اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

صلح الحديبية دليل لعدم التنازل- د. إياد قنيبي


Recommended Posts

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ,ما ذكرته ممتاز وعين الصواب يا دكتور اياد ولكن ما خفى عن المؤمنين والكفار حول صلح الحديبية اعظم وهو ما دفع النبي عليه الصلاة والسلام الى عقد هذه الهدنة وابرام بنودها وقبل ان امر على ابرز ما خفى على من شهد وقرأ صلح الحديبية,هو عندما عارضه الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين وعلى رأسهم الفاروق عمرعن بنود الصلح,قال عليه السلام انا عبد الله ورسوله لن اخالف امره ولن يضيعني,نفهم من هذا الكلام ان رسول الله عليه السلام حرج من المدينة المنورة ليس من اجل العمرة كما ذهب لها الكثير, بل هي من اجل عقد هدنة مع كفار قريش لكي يحيدهم عن الصراع ولكي لا يتقوى بهم اعدائه في حربه معهم وحتى لا يترك مجال لافشال هذا العمل السياسي الرائع نادى في القبائل والمسلمين بانه ينوي عليه السلام العمرة لكي يخرجهم معه و حتى يوجد راي عام في جزيرة العرب بان محمد يريد بذهابه الى مكة المكرمة العمرة وليس الحرب,ولكي لا تحول قريش بينه وبين ان يصل اليها النبي عليه السلام سلك طريق لا يختر ببالها لكي يضعها امام امر الواقع و بين خيارين احلاهما مرعليها ,ان هي منعت المعتمرين لبيت الله الحرام وقعت في مازق كبير المستفيد منه الدولة الاسلامية في المدينة بالتالي لم يبقى لها خيار الا مفاوضة قائد هذه الدولة حتي لا يدخلها عليهم وذلك ما ارادها الله ورسوله من هذه العمرة المباركة على امة الاسلام الذي كان لها ما بعدها فتح كبير ونصر عظيم ,ويتبين كذلك ان قريش لم تقبض شيء في هذه الهدنة من القائد الفذ النبي صلى الله عليه وسلم الا ما اخذه عليه السلام منهم وكذلك يسطر لنا بالوحي العظيم ,ان الاهداف السياسية لا تتحقق بالحرام أي بالطرق الغير الشرعية.

المادة 183 من مشروع دستور دولة الخلافة الذي اعده حزب التحرير.تقول الغاية لا تبرر الواسطة,لان الطريقة من جنس الفكرة فلا يتوصل بالحرام الى الواجب ولا الى المباح,والوسيلة السياسية لا يجوز ان تناقض الطريقة السياسة.

وان حزب التحرير الى الخلافة الراشدة الثانية منطلقا لن يثنه عنها الغرب الكافر ولا اذنابهم وان غدا لناظره قريب ولننسينهم وساوس الانس والجن.

رابط هذا التعليق
شارك

السياسة الخارجية

 

المادة 184: المناورات السياسية ضرورية في السياسة الخارجية، والقوة فيها تكمن في إعلان الأعمال وإخفاء الأهداف.

 

