اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

حوار بين برلماني وإسلامي حول الديمقراطية


Recommended Posts

حوارٌ بين برلمانيٍّ وإسلاميٍّ حول الديموقراطية

بقلم :د طارق عبد الحليم

الاثنين 27 أغسطس 2012

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

جرت هذه المحاورة بين برلمانيّ "شبه إخوانيّ"، قد يكون من المنتسبين إلى السلفيين أو إلى جَماعة إحياء الأمة أو غيرهما من الجماعات التي تبنّت الديموقراطية بعد ثورة 25 يناير، وبين إسلاميٍّ غير برلمانيّ فكان الحديث التالي:

 

الإسلاميّ: سلام الله عليكم أخي، علمت أنك ناصَرت مُرشح الإخوان في الإنتخابات البرلمانية، ووجّهت زملاء حركتك إلى ذلك، بل وفكرتم في تكوين حزبٍ سياسيّ، يضمّ أبناء هذه الحركة، رغم إني أعرف أنك وزملاء حَركتك كنتم من أشد من يقف ضد الإشتراك في البرلمانات تحت حكم مبارك، فهل يمكن أن تبيّن لي ما سبب هذا التغيير في موقِفكم؟

 

البرلمانيّ: وعليكم السلام أخي، نعم، هناك أسبابٌ لهذا التغيير في الموقف، إذ إنّ مبارك كان رجلاً كافراً بشخصه، لكننا اليوم نُحكم بعد الثورة بحاكم مسلمٍ موحدٍ، من جماعة الإخوان، وهو رجلٌ صوامٌ قوامٌ حافظٌ للقرآن، فحكم الإشتراك في تلك المؤسسات إذن يختلف عنه في وقت مبارك بشكلٍ قطعيّ. كما أننا نريد أن نُعين الحكم الحاليّ على أن يقيم حكم الله، ونساعده لا أن نقف حجر عثرة ونكون ضده جنباً إلى جنبٍ مع الفلول والعلمانيين.

 

الإسلاميّ: أحسنت أخي، لكن سؤالي الآن، هل كان رفضكم للإشتراك في تلك المؤسسات البرلمانية من قبل نتيجة كفر مبارك شخصياً، أم بسبب كفر النظام الذي يحكم به مبارك؟ بعبارة أخرى فقد كان مبارك يحكم تحت دستورٍ علمانيّ يشتمل على مادة لا تعنى شيئاً في مقياس تطبيق الشريعة، وهي ما دعت كلّ مشايخكم كالشيخ محمد عبد المقصود، والشيخ عبد المجيد الشاذليّ، مع الفرق الشاسع بينهما في التاريخ والعلم، إلى أن يرفضوا هذا الإشتراك(1)، وأصّلوا خلافه عقودَ عددا. فأي تغيير نتحدث عنه الآن؟ هل تبدلت هذه المادة؟ هل يسعى أحدٌ إلى تبديلها؟ لقد أراد بعض السلفيين تبديلها بأحكام الشريعة بدلاً من مبادئها التي لا تعنى شيئاً، فوقف لهم الإخوان بالمرصاد، وخنع السلفيون لهذا التوجه الإخوانيّ الذي يتمشى مع الفكر الإخوانيّ منذ إنشاء الجماعة، فما الذي حدث إذن؟

 

البرلمانيّ: لا، لا أرى تبديلاً، ولكن هذا التبديل قد يكون قادماً في الطريق، ولا يجب أنْ نقفز لمثل هذه الخطوة مرة واحدة، وإلا استعدينا علينا قوى الغرب، وقوى الداخل الليبراليّ، وقيادتنا أذكى من ذلك وأشدّ فهماً للسياسة.

 

الإسلاميّ: آه، إذن يمكن أن نلخّص الموقف في التالي، أولاً أنه هناك إتجاه، نحسبه قائماً دون تأكيد، على أن يكون لنا دستورٌ إسلاميُّ حقيقيّ، في المستقبل، وأن المانع من ذلك الآن، هو الخوف من الغرب، ومن إسرائيل، ومن الداخل.

 

البرلمانيّ: صحيح.

