اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

البرهان على أن القرآن معجز وأنه كلام الله تعالى


Recommended Posts

البرهان على أن القرآن معجز وأنه كلام الله تعالى

 

 

﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبِ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأتُواْ بِسُورَةٍ مِن مِّثْلِهِ، وَادْعُواْ شَهدَاءَكُمِ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينْ، فَإِن لَّم تَفْعَلُواْ وَلَنْ تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتي وَقُودُها النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ للِّكَافِرِينَ﴾. فجعل عجزهم عن الإتيان بمثله دليلاً على أنه منه سبحانه ...وتعالى.

هذا الكتاب المعجز، يعجز غير العرب عن كتابة مثله قطعا، لأنه بلسان عربي مبين، ولأن العرب أنفسهم عجزوا وهم أهل الفصاحة والبلاغة عن أن يأتوا بمثله أو بمثل سورة منه، وأما العرب فقد تحداهم وأعجزهم، وما زال التحدي قائما، والعجز قائما، فقطعا لم تكتبه العرب.

فيبقى احتمالُ أن يكون محمدٌ عليه سلام الله هو كاتبه، أو أن يكون من عند الله.

أما محمد صلى الله عليه وسلم، فواحدٌ من العرب، ما ينطبق عليهم ينطبق عليه، فلئن عجز كل بلغائهم، وشعرائهم، عن أن يأتوا بعشر كلمات من مثله، وإذا ثبت العجز على جنس العرب فقد ثبت العجز عليه لأنه من العرب. فما محمد في ذلك إلا واحد منهم، فهذه الأولى التي تنفي أنه من تأليف محمد عليه سلام الله!

والثانية: على أن طراز التعبير من حيث الألفاظ والجمل يخضع له كل إنسان حسب ما هو متعارف عليه في عصره، أو ما روي عن كلام السابقين له. وهو حين يجدد في التعبير إنّما يجدد في استعمال الألفاظ والتعابير لمعانٍ جديدة أو خيال جديد ويستحيل أن ينطق بما لم يسبق أن أحسه. والمشاهد في طراز القرآن أن التعبير فيه من حيث الألفاظ والجمل لم يكن معروفاً في عصر الرسول، ولا من قبله لدى العرب. فيستحيل عليه كبشر أن ينطق بشيء لم يسبق أن وقع عليه حسه، لاستحالة ذلك عقلاً، فيستحيل أن يكون طراز التعبير القرآني من حيث الألفاظ والجمل صادراً من محمد ما دام لم يسبق لحسه أن وقع عليه، فيكون القرآن كلام الله وقد أتى به محمد عليه سلام الله من عند الله تبارك وتعالى.

ومثال ذلك أن يخلو أدبُ أمةٍ ما من الشعر مثلا، فيقوم شخص من بينهم بابتكار الشعر جملة وتفصيلا، كنمط جديد من التعبير، ولكن المشكلة هنا أنه إذ يبتكر هذا الطراز، فإن غيره أبدا يعجزون عن أن يصوغوا بيتين أو ثلاثة على نفس الطراز، بل ويتحدى البشر قاطبة أن يأتوا بعشر كلمات على هذا النسق الرائع، ويعجزون، ليس فقط أن يرتقوا لهذا المستوى الفني الرائع في التعبير، بل وحتى أن يقولوا كلاما على نفس هذا الطراز، فكأننا في مثالنا الذي قلنا فيه أن يقوم ذلك الشخص بابتكار الشعر، كأننا نقول: ولا يستطيع أي بشر أن يقول شيئا من الشعر أبدا! وهذا ما يستحيل أن يفعله بشر، فالمشاهد المحسوس أن الشعر والطُّرُزَ الأدبية تتطور، ويقولها الشعراء، ولكننا في حالة الطراز القرآني الفريد نجد طرازا من البلاغة والبيان استحال على كل البشر تقليدها حتى في مثل أقصر سورة!

والثالثة: وكذلك تجد أن الإنسان له أسلوبه الخاص به من الكلام، وقد كان محمد صلى الله عليه وسلم يقول الحديث، ويخالط الناس مدى عمره، ويأتي بالقرآن، وأسلوبه في الحديث وفي كلامه مع الناس لا يشبه أسلوب القرآن وطرازه ولا في آية أو حديث واحد، فلا تجد أن الأسلوبين اتفقا حتى ولا في ثلاث جمل تتألف من عشر كلمات، فإذا تخيلتَ أننا نتكلمُ عن ثلاثة وعشرين عاما من مخالطة الناس، ومن تبليغ القرآن رسالةً للبشرية، علمت أن أشد الناس عبقرية لا يستطيع أن يكون صاحب أسلوبين لا يتفقان ولا في عشر كلمات، وأن يطول ذلك على مدى ثلاث وعشرين سنة!

