اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

مع الحديث الشريف / سلسلة من المكتب الإعلامي لحزب التحرير


Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

 

النقود

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

روى أبو داوود في سننه قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَاصِمُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ أَنَّ يَعْلَى ابْنَ مُنْيَةَ قَالَ: آذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغَزْوِ وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ لَيْسَ لِي خَادِمٌ فَالْتَمَسْتُ أَجِيرًا يَكْفِينِي وَأُجْرِي لَهُ سَهْمَهُ فَوَجَدْتُ رَجُلًا فَلَمَّا دَنَا الرَّحِيلُ أَتَانِي فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا السُّهْمَانِ وَمَا يَبْلُغُ سَهْمِي فَسَمِّ لِي شَيْئًا كَانَ السَّهْمُ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَسَمَّيْتُ لَهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ فَلَمَّا حَضَرَتْ غَنِيمَتُهُ أَرَدْتُ أَنْ أُجْرِيَ لَهُ سَهْمَهُ فَذَكَرْتُ الدَّنَانِيرَ فَجِئْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ لَهُ أَمْرَهُ فَقَالَ مَا أَجِدُ لَهُ فِي غَزْوَتِهِ هَذِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا دَنَانِيرَهُ الَّتِي سَمَّى

 

 

قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ:

 

( السَّيْبَانِيّ ): بِفَتْحِ السِّين الْمُهْمَلَة وَالْمُوَحَّدَة وَبَيْنهمَا تَحْتَانِيَّة وَسَيْبَان بَطْن مِنْ حِمْيَر. كَذَا فِي الْخُلَاصَة

 

( أَنَّ يَعْلَى اِبْن مُنْيَة ): بِضَمِّ الْمِيم وَسُكُون النُّون بَعْدهَا تَحْتَانِيَّة مَفْتُوحَة وَهِيَ أُمُّه، وَفِي بَعْض النُّسَخ يَعْلَى بْن أُمَيَّة وَهُوَ أَبُوهُ

 

( أَذَّنَ ): ضُبِطَ بِتَشْدِيدِ الذَّال الْمُعْجَمَة مِنْ التَّأْذِين. وَقَالَ الْقَارِي: بِالْمَدِّ أَيْ أَعْلَمَ أَوْ نَادَى.

 

(بِالْغَزْوِ ): أَيْ بِالْخُرُوجِ لِلْغَزْوِ.

 

( فَالْتَمَسْت ): أَيْ طَلَبْت .

 

( وَأَجْرَى ): مِنْ الْإِجْرَاء أَيْ أَمْضَى.

 

( لَهُ سَهْمه ): أَيْ كَسَائِرِ الْغُزَاة.

 

( فَلَمَّا دَنَا ): أَيْ قَرُبَ.

 

( أَتَانِي ): أَيْ الرَّجُل.

 

( مَا ): اِسْتِفْهَامِيَّة مُبْتَدَأ

 

( السُّهْمَان ): بِالضَّمِّ جَمْع سَهْم خَبَر الْمُبْتَدَأ

 

( فَسَمِّ ): أَمْر مِنْ التَّسْمِيَة أَيْ عَيِّنَ.

 

( أَمْرَهُ ): أَيْ أَمْرَ الرَّجُل.

 

فِي شَرْح السُّنَّة: اِخْتَلَفُوا فِي الْأَجِير لِلْعَمَلِ وَحِفْظ الدَّوَابّ يَحْضُر الْوَاقِعَة هَلْ يُسْهَم لَهُ، فَقِيلَ لَا سَهْم لَهُ قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِل إِنَّمَا لَهُ أُجْرَة عَمَله، وَهُوَ قَوْل الْأَوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاق وَأَحَد قَوْلِيّ الشَّافِعِيّ. وَقَالَ مَالِك وَأَحْمَد: يُسْهَم لَهُ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِل إِذَا كَانَ مَعَ النَّاس عِنْد الْقِتَال، وَقِيلَ يُخَيَّر بَيْن الْأُجْرَة وَالسَّهْم اِنْتَهَى.

 

وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ.

 

من الحديث نفهم أن الإسلام ترك للناس أن يتفقوا على الأساس الذي يقدرون به قيم السلع والمنافع والأجور فيما بينهم، ولم يفرض أساسا معينا يعتبر وَحْدَهُ مقياساً لقيم الأشياء, ففي حين قدر يعلى أجرة الأجير بسهمه من الغزوة رفض الأجير ذلك التقدير وطلب تحديده بمبلغ معين من النقود. واتفقا بعدها على تعيين الثلاثة دنانير قيمة للأجرة, فلما رفعا الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم أمر بإنفاذ ما اتفقا عليه . مما يدل على أن المعول عليه في التقدير هو رضى الطرفين.

 

لكن من المهم ملاحظة أن الإسلام وإن لم يعين أساسا معيناً يفرضه على الناس لتقدير قيم الأموال والجهود، إلا أنه تدخل في تعيين نوع النقد الذي يتخذ مقياسا ثابتاً لقيم الجهود والأموال فجعلها محصورة في جنس معين هو الذهب والفضة.

 

صحيح أن وحدات الذهب والفضة كانت متداولة قبل ظهور الإسلام لكن هناك أدلة تدل على أن الإسلام لم يكتفِ بإقرار هذه الوحدات المتداولة أصلا بل حصر النقد فيها دون غيرها, فحين حرم الإسلام كنز المال خص الذهب والفضة بمنع كنزهما ((وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ))

كما ربط الذهب والفضة بأحكام ثابتة لا تتغير، فحين فرض الدية جعل لها مقدارا معينا من الذهب قال عليه الصلاة والسلام: "وأن في النفس الدية مائة من الإبل ... وعلى أهل الذهب ألف دينار " وحين أوجب قطع يد السارق عين المقدار الذي يقطع بسرقته بمقدار من الذهب ...قال عليه الصلاة والسلام: " تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا ".

 

وحين أوجب الله تعالى زكاة النقد أوجبها في الذهب والفضة وعين لها نصاباً من الذهب والفضة

 

حين جاء بأحكام الصرف وهو بيع عملة بعملة, فقد جاءت هذه الأحكام بالذهب والفضة وحدهما قال عليه الصلاة والسلام: " الذهب بالوَرِق رباً إلَّا هاءً وهاء " ...وقال أيضاً : "بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يداً بيد " ويجري الصرف في النقد كما يجري في الذهب والفضة.

 

عدا عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عين الذهب والفضة نقدا وجعلهما وحدهما المقياس النقدي الذي يرجع إليه مقياس الأموال والجهود وعلى أساسهما تجري جميع المعاملات ... فقد حدد ميزان الذهب والفضة بميزان معين هو ميزان أهل مكة, عن ابن عمر أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: " الوزن وزن أهل مكة ".

 

لهذا كله فإن الذهب والفضة هما النقدان المعترف بهما في الإسلام وهما نقدا الدولة الإسلامية القائمة قريباً بإذن الله, ولا يجوز أن يتخذ أي نقد آخر أساسا للتقدير سوى الذهب والفضة فكون الشرع قد نص على هذا النقد بهذه الأحكام المتعلقة به وحده والمرتبطة به أنه الذهب والفضة دليل واضح على أن النقد يجب أن يكون من الذهب والفضة أو أساسه الذهب والفضة. فكان لا بد من التزام ما عينته الأحكام من نوع النقد فيجب أن يكون النقد في الإسلام هو الذهب والفضة.

 

ومع أنه يجوز التبادل والتقدير بين الناس بغير الذهب والفضة إلا أنه لا يجوز أن يكون المقياس النقدي إلا الذهب والفضة وهذا معنى أن الإسلام لم يتدخل في وسائل التبادل والتقدير إلا أنه تدخل في تحديد المقياس النقدي لها.

 

لعل الطريقة المثلى لفهم أحكام شرعنا الحنيف من قبل الناس، العامة منها والخاصة هو بتطبيقها في المجتمع وتسيير أمور حياتهم حسبها فهي الطريقة العملية لفهم الأحكام وإحسان تطبيقها ... جعل الله ذلك اليوم قريباً بإذنه تعالى.

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

03 من محرم 1435

الموافق 2013/11/06م

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

باب في قوله تعالى وأنذر عشيرتك الأقربين

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي "بتصرف" في " باب في قوله تعالى ((وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ))

 

حدثنا قتيبة بن سعيد وزهير بن حرب قالا: حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن موسى بن طلحة عن أبي هريرة قال: لما أنزلت هذه الآية ((وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فاجتمعوا فعم وخص فقال: يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لكم من الله شيئا غير أن لكم رحما سأبُلَها بِبِلالِها".

 

 

 

أيها المستمعون الكرام:

 

نحن أمام واجب من الواجبات العظيمة التي حددها الإسلام والتي قصّر فيها الكثير منا، واجب إنذار العشيرة ودعوة الأقربين، فقد دعا القرآن الكريم والسنة النبوية لذلك؛ بل كانت دعوة المرسلين جميعهم من قبل، من لدن نوح عليه السلام إلى آخرهم محمد- صلى الله عليه وسلم- فقد ظل نوح يدعو ابنه إلى أن جاءه من الله أنه ليس من أهلك، وكذلك سيدنا إبراهيم حيث أثنى الله عليه بقوله تعالى: ((وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ))

 

وكذلك موسى عليه السلام، في طلبه من الله تعالى: ((وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي. اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي. وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)). وقد امتثل سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم بذلك خير الامتثال، فعندما نزلت هذه الآية ((وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)) وقف-صلى الله عليه وسلم- على الصفا وبدأ ينادي بطون قريش واحدا واحدا، ويحذرهم من النار، وبأنه لن يغني عنهم من الله شيئا، ولم يكن هذا الأمر بالشيء اليسير، فقد غضب القوم من فعله، ولم يرق لهم ما قال وفعل، وعلى رأسهم عمه أبو لهب، فوقف ينفض يديه ويقول : تباً لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله ((تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ))

 

أيها المسلمون:

 

يا من التزمتم بالإسلام وأحكامه، ويا من حملتم دعوته للعالم بأسره، لا يغفلنّ أحدكم عن دعوة أهله، أقرب الناس إليه، وأكتفي في هذا المقام بأن أذكركم بموقف سيد الأوس سعد بن معاذ- رضي الله عنه- الذي اهتز لموته عرش الرحمن، فقد وقف أمام قومه قائلا: إن كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله، فما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلماً أو مسلمة، كما جاء في رواية ابن إسحاق. إنها سيرة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، هكذا يعمر الكون بدين الله، ولا خير في كون لا دين فيه، لا معنى لحياة بلا دين وتسليم لرب العالمين خالق الأكوان، فيا من تعيشون دون تطبيق لأحكام الله، كيف تعيشون؟ ألم يأتكم كلام حملة الدعوة طالبين منكم الالتزام بأحكام رب العالمين؟ أم تحبون أن يخاطبكم الله تعالى كما خاطب أبا لهب؟ كلا والله ما أحسبكم تحبون ذلك، فلئن غابت الدولة الإسلامية عن الوجود، وعشتم في زمن الحكم بغير ما أنزل الله، ولئن اعتلى صهوة الحكم في بلاد المسلمين حكام عملاء للغرب الكافر ، فلا يعني هذا أن ندير ظهورنا إلى من ينذرنا، ونفتح قلوبنا إلى أحكام الكفر وأفكاره. فنحن في سفينة واحدة، لا نسمح لبعضنا أن يخرق فيها خرقا، وكل منا على ثغرة من ثغر الإسلام، فلا يؤتين من قبله، نسأل الله العظيم رب العرش العظيم، أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. اللهم آمين.

 

مستمعينا الكرام، والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله،

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم

 

04 من محرم 1435

الموافق 2013/11/07م

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

 

باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي"بتصرف" في" باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم".

 

حدثنا هناد بن السري حدثنا ابن المبارك عن عكرمة بن عمار حدثني سماك الحنفي قال: سمعت ابن عباس يقول: حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاث مائة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل نبي الله- صلى الله عليه وسلم- القبلة ثم مد يديه، فجعل يهتف بربه: اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض، فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل ((إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ)). فأمده الله بالملائكة، قال أبو زميل فحدثني ابن عباس قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة.

 

لقد خلق الله تعالى الناس على هذه البسيطة ليسعدوا في الدارين لا ليشقوا.

 

ما أجهل الإنسان؟! وكم هو مسكين؟! وكم هو مثير للشفقة؟! وكم هو غضيب لئيم عندما يركب رأسه ويفسق ويفجر؟!، ((إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ * بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا)).

 

خلقه الله تعالى وأنزل له منهاجا وطريقا واضحا وصحيحا ليسير عليه فيسعد، فانطلق بكل قواه وبأقصى سرعته في طريق التعاسة، ينشدها ويطلبها، فهي ضالته المنشودة.

 

أيها المسلمون:

 

لما التزم المسلمون الأوائل بأحكام الله تعالى بحثا عن رضاه، وساروا على سنة ونهج نبيهم الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ذاقوا ما لم يذقه أحد على وجه البسيطة من السعادة والهناء والرضا، لما رضوا عن الله رضي الله عنهم، ولما كانوا مع الله كان الله معهم، ففي معركة بدر الكبرى نزلت ملائكة السماء الثالثة تقاتل معهم، لا لشيء إلا لأنهم صدقوا الله فصدقهم الله.

 

أيها المسلمون:

 

من سيقاتل معكم؟ ملائكة السماء أم شياطين الأرض في هذا الزمان؟ من سيمدكم بجيش النصرة؟ بل كيف تتجرؤون على رفع أكفكم بالدعاء طالبين النصر من العزيز الجبار؟ وكأنكم أنجزتم ما عليكم ولم يبق إلا استجابة المولى لكم. الله تعالى يغضب إن لم تدعوه، هذا صحيح، ولكن الله تعالى يغضب أشد الغضب أيضا إن أحكامه انتهكت، يغضب ممن يغرق في المعاصي آناء الليل وأطراف النهار رافعا كفيه وصوته: اللهم نصرك الذي وعدت"، كيف يكون النصر وعلى المسلمين حكام يحكمونهم بدساتير الكفر البواح؟ كيف تتنزل ملائكة السماء الثالثة أو الرابعة وليس على الأمة إمام يأخذ بيدها إلى برّ الأمان، إلى رضا الله تعالى؟

 

عودي - أيتها الأمة- إلى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى ما كان عليه الصحابة الكرام- رضوان الله عليهم- إلى المكانة التي رضيها الله تعالى لكِ، خير أمة أخرجت للناس.

 

اللهم اجعل لنا من أمرنا رشدا، ومكن لنا بالأرض كما مكنت للذين من قبلنا، وابعث لنا مددا من جندك، يقاتل معنا ونقاتل معه، وما ذلك عليك بعزيز. اللهم آمين آمين.

 

احبتنا الكرام، والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم

 

09 من محرم 1435

الموافق 2013/11/12م

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مع الحديث الشريف

 

 

ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد

 

 

نحييكم جميعاً أيها الأحبة المستمعون في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم : مع الحديث الشريف، ونبدأ بخير تحية فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

‏عَنْ‏ ‏ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ ‏‏عَنْ‏ ‏أَبِيهِ ‏قَالَ: ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"‏ ‏مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِالْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ". رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.

 

قال ابن تيمية رحمه الله تعالى:[ذم النبي صلى الله عليه وسلم الحرص على المال والشرف وهو الرياسة والسلطان وأخبر أن ذلك فوق إفساد الذئبين الجائعين لزريبة الغنم وذلك إذا أدّيا بصاحبهما إلى الإبطاء عن طاعة الله ومحبته وإتباع هواه فيما أتاه الله، والنكول حال الحرب والقتال في سبيل الله فبهذه الخِصال يكتسب المهانة والذم في الدنيا والآخرة، أمّا إذا ابتغى بالمال والسلطان وجه الله والقيام بالحق والدار الآخرة والاستعانة بهما على طاعة الله والجهاد في سبيله فهذا من أكبر نعم الله تعالى على عباده].

