Jump to content
منتدى العقاب

مع الحديث الشريف / سلسلة من المكتب الإعلامي لحزب التحرير


Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

 

نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس

 

 

الحمد لله وكفى، وسلاماً على عباده الذين اصطفى، والصلاة والسلام على إمام المرسلين وسيد الخلق أجمعين محمد صلى الله عليه وسلم.

 

نقف اليوم على فقرة متجددة لسلسلة أحاديثه العطرة لنستقي ما فيها من عبر ودروس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ).

 

 

لقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الصحة والفراغ من النعم التي يغبن فيها كثير من الناس، فكم من إنسان أعطي صحة وقوة وعافية فلا يستغل ذلك في طاعة الله تعالى، وكم من إنسان عنده من الفراغ والوقت الشيء الكثير فلا يجعل ذلك سبيلاً للتقرب إلى الله تعالى.

 

أما من حيث معنى الحديث: فإن الغبنَ أصلاً يختار ويقال في قضايا البيع، وهذا النبي إنما بعث ليرشد الناس وينقذهم، والبائع التاجر له رأس مال يريد من ورائه ربحاً شريطة أن يسلم له رأس ماله، فخاطب النبي صلى الله عليه وسلم الناس بمقتضى ما يعرفونه في حياتهم، فقال عليه الصلاة والسلام: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس)، وكيف يغبن فيهما كثير من الناس؟ والجواب: أن هناك صحة وهناك فراغاً، فبعض من الناس لديه متسع من الوقت لكنه يعاني سقماً، فلا يستفيد ولا يستطيع أن يقضي فراغه بما ينفعه؛ لانشغاله بمرضه، وآخرون لديهم صحة لكنهم مشغولون بالكد في سبيل تحصيل الرزق أو شيء آخر.

 

فالنبي صلى الله عليه وسلم يذكر هنا أنه قد يوجد في عبد من الترف وإرث الأموال والنعمة التي أفاءها الله عليه ما هو مستغن لا يحتاج إلى الكد والسعي، وفي نفس الوقت أعطاه الله جل وعلا عافيةً وصحةً في بدنه، فإذا اجتمعت هاتان النعمتان في عبد: (الصحة والفراغ) ولم يجعلهما في طاعة الله جل وعلا، ولم ينتهزهما في التعامل مع ربه جل وعلا بالإيمان والعمل الصالح، والله يقول: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ (الشرح :7)، فهذا الرجل مغبون، أي: أنه خاسر لم يفقه كيف يستثمر تلك النعمتين التي وهبهما الله جل وعلا إياه، ومن استثمرهما لا يقال له: مغبون، وإنما يغبط على أنه استثمر تلك النعم في طاعة الله جل وعلا.

 

إن الله جل وعلا يهب نعماً ويضع صوارف، ووضع موعداً، والناس في هذا يكدحون ويمضون ويغدون ويروحون ولا بد لهم من ذلك، فمن جعل همه الأكبر السعي في طاعة الله، وما أفاء الله عليه من النعم، وما دفع الله عنه من الصوارف، جعله عوناً على الطاعة، فهذا الذي فقه الشرع وفقه لقاء الله تبارك وتعالى.

 

فاللهم اجعلنا ممن يغتنمون الوقت في سبيل طاعتك وإعزاز دينك يا رب العالمين

 

 

04 من ربيع الاول 1434

الموافق 2013/01/16م

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

 

بدأ الإسلام غريبا

 

 

الحمد لله رب العالمين ,والصلاة والسلام على الحمد لله رب العالمين ,والصلاة والسلام على إمام المرسلين, رسول الرحمة الآلهية إلى البشر أجمعين ,صلوات ربي وسلامه عليه .

 

فقرة متجدد لسلسلة أحاديثه المختارة من سنته العطرة, لنستقي مافيها من عبر ودروس فنتعلم ونعلم .

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

((بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء)).

 

 

فالمقصود أن الغرباء: هم أهل الاستقامة، وأن الجنة والسعادة للغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس، إذا تغيرت الأحوال والتبست الأمور وقلَّ أهل الخير ثبتوا هم على الحق واستقاموا على دين الله، ووحدوا الله وأخلصوا له العبادة واستقاموا على الصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر أمور الدين، هؤلاء هم الغرباء، وهم الذين قال الله فيهم وفي أشباههم: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ}

[1]،" ما تدعون: أي ما تطلبون.

 

فالإسلام بدأ قليلاً غريباً في مكة لم يؤمن به إلا القليل، وأكثر الخلق عادوه وعاندوا النبي صلى الله عليه وسلم وآذوه، وآذوا أصحابه الذين أسلموا، ثم انتقل إلى المدينة مهاجراً وانتقل معه من قدر من أصحابه، وكان غريباً أيضاً حتى كثر أهله في المدينة وفي بقية الأمصار، ثم دخل الناس في دين الله أفواجاً بعد أن فتح الله على نبيه مكة عليه الصلاة والسلام، فأوله كان غريباً بين الناس، وأكثر الخلق على الكفر بالله والشرك بالله وعبادة الأصنام والأنبياء والصالحين والأشجار والأحجار ونحو ذلك. ثم هدى الله من هدى على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى يد أصحابه فدخلوا في دين الله وأخلصوا العبادة لله وتركوا عبادة الأصنام والأوثان والأنبياء والصالحين وأخلصوا لله العبادة، فصاروا لا يعبدون إلا الله وحده، لا يصلون إلا له، ولا يسجدون إلا له، ولا يتوجهون بالدعاء والاستعانة وطلب الشفاء إلا له سبحانه وتعالى، لا يسألون أصحاب القبور، ولا يطلبون منهم المدد، ولا يستغيثون بهم، ولا يستغيثون بالأصنام والأشجار والأحجار، ولا بالكواكب والجن والملائكة، بل لا يعبدون إلا الله وحده سبحانه وتعالى، هؤلاء هم الغرباء. وهكذا في آخر الزمان هم الذين يستقيمون على دين الله، عندما يتأخر الناس عن دين الله وعندما يكفر الناس وعندما تكثر معاصيهم وشرورهم، يستقيم هؤلاء الغرباء على طاعة الله ودينه، فلهم الجنة والسعادة، ولهم العاقبة الحميدة في الدنيا وفي الآخرة.

 

 

06 من ربيع الاول 1434

الموافق 2013/01/18م

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

 

باب ذكر الصراط الثاني وهو القنطرة التي بين الجنة والنار

 

 

نحييكم أيها الأحبة في كل مكان، من إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير، بتحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ونكون وإياكم مع برنامجكم (مع الحديث الشريف).

 

روى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخلص المؤمنون فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعض مظالمُ كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أُذِنَ لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة بمنزله كان في الدنيا".

 

 

قال القرطبي في كتاب التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة: "اعلم رحمك الله أن في الآخرة صراطين، أحدهما:مَجاز لأهل المحشر كلهم ثقيلهم وخفيفهم إلا من دخل الجنة بغير حساب، أو يلتقطه عنق النار، فإذا خلص من خلص من هذا الصراط الأكبر الذي ذكرناه، ولا يخلص إلا المؤمنون الذين علم الله منهم أن القصاص لا يستنفد حسناتهم، حبسوا على صراط آخر خاص لهم ولا يرجع إلى النار من هؤلاء أحد إن شاء الله؛ لأنهم قد عبروا الصراط الأول المضروب على متن جهنم الذي يسقط فيها مَن أَوْبَقَهُ ذنبه وأربى على الحسنات بالقصاص جرمُه.

 

ومعنى يخلص المؤمنون من النار:أي يخلصون من الصراط المضروب على النار، وخلص: أي سلم ونجا.

 

قال مقاتل: إذا قطعوا جسر جهنم حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالمُ كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا وطيبوا قال لهم رضوان وأصحابه: سلام عليكم بمعنى التحية: "طبتم فادخلوها خالدين".

 

وقد ذكر الدارقطني حديثا ذكر فيه أن الجنة بعد الصراط.

 

قال القرطبي: ولعله أراد بعد القنطرة بدليل حديث البخاري والله أعلم، أو يكون ذلك في حق من دخل النار وخرج بالشفاعة، فهؤلاء لا يحبسون بل إذا أخرجوا بثوا على أنهار الجنة.

وورد في معنى قوله أهدى بمنزله: أي أهدى إلى منزله؛ فالباء هنا بمعنى إلى، أي يكون الواحد فيهم أعرف بمنزله في الجنة من منزله في الدنيا، وهو معنى قوله تعالى: "ويدخلهم الجنة عرفها لهم".

 

والله تعالى أعلى وأعلم.

 

نسأل الله العلي العظيم أن يغفر لنا ولمن أسأنا له من المسلمين، وألا يقبضنا إليه إلا وقد وَفَّيْنا كل ذي حق حقه، وأن يكتبنا من عباده الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عتاب ولا عذاب، اللهم آمين آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

07 من ربيع الاول 1434

الموافق 2013/01/19م

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

 

باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في " باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال".

 

حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم يقول الله تعالى أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيخرجون منها قد اسودوا، فيلقون في نهر الحيا أو الحياة - شك مالك - فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل، ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية، قال وهيب: حدثنا عمرو الحياة وقال: خردل من خير.

 

 

قوله: (باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال) في: ظرفية ويحتمل أن تكون سببية، أي التفاضل الحاصل بسبب الأعمال.

 

قوله: (مثقال حبة) بفتح الحاء هو إشارة إلى ما لا أقل منه، قال الخطابي: هو مثل ليكون عيارا في المعرفة لا في الوزن; لأن ما يشكل في المعقول يرد إلى المحسوس ليفهم.

 

قوله: (في نهر الحياء) كذا في هذه الرواية بالمد، ولكريمة وغيرها بالقصر، وبه جزم الخطابي وعليه المعنى ; لأن المراد كل ما به تحصل الحياة، والحيا بالقصر هو المطر، وبه تحصل حياة النبات، فهو أليق بمعنى الحياة من الحياء الممدود الذي هو بمعنى الخجل.

لا شك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مستلزمات الإيمان، حيث يُبدأ به باليد وإن لم تحصل الاستطاعة فباللسان، ثم بعد ذلك بالقلب، وهذا أضعف الإيمان. وها هي الأمة تخرج عن صمتها لتنكر بيدها وبلسانها جرائم الإساءة إلى رسولها الكريم - صلوات الله وسلامه عليه -، وها هم حكامها وبعض علماء قصورهم يخرجون على الفضائيات، لا لينكروا ما أنكرته، ولا ليسكتوا عن الحق فيكونون مع الشياطين سواء، بل دفعهم غرورهم ليتفوقوا عليهم، تحقيقا لقول الشاعر:

ولقد كنت امرأ من جنود إبليس فارتقى بي الحال حتى أصبح إبليس من جندي.

 

فقد أجمعوا أمرهم على رفض الهجوم على أوكار المخابرات الأمريكية التي أطلقوا عليها اسم سفارات، وادّعوا أن لها حرمة، وتعاموا عن الحقائق التي أدركتها الأمة، وأول هذه الحقائق أن أمريكا هي العدو الأول للإسلام وللمسلمين، فهذا القرضاوي يُبرّئ أمريكا من هذه الجريمة البشعة قائلا: "ان الدولة الأمريكية ليست مسؤولة عن موضوع الفيلم المسيئ للرسول عليه الصلاة والسلام" وقد أفتى عبد الرحمن البر، عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين وعميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر فرع المنصورة، بتجريم الاعتداء على السفارات الأجنبية في البلدان العربية والإسلامية، ووصف مثل تلك الاعتداءات "بالـجريمة المنكرة" التي يتعين على جميع عقلاء الأمة رفضها والتصدي لها، كما وأعرب الشاطر عن تعازيه للشعب الأمريكي في مقتل السفير الأمريكي.

 

هكذا يصرون على أن لا تبقى في قلوبهم ذرة من إيمان، فقد تركوا الجريمة وفاعلها، ووقفوا مع مؤيدها.

 

"أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان" أي إيمان بعد الوقوف في صف من يُحاد الله ورسوله"، ألم تقتل أمريكا مليون مسلم عراقي؟! ألم تحتل أمريكا العراق وأفغانستان بحجة أنها تحارب الإرهاب أو بحجة البحث عن ابن لادن؟! أم أن "السفير الأمريكي" أقصد رأس المخابرات الأمريكي دمه ليس كدماء المسلمين؟! ما لكم كيف تحكمون؟!

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

08 من ربيع الاول 1434

الموافق 2013/01/20م

 

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

باب ومن سورة البقرة

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

جاء في تحفة الأحوذي، في شرح جامع الترمذي "بتصرف" في " باب ومن سورة البقرة".

