اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

منهجية البحث عند اتباع المدرسة السلفية الوهابية


يوسف الساريسي

Recommended Posts

ايها الإخوة

 

السلام عليكم ورحمة الله

 

يفضل عند الاطلاع وقراءة من يكتب عن الحزب أو أدبياته الانتباه إلى الخلفية الفكرية للكاتب فذلك يعين في فهم منهجية الكتابة والبحث، وكذلك يمكن رؤية الخلاصة التي يرمي إليها الباحث، والأهم تشخيص الخلل والزيغ.

 

من قراءة ما كتب الدكتور طارق عبد الحليم في موضوع بعنوان "أصول تقي الدين النبهاني وحزب التحرير/د.طارق عبد الحليمورابطه في المنتدى ما يلي:

 

http://www.alokab.co...024

 

نرى أن الدكتور طارق عبد الحليم من أتباع المدرسة السلفية.

 

وهذه المدرسة السلفية لها خصائصها ومنهجيتها في الحكم على الأشخاص والأفكار، ومهما حاول الكاتب أن يكون نزيها فإنه سيقع في أخطاء منهجية نابعة من طريقة تفكيره المستندة للمنهجية الفكرية لمدرسته السلفية

 

هذه المدرسة السلفية هي امتداد لمدرسة أهل الأثر التي تركز على النصوص والآثار وتكره القياس والرأي، وكل هذا لا مشكلة فيه ابتداء، لكن هذه المدرسة تأثرت بمنهجية ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى، ومن ثم منهجية محمد بن عبد الوهاب، وهي مدرسة تجذرت فيها الرؤية الحرفية الظاهرية لنصوص الشريعة، ومن أهم مرتكزات هذه المدرسة ما يلي:

 

  • في الفقه: هم اتباع مدرسة الأثر والإمام أحمد بن حنبل

وترتكز في الفقه على ما يلي:

- الاعتماد على النصوص الشرعية من كتاب وسنة أولا

- الاعتماد بعد ذلك على فتاوى الصحابة

- التخير من أقوال الصحابة إذا اختلفوا وعدم الجزم إذا لم يتبين الراجح

- الأخذ بالحديث الضعيف (والحسن) وهو عندهم أولى من القياس

- القياس للضرورة فقط

- التوقف عن الرأي إذا تعارضت الأدلة

 

ومما يتميزون به التوسع غير المبرر في مفهوم البدعة وإشعال المسلمين في الخلافات الفقهية البسطية وترك كبرى مشكلات المسلمين السياسية والاقتصادية للحكام يتصرفوا بها كما يشاؤون من غير وجود راي شرعي في القضايا الكبرى إلا وفق ما يأمر بها الحكام علماء السلاطين من أتباع هؤلاء.

 

  • في السلوك العملي: يعرف عنهم التشدد وعدم قبول رأي المخالف

هناك مشكلة تاريخية مع هذه المدرسة التي تكونت في القرن الرابع الهجري في بغداد، حيث كان أتباع الإمام احمد بن حنبل ذوي كثرة وغلبة، فاستغلوا قوتهم في مناصرة مذهبهم وأصبحوا يتعرضون بالعنف للناس في كل ما يرونه مخالفا للشرع. وتعدوا ذلك إلى مقاومة الشافعية ببغداد والإسراف في أذاهم حتى أحدثوا في بغداد شغبا آلم الناس، وهذا المظهر من اتياع الإمام أحمد والتشدد سبب في نفرة الناس منهم.

وهذه السمعة عن حفاف الحنابلة باقية حتى اليوم عند العوام (لا تكون حنبلي) ولم يكن له في تاريخ المسملين اتباع حتى تبنت مذهبهم الدولة السعودية، وعندها منعوا تدريس جميع المذاهب الإسلامية المخالفة في دولتهم.

  • في العقيدة وعلم أصول الفقه:

المشكلة تحصل عندما يدخل اتباع هذه المدرسة للكلام في العقيدة وأصول الفقه، فتراهم يتخبطون ويتناقضون، فهم ليسوا من أهل علم الكلام ولا من أهل علم أصول الفقه بل هم من أهل الحديث والأثر. ولذلك لا يملكون أدوات الخوض في هذين الأمرين.

ففي العقيدة ضيقوا على الناس الاختلاف في متعلقات العقيدة من الظنيات وأخرجوا الكثير من المسلمين من دائرة الايمان لمجرد الاختلاف معهم في الظنيات كتكفير الصوفية والمعتزلة والشيعة جملة

وكذلك هم ادخلوا الظني في العقيدة بخلاف جمهور علماء المسلمين مثل قولهم بحجية خبر الواحد في العقيدة

وهناك مشكلة في فهم النصوص الشرعية لديهم فيما يتعلق بنفي المجاز في القرآن والأخذ بظواهر النصوص المتشابهة المتعلقة بصفات الله ولذلك يلحقهم بعض العلماء بالمجسمة والمشبهة والحشوية

إدخال العقيدة في الاحكام الشرعية وخلط بينهما بشكل غير صحيح وعدم التمييز بين دليل العقيدة والأصول وبين دليل الفروع.

هذه المدرسة تركز في الفقه وعلم أصول الفقه وفي العقيدة على الأشخاص ومن هو قائل القول لا على فحوى القول، فالمناقشة معهم لا تكون في الأدلة الشرعية والأصولية ولكن في ما يسمونه "فهم السلف" وخصوصا أقوال علماء الحنابلة لا غيرهم.

وهناك مشكلة لديهم في الاقتباس والنقل من اقوال الآخرين، وتقويلهم أحيانا ما لم يقولوا وإلزام الآخرين بمقتضيات لم يقولوها رأوها هم لازمة لقول القائل بالظن وشنعوا على المخالفين بسببها.