 

مستمعينا الكرام

 

إن حال الأمة اليوم هو كحال حظيرة الغنم التي دخلت إليها الذئاب الجائعة وهم الحكام فهم ذئاب مسعورة تؤذي وتقتل وتعيث الفساد في الأرض تهلك الحرث والنسل، فاستولوا على مال الأمة وثرواتها وألغوا سلطانها ورفضوا إتباع منهج الله تعالى وتحكيم شرعه وعطّلوا الجهاد في سبيله امتثالاً لأمر أسيادهم المستعمرين فأحاط بهم الذل والمهانة إحاطة السوار بالمعصم، ولكي تستريح الأمة وتأمن على دينها ودنياها لا بد من الخلاص من تلك الذئاب، لا بد من قلع تلك الفئة العفنة من الحكام من جذورهم، وهذا لن يكون إلا بالعمل الجاد لإقامة دولة الخلافة الراشدة وبتحرك مراكز القوة في الأمة، فيهوي سيف الخلافة على تلك الرقاب فيقطعها فتُذَل في الدنيا وفي الآخرة عذاب عظيم، فتخلوا ساحة الأمة من الذئاب ولا تبقى إلاّ الأسود تصول وتجول حماية لدين الله وحمله إلى العالم.

 

مستمعينا الكرام

 

وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

10 من محرم 1435

الموافق 2013/11/13م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

 

مع الحديث الشريف

 

 

من حالت شفاعته دون حد من حدود الله

Share on facebooklisten.gifprint.gifgroup.png

 

 

نحييكم جميعاً أيها الأحبة في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم : مع الحديث الشريف، ونبدأ بخير تحية فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ‏مَنْ ‏ ‏حَالَتْ ‏ ‏شَفَاعَتُهُ ‏ ‏دُونَ ‏ ‏حَدٍّ ‏ ‏مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى ‏ ‏يَنْزِعَ ‏ ‏عَنْهُ وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ ‏‏رَدْغَةَ الْخَبَالِ ‏حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ ". رواه أبو داود في سننه.

 

جاء في عون المعبود شرح سنن أبي داود( قوله صلى الله عليه وسلم ( رَدْغَة الْخَبَال ) ‏‏: قَالَ فِي النِّهَايَة هِيَ طِين وَوَحْل كَثِير. وَقَالَ فِي الْأَصْل الْفَسَاد، وَجَاءَ تَفْسِيره فِي الْحَدِيث أَنَّ الْخَبَال عُصَارَة أَهْل النَّار).

 

قال ابن تيمية رحمه الله تعالى:[فإن الحكم بين الناس يكون في الحدود والحقوق وهذا قِسمه الأول ويجب إقامته على الشريف والوضيع والضعيف ولا يحل تعطيله، لا بشفاعة ولا بهدية ولا بغيرهما ومن عطّله وهو قادر على إقامته فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً وهو ممن اشترى بآيات الله ثمناً قليلاً، ولهذا قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لا بد من إمارة برة كانت أو فاجرة. فقيل: يا أمير المؤمنين هذه البرة قد عرفناها فما بال الفاجرة؟قال: يُقام بها الحدود وتؤمّن بها السبل ويجاهد بها العدو ويقسم بها الفيء].

 

إن حكام هذا الزمان بعدم حكمهم بما أنزل الله وهم قادرين على ذلك، وبتعطيلهم إقامة الحدود الشرعية وهم قادرين على ذلك، وبتعطيلهم الجهاد في سبيل الله وهم قادرين على ذلك، وبرفضهم نصرة دين الله وهم قادرين على ذلك، استحقوا لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، واستحقوا خلعهم عن سدة الحكم فهم لا يُقيمون إلا الحدود المصطنعة بين المسلمين، ولا يقاتلون إلا المسلمين الذين عصم الله دماءهم ولا يُؤمّنون السبل إلا للكفار يعيثون في البلاد والعباد الفساد، يستأثرون بالثروات والمليارات وشعوبهم جياع وكأن تلك المليارات من كدّهم وكدّ آبائهم وأمهاتهم، إن هؤلاء الحكام الخونة اللصوص لن يُطيح بهم إلا العمل الجاد مع العاملين لإقامة دولة الخلافة والتي تُقيم الحدود وتُؤمّن السبل وتجاهد في سبيل الله لحمل الإسلام رسالة إلى الناس كافة.

 

وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

11 من محرم 1435

الموافق 2013/11/14م

 

 

 

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

 

باب قتل أبي جهل

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف"

 

ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي "بتصرف" في "باب قتل أبي جهل"

 

حدثنا علي بن حجر السعدي أخبرنا إسماعيل يعني ابن علية حدثنا سليمان التيمي حدثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ينظر لنا ما صنع أبو جهل؟ فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برك، قال: فأخذ بلحيته فقال آنت أبو جهل؟ فقال: وهل فوق رجل قتلتموه أو قال قتله قومه؟ قال: وقال أبو مجلز: قال أبو جهل: فلو غير أكار قتلني".

 

قوله: ( وهل فوق رجل قتلتموه ) أي: لا عار علي في قتلكم إياي.

 

قوله: ( لو غير أكار قتلني ! ) ( الأكار ): الزراع والفلاح، وهو عند العرب ناقص، وأشار أبو جهل إلى ابني عفراء اللذين قتلاه وهما من الأنصار، وهم أصحاب زرع ونخيل، ومعناه: لو كان الذي قتلني غير أكار لكان أحب إلي وأعظم لشأني، ولم يكن علي نقص في ذلك.

 

ونحن نحاول فهم ما يحدث لهذه الأمة الكريمة، يطل علينا برأسه الأشعث وقلبه الأسود، وعقله الأغبر عبر طول المسافات والقرون أبو جهل من جديد، فأبو جهل ما زال يخطب بالناس ويقول: " أيها الناس لقد أصبحتُ سلطانا عليكم فاكسروا أصنامكم بعد ضلال، واعبدوني، إنني لا أتجلى دائما فاجلسوا فوق رصيف الصبر، حتى تبصروني، اتركوا أطفالكم من غير خبز واتركوا نساءكم من غير بعل واتبعوني احمدوا الله على نعمته، فلقد أرسلني كي أكتب التاريخ، والتاريخ لا يكتب دوني". والمؤيدون يهتفون ويصفقون،

 

أيها المسلمون:

 

الجاهلية حالة متكررة وليست مرتبطة بفترة زمنية محددة أو بأبي جهل، وأي مجتمع يعرض عن منهج الله عز وجل ويخالف الفطرة التي فطر الله عز وجل الناس عليها فهو مجتمع جاهلي.

 

والجاهلية التي تعيشها الأمة اليوم أسوأ حالاً من الجاهلية الأولى؛ فالعرب على الرغم من الموبقات التي كانوا يرتكبونها كوأد البنات والزنى وشرب الخمر، كانت لديهم مآثر وأخلاق فاضلة يتمسكون ويتفاخرون بها، كالكرم والشجاعة والحلم والنجدة والعفة والوفاء بالعهد والغيرة على الأعراض وغيرها، وقد وصف القرآن الكريم هذه الجاهلية، وعرض أبرز أمراضها وظواهر التفسخ والانحلال فيها، ولعل أبرزها:

 

الظلم والجريمة والتكبر والإسراف والتعالي والانحراف والشك والفساد والتخريب في الأرض وسفك الدماء والسخرية من الحق والتبعية العمياء لقادة الضلال والفساد، واتباع الشهوات والأهواء. وبهذا الوصف القرآني نعرف أن المجتمع الجاهلي هو ذلك المجتمع الذي يرفض الإيمان بالله، وينحرف بسلوكه ونظام حياته عن منهج الله، بغض النظر عن كونه مجتمعاً أمياً كمجتمع الرعي والبداوة العربية، أو كونه مجتمعاً يعيش في عصر الذرة والعقل الالكتروني وغزو الفضاء. وبهذا الوصف ندرك أن أبا جهل حالة متكررة لا تزال تعيش في بلادنا، في اليمن والسودان في الهند وباكستان.. وفي كل البلاد.

 

أيها المسلمون:

 

لقد قتل ابنا عفراء أبا جهل أول مرة، فمن يقتل أبا جهل مرة ثانية فيقتل بقتله الجاهلية الثانية، ويقيم دولة الحق على أنقاضها، ويرفع عن الأمة بلاءها؟ نسأل الله أن يعجل لنا بإزالتهم أجمعين من دنيا المسلمين، ونحكّم فينا القرآن الكريم، من خلال دولة يحكمها خليفة المسلمين. اللهمّ آمين آمين.

 

احبتنا الكرام، والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

08 من محرم 1435

الموافق 2013/11/11م

 

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مع الحديث الشريف

 

دائرة الأمن الداخلي

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

روى البخاري في صحيحه قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الذُّهْلِيُّ حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: إِنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ كَانَ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرَطِ مِنْ الْأَمِيرِ

 

 

 

جاء في كتاب فتح الباري لابن حجر:

 

قَوْله ( حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن خَالِد )

 

قَالَ الْحَاكِم وَالْكِلَابَاذِيّ: فَكَأَنَّهُ نَسَبَهُ إِلَى جَدّ أَبِيهِ لِأَنَّهُ مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عَبْد اللَّه بْن خَالِد بْن فَارِس

 

قَوْله ( حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ )

 

هَكَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَفِي رِوَايَة أَبِي زَيْد الْمَرْوَزِيِّ " حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيّ مُحَمَّد " فَقَدَّمَ النِّسْبَة عَلَى الِاسْم وَلَمْ يُسَمِّ أَبَاهُ.

 

قَوْله ( أَنَّ قَيْس بْن سَعْد )

 

زَادَ فِي رِوَايَة الْمَرْوَزِيِّ " اِبْن عُبَادَةَ " وَهُوَ الْأَنْصَارِيّ الْخَزْرَجِيّ الَّذِي كَانَ وَالِده رَئِيس الْخَزْرَج.

 

قَوْله ( كَانَ يَكُون بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )

 

قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : فَائِدَة تَكْرَار لَفْظ الْكَوْن إِرَادَة بَيَان الدَّوَام وَالِاسْتِمْرَار اِنْتَهَى ..

 

قَوْله ( بِمَنْزِلَةِ صَاحِب الشُّرُطَة مِنْ الْأَمِير )

 

زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيّ عَنْ الْحَسَن بْن سُفْيَان عَنْ مُحَمَّد بْن مَرْزُوق عَنْ الْأَنْصَارِيّ " لِمَا يُنَفِّذ مِنْ أُمُوره " وَهَذِهِ الزِّيَادَة مُدْرَجَة مِنْ كَلَام الْأَنْصَارِيّ، بَيَّنَ ذَلِكَ التِّرْمِذِيّ، فَإِنَّهُ أَخْرَجَ الْحَدِيث عَنْ مُحَمَّد بْن مَرْزُوق إِلَى قَوْله " الْأَمِير" ثُمَّ قَالَ " قَالَ الْأَنْصَارِيّ لِمَا يَلِي مِنْ أُمُوره" وَقَدْ خَلَتْ سَائِر الرِّوَايَات عَنْهَا، وَقَدْ تَرْجَمَ اِبْن حِبَّان لِهَذَا الْحَدِيث " اِحْتِرَاز الْمُصْطَفَى مِنْ الْمُشْرِكِينَ فِي مَجْلِسه إِذَا دَخَلُوا عَلَيْهِ" وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ فَهِمَ مِنْ الْحَدِيث أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لِقَيْسِ بْن سَعْد عَلَى سَبِيل الْوَظِيفَة الرَّاتِبَة، وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الْأَنْصَارِيّ رَاوِي الْحَدِيث.

 

وَالشُّرُطَة بِضَمِّ الْمُعْجَمَة وَالرَّاء وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا شُرُطِيّ بِضَمَّتَيْنِ وَقَدْ تُفْتَح الرَّاء فِيهِمَا هُمْ أَعْوَان الْأَمِير، وَالْمُرَاد بِصَاحِبِ الشُّرُطَة كَبِيرهمْ، فَقِيلَ سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ رُذَالَة الْجُنْد،

 

وَمِنْهُ فِي حَدِيث الزَّكَاة " وَلَا الشُّرَط اللَّئِيمَة " أَيْ رَدِيء الْمَال، وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ الْأَشِدَّاء الْأَقْوِيَاء مِنْ الْجُنْد، مِنْهُ فِي حَدِيث الْمَلَاحِم " وَتُشْتَرَط شُرُطَة لِلْمَوْتِ" أَيْ مُتَعَاقِدُونَ عَلَى أَنْ لَا يَفِرُّوا وَلَوْ مَاتُوا. قَالَ الْأَزْهَرِيّ: شُرَط كُلّ شَيْء خِيَاره وَمِنْهُ الشُّرَط لِأَنَّهُمْ نُخْبَة الْجُنْد. وَقِيلَ هُمْ أَوَّل طَائِفَة تَتَقَدَّم الْجَيْش وَتَشْهَد الْوَقْعَة، وَقِيلَ سُمُّوا شُرَطًا لِأَنَّ لَهُمْ عَلَامَات يُعْرَفُونَ بِهَا مِنْ هَيْئَة وَمَلْبَس وَهُوَ اِخْتِيَار الْأَصْمَعِيّ، وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ أَعَدُّوا أَنْفُسهمْ لِذَلِكَ يُقَال أَشْرَطَ فُلَان نَفْسه لِأَمْرِ كَذَا إِذَا أَعَدَّهَا قَالَهُ أَبُو عُبَيْد، وَقِيلَ مَأْخُوذ مِنْ الشَّرِيط وَهُوَ الْحَبْل الْمُبْرَم لِمَا فِيهِ مِنْ الشِّدَّة. وَقَدْ اُسْتُشْكِلَتْ مُطَابَقَة الْحَدِيث لِلتَّرْجَمَةِ فَأَشَارَ الْكَرْمَانِيُّ إِلَى أَنَّهَا تُؤْخَذ مِنْ قَوْله:" دُونَ الْحَاكِم " لِأَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَ، وَهَذَا جَيِّد إِنْ سَاعَدَتْهُ اللُّغَة، وَعَلَى هَذَا فَكَأَنَّ قَيْسًا كَانَ مِنْ وَظِيفَته أَنْ يَفْعَل ذَلِكَ بِحَضْرَةِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرِهِ سَوَاء كَانَ خَاصًّا أَمْ عَامًا. وَفِي الْحَدِيث تَشْبِيه مَا مَضَى بِمَا حَدَثَ بَعْدَهُ، لِأَنَّ صَاحِب الشُّرُطَة لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي الْعَهْد النَّبَوِيّ عِنْدَ أَحَد مِنْ الْعُمَّال " وَإِنَّمَا حَدَثَ فِي دَوْلَة بَنِي أُمَيَّة فَأَرَادَ أَنَس تَقْرِيب حَال قَيْس بْن سَعْد عِنْد السَّامِعِينَ فَشَبَّهَهُ بِمَا يَعْهَدُونَهُ ".

 

في هذا الحديث دلالة على مشروعية إنشاء دائرة للأمن الداخلي في دولة الخلافة.

 

ومنه تبنى حزب التحرير في دستوره لدولة الخلافة القادمة بإذن الله تعالى إنشاء الجهاز السادس من أجهزة الدولة وهي:

 

دائرة الأمن الداخلي: وهي جهاز مستقل يتبع مباشرة للخليفة شأنه شأن باقي أجهزة الدولة .... ويكون لها في كل ولاية فرع يسمى إدارة الأمن الداخلي، ويرأس دائرة الأمن الداخلي مدير الأمن الداخلي، بينما يرأس إدارة الأمن الداخلي صاحب الشرطة في الولاية، ويكون صاحب الشرطة تابعأ للوالي من حيث التنفيذ، أما من حيث الإدارة فيكون تابع لدائرة الأمن الداخلي ... وينظم ذلك بقانون خاص.

 

والشرطة في دولة الخلافة قسمان:

 

شرطة الجيش: وهي فرقة في الجيش لها علامة، تتقدم الجيش لضبط أموره فهي جزء من الجيش تتبع لأمير الجهاد، أي لدائرة الحربية.