 

حَدَّثَنَا هَنَّادٌ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِلشَّيْطَانِ لَمَّةً بِابْنِ آدَمَ وَلِلْمَلَكِ لَمَّةً، فَأَمَّا لَمَّةُ الشَّيْطَانِ فَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ، وَأَمَّا لَمَّةُ الْمَلَكِ فَإِيعَادٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ، فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ اللَّهِ فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ الْأُخْرَى فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، ثُمَّ قَرَأَ "الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ" الْآيَةَ.

 

 

 

قوله (فمن وجد): أي في نفسه أو أدرك وعرف، (ذلك): أي لمّة الملك على تأويل الإلمام أو المذكور، (فليعلم أنه من الله): أي منة جسيمة ونعمة عظيمة واصلة إليه ونازلة عليه إذ أمر الملك بأن يلهمه، (فليحمد الله): أي على هذه النعمة الجليلة حيث أهله لهداية الملك ودلالته على ذلك الخير، (ومن وجد الأخرى): أي لمّة الشيطان، (ثم قرأ): أي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ استشهادا (الشيطان يعدكم الفقر) أي يخوفكم به، (ويأمركم بالفحشاء) أي الشيطان يعدكم الفقر ليمنعكم عن الإنفاق في وجوه الخيرات ويخوفكم الحاجة لكم أو لأولادكم في ثاني الحال، سيما في كبر السن وكثرة العيال، ويأمركم بالفحشاء: أي المعاصي، وهذا الوعد والأمر هما المرادان بالشر في الحديث.

 

 

 

يأتي هذا الحديث ليحذر الإنسان ويذكره بمعركته مع الشيطان التي لا نهاية لها، فطالما وُجد الإنسان وُجد الشيطان بجانبه، لا ليخدمه؛ بل ليكون داعيا له للمعصية حاثّا إياه على فعل المنكرات، في كل الأوقات فهو يأتيه عن يمينه وشماله، من خلفه وأمامه، وهو كظله لا يفارقه أبدا. وهذا بخلاف المَلَك الموكّل بالإنسان، حيث يعده بالخير والتصديق، وعمل البر. وهكذا الإنسان يعيش بين قوتين تتجاذبانه، فأحيانا يجد في قلبه شيئا يدفعه إلى الضلال ويحركه إلى الفساد والمعاصي، وأحيانا يجد خلاف ذلك كأن شيئا يحركه لعمل الخير والبعد عن الذنوب والمعاصي.

 

 

أيها المسلمون:

 

إن المفاهيم الإسلامية الصحيحة التي يحملها الإنسان، هي الوحيدة الكفيلة لجعله مستجيبا لما يدعوه إليه الملَك، مبتعدا عمّا يدعوه الشيطان إليه. وهذه المفاهيم وإن غابت عن حياة المسلمين ردحا من الزمن بسبب سوء رعاية حكامهم لهم، فإنا والحمد لله نراها بدأت تعود مع إدراك الأمة لواقعها السيء الذي تعيش.

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

 

 

09 من ربيع الاول 1434

الموافق 2013/01/21م

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

  • 4 weeks later...

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

استوصوا بالنساء خيرا

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلْقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في كتاب سنن الترمذي- كِتَاب الرَّضَاعِ - أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم خلقا.

 

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ شَهِدَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَذَكَّرَ وَوَعَظَ فَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ قِصَّةً فَقَالَ أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا أَلَا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ أَلَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ.

 

 

 

الشرح:

 

جاء في كتاب تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي - كِتَاب الرَّضَاعِ - واستوصوا بالنساء خيرا.

 

قَوْلُهُ: ( أَلَا ) لِلتَّنْبِيهِ.

قوله: ( وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) قَالَ الْقَاضِي: الِاسْتِيصَاءُ قَبُولُ الْوَصِيَّةِ وَالْمَعْنَى أُوصِيكُمْ بِهِنَّ خَيْرًا فَاقْبَلُوا وَصِيَّتِي فِيهِنَّ قوله: ( فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ ) جَمْعُ عَانِيَةٍ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْعَانِي الْأَسِيرُ.

 

قوله: ( إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) كَالنُّشُوزِ وَسُوءِ الْعِشْرَةِ وَعَدَمِ التَّعَفُّفِ.

قوله: ( فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: مُجَرِّحٍ، أَوْ شَدِيدٍ شَاقٍّ.

 

قوله: ( فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ ) قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ: لَا يَأْذَنَّ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْخُلَ مَنَازِلَ الْأَزْوَاجِ، والنَّهْيُ يَتَنَاوَلُ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ.

 

 

 

انْتَهَى.

 

 

 

لقد جعل الله الحياة الزوجية حياة عشرة ومصاحبة يصحب أحدهما الآخر صحبة تامة من جميع الوجوه، صحبة يطمئن فيها أحدهما للآخر، إذ جعل الله هذه الزوجية محل اطمئنان، وقد أوصى الله تعالى بحسن العشرة بين الزوجين.

وعلى الأزواج أن يحسنوا عشرة أزواجهم، فقد جعل الله قيادة البيت للزوج على الزوجة، فجعله قواماً عليها. قال تعالى: (( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ )).

 

هذه هي ركائز النظام الاجتماعي الذي أوجده الله لنا في القرآن الكريم والذي لو طبق لما عانت المرأة ما تعانيه اليوم من تعاسة وشقاء وضنك العيش.

وفي النهاية نحن على يقين بأن الله وعدنا بوعد من عنده ولن يخلف الله وعده وإنا لنرى بشائر النصر تلوح بالأفق ونرى أن دولة الإسلام دولة الخلافة الراشدة القادمة باتت قاب قوسين أو أدنى

 

 

((...وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ...)).

 

 

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

03 من ربيع الثاني 1434

الموافق 2013/02/13م

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مع الحديث الشريف

باب ومن سورة البقرة

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جاء في تحفة الأحوذي، في شرح جامع الترمذي "بتصرف" في " باب ومن سورة البقرة".

 

 

 

حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبغض الرجال إلى الله الألد الخَصِم" قال أبو عيسى هذا حديث حسن.

 

 

قوله: (أبغض الرجال إلى الله) قال الكرماني: الأبغض هو الكافر، فمعنى الحديث أبغض الرجال الكفار الكافر المعاند، أو أبغض الرجال المخاصمين. قال الحافظ ابن حجر: والثاني هو المعتمد، وهو أعم من أن يكون كافرا أو مسلما، فإن كان كافرا فأفعل التفضيل في حقه على حقيقتها في العموم، وإن كان مسلما فسبب البغض أن كثرة المخاصمة تفضي غالبا إلى ما يذم صاحبه أو يخص في حق المسلمين بمن خاصم في باطل.

 

(الألد): أفعل تفضيل من اللدد وهو شدة الخصومة.

 

(الخصم): بفتح الخاء المعجمة وكسر الصاد أي الشديد اللدد والكثير الخصومة.

إن ديننا دين رحمة، وقد خاطب رب العالمين رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، وبعد ذلك يقول له: "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك"، فكانت الرحمة مع الطفل ومع الشيخ ومع المرأة، بل ومع الحيوان، ومع ذلك نرى في أبناء الأمة اليوم، من ينظر لإخوانه المسلمين نظرة تشوبها الخصومة والعداء لأنهم لا يوافقونه الرأي مثلا، أو لا يرون ما يرى، وهذا الأمر لا شك منبوذ، ذلك لأن المسلم مع المسلم رحيم، بل هو رحيم حتى مع الحيوان، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حُمَّرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة تعرش، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها اليها". نعم هذا هو ديننا أيها المسلمون، رحيم بالحيوان، أفلا نكون رحماء بيننا؟ ويبقى السؤال: كيف فقدت الرحمة بيننا؟ وأين ذهبت؟ وكيف تعود؟ لا شك أن الأجواء المادية الرأسمالية التي نحياها اليوم بسبب حكامنا العملاء الخائنين لدينهم ولأمتهم، ولفكرها الإسلامي الصحيح، حيث جلبوا لنا بضاعة ليست من ديننا فأصبحت حساباتنا مادية تسببت في فقدان هذا الخُلق الطيب، فعلى الأمة أن تعمل وبجد وبأقصى طاقة، كي تستعيد هذا الخلق الرفيع، وغيره من الأخلاق الطيبة، وذلك بإسقاط هؤلاء الحكام من عليائهم، وتنصيب خليفة بدلا منهم، يحكمنا بشرع الله وبخلق الرحمة، فنسعد في حياتنا، في الدنيا والآخرة. اللهم عجل لنا بذلك، اللهم آمين آمين.

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

 

10 من ربيع الاول 1434

الموافق 2013/01/22م

 

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مع الحديث الشريف

 

باب ومن سورة البقرة

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في تحفة الأحوذي، في شرح جامع الترمذي "بتصرف" في " باب ومن سورة البقرة".

 

 

حَدَّثَنَا هَنَّادٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ ذَرٍّ عَنْ يُسَيِّعٍ الْكِنْدِيِّ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: "وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" قَالَ: الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ، وَقَرَأَ "وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" إِلَى قَوْلِهِ تعالى: دَاخِرِينَ.

 

 

 

قوله: (هو العبادة) أي هو العبادة الحقيقية التي تستأهل أن تسمى عبادة لدلالته على الإقبال على الله والإعراض عما سواه؛ بحيث لا يرجو ولا يخاف إلا إياه، وقرأ أي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم" إلى قوله تعالى: داخرين.

 

 

 

الدعاء هو العبادة؛ بل هو مخ العبادة، وهو سؤال العبد لربه، ولكن لما غابت العبادة الصحيحة عن المسلمين، فقَدَ الدعاءُ جوهرَه، فأصبحنا نرى خطباء المساجد يدعون الله من فوق أشرف المنابر وأقدسها أن ينصرهم على عدوهم وكثير منهم لربهم عاصون بسكوتهم على الحكم بغير ما أنزل الله، يدعون الله ويطلبون منه المساعدة وهم عن طريقه مبتعدون، ويسلكون طريق الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله، تسعون عاما والخطباء يدعون ربهم، تسعون عاما والعلماء يدعون ربهم، تسعون عاما والأمة تدعو ربها أن يغير حالها، وأن ينصرها على أعدائها، وأن يحرر أرضها ويقيم خلافتها، ولكن الحالَ لم يتغيرْ؟ ألا يسأل المسلمون أنفسهم لماذا؟ والله قادر على كل شيء، فهو القادر على تحقيق ما وعد بكلمة كن فيكون، وهو الذي يستحي أن يرد كف العبد خالية. لماذا لم يتغير الحال حتى الآن إذن؟.

لعل الجواب واضح جدا في حديث رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم".

 

فمن الناس من يدعو ربه وهو يسبح بحمد السلطان الظالم أو الفاسق أو الكافر، بدل من أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، ونسي أن العمل الذي عليه القيام به في هذا الموضع، أن يأمره بالمعروف وأن ينهاه عن المنكر، أن يأمره بتطبيق شرع الله في أرض الله، لا أن يداهنه ويجامله، عليه أن يكون في هذا الموضع متمثلا حديث رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- " سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله".

 

 

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

 

11 من ربيع الاول 1434

الموافق 2013/01/23م

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

" باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله"

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلْقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي "بتصرف" في " باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله".

 

عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءَهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله".

 

 

أيها الأحبة الكرام:

 

إن الله أمرنا أن نبلّغ الرسالة إلى الناس كافة، لا إلى العرب أو إلى جنس واحد من الناس، "وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين". أمرنا أن نخوض المعارك وأن نضحيَ بدمائنا وبأرواحنا من أجل غيرنا، وهذه نعمة من الله تعالى علينا، وكفى بها من نعمة. لهذا رأينا قبور الصحابة الكرام في كل بقعة من بلاد المسلمين وغير المسلمين منتشرة، فهناك ما يُقاربُ الخمسةَ آلافِ صحابي مدفونون في مصر، وخمسةَ عشَرَ ألفاً في الأردن، وستةُ ألافٍ في سوريا، وصحابةٌ مدفونون في الصين، ومنهم مدفونون في قبرص ومنهم في تركيا، وكذا على حدود فرنسا، وفي الأندلس والسودان، والحبشة، وفي فلسطين، وهؤلاءِ الكرامُ بالقطع لم يخرجوا للسياحة؛ ذلك أنهم فهموا الرسالة المطلوبة منهم، فكان مؤشرُ التدينِ عندَهم هو الحركةَ من أجل هذا الدين، كيف ينتشر هذا الدين في الأرض؟ كان مؤشر التدين عندهم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإن ضعفت منهم العبادة أو كثرت الذنوب، أما اليوم فقد تغيّر هذا المؤشر وأصبح كم صلاةً أصلي في اليوم؟ وكم يوماً صمت؟ وكم صدقةً تصدقت؟ أصبح المؤشر يتجه إلى النواحي الفردية، فالمداومة على بعض الشعائر تكفي لدخول الجنة، ونسي المسلمون أن عليهم واجبا غيرَ هذه الشعائر، وهو إدخال غيرنا الجنةَ؛ كيف لا ونحن نعيش حياة لا طعمَ لها ولا لونٌ ولا رائحةٌ إسلامية؟

 

 

أيها المسلمون:

 

لم يُعطِ اللهُ العبادَ أجرا أكبرَ من أجر هداية الناس، وهذه الهدايةُ مفقودةٌ بسبب ما صار إليه حال الأمة، من تولي السفهاءُ من الحكام أمورَها، ولقد أصبح واضحا ومعلوما أننا نعيش زمنَ التحول الذي أخبر عنه رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم- ، لندخل بعده زمن الخلافة على منهاج النبوة.