 

  • السياسة والاقتصاد:

يحكم أتباع المدرسة السلفية الوهابية على الشخص الحاكم لا على نظام الحكم ويحكمون على شخص القاضي لا على قانون القضاء فلا يهم أن يكون الحاكم يحكم بغير ما أنزل الله ما دام هو كشخص فرد مسلم يقوم بالفروض الشرعية

 

في العادة لا يتدخلون في أمور الحكم والسياسة وأمور المال (الفصل بين الدين والسياسة والاقتصاد) فهم يتركونها جملة للحكام ويبررون ذلك بأمور يرونها تخدم منهجهم مثل وجوب طاعة أولي الأمر وينكرون على الناس محاسبة الحكام أو النصح لهم علانية أو الخروج عليهم مهما فعلوا.

 

وغير ذلك الكثير من الأمور التي تميز هذه المدرسة!!!!

 

 

ندعوا الله لأخواننا بالهداية وإنصاف الغير قال الله تعالى: "وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى"

 

فاتقوا الله في من خالفكم من المسلمين

 

والله الموفق وعليه التكلان

تم تعديل بواسطه يوسف الساريسي
رابط هذا التعليق
شارك

بارك الله بك أخي يوسف الساريسي على هذا الايجاز المفيد

 

وخصوصا انه قد اتى بعد نقاش لاحد الاخوة السلفيين يوم امس وتوسمت به خيرا

 

وارجو التفصيل اكثر فيما يتعلق بما يظنون انه مآخذ على حزب التحرير ومواطن الخطأ في ذلك

 

وثانيا فيما يتعلق بوجهات نظر الجماعات المختلفة التي تنضوي تحت مسمى الجماعات السلفية

 

التي باتت مختلفة الان في وجهات نظرها وليس اقالة زعيم حزب النور عنا ببعيد

 

وجزاك الله خيرا

رابط هذا التعليق
شارك

جزاك الله خيرا أخي الكريم

في الواقع لا يمكن الحديث عن منهجية واحدة في البحث لما يسمى اليوم بالسلفية

الدكتور طارق أصلا لم يقل في مرة إنه سلفي بل لو تابعت بشكل عابر موقعه لوجدت أنه من أشد من ينقد التيار السلفي وخصوصا في موضوع النظرة إلى الحكم والحاكم

والقارئ لبحثك ربما يتوهم أن الدكتور طارق يحمل هذه الأفكار وهذا خطأ بطبيعة الحال ومقالاته وكتبه شاهدة على ذلك

 

ويساعدك في فهم نظرة الدكتور طارق إلى التيار السلفي في المجمل كتيب نشرة وقدم له بمقدمة يتحدث فيها عن فئات التيار السلفي ويتبين من خلالها لأي مدرسة فكرية ينتمي الدكتور طارق (وهي مدرسة أهل السنة والجماعة) والغريب أنك وإياه تتفقان كثيرا في نقد النصوصية الحرفية عند التيار السلفي وقد قرأنا له مرارا حول نقد هذه الإشكالية فهو متخصص في علم الأصول وساعده في تبين هذه الأمور تتلمذه على فضيلة الشيخ العلامة الأصولي عبد المجيد الشاذلي وله كتيب يلخص فيه منهج الشيخ عبد المجيد في النظر والاستدلال تجده على موقعه................ وكيف يكون الدكتور من هذه المنهجية الصدئة في العلاقة مع الحكام ومسألة الحكم وهو الذي خرج من دياره فارا بدينه من سجون الطواغيت الذين عمل وكتب لإسقاط شرعيتهم!

 

أما وقوع الشيخ في مقاله حول حزب التحرير في أمور غير صحيحة فذلك على ما أرى انسياق مع الشائع عن حزب التحرير خصوصا في الشبهات المعروفة وهذا زلة للشيخ يجب أن يراجع فيها بالأدلة كما أشار الكثير من الإخوة

 

وأرفق لك هنا وللإخوة روابط تساعد في فهم منهجية الدكتور طارق ، وكذلك فهم منهج أهل السنة والجماعة في النظر والاستدلال

 

 

1) بحث (فتنة أدعياء السلفية وانحرافاتهم) وهو مهم جدا يرد فيه الشيخ على ما يمكن تسميته السلفية الجامية أو المدخلية والتي تعطي الشرعية للحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله ويبين فيه التوجهات المختلفة التي ينسبها الناس للسلفية ونهجية البحث والنظر والاستدلال عندها (طبعا ليس كل ما يقوله ويصنفه مسلم به علميا وواقعيا لكنه بالتأكيد يعكس نظرته وتوجهه) : http://www.tariqabde.....<br /><br />2)

 

2) وهذا رد على بعض السلفيين ممن حرموا المشاركة في ثورة 25 يناير بعنوان حكم الشرع في المشاركة في انتفاضة 25 يناير: http://www.tariqabde...om/new/Video-42

 

 

3) وهنا يمكن قراءة وتصفح مقدمة كتاب (حد الإسلام وحقيقة الإيمان) لفضيلة الشيخ الأصولي عبد المجيد الشاذلي وضمنها مقدمة أصولية كمنهج للبحث (ص29) وفي يعالج الشيخ معظم الإشكاليات التي واجهت التيار السلفي ويقرر القواعد المعتبرة عند أهل السنة والجماعة للتخلص من هذه الإشكاليات مثل قاعدة (الجمع بين أطراف الأدلة) التي تخلصنا من الفهم المجزوء لنصوص دون أخرى عن طريق الجمع بين النصوص في الموضوع الواحد لاستخلاص المضمون والحكم الشرعي للمناط: http://alshazly.org/...y.org/المقدمة-0

 

ثم أشير إلى أن مقالك ينقصه التوثيق العلمي لما تتحدث به

ولكنك حين تجهد نفسك وتحضر التوثيق لوجود هذه المظاهر عند بعض من ينتسب لمسمى السلفية سوف تفاجأ أن الكثيرين ممن ينتسبون إلى مسمى السلفية يخالفون هؤلاء ويقولون لك ببساطة نحن نخالف كل هذه الأقوال ويستدلون لك بأقوال السلف!