 

الإسلاميّ: لكن أخي، كنت أعتقد أنّ موضوع الدستور هو موضوع العقد الإجتماعيّ، أي موضوع الهوية، أي لمن الطاعة المطلقة والمرجعية العليا في دولتنا، فهو أمر من أمور التوحيد، خلافاً لما يراه الإخوان من عقيدة إرجائية، كنتم أنتم، السلفيون وأتباع حركة إحياء الأمة، ترفُضونها وتعيّرون وتبدّعون القائل بها. فهل اختلف أمر هذا التصور اليوم، لأن شخص الرئيس مسلم؟ وإن كان مبرر الغرب وإسرائيل والقوى الداخلية العلمانية له إعتبار في هذا، فلمَ لمْ يؤخذ في الإعتبار إبّان حكم مبارك إذن؟ ألا يفهم من هذا أنّ كفر مبارك مرتبطٌ عندكم بتعذيب المسلمين وظلمه وجبروته، لا بالهوية الإسلامية للدولة أو بنظام حكمها؟

 

البرلمانيّ: لا أدرى، ولكن أتنكر أنّ هناك تغيير في الجو العام للدولة؟ ليس هناك أمن دولة يرصد المسلمين، ومحاولة السيطرة على الإعلام على قدمٍ وساق، فسيقلّ الفسق على الشاشات، والوزراء اليوم بقومون بجولاتٍ ميدانية ولا يتعالون على الناس، ألا يبشر كل هذا بتغيير كبير؟

 

الإسلاميّ: نعم، لكن متى كان الأمر أمرَ تحسّن إقتصاديّ قبل العقيدة؟ إنكم تضعون العربة أمام الحصان، كما يقول أهل الغرب. ألا يقول تعالى "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰٓ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّقَوْا۟ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـٰتٍۢ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ"الأعراف 96؟ أجعل الإيمان والتقوى سابقة للبركات أم لاحقة لها؟ أتظن أن سننَ الله ستتبدل من أجل محمد مرسى، فتأتي البركات ثم يكون الإيمان بعدها، بعد عشر سنواتٍ مثلا من الآن، بعد أن يقوى الإقتصاد؟ من أين أتى هذا المنطق؟ أهو العقل يتحدث هنا أم الشرع المدعوم بالتاريخ وعِبره وبالقصص القرآنيّ وحِكَمِه؟

 

البرلمانيّ: لكن، أمامك الواقع، نحن أضعف من إسرائيل، ونريد مالاً نقترضه، ويجب أن نكون واقعيين.

 

الإسلاميّ: والله لقد أفقدتكم هذه الكلمة "واقعيون" صوابكم جميعاً، شيوخاً وشباباً، فلنكن واقعيين. أيّ واقع نستلهمه أفضل من واقع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ما إن دانت له المدينة، أعلن فيها أنْ لا إله إلا الله، ثم صارت الأحكام تتنزل بعدها تدريجيا حسب الحاجة والإستعداد. فهلا كان لنا في رسول الله صلى الله عليه ةسلم أسوة حسنة؟ أيصِحُ لحافظ القرآن أن يستدين قرضاً ربوياً بفائدة ولو صغيرة؟ أهذا الإسلام في عرف الإخوان؟ أهذا ما يجب أن نتّبعه في السنوات القادمة، دستور علمانيّ، وقروض ربوية، واستسلامٌ لإرادة الصليبيين والصهاينة، حتى نستعد؟ حديث خرافة يا أم عمرو، كما قال الشاعر، والله لن يرضى عنكم الله ولا رسوله، ولن ترضى عنكم اليهود ولا النصارى، ولن تصلوا إلى اجتلاب أي بركات من السماء ولا من الأرض، بعقيدتكم هذه. ثم، فيما هذه الفائدة الربوية الضئيلة؟ أهي مكافئة للنظام ودعما له على تحقيق أمن إسرائيل وقتل المسلمين دون دليل، إلا أنهم يضربون العدو الصهيونيّ، بينما تركوا قاتلي المصريين من اليهود دون حساب؟ ألا عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

 

البرلمانيّ: ولكننا لا نتعاون مع الصليبيين والصهاينة؟

 

الإسلاميّ: ماذا تظن إذن هذا الهجوم وهذه التصفية لخلايا المجاهدين في سيناء؟ أهي لصالح الأمة؟ أليست هذه فعلة حماسٍ من قبل حين صَفّت من وقف في وجه الصهاينة بالمقاومة لتثبت لهم أنّها قادرة على حماية المعاهدات والمواثيق؟ إن العالم كله يعرف اليوم أنّ من نفذ عملية رفح هم اليهود، فأيّ عارٍ وأي فضيحة اليوم يفعلها هذا المرسى بقتل الأبرياء وحرقهم، ليثبت للغرب أنه يحافظ على أمن إسرئيل وعلى معاهدة العار؟

 

البرلمانيّ: ولكن مرسى هو الرئيس، ويجب أن تستمع له الرعية، فلا يصحٌ أن تهاجم العدو وتُوقع الدولة كلها في حرجٍ دون إذنه، أليس الشرع يقول بهذا؟