 

نسأل الله لهذه الأمة الهداية للعمل مع العاملين لحمل هذا الدين، وأن تدفع بكلتا يديها نحو الخلافة، فلا عملَ أكثرُ أجرا وأعظمُ فائدة من هذا العمل.

اللهم مكّن للعاملين إقامتَها قريبا، اللهم آمين آمين.

 

أحبّتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

12 من ربيع الاول 1434

الموافق 2013/01/24م

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مع الحديث الشريف

 

باب قتل أبي جهل

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف".

 

ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي"بتصرف" في "باب قتل أبي جهل", حدثنا علي بن حجر السعدي أخبرنا إسماعيل يعني ابن علية حدثنا سليمان التيمي حدثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ينظر لنا ما صنع أبو جهل؟ فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برك، قال: فأخذ بلحيته فقال آنت أبو جهل؟ فقال: وهل فوق رجل قتلتموه أو قال قتله قومه؟ قال: وقال أبو مجلز: قال أبو جهل: فلو غير أكار قتلني ".

 

 

قوله: ( وهل فوق رجل قتلتموه ) أي: لا عار علي في قتلكم إياي.

قوله: ( لو غير أكار قتلني ! ) ( الأكار ): الزراع والفلاح، وهو عند العرب ناقص، وأشار أبو جهل إلى ابني عفراء اللذين قتلاه وهما من الأنصار، وهم أصحاب زرع ونخيل، ومعناه: لو كان الذي قتلني غير أكار لكان أحب إلي وأعظم لشأني، ولم يكن علي نقص في ذلك.

 

ونحن نحاول فهم ما يحدث لهذه الأمة الكريمة، يطل علينا برأسه الأشعث وقلبه الأسود، وعقله الأغبر عبر طول المسافات والقرون أبو جهل من جديد، فأبو جهل ما زال يخطب بالناس ويقول: " أيها الناس لقد أصبحتُ سلطانا عليكم فاكسروا أصنامكم بعد ضلال، واعبدوني، إنني لا أتجلى دائما فاجلسوا فوق رصيف الصبر، حتى تبصروني، اتركوا أطفالكم من غير خبز واتركوا نساءكم من غير بعل واتبعوني احمدوا الله على نعمته، فلقد أرسلني كي أكتب التاريخ، والتاريخ لا يكتب دوني ". والمؤيدون يهتفون ويصفقون.

 

 

أيها المسلمون:

 

الجاهلية حالة متكررة وليست مرتبطة بفترة زمنية محددة أو بأبي جهل، وأي مجتمع يعرض عن منهج الله عز وجل ويخالف الفطرة التي فطر الله عز وجل الناس عليها فهو مجتمع جاهلي.

والجاهلية التي تعيشها الأمة اليوم أسوأ حالاً من الجاهلية الأولى؛ فالعرب على الرغم من الموبقات التي كانوا يرتكبونها كوأد البنات والزنى وشرب الخمر، كانت لديهم مآثر وأخلاق فاضلة يتمسكون ويتفاخرون بها، كالكرم والشجاعة والحلم والنجدة والعفة والوفاء بالعهد والغيرة على الأعراض وغيرها، وقد وصف القرآن الكريم هذه الجاهلية، وعرض أبرز أمراضها وظواهر التفسخ والانحلال فيها، ولعل أبرزها:

 

الظلم والجريمة والتكبر والإسراف والتعالي والانحراف والشك والفساد والتخريب في الأرض وسفك الدماء والسخرية من الحق والتبعية العمياء لقادة الضلال والفساد، واتباع الشهوات والأهواء. وبهذا الوصف القرآني نعرف أن المجتمع الجاهلي هو ذلك المجتمع الذي يرفض الإيمان بالله، وينحرف بسلوكه ونظام حياته عن منهج الله، بغض النظر عن كونه مجتمعاً أمياً كمجتمع الرعي والبداوة العربية، أو كونه مجتمعاً يعيش في عصر الذرة والعقل الالكتروني وغزو الفضاء. وبهذا الوصف ندرك أن أبا جهل حالة متكررة لا تزال تعيش في بلادنا، في اليمن والسودان في الهند وباكستان.. وفي كل البلاد.

 

أيها المسلمون:

 

لقد قتل ابنا عفراء أبا جهل أول مرة، فمن يقتل أبا جهل مرة ثانية فيقتل بقتله الجاهلية الثانية، ويقيم دولة الحق على أنقاضها، ويرفع عن الأمة بلاءها؟ نسأل الله أن يعجل لنا بإزالتهم أجمعين من دنيا المسلمين، ونحكّم فينا القرآن الكريم، من خلال دولة يحكمها خليفة المسلمين. اللهمّ آمين آمين.

 

احبتنا الكرام، والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم

 

 

 

 

04 من ربيع الثاني 1434

الموافق 2013/02/14م

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مع الحديث الشريف

 

باب جامع أوصاف الإسلام

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي "بتصرف" في " باب جامع أوصاف الإسلام", عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدَك وفي حديث أبي أسامة غيرَك، قال: "قل آمنت بالله ثم استقم".

 

قوله : ( قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه غيرك قال: قل آمنت بالله ثم استقم ) قال القاضي عياض - رحمه الله -: هذا من جوامع كَلِمِهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو مطابق لقوله تعالى: "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا" أي وحدوا الله وآمنوا به، ثم استقاموا فلم يَحيدوا عن التوحيد، والتزموا طاعتَه سبحانه وتعالى إلى أن تُوُفُّوْا على ذلك.

الاستقامةَ الاستقامةَ، الاستقامةَ الاستقامةَ، الاستقامةَ الاستقامةَ، لله دَرُّكَ يا سفيانُ الثقفي، يا من سألت الرسول عليه الصلاة والسلام عن هذا الأمر العظيم، وكيف لا يكون هذا الأمرُ عظيما وهو مفتاحُ دخول الجنة، وهو مفتاحُ رضى الله؟ كيف لا تكون الاستقامةُ أمرا عظيما والمسلمُ يطلبُها في كل ركعة من صلاته : " اهدنا الصراط المستقيم"، كيف لا تكونُ الاستقامةُ أمرا عظيما وقد طلبها الله سبحانه تعالى من رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام بقوله: "فلذلك فادْعُ واستقمْ"، فهي السلوكُ السليمُ والدينُ القويمُ.

 

أيها المسلمون :

أين الاستقامةُ اليومَ في حياتنا؟ نؤمن بالله ونصوم ونصلي وبعضنا يحفظ كتاب الله، ولا يُحكّم أحكامه في حياته، الاسمُ محمّدٌ والسلوكُ مَعاصٍ، الاسمُ عبدُ الله والأفعالُ منكراتٌ ومآسٍ. الحاكمُ الجديدُ حافظٌ لكتاب الله ويصلي الفجرَ والمهنةُ ظلمٌ وقتل وذبح وسلخ وحكمٌ بغيرِ ما أنزلَ الله :

 

بُلينا بأميرٍ ظَلَمَ الناسَ وسَبَّحْ فهو كالجزارِ فينا يَذكرُ اللهَ ويَذبَحْ

هذا حالُنا وحالُ حكامِنا وعلمائنا ببُعدنا عن شرع ربنا وصراطِه المستقيم، فاللهَ نسألُ أن يهديَنا الاستقامةَ على منهجِه القويم قولا وفعلا، لا أن نرفعَ شعاراتِ الإسلامِ ونطبقَ ما سواه، لا أن ندعوَ إلى الاستقامةِ ونحن نلعبُ على حبالِ الأنظمةِ الظالمة، فأين الاستقامةُ فيمن يزورُ إيرانَ ويرفعُ من شأنها وقد فعلت الأفاعيل بأهلنا في سوريا؟ وأين الاستقامةُ فيمن يَرْهِنُ بلادَه لربا صندوقِ النقد الدولي؟ وأين الاستقامةُ فيمن يقتلُ المسلمين المجاهدين في سَيناء وهم في رمضانَ على موائدِ إفطارهم؟ وأين الاستقامةُ فيمن يناديْ بالنظام الديمقراطي لحكم مصرَ الجديدة؟ وأين الاستقامةُ فيمن يجعلُ السيادةَ للشعب بدلَ أن تكونَ للشرع؟ وأين الاستقامةُ في ترك الحريةِ للمرأة لتختارَ اللباسَ الذي تريدُ في الحياة العامة؟ وأين الاستقامةُ فيمن يرى أمريكا -عدوةَ الإسلام والمسلمين- دولةً صديقة، ويجبُ أن تُحترمَ وتُقامَ لها سِفاراتٌ في أرض المسلمين ويُدافَعَ عنها؟

 

إذن لا شك -أيها المسلمون- أن الاستقامةَ لا تعني الالتزامَ بشعائرِ الدين فقط؛ بل هي أوسعُ من ذلك بكثير، ما يجعلُنا نتوقفُ أمامَ كل قول وفعل من أقوالنا وأفعالنا، ونحاسبُ أنفسَنا وغيرَنا كلما خرجنا عن الصراط المستقيم، لا أن نضعَ رأسَنا في الرمال دون محاسبة، فلا نرى غيرَ أنفسِنا ولا نستعظمُ غيرَها ولو كانت على ضلال. فإلى الاستقامةِ بكل معانيها وإلى المحاسبةِ لمن يخرجُ عنها وعليها ندعوكم أيها المسلمون.

اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. اللهم آمين آمين.

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

كتبه للإذاعة: الأستاذُ أبو مريم

 

 

 

14 من ربيع الاول 1434

الموافق 2013/01/26م

 

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مع الحديث الشريف

 

الفقر

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

روى البخاري في صحيحه قال: حدّثنا محمّد بن مقاتلٍ أخبرنا عبد اللّه أخبرنا زكريّاء بن إسحاق عن يحيى بن عبد اللّه بن صيفيٍّ عن أبي معبدٍ مولى ابن عبّاسٍ عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمعاذ بن جبلٍ حين بعثه إلى اليمن إنّك ستأتي قومًا أهل كتابٍ فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدًا رسول اللّه فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أنّ اللّه قد فرض عليهم خمس صلواتٍ في كلّ يومٍ وليلةٍ فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أنّ اللّه قد فرض عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فتردّ على فقرائهم فإن هم أطاعوا لك بذلك فإيّاك وكرائم أموالهم واتّق دعوة المظلوم فإنّه ليس بينه وبين اللّه حجابٌ.

 

جاء في كتاب فتح الباري لابن حجر:

 

قوله: ( ستأتي قومًا أهل كتابٍ ) هي كالتّوطئة للوصيّة لتستجمع همّته عليها لكون أهل الكتاب أهل علمٍ في الجملة فلا تكون العناية في مخاطبتهم كمخاطبة الجهّال من عبدة الأوثان، وليس فيه أنّ جميع من يقدم عليهم من أهل الكتاب بل يجوز أن يكون فيهم من غيرهم، وإنّما خصّهم بالذّكر تفضيلًا لهم على غيرهم.

قوله: ( فإذا جئتهم ) قيل عبّر بلفظ إذا تفاؤلًا بحصول الوصول إليهم.

قوله: ( فإن هم أطاعوا لك بذلك ):أي شهدوا وانقادوا.

قوله: ( خمس صلواتٍ ) استدلّ به على أنّ الوتر ليس بفرضٍ وقد تقدّم البحث فيه في موضعه.

قوله: ( فإن هم أطاعوا لك بذلك ) قال ابن دقيق العيد: يحتمل وجهين أحدهما أن يكون المراد إقرارهم بوجوبها عليهم والتزامهم لها، والثّاني أن يكون المراد الطّاعة بالفعل، وقد يرجّح الأوّل بأنّ المذكور هو الإخبار بالفريضة فتعود الإشارة بذلك إليها، ويترجّح الثّاني بأنّهم لو أخبروا بالفريضة فبادروا إلى الامتثال بالفعل لكفى ولم يشترط التّلفّظ بخلاف الشّهادتين، فالشّرط عدم الإنكار والإذعان للوجوب انتهى.

قوله: ( صدقةً )( تؤخذ من أغنيائهم ) استدلّ به على أنّ الإمام هو الّذي يتولّى قبض الزّكاة وصرفها إمّا بنفسه وإمّا بنائبه، فمن امتنع منها أخذت منه قهرًا.