ومن هنا أقول وأؤكد أنه لا يمكن توجيه النقد لمسمى عام هو (السلفية) أي لا يمكن القول مثلا : السلفية عندهم كذا وكذا..... ومنهجهم كذا وكذا..... بل الأحرى بالمنهج العلمي في النقد والبحث أن يتم توجيه النقد للجهات التي صدرت وتصدر منها تلك التوجهات فيقال العالم الفلاني أو المجموعة الفلانية أو الجماعة الفلانية وهذا هو الأحرى بالمنهج العلمي

 

وجزاكم الله خيرا

تم تعديل بواسطه الدين الخالص
رابط هذا التعليق
شارك

اهلا بك اخي الدين الخالص

 

لو سمحت لي ان الفت نظرك ان منهج النقد الذي اتبعه الدكتور طارق في مقاله عن حزب التحرير هو نفس المنهج الذي بينه الاخ الساريسي للسلفيه فنفيك ان يكون الدكتور طارق من اتباع منهج السلفيه الذي على اساسه ينظرون للأراء والافكار الأخرى فيبدعون ويظللون من يخالفهم لا واقع له.. اذ المقال للدكتور طارق يشهد على ذلك ..فان كان الدكتور طارق ليس على منهجهم فلماذا يستخدمه في نقد حزب التحرير اما قولك انها زلة له فاعلم أولا ان زلة العالم تهدم أمة وثانيا لا يتصور أن يزل الدكتور طارق في أمر كهذا مما يؤكد أن هذا فعلا منهج يتبعه الدكتور طارق وأساس عنده في النظر والحكم على الغير

رابط هذا التعليق
شارك

أخي عماد أهلا بك

 

لو لاحظت أن كل النقاط التي طرحها الأخ كمنهجية لما يسميه السلفية (على أساس أنها شيء واحد عنده) كل النقاط لا تنطبق على الدكتور طارق إلا هذه (برأيك طبعا)

 

فانظر مثلا:

 

ففي العقيدة وأصول الفقه هو أبعد ما يكون عن هؤلاء بل هو أصولي فذ له محاضرات كاملة في أصول الفقه وكتب في ذلك وهو من نقاد المنهج النصوصي الحرفي

 

وفي الاقتصاد والسياسة هو الصورة المعاكسة تماما لما تم وصفه أعلاه!!

 

 

وهذا يؤكد أن ما ذكره الأخ هو تجربة شخصية له مع شريحة معينة ظن أنها تمثل السلفية

وحين نأتي بمنتسب للسلفية بل منتسبين كثر بل الغالبية ترفض الكثير من النقاط أعلاه وتعتنق خلافها فسيكون هناك أزمة في هذه المنهجية في طرح المواضيع

 

كل ما أقول به هو أن يتم توجيه النقد لمن يحمل التوجهات بالاسم كجماعة أو كشيخ أو كتيار محدد المعالم

 

فبقال مثلا: الشيخ الفلاني يقول كذا وكذا..... والرد الشرعي عليه كذا وكذا بالأدلة

أو الجماعة الفلانية تقول كذا وكذا...... والرد الشرعي عليها كذا وكذا بالأدلة

 

وبذلك نسلم من التعميم والوقوع في الأخطاء بتحميل الآخرين ما لم يحملوه وقد قال الأخ في مقاله إعلاه: "

وتقويلهم أحيانا ما لم يقولوا وإلزام الآخرين بمقتضيات لم يقولوها رأوها هم لازمة" فتأمل!!

 

على سبيل المثال هناك الشيخ رفاعي سرور رحمه الله من المدرسة السلفية وهو يتسمى بهذا الاسم ومع ذلك هو أبعد ما يكون عن معظم ما ذكر أعلاه وله الكثير من التلاميذ والأتباع في مصر بل وهنا جماعات وتيارات أخرى منتسبة للسلفية ترفض معظم النقاط أعلاه وهذا هو واقعها ولذلك نحن نطلب الدقة والموضوعية والمنهج العلمي في الطرح النقدي

 

أما قولك أخي عماد "

وثانيا لا يتصور أن يزل الدكتور طارق في أمر كهذا"

 

ففي الواقع قد زل الدكتور والواقع يظهر بخلاف ما تقول! فعلا الدكتور أخطأ وهو وحده يحمل وزر خطئه

تم تعديل بواسطه الدين الخالص
رابط هذا التعليق
شارك

طيب بارك الله فيك ننتظر الأخ الساريسي صاحب الموضوع لتتضح الأمور فيما عنده

 

أما عن النقاط التي طرحها الدكتور طارق في مقاله عن الحزب فقد وضحها الأخ ابو مالك ورد عليها وحسب ما أخبر سيرسل رسالة للدكتور طارق بالرد والدعوة للحوار حولها فيتجلى الأمر وقتها أكثر

رابط هذا التعليق
شارك

السلام عليكم

سأكمل الكلام عن منهجية البحث عند اتباع المذهب السلفي، ثم ارد لاحقا إن شاء الله على أسئلة وتعقيبات الإخوة.

 

دواعي ظهور المنهج السلفي:

 

مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى هو منهج ينتمي إلى مدرسة الأثر والحديث في مقابل مدرسة الرأي وعلى رأسها الإمام الأعظم أبو حنيفة رحمه الله تعالى.

والمنهج السلفي الحنبلي قام كرد فعل لما شاع في فترة الخلافة العباسية من أفكار تتعلق بالعقيدة مثل خلق القرآن وكلام الله وصفات الله والقضاء والقدر وعلم الكلام عموما، فالمنهج قام أصلا لمواجهة مدرسة الرأي ومواجهة منهج متكلمي المعتزلة الذين كان للعقل والتأويل شأن عظيم في فهمهم للإسلام، وأدى منهج المعتزلة هذا إلى انحراف فكري في فهم النصوص الشرعية.

 

فقام منهج المدرسة الحنبلية السلفية على الفهم الحرفي النصوصي (مدرسة الأثر)، وأساس هذا المنهج هو الاعتماد على النصوص والمأثورات في مواجهة منهج التأويل، حتى قال بعض اتباع الحنابلة أن التأويل هو الذي أفسد سائر الأديان وحولها عن الاستقامة والسداد.