 

الشرطة التي بين يدي الحاكم: وهذه تكون بلباس خاص وعلامات مميزة، وعملها هو حفظ الأمن.

 

ودائرة الأمن الداخلي هي الدائرة التي تتولى إدارة كل ما له مساس بالأمن وتتولى حفظ الأمن في البلاد بواسطة الشرطة، فهي الوسيلة الرئيسية لحفظ الأمن، لذا فلدائرة الأمن أن تستخدم الشرطة في كل وقت تريد وكما تريد، وأمرها نافذ فوراً، أما إذا دعتها الحاجة للاستعانة بالجيش فإن عليها أن ترفع الأمر للخليفة، وله أن يأمر الجيش بإعانة دائرة الأمن الداخلي أو يأمرهم بإمدادها بقوات عسكرية لمساعدتها في حفظ الأمن أو بأي أمر يراه الخليفة ... كما له أن يرفض طلبها ويأمرها بالاكتفاء بالشرطة.

 

أما الأعمال التي تهدد الأمن الداخلي للدولة فأبرزها:

 

الرّدة عن الإسلام:

 

البغي: أي ( الخروج على الدولة ) وهو على نوعين:

 

الخروج على الدولة بالسلاح

 

القيام بأعمال الهدم التخريب، كالإضرابات، أو احتلال المراكز الحيوية في الدولة والاعتصام فيها، مع الاعتداء على ممتلكات الأفراد أو الممتلكات العامة أو ممتلكات الدولة

 

الحرابة: وهي عمل قطاع الطرق الذين يتعرضون للناس ويقطعون الطريق، ويسلبون الأموال ويزهقون الأرواح ...

 

السرقة والنهب والسلب والاختلاس والتعدي على أنفس الناس بالضرب والجرح والقتل وعلى أعراضهم بالتشهير والقذف والزنا.

 

أهل الريب الذين يترددون على مسؤولي الدول المحاربة للدولة فعلاً أو حكماً مما يخشى منه الضرر والخطر على الدولة وعلى المسلمين

 

هذه هي دائرة الأمن الداخلي الجهاز السادس من أجهزة دولة الخلافة ... نسأل الله تعالى أن يعجل بعودتها ليعيش المسلمون الأمن الذي حرموه تحت حكم دول الجور وحكامها الطواغيت.

 

احبتنا الكرام وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

12 من محرم 1435

الموافق 2013/11/15م

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

مع الحديث الشريف

 

من آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

 

الرفق

 

 

 

 

 

 

نُحَيِّيكُمْ جَميعاً أَيُّهَا الْأَحِبَّةُ الْمُسْتَمِعُونَ فِي كُلِّ مَكَانٍ فِي حَلْقَةٍ جَدِيدَةٍ مِنْ بَرْنَامَجِكُمْ مَعَ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ وَنَبْدَأُ بِخَيْرِ تَحِيَّةٍ فَالسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ

 

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اسْتأْذنَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: السّامُ عَلَيْكُمْ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: بَلْ عَلَيْكُمُ السّامُ وَاللّعْنَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّه صلى الله عليه وسلم : «يَا عَائِشَةُ إِنّ اللّهَ يُحِبُّ الرّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ»، قَالَتْ: أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: «قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ».رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ. وَيُعْطِي عَلَىَ الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَىَ الْعُنْفِ. وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَىَ مَا سِوِاهُ». وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى«إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ زَانَهُ، وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ شَانَهُ».

 

مُسْتَمِعِينَا الْكِرَامُ

 

الرِّفْقُ هُوَ اللُّطْفُ فِي الْقَوْلِ وَاللِّينِ فِي الْمُعَامَلَةِ. فَعَلَى مَنْ أَمَرَ بِمَعْرُوفٍ وَنَهَى عَنْ مُنْكَرٍ أَنْ يَتَلَطَّفَ فِي قَوْلِهِ، وَيَلِينَ فِيهِ، وَلاَ يَفْحَشَ، بَلْ يَتَخَيَّرُ الْأَلْفَاظَ الْمُؤَدَّبَةَ الَّتِي تَقَعُ فِي النُّفُوسِ مَوْقِعاً حَسَناً، فَإِنَّ الْكَلاَمَ الْحَسَنَ مِفْتَاحُ الْقُلُوبِ. فَإِنْ لَمْ يَنْفَعْ ذَلِكَ جَازَ لَهُ الاِنْتِقَالُ إِلَى الشِّدَّةِ وَالتَّرْهِيبِ وَالتَّخْوِيفِ.

 

وَقَدْ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ فَصْلاً فِي كِتَابِ (الْأَذْكَارِ)، فِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِي عَنِ الْمُنْكَرِ، وَكُلُّ مُؤَدَّبٍ، أَنْ يَقُولَ لِمَنْ يُخَاطِبُهُ فِي ذَلِكَ: وَيْلَكَ، وَيَا ضَعِيفَ الْحَالِ، وَيَا قَلِيلَ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ، أَوْ يَا ظَالِمَ نَفْسِهِ، وَأَوْرَدَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: حَدِيثَ عَدِيِّ بْنَ حَاتِمٍ الثَّابِتِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: أَنَّ رَجُلاً خَطَبَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ، فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا، فَقَدْ غَوَى. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ، قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ». وَرَوَى فِيهِ حَدِيثَ جَابِرٍ بْنَ عَبْدِ اللهِ: أَنَّ عَبْداً لِحَاطِبَ جَاءَ يَشْكُو حَاطِباً، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبُ النَّارَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كَذَبْتَ، لاَ يَدْخُلُهَا فَإِنَّهُ شَهِدَ بَدْراً وَالْحُدَيْبِيَةَ». وَذَكَرِ فِيهِ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم لِصَاحِبِ الْبُدْنَةِ: «وَيْلَكَ ارْكَبْهَا». وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِذِي الْخُوَيْصِرَةِ: «وَيْلَكَ فَمَنْ يَعْدِلُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ».

 

جَاءَ فِي (الْعَوَاصِمِ وَالْقَوَاصِمِ) لِمُحَمَّدٍ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْوَزِيرِ الْيَمَانِيِّ " وَاعْلَمْ أَنَّ لِلزَّجْرِ وَالتَّخْوِيفِ بِالْأَلْفَاظِ الْغَلِيظَةِ شُرُوطاً أَرْبَعَةً: شَرْطَيْنِ فِي الْإِبَاحَةِ، وَهُمَا: أَنْ لاَ يَكُونَ الْمَزْجُورُ مُحِقّاً فِي قَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ، وَأَنْ لاَ يَكُونُ الزَّاجِرُ كَاذِباً فِي قَوْلِهِ، فَلاَ يَقُولُ لِمَنْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهاً: يَا عَاصِي، وَلاَ لِمَنِ ارْتَكَبَ ذَنْباً لاَ يَعْلَمُ كُبْرَهُ: يَا فَاسِقُ، وَلاَ لِصَاحِبِ الْفِسْقِ -مِنَ الْمُسْلِمِينَ-: يَا كَافِرُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَشَرْطَيْنِ فِي النَّدْبِ، وَهُمَا: أَنْ يَظُنَّ الْمُتَكِلِّمُ أَنَّ الشِّدَّةَ أَقْرَبَ إِلَى قُبُولِ الْخَصْمِ لِلْحَقِّ، أَوْ إِلَى وُضُوحِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِنِيَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَلاَ يَفْعَلُهُ لِمُجَرَّد دَاعِيَةَ الطَّبِيعَةِ".

 

وَالرِّفْقُ وَاجِبٌ مَعَ الْأَبَوَيْنِ بِخَاصَّةٍ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ: "إِذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ وَلَا إسَاءَةٍ وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بنِ يُوسُفَ: إذَا كَانَ أَبَوَاهُ يَبِيعَانِ الْخَمْرَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ طَعَامِهِمْ وَخَرَجَ عَنْهُمْ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بنِ هَانِئٍ: إذَا كَانَ لَهُ أَبَوَانِ لَهُمَا كَرْمٌ يَعْصِرَانِ عِنَبَهُ وَيَجْعَلَانِهِ خَمْرًا يَسْقُونَهُ يَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلُوا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِمْ وَلَا يَأْوِي مَعَهُمْ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ".وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنَ عَمْرو بْنَ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ‏«مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ‏.‏ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: ‏نَعَم، يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ، فَيَسُبُّ أُمَّهُ». ‏

 

فَالاِبْنُ يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمَا عَنِ الْمُنْكَرِ بِرِفْقٍ وَلِينٍ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعَنِّفَهُمَا أَوْ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْقُوَّةَ مَعَهُمَا.

 

 

مُسْتَمِعِينَا الْكِرَامُ وَإِلَى حِينِ أَنْ نَلْقَاكُمْ مَعَ حَدِيثٍ نَبَوِيٍّ آخَرَ نَتْرُكُكُمْ فِي رِعَايَةِ اللهِ وَالسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ .

 

14 من محرم 1435

الموافق 2013/11/17م

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

 

يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم مع الحديث الشريف، ونبدأ بخير تحية فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

 

عَنْ ‏ ‏أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ ‏ ‏قَالَ: سَمِعْتُ ‏ ‏عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو ‏ ‏يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "‏‏يُصَاحُ بِرَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ فَيُنْشَرُ لَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجِلًّا كُلُّ سِجِلٍّ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:‏ ‏هَلْ تُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَظَلَمَتْكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ ثُمَّ يَقُولُ أَلَكَ عَنْ ذَلِكَ حَسَنَةٌ؟ فَيُهَابُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ: بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَاتٍ وَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ، فَتُخْرَجُ لَهُ بِطَاقَةٌ فِيهَا (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ ‏ ‏مُحَمَّدًا ‏ ‏عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) قَالَ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ ‏ ‏فَطَاشَتْ ‏ ‏السِّجِلَّاتُ وَثَقُلَتْ الْبِطَاقَةُ" أَخْرَجَهُ اِبْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ, وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

 

جاء في شرحِ سُننِ ابنِ ماجه للسِّنْدِيِّ: قَوْلهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏(أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّه) ‏‏ قَالَ السُّيُوطِيُّ: قَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ: "لَيْسَتْ هَذِهِ شَهَادَةَ التَّوْحِيدِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمِيزَانِ أَنْ يُوضَعَ فِي كِفَّتِهِ شَيْءٌ وَفِي الْأُخْرَى ضِدُّهُ فَتُوضَعُ الْحَسَنَاتُ فِي كِفَّةٍ وَالسَّيِّئَاتُ فِي كِفَّةٍ، فَهَذَا غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَأْتِي بِهِمَا جَمِيعًا، وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ جَمِيعًا عَبْدٌ وَاحِدٌ يُوضَعُ الْإِيمَانُ فِي كِفَّةٍ وَالْكُفْرُ فِي كِفَّةٍ، فَكَذَلِكَ اِسْتَحَالَ أَنْ تُوضَعَ شَهَادَةُ التَّوْحِيدِ فِي الْمِيزَانِ، وَأَمَّا بَعْدَمَا آمَنَ الْعَبْدُ فَإِنَّ النُّطْقَ مِنْهُ بِ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) حَسَنَةٌ تُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ سَائِرُ الْحَسَنَات" ا ه قُلْتُ: "شَهَادَةُ التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ حَسَنَةٌ أَيْضًا فَإِنْ قَالَ لَيْسَ لَهُمَا مَا يُضَادُّهُمَا شَخْصًا وَإِنْ كَانَ مَا يُضَادّهُمَا نَوْعًا وَهِيَ السَّيِّئَةُ الْمُقَابِلَةُ لِلْحَسَنَةِ، فَيُرَادُ أَنَّ النُّطْقَ بِ (لَا إِلَه إِلَّا اللَّهُ) بَعْد الْإِيمَانِ لَيْسَ لَهُ مَا يُضَادُّ شَخْصَهُ أَيْضًا وَمَنْ لَمْ يَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَطُّ فَفِعْلُ الصَّلَاةِ مِنْهُ حَسَنَةٌ لَا يُقَابِلُهَا مِنْ السَّيِّئَاتِ مَا يُضَادُّهَا شَخْصًا فَلْيُتَأَمَّلْ... ‏".

 

وجاء عند الأحوذي في تحفته:" ‏قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏(بِطَاقَةٌ) ‏‏قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْبِطَاقَةُ رُقْعَةٌ صَغِيرَةٌ يُثْبَتُ فِيهَا مِقْدَارُ مَا تَجْعَلُ فِيهِ إِنْ كَانَ عَيْنًا فَوَزْنُهُ أَوْ عَدَدُهُ، وَإِنْ كَانَ مَتَاعًا فَثَمَنُهُ، قِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُشَدُّ بِطَاقَةٍ مِنْ. ‏‏وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْبِطَاقَةُ كَكِتَابَةِ الرُّقْعَةِ الصَّغِيرَةِ الْمَنُوطَةِ بِالثَّوْبِ الَّتِي فِيهَا رَقْمُ ثَمَنِهِ، سُمِّيَتْ لِأَنَّهَا تُشَدُّ بِطَاقَةٍ مِنْ هُدْبِ الثَّوْبِ.

 

‏ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَقَالَ فَإِنَّك لَا تُظْلَمُ) ‏‏أَيْ لَا يَقَعُ عَلَيْك الظُّلْمُ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ اِعْتِبَارِ الْوَزْنِ كَيْ يَظْهَرَ أَنْ لَا ظُلْمَ عَلَيْك فَاحْضُرْ الْوَزْنَ. قِيلَ وَجْهُ مُطَابَقَةِ هَذَا جَوَابًا لِقَوْلِهِ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ؟ أَنَّ اِسْمَ الْإِشَارَةِ لِلتَّحْقِيرِ كَأَنَّهُ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مَعَ هَذِهِ الْبِطَاقَةِ الْمُحَقَّرَةِ مُوَازَنَةٌ لِتِلْكَ السِّجِلَّاتِ، فَرَدَّ بِقَوْلِهِ إِنَّك لَا تُظْلَمُ بِحَقِيرَةٍ، أَيْ لَا تُحَقِّرُ هَذِهِ فَإِنَّهَا عَظِيمَةٌ عِنْدَهُ سُبْحَانَهُ إِذْ لَا يَثْقُلُ مَعَ اِسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ وَلَوْ ثَقُلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَظُلِمْت. ‏

 

‏ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَعَ اِسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ) ‏‏وَالْمَعْنَى لَا يُقَاوِمُهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَعَاصِي بَلْ يَتَرَجَّحُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى جَمِيعِ الْمَعَاصِي. ‏

 

‏فَإِنْ قِيلَ: الْأَعْمَالُ أَعْرَاضٌ لَا يُمْكِنُ وَزْنُهَا وَإِنَّمَا تُوزَنُ الْأَجْسَامُ، أُجِيبَ بِأَنَّهُ يُوزَنُ السِّجِلُّ الَّذِي كُتِبَ فِيهِ الْأَعْمَالُ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ أَوْ أَنَّ اللَّهَ يُجَسِّمُ الْأَفْعَالَ وَالْأَقْوَالَ فَتُوزَنُ فَتَثْقُلُ الطَّاعَاتُ وَتَطِيشُ السَّيِّئَاتُ لِثِقَلِ الْعِبَادَةِ عَلَى النَّفْسِ وَخِفَّةِ الْمَعْصِيَةِ عَلَيْهَا، وَلِذَا وَرَدَ: "حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ". ‏

 

‏ ‏‏يقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميّةَ رحمهُ الله: والنوعُ الواحدُ من العملِ قد يفعَلُهُ الإنسانُ على وجهٍ يكمُلُ فيهِ إخلاصُهُ وعبوديّتُهُ لله، فيغفِرُ اللهُ به كبائرَ الذنوبِ كما في حديثِ البطاقة.