إن هذه المادة من المباحات التي جعلت لرأي الإمام واجتهاده، والمناورة السياسية هي أعمال تقوم بها الدولة قاصدة غايات غير الغايات التي تظهر من القيام بالعمل، وكان صلى الله عليه وآله وسلم يقوم بهذه المناورات، فمن ذلك السرايا التي قام بها في أواخر السنة الأولى وأوائل السنة الثانية للهجرة، فإن هذه السرايا يدل ظاهرها على أن الرسول كان يريد غزو قريش، لكن الحقيقة أنه كان يريد إرهاب قريش، وجعل قبائل العرب الأخرى تقف محايدة في الخصام الدائر بينه وبين قريش. والدليل على ذلك هو أن هذه السرايا كانت قليلة العدد، ستين، أو مائتين، أو ثلاثمائة. وهي ليست أعداداً كافية لقتال قريش، وأنه لم يقاتل قريشاً فيها كلها، وكل ما نتج عنها عقد معاهدات مع بعض قبائل العرب، كمحالفته لبني ضمرة، وموادعته لبني مدلج. ومن ذلك ذهابه في السنة السادسة للهجرة إلى مكة قاصداً الحج وإعلانه ذلك مع وجود حالة الحرب التي بينه وبين قريش التي تقع الكعبة تحت سلطانها. فإن القصد من تلك الرحلة هو الوصول إلى مهادنة قريش، ليضرب خيبر. إذ بلغه أن خيبر وقريش يتفاوضان للاتفاق على غزو المدينة. والدليل على أن هذه مناورة هو أنه رضي أن يرجع ولم يحج حين ظفر بالهدنة، وأنه بعد رجوعه بأسبوعين غزا خيبر وقضى عليها. فهذه كلها مناورات سياسية. والقوة التي في هذه المناورات أن الأعمال التي يقام بها كمناورة تكون معلنة وظاهرة، ولكن الغايات منها تكون خفية، فقوتها في إبراز الأعمال وإخفاء الأهداف.

رابط هذا التعليق
شارك

  • 6 months later...

شبهة يستعملها المرجئة كثيرا هذه الأيام ________________________________________________

هل كان في صلح الحديبية تنازل بالفعل؟

السلام عليكم ورحمة الله.

إخوتي الكرام، أكثر حجة نسمعها من المبررين للتنازلات هي صلح الحديبية.

لذا أحببنا أن نتعرض لهذا الصلح لنرى هل فيه حجة ودليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم تنازل؟

سنجعل الرد من نفس حديث صلح الحديبية، وعلى شكل نقاط أهمها:

- أن المقرر المسبق لدى النبي في هذا الصلح كان نصرة دين الله حتى لو تطلب الصدام، ولم يكن المقرر المسبق تحاشي الصدام والتوافق مع الآخرين ولو أدى إلى خذلان الشريعة.

- وأن ما وافق النبي عليه من مطالبات المشركين لم يكن فيه ترك لواجب، وبعضه كان وحيا لا يقاس عليه.

- وأن قصة الحديبية هي في الحقيقة من أكبر الأدلة على التسليم المطلق لأمر الله وعلى هدم فقه المصالح غير المنضبط.

- وأن الأولى بالاستدلال هو كتابة وثيقة المدينة المنورة، والتي حصرت المرجعية في الشريعة.

وأينما ذكرت أن النبي فعل أو قال فمن رواية البخاري لصلح الحديبية.

أولا إخواني: نلحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع في ذهنه وذهن أصحابه أنهم على استعداد للتضحية بأرواحهم في سبيل دين الله تعالى.

هذه نقطة من المهم أن نستحضرها طوال استعراض صلح الحديبية. من الأدلة عليها أن بديل بن ورقاء الخزاعي جاء النبي يخبره بأن قريشا عزمت على صده عن المسجد وقتاله إن أبى فقال النبي صلى الله عليه وسلم -وانظروا إلى روح العزة- قال:

(إنا لم نجئ لقتال أحد ولكنا جئنا معتمرين. وإن قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم – كانوا قد ردوا خاسئين من غزوة الأحزاب- فإن شاؤوا ماددتهم مدة -يعني نوقف الحرب لمدة - ويخلوا بيني وبين الناس – أي حتى أتفرغ للدعوة- فإن أظهر فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا وإلا فقد جُموا –أي إن أغلب فلهم أن يسلموا بعد ذلك وإلا فقد كفوا القتال - وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي- أي: حتى يقطع عنقي -ولينفذن الله أمره).

فانظر إلى روح العزة والاستعداد للتضحية منه عليه الصلاة والسلام، التي استوقد منها أصحابه شُعَلا وأصبحوا مستعدين لتقديم التضحية معه دون تردد.