فاعتبر أتباع المنهج السلفي أن أساس سوء الفهم والزيغ هو التأويل، وكان الرد الطبيعي والحل لهذه المشكلة هو برفض التأويل والرأي والاعتماد على النصوص والمأثورات.

 

المنهج النصوصي:

 

ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى أن الإمام أحمد رحمه الله تعالى كان يفتي بالحكمين المختلفين لأن لديه مأثورين مختلفين في الموضوع عن الصحابة، ويروى عن الإمام أحمد قوله : "الحديث الضعيف أحب إلي من الرأي".

لذلك فاعتماد مدرسة الأثر على النصوص والمأثورات وموقفهم من القياس والرأي، لم يكن نتيجة استقراء الشريعة وفهم خاص لها ابتداء، فهو ليس منهجا مؤسسا على أسس من فهم الشريعة اعتمادا على طريقة خاصة استنبطت من القرآن الكريم وطريقته في فهم الأشياء والاستدلال بالأدلة، ولكن هذا المنهج كان رد فعل على مشكلة حدثت في العصر العباسي من تجاوز المعتزلة والمتكلمين لمسائل تتعلق بالعقيدة، و من إكبار العقل وتأويل النصوص مما دفع الحنابلة إلى التشدد في رفض هذا المنهج وبناء منهجهم على أسس تخالف كل ذلك.

 

لذلك استقر منهجهم على الوقوف عند ظواهر النصوص والآثار، ورفض أن يعمل فيها بالاجتهاد أو القياس أو التأويل حتى عندما تتعارض وتتناقض هذه النصوص والمأثورات ومضامينها. لذلك يروى عنهم قاعدة "لا اجتهاد في مورد النص"

 

أبحاث العقيدة:

 

المدرسة السلفية ليست فرقة في العقيدة ابتداء كالمعتزلة أو الأشاعرة "أهل السنة" أو الماتوريدية أو الجبرية أو غير ذلك. بل هم مدرسة في الفقه، وتعتمد هذه المدرسة على الأثر، فهم يعتبرون أهل حديث أكثر من كونهم فقهاء، وجل اهتمامهم يتمحور حول جمع الأحاديث الآثار وتخريجها واهتمامهم بالرواة والأسانيد وعلوم الحديث عموما.

ولكن منهجهم هذا الذي قام كرد فعل على المناهج الأخرى في المجتمع العباسي وخصوصا أهل الرأي والمتكلمين عموما، اضطرهم للخوض في مسائل اعتقادية وأصولية بشكل متقطع وردات أفعال وغير منهجي، فليس من أبحاثهم ابتداء مسائل الاعتقاد وأصول الفقه وأن دخلوا فيها لاحقا، فلا تجد ابتداء عند أهل الحديث أبحاث القطعي والظني والآحاد والمتواتر والرواية والدراية.

فمثلا علماء السلفية على غير مناهج باقي علماء المسلمين ومذاهبهم لا يشترطون في النصوص الدالة على أمور اعتقادية أن تكون متواترة ويقبلون الإلزام في هذا الباب بأحاديث الآحاد ، كذلك يرى علماء السلفية منع إعمال الرأي في النصوص بصرف النظر عن قطعية دلالتها وقطعية ثبوتها

 

ويقولون "إن الشريعة لم تحوجنا إلى قياس قط وإن فيها غنية عن كل رأي وقياس وسياسة واستحسان، ولكن ذلك مشروط بفهم يؤتيه الله عبده فيها..."

وهذا -كما ترى- جرهم إلى الكثير من الإشكالات كالأقوال المتناقضة في المناسبات المختلفة ورفض التأويل جملة، وإنكار المجاز في القرآن فقط لإغلاق الباب على المعتزلة والمتكلمين لأجل رفض تأويل المتشابه من القرآن المتعلق بصفات الله.

 

ولأنهم ليسوا من أهل علم الكلام وعلم أصول دين فلم يفرقوا بين أدلة العقائد وأدلة الفقه، والدليل القطعي والظني، والعقل والنقل، وهذا الأمر أوقعهم في تناقضات وإشكالات مما دعاهم للتوفيق ما بينها كالأدلة العقلية والنقلية وهذا أوقعهم في إشكاليات أخرى كبيرة، لذلك ترى في أبحاثهم التناقض في أدلة العقيدة، حتى في مسألة من اختصاص العقل كالاستدلال على وجود الله فقد جعلها ابن تيمية مرة مسألة نقلية وليست عقلية، ومرة أخرى قال بما يناقض ذلك ويخالفه واعتبرها بأنها مسألة عقلية، ومثلا هو يقر بخلق العالم ثم يردف بالقول بقدم العالم بالنوع وهذا التناقض عجيب.

 

تقديم كلام السلف على الخلف:

 

وهذا المنهج النصوصي في التعامل مع النص والمأثور اضفى شيئا من القداسة على النصوص وامتد ذلك إلى العصر الذي قيلت فيه النصوص، وتعظيم الماضي خصوصا كلما اقتربنا من زمن الصحابة. وقد تأثر أهل السلف من الحنابلة بذلك فدفعهم إلى تقديم كلام وعلوم المتقدمين على المتأخرين وتقديم كلام التابعين على تابعي التابعين، وكلام الصحابة على كلام التابعين وهكذا

والتقديم للكلام لم يكن بسبب قوة الدليل أو قوة الفهم والاستنباط بل لسبب واحد هو "الزمن" أي القرب من عصر الصحابة، فالمعيار إذن هو الزمن الذي قيلت فيه والأشخاص الذين قالوه (شخصنة المقولات). وهذا أمر مشهور في منهجهم.

