ما بين الأركان وذروة السنام أين الاسلام ؟

[عماد النبهاني]

ما بين الأركان وذروة السنام أين الاسلام ؟

 

عن ابن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان) متفق عليه

 

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه( ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ قلت : بلى يا رسول الله قال رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح

 

ان الكثير من الملتزمين بالاسلام اليوم يقتصر التزامهم على الأركان الا من رحم ربي ..

 

ومنهم من تجاوز الأركان الى قمة الاسلام وهو الجهاد دون ترتيب ووضع للدعائم والمساند اللازمة له لزوما حتميا

 

ان الشهادتين والصلاة والصيام والزكاة والحج .. سماهما العلماء أركان الاسلام .. ولا شك أن هذه التسمية لم تأتي من فراغ حيث أرادو إبراز واقع هذه الأمور في الاسلام بحيث أنها أعمدة يبنى الاسلام عليها وليست هي الاسلام كله ... وكأن الاسلام بيت أو بناء وهذه أركانه .. أفرأيتم بناء يتكون من أركان فقط ؟؟؟ ! كيف ينتفع ببناء ليس له سقف ولا جدران ولا فيه مياه ولا أكل ولا شرب . كيف له ان يقي حر الصيف وبرد الشتاء ؟ وكيف له أن يستر عوراتك ويأمن روعاتك ؟! فلن ينفعك أيها الملتزم اقتصارك على الأركان في الاسلام ولن تنجيك يوم القيامة ..

 

قال تعالى ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ )

 

وفي قصة العبد الصالح الذي قيل بشأنه (به فبيدأ ) عندما أرسل الله ملك ليخسف قرية ترتكب المعاصي وفيها عبد صالح قوام صوام .. فقال الملك يا رب فيها عبدك فلان .. فقال الله له به فبدأ ... افرأيتم لم ينجيه اقتصاره على الايمان والصلاة والصيام !!!

 

.....

 

والجهاد أيضا هو جزء من الاسلام أي جزء من هذا البناء وهو الجزء العلوي منه بل أعلاه .. أيصح الاقتصار عليه وجعله كل الاسلام وجعل غايته الشهادة بدل غايته الشرعية وهي اعلاء كلمة الله واظهاره على الدين كله .. إن الجهاد الذي هو أعلا البناء لا يحقق مقصده دون ايجاد باقي أجزاء البناء حتى يكتمل الاسلام ويعمل به كله .. فينتفع وقتها بالجهاد خير الانتفاع إذ أن البيت قد اكتمل بناؤه .. فيكون البيت كله داعم ومساند للجهاد الذي هو اعلاه .. ولو لاحظتم في الحديث كيف أن النبي وصف الجهاد أنه ذروة السنام وليس هو السنام .. وكأني به يقول ليس هو سقف البيت أنما هو أعلى البيت أي ذروته ...

 

أن رأس البيت هو الاسلام كما وصفه النبي في الحديث حين قال (ورأس الأمر الاسلام ) فما هو الاسلام المقصود إذن طالما أنه ليس الأركان ولا ذروة السنام؟

 

إن الاسلام هو منهج حياة كامل ولكل مناحيها وهي احكام شرعية فرض أدائها كالأحكام السياسية والأحكام الاقتصادية وأحكام الدعوة الى الله وأحكام الحدود و تطبيقها وازالة المنكرات ومنعها ومحاسبة مرتكبيها .. كل ذلك أجزاء لبناء واحد هو الاسلام ... ومن يريد رضى الله ودخول جنته فعليه العمل بها كلها ..

 

قال تعالى ((ياأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين )

 

أي اعملوا بالاسلام كله ولا تقتصروا على اركانه أو ذروة سنامه

 

إن العمل بالاسلام وايجاد هذا البناء كاملا لا يتأتي الا بإيجاد الدولة الاسلامية التي هي الكيان التنفيذي لأحكام الاسلام كافة ..

 

قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ( لا اسلام بلا جماعة ولا جماعة بلا طاعة ) أي ليس هناك اسلام بلا دولة وخليفة

 

 

ورحم الله القائل: "الإسلام والسلطان توأمان لا يصلح واحد منهما إلا بصاحبه؛ فالإسلام أس والسلطان حارس، وما لا أس له منهدم، وما لا حارس له ضائع".

 

فأعملوا لايجاد تلك الدولة حتى يطبق الاسلام كله ويكتمل بناؤه .. والعمل لها من أوجب الواجبات وهو تاج الفروض و أول جزء يجب القيام ببناءه

 

 

جعلنا الله وإياكم من العاملين بالاسلام كله والبانيين لكل أجزاءه في دولة بناؤها قوي الأساس مكتمل الأجزاء ...