قوله: ( على فقرائهم ) استدلّ به لقول مالكٍ وغيره إنّه يكفي إخراج الزّكاة في صنفٍ واحدٍ.

قوله: ( فإيّاك وكرائم أموالهم ) كرائم منصوبٌ بفعلٍ مضمرٍ لا يجوز إظهاره قال ابن قتيبة: ولا يجوز حذف الواو، والكرائم جمع كريمةٍ أي نفيسةٍ، ففيه ترك أخذ خيار المال، والنّكتة فيه أنّ الزّكاة لمواساة الفقراء فلا يناسب ذلك الإجحاف بمال الأغنياء إلّا إن رضوا بذلك كما تقدّم البحث فيه.

قوله: ( واتّق دعوة المظلوم ) أي تجنّب الظّلم لئلّا يدعو عليك المظلوم. وفيه تنبيهٌ على المنع من جميع أنواع الظّلم

قوله: ( حجابٌ ) أي ليس لها صارفٌ يصرفها ولا مانعٌ، والمراد أنّها مقبولةٌ

 

ذكر الحديث أحد مصارف الزكاة وهي الفقراء. فما هو الفقر ومن هو الفقير؟ الذي يستحق أخذ الزكاة؟

من المهم أن نفهم معنى الفقر حتى نتمكن من أداء هذا الحق لأهله, ولا نخطئ فنعطيه لمن لا يستحق.

 

الفقر في اللغة: الاحتياج, يقال فقر وافتقر: ضد استغنى. وافتقر إليه: احتاج إليه. فهو فقير وجمعه فقراء.

والفقير في الشرع: هو المحتاج الضعيف الحال الذي لا يسأل، عن مجاهد قال: الفقير الذي لا يسأل، وعن جابر بن زيد قال مثل ذلك: الفقير الذي لا يسأل. وعن عكرمة: الفقير: الضعيف وقال تعالى: ((ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقيرٌ)) فقير أي محتاج، وقال تعالى: ((وأطعموا البائس الفقير)) والبائس الذي أصابه البؤس, والفقير الذي أضعفه الإعسار.

 

فمجموع الآيات والآثار تدل على أن الفقر هو الاحتياج.

فما هي الحاجات التي إذا افتقدها الانسان كان فقيرا يستحق الصدقة؟

 

يدعي الرأسماليون أن الفقر( أي الاحتياج ) شيئاً نسبياً وليس وصفا لشيء معين ثابت ....فالفقر عندهم هو عدم القدرة على إشباع الحاجات من سلع وخدمات.

ولما كانت الحاجات تنمو وتتجدد كلما تقدمت المدنية, لذا كان إشباع الحاجات يختلف عندهم باختلاف الأشخاص والأمم.

 

فالأمم المنحطة تكون حاجة أفرادها محدودة, فيمكن اشباعها بالسلع والخدمات الضرورية، ولكن الأمم الراقية المتمدنة المتقدمة مادياً تكون حاجاتها كثيرة ولذلك يحتاج اشباعها إلى سلع وخدمات أكثر، فيكون اعتبار الفقر فيها غير اعتباره في البلاد المتأخرة، فعدم إشباع الحاجات الكمالية مثلا في أمريكا أو أوروبا يعتبر في نظرهم فقرا، بينما لا يعتبر فقرا في دولة مثل العراق أو الأردن إن توفرت لأفرادها الحاجات الأساسية.

وهذا خطأ محض؛ لأن التشريع هو للإنسان من حيث هو إنسان وليس للإنسان في بلد معين أو زمن معين.

 

فالدولة التي تحكم بلداناً متعددة لا يصح أن تختلف نظرتها للفقر بين بلد وآخر؛ لأن كلاً من أهل تلك البلدان إنسان قد وضع العلاج لأجله.

ولذا فإننا نرى أن الاسلام قد اعتبر الفقر اعتبارا واحدا للإنسان بغض النظر عن بلده أو جيله.

 

فالفقر في نظر الاسلام هو عدم إشباع الحاجات الأساسية للإنسان إشباعا كاملا حيث حدد الشرع الحاجات الأساسية بثلاث حاجات هي: المأكل والملبس والمسكن، يقول تبارك وتعالى:

((وعلى المولود له رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف لا تكلّف نفسٌ إلّا وسعها لا تضارّ والدةٌ بولدها ولا مولودٌ له بولده وعلى الوارث مثل ذلك)) وقال: ((أسكنوهنّ من حيث سكنتم من وجدكم)).

 

هذه هي الحاجات الأساسية التي يجب أن تتوفر لكل إنسان وأن تشبع إشباعا كليا. وإلا كان فقيرا يحتاج إلى من يكمل له تلك الحاجات.

فمن المسؤول عن توفير تلك الحاجات للفرد؟

 

بين الشرع أن الفرد هو المكلف بتوفير ما يحتاجه من حاجات أساسية من مأكل وملبس ومسكن له ولمن يعول، كما جاء في الآية السابقة، ولقوله عليه الصلاة والسلام: (لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب فيبيع فيأكل خير من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه ).

 

 

 

فإن عجز الفرد عن كسب كفايته: فعلى أقاربه ممن يستحقون ميراثه كالأبناء والآباء والإخوة. أي العصبة, فإن انعدم الأقارب أو كانوا عاجزين عن كفايته, فكفايته على بيت المال "من ترك مالا فلورثته, ومن ترك كلاً فإلينا ".

أما من أين تنفق الدولة على الفقراء؟ فإنها تنفق عليهم من أموال الزكاة التي محلها هو حرز خاص في بيت المال لأن الزكاة ليست من أموال الدولة فلا تخلط أموالها بأموال الدولة من غنائم وفيء وخراج وجزية، إلا أن الشرع كما ذكر الحديث الشريف قد خول للدولة إنفاق أموال الزكاة على مستحقيها، وهم الأصناف الثمانية الذين ذكروا في القرآن الكريم والفقير هو أحد هؤلاء الثمانية، كما تنفق عليهم من أملاك الدولة من الغنائم والجزية والخراج والفيء .... بل إنها تفرض لأجلهم ضريبة على الأغنياء إن لم تكف أموال الزكاة ولم يكن في بيت المال من الأموال ما يكفي لسد حاجتهم.

 

إن أهمية تحديد معنى الفقر ومن هو الفقير ترجع لضرورة إحسان تطبيق أحكام الله ومنها أحكام الزكاة ومسؤولية الدولة تجاه رعاياها، فلا يجوز أن يبقى فقير في دولة الاسلام دون حصوله على كفايته من المأكل والملبس والمسكن, ولا يجوز المساواة بين حاجة الفقير للحياة وحاجة الغني للكماليات, لذا فإن من الخطر تبني معنى الفقر عند الرأسماليين؛ لأنه يلبس علينا ديننا.

حمانا الله من الرأسمالية ومفاهيمها الضالة المضلة، وأنعم علينا بدولة الاسلام الحامية الراعية، لتعود مفاهيم الاسلام تسيّر المسلمين وتضبط سلوكهم دولة وأفرادا.

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

 

11 من ربيع الثاني 1434

الموافق 2013/02/21م

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

  • 1 month later...

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

باب إزالة الأصنام من حول الكعبة

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي "بتصرف" في " باب إزالة الأصنام من حول الكعبة".

 

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وابن أبي عمر واللفظ لابن أبي شيبة قالوا: حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول الكعبة ثلاث مائة وستون نصبا، فجعل يطعنها بعود كان بيده ويقول: جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد.

 

 

كانت الوثنية هي السائدة في الجزيرة العربية، والوثنية هي عبادة الأصنام والأوثان، وقد كان عدد من القبائل يعبدون بعض الظواهر الطبيعية كالشمس والقمر والنجوم والكواكب، وذلك بدافع غريزة التدين التي تطلب إشباعا.

 

ومن العرب من رفض عبادة الأصنام، ومنهم من صنع أصناما من التمر فإذا جاع أكلها، وكان بعض العرب على دين إبراهيم، ومنهم من اتبع النصرانية، وكذلك انتشرت اليهودية كما في خيبر ويثرب، وعبد بعض العرب الجن وبعضهم عبد الملائكة. وهكذا كانت حال العرب قبل الإسلام، وعندما جاء الإسلام نسف هذه الأصنام في اليم نسفا، فلم ُيبقِ منها ولم يذر، ورسولنا الأكرم -صلى الله عليه وسلم- يدخل مكة ويطوف حول الكعبة، يهدّم الأصنام بيديه ويقول: وقل جاااااء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا".

كيف لا يهدمها وهي التي أضلت الناس وجعلتهم أراذل الخلق بعبادتهم لحجارة لا تضر ولا تنفع؟

 

أيها المسلمون: لئن هدم الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصناما لا تضر ولا تنفع، فإننا اليوم بحاجة إلى هدم أصنام تضر ولا تنفع، فحكام المسلمين اليوم أصنام تعبد في دنيا المسلمين من دون الله، وكم حذرنا منهم ومن عمالتهم للغرب الكافر؟ ولكن الأمة -وللأسف- لم تستجب في حينها، وظنت أن فيهم بقية من خير، وأعطتهم الفرصة ليعيدوا حساباتهم، فكانت بذلك كمن يعطي الذئب فرصة العيش مع الغنم، وهذا ما حدث، فقد استفرد هؤلاء الحكام الذئاب بالأمة، فكان ما كان، ودفعت الأمة وما زالت أغلى ما تملك، ضريبة سكوتها عنهم طيلة تلك السنوات العجاف، لترى وتدرك اليوم حقيقة هؤلاء الأصنام البشرية الهيئة، الآدمية التركيب.

أيها المسلمون: قوموا إلى حكامكم، قوموا إلى أصنامكم، ضربا باليمين مرددين: وقل جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا"، لتعلنوا بعدها فتح العالم بداية عهد جديد، خلافة على منهاج النبوة.

 

اللهم عجل لنا بذلك، واجعلنا من العاملين المخلصين لإقامتها، اللهم آمين.

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

09 من جمادى الأولى 1434

الموافق 2013/03/21م

 

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

إيثار الآخرة على الدنيا

 

 

أُحييكم أيها الاخوة الكرام من إذاعةِ المكتبِ الإعلامي لحزب التحرير بتحيةِ الإسلامِ العظيم فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

 

نلتقي وإياكم مع فقرةٍ متجددةٍ مِنْ برنامجكم مع" الحديث الشريف"

 

 

عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: أن النبيَ صلى الله عليه وسلم قال: "بشر هذه الأمة بالسناءِ والرفعةِ والنصرةِ والتمكين في الأرضِ ومَنْ عَمِلَ منهم عَمَلَ الآخرة للدنيا لم يكنْ له في الآخرةِ نصيب".

 

 

 

يتحدثُ النبيُ صلّى الله عليه وسلم في هذا الحديثِ الشريفِ عن البشرى بالنصرِ, فقد بشرَّ اللهُ سبحانَه وتعالى الأمةَ بالنصرِ والتمكينِ والرقعةِ والإستخلافِ في الأرضِ قال تعالى ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ))

 

 

 

إن أطاعوهُ والَتزمُوا أوامرَه واجتنبُوا نواهيه, فبشرَهم بالنصرِ وأنهُم خلفاءُ اللهِ في الأرضِ, لذلك أمضى النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثةَ عشرَ عاماً مِنَ العناءِ والعذابِ والمشقةِ في مكةَ وهو يدعو إلى طاعةِ اللهِ والدخولِ في دينهِ قكانت دارُ الأرقمِ بنِ أبي الأرقمِ مركزَ اشعاعٍ وانطلاقٍ يجتمعُ فيها الصحابةُ رضوانُ اللهِ عليهم ويتعلمونَ من الرسولِ أمورَ دينهِم ثم ينطلقُون في الأرضِ دعاةً إلى اللهِ وجوهُهم مستبشرةٌ لأنهم على يقينٍ بأنَّ اللهَ سوفَ يظهُر هذا الدينُ ولو كرهَ المشركون, فتحملوا الأذى والمشقةَ وآثرُوا الحياةَ الآخرةَ على الدنيا, آثروا جنةً عرضُها السمواتِ والأرضِ على الحياةِ الدنيا الزائلة؛ فحققَ اللهُ لهم ماكانُوا يعملون َ من أجلهِ وأقامُوا دولةَ الإسلامِ, ظهرَ الحقُّ وزهقَ الباطلُ إنَّ الباطلَ كانَ زهوقا.