 

تعاملهم مع المخالفين:

 

طريقة التعامل الحنابلة والسلفيين مع المخالفين ليست كطريقة الشافعي رحمه الله وغيره من العلماء ، فالشافعي رحمه الله يقول: "رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطا يحتمل الصواب" أما لسان حال الحنابلة فهو راينا صواب لا يحتمل الخطأ، ولذلك تراهم يعتبرون قنوت الشافعي في صلاة الفجر بدعة وينكرون على اتباع مذهب الشافعي قنوتهم في صلاة الفجر ويصل بهم الحد من الإنكار إلى المنع بالقوة، وكذلك في مسألة المسح على الخفين وضرب مخالفيهم بالنعال وغير ذلك من المسائل.

فهذه الطريقة في التعامل مع الاختلاف الفقهي في الفروع الظنية، لا ترى فيها فهما جميلا لأصول الخلاف وأدب الاختلاف، فيظهر لك بأن الحنبلي أو السلفي وكأنه يتعامل مع فجرة أو كفرة، ولا يظهر في التعامل مع المخالفين أثر أخوة الإسلام ولا الرحمة، بل ترى القسوة والجلافة خلافا لقول الله تعالى: (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِين(المائدة 54) وهذه عادة دعاة السلفية الوهابية غفر الله لنا لهم

والأدهى من هذا الأمر هو بدعتهم وتعمدهم بتقسيم المسلمين إلى فرق وشيع وطوائف من معتزلة ومرجئة وقدرية وشيعة وأهل سنة وجهمية ورافضة ومتصوفة ...الخ، وهذا أمر خطير فيه إشاعة للطائفية بين المسلمين بشكل مقيت، ويمكِّن الكفار من استغلاله أبشع استغلال كما رأينا سابقا في العراق ونراه حاليا ذلك في سوريا وايران ولبنان.

وطبعا إذا كنت سلفيا وأردت أن تعدم شخصا أو حزبا أو هيئة ما، فقط عليك أن تصنفه في خانة ما بذكر أنه من المعتزلة أو المرجئة أو الجهمية ... فهذا يكفي لحرقه وإهدار دمه وتكفيره. اللهم سلمنا يا الله من الفتن وأسلنة الطاعنين.

 

الفرقة الناجية:

 

وكذلك مسألة الفرقة الناجية وافتراق أمة محمد إلى بضع وسبعين فرقة كما افترق اليهود والنصارى حسب ما ورد في بعض الأحاديث، وأنهم هم الفرقة الناجية من المسلمين، ولذلك يخرجون اتباع غيرهم من الفرقة الناجية، مع أن غالبية الفقهاء والعلماء يعتبرون جميع المذاهب الإسلامية من شافعية وحنابلة وأحناف ومالكية، وكذلك الفرق العقائدية من أهل سنة (أشاعرة وماتوريدية) ومعتزلة وزيدية وجعفرية من الفرقة الناجية وليس كل واحد من هؤلاء فرقة غير الأخرى.

 

هذه الخطوط العريضة -في رأيي – أهم ما يميز اتباع المدرسة السلفية والوهابية من أصول مشتركة، وقد تجد فيهم من يخالف في بعض الأمور بعدما درس وتبين له رأيا آخر، ولكنهم في الأغلب الأعم يسيرون على هذا المنهاج.

 

ندعو الله للمسلمين جميعا بالهداية والرشاد فهم سيبقوا إخواننا وأهلنا وأبناء أمتنا الإسلامية الواحدة، وإن بغوا علينا ولم يتحملوا خلافا فقهيا أو أصوليا ما بيننا وبينهم،.فنرجوا منهم أن يوسعوا صدورهم للخلاف وأن يترفعوا عن الشتم والتهم ذات القوالب الجاهزة ، وتقسيم الناس إلى فرق وطوائف وأسماء مضى عليها قرون وانتهت، وهم يريدون إحياءها جبرا وكأننا ما زلنا نعيش في زمن ابن تيمية،

 

ونسوا أن الدنيا قد تغيرت وأن الإسلام في خطر عظيم وأن المسلمين هدمت دولتهم وخلافتهم، وأنهم ابتلوا بأفكار كفر مختلفة عن زمن ابن تيمية من أفكار الشيوعية والاشتراكية والعلمانية والرأسمالية والوجودية والوطنية والقومية وابتلوا بحكام ضرار سموا انفسهم ملوكا ورؤساء وسموا دولهم أما مملكة أو جمهورية أو إمارة أو سلطنة وكل ذلك مما لم ينزل الله به سلطانا.

 

والله الموفق وعليه التكلان

تم تعديل بواسطه يوسف الساريسي
رابط هذا التعليق
شارك

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،

 

كم كنت أتمنى من الأخ يوسف أن يكون رده مركّزا أكثر لعلمنا بأن ما يطلق عليه المدرسة السلفية هي مدارس بل و أصبحت مناهجا متفرقة تجد فيها من أقصى الشرق الى أقصى الغرب في مسائل متعددة من العقيدة ثم الفقه و أصوله الى السياسة و الاقتصاد و مشكلة الأمة. فمثلا في العقيدة فان علماءهم في الحجاز قد اتّهموا الألباني بالارجاء في العقيدة لاختلافه معهم في تعريف الايمان و كذلك تبعه في ذلك الشيخ علي الحلبي و غيره، أما في السياسة و الولاء للحاكم فحدث و لا حرج الخلاف فيه بين الجامية المدخلية و السرورية و غيرهم. و في الفقه و الأصول أكثر فأكثر. حتى يصل الخلاف الى طريقة النهضة بالأمة فمنهم من يرى الجهاد هو الحل مثل ابو محمد المقدسي و ابو بصير الطرطوسي و غيرهم و منهم من يرى الحل بمحاربة الشرك و البدع و الخرافة الخ و منهم من يرى العمل لاقامة دولة اسلامية بنظرة سياسية الخ... فأنا حسب تصوّري ارى اللفظ فضفاض جدا ليتمّ الكلام عنه و نقده ، بل الاحرى تركيز الموضوع في جوانب محددة و ان كان لا بد فدراسة كل مدرسة من هذه المدارس أولى قبل البدء بالنقد لتحرير المصطلح المراد الكلام عنه حتى يفهم القارىء المراد منه. أما التعميم اخي فلا يفيد فهم ليسوا حزبا و لا جماعة لها أصول و فكر محدد.