 

الإسلاميّ: أولاً، محمد مرسى لم يعلن عن نفسه راعياً للإسلام، بل هو رئيس وطنيّ مصريّ، دستوره ما تخرجه لجنة حسام الغريانيّ. ثانياً، هَبْ أن ذلك صحيحٌ، أيجوز أن يُقتل الإخوة بإجتهادٍ خاطئ، فرضاً، دون أن يحاكموا ويدانوا؟ إنهم لم يَقتلوا مصرياً قطّ، فعلام تباح دماءهم؟ أنستشهد بحديث "لا يحل دم إمرء مسلم إلا بإحدى ثلاث" في موضع الحديث عن قتل العلمانيين، ثم نتناساه فيما يتعلق بأهل الجهاد؟ والله إن تلك الفتاوى المجرمة التي صدرت عن مشايخ يدّعون السنة والجماعة والسلفية في حق قتل هذه الأنفس البريئة، لن يقرُ أصحابها في قبورهم أبداً، بل ستطاردهم دماء هؤلاء إلى يوم الدين، فبئسهم من مفتين. لا ندرى والله كيف ينام هؤلاء المشايخ الذين أصبحوا من أنصار سايكس بيكو أكثر من العلمانيين أنفسهم، قولاً وعملاً.

 

البرلمانيّ: يا شيخ، نراك متشدداً، ولا تترك فرصة لفعل الخير، بل تهاجم المشايخ، وهم قد اجتمعت كلمتهم اليوم، أو كادت، على المشاركة السياسية والبرلمانية، ومصالحة النظام، وإقامة الأحزاب، فما بالك تخالف الإجماع؟

 

الإسلاميّ: لا والله بل ما تقول ضلال في ضلال، كانت مشايخك تنكره قبل الثورة، حين كانت غير قادرة على ممارسة أي دور سياسيّ، حين منعها مبارك، وجعلها كجرذان تختفى وراء فتاوى التحريم، لتبرر ضعفها وجبنها. فما أن انفتح الباب، وواتت الفرصة، ولو تحت نفس الدستور والعقد الإجتماعيّ، خالفت إلى ما كانت تدعو اليه، وارتكست وانتكست، وجاءت بأدلة باطلة واهية، لا دليل عليها من شرعٍ إلا ما موّهوا به على عقول الناس من مراتب المصالح والمفاسد، وهي أبعد ما تكون عن الحق، إذ المصلحة في الحكم الشرعيّ، لا الحكم الشرعيّ يتبع المصلحة. ونبشرك بقرب صدور مؤلفٍ كاملٍ في بيان هذا الأمر تحت عنوان "المصلحة في الشريعة الإسلامية"، سيظهر عوار هؤلاء المشايخ، واتباعهم الهوى لضعفهم أو لكبر سنهم، فإن عدداً من العلماء قد خلّط بسبب عمره من قبل، نسأل الله الثبات. والإجماع على الباطل ليس إجماعاً، كما أنّ من علماء الأمة من يرى أنّ ذلك القول تبديلاً لشرع الله وحكمه، ولكن الخوف والطمع أخرس أفواها، وقطع ألسنة، نسأل الله العافية، فدعوى الإجماع باطلة.

 

البرلمانيّ: إذن متى يمكن حسب رؤيتك أن نشارك في الحياة السياسية، وأن نكون فاعلين فيها؟

 

الإسلاميّ: اقول، إنّ الإلتزام العقديّ بدولة لا إله إلا الله لا يجوز تأجيله أو تأخيره كما يطلب هؤلاء المبطلون، بدعاوى الضعف والخور. فالخور خورهم، والضعف ضعفهم، لا يمكن أن ينسبوه لشرع إلا بتأويل باطلٍ وإعتسافٍ مبطل. نحن نعيش في دولة مستقلة، والعدو لن يقدم على حربٍ عشوائياً، ثم أليس الله ركنا شديداً نأوى اليه؟ أم هذه كلمات يردّدها المقرؤون على قبور الموتي، ليس إلا؟ ثم من قال إن معاهدة العار يجب أن تلغى بجرة قلم، أو أن نحارب اليهود والنصارى اليوم؟ بل الأمر أمر أولوياتٍ، تبدأ بإعلان الخضوع لله سبحانه كما أعلنت إسرائيل الخضوع للتوراة، وأعلنت نفسها دولة دينية يهودية. ثم يأتي بعدها الإصلاح الداخليّ الذي يؤيده معظم الشعب، ويمكن ساعتها أن يكون تطبيق تفاصيل أحكام الشريعة على صورة يتفق عليها العلماء، إمّا بالتطبيق الفورىّ مع إعطاء القضاة حق العفو حسب الشروط والموانع، أو أن تُعلن تشريعات عامة من ولي الأمر ترفع تشريعاً بشكلٍ مؤقتٍ كما فعل عمر وقت المجاعة، أيّ التصوّرين قابل للتحقيق ثم التطبيق.

