لا قرار أميركياً حتى الساعة بإسقاط الأسد

[خلافة راشدة]

لا قرار أميركياً حتى الساعة بإسقاط الأسد

 

 

 

 

سفير الولايات المتحدة في سوريا روبرت فورد استطاع أن «يكسب» سخط غالبية أطراف المعارضة السورية وغضبهم، اقلّه اولئك الذين يفضلّون الحفاظ على مسافة معقولة ومفهومة من واشنطن وفي الوقت نفسه.

 

تأليب" إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما، وموقفها المتذبذب من الحسم في دعمها، يعود بدرجة كبيرة الى "التقارير" التي لم ينفكّ فورد عن رفعها الى إدارته.

 

ففي بدايات الثورة، لعب دوراً إيجابياً وتحدّى النظام عبر زياراته لبعض المدن السورية المنتفضة، لكنّه عاد اليوم ليلعب دوراً سلبياً كبيراً، من خلال التحريض على المعارضة السورية، مُختصراً إياها بالجماعات الإسلامية فقط...

 

قد لا يكون هذا الوصف او الإتّهام دقيقاً، خصوصاً وانه صادر عن طرف المعارضة السورية نفسها، ناهيك عن عوامل أخرى كثيرة لعبت ولا تزال، دوراً رئيسياً في تقرير السياسة الأميركية حيال ما يجري في سوريا هذه الأيام.

 

وفيما ترفض أوساط في الخارجية الأميركية التعليق رسمياً على هذه الإتّهامات، الّا أن بعضها لا يعلّق على حجم الإنتقادات التي تُكال للإدارة الأميركية، خصوصاً في هذه المرحلة. وتكاد لا تخلو الصحافة الأميركية او وسائل الإعلام الأخرى، فضلاً عن جلسات الحوار والإستماع التي يجريها مجلسا النواب والشيوخ الأميركيان، من الإنتقادات اللاذعة لسياسة أوباما حيال ما يجري في سوريا.

 

فلون الخطّ الذي حدّده لتغيير قواعد اللعبة لم يعد مفهوماً، بعدما بهت بفعل التعليقات والتبريرات وحتى السخرية التي نادراً ما تعرّض لها رئيس أميركي في سياسته الخارجية.

 

الرئيس اوباما الذي خصص بالامس مؤتمره الصحافي للحديث عن سوريا، كان واضحاً جداً في تعامله مع هذا الملف بقوله: لدينا خيارات عدة موضوعة على "الرف" بالنسبة الى سوريا، في حين أن الفعل يتطلب وضع تلك الخيارات على "الطاولة" كما هو الحال حين يتحدث عن ايران...

هناك من يقول إن الرئيس متفق مع دوائر ومستشارين معينين، ينصحونه بمواصلة سياسته الحالية، باعتبارها أسهل السبل لتحقيق ما ينبغي تحقيقه، بأقلّ قدر ممكن من الخسائر.

 

لكن ألا يقاتل "حزب الله" "حركة حماس" الآن في سوريا؟ وألم تنغمس إيران ايضاً حتى أذنيها في هذه الحرب؟ وماذا عن العراق، ألا يظهر شريط الأحداث التي اندلعت فيه مؤخراً بأن إعادة نظر في مرجعيته السياسية جارية على قدم وساق، لاستعادته من شباك السيطرة الإيرانية؟

 

يسود الإطمئنان لدى العديد من الدوائر السياسية الأميركية على رغم الإنتقادات والضغوطات، الّا أن ايّاً منها لم يدعُ الى إنزال الجنود على الأرض.

لا بل هناك من يقول إن نظام الرئيس السوري بشار الأسد لا يحتاج الى أكثر من ضربات صاروخية بعيدة المدى لتغيير سلوكه.

 

فهذا النظام الذي يعود الفضل في استمراريته لأكثر من اربعين عاماً الى واشنطن أولاً واخيراً، لم يحرّك ساكناً امام التهديدات او الضربات الإسرائيلية على امتداد تاريخه.

 

 

واذا صحّت الأنباء الإسرائيلية عن أن طائرات "العدو" الغاشم أغارت على مقر قيادة السلاح الكيماوي يوم السبت الماضي، وحلّقت في جولة "سياحية" فوق القصر الرئاسي في دمشق، فهذا يعني أن النظام لا يزال ملتزماً بقواعد البقاء التي تأسّس عليها منذ البداية، ويُظهر أن خطر الدفاعات الجوية السورية لم يمنع تل أبيب يوماً من السياحة فوق دمشق، فيما الدفاعات نفسها تخيف الأميركيين والغربيين!

 

لذلك يعتبر بعض المحللين الأميركيين أن "أمر العمليات" الأميركي بتغيير النظام، لم يصدر بعد حتى الساعة، وأن وظيفته لم تنته خصوصاً وان الكثير من التهديدات واستعراضات القوة التي يقوم بها حلفاؤه وتحديداً الإيرانيون، لا محلّ لها من الاعراب، لأن الجميع يدرك شروط اللعبة. على اي حال، الكلام عن سيناريوات التدخّل الأميركي مصدره الرئيسي النظام وحلفاؤه، في مسعى مكشوف لاستدراج العروض، سواء في الملفات الإقليمية او في الملف النووي الإيراني.

 

يقول مصدر أميركي إن إصرار أوباما على ضرورة التيقّن من حجم السلاح الكيماوي وكيفية استعماله، قبل اتخاذ اي موقف عملي، قد لعب دوره في إعادة رسم الحدود التي لا ينبغي تجاوزها. النظام فهم انه لا يمكنه قلب ميزان القوى جذرياً ضدّ المعارضة، مثلما ستُفهم الأيام المقبلة باقي الأطراف المتورطة بأنه لا يمكنها قلب الأوضاع الميدانية، كما تشتهي.

 

ويعتقد المصدر نفسه أن ميزان القوى الذي مال لمصلحة النظام والقوى الداعمة له ، سواء إيران و"حزب الله" اللبناني أو الميليشيات الشيعية العراقية الأخرى في عدد من المناطق، سوف يعود الى التوازن بعد فترة قصيرة، لأنّ لا قدرة لأيّ طرف من الأطراف على الحسم العسكري.

 

فالمواجهة في طريقها الى التحوّل الى حرب استنزاف طويلة، والحل السياسي سوف ينبع من قوى داخلية من الطرفين، على قاعدة إعادة الحفاظ على الحدّ الأدنى الضروري من هيكل الدولة السورية.

 

 

 

الجمهورية

http://www.lebanonde....aspx?id=129943

تم تعديل May 1, 2013 بواسطه خلافة راشدة