نقول للمستدلين بصلح الحديبية: (يصح استدلالكم لو أن النبي حين أُخبر باجتماع قريش ومن حولها لحربه وصده قال لأصحابه بخوف: نخشى حربا أهلية، ستحدث فتنة ودماء، نريد الاستقرار...فتنهار معنويات المسلمين وتنزع هيبتهم ويتجرأ عليهم أعداؤهم وينتقلوا إلى ابتزاز جديد. وحاشى المصطفى صلى الله عليه وسلم سيد الشرفاء.

فيا من تستدلون بالحديبية ليتنا سمعنا منكم خلال السنتين الماضيتين شيئا قريبا من: (لأدافعن عن تطبيق الشريعة حتى تنفرد سالفتي)! فوالله لاستأسد أتباعكم وهابكم أعداؤكم واقتدى الناس بكم.

ثانيا إخواني: النبي صلى الله عليه وسلم كان على استعداد لخوض الصراع إن حصل اعتداء على فرد في الجماعة المؤمنة. فالذي لا يتنازل عن دماء أحد أصحابه كيف يتنازل عن شيء من دينه؟

ظهر هذا جليا عندما شاع أن قريشا قتلت مبعوث النبي لمحاورتها وهو عثمان بن عفان رضي الله عنه، فماذا فعل عليه الصلاة والسلام؟ بايع الصحابة على الموت في رواية البخاري، وفي رواية مسلم على ألا يفروا، والمحصلة واحدة. ثم تبين أن عثمان لم يُقتل.

فكيف يستدلون بصلح الحديبية لتبرير أفعال من يرون المسلمين يُقتلون وينحرون في التحرير ومحمد محمود والعباسية وفتاة مسلمة تكشَّف في التحرير وشيخا يحاصر وصلاة لا تقام في مسجد بالإسكندرية، وفي كل مرة يسكت هؤلاء ويدعون إلى التهدئة حرصا على ماذا؟ حرصا على الانتخابات! ألا أفٍّ للانتخابات الرئاسية والبرلمانية وللاستفتاء ...

أف لهذه التلاهي التي من أجلها تخذلون المسلمين ثم تستدلون بصلح الحديبية!

ثالثا إخواني: لم يضع النبي في حساباته أنه لا بد من التوافق مع الآخرين ولو على حساب الثوابت، وإنما جعل الأساس الذي يقبل عليه الاتفاق مع كفار قريش ما بينه في قوله: ((والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله تعالى إلا أعطيتهم إياها))

إذن إنْ كان تفاهم فعلى هذا الأساس: تعظيم حرمات الله، وإلا فلا مرحبا بالتوافق.

فكيف يستدل به على توافق على أساس جعل السيادة للشعب؟

رابعا إخواني: ما وافق النبي عليه من مطالبات المشركين لم يكن تركا لواجب.

قالوا تنازل النبي صلى الله عليه وسلم إذ أمر عليا رضي الله عنه أن يكتب: (بسم الله الرحمن الرحيم).

فقال سهيل بن عمرو: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب (باسمك اللهم) كما كنت تكتب. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اكتب باسمك اللهم).

أين التنازل إخواني؟ هل أوجب الله على نبيه أن لا يقول إلا (بسم الله الرحمن الرحيم) حتى يقال أنه تنازل عن واجب شرعي؟ لو قال النبي باسمك اللهم، بسم الله، بسم العزيز الجبار، بسم السميع البصير، ألا يتأدى المعنى؟

كان يصح الاستدلال لو أن النبي قبل بصيغة: باسم الإغلبية في الجزيرة العربية أو باسم الله والعزى، حاشاه صلى الله عليه وسلم.

فهل يُستدل بـ(باسمك اللهم) على تمرير دستور يقول: (تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب)؟؟!!

((ساء ما يحكمون))

- ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أملى ((هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله))، فقال سهيل: (والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (والله إني لرسول الله وإن كذبتموني. اكتب محمد بن عبد الله). فقال المستدلون: تنازل رسول الله في هذه.