 

مستمعينا الكرام:

 

إنّ اللهَ عزَّ وجلَّ وَسِعَتْ رحمتُهُ كلَّ شيءٍ فسبحانَهُ مِنْ خالقٍ عظيمٍ مدبِّرٍ أجْزَلَ الثّوابَ على الأعمالِ وإنْ صَغُرَتْ، فعَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ: "‏إِنَّ شَجَرَةً كَانَتْ تُؤْذِي الْمُسْلِمِينَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَطَعَهَا فَدَخَلَ الْجَنَّةَ" وفي حديث آخر ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "‏مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ فَقَالَ وَاللَّهِ لَأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَا ‏ ‏يُؤْذِيهِمْ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ"، فإذا كانَ هذا ثوابَ مَن يرفَعُ الأذى عن طريقِ المسلمينَ فما بالُكُمْ بمنْ يرفعُ الأذى عن الأمةِ الإسلاميةِ جمعاء فيُزيلُ حكّامَ الضِّرارِ وأَذاهمْ ويقلَعُ أذى الكفّارِ المستعمرينَ لبلادِ المسلمينَ ويجعلُ مكانَهُ خلافةً راشدةً تحكُمُ الناسَ بالعدلِ وتمنعُ عنهم الأذى؟.

 

مستمعينا الكرام وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

15 من محرم 1435

الموافق 2013/11/18م

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مع الحديث الشريف

 

 

النفاق السياسي

Share on facebooklisten.gifprint.gifgroup.png

 

 

‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏"مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الزَّرْعِ لَا تَزَالُ الرِّيحُ تُمِيلُهُ وَلَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُصِيبُهُ الْبَلَاءُ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ شَجَرَةِ الْأَرْزِ‏ ‏لَا تَهْتَزُّ حَتَّى تَسْتَحْصِدَ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ

جاء في صحيح مسلم بشرح النووي بتصرف "‏ قوله صلى الله عليه وسلم (تميلها وتفيئها) فمعنى واحد، ومعناه: تقلبها الريح يمينا وشمالا، وقوله صلى الله عليه وسلم (تستحصد) أي: لا تتغير حتى تنقلع مرة واحدة كالزرع الذي انتهى يبسه. وأما (الأرزة) قال أهل اللغة والغريب: شجر معروف يقال له الأرزن، يشبه شجر الصنوبر يكون بالشام وبلاد الأرمن. قال العلماء: معنى الحديث أن المؤمن كثير الآلام في بدنه أو أهله أو ماله، وذلك مكفر لسيئاته، ورافع لدرجاته، وأما الكافر فقليلها، وإن وقع به شيء لم يكفر شيئا من سيئاته، بل يأتي بها يوم القيامة كاملة".

 

وجاء في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ‏‏‏قال الطيبي: التشبيه إما مفرق فيقدر للمشبه معان بإزاء ما للمشبه به وفيه إشارة إلى أن المؤمن ينبغي أن يرى نفسه عارية معزولة عن استيفاء اللذات والشهوات معروضة للحوادث والمصيبات مخلوقة للآخرة لأنها دار خلود..... ‏

 

‏فكذلك المنافق يقل بلاؤه في الدنيا لئلا يخف عذابه في العقبى قال الطيبي: "شبه قلع شجرة الصنوبر والأرزن في سهولته بحصاد الزرع فدل على سوء خاتمة الكافر".

 

لقد أصبح التلون في زمننا، والنفاق السياسي، عملة رائجة، وأصبح طريقا يسلكه السالكون طمعا في الدنيا وزهدا في الآخرة. والأدهى من ذاك، أن المتلون فقد الحياء وأصبح يدعو إلى التلون، فهو يتلون ويدعو غيره إلى التلون. فإذا قلت: أثبت على مبدئي وأفكاري وقناعاتي، احتقرك وسخر منك؛ لأن التلون عنده سنة والثبات بدعة، وبيع المبادئ مصلحة والثبات عليها مفسدة.

 

روى الإمام أحمد في كتاب الزهد: عن شقيق بن سلمة قال أتينا أبا مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري فقلنا له أوصنا قال: "اتقوا الله أعوذ من صباح النار إياكم والتلون في الدين ما عرفتم اليوم فلا تنكروه غدا وما أنكرتموه اليوم فلا تعرفوه غدا، وقصده لا تجعل المعروف اليوم منكرا، ولا تجعل في الغد المنكر معروفا؛ لأن المعروف معروف لا يتغير، والمنكر منكر لا يتبدل. ومتى تبدلت عندنا معايير المعروف والمنكر انطبق علينا قوله سبحانه وتعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. ومن أبرز علاماته عدم الثبات على الحق و"البرجماتية"، و"الواقعية"، فاليوم معك وغدا ضدك، واليوم عدوي وغدا صديقي، واليوم أكرهك وغدا أحبك، واليوم أعارضك وغدا أوافقك، واليوم أحل وغدا أحرم، وهكذا دواليك. قال حذيفة بن اليمان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب أحدكم أن يعلم أصابته الفتنة أم لا! فلينظر، فإن كان رأى حلالا كان يراه حراما، فقد أصابته الفتنة، وإن كان يرى حراما كان يراه حلالا فقد أصابتهنسأل الله السلامة والثبات على الحق.

 

 

 

16 من محرم 1435

الموافق 2013/11/19م

 

 

 

 

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

 

النهي عن الحلف بغير الله

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في صحيح الإمام مسلم "بتصرف" في " باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى"

 

حدثنا أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم". قال عمر: فوالله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها ذاكرا ولا آثرا.

 

في ظل غياب الإسلام عن واقع الحياة، وحلول الرأسمالية النتنة مكانه، انتشرت بين الناس عادة القسم والحلف بغير الله تعالى، فتجد المسلم يحلف تارة بأولاده، وتارة بشرفه، وتارة بالكعبة، وتارة بالنبي وتارة بالأمانة وغير ذلك... فالحلف بغير الله أو بغير صفة من صفاته محرم وهو نوع من الشرك، وعلى هذا فيحرم على المسلم أن يحلف بغير الله سبحانه وتعالى. فهذا نوع من الشرك والعياذ بالله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" من حلف بغير الله فقد أشرك " والحالف بغير الله كأن يحلف بالكـعبه وبالنبي أو بإبنه أو بأمه أو بأي شيء فإنه قد عظم هذا المحلوف به، وهذا التعظيم لا يصرف لغير الله، لأنه هو العظيم، وهذه من الأمور المنتشره بين الأمه، والتي اعتادت أن تحلف بها.

 

 

 

أيها المسلمون : بغياب الرعاية الصحيحة، والحاكم الحقيقي - خليفة المسلمين- الذي يزرع في الأمة المفاهيم الصحيحة، ظهرت هذه الأمور، فأصبح المسلمون يقومون بأعمال ويتفوهون بكلمات، وهم لا يدرون أنها من الشرك. لذلك، لزم أن تدرك الأمة هذه الأخطار، لتتجنبها، ولزم أن تدرك أيضا، أن ما وقعت فيه، إنما هو بسبب حكامها الذين تسلطوا على رقابها، وقتا طويلا، كان كافيا ليغيّر مفاهيمها الإسلامية، ويجعلها تسير وفق المفاهيم الغربية الرأسمالية، فأصبحت تتكلم بما يتكلمون تحلف بما يحلفون، والله المستعان على ما يصفون.

 

احبتنا الكرام، والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

20 من محرم 1435

الموافق 2013/11/23م

 

 

http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/index.php/contents/entry_31019

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

ما جاء في المزاح

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

ورد في سنن الترمذي - كتاب البر والصلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - باب ما جاء في المزاح

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَضَّاحِ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُخَالِطُنَا حَتَّى إِنْ كَانَ لَيَقُولُ لِأَخٍ لِي صَغِيرٍ يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ"

 

ورد في شرح الحديث في كتاب تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي

 

قوله: (عن أبي التياح) بفتح المثناة الفوقانية وتشديد التحتانية وآخره مهملة اسمه يزيد بن حميد مشهور بكنيته ثقة ثبت

 

قوله: (الضبعي) بضم الضاد المعجمة وفتح الموحدة.

 

قوله: (حتى كان يقول) غاية يخالط أي انتهى مخالطته لأهلنا حتى الصبي يلاعبه

 

قوله: (ما فعل النغير) بضم النون وفتح الغين المعجمة مصغر نغر بضم، ثم فتح طير كالعصفور محمر المنقار أهل المدينة يسمونه البلبل، أي ما شأنه وحاله قاله القسطلاني. وقال في القاموس: النغر كصرد البلبل جمعه نغران كصردان، انتهى. وقال في النهاية: النغير هو تصغير النغر وهو طائر يشبه العصفور أحمر المنقار، انتهى

 

إن هذا الحديث يدل على أمرين أولهما: هو جواز الكنية للصغير، والتحبيب فيها

 

أما الأمر الآخر: فهو الحث على ملاعبة الصغير، وممازحته، ففي هذا الأمر رحمة وبر بالأولاد، وتركه يعد من الجفاء والغلظة، فعن أبي هريرة قال: "أبصر الأقرع بن حابس النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقبل الحسن قال ابن أبي عمر الحسين أو الحسن فقال :إن لي من الولد عشرة ما قبلت أحدا منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه من لا يرحم لا يرحم "

 

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

21 من محرم 1435

الموافق 2013/11/24م

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

 

الألد الخصم

 

 

"مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي "بتصرف" في "باب في الألد الخصم"

 

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم".

 

قوله صلى الله عليه وسلم: (أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم) هو بفتح الخاء وكسر الصاد، و (الألد) شديد الخصومة مأخوذ من لديدي الوادي وهما جانباه; لأنه كلما احتج عليه بحجة أخذ في جانب آخر. وأما (الخصم) فهو الحاذق بالخصومة. والمذموم هو الخصومة بالباطل في رفع حق، أو إثبات باطل. والله أعلم

 

إن ديننا دين رحمة، وقد خاطب رب العالمين رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، وبعد ذلك يقول له (لهذه الرحمة): "ولو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك"، فكانت الرحمة مع الطفل ومع الشيخ ومع المرأة، بل ومع الحيوان، ومع ذلك نرى في أبناء الأمة اليوم، من ينظر لإخوانه المسلمين نظرة تشوبها الخصومة والعداء، لماذا؟ لأنهم لا يوافقونه الرأي مثلا، أو لا يرون ما يرى، وهذا الامر لا شك منبوذ، ذلك لأن المسلم مع المسلم رحيم، بل هو رحيم حتى مع الحيوان. عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة تعرش، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها". ورأى قرية نمل حرقناها فقال: "من حرق هذه؟" قلنا: نحن، قال: "إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار". رواه أبو داوود بإسناد صحيح.

 

نعم هذا هو ديننا أيها المسلمون، رحيم بالحيوان، أفلا نكون رحماء بيننا؟ ويبقى السؤال: كيف فقدت الرحمة بيننا؟ وأين ذهبت؟ وكيف تعود؟ لا شك أن الأجواء الماديه الرأسمالية التي نحياها اليوم بسبب حكامنا العملاء الخائنين لدينهم ولأمتهم، ولفكرها الإسلامي الصحيح، هي السبب في فقدان هذا الخلق الطيب، فعلى الأمة أن تعمل وبجد وبأقصى طاقة، كي تستعيد هذا الخلق الرفيع، وغيره من الأخلاق الطيبة، وذلك بإسقاط هؤلاء الحكام من عليائهم، وتنصيب خليفة بدلا منهم، يحكموننا بشرع الله وبخلق الرحمة، فنسعد في حياتنا، في الدنيا والآخرة. اللهم عجل لنا بذلك، اللهم آمين آمين.

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

22 من محرم 1435

الموافق 2013/11/25م

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

 

آداب الطعام والشراب وأحكامهما

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي "بتصرف " في " باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما "

 

حدثنا محمد بن المثنى العنزي حدثنا الضحاك، يعني أبا عاصم عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير عن جابر بن عبد الله ،أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء".

 

قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت. وإذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء) معناه: قال الشيطان لإخوانه وأعوانه ورفقته.

 

وفي هذا استحباب ذكر الله تعالى عند دخول البيت وعند الطعام.

 

يذكرنا هذا الحديث الشريف بمعركتنا مع الشيطان، تلكم المعركة الأساسية التي بدأ الشيطان الصراع بها مع بني آدم، وكيف لا نتذكرها ونحن نعيشها يوميا، ساعة بساعة، ولحظة بلحظة؟ كيف لا نتذكرها ونحن نكابد ما نكابده من عناء كلما استولى الشيطان علينا وأخذ يدير هذه المعركة، ويوجه دفتها نحوه؟ نعم أيها المسلمون، هذا هو حالنا مع الشيطان إن لم نتعلم كيفية التغلب عليه. ولسائل أن يسأل وكيف يمكن التغلب عليه؟ فنقول: يمكن ذلك من خلال كلمة واحدة هي: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" فبهذه الكلمة فقط يطرد ويبعد عن الطريق. إلا أن الكثير من المسلمين لا يعرفون التعامل مع الشيطان بسبب جهلهم وعدم معرفتهم لطرقه وأساليبه الخبيثة، فمنهم من يلعنه، ومنهم من يسبه ويشتمه، ومنهم لا يأخذ منه أي موقف، بل إن البعض لا يؤمن بوجوده أصلا طالما أنه لا يراه.

 

أيها المسلمون: لا يمكن إدراك هذه الحقيقة عند الجميع بشكل واضح، إلا إذا عاد المسلمون إلى مفاهيمهم الإسلامية، يتدارسونها ليعلموا أن الشيطان يلازم الإنسان منذ ولادته حتى وفاته، فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: "ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخا من نخسة الشيطان إلا ابن مريم وأمه" رواه أبو هريرة، وورد عنه صلى الله عليه وسلم قوله: "وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت" وهناك أحاديث كثيرة تتحدث عن صور كيد الشيطان للإنسان في أحواله المختلفة، كحاله عند الصلاة أو في الأسواق أو دخول البيت أو الطعام أو النوم.

 

ويبقى السؤال: متى يفقه المسلمون هذا الأمر من أحكام دينهم؟ بل متى يفقهوا أحكام الصلاة أو الزكاة أو الزواج أو الطلاق، أو البيع أو الشراء، أو أحكام الدين جميعها إن لزم؟ والجواب على ذلك لا يمكن للمسلمين أن يدركوا هذه الأحكام إلا إذا انتفضوا على حكامهم، الذين أبدلوهم بالثقافة الإسلامية ثقافة الشيطان الساقطة، فليس غريبا أن نرى اليوم شيخا في الثمانين من عمره، لا يتقن الصلاة على أصولها، وليس غريبا أن نرى الكثير من هذه الأمة لا يعبأ بالصلاة، فضلا عن الاهتمام بأحكام الإسلام الأخرى. فهؤلاء الحكام هم أس الداء وأصل البلاء فيما أصاب ويصيب الأمة في هذا الزمان، فهلا أدركت الأمة ذلك؟ وهلا أدركت فرضية العمل للتغيير وطريقته؟ نرجو الله أن يكون ذلك، اللهم آمين.

