أبو مالك Posted April 11, 2013 Report Share Posted April 11, 2013 الطغيان ضد الاستقامة: ولتحديد مفهوم الطغيان، ولكي نضع اليد عليه لتظهر شناعته، لا بد من مقارنته بضده، والضد يظهر سوءه الضد، نجد أن رب العزة سبحانه أمر رسوله صلى الله عليه وسلم ومن تبعه بأمر عظيم شاب من هوله رأس الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قبل أوان شيبه، بقوله تعالى مخاطبا نبيه: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112)﴾، وبين عظيم أجر من استقام ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾الأحقاف (13) وحين ننظر في معنى لا خوف عليهم، نجد أنها طمأنة لهم من أن يمسهم شيء يخشونه في قابل أيامهم، والذي يطمئنهم على ذلك النعيم العاجل والآجل، هو رب العالمين، من بيده مقاليد السموات والأرض، ويضيف إلى تلك الطمأنينة، طمأنتهم إلى أن ما كان من أمرهم فيما مضى لا حزن يحزنونه عليه، فهي سكينة تامة كاملة، تعم ما مضى من أعمال، وما هو مستقبِلُهُم مما سيأتيهم في قابل الايام، يتكفل بذلك رب العالمين سبحانه. عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ قَالَ قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ فَاسْتَقِمْ. رواه مسلم. وشرحه النووي رحمه الله قال: قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه: هَذَا مِنْ جَوَامِع كَلِمه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُطَابِق لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اِسْتَقَامُوا﴾ أَيْ وَحَّدُوا اللَّه، وَآمَنُوا بِهِ، ثُمَّ اِسْتَقَامُوا فَلَمْ يَحِيدُوا عَنْ التَّوْحِيد، وَالْتَزَمُوا طَاعَته سُبْحَانه وَتَعَالَى إِلَى أَنْ تُوُفُّوا عَلَى ذَلِكَ. وَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ أَكْثَر الْمُفَسِّرِينَ مِنْ الصَّحَابَة فَمَنْ بَعْدهمْ وَهُوَ مَعْنَى الْحَدِيث إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. هَذَا آخَر كَلَام الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّه. وَقَالَ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ﴾ مَا نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَمِيع الْقُرْآن آيَة أَشَدّ وَلَا أَشَقُّ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْآيَة وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ حِين قَالُوا: قَدْ أَسْرَعَ إِلَيْك الشَّيْبُ فَقَالَ: " شَيَّبَتْنِي هُود وَأَخَوَاتهَا " قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو الْقَاسِم الْقُشَيْرِيُّ فِي رِسَالَته: الِاسْتِقَامَة دَرَجَة بِهَا كَمَالُ الْأُمُور وَتَمَامهَا، وَبِوُجُودِهَا حُصُول الْخَيْرَات وَنِظَامهَا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِيمًا فِي حَالَته ضَاعَ سَعْيه وَخَابَ جَهْده. قَالَ: وَقِيلَ: الِاسْتِقَامَة لَا يُطِيقهَا إِلَّا الْأَكَابِر لِأَنَّهَا الْخُرُوج عَنْ الْمَعْهُودَات وَمُفَارَقَة الرُّسُوم وَالْعَادَات، وَالْقِيَام بَيْن يَدِي اللَّه تَعَالَى عَلَى حَقِيقَة الصِّدْق. وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اِسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا".وَاَللَّه أَعْلَم إ.هـ. فالطغيان ضد الاستقامة،، والخروج عن الفكرة أو الطريقة التي أنزلها رب العزة سبحانه،، لذا قال: ﴿فاستقم كما أمرت ومن تاب معك،،﴾ وأي خروج على هذه الكيفية يدخل المرء في الطغيان!! فإن اشتد في الطغيان وأسرف فيه دخل في وصف الطاغوت! عبد الله العقابي 1 Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
Recommended Posts
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.