نقول إخواني: لم يصر النبي لأنه ليس واجبا عليه أن يكتب (محمد رسول الله). وليس في إملائه (محمد بن عبد الله) اعتراف بأنه ليس رسول الله. لو قال: نعم سأكتب في الصلح أعترف أني لست رسول الله لقلنا تنازل، لكن حاشاه صلى الله عليه وسلم.

وقد نص النووي والخطابي والقاضي عياض وغيرهم على ما ذكرنا من أن قبوله عليه الصلاة والسلام لا يعني نفي اسم الرحمن الرحيم عن الله ولا النبوة عن نفسه.

ثم أصر سهيل بن عمرة على ألا يعتمر المسلمون ذاك العام وإنما العام المقبل، فوافق النبي صلى الله عليه وسلم.

فنقول إخواني: هل أوجب الله على نبيه العمرة في هذه السنة بالذات حتى نقول أنه تنازل عن واجب شرعي في سبيل تحصيل مصلحة؟! لا والله. ثم إنهم اعتمروا السنة التالية في عزة لهم وغيظ للمشركين.

فأين إخواني التنازل في هذا كله؟ وكيف يُستدل بهذا على تمرير دستور شركي وغيره من التنازلات؟

خامسا: القبول بشرط رد المسلمين إلى الكافرين كان بوحي من الله.

أملى سهيل بن عمرو شرطا أن من أتى مِن طرف المسلمين إلى قريش لم يكن على قريش إرجاعه إلى المسلمين، بينما من جاء من طرف قريش إلى المسلمين فعلى المسلمين أن يردوه لقريش.

زادت رواية مسلم أن الصحابة قالوا: (يا رسول الله أنكتب هذا؟) فقال: ((نعم. إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله ومن جاء منهم إلينا فسيجعل الله له فرجا ومخرجا))

أي إن الذي يتركنا ويذهب إليهم منافق فماذا نريد به في صفوفنا؟ أما من أتانا منهم مؤمنا ((فسيجعل الله له فرجا ومخرجا))...وهذا علم غيب لا يكون إلا بوحي كما سنبين.

في لحظات كتابة الصلح ابتُلي إيمان أصحاب النبي. إذ جاء أبن سهيل بن عمرو الذي يفاوض النبي، واسمه أبو جندل، جاء في قيوده قد هرب من مكة التي يعذبه فيها أبوه على إسلامه. فألقى أبو جندل بنفسه بين المسلمين. أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يبقي أبا جندل لكن سهيلا أصر على أخذه وأخذه بالفعل.

هنا جاء عمر رضي الله عنه وقال فيما قاله للنبي صلى الله عليه وسلم: (فعلام نعطي الدنية في ديننا؟).

ماذا رد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ركزوا جيدا يا إخوة. قال النبي: ((إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري)).

((إني رسول الله))، أي إنما أفعل ذلك بوحي، ((ولست أعصيه)) أي هذا أمر من الله ولا أستطيع أن أرده. فإن أصررت على إبقاء أبي جندل ونقض الصلح لكانت معصية. ردُّ النبي يدل على أن فعله هذا خاص به، فلا يقاس عليه أحد، ولا يصح لأحد أن يستدل به.

ويدل أيضا عليه قوله عليه الصلاة والسلام: (ومن جاء منهم إلينا فسيجعل الله له فرجا ومخرجا). هذا غيب أطلعه الله عليه أنه سيجعل لهؤلاء فرجا ومخرجا.