 

أما الكلام عن الحنابلة ففيه تجني على المذهب و حسبنا فيما نقل عن الشيخ تقي الدين النبهاني اعجابه بكتابي المغني و الشرح الكبير لابن قدامة و ما ابن الجوزي عنا ببعيد و هو حنبلي و ينتقد الحشوية من الحنابلة فلا يصح التعميم و الاجمال في مسائل تفصيلية.

 

أخيرا أقول لو كان هذا الرد على الدكتور طارق فالأصل أن يتم الرد على الدكتور طارق و ما يمثله من منهج مؤصل في كتبه أو الكتب التي يتبنّاها أو كما فعل الأخ أبو مالك بالاقتصار على الرد على ما اورده الدكتور طارق في مقاله فقط.

جزى الله الجميع خير الجزاء.

رابط هذا التعليق
شارك

ولكن أخي علاء هناك أمور مشتركه كثيره بين هذه المدارس مما يؤكد ان المنهجيه واحده في الأساس عند هذة المدارس ان صحت تسميتها مدراس فمثلا

 

رأيهم في معني الايمان وفهمهم لواقعه واحد

 

ورأيهم في الحكم على كفر الحاكم واحد

 

فهمهم للارجاء والاعتزال وحكمهم على من خالفهم واحد

 

ورأيهم في النظر للحديث من حيث الظني والقطعي واحد

 

واعتماد المذهب الحنبلي عندهم واحد

 

وابن تيميه ومحمد عبد الوهاب مراجع للجميع عندهم

 

وانا أري ان الفروق بينهم ليست منهجيه بل هي براغماتيه متغيره حسب الظروف والواقع فهم ضذ الثورات ثم اصبحوا معها كانوا ضذ السياسه ثم اصبحوا معها كانوا ضد الحزبيه ثم اصبحوا معها كانوا ضذ المشاركه في الحكم ثم اصبحوا ينادو بها كانوا ضذ الجهاد بدون اذن الحاكم ثم ساروا ينادون بالجهاد واتوقع في ظروف غير هذه سيعودون لما كانوا عليه فهم في الحقيقه ليسوا مدارس مختلفه في الاستنباط وطريقة الحكم على الوقائع والاشخاص فأصولهم واحده وهكذا تجدهم فتحسبهم مدارس

 

ناقشت واحدا من السلفيه الجهاديه وناقشت أخر من السلفيه ولاة الأمر فوجدت الفرق الوحيد بينهم هو نظرتهم للحكام فقط ذاك يكفرهم والتاني يواليهم

رابط هذا التعليق
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

الشيخ عبدالحليم بارك الله به له كتاب يوضح ما تختلفون حوله، فهو سلفي وينتمي للمجموعة التي تعرفها الأمة بالسلفيين، اهل السنة والجماعة ( السلفيون ككل) يفرقون بين مجموعاتهم والاختلاف الذي طرأ عليهم بعد حرب الكويت، يعني على سبيل المثال الشيخ محمد بن عبدالوهاب عنده من اهل السنة والجماعة، والشيخ الالباني من السلفية.. فالتفريق بينهم ليس له معنى في البحث الذي يتحدث عن أهل السنة والجماعة ( السلفية ككل).

 

كتاب فتنة أدعياء السلفية وإنحرافاتهم:

http://www.tariqabdelhaleem.com/pdf/7Counterfeit_Salafis_arabic_complete.pdf

رابط هذا التعليق
شارك

السلام عليكم

 

فيما يتعلق بما كتبناه حول السلفية، وجب الانتباه إلى أننا لم نقصد التعرض لكل شخص وكل فكرة قال بها أحد السلفيين للرد عليها وتفنيدها إن كانت مجانبة للصواب، إنما المقصود هو وضع خطوط عريضة عن طريقة ومنهجية البحث والتفكير عند أتباع السلفية.

 

فنحن لسنا معنيين هنا بالرد على ما قاله ابن تيمية في ما يتعلق بصفات الله ولا التعرض لما ذكره محمد بن عبد الوهاب للنواقض العشرة للتوحيد ورايه في الولاء والبراء، ولا معنيون بالجامية ولا بالسرورية ولا بالسلفية الجهادية.

 

العناية تنصب هنا على تبيان منهجية في التفكير والبحث لدى السلفيين عموما كخطوط عريضة، فهم ليسوا مدرسة موحدة ولا متجانسة فكريا ولا سياسيا، وليس لهم تبنيات واضحة محددة ولا طريقة في العمل والإصلاح، وهم ليسوا حزبا سياسيا ولا جماعة منظمة، وإنما هناك شيوخ واتباع وتيار عام يسمى سلفية لذلك تجد عندهم اختلافات وتناقضات فكرية وفقهية وسياسية واقتصادية وغير ذلك.

 

ما أردنا التركيز عليه في منهجية السفيين فهم الخلفية الفكرية التاريخية لأفكارهم وآرائهم ومنهجيتهم، وهذا يساعدنا في تفكيك وتفسير سبب تشددهم وتشنيعهم على الآراء المخالفة لهم ورمي غيرهم وبكل سهولة بالاعتزال والإرجاء والخروج مما يعني القدح في الأشخاص والهيئات والأحزاب دون وجه حق.

 

فتراهم يذكرون لغيرهم أوصافا مقيتة مثل الانحراف والاضطراب الشديد والابتداع (وهذا قول بدعيّ شنيع) والأخطاء العقدية والخروج من دائرة الإسلام والغلو ثم الكلام بصيغة المجهول أحيانا وبضمير الغائب والبعيد أحيانا أخرى مما يوحي للقارئ بشكل نفسي وغير مباشر أن ذلك المذكور "أدناه" ذو شناعة وقذارة وسوء أخلاق وسوء فهم وسوء رأي وفكر وبالتالي فلا يؤخذ منه دين ولا فقه ووجب اعتزاله ومنعه من الفتيا والكلام وإلا فالضرب به أولى.