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

23 من محرم 1435

الموافق 2013/11/26م

 

 

http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/index.php/contents/entry_31094

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

 

توبة العبد المؤمن

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

ورد عند الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه:

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَاللَّفْظُ لِعُثْمَانَ قَالَ إِسْحَقُ أَخْبَرَنَا وَقَالَ عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: "دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَحَدَّثَنَا بِحَدِيثَيْنِ حَدِيثًا عَنْ نَفْسِهِ وَحَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ فِي أَرْضٍ دَوِّيَّةٍ مَهْلِكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ ثُمَّ قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِيَ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ" رواه مسلم

 

 

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فِي أَرْضِ دَوِّيَّةٍ مُهْلِكَةٍ) أَمَّا (دَوِّيَّةٍ ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الدَّوِّيَّةُ الْأَرْضُ الْقَفْرُ، وَالْفَلَاةُ

وَأَمَّا (الْمَهْلَكَةُ):

 

هِيَ مَوْضِعُ خَوْفِ الْهَلَاكِ

 

أما قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ): قَالَ الْعُلَمَاءُ: فَرَحُ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ رِضَاهُ

 

وَقَالَ الْمَازِرِيُّ:

 

الْفَرَحُ يَنْقَسِمُ عَلَى وُجُوهٍ مِنْهَا: السُّرُورُ، وَالسُّرُورُ يُقَارِبُهُ الرِّضَا بِالْمَسْرُورِ بِهِ

 

أَصْلُ التَّوْبَةِ فِي اللُّغَةِ: الرُّجُوعُ، وَالْمُرَادُ بِالتَّوْبَةِ هُنَا: الرُّجُوعُ عَنِ الذَّنْبِ

 

ولَهَا ثَلَاثَةَ أَرْكَانٍ: الْإِقْلَاعُ، وَالنَّدَمُ عَلَى فِعْلِ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ، وَالْعَزْمُ عَلَى أَلَّا يَعُودَ إِلَيْهَا أَبَدًا، فَإِنْ كَانَتِ الْمَعْصِيَةُ لِحَقِّ آدَمِيٍّ فَلَهَا رُكْنٌ رَابِعٌ، وَهُوَ التَّحَلُّلُ مِنْ صَاحِبِ ذَلِكَ الْحَقِّ، وَأَصْلُهَا النَّدَمُ وَهُوَ رُكْنُهَا الْأَعْظَمُ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ مِنْ جَمِيعِ الْمَعَاصِي وَاجِبَةٌ، وَأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ، لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا، سَوَاءٌ كَانَتِ الْمَعْصِيَةُ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، وَالتَّوْبَةُ مِنْ مُهِمَّاتِ الْإِسْلَامِ وَقَوَاعِدِهِ الْمُتَأَكِّدَةِ

 

وقد ساق ابن القيم رحمه الله في هذا وهو يشرح هذا الحديث في مدارج السالكين حيث قال:

 

"وهذا موضع الحكاية المشهورة عن بعض العارفين أنه رأى في بعض السكك باب قد فتح وخرج منه صبي يستغيث ويبكي، وأمه خلفه تطرده حتى خرج، فأغلقت الباب في وجهه ودخلت فذهب الصبي غير بعيد ثم وقف متفكرا، فلم يجد له مأوى غير البيت الذي أخرج منه، ولا من يؤويه غير والدته، فرجع مكسور القلب حزينا، فوجد الباب مرتجا فتوسده ووضع خده على عتبة الباب ونام، وخرجت أمه، فلما رأته على تلك الحال لم تملك أن رمت نفسها عليه، والتزمته تقبله وتبكي وتقول: يا ولدي، أين تذهب عني؟

 

ومن يؤويك سواي؟ ألم اقل لك لا تخالفني، ولا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلتُ عليه من الرحمة بك والشفقة عليك. وإرادتي الخير لك؟ ثم أخذته ودخلت.

 

عباد الله:-

لقد بيّن الرسول صلى الله عليه وسلم شدة فرح العبد المؤمن التائب، فلا شك أن هذا الرجل سيفرح فرحا شديدا، وذلك لأنه قد أيس من الحياة، قد انقطع رجاؤه، حيث انفلتت راحلته التي يبلغ عليها في سفره، ويقطع عليها المسافات الطويلة، والتي تحمل متاعه و طعامه وشرابه، وتحمله هو بنفسه إلى أن يصل إلى البلد التي ليس بالغا له إلا بشق الأنفس .

ولكن بالمقابل فرح الله تعالى أشد فرحا بتوبة عبده، فإنه سبحانه وتعالى يفرح، لأنه يحب الخير للعبد، يحب لعباده أن يكونوا من أهل السعادة، يحب لهم أن يكونوا من أهل جنته وأهل قربه، فيحب أن يكونوا مؤمنين، وأن يكونوا تائبين، وأن يقبلوا إليه وينيبوا.

ومما قاله الإمام ابن القيم رحمه الله: إذا أشرق القلب بنور الطاعة أقبلت سحائب وفود الخيرات إليه من كل ناحية، فينتقل صاحبه من طاعة إلى طاعة

أخي المسلم:-

لا يشترط أن تكون في صحراء، ولا يشترط أن تفقد الماء والغذاء، لكن تمر عليك اللحظة بعد الخطيئة والذنب فتكون في صحراء الذنوب وفي قحط الخطايا ظمآن إلى رحمة الله وإلى مغفرته، تحت وطأة تأنيب الضمير، وزلزلة التوبة التي لا تجعلك تستقر حتى تلقي بنفسك بين يدي الله، كالميت يغسل يقلب يميناً وشمالاً في قمة الاستسلام لله رب العالمين

أخي المسلم:-

إن الغاية من المثل الذي ضربه النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث هي دعوة المؤمنين إلى المبادرة بالتوبة، حتى يطهروا أنفسهم من أرجاس المعاصي والذنوب، كما قال الحق سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} (النور: 31)

وعدم القنوت من رحمة الله سبحانه إذ نهانا عن القنوط واليأس من المغفرة، وأخبر أنه يغفر الذنوب كلها لمن تاب، كبيرها وصغيرها دقيقها وجليلها وأن الله الرحيم غفار الذنوب علام الغيوب ومقلب القلوب ستار العيوب، هو الملجأ لكل من ضاقت به الحيل وتقطعت به السبل،

وان التوبة طريق المتقين، وزاد المؤمنين المخلصين، فإنهم يلازمون التوبة في كل حين،،،،،،،،،،

 

حتى أصبحت لهم شعارا ودثارا، وهذا دأب الصالحين والأولياء المقربين الذين شعشع الإيمان في صدورهم ويستشعرون الخوف من الله ويستحضرون خشيته ومراقبته وأنهم إليه صائرون.

 

أحبتي في الله:-

 

ما أحوج الأمة الإسلامية إلى التوبة إلى الله وأن تنظر إلى قضيتها وأن لا تقنط من رحمة الله وأن تتوكل عليه وأن تعي وتدرك مهمتها التي أوكلها الله إليها إذ إن من أخص خصائص هذه الأمة الخيرية التي وصفها الله بها وخيرية هذه الأمة مشروطة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، و ما صراعنا مع الكفار إلا قضية وأي قضية:-

 

قضية الحق ضد الباطل: (قضية تحكيم شرع الله ونبذ نظم الطاغوت مهما تنوعت ألفاظها من دولة مدنية أو ديموقراطية وما شاكلها من ألفاظ لنظم الطاغوت)، قضية الإيمان ضد الكفر: (قضية حمل الإسلام نورا وهدى للعالم كافة ودحر الكفر)، قضية العلو في الأرض والتجبر بغير الحق مثل نظم الكفر وأعوانهم وعلى رأسهم أمريكا الكافرة ومن شايعها.

 

عباد الله:-

 

إن بأس المهتدين الطائعين ونصر الله إياهم قريب بإذن الله فمن يروم الجنة يسعى لها والجنة لهل مهرها وسلعة الرحمن غالية والطريق إليها --- بالطاعات للواحد القهار.

 

اللهم اجعلنا ممن دعاك فأجبته، واستهداك فهديته، واستنصرك فنصرته، وتوكل عليك فكفيته، وتاب إليك فقبلته. اللهم طهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء.

 

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

24 من محرم 1435

الموافق 2013/11/27م

 

رابط هذا التعليق
شارك

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مع الحديث الشريف

 

يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ

Share on facebooklisten.gifprint.gifgroup.png

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم مع الحديث الشريف ونبدأ بخير تحية فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

أورد البخاري في صحيحه ‏قَالَ ‏ ‏عَلِيٌّ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏ ‏يَقُولُ: "‏يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ ‏ ‏يَمْرُقُونَ ‏ ‏مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا ‏يَمْرُقُ ‏‏السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

 

قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ: أي صغار السن. وقوله سفهاء الأحلام أي أن عقولهم رديئة، وقوله يقولون من خير قول البرية: أي القرآن وأنهم يُحسنون القول ويسيئون الفعل. وقوله يَمْرُقُونَ‏ ‏مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا ‏يَمْرُقُ ‏السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ: أي يخرجون من الإسلام كخروج السهم إذا رماه رامٍ قوي الساعد وقوله لا يجاوز إيمانهم حناجرهم: أي أنهم يؤمنون بالنطق لا بالقلب.

 

مستمعينا الكرام:

 

إن الأشخاص المذكورة صفاتهم في الحديث قد وُجِدوا في هذا الزمان، وهذه الأوصاف تنطبق على حكام زماننا جميعاً هم ومن يواليهم، فهم قد شبّوا وشابوا في خيانة الإسلام والمسلمين وخدمة الاستعمار والمستعمرين يتآمرون مع الكفار على قتل شعوبهم وسرقة ثرواتهم لا يعقلون ولا يُبصرون ولا يسمعون إلا ما كان فيه عداوة للإسلام والمسلمين. فهم أعلام التفاهة ومعالم الخزي والنذالة، آمنوا بألسنتهم وكفروا وفسقوا وظلموا بفعالهم وأقوالهم، آمنوا بالكفر وأهله وكفروا بالإيمان وأهله، خرجوا من أبواب الحق ودخلوا أبواب الباطل، قالوا فكذبوا، ووعدوا فأخلفوا، وائتمنوا فخانوا، لم يُبقوا حراماً إلا انتهكوه ولا عيباً إلا فضحوه ولا ثغراً إلا للكفار أسلموه، فماذا بعد؟

 

إن الأجر كل الأجر يكمن في العمل للخلاص منهم، والخير كل الخير بالعمل مع العاملين المخلصين لإقامة دولة الخلافة دولة المسلمين التي تُنهي إمارة الصبيان وتدبير الخصيان وهي وحدها التي تُعمل في رقابهم السيف ليُشف الله تعالى صدور قومٍ مؤمنين.

 

 

مستمعينا الكرام والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

 

 

 

 

 

25 من محرم 1435

الموافق 2013/11/28م

 

 

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مع الحديث الشريف

 

يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق

 

 

عَنْ ‏ ‏أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ ‏ ‏قَالَ سَمِعْتُ ‏ ‏عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو ‏ ‏يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يُصَاحُ بِرَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ فَيُنْشَرُ لَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجِلًّا كُلُّ سِجِلٍّ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏ ‏هَلْ تُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا فَيَقُولُ لَا يَا رَبِّ فَيَقُولُ أَظَلَمَتْكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ ثُمَّ يَقُولُ أَلَكَ عَنْ ذَلِكَ حَسَنَةٌ فَيُهَابُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ لَا فَيَقُولُ بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَاتٍ وَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ فَتُخْرَجُ لَهُ بِطَاقَةٌ فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ ‏ ‏مُحَمَّدًا ‏ ‏عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قَالَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ فَيَقُولُ إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ ‏ ‏فَطَاشَتْ ‏ ‏السِّجِلَّاتُ وَثَقُلَتْ الْبِطَاقَةُ " أَخْرَجَهُ اِبْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ, وَقَالَ الْحَاكِمُ : صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

 

جاء في شرحِ سُننِ ابنِ ماجه للسِّنْدِيِّ : "‏قَوْلهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏( أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّه ) ‏‏ قَالَ السُّيُوطِيُّ قَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ لَيْسَتْ هَذِهِ شَهَادَةَ التَّوْحِيدِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمِيزَانِ أَنْ يُوضَعَ فِي كِفَّتِهِ شَيْءٌ وَفِي الْأُخْرَى ضِدُّهُ فَتُوضَعُ الْحَسَنَاتُ فِي كِفَّةٍ وَالسَّيِّئَاتُ فِي كِفَّةٍ فَهَذَا غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَأْتِي بِهِمَا جَمِيعًا وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ جَمِيعًا عَبْدٌ وَاحِدٌ يُوضَعُ الْإِيمَانُ فِي كِفَّةٍ وَالْكُفْرُ فِي كِفَّةٍ فَكَذَلِكَ اِسْتَحَالَ أَنْ تُوضَعَ شَهَادَةُ التَّوْحِيدِ فِي الْمِيزَانِ وَأَمَّا بَعْدَمَا آمَنَ الْعَبْدُ فَإِنَّ النُّطْقَ مِنْهُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَسَنَةٌ تُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ سَائِرُ الْحَسَنَات ا ه قُلْتُ شَهَادَةُ التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ حَسَنَةٌ أَيْضًا فَإِنْ قَالَ لَيْسَ لَهُمَا مَا يُضَادُّهُمَا شَخْصًا وَإِنْ كَانَ مَا يُضَادّهُمَا نَوْعًا وَهِيَ السَّيِّئَةُ الْمُقَابِلَةُ لِلْحَسَنَةِ فَيُرَادُ أَنَّ النُّطْقَ بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّهُ بَعْد الْإِيمَانِ لَيْسَ لَهُ مَا يُضَادُّ شَخْصَهُ أَيْضًا وَمَنْ لَمْ يَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَطُّ فَفِعْلُ الصَّلَاةِ مِنْهُ حَسَنَةٌ لَا يُقَابِلُهَا مِنْ السَّيِّئَاتِ مَا يُضَادُّهَا شَخْصًا فَلْيُتَأَمَّلْ... ‏"

 

وجاء عند الأحوذي في تحفته: "قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏(بِطَاقَةٌ) ‏‏قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْبِطَاقَةُ رُقْعَةٌ صَغِيرَةٌ يُثْبَتُ فِيهَا مِقْدَارُ مَا تَجْعَلُ فِيهِ إِنْ كَانَ عَيْنًا فَوَزْنُهُ أَوْ عَدَدُهُ , وَإِنْ كَانَ مَتَاعًا فَثَمَنُهُ، قِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُشَدُّ بِطَاقَةٍ مِنْ. ‏‏وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْبِطَاقَةُ كَكِتَابَةِ الرُّقْعَةِ الصَّغِيرَةِ الْمَنُوطَةِ بِالثَّوْبِ الَّتِي فِيهَا رَقْمُ ثَمَنِهِ سُمِّيَتْ لِأَنَّهَا تُشَدُّ بِطَاقَةٍ مِنْ هُدْبِ الثَّوْبِ

 

‏ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَقَالَ فَإِنَّك لَا تُظْلَمُ) ‏‏أَيْ لَا يَقَعُ عَلَيْك الظُّلْمُ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ اِعْتِبَارِ الْوَزْنِ كَيْ يَظْهَرَ أَنْ لَا ظُلْمَ عَلَيْك فَاحْضُرْ الْوَزْنَ. قِيلَ وَجْهُ مُطَابَقَةِ هَذَا جَوَابًا لِقَوْلِهِ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ؟ أَنَّ اِسْمَ الْإِشَارَةِ لِلتَّحْقِيرِ كَأَنَّهُ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مَعَ هَذِهِ الْبِطَاقَةِ الْمُحَقَّرَةِ مُوَازَنَةٌ لِتِلْكَ السِّجِلَّاتِ، فَرَدَّ بِقَوْلِهِ إِنَّك لَا تُظْلَمُ بِحَقِيرَةٍ، أَيْ لَا تُحَقِّرُ هَذِهِ فَإِنَّهَا عَظِيمَةٌ عِنْدَهُ سُبْحَانَهُ إِذْ لَا يَثْقُلُ مَعَ اِسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ وَلَوْ ثَقُلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَظُلِمْت ‏

 

‏ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَعَ اِسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ) ‏‏وَالْمَعْنَى لَا يُقَاوِمُهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَعَاصِي بَلْ يَتَرَجَّحُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى جَمِيعِ الْمَعَاصِي. ‏

 

‏فَإِنْ قِيلَ: الْأَعْمَالُ أَعْرَاضٌ لَا يُمْكِنُ وَزْنُهَا وَإِنَّمَا تُوزَنُ الْأَجْسَامُ، أُجِيبَ بِأَنَّهُ يُوزَنُ السِّجِلُّ الَّذِي كُتِبَ فِيهِ الْأَعْمَالُ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ أَوْ أَنَّ اللَّهَ يُجَسِّمُ الْأَفْعَالَ وَالْأَقْوَالَ فَتُوزَنُ فَتَثْقُلُ الطَّاعَاتُ وَتَطِيشُ السَّيِّئَاتُ لِثِقَلِ الْعِبَادَةِ عَلَى النَّفْسِ وَخِفَّةِ الْمَعْصِيَةِ عَلَيْهَا وَلِذَا وَرَدَ: حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ‏".