 

البرلمانيّ: لكن يا شيخ، هذه مثاليات، ستضربنا إسرائيل وستقوم أمريكا بفرض حصار علينا، ووقتها ما تنفعنا هذه المثاليات، حين يجوع الشعب ويعرى؟

 

الإسلاميّ: سبحان الله العظيم، كأني أسمع قول القائل "نخشى أن تصيبنا دائرة"؟ يا الله ياربي، أحييتنا لنسمع هذا الحديث من "إسلاميين" يدعون السّلفية ومذهب أهل السنة والجماعة، بعد أن كانوا ملأ السمع والبصر بالأمس القريب! ما الذي يفرّقكم إذا عن جماعة الإخوان؟ أي نقاط تفصلكم عن الإنضمام إليها؟ لماذا لستم جماعة واحدة؟ أم هي غطرسة الرؤوس، لا يريد كل رأس أن يتنازل عن موقعه في بنائِه الصغير الذي بناه، وإن كان العقل والمنطق والمَنهج يستدعيه؟ ثم أليس الشعب جوعاناً وعرياناً بالفعل؟ أهناك جوع وعرى أشدّ مما فيه 90% من أبناء هذا الشعب؟ ماذا عند الشعب إذن يمكن أن يخسره بإتباع شرع الإسلام؟

 

البرلمانيّ: نعم ولكن مرسى ومن معه ليسوا كصفوت الشريف وزكريا عزمي وأمثالهم، ألا توافقنى؟

 

الإسلاميّ: وهل جُنِنتُ لأخالف في مثل هذه الحقيقة. لكن كذلك أوباما وكلينتون أفضَل آلاف المرّات من زكريا عزمي وصفوت الشريف، ولا أعنى بهذا أنّ أقرر أنّ مرسى مثل هؤلاء، فإن أمور الكفر والإسلام تخضع لمقاييس ليس هذا محلها، إنما الأمر أمر المبدأ الذي يتحدد به الأفضل. هو بالنسبة للمُسلم المُوحد الإسلام والتوحيد إن تعلق بالفرد، وإلتزام شرع الله وعدم القبول بشرك التشريع إن تعلق بولاة الأمر والحكومات. هكذا بدون تمحك ولا تأويل. ولهذا نقول "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين". الأمر أمر عزيمة، تتوجه إلى إعلان وإعلاء كلمة الله، بالطريقة التي أرادها الله، استعلاناً بها لا استخفاءً وتدسّساً، فإن لنا الظاهر والله يتولى السرائر. وأن تكون مرجعية الحكم مشتركة بين شرع الله وغيره، ثم يدعى مدعٍ أنّ هذا واقع على خلاف مذهب الحاكم القادر على التبديل والتغيير، فذلك مرفوض شرعاً وعقلاً.

 

البرلمانيّ: ولكننا يمكن أن نستغل الدخول في النظام السياسيّ للتعرف على جوانب العمل ومن ثمّ تقديم الخدمات الإجتماعية، وهو دور ضرورى للدفع بالأمة إلى الأمام.

 

الإسلاميّ: صدقت، والعمل الإجتماعي غاية في الأهمية. لكن يمكن أن يتم هذا دون التوغل في مُستنقع السياسة وأوحال الحزبية القائمة في مجتمع لا يخضع لشرع الله وعلى أسس قرر الدستور أنها يجب أن تكون علمانية.

 

البرلمانيّ: لكن هناك بالفعل أحزاب دينية كالنور والحرية والعدالة؟

 

الإسلاميّ: لكنهما يتبرآن من هذا الإقرار، إذ لو صرّحا به لطلب المتربصون حلّهم قانونا، ولاستجابت الدولة، إذ تلك هي قوانينها وقواعد لعبتها. ما لا تدركه أخي البرلمانيّ أنّ تلك الأحزاب والمؤسسات الديموقراطية قد حُدّد لها سلفاً مسارٌ معلوم، تماماً كالقطار، لا يمكن أن تخرج عنه في أي فعلٍ حقيقيّ أو تشريعٍ مضادٍ لقواعدها إبتداءً، تماماً كما لا يمكن للقطار أن يخرج عن قضبانه. ثم ألم يعد للبعد العقديّ أي حرمةٍ بعد؟ أليست الديموقراطية هي حكم الشعب للشعب، والإسلام هو حكم الله للشعب؟