هل هذا فهم خاص إخواني؟ لا بل قد نص عليه العلماء:

قال ابن حزم رحمه الله في (الإحكام 5/26 ): (فأيقنا أن إخبار النبي بأن من جاءه من عند كفار قريش مسلماً فسيجعل الله له فرجاً ومخرجاً وحي من عند الله صحيح لا داخلة فيه، فصحت العصمة بلا شك من مكروه الدنيا والآخرة لمن أتاه منهم حتى تتم نجاته من أيدي الكفار (أي أن الله أوحى إلى نبيه أنه سيسلم هؤلاء من الأذى في دينهم ودنياهم إلى أن ينجوا من الكفار) قال ابن حزم:

(لا يستريب في ذلك مسلم يحقق النظر. وهذا أمر لا يعلمه أحد من الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يحل لمسلم أن يشترط هذا الشرط ولا أن يفي به إذا شرطه إذ ليس عنده من علم الغيب ما أوحى به الله تعالى إلى رسوله).

أي ليس لأحد بعد النبي أن يقبل برد المسلمين إلى الكافرين إذ أنه لا يوحى إليه أن الله سيسلِّمهم من التعذيب والفتنة في الدين.

وقال ابن العربي المالكي رحمه الله في (أحكام القرآن 4/1789): (فأما عقده صلى الله عليه وسلم على أن يرد من أسلم إليهم فلا يجوز لأحد بعد النبي، وإنما جوزه الله له لما علم في ذلك من الحكمة، وقضى فيه من المصلحة)

المصلحة التي قضى الله سبحانه أنها مصلحة، لا ما رآه الناس مصلحة على حساب الدين.

قال: (وقضى فيه من المصلحة، وأظهر فيه بعد ذلك من حسن العاقبة، وحميد الأثر في الإسلام ما حمل الكفار على الرضا بإسقاطه ، والشفاعة في حطه).

الكفار أنفسهم ترجوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يسقط بند رد المسلمين إليهم. فبعد القصة الطويلة المعروفة من فرار أبي بصير وأبي جندل من مكة وتعرضهم لقوافل قريش أرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده بالله والرحم إن يرسل إليهم فمن آتاه فهو آمن. وفي رواية أبي الأسود عن عروة (فأرسلوا أبا سفيان بن حرب كبير قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه ويتضرعون إليه أن يبعث إلى أبي جندل ومن معه وقالوا: (ومن خرج منا إليك فهو لك حلال غير حرج).

كأنهم يقولون: أبق هؤلاء عندك بالله عليك، مباركين عليك، لكن كف أذاهم عنا. هم أنفسهم طلبوا إلغاء هذا البند.

إذن إخواني قبول النبي بهذا الصلح بما فيه من شرط رد المسلمين كان عن وحي، ومن الأدلة على ذلك:

1) قوله عليه الصلاة والسلام: ((ولست أعصيه))،

2) وقوله: ((فسيجعل الله له فرجا ومخرجا))،

3) ويدل عليه أيضا قوله تعالى:

((لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا (27) ))...((فعلم ما لم تعلموا)): قال المفسرون أي أن الخير كان في الصلح وتأخير العمرة، ((فجعل من دون ذلك فتحا قريبا))...أي: صلح الحديبية. أمر من تدبير الله ووحيه لنبيه لعلمه سبحانه ما لم يعلمه نبيه ولا المؤمنون: ((فعلم ما لم تعلموا)).

القبول برد أبي جندل وحي من الذي علم ما لم تعلموا، فليس لرسول الله أن يعصيه.

4) يشهد لكون أمر الصلح وحيا أنه لم يكن محل استشارة من النبي لأصحابه بل سار به تنفيذا لأمر ربه عز وجل. النبي الذي كان يستشير أصحابه في أقل من هذا يقول ((أشيروا علي أيها الناس)) لم يستشر في هذا الشأن أصحابه مع أنه لو استشارهم لكان وقعُ الصلح وبنوده أخف عليهم, ولم يناقش اعتراض عمر، إذ لا استشارة ولا مشورة في وحي.

سادسا: يا من تستدلون بالحديبية، نحن ننكر عليكم التنازل عن الواجبات فتقولون: (والنبي تنازل أيضا). هل تعنون بذلك أنه هو أيضا عليه الصلاة والسلام ترك واجبا أو فعل محرما نزولا على رأي الكفار؟ وهو القائل: ((ولست أعصيه))؟!