 

‏ ‏‏يقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميّةَ رحمهُ الله: والنوعُ الواحدُ من العملِ قد يفعَلُهُ الإنسانُ على وجهٍ يكمُلُ فيهِ إخلاصُهُ وعبوديّتُهُ لله، فيغفِرُ اللهُ به كبائرَ الذنوبِ كما في حديثِ البطاقة.

 

إنّ اللهَ عزَّ وجلَّ وَسِعَتْ رحمتُهُ كلَّ شيءٍ فسبحانَهُ مِنْ خالقٍ عظيمٍ مدبِّرٍ أجْزَلَ الثّوابَ على الأعمالِ وإنْ صَغُرَتْ فعَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ: "‏إِنَّ شَجَرَةً كَانَتْ تُؤْذِي الْمُسْلِمِينَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَطَعَهَا فَدَخَلَ الْجَنَّةَ" وفي حديث آخر ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "‏مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ فَقَالَ وَاللَّهِ لَأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَا ‏ ‏يُؤْذِيهِمْ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ"، فإذا كانَ هذا ثوابَ مَن يرفَعُ الأذى عن طريقِ المسلمينَ فما بالُكُمْ بمنْ يرفعُ الأذى عن الأمةِ الإسلاميةِ جمعاء فيُزيلُ حكّامَ الضِّرارِ وأَذاهمْ ويقلَعُ أذى الكفّارِ المستعمرينَ لبلادِ المسلمينَ ويجعلُ مكانَهُ خلافةً راشدةً تحكُمُ الناسَ بالعدلِ وتمنعُ عنهم الأذى.

 

 

27 من محرم 1435

الموافق 2013/11/30م

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

 

السرقة والسلب والنهب

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

روى البخاري في صحيحه قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، قَالَ: فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قَالُوا بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ: فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ، قَالَك فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فَأَعَادَهَا مِرَارًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ فَلْيُبْلِغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ.

 

جاء في كتاب فتح الباري لابن حجر:

 

قَوْله: (بِشْر)

 

هُوَ اِبْن الْمُفَضَّل، وَرِجَال الْإِسْنَاد كُلّهمْ بَصْرِيُّونَ.

 

قَوْله: (أَيّ يَوْم هَذَا)

 

قَالَ الْقُرْطُبِيّ: سُؤَاله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الثَّلَاثَة وَسُكُوته بَعْد كُلّ سُؤَال مِنْهَا كَانَ لِاسْتِحْضَارِ فُهُومهمْ وَلِيُقْبِلُوا عَلَيْهِ بِكُلِّيَّتِهِمْ، وَلِيَسْتَشْعِرُوا عَظَمَة مَا يُخْبِرهُمْ عَنْهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْد هَذَا: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ إِلَخْ، مُبَالَغَة فِي بَيَان تَحْرِيم هَذِهِ الْأَشْيَاء. اِنْتَهَى. وَمَنَاط التَّشْبِيه فِي قَوْله: "كَحُرْمَةِ يَوْمكُمْ" وَمَا بَعْده ظُهُوره عِنْد السَّامِعِينَ؛ لِأَنَّ تَحْرِيم الْبَلَد وَالشَّهْر وَالْيَوْم كَانَ ثَابِتًا فِي نُفُوسهمْ - مُقَرَّرًا عِنْدهمْ، بِخِلَافِ الْأَنْفُس وَالْأَمْوَال وَالْأَعْرَاض فَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يَسْتَبِيحُونَهَا، فَطَرَأَ الشَّرْع عَلَيْهِمْ بِأَنَّ تَحْرِيم دَم الْمُسْلِم وَمَاله وَعِرْضه أَعْظَم مِنْ تَحْرِيم الْبَلَد وَالشَّهْر وَالْيَوْم، فَلَا يَرِد كَوْن الْمُشَبَّه بِهِ أَخَفْض رُتْبَة مِنْ الْمُشَبَّه؛ لِأَنَّ الْخِطَاب إِنَّمَا وَقَعَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا اِعْتَادَهُ الْمُخَاطَبُونَ قَبْل تَقْرِير الشَّرْع.

 

قَوْله: (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ إِلَخْ) هُوَ عَلَى حَذْف مُضَاف، أَيْ: سَفْك دِمَائِكُمْ وَأَخْذ أَمْوَالكُمْ وَثَلْب أَعْرَاضكُمْ. وَالْعِرْض بِكَسْرِ الْعَيْن مَوْضِع الْمَدْح وَالذَّمّ مِنْ الْإِنْسَان، سَوَاء كَانَ فِي نَفْسه أَوْ سَلَفه.

 

قَوْله: (لِيُبَلِّغ الشَّاهِد) أَيْ: الْحَاضِر فِي الْمَجْلِس

 

(الْغَائِب) أَيْ: الْغَائِب عَنْهُ، وَالْمُرَاد إِمَّا تَبْلِيغ الْقَوْل الْمَذْكُور أَوْ تَبْلِيغ جَمِيع الْأَحْكَام. وَقَوْله: "مِنْهُ" صِلَة لِأَفْعَل التَّفْضِيل، وَجَازَ الْفَصْل بَيْنهمَا لِأَنَّ فِي الظَّرْف سَعَة، وَلَيْسَ الْفَاصِل أَيْضًا أَجْنَبِيًّا.

وَفِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد - غَيْر مَا تَقَدَّمَ - الْحَثّ عَلَى تَبْلِيغ الْعِلْم، وَجَوَاز التَّحَمُّل قَبْل كَمَالِ الْأَهْلِيَّة، وَأَنَّ الْفَهْم لَيْسَ شَرْطًا فِي الْأَدَاء، وَأَنَّهُ قَدْ يَأْتِي فِي الْآخِر مَنْ يَكُون أَفْهَم مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ لَكِنْ بِقِلَّةٍ، وَفِيهِ الْخُطْبَة عَلَى مَوْضِع عَالٍ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي إِسْمَاعه لِلنَّاسِ وَرُؤْيَتهمْ إِيَّاهُ.

أحبتنا الكرام:

 

في هذا الحديث بيان لحرص الإسلام على أنفس الناس وأموالهم وأعراضهم أن تنتهك أو يعتدى عليها، والإسلام لم يكتف بتحريم هذه الأشياء دون أن يبين كيفية حمايتها والدفاع عنها، بل وضع الحدود للسرقة والقتل والزنا والقذف، كما جعل عقوبات رادعة للسلب والنهب والجرح والضرب والتشهير وما إليها من اعتداءات على أنفس الناس وأموالهم وأعراضهم كما بين الجهة المكلفة بالحماية وتطبيق الحدود والعقوبات ...فقد كلف الدولة ممثلة بالخليفة بحماية دماء الناس وأموالهم وأعراضهم وتطبيق الحدود والعقوبات على كل من تسول له نفسه استباحتها أو الاعتداء عليها ....

 

ودائرة الأمن الداخلي هي المسؤولة عن السهر على حماية الرعية ومنع الاعتداء على أموال الرعية سواء بالسرقة أو السلب أو النهب، وكذلك منع الاعتداء على الأنفس بالضرب أو الجرح أو القتل، ومنع الاعتداء على الأعراض بالتشهير والقذف والزنا

 

وتقوم دائرة الأمن الداخلي بمنع هذه الجرائم بواسطة يقظتها وحراستها ودورياتها

 

ثم بتنفيذ أحكام القضاء على من يقومون بالتعدي على الأموال أو الأنفس أو الأعراض ووسيلتها في ذلك هي الشرطة.

 

فالشرطة في دولة الإسلام هي للسهر على حماية الناس وحراستهم، لا لإرهابهم وترويعهم والتجسس عليهم كما هي حال الشرطة في أنظمة الحكم الراهنة في بلاد المسلمين، حتى لقد بات الناس اليوم يشمئزون من اسم الشرطة ويتحاشون لقاءها أو حتى مصادفتها في أي مكان، فاللهم ربنا عجل لنا بعودة الخلافة، لتعود الشرطة مفخرة للأمة، يفخر بها الناس ويكنون لها بالغ الاحترام ويستبشرون برؤية أفرادها لما توحي به رؤيتهم من شعور بالأمن والاطمئنان، اللهم اجعل هذا اليوم قريباً يا سميع يا مجيب الدعاء.

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

01 من صـفر 1435

الموافق 2013/12/04م

 

 

http://www.hizb-ut-t...nts/entry_31319

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

 

العســـــــــــــــس

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ في مُصَنَّفِهِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ، يَقُول:"كَانَ عبدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: يَعُسُّ الْمَسْجِدَ فَلا يَدَعُ فِيهِ سَوَادًا إِلا أَخْرَجَهُ إِلا رَجُلا مُصَلِّيًا".

 

يعس: يطوف بالليل ويحرس

 

سواداً: أحداً

 

العسس: هو الطواف بالليل لتتبع اللصوص وطلب أهل الفساد ومن يخشى شرهم ... وقد كان عبد الله بن مسعود أميراً على العسس في عهد أبي بكر، أما عمر بن الخطاب فقد كان يتولى العسس بنفسه ....

 

وفي دولة الخلافة القادمة بإذن الله فإن دائرة الأمن الداخلي ترسل الشرطة لتعس الأحياء والأسواق والشوارع لحماية ممتلكات الناس من بيوت وحوانيت وغيرها فهذا من وظائف الشرطة، فلا يكلف به الناس ولا يكلفون بنفقاته،

 

أما ما يحدث اليوم من قيام بعض الناس وبعض أصحاب الحوانيت بتعيين حراس في الليل يحرسون بيوتهم وحوانيتهم، أو ما تقوم به الدولة من تعيين حراس للحوانيت على نفقة أصحاب الحوانيت، فهو خطأ ناتج عن جهل الناس بحقوقهم، وتنصل الدول في بلادنا من مسؤولياتها .... فالحراسة هي من العسس وهو واجب على الدولة، ومن وظيفة الشرطة.

 

فأي خسارة خسرها المسلمون بضياع دولتهم وحرمانهم من إقامة شرع ربهم!!!

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

02 من صـفر 1435

الموافق 2013/12/05م

 

 

http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/index.php/contents/entry_31341

رابط هذا التعليق
شارك

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مع الحديث الشريف

 

من بدل دينه

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

روى أبو داوود في سننه قال:

 

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ

 

أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَام أَحْرَقَ نَاسًا ارْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَامِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَمْ أَكُنْ لِأُحْرِقَهُمْ بِالنَّارِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ" وَكُنْتُ قَاتِلَهُمْ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ" فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ وَيْحَ ابْنِ عَبَّاسٍ

 

قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ:

 

(أَنَّ عَلِيًّا): هُوَ اِبْن أَبِي طَالِب

 

(أَحْرَقَ نَاسًا اِرْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَام): وَعِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ حَدِيث عِكْرِمَة أَنَّ عَلِيًّا أَتَى بِقَوْمٍ قَدْ اِرْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَام أَوْ قَالَ بِزَنَادِقَةٍ وَمَعَهُمْ كُتُب لَهُمْ فَأَمَرَ بِنَارٍ فَأُنْضِجَتْ وَرَمَاهُمْ فِيهَا

 

(فَبَلَغَ ذَلِكَ): أَيْ الْإِحْرَاق اِبْن عَبَّاس وَكَانَ حِينَئِذٍ أَمِيرًا عَلَى الْبَصْرَة مِنْ قِبَل عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. قَالَهُ الْحَافِظ

 

(قَاتِلهمْ): أَيْ الْمُرْتَدِّينَ عَنْ الْإِسْلَام. (فَبَلَغَ ذَلِكَ): أَيْ قَوْل اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ

 

(فَقَالَ): أَيْ عَلِيٌّ. (وَيْح اِبْن عَبَّاسي): وَهُوَ مُحْتَمِل أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِمَا اِعْتَرَضَ بِهِ وَرَأَى أَنَّ النَّهْي لِلتَّنْزِيهِ، وَهَذَا بِنَاء عَلَى تَفْسِير وَيْح بِأَنَّهَا كَلِمَة رَحْمَة فَتَوَجَّعَ لَهُ لِكَوْنِهِ حَمَلَ النَّهْي عَلَى ظَاهِره فَاعْتَقَدَ التَّحْرِيم مُطْلَقًا فَأَنْكَرَ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون قَالَهَا رِضًا بِمَا قَالَ، وَأَنَّهُ حَفِظَ مَا نَسِيَهُ بِنَاء عَلَى أَحَد مَا قِيلَ فِي تَفْسِير وَيْح إِنَّهَا تُقَال بِمَعْنَى الْمَدْح وَالتَّعَجُّب كَمَا حَكَاهُ فِي النِّهَايَة، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْل الْخَلِيل هِيَ فِي مَوْضِع رَأْفَة وَاسْتِمْلَاح كَقَوْلِك لِلصَّبِيِّ وَيْحه مَا أَحْسَنَهُ اِنْتَهَى..

 

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَفْظه لَفْظ الدُّعَاء عَلَيْهِ، وَمَعْنَاهُ الْمَدْح لَهُ وَالْإِعْجَاب بِقَوْلِهِ، وَهَذَا كَقَوْلِ رَسُول اللَّه فِي أَبِي بَصِير: "وَيْل أُمّه مِسْعَر حَرْب" اِنْتَهَى.

 

وَالْحَدِيث اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى قَتْل الْمُرْتَدَّة كَالْمُرْتَدِّ، وَخَصَّهُ الْحَنَفِيَّة بِالذَّكَرِ وَتَمَسَّكُوا بِحَدِيثِ النَّهْي عَنْ قَتْل النِّسَاء، وَحَمَلَ الْجُمْهُور النَّهْي عَلَى الْكَافِرَة الْأَصْلِيَّة إِذَا لَمْ تُبَاشِر الْقِتَال وَلَا الْقَتْل لِقَوْلِهِ فِي بَعْض طُرُق حَدِيث النَّهْي عَنْ قَتْل النِّسَاء لَمَّا رَأَى الْمَرْأَة مَقْتُولَة مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ ثُمَّ نَهَى عَنْ قَتْل النِّسَاء وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث مُعَاذ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرْسَلَهُ إِلَى الْيَمَن قَالَ لَهُ " أَيّمَا رَجُل اِرْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَام فَادْعُهُ فَإِنْ عَادَ وَإِلَّا فَاضْرِبْ عُنُقه، وَأَيّمَا اِمْرَأَة اِرْتَدَّتْ عَنْ الْإِسْلَام فَادْعُهَا فَإِنْ عَادَتْ وَإِلَّا فَاضْرِبْ عُنُقهَا" وَسَنَده حَسَن، وَهُوَ نَصّ فِي مَوْضِع النِّزَاع فَيَجِب الْمَصِير إِلَيْهِ كَذَا فِي فَتْح الْبَارِي.