 

 

 

ويتحدثُ النبيُ في هذا الحديثِ أيضاً عن مفهومٍ آخرَ وهوَ الإيثارُ أي تفضيلُ الغيرِ على النفسِ وقد تجلى هذا واضحاً عندمَا هاجرَ النبي وأصحابُه إلى المدينةِ المنورةِ فاستقبلَهٌ الأنصار بفرحٍ وسرورٍ وآثرُوا إخوانَهمُ المهاجرينَ على أنفسِهم أخوينِ أخوين يقولُ اللهُ سبحانه وتعالى ((وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ))

 

 

 

جعلنا الله وإياكم ممن يستمعُون القولَ فيتبعُونَ أحسنَه .

 

 

 

أيها الإخوة الكرام إلى حينِ أن نلقاكُم في فقرةٍ أخرى نتركُكم في حفظِ اللهِ ورعايته, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

11 من جمادى الأولى 1434

الموافق 2013/03/23م

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي "بتصرف" في"باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين".

 

 

حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن المثنى قالا: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال: سمعت أبا إسحق يحدث عن عمرو بن ميمون عن عبد الله قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد وحوله ناس من قريش، إذ جاء عقبة بن أبي معيط بسلا جزور، فقذفه على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يرفع رأسه، فجاءت فاطمة فأخذته عن ظهره ودعت على من صنع ذلك فقال: اللهم عليك الملأ من قريش، أبا جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وعقبة بن أبي معيط، وشيبة بن ربيعة، وأمية بن خلف أو أبي بن خلف شعبة الشاك، قال: فلقد رأيتهم قتلوا يوم بدر فألقوا في بئر غير أن أمية أو أبيا تقطعت أوصاله فلم يلق في البئر.

 

 

قوله: "تقطعت أوصاله فلم يلق في البئر" الأوصال: المفاصل.

 

يقول الله تعالى: (( لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَاب مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ)).

هذه هي سنة الله في خلقه، هذه هي سنة الله في كونه، أن يُبتلى المرء بالنفس وبالمال، وأن يُصاب بالضرر والأذى فيسمع ما لا يطيق، ويطلب من ربّه أن يصبر، ليحقق ما يريد، فلا يمكن الوصول إلا على جسر من التعب ومن المشقة والعناء والأذى. وإذا كانت هذه هي الحال مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حبيب الله وسيد الخلق وإمام المرسلين، فكيف بنا نحن اليوم وبما نلاقيه؟ لا بد إذن من أن نبتلى وأن نُصاب بالشدّة والبأس.

 

أيها المسلمون لا بد من الصبر على الشدائد مهما كانت، ولكن أي صبر؟ بالطبع ليس صبر الاستكانة والقبول بالأمر الواقع، بل صبر الثبات على الطريق وعلى الحق، والصبر على مشاقّ العمل لتغيير هذا الواقع المؤلم، الصبر على تبعات عملية التغيير الجذرية. فإن من أكبر الشدائد التي تحياها الأمة اليوم، وجود حكام عليها ليسو منها وليست منهم، لا يحكمونها بما أنزل الله، وكفى بها شدة، وإن من أكبر البأس أن تحكم هذه الأمة الكريمة بدساتير الكفر البواح، وإن من أكبر الهموم الأخذ على يد الظالم وقصره على الحق قصرا، وأطره على الحق أطرا، وعندما قامت الأمة بهذا الفرض العظيم في تونس ومصر وسوريا وغيرها من بلاد المسلمين سالت الدماء أنهارا، وتولى كبرها الحكام المجرمون، حكام الفترة الجبرية والتي بدأت أصنامها بالتساقط كحجارة النرد، والتي ستكون عاقبتها خلافة على منهاج النبوة قريبا إن شاء الله، لِتُنار الكرة الأرضية من جديد بنور الله والقرآن العظيم.

 

احبتنا الكرام، والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم

 

 

 

13 من جمادى الأولى 1434

الموافق 2013/03/25م

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديثِ الشريفِ

 

بابُ الخراجِ

 

 

 

نحييكُم جميعا أيها الأحبةُ في كلِ مكانٍ، في حلْقة جديدةٍ من برنامجِكُم "معَ الحديثِ الشريفِ" ونبدأ بخيرِ تحيةٍ، فالسلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.

 

حدثنا أبو أسامة، عن سعيدٍ، عن قتادةٍ، عن أبي مجلزٍ، قال: " بعث عُمرُ عثمانَ بنَ حنيفٍ على مساحةِ الأرضِ قالَ: " فوضعَ عثمانُ على الجريبِ من الكرمِ عشرةَ دراهمَ، وعلى جريبِ النخلِ ثمانيةَ دراهمَ وعلى جريبِ القصبِ ستةً دراهمَ، يعني الرطبةِ، وعلى جريبِ البرِ أربعةَ دراهمَ، وعلى جريبِ الشعيرِ درهمين "

 

الجَريبُ من الأَرضِ مقدارٌ معلومُ الذِّراعِ والمِساحةِ، وهو عَشَرةُ أَقْفِزةٍ، كل قَفِيز منها عَشَرةٌ أَعْشِراء، فالعَشِيرُ جُزءٌ من مائة جُزْءٍ من الجَرِيبِ.

والجريبُ بمقياسِ المترِ المستعملِ اليومَ يساوي ألفا وثلاثمائةٍ وستٍ وستين 1366 مترا مربعا، أي ما يعادلُ دونما وثلثَ الدونمِ تقريبا.

 

 

 

الاخوة الكرام

 

لقد فرضَ اللهُ سبحانُهُ وتعالى الخراجَ على الأرضِ الزراعيةِ التي فُتحت عَنوة، سواءَ زُرِعَتْ الأرضُ أم لم تُزرع، وسواءَ أَخصبَتْ أم أجدبَتْ.وهذا الخراجُ يُقدرُ على الأرضِ بحسبِ احتمالِها، أي تحددُهُ الدولةَ حسب إنتاج الأرضِ التقديري عادةَ، لا الإنتاجِ الفعليِ

ويؤخذُ الخراجُ كلَ سنةٍ ويوضعُ في بيتِ المالِ في غيرِ باب الزكاةِ، ويُصرف على جميعِ الوجوهِ التي تراها الدولةُ، كما يُصرفُ سائرُ المالِ.

 

وخراجُ الأرضِ المفتوحةِ عَنوةً يبقى أبدَ الدهرِ، فإن أسلمَ أهلُها، أو باعوها إلى مسلمٍ، لم يسقطُ خراجُها، لأنّ صفتها من كونِها فُتِحَتْ عَنوَةً باقيةً إلى آخر الزمانِ، ووجبَ عليهم دفعَ العُشرِ مع الخراجِ؛ لأنّ الخراجَ؛ حقٌ وُجِبَ على الأرضِ، والعشرُ حقٌ وجبٌ على ناتجِ أرضِ المسلمِ بالآياتِ والأحاديثِ، ولا تنافي بين الحقينِ؛ لأنهما وجبا بسببينِ مختلفينِ.

أما الزروعُ التي يؤخذُ عليها الزكاةُ فهي التي جاءَ بيانُها في حديثِ رسولِ اللهِ صلى الله عليهِ وسلمَ الذي أخرجَهُ الحاكمُ والبيهقيُ والطبرانيُ من حديثِ أبي موسى ومعاذٍ، حين بعثهما النبيُ صلى اللهُ عليه وسلمَ إلى اليمنِ، يُعلِّمانِ النّاسَ أمرَ دينِهِم، فقال: «لا تأخذا الصدقةَ إلاّ من هذهِ الأربعةِ: الشعيرُ، والحنطةُ، والزبيبُ، والتمرُ» .

 

فإذا بلغَتْ النصابَ، تُخرجُ منها الزكاةُ، وإن لم تبلغَ النصابَ، فلا زكاةَ عليها.

والفرقُ بين العشرِ والخراجِ، هو أن العشرَ على ناتجِ الأرضِ، وهو أن تأخذَ الدولةِ من الزارَّع ِللأرضِ عُشرَ الناتجِ الفعليِ، إن كانت تُسقى بماءِ المطرِ سقياً طبيعياً، وتأخذُ نصفَ العشرِ عن الناتجِ الفعليِ، إن كانت الأرضُ تسقى بالساقيةِ، أو غيرِها، سقياً اصطناعياً. روى مسلمٌ عن جابرٍ قال: قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ:

 

 

 

«فيما سقَتْ الأنهارُ والغيمُ العُشور وفيما سُقِىَ بالسانيةِ نصفِ العُشر». وهذا العُشرُ يُعتبرُ زكاةٌ، ويوضعُ في بيتِ المالِ، ولا يُصرَفُ إلاّ لأحدِ الأصنافِ الثمانيةِ، المذكورينَ في آيةِ (( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)).

 

 

 

نسألُ اللهَ تعالى أن يُكرِمَنا بدولةِ الإسلامِ التي بها فقط تُحفَظُ الحقوقِ، والتي لا يُظلَمُ فيها أحدٍ أبدا ... اللهم آمين

 

 

 

وإلى حينِ أن نلقاكُم مع حلقةٍ أخرى من حلقاتِ مع الحديثِ الشريفِ، نستودعَكُم اللهَ، والسلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه

 

14 من جمادى الأولى 1434

الموافق 2013/03/26م

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

ويل للأعقاب من النار

 

 

 

نحييكُم جميعا أيها الأحبةُ في كلِ مكانٍ، في حلْقةٍ جديدةٍ من برنامجِكُم "مع الحديثِ الشريفِ" ونبدأ بخيرِ تحيةٍ، فالسلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.

 

جاءَ في كتابِ سننِ أبي داودٍ، كتابُ الطهارةِ، بابٌ في إسباغِ الوضوءِ, حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى قَوْمًا وَأَعْقَابُهُمْ تَلُوحُ فَقَالَ:" وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ".

 

الشرح:-

قولَهُ: (رَأَى قَوْمًا ): وَتَمَامُ الْحَدِيثِ كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ قَالَ: " رَجَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَاءٍ بِالطَّرِيقِ تَعَجَّلَ قَوْمٌ عِنْدَ الْعَصْرِ فَتَوَضَّئُوا وَهُمْ عِجَالٌ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ"

قوله: ( وَأَعْقَابُهُمْ ): جَمْعُ عَقِبٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَبِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ الْقَافِ: مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ إِلَى مَوْضِعِ الشِّرَاكِ

قوله: ( تَلُوحُ ): تَظْهَرُ يُبُوسَتُهَا وَيُبْصِرُ النَّاظِرُ فِيهَا بَيَاضًا لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ

قوله: ( وَيْلٌ ): وَيْلٌ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ

قوله: ( لِلْأَعْقَابِ ): اللَّامُ لِلْعَهْدِ، وَيَلْتَحِقُ بِهَا مَا يُشَارِكُهَا فِي ذَلِكَ، مَعْنَاهُ: وَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْأَعْقَابِ الْمُقَصِّرِينَ فِي غَسْلِهَا

قوله: ( أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ ): أَيْ أَكْمِلُوهُ وَأَتِمُّوهُ وَلَا تَتْرُكُوا أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ غَيْرَ مَغْسُولَةٍ، وَالْمُرَادُ بِالْإِسْبَاغِ هَاهُنَا إِكْمَالُ الْوُضُوءِ، وَإِبْلَاغُ الْمَاءِ كُلَّ ظَاهِرِ أَعْضَائِهِ وَهَذَا فَرْضٌ.

 

إن الواجبَ في غسلِ القدمينِ استغراقُ القدمِ بالكاملِ، والاستغراقُ الكاملُ لا يتمُ إلا بغسلِ الكعبينِ أو جزءٍ من الكعبينِ على الأقلِ تماماً كغسلِ المرفقين أو جزءٍ من المرفقين في غسلِ اليدين، لأنه ما لا يتمُ الواجبُ إلا به فهو واجبٌ، وأقلُ من ذلكَ لا يتحققُ فيه تمامُ الغسلِ. والكعبان هما عظمان ناتئان في جانبي كلِ قدمٍ.

كما يسنُّ إسباغُ غسلِ القدمينِ ومجاوزةُ الكعبينِ حتى جزءٍ من الساقِ أخذاً من حديثِ الإسباغِ وجاءَ فيهِ «... ثمَ غَسلَ رجلَهُ اليمنى حتى أَشْرَعَ في الساقِ، ثم غسلَ رجلَهُ اليسرى حتى أشرعَ في الساقِ ... إلى أن قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: أنتم الغُرُّ المُحجَّلون يوم القيامةِ من إسباغِ الوضوءِ، فمن استطاعَ منكُم فلْيُطِلْ غُرَّته وتحجيلَهُ» رواهُ مسلمٌ.

 

اللهم اجعلنا من الغرِ المحجلينَ يومَ القيامةِ.

اللهم آمين.

 

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

15 من جمادى الأولى 1434

الموافق 2013/03/27م

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم

 

إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الله عز وجل

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي "بتصرف" في " باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الله عز وجل".

 

حدثني يوسف بن حماد المعني حدثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة، عن أنس، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وإلى قيصر وإلى النجاشي وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله تعالى، وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه.

