اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

سلسلة ومقام الموعظة....


Recommended Posts

تقسير قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) في قوله تعالى (( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ( 105 )

رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) وَتَضَعُونَهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا وَلَا تَدْرُونَ مَا هِيَ ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا مُنْكَرًا فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِعِقَابِهِ " .

 

وَفِي رِوَايَةٍ " لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيَسْتَعْمِلَنَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيْكُمْ شِرَارَكُمْ فَلَيَسُومُنَّكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ، ثُمَّ لَيَدْعُوَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خِيَارَكُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ [ لَكُمْ ] " .

 

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : خَافَ الصِّدِّيقُ أَنْ يَتَأَوَّلَ النَّاسُ الْآيَةَ عَلَى غَيْرِ مُتَأَوَّلِهَا فَيَدْعُوهُمْ إِلَى تَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ [ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ] فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَأَنَّ الَّذِي أُذِنَ فِي الْإِمْسَاكِ عَنْ تَغْيِيرِهِ مِنَ الْمُنْكَرِ ، هُوَ الشِّرْكُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ الْمُعَاهَدُونَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ يَتَدَيَّنُونَ بِهِ ، وَقَدْ صُولِحُوا عَلَيْهِ ، فَأَمَّا الْفُسُوقُ وَالْعِصْيَانُ وَالرَّيْبُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ .

 

وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : الْآيَةُ فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، يَعْنِي : عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَخُذُوا مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ وَاتْرُكُوهُمْ .

 

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ مَا قُبِلَ مِنْكُمْ فَإِنْ رُدَّ عَلَيْكُمْ فَعَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الْقُرْآنَ قَدْ نَزَلَ مِنْهُ آيٌ قَدْ مَضَى تَأْوِيلُهُنَّ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلْنَ ، وَمِنْهُ آيٌ قَدْ وَقَعَ تَأْوِيلُهُنَّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمِنْهُ آيٌ يَقَعُ تَأْوِيلُهُنَّ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ بِيَسِيرٍ ، وَمِنْهُ آيٌ يَقَعُ تَأْوِيلُهُنَّ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ، وَمِنْهُ آيٌ يَقَعُ تَأْوِيلُهُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، مَا ذُكِرَ مِنَ الْحِسَابِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، فَمَا دَامَتْ قُلُوبُكُمْ وَأَهْوَاؤُكُمْ وَاحِدَةً وَلَمْ تَلْبَسُوا شِيَعًا وَلَمْ يَذُقْ بَعْضُكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ، فَأْمُرُوا وَانْهَوْا ، وَإِذَا اخْتَلَفَتِ الْقُلُوبُ وَالْأَهْوَاءُ وَأُلْبِسْتُمْ شِيَعًا ، وَذَاقَ بَعْضُكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ، فَامْرُؤٌ وَنَفْسُهُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ جَاءَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ

 

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمُلَيْحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْزِيُّ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ نَصْرٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَنَا عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ جَارِيَةَ اللَّخْمِيُّ أَنَا أَبُو أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيُّ قَالَ : أَتَيْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ فَقُلْتُ : يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ كَيْفَ تَصْنَعُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ؟ قَالَ : أَيَّةُ آيَةٍ؟ قُلْتُ : قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ( عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) فَقَالَ : أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَأَلْتُ عَنْهَا خَبِيرًا ، سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً ، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ ، وَرَأَيْتَ أَمْرًا لَا بُدَّ لَكَ مِنْهُ فَعَلَيْكَ نَفْسَكَ وَدَعْ أَمْرَ الْعَوَامِ ، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ ، فَمَنْ صَبَرَ فِيهِنَّ قَبَضَ عَلَى الْجَمْرِ ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ " قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ : وَزَادَنِي غَيْرُهُ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ؟ قَالَ : " أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ " .

 

وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ : دَخَلَ عَلَى صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ شَابٌّ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ فَذَكَرَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ ، فَقَالَ صَفْوَانُ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَاصَّةِ اللَّهِ الَّتِي خَصَّ بِهَا أَوْلِيَاءَهُ ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ )

 

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا ) الضَّالُّ وَالْمُهْتَدِي ، ( فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )

 

( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( 105 )

____________

تفسير البغوي

رابط هذا التعليق
شارك

تفسير قوله تعالى (سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ ۚ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) في قوله تعالى (وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَٰذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَاجِنَا ۖ وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ ۚ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ ۚ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)

 

وجملة سيجزيهم وصفهم مستأنفة استئنافا بيانيا ، كما قلت في جملة سيجزيهم بما كانوا يفترون آنفا .

 

والوصف : ذكر حالات الشيء الموصوف وما يتميز به لمن يريد تمييزه في غرض ما ، وتقدم في قوله : سبحانه وتعالى عما يصفون في هذه السورة .

 

والوصف هنا : هو ما وصفوا به الأجنة من حل وحرمة لفريق دون فريق ، فذلك وصف في بيان الحرام والحلال منه كقوله تعالى : ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام .

 

وجزاؤهم عنه هو جزاء سوء بقرينة المقام ؛ لأنه سمى مزاعمهم السابقة افتراء على الله .

 

وجعل الجزاء متعديا للوصف بنفسه على تقدير مضاف ؛ أي : سيجزيهم جزاء وصفهم ، ضمن ( يجزيهم ) معنى يعطيهم ؛ أي : جزاء وفاقا له .

 

وجملة إنه حكيم عليم تعليل لكون الجزاء موافقا لجرم وصفهم . وتؤذن ( إن ) بالربط والتعليل ، وتغني غناء الفاء ، فالحكيم يضع الأشياء مواضعها ، والعليم يطلع على أفعال المجزيين ، فلا يضيع منها ما يستحق الجزاء .

_________

التحرير والتنوير

رابط هذا التعليق
شارك

  • 2 weeks later...

معنى قوله تعالى (إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ) في قوله تعالى(قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)

 

الاستثناء من مجموع النفع والضر ، والأولى جعله متصلا ، أي إلا ما شاء الله أن يملكنيه بأن يعلمنيه ويقدرني عليه ، فإن لم يشأ ذلك لم يطلعني على مواقعه ، وخلق الموانع من أسباب تحصيل النفع ، ومن أسباب اتقاء الضر ، وحمله على الاتصال يناسب ثبوت قدرة للعبد بجعل الله - تعالى - وهي المسماة بالكسب ، فإذا أراد الله أن يوجه نفس الرسول - عليه الصلاة والسلام - إلى معرفة شيء مغيب أطلعه عليه لمصلحة الأمة أو لإكرام الأمة له كقوله - تعالى - إذ يريكهم الله في منامك إلى قوله ليقضي الله أمرا كان مفعولا وقوله ولو كنت أعلم الغيب إلخ تكملة للتبرؤ من معرفة الغيب ، سواء منه ما كان يخص نفسه وما كان من شئون غيره .

 

فحصل من مجموع الجملتين أنه لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، في عالم الشهادة وفي عالم الغيب ، وأنه لا يعلم شيئا من الغيب ، مما فيه نفعه وضره وما عداه .

 

____________

التحرير والتنوير

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل

×
×
  • اضف...