 

حرص الإسلام أن يكون الدافع لاعتناق عقيدته هو صحتها وليس أي مصلحة دنيوية أخرى .... فلا الخوف من سطوة الدولة، ولا الطمع في ما عندها من حسن الرعاية، ولا المكر وسوء النية المبيتة اتجاه الإسلام ودولته وأهله.... بل التصديق الجازم المطابق للواقع بأن وراء هذا الكون والإنسان والحياة خالق خلقها من العدم، وأنه أرسل الرسل لهداية الإنسان للطريقة الصحيحة في إعمار الكون والسير في هذه الحياة، وأن محمداً هو خاتم الأنبياء والمرسلين أرسل بدين الإسلام إلى الناس كافة، ليخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام، فلا يقبل الله بعد إرسال محمد صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام من أحد ديناً إلا الإسلام، فالإسلام جاء ناسخا لكل دين، وهو يريد ممن يدخل فيه أن يؤمن بعقيدته إيمانا عقلياً تطمئن به نفسه .... يقول تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}، وليضمن الإسلام أن لا يدخله إلا من يؤمن به حقاً، وليحذر من تسول له نفسه التسلل إلى الإسلام بِنِيَّة سوء مُبَيَّتَةٍ، فقد رتب عقوبة رادعة لمن يدخل في الإسلام ثم يرتد عنه مهما كان سبب ارتداده .... تلك العقوبة كما جاء في حديثنا لهذا اليوم: هي القتل

 

والإرتداد عن الإسلام يكون على حالتين:

 

أن يكون المرتد فرداً ... وهذا يستتاب فإن تاب ورجع إلى الإسلام سُكِتَ عنه أما إن لم يرجع بعد الإستتابة فَيُحكمُ عليه بالقتل، ويُنَفِّذُ فيه حكم القتل دائرة الأمن الداخلي بواسطة الشرطة

 

أن يكون المرتدون جماعة، وهؤلاء يجب مكاتبتهم والطلب منهم أن يرجعوا إلى الإسلام، فإن تابوا ورجعوا والتزموا بأحكام الشرع سُكِتَ عنهم، أما إن أصرُّوا على الردة فإن على دائرة الأمن الداخلي أن تتولى أمرهم ...

 

فإن كانوا جماعة قليلة يمكن للشرطة أن تتولى مقاتلتهم .

 

أما إن كانوا جماعة كبيرة ولا تقدر عليهم الشرطة فعليها أن تطلب من الخليفة أن يزودها بقوات عسكرية، فإن لم تكف القوات العسكرية، طلبت من الخليفة أن يأمر الجيش بمساعدتها حتى يتم القضاء عليهم .

 

هذا هو حكم الشرع في حق من يرتد عن الإسلام ... سواء أكان ارتداده إلى دين سماوي غير الإسلام كالنصرانية واليهودية أم كان ارتداد إلى دين غير سماوي كالعلمانية والاشتراكية والليبرالية وغيرها من المعتقدات الضالة المضلة ... فإنه لا يجوز أن يترك هؤلاء يعيثون فساداً في البلاد وبين العباد .... بل يناقشوا وتقام عليهم الحجة ثم يستتابوا وإلا فالقتل هو حكم الشرع في حقهم .... وليس كما يدعي المهزومون من أبناء الأمة ... الذين يقولون بأن الإسلام قد ضمن للفرد حرية العقيدة وحرية الرأي فله أن يتنقل بين الأديان كما يشاء وأن ينشر آراءه بين المسلمين مهما كانت حتى لو كانت أراء معادية للإسلام قادحة بأحكامه ومقدساته ...

 

فإن هذه المصطلحات ما وصلت إلينا إلا من الدول الاستعمارية الكافرة بعد أن هدمت دولة الإسلام وأزاحت أحكامه عن حياة الناس ... وراحت تهاجم الإسلام وتنتقد أحكامه .... ثم طالبت المسلمين أن يتقبلوا هذه الانتقادات، ويتسامحوا مع أصحابها، بحجة حرية الرأي وحرية العقيدة، والحرية الشخصية، والأدهى أنه قام بعض أبناء الأمة ممن تغذت عقولهم على ثقافة الغرب، فقالوا بحرية العقيدة مستشهدين بآية: {لا إكراه في الدين ...} مع أن الآية لا تتحدث عمن دخل في الإسلام ثم أراد المروق منه .... بل موضوعها الكفار ممن تفتح بلادهم ويدعون إلى الإسلام ... فلا يجوز أن نكرههم على دخول الإسلام بل يدعون بالحكمة والموعظة الحسنة ... ويجادلون بالتي هي أحسن ... ثم يتركون ليختاروا الدخول في الإسلام أو البقاء على دينهم ... فدخول الإسلام لا يكون إلا بإرادة حرة لأن عقيدة الإسلام هي عقيدة عقلية مبنية على العقل ... وهي موافقة للفطرة ومقنعة للعقل ولا يتوه عنها لبيب أو حكيم ... ثم إنه يترتب عليها مسؤوليات عظام، من طاعة لله ورسوله وأولي الأمر من المسلمين، وانضباط بأحكام الشرع الحنيف. وإخلاص في خدمة الأمة وحماية الدين، وهذه لا يطيقها إلا المؤمن، الذي يرى الحياة الدنيا داراً للكدح ، وأما الآخرة ففيها النعيم المقيم في جنات النعيم .

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

03 من صـفر 1435

الموافق 2013/12/06م

 

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

 

باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

والتغليظ على من عارضه

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجه "بتصرف"، في " باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والتغليظ على من عارضه ".

 

حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان العثماني حدثنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".

 

قوله: "من أحدث في أمرنا" أي في شأننا فالأمر واحد الأمور أو فيما أمرنا به فالأمر واحد الأوامر أطلق على المأمورية، والمراد على الوجهين الدين القيم المعنى على ما ذكره القاضي في شرح المصابيح من أحدث في الإسلام رأيا لم يكن له من الكتاب والسنة سند ظاهر أو خفي ملفوظ أو مستنبط فهو رد عليه، أي مردود والمراد أن ذلك الأمر واجب الرد يجب على الناس رده ولا يجوز لأحد اتباعه والتقليد فيه. وقيل: يحتمل أن ضمير فهو رد لمن أي فذاك الشخص مردود مطرود.

 

هذا هو زمن الإشراق، فقد أشرقت شمس الله، وعلى جميع المصابيح أن تنطفئ، نعم آن للقرآن أن يحكم ويسود رغم أنف الحاقدين الكافرين، رغم أنف العلمانيين المجرمين، رغم أنف من سموا أنفسهم علماء ومفكرين، رغم السلاطين، رغم الشيوخ الذين جعلوا الدين عِضين. هذه الأمة انطلقت من عقالها لتقول بملء فيها: نريد تحكيم شرع الله. نريد تحكيم الإسلام في حياتنا. نعم بعد هذه السنوات العجاف، بعد أن أحدث الحكام ما ليس في ديننا، وزرعوا في كل أرض وطؤها ما ليس من الدين، بعد أن زرعوا كفرا، عادت الأمة لربها، لتقتلع ما ليس من الدين، فالحمد لله رب العالمين.

 

أيها المسلمون: الدين لله، تشريع لله الذي له الأمر والنهي، فلا يصح أن نغير ونبدل فمن غير فتغييره مردود عليه، غير مقبول عند الله، فمن أراد بدعوى الحداثة والتقدم أن يلغي السنة مثلا أو يغيّر الأحكام ففعله مردود عليه.

 

فقد زعم البعض أن الحجاب ليس موجودا في ديننا، إنما هو عادة، وذهب البعض إلى التمسك بالإسلام بالعموم، ورفض التمسك فيه بالأحكام. وذهب البعض إلى أن الله ترك لنا فسحة للتشريع، لأن الحياة تتطور، ولا تبقى على حال. كما وذهب البعض إلى ضرورة تغير الأحكام بتغير الزمان والمكان. فالحرام في مكان قد يكون مباحا في مكان آخر، والحرام في زمان حلال في زمان آخر وهكذا. هكذا دون قاعدة أو دليل. حتى أصبحت أحكام الإسلام القطعية حلالا حراما في نفس الوقت. ألم يبح البعض الربا؟ ألم يبح البعض الديمقراطية والعلمانية ومن قبل الوطنية والقومية؟

 

بلى أباحوها وأباحوا معها كل الفجور الذي دخل من بابها. حتى صار الناس يظنون أنهم يعيشون حياة إسلامية فيها بعض الحرام.

 

ولكن والحمد لله عادت الأمة بعد طول غياب، عادت لترى أن مصابيح الدجى التي كانت عند البعض تضيء الطريق، قد انطفأت أمام شمس الله. عادت لتعرف أن نور ربها هو النور، وأن غيره من كذب الديمقراطية وبدع العلمانية وزيف الوطنية والقومية وحتى المدنية ما هو إلا الظلام بعينه وإن حسبه البعض نورا في وقت من الأوقات.

 

اللهمَّ عاجلنا بخلافة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرْ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم

 

05 من صـفر 1435

الموافق 2013/12/08م

 

 

http://www.hizb-ut-t...nts/entry_31427

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

 

باب وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجه "بتصرف"، في "باب وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم".

 

حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر المصري أنبأنا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير، أن عبد الله بن الزبير حدثه أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شراج الحرة التي يسقون بها النخل فقال الأنصاري: سرح الماء يمر، فأبى عليه فاختصما عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك، فغضب الأنصاري فقال يا رسول الله: أن كان ابن عمتك، فتلون وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال يا زبير اسق ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر، قال: فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك، (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليمًا).

 

قوله: "في شراج الحرة" بكسر الشين المعجمة آخره جيم جمع شرجة بفتح فسكون، وهي مسايل الماء بالحرة بفتح فتشديد وهي أرض ذات حجارة سود. قوله: "سرح الماء" من التسريح أي أرسل اسق يحتمل قطع الهمزة ووصلها وقوله: أن كان بفتح الهمزة حرف مصدري أو مخفف أن واللام مقدرة أي حكمت بذلك لكونه ابن عمتك، وروي بكسر الهمزة على أنه مخفف إن والجملة استئنافية في موضع التعليل. قوله: "فتلون" أي تغير وظهر فيه آثار الغضب إلى الجدر بفتح الجيم وكسرها وسكون الدال المهملة، وهو الجدار، قيل: المراد به ما رفع حول المزرعة كالجدار وقيل: أصول الشجر، أمره ـ صلى الله عليه وسلم ـ أولا بالمسامحة والإيثار بأن يسقي شيئًا يسيرًا ثم يرسله إلى جاره، فلما قال الأنصاري ما قال، وجهل موضع حقه أمره بأن يأخذ تمام حقه ويستوفيه فإنه أصلح له، وفي الزجر أبلغ، وقول الأنصاري ما قال وقع منه في شدة الغضب بلا اختيار منه إن كان مسلما، ويحتمل أنه كان منافقا وقيل له: أنصاري لاتحاد القبيلة وقد جاء في النسائي أنه حضر بدرًا.

 

عجًبا لأمر المسلمين في هذا الزمان، يطلبون الإسلام ويريدونه، ولكنهم لا يعملون لتطبيق أحكامه، إذا ما سألتهم: أتريدون أن تُحكموا بالإسلام أم بالعلمانية؟ أجابوك بكل ثقة واندفاع: طبعا بالإسلام. إذن ما الذي يجعلهم لا يعملون لتطبيقه في واقع الحياة؟ لماذا هم صامتون؟! ماذا ينتظرون؟! إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - غضب غضبًا شديدًا من الانصاري عندما امتنع عن تطبيق أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم- ؛ بل نزلت آية عظيمة من فوق سبع سماوات يُقسم الله سبحانه فيها بعدم اكتمال الإيمان عمَّن لا يطبق شرع الله، وعمَّن يبقى في نفسه حرج إن طُبق عليه؛ بل عمَّن لم يرضَ ويُسلمْ بما حكم سبحانه.

 

أيها المسلمون: كيف حالكم وأنتم لا تطبقون جلَّ أحكام الله؟ كيف حالكم وأنتم تعصون أوامر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ أتراكم تظنون أنكم بعيدون عن هذا القسم؟ أم أنكم اتخذتم عند الله عهدًا؟ ألم تقرؤوا هذه الآية؟ ألم يقل لكم رسولكم الكريم - صلى الله عليه وسلم - "من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" ؟ أتعرفون معنى الميتة الجاهلية؟

 

الصحابة رضوان الله عليهم - أيها المسلمون- أجّلوا دفن رسول الله مدة ثلاثة أيام مع إدراكهم الأكيد بأن إكرام الميت دفنه، فما بالكم إذا كان الميت الرسول الأعظم محمد صلوات الله وسلامه عليه؟ لماذا فعل الصحابة رضوان الله عليهم ذلك؟ لقد قدّموا الأهم على المهم، فقد فقهوا هذه المسألة وعلموا أن رأس الأمر في تنصيب الخليفة الحاكم، لأن وجوده يعني وجود الدين وغيابه غياب للدين، ألا تعلمون ماذا فعل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب- رضوان الله عليه- بعد أن طُعِن وشَعَرَ بدُنوِّ أجله؟ لقد طلب من ستة نفر من الصحابة الكرام أن يختاروا منهم خليفة للمسلمين في غضون ثلاثة أيام، وطلب من بعض المسلمين أن يقطعوا رؤوسهم إذا مرت الثلاثة أيام دون اتفاقهم على خليفة للمسلمين.

 

هل لاحظتم خطورة الأمر؟

 

هل علمتم ما هو تاج الفروض في هذا الزمان؟

 

اللهمَّ عاجلنا بخلافة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرْ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم

 

06 من صـفر 1435

الموافق 2013/12/09م

 

 

http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/index.php/contents/entry_31477

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

مع الحديث الشريف

 

أهل الريب

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

روى الترمذي في سننه قال:

 

حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي سَعْدٍ الْأَزْدِيِّ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ قَالَ: "غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مَعَنَا أُنَاسٌ مِنْ الْأَعْرَابِ، فَكُنَّا نَبْتَدِرُ الْمَاءَ وَكَانَ الْأَعْرَابُ يَسْبِقُونَّا إِلَيْهِ، فَسَبَقَ أَعْرَابِيٌّ أَصْحَابَهُ فَيَسْبَقُ الْأَعْرَابِيُّ فَيَمْلَأُ الْحَوْضَ وَيَجْعَلُ حَوْلَهُ حِجَارَةً وَيَجْعَلُ النِّطْعَ عَلَيْهِ حَتَّى يَجِيءَ أَصْحَابُهُ، قَالَ: فَأَتَى رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ أَعْرَابِيًّا فَأَرْخَى زِمَامَ نَاقَتِهِ لِتَشْرَبَ، فَأَبَى أَنْ يَدَعَهُ فَانْتَزَعَ قِبَاضَ الْمَاءِ فَرَفَعَ الْأَعْرَابِيُّ خَشَبَتَهُ فَضَرَبَ بِهَا رَأْسَ الْأَنْصَارِيِّ فَشَجَّهُ، فَأَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ رَأْسَ الْمُنَافِقِينَ فَأَخْبَرَهُ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَغَضِبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ثُمَّ قَالَ: لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ - يَعْنِي الْأَعْرَابَ - وَكَانُوا يَحْضُرُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الطَّعَامِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِذَا انْفَضُّوا مِنْ عِنْدِ مُحَمَّدٍ فَأْتُوا مُحَمَّدًا بِالطَّعَامِ فَلْيَأْكُلْ هُوَ وَمَنْ عِنْدَهُ، ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، قَالَ زَيْدٌ: وَأَنَا رِدْفُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ فَأَخْبَرْتُ عَمِّي، فَانْطَلَقَ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَلَفَ وَجَحَدَ، قَالَ فَصَدَّقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَّبَنِي، قَالَ: فَجَاءَ عَمِّي إِلَيَّ فَقَالَ: مَا أَرَدْتَ إِلَّا أَنْ مَقَتَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَّبَكَ وَالْمُسْلِمُونَ، قَالَ فَوَقَعَ عَلَيَّ مِنْ الْهَمِّ مَا لَمْ يَقَعْ عَلَى أَحَدٍ، قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ قَدْ خَفَقْتُ بِرَأْسِي مِنْ الْهَمِّ، إِذْ أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَكَ أُذُنِي وَضَحِكَ فِي وَجْهِي، فَمَا كَانَ يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا الْخُلْدَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَحِقَنِي فَقَالَ: مَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا إِلَّا أَنَّهُ عَرَكَ أُذُنِي وَضَحِكَ فِي وَجْهِي، فَقَالَ :أَبْشِرْ، ثُمَّ لَحِقَنِي عُمَرُ فَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ قَوْلِي لِأَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَةَ الْمُنَافِقِينَ".