 

وكذلك ينسبون إلى انفسهم إدعاء الحق الذي لا مرية فيه، وأنهم هم أهل السنة فقط وأن كل من خالفهم ليس من أتباع الفرقة الناجية، فيرمون من خالفهم بانهم معتزلة وجبرية ومرجئة وخوارج وقدرية ورافضة وغير ذلك من الأوصاف التي توحي بالاستقذار والنفي والطرد للمخالفين.

كل هذا الطعن والغمز واللمز نرى أنه مما يخالف فقه الإسلام في التعامل مع المسلمين المخالفين في الفروع والتعامل مع الآراء الشرعية المختلفة (أشداء على الكفار رحماء بينهم) فغياب الرحمة وأدب الإسلام في تعاملهم مع المسلمين له أسباب أردنا وضع الاصبع عليها.

 

ومما يحز في النفس كثيرا هو عدم النزاهة العلمية في النقل عن المخالفين أو الافتراء عليهم أو تقويلهم ما لم يقولوه أو الفهم الغريب للكلام ثم البناء عليه والرد بالتشنيع والتغليط. ولله در القائل للقاعدة الذهبية (أن كنت ناقلا فالصحة، وإن كنت مدعيا فالدليل).

 

ومن الطبيعي أن يحمل هذه الآراء اتباع هؤلاء المشايخ دون رجوع للمصادر الأصلية ودون روية ولا انعام نظر، ثم يرمونك بأبشع التهم، مما يولد لديهم ولدى من يستمع إليهم أحقادا وغلا للذين آمنوا وهذا مما يؤسف له حقا، فلو ناقشوك بشكل علمي منهجي يظهر فيه أدب الإسلام في الاختلاف والالتزام بالأحكام الشرعية لكان خيرا لهم، فندعو الله لنا ولهم بالهداية وأن يكونوا ذوي رحمة بالمؤمنين وأن لا يجعل في صدور الجميع غلا للذين آمنوا.

 

وبناء على هذا المنهجية المذكورة أعلاه، تستطيع فهم كيفية ومنهجية تعامل اتباع المدرسة السلفية في البحث ومناقشة الغير، وتفهم سر هذا التشدد والشطط في التعامل مع المخالفين، وبالتالي تعذر أصحاب المثل الشعبي القائل (لا تكون حنبلي).

 

أخيرا قوموا بتطبيق هذا الكلام المذكور أعلاه على منهجية الدكتور طارق عبد الحليم في تعامله مع الشيخ تقي الدين النبهاني وحزب التحرير وسترون العجب العجاب مما يُستفز له الجماد من كثرة المغالطات ومجانبة الصواب.

 

والله الموفق وعليه التكلان.

تم تعديل بواسطه يوسف الساريسي
رابط هذا التعليق
شارك

  • 3 weeks later...

السلام عليكم

 

كتبت في موضوع "أصول تقي الدين النبهاني وحزب التحرير/د.طارق عبد الحليم" ما له علاقة بهذا العنوان وأنقله هنا للفائدة

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،

 

أشكر الإخوة جميعا على ثنائهم ودعائهم، وأدعو لهم بمثله وأكثر، وعسى الله أن ينور بصائرنا دائما بالحق وللحق.

 

بعد شرح تاريخ وظروف نشأة الفكر السلفي وبعض ما يتميز به، نود أن نتقدم خطوة أخرى للأمام

 

ولكن قبل ذلك دعونا نلخص أبرز ما يميز الأصول الفكرية لمذهب السلفية الحنبلية:

  • وجود قواعد معينة في الأخذ من مصادر التشريع وخصوصا الاعتماد على الآثار والنفور من الاجتهاد والقياس.
  • يقوم الفهم على الاعتماد على النص بظاهره ورفض التأويل وعلم الكلام ثم تسخيف العقل. وكذلك تضييق دائرة الظنيات في النصوص الشرعية.
  • وجوب تتبع أقوال وآثار علماء "السلف" واعتبارها الأساس في فهم النصوص الشرعية
  • اعتبار مذهب أهل السنة والجماعة بأنه الحق وأنهم الفرقة الناجية
  • عدم مراعاة أصول الخلاف وأدب الاختلاف مع آراء المخالفين في الفهم للمذهب واعتبارها إما بدعية أو منحرفة

والهدف من هذه الأصول هو حصر الشرعية في مذهبهم ولمذهبهم، واعتباره الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وأن من يخرج عنه فكأنما خرج من الفرقة الناجية إلى جهنم، وبذلك يضمنوا ولاء وتمسك الاتباع والتقليد والاقتداء بأقوال السابقين.

 

ثم يحيطون هذه الأصول الفكرية بأمور أخرى تحصنها مثل:

  • وجوب محاربة الفرق المخالفة التي يسمونها أهل البدع والأهواء، واعتبار التشنيع عليهم وتتبع عوراتهم فضيلة محمودة.
  • حصر علماء السلف الذين تؤخذ أقوالهم بأتباع المدرسة الحنبلية السلفية في الفقه وأصول الدين.
  • إخراج الفرق الإسلامية المخالفة لهم من مسمى أهل السنة والجماعة، كالأشاعرة والماتوريدية والمتكلمين وكأهل الرأي من الأحناف وغيرهم وكذلك الصوفية، من قديم هؤلاء وحديثهم، ثم عدم الاعتداد بآرائهم. واعتبارها ممن لا يعول عليه بشيء.

والهدف من التحصين أن يؤدي هذا إلى رفض جميع الأقوال المخالفة لآرائهم -وكأنهم يحرمون وجود أي رأي شرعي أو فقهي مخالف وإن كان في الظنيات- باعتبارها من البدع، وهذا يؤدي إلى تضييق دائرة من يعتد برأيهم ويؤخذ كلامهم، وبالتالي حصرهم في دائرة مغلقة. وإذا جاريتهم في نقاشهم واستدلالاتهم واستشهدت بكلام لأحد علماء السلف، يبدأون يصنفون ويخرجون قوله من دائرة أهل السنة وبالتالي رفض أقواله باعتبارها ليست على مذهب الفرقة الناجية.

