورة وقفت إيران بقوة مع حليفها الأسد، ودعمت طهران الاقتصاد السوري بكميات هائلة من المساعدات، بما فيها دعم شبيحة الأسد بقوات كوماندوز من النخبة الإيرانية لقمع الانتفاضة السورية بوحشية، ففي الأول من تشرين الأول أكتوبر 2012، ذكرت صحيفة تايمز أنّ طهران أعطت الأسد 10 مليارات دولار لدعم نظامه المهلهل، وهذا يدل بكل وضوح مدى أولوية دعم طهران للأسد على الرغم من الخسائر الاقتصادية الضخمة التي تتكبدها إيران من العقوبات الدولية ضد الشعب الإيراني، وفي صيف عام 2012 سعت طهران للحفاظ على سرية أنشطتها العسكرية في سوريا، وفي النهاية تكشفت أنشطة قوات القدس في سوريا حتى اضطرت طهران للاعتراف أخيرا بعملياتها العسكرية في سوريا، وفي أيلول سبتمبر 2012، قال قائد الحرس الثوري العميد محمد علي جعفري "أنّ عددا من أعضاء قوة القدس موجودون في سوريا ولبنان ... نحن نقدم لهذه الدول المشورة والنصح ونزودهم بالخبرات."

 

وباقتراب الثوار السوريين نحو العاصمة دمشق، فقد توقف تدفق مليارات الدولارات الإيرانية والدعم العسكري للأسد، فليس لإيران نفوذ يُذكر بين الجهاديين السنة، وهذا الأمر مثير لقلق القيادة الإيرانية ولذلك تحاول التغلب على ذلك، فهي تواجه خيارا استراتيجيا صعبا فيما إن حل مكان النظام العلوي وميليشياتهم والشبيحة سلطة متبناة من قبل الثوار السنة من الذين يمقتون النظام الإيراني، ورد في مقال بعنوان "من يكره مصير سوريا أكثر: الولايات المتحدة أم إيران؟" في بلومبرج في 6 شباط فبراير 2013 لخص المعضلة الإستراتيجية لطهران على النحو التالي: "ستواجه إيران قرارا استراتيجيا: إما أن تستمر في دعم العلويين وهي الميليشيات التي لا تمثل سوى جزء صغير من المجتمع السوري، أو أنها ستشارك الإسلاميين السنة الذين سيتولون زمام السلطة في دمشق بعد الإطاحة بالأسد، ولكن قادة إيران سوف يحاولون احتضان "المتطرفين" السنة، وإذا فشلوا في ذلك فإنهم سوف يعملون مع الشبيحة لمنع تشكيل نظام مستقر مناهض لإيران في سوريا."

والأمر الثاني المزعج بالقدر نفسه لإيران هو امتداد عدم الاستقرار من سوريا إلى لبنان، والموقف غير المستقر لحزب الله، ففي بداية ثورات الربيع العربي، كانت إيران وحزب الله بقيادة حليفها نصر الله مبتهجين في العلن بسقوط الحكام المستبدين في تونس ومصر وليبيا، ولكنهم أيدوا علانية الأسد وأرسلوا مسلحين لقمع الشعب السوري، وهذا الموقف المنافق من حزب الله أثر على قدرته على حشد الدعم بين اللبنانيين وخاصة في أوساط السنة. وعلاوة على ذلك، فإنّ ازدراء حزب الله من قبل السوريين لمساعدته وتحريضه ضدهم لصالح الأسد، دفع هذا بالثوار في سوريا إلى تحذير نصر الله علنا من العواقب الوخيمة إن هو استمر في دعم الأسد، وفي وقت لاحق فقد ضعفت قوة حزب الله في الداخل وفي العالم العربي. وضعف حزب الله يعني أيضا ضعف النفوذ الإيراني في السياسة اللبنانية.

 

إنّ ضعف محور حزب الله الأسد وإيران شجع اندلاع موجة من الاحتجاجات في العراق، فالمناطق التي يهيمن عليها السنة في العراق تشهد أواخر الربيع العربي الذي يهدد قبضة المالكي على الساحة السياسية العراقية، فالمالكي الذي لديه علاقات وثيقة مع طهران يعمل جاهدا لاحتواء المناطق النائية السنية التي فتح فيها جنوده النار على المدنيين العزل.

كان النفوذ الإيراني ما بين عام 2004 وعام 2008 من خلال السلطة في العراق في ذروته، ما أثار الملك عبد الله للتعليق على حجم القوة الإيرانية باستخدام مصطلح الهلال الشيعي الذي وصفه بالنفوذ الإيراني الممتد من دمشق إلى طهران ويمر عبر بغداد. وعلى الجانب الآخر فإنّ الهلال يمر من البحرين وشرق المملكة العربية السعودية واليمن. أما اليوم فإنّ الامتداد الإيراني يواجه تهديدا وجوديا في سوريا، وهو بالتأكيد ينبئ بنهاية المساعي الإيرانية لإنشاء الهلال الشيعي وينهي طموحاتها في الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط وما فيه من احتياط النفط والغاز.

 

ومع ذلك، فإنّ إيران ليست الخاسر الوحيد من زوال الأسد، فالخاسر الحقيقي هو أمريكا، فعلى مدى العقود الأربعة الماضية، تعاونت أمريكا سرا مع إيران في محاولة يائسة لإيجاد الهلال الشيعي الذي من شأنه انتزاع النفط من أيدي الطغاة من حكام السنة ووضعها في أيدي المستبدين الشيعة وزعمائهم والذين بدورهم سيكونون أكثر ولاء لأمريكا من حكام السنة، هذا ما يفسر سبب عدم منع أو معاقبة أمريكا لإيران بسبب تدخلها في لبنان والعراق وسوريا، على الرغم من أنّ لدى واشنطن فرصة كبيرة لتأديب طهران. وبالفعل فقد استغلت أمريكا هذا الظرف كوسيلة لتهدئة المخاوف (الإسرائيلية) بشأن برنامج إيران النووي، فأمريكا تعرف جيدا أنّه إن تعرضت إيران لأي هجوم عسكري، فإنّ نفوذ إيران الذي يمتد من اليمن إلى لبنان سوف يتضاءل، وبذلك فإنّ قدرة أميركا على فرض الحلول السياسية للحفاظ على هيمنتها في المنطقة ستضعف بشدة. وقد حذر بريجنسكي من هذه العواقب فيما إذا اختارت أمريكا معاقبة إيران حيث قال: "إنّ الحرب في الشرق الأوسط، في السياق الحالي، قد تستمر لسنوات، ومع ارتفاع التضخم وعدم الاستقرار وانعدام الأمن ربما يشكل ذلك بيئة خصبة لعزلة الولايات المتحدة في الساحة الدولية، في الواقع، ينبغي على دافعي الضرائب الأميركيين أن يكونوا على استعداد لدفع مبلغ 5 إلى 10 دولارات لجالون البنزين في حال اندلعت حرب في مضيق هرمز".

ومن ثم، فإنّه ليس لأمريكا خيار سوى استخدام إيران لدعم الأسد والاستمرار في تغذية الانتماء الطائفي والاختلاف المذهبي على أمل أن تتمكن إيران على المدى البعيد من السيطرة على النفط والغاز في الشرق الأوسط عن طريق الهلال الشيعي إن ظل سليما.

 

 

 

أبو هاشم

 

 

 

27 من ربيع الثاني 1434

الموافق 2013/03/09م

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...