 

قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ:

 

جاء في كتاب شرح النووي على مسلم: وَفِي حَدِيث زَيْد بْن أَرْقَمَ هَذَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَ أَمْرًا يَتَعَلَّق بِالْإِمَامِ أَوْ نَحْوه مِنْ كِبَار وُلَاة الْأُمُور، وَيُخَاف ضَرَره عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَنْ يُبَلِّغهُ إِيَّاهُ لِيَحْتَرِز مِنْهُ.

 

هذا الحديث يوجب على كل مسلم يطلع على ما يريبه بوقوع الخطر والضرر على الإسلام والمسلمين من قبل من هو من أهل الريب أن يبلغ عنه، كما يوجب على الدولة تتبع مثل هذه الريب والتعامل مع أهلها قبل وقوع ضررها، وأهل الريب هم الأفراد من الرعية الذين يترددون على الدول المحاربة فعلاً أو حكماً تردداً يثير الريبة ويخشى منه الضرر والخطر على الإسلام والمسلمين دولة وجماعة وأفراد، فعبد الله بن أبي كان من أهل الريب معروف عنه تردده على الكفار المحاربين للدولة الإسلامية، وأنه على علاقة مشبوهة معهم، قريش ويهود الذين حول المدينة، فموقفه من يهود بني النضير، ووقوفه إلى جانبهم حين أراد النبي صلى الله عليه وسلم الحكم عليهم بعد نكثهم للعهد الذي كان بينهم وبين المسلمين ومجاهرتهم بالعداء للإسلام، معروف ويشهد عليه أنه كان يوالي يهود من دون المؤمنين، بل لقد فضحه الله تعالى في موقفه ذاك، إذ حرض يهود على عدم النزول على حكم النبي صلى الله عليه وسلم، وألح على النبي أن يمكنه هو من القضاء فيهم، كما فضحه تعالى في موقفه الذي بيته في حديثنا لهذا اليوم حين حرض على الفتنة وبيَّت إثارة الفرقة بين المسلمين أنصار ومهاجرين، فهو إذن كان ممن يخشى منهم على الدولة واستقرارها، وممن يخشى منهم إثارة الفتنة بين الناس وبث الفرقة بينهم والإطاحة بأمنهم وأمانهم، كما ثبت عليه تردده على الكفار المحاربين من أعادء الإسلام، لذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أقر من تجسس عليه ونقل أخباره، بل إنه بش في وجهه وداعب أذنه تعبيراً عن رضاه بما صنع ، ما يدل على جواز التجسس على أهل الريب من رعايا الدولة ونقل أخبارهم.

 

قد يقول قائل إن هذا يناقض ما جاء في الآية الكريمة: "ولا تجسسوا". ولهذا نقول: أبداً ليس هناك أي تعارض .....فلا شك في أن الآية تحرم التجسس على رعايا الدولة مسلمين كانوا أو أهل ذمة فلا يجوز التجسس عليهم مطلقاً.....

 

أما أهل الريب فإن ترددهم على الكفار المحاربين، يجعلهم محل ريبة لاتصالهم بمن يجوز التجسس عليهم من باب السياسة الحربية ومنع الضرر على المسلمين، وللأدلة الشرعية الواردة في ذلك، ومن هذه الأدلة: إرساله صلى الله عليه وسلم لسرية عبد الله بن جحش بقصد ترصد قريش ومعرفة أخبارهم.

 

وقوفه صلى الله عليه وسلم في معركة بدر على أحد شيوخ العرب وسؤاله عما يعلمه من أخبار قريش وأخبار محمد صلى الله عليه وسلم.

 

إرساله صلى الله عليه وسلم علياً بن أبي طالب والزبير بن العوام وسعداً بن أبي وقاص في نفر من أصحابه إلى ماء بدر يلتمسون أخبار قريش ... وغيرها من البعوث التي أرسلها صلى الله عليه وسلم للتجسس على قريش لمعرفة أخبارها.

 

وهذه الأدلة لا تقتصر على جواز التجسس على الدولة المحاربة فعلاً فقط حتى وإن جاءت كلها في التجسس على قريش المحاربة فعلاً للمسلمين ... بل تشمل كذلك التجسس على الدول المحاربة حكماً لتوقع الحرب معهم في أي وقت.

 

إلا أن الفرق بين التجسس على كل من الفريقين هو: أن التجسس على الدول المحاربة فعلاً هو واجب على الدولة لأن السياسة الحربية تقتضي ذلك.

 

أما التجسس على الدول المحاربة حكماً فجائز وليس بواجب إلا أن يخشى منهم الضرر بأن يتوقع مساعدتهم أو انضمامهم للمحاربين فعلاً فإنه في هذه الحالة يصبح التجسس عليهم واجب على الدولة كالمحاربين فعلاً سواء بسواء.

 

وهكذا فإن التجسس على الدول المحاربة فعلاً جائز للمسلمين واجب على الدولة توفيره للأدلة السابقة، ولقاعدة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

 

ومن هنا فإنه إذا تردد أفراد من الرعية، مسلمون أو ذميون على الكفار المحاربين فعلاً أو حكماً في بلادنا أو في بلادهم فهؤلاء الأفراد هم أهل ريبة يجوز التجسس عليهم، وتتبع أخبارهم لأنهم يترددون على من يجوز التجسس عليهم، ولأنه يخشى منهم ضرر على الدولة إن تجسسوا للكفار ونقلوا لهم أخباراً تفيدهم في حربهم على المسلمين.

 

لكن حتى يجوز التجسس على هؤلاء يجب أن يتحقق الشرطان التاليان:

 

أن يظهر نتيجة مراقبة دائرة الحربية ودائرة الأمن الداخلي للمسؤولين الكفار المحاربين حكماً أو ممثليهم أن تردد هؤلاء الرعايا على أولئك الكفار سواء أكان في الخارج أم في الداخل أمر غير عادي ولافت للنظر.

 

أن يعرض ما ظهر للدائرتين المذكورتين على قاضي الحسبة ويرى قاضي الحسبة من ذلك أن في هذا التردد ضرراً متوقعاً على الإسلام والمسلمين.

 

أما من ينفذ التجسس على أهل الريب فهم:

 

دائرة الأمن الداخلي: وتتولى التجسس على أولئك الأفراد من الرعية الذين ثبت تورطهم بالتردد على المسؤولين الكفار المحاربين حكماً وممثليهم في بلادنا،

 

دائرة الحربية: وتتولى التجسس على الأفراد من الرعية

 

الذين يترددون على المسؤولين الكفار المحاربين فعلاً

 

الذين يترددون على المسؤولين الكفار المحاربين حكماً وممثليهم في بلادهم أي (خارج الدولة الإسلامية).

 

وإن ما يفعله الكثير من السياسين من أعضاء البرلمانات أو الأحزاب أو أعضاء مؤسسات المجتمع المدني، أو حتى أعضاء المؤسسات الرسمية والمؤسسات التجارية وغيرها في بلاد الإسلام، من التواصل مع مؤسسات رسمية في الدول الخارجية خاصة منها وزارات الخارجية، أو البرلمانات أو سفاراتها وقنصلياتها في بلادنا يجعلهم محل ريبة ومظنة التسبب في أضرار للأمة، أما قبولها لدعم هذه المؤسسات بغض النظر عن نوع هذا الدعم وخاصة الدعم المالي من تبرعات ومنح وأمثالها فإنه ليس فقط مثير للريبة بل هي الريبة بعينها فهذه المؤسسات ليست جمعيات خيرية تبتغي من وراء عملها وجه الله، بل هي أصلا لا تعرف الله وتحارب دينه وأهل دينه، والخطر والضرر فيها واضح وليس فقط محل ظن.

 

أعاذنا الله ونجانا من أوساط السوء الفاسدة المفسدة التي ترهن بل تبيع البلاد والعباد مقابل عرض من الدنيا قليل ... وأبدلنا بها أوساط راقية مستقيمة صالحة مصلحة، ترى ما وراء الجدار، ولا تخشى إلا الله ولا تطمع إلا بقبوله ورضوانه.

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

07 من صـفر 1435

الموافق 2013/12/10م

 

http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/index.php/contents/entry_31494

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

 

أنت مع من أحببت

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

عن أنس رضي الله عنه: "أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال: متى الساعة؟ قال: وماذا أعددت لها؟ قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فقال: "أنت مع من أحببت". قال أنس: فما فَرِحْنا بشيءٍ فَرَحَنا بقولِ النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت مع من أحببت"، قال أنس: فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم".

 

شرح الحديث:

 

قوله: وماذا أعددت لها، أي ما العمل الصالح الذي أعددته لتلقى جزاءه إذا قامت الساعة؟ قال الحافظ: قال الكرماني: سلك مع السائل أسلوب الحكيم وهو تلقي السائل بغير ما يطلب مما يهمه أو هو أهم.

 

قوله: أنت مع من أحببت، قال الحافظ في الفتح: أي ملحق بهم حتى تكون من زمرتهم وبهذا يندفع إيراد أن منازلهم متفاوتة فكيف تصح المعية؟ فيقال: إن المعية تحصل بمجرد الاجتماع في شيء ما ولا تلزم في جميع الأشياء، فإذا اتفق أن الجميع دخلوا الجنة صدقت المعية وإن تفاوتت الدرجات.

 

قول أنس رضي الله عنه: فما فَرِحْنا بشيءٍ فَرَحَنا بقول النبي أنت مع من أحببت، وفي صحيح مسلم قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: فإنك مع من أحببت.

 

قوله: فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، جمع أنس رضي الله عنه بين النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه في المحبة، ومحبتهما رضي الله عنهما من محبة الرسول لأن المحبة الصادقة تقتضي موافقة المحبوب في محبة ما يحبه وبغض ما يبغضه، وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما حبيباه وصاحباه رضي الله عنهما، وقد قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} وقد جمع الله بين النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما في الدنيا وفي التربة في البرزخ وهما معه في الجنة، وهما أفضلُ مَنْ وَلَدَتْهُ النساءُ بعد الأنبياء والمرسلين، وأفضلهما الصديق رضي الله عنه وبعد عمر في الفضل عثمان رضي الله عنه، ثم علي رضي الله عنه وعن سائر الصحابة أجمعين.

 

ونحن اخي المستمعُ الحبيب ماذا أعددنا لآخرتنا؟

 

فإن أجبنا كما أجاب الأعرابيُّ رسولَ الله، أعددنا لها محبةَ اللهِ ورسولهِ

 

أجبنا أن المحبةَ الصادقةَ تقتضي موافقةَ المحبوبِ في محبةِ ما يُحبُّهُ وبُغْضِ ما يُبْغِضُهُ،

 

فهل نحن نُحِبُّ مَا يُحِبُّ اللهُ ورسولُهُ؟

 

وهل نتبعُ رسولَ الله حتى نستحقَ محبةَ اللهِ سبحانه؟

 

فإذا أردنا أن نَرِثَ هذه الدرجةَ وهذه المحبةَ فلا بد لنا أن نَصِلَ ليلَنا بنهارِنا في طاعةِ الله وطاعةِ رسولِه صلى الله عليه وسلم، ونعملَ لإعادة الإسلامِ إلى الحياة كما عملَ صلى الله عليه وسلم، فأقامَ دولة الإسلامِ، وطبقه وحمله إلى الناس، ونموتَ على ما مات عليه الحبيبُ محمدُ ونعملَ جاهدين من أجل استعادة ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافةً راشدةً على منهاج النبوة فنستحقَّ بذلكَ محبةَ اللهِ ومحبةَ رسولِهِ صلى الله عليه وسلم.

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

10 من صـفر 1435

الموافق 2013/12/13م

 

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

 

مع الحديث الشريف

 

أيام التشريق

 

 

روى مسلم في صحيحه قال:

 

و حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ قَالَ

 

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ

 

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ نُبَيْشَةَ قَالَ خَالِدٌ فَلَقِيتُ أَبَا الْمَلِيحِ فَسَأَلْتُهُ فَحَدَّثَنِي بِهِ فَذَكَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ هُشَيْمٍ وَزَادَ فِيهِ وَذِكْرٍ لِلَّهِ.

 

جاء في شرح النووي على مسلم قوله:

 

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيَّام التَّشْرِيق أَيَّام أَكْلٍ وَشُرْبٍ)، وَفِي رِوَايَة: (وَذِكْرٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)، وَفِي رِوَايَة: (أَيَّام مِنًى)، وَفِيهِ دَلِيل لِمَنْ قَالَ: لَا يَصِحّ صَوْمهَا بِحَالٍ، وَهُوَ أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَب الشَّافِعِيّ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَة وَابْن الْمُنْذِر وَغَيْرهمَا.

 

وَقَالَ جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء: يَجُوز صِيَامُهَا لِكُلِّ أَحَدٍ تَطَوُّعًا وَغَيْره، حَكَاهُ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ الزُّبَيْر بْن الْعَوَّام وَابْن عُمَر وَابْن سِيرِينَ، وَقَالَ مَالِك وَالْأَوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاق وَالشَّافِعِيّ فِي أَحَد قَوْلَيْهِ: يَجُوز صَوْمهَا لِلتَّمَتُّعِ إِذَا لَمْ يَجِد الْهَدْي، وَلَا يَجُوز لِغَيْرِهِ، وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِحَدِيثِ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَنْ اِبْن عُمَر وَعَائِشَة قَالَا: لَمْ يُرَخِّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ.

 

وَأَيَّام التَّشْرِيق ثَلَاثَةٌ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَشْرِيقِ النَّاسِ لُحُومَ الْأَضَاحِيّ فِيهَا، وَهُوَ تَقْدِيدُهَا وَنَشْرُهَا فِي الشَّمْسِ، وَفِي الْحَدِيث اِسْتِحْبَاب الْإِكْثَار مِنْ الذِّكْر فِي هَذِهِ الْأَيَّام مِنْ التَّكْبِير وَغَيْره.

 

شُرع عيد الفطر يوما واحدا، فهو يأتي بعد تمام شعيرة الصوم بانتهاء شهر رمضان لكن العيد في الأضحى أربعة أيام: يوم النحر حيث يرمي الحجيج الجمرة الأولى ثم ينحرون هديهم ثم يتحللون من إحرامهم ثم يطوفون طواف الإفاضة، أما أيام التشريق فيُتمون فيها رمي باقي الجمرات، وينحر هديه من لم ينحر يوم النحر, فكانت أيام التشريق تمام شعائر الحج، فهي كيوم النحر أيام عيد، أيام رمي ونحر وأكل وشرب, وسرور ومرح.

 

روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ:

 

"أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنَى تُدَفِّفَانِ وَتَضْرِبَانِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ: دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ أَيَّامُ مِنًى".

 

وَقَالَتْ عَائِشَةُ :"رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُمْ، أَمْنًا بَنِي أَرْفِدَةَ يَعْنِي مِنْ الْأَمْنِ".

 

العيد يعني الفرح والسرور, والخروج عن المألوف في الحياة اليومية، عن الرتابة والروتين، لكن الإسلام أضاف لهذا المعنى شيئاً من السمو والرفعة، إذ ربط العيد بعبادة عظيمة هي ركن من أركان الدين, فكان الفرح فيه شكراً لله على أن أعاننا ويسر لنا إتمام عبادتنا وكان المرح تجديداً للهمة والنشاط في أعمالنا وعباداتنا, لنبقى دائما عالِيْ الهمة, بعيدِيْ الطموح, مليئين بالقوة بالنشاط، تخيم علينا أجواء الإيمان فلا ننسى أثناء احتفالنا بالعيد أن نبقي احتفالاتنا في حدود ما أباح الله من متع ولهو مباح, ونصحبها بالتضرع له سبحانه أن يتقبل منا أعمالنا, ويغفر لنا أخطاءنا, ويتم نعمته علينا بالنصر والتمكين لنحتفل بأيام النحر والتشريق في قابل، تحت ظل دولة الخلافة وبرعاية خليفة المسلمين, لتملأ الأرض عدلا بعد أن امتلأت جورا, ورعاية بعد أن امتلأت ظلما, إن الله سميع مجيب.

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

11 من صـفر 1435

الموافق 2013/12/14م

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل

×
×
  • اضف...