 

إذن نرى أن منهجهم في النقاش والمناظرة يقوم على الآتي:

 

إن ناقشتهم بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ووضحت لهم أدلتك الشرعية ووجه الاستدلال وكيفية الاستنباط، رفضوا ذلك وتوجسوا منك، ثم حصروك في أدلة معينة وفق مذهبهم.

ثم إن أتيتهم بفهم معين وفق الأدلة الشرعية المعتبرة في مذهبهم، سألوك من قائل القول؟

فإن قلت لهم هو رأي فلان من المتأخرين، طلبوا منك فهم السلف لا الخلف.

وإن أتيتهم بقول لعالم من السلف على غير مذهبهم رفضوه باعتباره ليس من أهل السنة والجماعة (الحنابلة السلفية).

ثم إن ذكرت لهم احد الأقوال من علماء مذهبهم الحنبلي، البسوه لباس الشذوذ ومخالفة أقوال ما عليه مذهب أهل السنة.

فماذا تفعل معهم؟

 

الصحيح أن الوضع منغلق والفكر فيه مأزوم وميؤوس منه، إذ لا يمكن النقاش معهم وفق هذه المنهجية التي ابتدعوها حماية لتعصبهم لمذهبهم، لأنك إن ناقشتهم بالعقل في الأمور التي للعقل مدخل فيها من العقائد كإثبات الخالق ردوك إلى النقل، وإن ناقشتهم في النقل والأدلة السمعية أدخلوك إلى منهجية معينة يجب أن تصب وفق أفهامهم.

 

ولا أقصد أن المذهب منغلق تجاه تذكيره بآيات القرآن الكريم وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، بل أقصد أنه منغلق ومحصن بانغلاقه على فهمه للأدلة، بحصره هذا الفهم باقوال علماء محصورين من الحنابلة السلفيين، ورفضه الأفهام المتقدمة والمتأخرة ممن عداهم، اي أنه يرفض فتح أبواب الحصن المحصنة لدخول وقبول أفهام جديدة أوعى من القديمة وأوجه استدلال أرجح مما لديهم حتى ولو كانت حقا وصدقا، فقط لأنها أقوال وآراء لمتأخرين تخالف ما عليه سلف الأمة (الحنابلة).

 

وأن حاولت فتح بعض المغاليق في منهجيتهم الفكرية كمناقشة الفهم القطعي والظني كخبر الآحاد أو مناقشة الآيات المتشابهات في صفات الله وقول غلاة المذهب في التجسيم والجهة وسبب رفض تفويض معاني الصفات، لن تجد معهم قواعد مشتركة أو مسلمات معينة للنقاش لا في العقليات ولا في الشرعيات، اللهم إلا في حالة واحدة إذا سلمت لهم بمنهجيتهم في البحث والاستدلال، وعندها لن يكون هناك نقاش بينك وبينهم بل عليك الالتزام بأقوال وأفهام العلماء السابقين وتحري نقولات مطولة حول قضايا معروفة نتائجها سلفا. فتكون الطريق منغلقة في النقاش.

 

وإن ناقشتهم في قضايا ومشاكل محدثة ومعاصرة فإنك تقع معهم في خيارين: إما أنهم يسقطوا أفهاما واصطلاحات قديمة على وقائع ليست من جنسها كتسمية حكام العرب والمسلمين بأنهم ولاة أمر ، وتصنيف الناس وفق قوالب جامدة قديمة كالخوارج والمعتزلة والمرجئة والقدرية والجهمية والروافض وغير ذلك وينسون تصنيفات مثل الشيوعية والرأسمالية والعلمانية والديمقراطية والوجودية والقومية والوطنية.

 

أو تجدهم لا رأي لهم بهذه القضايا الحديثة ويجيبوك أن هذا الشأن متروك للأئمة وولاة الأمر كقضايا السياسة والعلاقات والقانون الدولي والأمم المتحدة ومثل شؤون المال كالبورصة وملكية النفط وغيرها، فترى العجب العجاب من قوم ينكرون عليك أشد الإنكار لتطويل ثوبك أو حلق لحيتك أو لرأي ظني في فروع الدين، ثم تجدهم في أمور عظيمة تحدد وتهدد مصير الأمة -لم يتبينوا للسلف فيها رأي- ترى أنهم يستبيحونها استباحة ويسلمونها تامة لأعوان الكفار من الحكام كاحتلال بلاد المسلمين وشكل نظام الحكم والنظام الاقتصادي والسياسة الدولية وغيرها.

 

وعليه وبعد البحث والتفكير وجدنا أن وضع هذه المنهجية الحنبلية السلفية بأنها نظام منغلق تجاه الغير سواء في مناقشة الأدلة العقلية أو الأدلة النقلية او أفهام جديدة، وبالتالي توجد مشكلة حقيقية لدى أهل وأتباع هذا المذهب من انغلاقه على سوء الفهم للإسلام، ثم من إحاطة انغلاقه هذا بتحصين خارجي يغلف هذا الفكر كما ذكرنا أعلاه، ثم اتباع سياسة رمي من هو خارج الحصن بمختلف الأسلحة كما يُرمى العدو الخارجي المحيط بالحصون بالنبال والنار والحجارة ومختلف الأسلحة (أقصد الأسلحة الفكرية مجازا).

 

فهل يمكن فتح حصن فكري منغلق كهذا ومتشدد أيضا على من يقف خارجه؟ وله من الطبائع التي تحول دون الاستماع واتباع للهدى والحق إلا إذا كان وفق هواهم؟

 

سؤال كبير في الحقيقة وهو بحاجة للبحث والجد لأجل الإجابة عنه!!

 

بانتظار آرائكم

 

اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه يا رب، وأبعد عنا الفتن وانغلاق الفطن، ونجنا من سوء الفهم وسوء الخلق، ولا تجعل في صدورنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم.

 

والحمد لله رب العالمين

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...