وحتى تقف على دقة هذه الفكرة، سأروي لك قصة من الأدب العربي: يقول أبو عبيدة أحد تلامذة أبي عمرو: سمعت بشارا يقول وقد أُنْشِدَ شعراً للأعشى، فلما وصلوا لبيت من تلك القصيدة أنكره وقال: هذا كلام مصنوع، ليس للأعشى، فلما مرت عشر سنوات كنت عند يونس فقال أنه من صنع أبي عمرو بن العلاء، نسبه للأعشى ، فعجب من قدرة بشار على اكتشاف ذلك"، فالشاهد هنا أن الأعشى شاعر مُفلِّقٌ، له أسلوبه الذي تظهر سِمَتُهُ في أبياته، حتى أن شاعرا مطبوعا كبشار، استطاع أن يكتشف أن بيتًا من قصيدةٍ ليس من قول الأعشى، لم يجد شخصية الأعشى ولا أسلوبه فيه، وهكذا فإن من الاستحالة أن يكون للرجل أسلوبان لا يمتزجان عمره كله ولا حتى في عشر كلمات يقولها!

والرابعة: أن كل كتاب يكتبه البشر، تجده يرتفع في موطن، وينخفض في موطن آخر، ويختلف الأسلوب في الكتاب ما بين قوة وضعف، وقد تستطيع أن تستبدل كلمة مما في كتابٍ كتبه إنسان بغيرها لتعبر عن المعنى بشكل أدق وأفضل، أو قد تجد جملة كان بالإمكان الاستغناء عنها، أو قد تجد تناقضا بين ما قالوه هنا وهناك، خاصة إذا تنوعت أغراض الكتاب، واتسع حجمه، ولكنك لا تجد في كتاب الله إلا الشاهق المرتفع من الكلام، الذي لا تستطيع معه أن تجد فيه موطن خلل ولا في كلمة منه!

﴿وَلَوْ كَانَ مَنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً﴾

والخامسة: أن من الشعراء من يجيد في المدح دون الهجو، ومنهم من يبرز في الهجو دون المدح، ومنهم من يسبق في وصف الإبل أو الخيل أو سير الليل أو وصف الحرب أو وصف الخمر أو الغزل، أو غير ذلك مما يشتمل عليه الشعر، ويتداوله الكلام، ويقصّر في غيره، ولذلك ضُرِبَ المثلُ بامرئ القيس إذا رَكِبَ والنابغة إذا رَهِبَ وبزهير إذا رَغِبَ، ومثل ذلك يختلف في الخطب والرسائل وسائر أجناس الكلام.

ولكنك تجد القرآن يتناول الوصف، يصف الليل إذا عسعس، والجند إذا سارت للحرب، ويتكلم في الاقتصاد، والسياسة، وعلاقة الرجل بالمرأة، وتربية الأولاد، وبر الوالدين، والتفكير والاعتقاد، وأهوال القيامة، والمعاملات والعبادات، وغير ذلك، فلا تجده انحدر بيانا موضع حرف في وصف ذلك كله! وهذا ما لا يستطيعه بشر قط!

وقد تأملنا، وتأمل الملايين من قبلنا، من علماء وأدباء ونقاد وباحثون، نظم القرآن فوجدنا جميع ما يتصرف فيه من الوجوه التي قدمنا ذكرها على حد واحد، في حسن النظم، وبديع التأليف والرصف، لا تفاوت فيه. ولا انحطاط عن المنزلة العليا، ولا إسفال، ولا تناقض.

وكذلك قد تأملنا ما يتصرف إليه وجوه الخطاب من الآيات الطويلة والقصيرة، فرأينا الإعجاز في جميعها على حد واحد لا يختلف.

والسادسة: ثم إن كلام الفصحاء يتفاوت تفاوتاً بيناً في الفصل والوصل، والعلو والنزول، والتقريب والتبعيد، وغير ذلك مما ينقسم إليه الخطاب عند النظم، وكذلك عند البسط والاقتصار والجمع والتفريق والاستعارة والتصريح والتجوّز والتحقيق، ونحو ذلك من الوجوه التي توجد في الكلام، وكل تلك الأصناف موجودة في القرآن، ولكنه في كل ذلك ما تفاوتت بلاغته في شيء منه، بينما تجد قدرات أي انسان في ذلك تتفاوت، فيعلو هنا ويهبط هناك!.

ألا ترى أن كثيراً من الشعراء قد وُصف بالنقص عند التنقل من معنى إلى غيره، والخروج من باب إلى سواه، حتى أن أهل الصنعة قد اتفقوا على تقصير البحتري -مع جودة نظمه وحسن وصفه- في الخروج من النسيب إلى المديح، وأطبقوا على أنه لا يحسنه ولا يأتي فيه بشيء وإنما اتفق له في مواضع معدودة خروجٌ يرتضى، وتنقلٌ يستحسن .

فهذا كله يدل على أن القرآن الكريم ليس من كلام محمد، وليس من كلام البشر، بل هو كلام الله تعالى.

 

 

عن صفحة:

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...