سابعا إخواني: قصة الحديبية دليل لنا لا لمن يستدلون به على التنازلات. الحديبية من أكبر الأدلة على هدم فقه المصالح المشوه غير المنضبط الذي يعطل النصوص من أجل ما تراه الأهواء البشرية مصلحة. الحديبية من أدل الأدلة على التسليم المطلق لأمر الله وإن رأت الأهواء والعقول في التزامه مفسدة. واثقين بأن الله تعالى يجعل عاقبة طاعته خيرا.

يدل على ذلك ما رواه البخاري عن سهل بن حنيف أنه قال: (اتهِموا الرأيَ، فلقد رأيتني يومَ أبي جَنْدَلِ ولو أستطيع أن أرد على رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمرَهُ لردَدْتُ، واللهُ ورسولهُ أعلمُ).

اتهموا الرأي: أي لا تثقوا في عقولكم وتقديراتكم للمصالح والمفاسد. فلو أطعت عقلي لرددت على رسول الله أمره يوم أبي جندل، لكن بان لي أن الله ورسوله أعلم بمكامن المصلحة.

ومثله قال عمر رضي الله عنه بنفس المناسبة:

(اتَّهموا الرَّأيَ على الدِّينِ) (قال ابن كثير: حسن وإسناده جيد).

المصلحة الظاهرة إخواني كانت في الدفاع عن أبي جندل، خاصة وأن المسلمين كانوا في قوة مستعدين للقتال حتى الموت. لكن الله أظهر بهذا الأمر أن ما ظنه المسلمون مفسدة من ترك أبي جندل كان عين المصلحة، إذ جعل ما اشترطته قريش لعزتها سببا في ذلها وإنهاكها حتى جثت على الركب وتضرعت إلى النبي أن يلغي الشرط. وجعل ما ظنه المسلمون سببا للذل سببا للعزة في الحقيقة.

فقهاء التنازلات يعكسون القضية بشكل بشع، فيجعلون القصة دليلا على معصية الله ورسوله ومخالفة الوحي من أجل ما يرونه هم مصلحة! والله المستعان.

ثامنا إخواني: لو أن النبي فعل ما فعله تقديرا للمصلحة لبين لأصحابه ذلك، ليؤسس لقاعدة جواز التنازل في أمر من أمور الدين من أجل تحصيل مصلحة أو درء مفسدة مقدرة بالعقل. فهذا مقام تعليم لقاعدة المصلحة لو صح زعمكم. لكنه مع ذلك لم يفعل.

فعندما قال له عمر: (فعلام نعطي الدنية في ديننا)، هل قال له النبي: (سنقبل بالشرط ونرد أبا جندل لتحصيل مصلحة أكبر). لا، بل قال: ((ولست أعصيه)).

ثم لاحظوا إخواني أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبرر لأصحابه ترك أبي جندل تبريرا عقليا، ولا شرح لهم المصالح المترتبة على ذلك. بل كان عليهم أن يسلموا ويذعنوا مع أن ترك أبي جندل كان مخالفا لما اعتادوه من إجارة لمن استجار بهم. أراد الله عز وجل أن يمتحن إيمانهم وتسليمهم وانقيادهم لأمره ولو خالف عقولهم وعاداتهم. لذلك ترى أن الله تعالى أخر نزول سورة الفتح، هذه السورة التي بين الله تعالى فيها أن ما حصل من الصلح كان فتحا: ((إنا فتحنا لك فتحا مبينا)).

كان من الممكن أن تنزل السورة في أثناء كتابة الصلح لتطيب خواطر المؤمنين، لكن الله عز وجل أخرها إلى ما بعد طاعتهم لأمر رسول الله بترك أبي جندل وكتابة الصلح ونحر الهدي وحلق الرأس والمسير باتجاه مكة، ليحصل التسليم والانقياد أولا، ثم يأتي التطمين من الله تعالى أن ما حدث كان مصلحة، لا أن يُبرر لهم أمر الله بالمصلحة حتى يقتنعوا بطاعته.