 

 

قوله: "كسرى" بفتح الكاف وكسرها، وهو لقب لكل من ملك من ملوك الفرس، "وقيصر" لقب من ملك الروم، "النجاشي" لكل من ملك الحبشة، و"خاقان" لكل من ملك الترك و"فرعون" لكل من ملك القبط، و"العزيز" لكل من ملك مصر، و"تبع" لكل من ملك حمير. وفي هذا الحديث جواز مكاتبة الكفار، ودعاؤهم إلى الإسلام، والعمل بالكتاب وبخبر الواحد. والله أعلم.

 

متى سيكتب أمير المؤمنين كُتُبا كما كتب رسولنا الكريم-صلى الله عليه وسلم- لقيصر وكسرى والنجاشي؟

 

 

من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعوة الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فعليك إثم جميع الأريسيِين. قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ".

 

 

 

متى سيكتب خليفة المسلمين كما كتب هارون الرشيد؟ "من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام.

فاضطرت دولة الروم أمام ضربات الرشيد المتلاحقة إلى طلب الهدنة والمصالحة، فعقدت "إيريني" ملكة الروم صلحًا مع الرشيد، مقابل دفع الجزية السنوية له، وخرج هارون بنفسه حتى وصل "هرقلة" وهي مدينة بالقرب من القسطنطينية، واضطر نقفور إلى الصلح والموادعة، وحمل مال الجزية إلى الخليفة كما كانت تفعل "إيريني" من قبل، ولكنه نقض المعاهدة بعد عودة الرشيد، فعاد الرشيد إلى قتاله وهزمه هزيمة منكرة، وقتل من جيشه أربعين ألفا، وجُرح نقفور نفسه، وقبل الموادعة، وفي العام التالي حدث الفداء بين المسلمين والروم، ولم يبق مسلم في الأسر، فابتهج الناس لذلك.

 

متى سيكتب خليفة المسلمين كما كتب المعتصم؟ من أمير المؤمنين المعتصم بالله، إلى هرقل كلب الروم، أطلق سراح المرأة، وإن لم تفعل، بعثت لك جيشا أوله عندك وأخره عندي. والله إننا نشتاق إلى مثل هذه الكتابات.

 

ونعود إلى الواقع لنرى على الفضائيات كتابات ليست كالكتابات، فيصاب القلب في غصة والعقل في حيصة، عندما نشاهد ونسمع رئيس الثمانين مليونا يتذلل أمام أخس خلق الله تعالى طالبا منهم قبول سفير دولته، فيبدأ الكتاب: من الرئيس محمد مرسي رئيس جمهورية مصر العربية، إلى صاحب الفخامة السيد شيمعون بيريز" رئيس دولة إسرائيل. رسالة تبدأ بـ«عزيزي بيريز» وتنتهي بـ«صديقكم الوفي".»

 

نعم من أجل ذلك تستصرخ نساء المسلمين ولا من مجيب، تستصرخ حرائر سوريا ويكون الجواب في "تل أبيب". مفارقة بين رسائل الأمس ورسائل اليوم.

 

 

 

 

احبتنا الكرام، والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

 

 

 

19 من جمادى الأولى 1434

الموافق 2013/03/31م

 

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي"بتصرف "في" باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب".

 

 

حدثني زهير بن حرب حدثنا الضحاك بن مخلد عن ابن جريج، وحدثني محمد بن رافع واللفظ له حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخبرني عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب، حتى لا أدع إلا مسلما".

 

 

إن قضية وجود الكفر في جزيرة العرب قد حسمت بهذا الحديث الشريف، وكأنِّي رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بيننا، يشاهد ما يحدث في بلاد الحجاز، ويرى حجم الجريمة التي اقترفتها أيدي حكام الخليج، فلا يمكن بحال من الأحوال لمسلم شهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، أن يقبل بوجود قواعد أمريكية في جزيرة العرب، فمنذ متى يقبل المسلم بقتل أخيه؟ كلنا رأينا الطائرات الأمريكية كيف انطلقت لتدك عراق الرشيد بحمم بركانها، تقتل بالجملة والمفرق، وتعود إلى قواعدها سالمة، محفوظة بأمان آل سعود، عصابات القرن، تنطلق هذه الطائرات والصواريخ كلما سمعوا صيحة لمسلم فتمزقه إربا، حتى بات هذا الفعل غير مستهجن.

 

أيها المسلمون:

هذا أمر غريب، نعم أمر غريب أن يحدث هذا، ولكن الأكثر غرابة أن نرى ونسمع من يخلعون على أنفسهم ألقاب علماء ودعاة ومفكرين إسلاميين، يقفون موقف المُدافع عن هذا النظام، تحت ذرائع واهية ليس لها علاقة إلا بفتات من المال، فمنهم من يدّعي أن هؤلاء الأمريكيين الكافرين دخلوا البلاد بإذن من السلطان، وكأن السلطان نفسه أصلا مقبول وجوده من قبل المسلمين، وكأنه ليس بعميل أو خائن، نصب نفسه على الأمة غصبا، ومنهم من يدّعي أن إخراجهم ليس فرضا، بل هو على الإباحة، ومنهم من يدّعي أنَّ وجودهم من باب الدفاع عن النفس، ومنهم من يدّعي أنَّ وجودهم في بلاد الحرمين جائز على قاعدة أخف الضررين، ومنهم ومنهم...ونسوا أبو غريب وجوانتانامو، ونسوا أفغانستان والعراق، وكأن مسلمي الخليج يختلفون عن مسلمي العالم، فأي مصيبة هذه التي تعيشها الأمة مع هؤلاء المارقين؟ وأي دين هذا الذي يلبسونه على الناس؟ وهل بقي في الأمة بعد اليوم من يصدقهم ويقبل بإفكهم؟ ألا يعودون إلى رشدهم ويقفوا في صف الأمة؟ أم أنهم لا يخشون أن يصدق عليهم قول ربنا تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ)).

 

نسأل الله العظيم رب العرش العظيم، أن ينهي عصر الطواغيت من الحكام والعلماء المنافقين، الذين قادوا الأمة نحو حتفها طيلة هذه السنين. اللهم آمين آمين.

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم

 

 

 

21 من جمادى الأولى 1434

الموافق 2013/04/02م

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مع الحديث الشريف

 

باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها

 

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي"بتصرف" في " باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ أُكِلْتَ إِلَيْهَا وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا".

ورد في الحديث النهي عن طلب الإمارة؛ لأن طالبهاـ بدون ضرورة ـ يغلب عليه مصلحة نفسه، لا مصلحة الأمة، وإذا غلب عليه ذلك، قصر في إقامة دين الله وأداء حقوق عباده، يضاف إلى ذلك أن المصلحة الشرعية يجب أن تُراعى عند طلبها، يجب أن تحرك السائل والمسئول تجاه التولية من عدمها؛ ولذلك فحظ النفس الذي يحرّك الإنسان لطلب الإدارة أو الإمارة هو أمر تصدت إليه الشريعة الغراء، ولذلك امتنع السلف عن طلبها، فامتنع الشافعيُّ لمّا استدعاه المأمون لقضاء الشرق والغرب، وامتنع عن طلبها أبو حنيفة لما استدعاه المنصور فحبسه وضربه، والذين امتنعوا غيرهما كثيرون.

 

أيها المسلمون:

أتراكم بعد هذا تخلطون بين الإمارة والعصابة؟ أتراكم تحسبون أن الحديث الشريف يقصد حكام دول الضرار في هذا القرن؟ لا، لا أظنكم تحسبون ذلك، وأربأ بكم أن تخلطوا بين الأمرين، فالحديث يتحدث عن إمارة المسلمين، وفق معايير محددة يصبح فيها الأمير أميرا، ولا يتحدث عن عصابات اغتصبوا الحكم اغتصابا، وقعدوا على كرسي الحكم لا ليحكموا المسلمين؛ بل ليتحكموا بهم وبمصائرهم وبمقدراتهم، ليسلموهم لأعدائهم لقمة سائغة. كيف لا، وقد أتوا بما لم يأت به أعتى الطغاة والجبابرة من قبلهم، خاصة بعد الثورات، فهل رأيتم حاكما يقتل شعبه أو يغتصب حرائره أو يعذبهم بصنوف العذاب حتى الموت؟ أو يدكهم بالطائرات والمدفعية دكا؟ هل سمعتم بالمغول؟ بالطبع نعم، فجحافل المغول على الرغم من أنها ملأت الأرض قتلا، إلا أنها لم تقتل شعوبها، حكامكم فاقوا المغول وحشية أيها المسلمون.

 

أيها المسلمون:

إن حكامكم لم يطلبوا الإمارة حتى ننزل الحديث عليهم، فإمارة المسلمين للمسلمين، أما هؤلاء الحكام الذين وضعوا مواد في دساتيرهم تجعلهم يتولون الحكم وراثة لآبائهم، فهم يفصلونها على مقاساتهم ليبقوا في الحكم سنوات وسنوات، فلا خلاص لنا منهم إلا بخلعهم وبقتلهم، ولا إمارة لهم علينا، وسنأتي بأمير المؤمنين، الذي سيحاسبهم على السنوات الخداعات، سنوات الأمة المريرة وعلى عهودهم النحسة. وسنري الأمة بعدها؛ بل العالم بأسره ما هو الحكم وكيف تكون الإمارة؟

 

اللهم مكّن لنا في الأرض من جديد، وارفع فيها رايات التوحيد، لنضرب كل كفر تطاول على دين الله، وبيد من حديد. اللهم آمين.

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم

 

 

 

23 من جمادى الأولى 1434

الموافق 2013/04/04م

 

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

 

باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر

والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم"مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي"بتصرف "في " باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم".

 

حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا جرير بن حازم حدثنا الحسن أن عائذ بن عمرو وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عبيد الله بن زياد فقال: أي بني، إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن شر الرعاء الحطمة، فإياك أن تكون منهم، فقال له: اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: وهل كانت لهم نخالة إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم".

 

قوله: ( إنما أنت من نخالتهم ) يعني: لست من فضلائهم وعلمائهم وأهل المراتب منهم، والنخالة هنا استعارة من نخالة الدقيق، وهي قشوره، والنخالة والحقالة والحثالة بمعنى واحد.

 

قوله: ( وهل كانت لهم نخالة ؟ إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم ) هذا من جزل الكلام وفصيحه وصدقه الذي ينقاد له كل مسلم، فإن الصحابة - رضي الله عنهم كلهم - هم صفوة الناس وسادات الأمة، وأفضل ممن بعدهم، وكلهم عدول، قدوة لا نخالة فيهم، وإنما جاء التخليط ممن بعدهم، وفيمن بعدهم كانت النخالة.

 

قوله صلى الله عليه وسلم: إن شر الرعاء الحطمة قالوا: هو العنيف في رعيته لا يرفق بها في سوقها ومرعاها، بل يحطمها في ذلك وفي سقيها وغيره، ويزحم بعضها ببعض بحيث يؤذيها ويحطمها.

 

إن شر الرعاة الحطمة، كناية عن شر الحُكَّام الذين يحطمون شعوبَهم، فكأنَهم يقذفون برعيَّتهم في النار، ويوردونهم المهالك، فهُم كالنار على رعيَّتهم يحطمونهم، انظروا إلى الرِّعَاءِ الْحُطَمَةِ الذين سقَطوا مؤخَّرًا كزين العابدين ومبارك، وصالح والقذافي، وسيلحق بهم بشَّار عمَّا قريب إن شاء الله، انظروا إليهم وقد حطموا شعوبهم، وأوردوهم العذاب والشقاء.

 

أيها المسلمون:

 

لقد اتضح للجميع أن هؤلاء الحكام الحطمة، قد وصلوا مع شعوبهم المسلمة في الإذلال والهوان كل موصل، وأذاقوهم العذاب ألوانا، حتى ضاقت بهم الأمة ذرعا، وقررت أن تخلعهم وتسقطهم من عليائهم، مهما كلفها الأمر، فهي تموت كل يوم وتُحطم، وتستنزف الدماء والدموع وتُكسر، ولا يكترث بها أحد. لذلك وجب على الأمة أن تتحرك اليوم قبل غد، وها هي الشام تصنع منعطف التحول لهذه الأمة، ها هي الشام تقاتل باسم الأمة الإسلامية، فأين أنتم يا أبناء الأمة كي تنتفضوا على حكامكم، وتحركوا جيوشكم الرابضة في أماكن الذلة والهوان، الرابضة على بلاط الحكام، خذوا أماكنكم ودوركم في هذه الفترة من الزمان قبل أن يأتي زمن لا تجدون فيه وقتا حتى للبكاء، ولات حين مندم.