 

البرلمانيّ: ها أنت قلتها، فإن كان الشعب مسلماً، ألا يكون حكم الشعب للشعب مساوياً حكم الله للشعب؟ ثم أليس قد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ليحتموا في ظل النجاشيّ ويبلغوا رسالة ربهم، ويستغلوا الفرصة المتاحة للدعوة، وذكروه بالخير وقتها وأنه "خير دار مع خير جار"؟ فلم لا نفعل ذلك مع مرسى اليوم، ونستغل الفرصة المتاحة للدعوة؟

 

الإسلاميّ: لا وألف لا، فعن النقطة الأولى، إنما هذا وهمٌ يُشاع للتملّص من التصريح بلا إله إلا الله قولاً وعملا وإعتقاداً. ففي الشعب من لا يؤمن بحكم الله، وهم، بحكم القانون لهم حقٌ أن يُستمع اليهم وأن يكون لهم رأي يؤخذ به إن حازوا أغلبية. فالأمر إذن للأغلبية لا لِحكم الله مطلقاً. وهب أنّ عمرو بن العاص رضى الله عنه كان ديموقراطياً حين فتح مصر، وكان جُلّ أهلها من غير المسلمين، قبل الفتح وحتى بعده بعقود، فهل يا ترى أجّلَ عمرو التحاكم إلى شرع الله حتى تكون الأغلبية مسلمة أولاً؟ أنبؤني بعلمٍ إن كنتم صادقين.

 

أما عن ذلك الهراء الذي تتحدث عنه بشأن النجاشيّ، فهي والله حُجة المرجئة منذ عصور، ولعلك ترجع في ذلك إلى ما كتب الشيخ عبد المجيد الشاذلي، في مرحلته الأولى قبل التبديل، في الرّد على موضوع النجاشيّ في كتابه العظيم "حد الإسلام"، وما دوّنه صاحب كتاب "حقيقة الإيمان"، د طارق عبد الحليم، في فَصل الرَد على المرجئة، فإني والله أستحى أن أعيد ما قاله هؤلاء الباحثون الأوائل لمن ادّعى أنه من أهل السنة والجماعة إبتداءً،. وأعجب أكثر من أن يُنشر مثل هذا الهُراء على صفحة الشيخ الشاذليّ، وإن كان لطالب علم مبتدئ، فالشيخ أول من أصّلَ وفرّع في صَدّ هذه الخزعبلات الإرجائية، وما كنا نتوقع أن يُنشَر على موقعه ما يناقض أطروحاته السُّنية الأصيلة بهذا الشكل الفجّ، إلا إن كان لا يعلم بها، وهو الأرجح تحسينا للظن به. وما أرى هذا الحديث والله إلا تبريراً لما تم تقريره.

 

ثم أذكّرك أخي أنّ الصحابة لم يُشاركوا في نظام النجاشيّ ولم يدخلوا في تشكيلاته السياسية، أياّ كان شكلها آنذاك، إلا إنْ كان عندَكم علماً غير ما تداولته المؤرخون عن هذا الأمر، وأقصى ما فعلوه أنْ جهروا بكلمة الله، وأقصى ما يمكن أن يقاس عليه اليوم هو جَهر المسلمين بالدعوة في بلاد الغرب، التي يسمح بها نظامهم بكامل الحرية فيها.

 

ثم أخي البرلمانيّ، هداك الله للحق، إنّ في يدك قوة هائلة، لا تُدرِك مداها، هي قوة الإيمان، بها تقف أمام الغرب وإسرائيل، كما وقف الشعب ضد الفساد والقهر في 25 يناير. أنت فقط من يُحَجّم نفسه، ويقلّل من قَدْرِ ربّه "مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًۭا ﴿13﴾".نوح.

 

ولا أرى أن عندى أكثر من ذلك أضيفه أخي البرلمانيّ، في هذه النقطة، لكن لنا حديث عن "الإرهاب" الذي بتم تتبون مصطلحه كما صدّرته اليكم القوى الصليبية أساساً، فخلطتم بينه وبين الإجتهاد في قتال العدو، خطأ كان أو صواباً. فقط لندع الله بالتوبة لمن ضَلّ الطريق بعد هداية قبل أن يحين الأجل، ولات حين مناص.

 

 

http://www.tariqabdelhaleem.com/new/Artical-50689

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...