ما أراده الله من الصحابة هو الإيمان، لا إشباع الرغبة بمعرفة موطن المصلحة في الأمر. قال عز وجل في شأن الحديبية: ((هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم))...فالمطلوب هو الإيمان لا المناقشة العقلية.

تاسعا إخواني: مما يدل على أن قصة الحديبية تعلمنا التسليم لا قياس المصالح بالعقل أن الله عز وجل لم يمنع من المبايعة على القتال من أجل عثمان، لكن منعهم من القتال لأجل أبي جندل. فالأمر أولا وآخرا إلى الله عز وجل.

 

عاشرا إخواني: أمر الله ظل هو المرجعية التشريعية للمسلمين قبل وأثناء وبعد كتابتهم لوثيقة الصلح مع المشركين. يدل على ذلك أن أم كلثوم بنت عقبة جاءت إلى النبي مهاجرة فارة من مكة. شروط الصلح تقتضي ردها إلى الكفار فجاء أخواها يطالبان النبي بردها. لكن الله عز وجل حينئذ بحقه المطلق في التشريع أنزل آيات يستثني بها من أسلم من النساء من شرط الإرجاع الى الكفار فقال تعالى: ((فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ)). فبطل بهذا النص شرط من شروط الصلح المكتوبة في داخل كتاب الصلح نفسه. لم يبالِ النبي بهذا الشرط لأن الله أبطله ولا يسع النبي إلا طاعة ربه عز وجل. وإن لم يعجب المشركين فليلغوا الصلح كله. قال ابن كثير: (فنقض الله العهد بينه وبين المشركين في النساء خاصة، ومنعهن أن يُرددن إلى المشركين).

المستضعفون كأبي جندل كان لهم رخصة أن يستخفوا بإسلامهم ولا يعلنوه: ((إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان))، لكن النساء لا يستطعن أن يستخفين بإسلامهن، إذ لو جاء زوجها الكافر يضاجعها لم تمتنع عنه، فنقض الله العهد في حق النساء خاصة.

النقطة الحادية عشرة: كان أولى بكم أيها المستدلون أن تستدلوا بوثيقة المدينة التي واثق عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل المدينة عند بداية تأسيس الدولة وصححها بِطولها مجموعة من العلماء كالدكتور أكرم العمري والصلابي. فالوضع كان كوضع اليوم أو أصعب، وكان في المدينة يهود وكفار لهم شوكة وحول المدينة أعداء متربصون. هذه الوثيقة بمثابة الدستور وتستحق وقفة خاصة. يكفي فيها النص القاطع الواضح:

(وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد رسول الله).

- وختاما نقول لفقهاء التنازلات المستدلين بصلح الحديبية: عيب عليكم، حرام, منكر، لا يجوز، اتقوا الله، لا يصح، لا يسوغ، لا ينبغي، لا يُتحمل لا يقبل أن تبحثوا عن أعذار لتنازلاتكم في سيرة سيد ولد آدم أجمعين، قائد الغر المحجلين، رمز النبل والشجاعة والثبات سيدي وسيدكم رسول محمد بن عبد الله صلى الله عليه سلم... ليس في السيرة ماء عكر لتصطادوا فيه، فسيرة النبي كلها صفاء ونقاء وطُهر ووفاء. لعلكم تجدون في غير سيرة النبي بغيتكم، فالمتنازلون قبلكم كثير، ومصائرهم معروفة. أما سيرة محمد صلى الله عليه سلم وسيرته فاتقوا الله واحفظوها بعيدا عن استدلالاتكم على ما تفعلون!

نسأل الله أن يرد المسلمين إلى دينه ردا جميلا.

والسلام عليكم ورحمة الله.

تم تعديل بواسطه التغيير الجذري
رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...