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم

 

 

25 من جمادى الأولى 1434

الموافق 2013/04/06م

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

 

منع كنز الذهب والفضة

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

توفي رجل من أهل الصفة : روى الطبراني في المعجم الكبير قال: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بن الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ح وحَدَّثَنَا عَبْدَانُ بن أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بن الْوَلِيدِ، قَالا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بن زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ شَهْرِ بن حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: تُوُفِّيَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ، فَوُجِدَ فِي مِئْزَرِهِ دِينَارٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ:"كَيَّةٌ"، ثُمَّ تُوُفِّيَ آخَرُ، فَوُجِدَ فِي مِئْزَرِهِ دِينَارَانِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ:"كَيَّتَانِ".

قال القاضي عياض: الصفة ظلة في مؤخر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يأوي إليها المساكين، وإليها ينسب أهل الصفة.

 

وقال ابن حجر: الصفة مكان في مؤخر المسجد النبوي مظلل أعد لنزول الغرباء فيه ممن لا مأوى له ولا أهل.

 

وأهْلُ الصَّفَّة هم فقراء المسلمين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين لم تكن لهم منازل يسكنونها، فكانوا يأوون إلى هذا المكان المظلّل في المسجد النبوي بالمدينة المنورة، وعُرفوا بأضياف الإسلام.

 

ففي صحيح البخاري قال أبو هريرة رضي الله عنه: ( .. وأهل الصفة أضياف الإسلام، لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد ).

 

لقد توعد الرسول صلى الله عليه وسلم من احتفظ بالذهب من أهل الصفة وظل يعيش على الصدقة ... توعده بكيات على عدد الدنانير التي كنزها وذلك إشارةً لقوله تعالى: (( يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ)) ( 35) سورة التوبة, وهذا الوعيد من النبي لمن يكنز الذهب ويعيش على الصدقة توكيد لحكم تحريم كنز المال والامتناع عن انفاقه ..... فالمتوفى كان من أهل الصفة الذين يعيشون على الصدقة رغم امتلاكه الذهب, وقدرته على النفقة على نفسه وهذا هو الكنز.

 

فالكنز في اللغة هو جمع المال بعضه على بعض وحفظه .... ومال مكنوز: أي مجموع.

 

والكنز كل شيء مجموع بعضه على بعض, سواء أكان في بطن الأرض أو على ظهرها.

 

وقد حرم الشارع كنز المال في قوله تعالى: (( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )).

 

فالوعيد بالعذاب الأليم لمن يكنزون الذهب والفضة دليل ظاهر على أن الشرع طلب ترك كنز المال طلباً جازماً فكان كنز الذهب والفضة حراماً .... ولما كان الذهب والفضة حين نزلت الآية هما أداة التبادل ومقياس الجهد في العمل والمنفعة في المال سواء أكانت مسكوكة كالدراهم والدنانير أم لم تكن مسكوكة كالسبائك والتبر فيكون النهي عن كنزهما بوصفهما أداة التبادل ويكون المحرم هو كنز النقد بشكل عام سواء أكان ذهبا أو فضة أو أي نقد أخر.

 

وقد يظن بعض المسلمين أن تحريم كنز النقود يكون إن لم ينفق منه في سبيل الله أي أن من ينفق في سبيل الله فله أن يكنز ولا شيء عليه .... وهذا خطأ لأن النهي في الآية منصب على الحالتين .... فمن كنز ماله من الذهب والفضة شمله التهديد حتى لو أنفق في سبيل الله ... وكذلك من امتنع عن الانفاق في سبيل الله ولم يكنز النقود شمله التهديد .... فكنز النقود محرم حتى لو أخرجت زكاته وأنفق منه في سبيل الله.

 

وأن حكم تحريم كنز النقد كان هو حل ضمن مجموعة من الحلول الشرعية لإنجاح الحياة الاقتصادية والقضاء على البطالة والتضخم والكساد ومن ثم حدوث الأزمات الاقتصادية, وبالنظر في واقع المعاملات المالية يرى أنها تبادل بين مال ومال أو مال وجهد أو مال ومنفعة وحتى بين جهد وجهد أو منفعة ومنفعة لكن تقدير المنافع والجهود يتم بواسطة النقود .... وما دامت النقود تنتقل بين أيدي الناس من المستهلك إلى المنتج ومن المنتج إلى العمال والفنيين والموظفين والمتخصصين ثم يعود من أيديهم جميعاً إلى أيدي المنتجين على اختلافهم وتنوعهم فإن العجلة الاقتصادية تبقى دائرة والإنتاج يستمر ويزداد ما دامت الناس تستهلك ما ينتج ... والعمال بمختلف تخصصاتهم يجدون مصادر للدخل ..... لكن لو كنزت النقود ومنعت من التداول فامتنع المنفقون أو بعضهم عن الإنفاق لكسد الإنتاج وما لبث أن ضعف وتوقف ما ينتج عنه تسريح العمال وانتشار البطالة وهبوط الاقتصاد ... فكان منع كنز النقود حلاً باهراً لمشكلة الكساد والبطالة ومن ثم فقر الدولة والأفراد ...

 

ومن الجدير ذكره أن كنز النقود غير ادخاره, فالكنز هو جمع المال بعضه فوق بعض لغير حاجة .... أما الادخار فهو جمع النقد من أجل غاية معينة والى حين التمكن من إقامة ما جمع النقد لأجله وهذا لا يضر الاقتصاد بشيء... فمن يدخر النقود من أجل إقامة مشروع تجاري أو حتى مشروع استهلاكي أو من أجل بناء بيت أو للزواج أو لجمع تكاليف دراسته أو لأي غرض آخر هو لم يمنع نقوده عن السوق للأبد بل منعاً مؤقتاً ولا يلبث أن يعيد نقوده للتداول حال بدئه بمشروعه الذي ادخر لأجله ... فالادخار ليس محرما بل مباحا ... ولا شيء عليه سوى أن يدفع زكاته إن بلغ نصاب الزكاة وحال عليه الحول ...

 

فهل يخطر مثل هذا الحل أو شبيهه للرأسمالية العفنة أو الاشتراكية الحمقاء أو الشيوعية الغاشمة..... الرأسمالية التي ترى ما يصيب المجتمع من سوء في توزيع الثروة ومن ثم فقر يعم الغالبية العظمى من الشعب ما يؤدي إلى فقر الدولة فتكتفي بالمراقبة دون محاولة جادة للخروج من الأزمة وأما الاشتراكية فقد رأت الحل بتحديد الملكية الفردية بالكم وأما الشيوعية فكان حلها بمنع الملكية الفردية مطلقاً ... فكانت معالجاتهم جميعاً هروباً من الدلف إلى تحت المزراب .... فبئست المعالجات وبئس المعالجون .... ونعمت معالجات تأتي من لدن عليم حكيم ...

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

27 من جمادى الأولى 1434

الموافق 2013/04/08م

 

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

 

الــجــــزيـــــــــة

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة الكرام في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

روى أبو داوود في سننه قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ الْيَمَامِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ قُشَيْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ بَجَالَةَ بْنِ عَبْدَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَسْبَذِيِّينَ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ وَهُمْ مَجُوسُ أَهْلِ هَجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَكَثَ عِنْدَهُ ثُمَّ خَرَجَ فَسَأَلْتُهُ مَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِيكُمْ قَالَ شَرٌّ قُلْتُ مَهْ قَالَ الْإِسْلَامُ أَوْ الْقَتْلُ قَالَ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَبِلَ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَخَذَ النَّاسُ بِقَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَتَرَكُوا مَا سَمِعْتُ أَنَا مِنْ الْأَسْبَذِيِّ، قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :

( عَنْ قُشَيْرٍ ): بِالْقَافِ وَالشِّين الْمُعْجَمَة مُصَغَّرًا

 

( مِنْ الْأَسْبَذِيِّينَ ): بِالْمُوَحَّدَةِ وَالذَّال الْمُعْجَمَة. قَالَ فِي النِّهَايَة فِي مَادَّة أَسْبَذَانَة: كَتَبَ لِعَبْدِ اللَّه الْأَسْبَذِين هُمْ مُلُوك عُمان بِالْبَحْرَيْنِ الْكَلِمَة فَارِسِيَّة مَعْنَاهَا عَبَدَة الْفَرَس لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ فَرَسًا فِيمَا قِيلَ وَاسْم الْفَرَس بِالْفَارِسِيَّةِ أسب اِنْتَهَى.

 

وَقَالَ فِي مَادَّة سَبَذَ: جَاءَ رَجُل مِنْ الْأَسْبَذِيِّينَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ قَوْم مِنْ الْمَجُوس لَهُمْ ذِكْر فِي حَدِيث الْجِزْيَة، قِيلَ كَانُوا مَسْلَحَة لِحِصْنِ الْمُشَقَّر مِنْ أَرْض الْبَحْرَيْنِ الْوَاحِد أَسْبَذِيّ وَالْجَمْع الْأَسَابِذَة اِنْتَهَى. وَفِي تَاج الْعَرُوس: أَسْبَذ كَأَحْمَد بَلَد بِهَجَرَ بِالْبَحْرَيْنِ، وَقِيلَ قَرْيَة بِهَا، وَالْأَسَابِذ نَاس مِنْ الْفُرْس نَزَلُوا بِهَا.

وَقَالَ الْخُشَنِيُّ: أَسْبَذ اِسْم رَجُل بِالْفَارِسِيَّةِ مِنْهُمْ الْمُنْذِر بْن سَاوَى الْأَسْبَذِيّ صَحَابِيّ اِنْتَهَى.

 

وَقَالَ بَعْض الْعُلَمَاء: سَبَذَ عَلَى وَزْن حَطَبَ، وَالْأَسْبَذ بِسُكُونِ السِّين وَاَللَّه أَعْلَم

 

( فَمَكَثَ ): أَيْ الرَّجُل الْأَسْبَذِيّ. ( عِنْده ): أَيْ عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

( شَرّ ): أَيْ هُوَ شَرّ. ( مَهْ ): أَيْ اُكْفُفْ. قَالَ فِي النِّهَايَة: مَهْ اِسْم مَبْنِيّ عَلَى السُّكُون بِمَعْنَى اُسْكُتْ اِنْتَهَى

 

( وَتَرَكُوا مَا سَمِعْت ): قَالَ فِي السُّبُل: لِأَنَّ رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن مَوْصُولَة وَصَحِيحَة وَرِوَايَة اِبْن عَبَّاس هِيَ عَنْ مَجُوسِيّ لَا تُقْبَل اِتِّفَاقًا اِنْتَهَى. وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ.

 

أحبّتنا الكرام:الجزية مال مستحق لبيت المال وتكون أحكامها كما يلي:

 

تعريفها: الجزية هي حق أوصل الله تعالى المسلمين إليها من الكفار خضوعاً منهم لحكم الإسلام

 

دليلها: تؤخذ من أهل الكتاب بدليل قوله تعالى في سورة التوبة: ((قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ))

 

كما تؤخذ من غير أهل الكتاب لما جاء في حديثنا لهذا اليوم ... فتؤخذ من المجوس، كما تؤخذ من الهندوس والصابئة والشيوعيين وأمثالهم .... عرباً كانوا أم غير عرب، أما من كان مسلماً ثم ارتد عن الإسلام إلى أي ديانة كانت، اليهودية أو النصرانية أو المجوسية أو الشيوعية أو أي ديانة غير الإسلام فيعامل معاملة المرتدين وفلا تؤخذ منه الجزية بل يستتاب فإن عاد إلى الإسلام وإلا ضربت عنقه، وهذا لا ينطبق على الفئات التي كانت مسلمة وارتدت عن الإسلام ولا زالت موجودة إلى اليوم من مثل الدروز والبهائيين والإسماعيلية والنصيرية فإن من هم موجودون اليوم من أبنائهم وأحفادهم لا يعاملون معاملة المرتدين لأنهم لم يرتدوا هم أنفسهم عن الإسلام بل ولدوا غير مسلمين لذا يعاملون معاملة المجوس والصابئة فتؤخذ منهم الجزية على أن لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم.

 

والجزية مشتقة من الجزاء .... فهي تؤخذ من الكفار جزاء كفرهم وليس جزاء حمايتهم كما يظن البعض، لذا فهي لا تسقط عن أهلها ما داموا على كفرهم .....حتى لو اشتركوا في القتال مع المسلمين أو عملوا موظفين في الدولة لأنهم يأخذون راتباً على التحاقهم بالجيش أو بالوظيفة وأما الجزية فهي استحقاق عليهم بسبب كفرهم.

 

وتسقط الجزية في الحالات التالية:

 

1- بالإسلام فمن أسلم من أهل الذمة سقطت عنه جزية رأسه ... سواء أكان إسلامه في أول العام أو منتصفه أو آخره أو بعد انتهائه فإنه لا يجب عليه شيء لأنه أصبح مسلماً وليس المسلم من أهل الجزية لقوله صلى الله عليه وسلم: " ليس على مسلم جزية "

 

2- وتسقط عن الفقير الذي يُتَصَدَّقُ عليه

ولا تسقط بالموت بل تؤخذ من تركة المتوفى كباقي الديون فإن لم يكن له تركة سقطت إذ لا تجب على ورثته

ولا تسقط بالإعسار بل تبقى ديناً عليه وينظر المعسر إلى ميسرة.

