حقائق تصعق الجهل وتسحق الباطل

[منذر عبدالله]

"حقائق تقتل الجهل وتصعق الكفر وتسقط الدعاوة المضللة وتنير العقل وتحيي النفوس وترسم للأمة طريق نهضتها"

 

لم يكن لدى العرب قبل اﻻسلام فكرةً تجمعهم وﻻ رسالةً ترفعهم ما جعلهم خارج التاريخ والحضارة.

جاء اﻻسلام فتحول حالهم بشكل جذري, وَحّدَهم بعد فرقة, ونهض بهم بعد تخلف وجهل, فجعلهم أصحاب مبدأ ورسالة وفكر مستنير, وصاروا به في عزة وقوة, بل أدخلهم التاريخ من أوسع أبوابه وأشرفها.

 

فأصبحت الدولة اﻻسلامية, الدولة اﻷولى في العالم. إستمر الحال كذلك قرونا عاش المسلمون في ظل نظام الاسلام المتوازن, الذي يمزج المادة بالروح, فحقق التقدم المادي والسمو الروحي في آن واحد. ظل المسلمون على ذلك إلى أن أدى تراكم عوامل اﻻنحطاط في اﻷمة دون أن تعالج بشكل عميق وصحيح إلى أزمات وضعف، جمدت معه اﻷمة وعجزت عن مواجهة أعدائها. فغزاها الغرب فكريا وهي تعاني من جمود في الفكر بعد عقود من البلادة الفكرية والتقليد الذي أضعف الاجتهاد والأبداع والتجديد في الأمة, الأمر الذي يتعارض مع اﻻسلام عقيدةً ونظاماً ونصاً وروحاً, فكانت الهزيمة الفكرية والسياسية التي أفقدت اﻷمة توازنها مقدمة لضربها الضربة العسكرية القاضية في الحرب العالمية الأولى. فأحتُلت بلاد المسلمين ،وهدمت دولة الخلافة التي شكلت الكيان السياسي الذي جمع الأمة وكان الدرع الذي يحميها, ومزقت البلاد بالحدود الاستعمارية, وَعَمِلت معاولُ الهَدمِ القومية على زرع الأحقاد والفرقة بين المسلمين, ما حَوَّلَ اﻷمة من جسد قوي واحد كما أمر الله وأحب لنا, إلى أشلاء مُمزقة يتحكم بها الكافر.

 

بعد هذا الانتصار التاريخي للكافر المستعمر على أمة الرسالة في حين غفلة عن دينها وأسباب قوتها, أدى ذلك إلى إبعاد اﻻسلام عن الحكم والسياسة، وفُرضت على الأمة شرائع الغرب الكافرة، ثم أقام المُستعمر حكومات تابعة له ﻻ تَحملُ أيّ مشروع سياسي سوى السير وراء سراب الغرب, والسّهر على مصالحه, وتنفيذ سياساته التي كانت محاربة الاسلام رأس أولوياتها, ثم العمل على منع وحدة الأمة, بتغزية الروابط العصبية من وطنية وقومية ومذهبية وطائفية, وتقديس الكيانات القومية والوطنية بحدودها الاستعمارية التي أقامها الكافر على أنقاض دولة الخلافة, كي نبقى ضعفاء أمام تسلطه فلا تقوم لنا قائمة.

 

في منتصف القرن العشرين هيأ الله للأمة حزباً سياسياً مبدئياً واعياً ومقداماً "حزب التحرير" فَشَن حرباً فكريةً وسياسيةً على الأوضاع اﻻستعمارية القائمة وعلى اﻷنظمة القائمة عليها, كي تدركها الأمة على حقيقتها, فتنهض مع الحزب لخلعها من جذورها - في الوقت الذي كان يدعو فيه أصحاب "الاسلام المعتدل" إلى التعايش مع الأوضاع القائمة ومحاولة إصلاحها لتتناسب مع الاسلام قدر الامكان - وعمل الحزب في نفس الوقت على إيجاد الوعي في اﻷمة على طبيعة النظام السياسي في اﻻسلام (الخلافة) وما يجسده من وجهة نظر وطريقة عيش إسلامية متميزة.

فسار الحزب في خطين متوازيين, هدمٌ ﻷفكار الكفر ومناهجه وأنظمته, وتركيزٌ لأفكار اﻻسلام ومعالجاته الربانية. فتحركت في الأمة أحاسيس النهضة والتحرير من جديد بعد أن ظنّ الكفر وضعاف النفوس أنها قد ماتت.

 

وها هي الأمة اليوم في حالة تململ وحراك يُعبّر عن رفضها للأوضاع الثقافية والسياسية واﻻقتصادية اﻻستعمارية القائمة، وها هو المستعمر يتراجع خطوات إلى الوراء أمام إصرار الشعوب على التغيير, عله يخدرها ببعض الاصلاحات فتركن للكفر والظلم والفساد والتبعية من جديد, يناور في أماكن, كمصر وتونس واليمن، ويواجه في أخرى كأفغانستان والصومال والشام.

 

الشام التي تَدفع ضريبةً مضاعفةً من أجل تحرير نفسها وأمتها من هيمنة المستعمرين, ما جعل الصراع فيها يبرز بقوة وبشكل جلي على أنه صراع بين الأمة المسلمة ودول الكفر قاطبة.ومع إصرار الأمة على الخلاص من حياة العبودية للمستعمرين, يزداد المستعمرون إجراماً ما يبرز حقيقة حضارتهم المتوحشة, فيمكنون عميلهم في الشام من إرتكاب أكبر إبادة جماعية في مطلع القرن الواحد والعشرين الذي تحكّمت فيه حضارة الغرب الكافر ونظمه بكل زاوية من هذا العالم الذي يإن تحت ظلمه.

 

لا عودة إلى الوراء, بل سنكمل هذا الصراع إلى نهايته, نسير ونحن نعظّم أوامر الله ونستبشر بنصره وجنته, وفي نفس الوقت ندوس بأقدامنا أنظمة الكفر التي فرضها الغرب علينا ونحتقر حضارته ونظمه, وتهون عندنا أمام قوة الله أساطيل الغرب وقوته.

 

فإما خلافة عزّ ورشد وإما جنان وخير منقلب وحسن جوار.

 

{ وَقُلْ جَاءَ الْحَقّ وَزَهَقَ الْبَاطِل إِنَّ الْبَاطِل كَانَ زَهُوقًا }

 

منذر عبدالله