 

أما كيف توضع: فهي توضع على الرؤوس لا على الأموال

فليس كل من يملك المال تفرض عليه الجزية .... فالمرأة, والصبي والمعتوه والمجنون لا تؤخذ منهم الجزية حتى لو كانوا أغنياء قادرين على دفعها ... بل تؤخذ من الرجال العقلاء البالغين فقط

 

وأما ممن تؤخذ.... فهي تؤخذ من القادر على دفعها لقوله تعالى: " عَن يَدٍ" أي عن مقدرة ... فتؤخذ من كل رجل بالغ عاقل ولا يستثنى منها الرهبان في الأديرة ولا أهل الصوامع ولا المرضى والعمي إن كانوا من أهل اليسار ....

 

واستحقاقها يكون بحلول الحول حيث تؤخذ الجزية مرة في السنة ويبدأ تعيين الحول بأول محرم وينتهي بآخر ذي الحجة .... وذلك للجميع ... ولا يجعل لكل ذمي حوله الخاص به وذلك حتى يحصل الضبط وتسهل الجباية والاستيفاء، وتعين الدولة جباة خاصين لاستيفاء الجزية وجبايتها يكونون موظفين لدى الدولة يحصلون على مرتباتهم من بيت المال وليس من أهل الذمة.

 

مقدارها: ليس لها مقدار معين فهي راجعة لرأي الخليفة واجتهاده على أن لا يشق على أهل الذمة ويكلفهم فوق طاقتهم ولا يظلم بيت مال المسلمين فيحرمه من مال مستحق له في رقاب أهل الذمة

 

مصرفها:

وأخيرا مال الجزية مال عام يضاف إلى أموال بيت المال وينفق منه على مصالح المسلمين كلها بلا استثناء كباقي أموال بيت المال من خراج وغنائم وفيء وعشور وغيرها من أموال الدولة المستحقة لبيت المال والتي مصرفها في مصالح المسلمين وفق رأي الخليفة واجتهاده.

 

نسأل الله تعالى أن يعجل بعودة دولة الإسلام لنرى بأم أعيننا كيف ستقوم بتنفيذ أحكام الجزية وتضع كل فرد في الدولة موضعه وتبين له حقه ومستحقه لتعود الأمور إلى نصابها وتعود الأمة الإسلامية عزيزة كريمة كما وصفها رب العزة: خير أمة أخرجت للناس

 

أحبّتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

29 من جمادى الأولى 1434

الموافق 2013/04/10م

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف

 

باب فضيلة الإمام العادل

وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية

والنهي عن إدخال المشقة عليهم

 

 

نحييكُم جميعا أيها الأحبةُ في كلِ مكانٍ، في حَلْقةٍ جديدةٍ من برنامجِكُم "مع الحديثِ الشريفِ" ونبدأ بخيرِ تحيةٍ، فالسلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.

 

 

جاءَ في صحيحِ الإمامِ مسلمٍ في شرحِ النووي "بتصرفٍ" في " بابِ فَضِيلَةِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ وَعُقُوبَةِ الْجَائِرِ وَالْحَثِّ عَلَى الرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ وَالنَّهْيِ عَنْ إِدْخَالِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ": حدثنا شيبانُ بنُ فروخٍ حدثنا أبو الأشهبِ عن الحسنِ قالَ: عادَ عبيدُ اللهِ بنُ زيادٍ مَعْقِلَ بنَ يَسارٍ المزنيَّ في مرضِهِ الذي ماتَ فيه فقالَ معقلٌ إني مُحدِثُكَ حديثا سمعْتُهُ من رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ، لو علمْتُ أن لي حياةً ما حدثتُكَ، إني سمعتُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ يقولُ: "ما من عبدٍ يسترعيهِ اللهُ رعيةً يموتُ يومَ يموتُ وهو غاشٌ لرعيتِهِ، إلا حرمَ اللهُ عليه الجنةَ".

 

قولَهُ صلى اللهُ عليه وسلمَ: ما من عبدٍ يسترعيهِ اللهُ رعيةً يموتُ يومَ يموتُ وهو غاشٌ لرعيتِهِ إلا حرمَ اللهُ عليه الجنةَ، حاصِلُهُ يحتمِلُ وجهينِ: أحدهُما: أن يكونَ مستحِلا لغِشِهِم فتَحرُمُ عليه الجنةُ، ويخلدُ في النارِ. والثاني: أنه لا يستحلُهُ فيمتنعُ من دخولِها أولَ وهلةٍ مع الفائزين، وهو معنى قولِه صلى اللهُ عليه وسلمَ في الروايةِ الثانيةِ للحديثِ. ( لم يدخلْ معَهم الجنةَ ) أي: وقتَ دخولِهِم، بل يُؤخَرُ عنهُم عقوبةً له إما في النارِ وإما في الحسابِ، وإما في غيرِ ذلك. وفي هذه الأحاديثِ: وجوبُ النصيحةِ على الوالي لرعيتِهِ، والاجتهادُ في مصالحِهِم، والنصيحةُ لهم في دينِهم ودنياهُم، وفي قولِهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ: ( يموتُ يومَ يموتُ وهو غاشٌ لرعيتِهِ) دليلٌ على أن التوبةَ قبلَ حالةِ الموتِ نافعةٌ.

 

منذُ متى كان الذئبُ راعيا للغنمِ؟ منذ متى كان السارقُ أمينا على المسلمينَ وأموالِهم؟ منذ متى كان الغربُ الكافرُ رؤوفا بالمسلمينَ رحيما عطوفا حتى ينصحَ لهم ويجهدَ؟ فيأتي وزيرُ الخارجيةِ الأمريكيِ في زيارةٍ تلو الزيارةِ إلى مصرَ الكنانةِ، إلى مصرَ الثورةِ، ليقدِمَ لرئيسِها الجديدِ نصائِحَهُ وتوجيهاتِهِ، يحثُهُ على الالتزامِ بالديمقراطيةِ وبمبادئِها التي يتفاخرونَ فيها، والتي ارتفعَ الغربُ بسببِها فصارَت أمريكا أمريكا. أمريكا الكفرُ والإلحادُ الذي ما عرفَتِ الأرضُ كفرا مثلَهُ، أمريكا التي دمّرَت العراقَ وقتلَت مليونا من أهلِهِ، أمريكا التي غزَتْ أفغانستانَ ودمرتْهُ وما تزالُ تقصفُ بطائراتِها بلادَ المسلمينِ بلدا بلدا، أم تُراكَ يا سيادةَ الرئيسِ ألم ترَ سجونَ أبو غريبْ وجوانتانامو ومعتقلاتِ التعذيبِ السريةَ والعلنيةَ؟ ثم ألم يسمعْ رئيسُ مصرَ الثورةِ وزيرَ العدلِ الأمريكي وهو يقولُ: "إن المشكلةَ إنما تكمنُ في الإسلامِ ذاتِهِ وليس في بعضِ من يعتنقونَهُ،...وإنّ اللهَ يحضُّ في القرآنِ على البغضِ"؟ ألم يسخروا من حجابِ نسائِنا المؤمناتِ الطاهراتِ؟ ألم يشتُموا نبيَنَا؟ ألم يُعلنْها كبيرُهم: "إنها حربٌ صليبيةٌ؟". وقائمةُ العداءِ للإسلامِ وأهلِهِ طويلةٌ طويلةٌ...

 

أيها المسلمونَ:

 

أبعدَ هذا يجلسُ مَنْ نادى بالإسلامِ معَ رأسِ كفرِهِم، يستمعُ لنصائِحِه وإرشاداتِهِ؟ آللهٌ أمركَ بهذا يا سيادةَ الرئيسِ؟ يا من رفعْتَ شعارَ "الإسلامُ هو الحلُ" طيلةَ العقودِ الماضيةِ، أليس هذا غِشاً لرعيتِكَ؟ ألا تخشى أن يُحرِّمَ اللهُ عليكَ الجنةَ؟، إذن اتقِ اللهَ وعدْ إلى رشدِكَ وصوابِكَ، واخلعْ عنكَ ثوبَ الوطنيةِ والقوميةِ والديمقراطيةِ، وتزينْ بلباسِ التقوى فهو خيرٌ.

 

نسألُ اللهَ العظيمَ ربَ العرشِ العظيمِ أن يجعلَنا من الذينَ يستمعونَ القولَ فيتبعونَ أحسَنَهُ، اللهم آمين.

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم

 

 

02 من جمادى الثانية 1434

الموافق 2013/04/12م

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

بسم الله الرحمن الرحيم

مع الحديث الشريف

 

 

باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية

والنهي عن إدخال المشقة عليهم

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي "بتصرف" في " باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحثّ على الرّفق بالرّعيّة والنّهي عن إدخال المشقّة عليهم":

 

حدثنا قتيبة بن سعيدٍ حدثنا ليثٌ وحدثنا محمد بن رمحٍ حدثنا الليث عن نافعٍ عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ألا كلّكم راعٍ وكلّكم مسئولٌ عن رعيّته فالأمير الّذي على النّاس راعٍ وهو مسئولٌ عن رعيّته والرّجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئولٌ عنهم والمرأة راعيةٌ على بيت بعلها وولده وهي مسئولةٌ عنهم والعبد راعٍ على مال سيّده وهو مسئولٌ عنه ألا فكلّكم راعٍ وكلّكم مسئولٌ عن رعيّته ".

 

قوله صلى الله عليه وسلم: (كلّكم راعٍ وكلّكم مسئولٌ عن رعيّته) قال العلماء: الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه، وما هو تحت نظره، ففيه أن كل من كان تحت نظره شيءٌ، فهو مطالبٌ بالعدل فيه، والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته.

 

يروى أن سباقا حدث بين ابن حاكم مصر عمرو بن العاص وعددٍ من شبان الأقباط، وبعد جولةٍ أو جولتين فاز بالسباق أحد الأقباط المغمورون، فاستدار ابن الأمير، كأنما قد أهينت كرامته!! أقبطيٌ يسبق ابن حاكم مصر؟ فمال على رأس القبطيّ وضربه بالسوط وقال له: "أتسبقني وأنا ابن الأكرمين؟"، فغضب والد الغلام القبطيّ وسافر ومعه ابنه من مصر إلى المدينة المنورة، يشكو إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب هتك العدالة التي أنعم بها الإسلام عليهم، ويطلب منه إنصاف ولده، ولما استمع عمر بن الخطاب إلى شكوى الرجل، تأثر كثيرا وغضب غضبا شديدا، فكتب إلى والي مصر عمرو بن العاص رسالةً مختصرةً يقول فيها: "إذا وصلك خطابي هذا فاحضر إليّ وأحضر ابنك معك".

 

وحضر عمرو بن العاص ومعه ولده امتثالا لأمر أمير المؤمنين، وعقد عمر بن الخطاب محكمةً ليست عسكريةً ولا أمنيةً ولكنها محكمةٌ إسلاميةٌ للطرفين تولاها بنفسه، وجمع عمر الصحابة ليشاهدوا نتائج الحكم، وعندما تأكد له اعتداء ابن والي مصر على الغلام القبطي، أخذ عمر بن الخطاب عصاه وأعطاها للغلام القبطيّ وقال قولته المشهورة: "اضرب ابن الأكرمين، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟!"

 

أيها الحكام في مصر، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ أيها الحكام في تونس وليبيا واليمن وفي بلاد الثورات وغير بلاد الثورات، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ أتقتلون المسلمين بذريعة أن الحاكم الجديد لم يثبت نفسه بعد، تحت شعار "أعطونا فرصةً"؟ منذ متى تعطى الفرص لتطبيق الكفر؟ منذ متى كانت رعاية الشؤون في الإسلام تقوم على إرضاء الغرب الكافر؟ أين هذه الرعاية؟ ما لونها وما طعمها وما شكلها؟ أتراكم يا حكام الجور تظنون أن الثورات انتهت، وما عليكم إلا أن تعيدوا استنساخ ما سلف؟ والله ما لم تقم الدولة الإسلامية بالرعاية الحقيقية كما كانت في الماضي، يحاسب فيها الراعي من قبل الرعية فلن تكون هناك رعايةٌ، ولن يكون هناك عدلٌ كعدل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه.

 

اللهم مكّن للمسلمين في الأرض، وارفع عنهم ما نزل بهم، واقبلهم في الصالحين. اللهم آمين.

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديثٍ نبويٍ آخرٍ، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم

 

04 من جمادى الثانية 1434

الموافق 2013/04/14م

 

 

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Reply to this topic...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
 Share


×
×
  • Create New...