اذهب الي المحتوي
منتدى العقاب

سؤال حول عملاء الانجليز و أميركا؟!


عز الدين24

Recommended Posts

لماذا يظهر عملاء الانجليز فى الأردن و اليمن و دويلات الخليج كما لو أنهم عملاء لأميركا؟!! و ليس لبريطانيا؟!! و كيف نستطيع أن نميز عمالة الحكام بين من هو عميل لأميركا و من هو عميل لبريطانيا؟!!

رابط هذا التعليق
شارك

يعني المواقف السياسية والموقف الدولي متغير

 

ولا يوجد حدود فاصلة في الامور السياسية وهي انما مصالح وفن الممكن اخي بالنسبة

 

للسياسة الغربية فهي رمادية يسودها المساومات والمفاضلات

 

يعني الملك عبدالله الثاني سليل العائلة الانجليزية الهاشمية لا يختلف اثنان على ذلك وهو بالمناسبة

 

ينام الليلة بأحضان الانجليز يتلقى التعليمات من بريطانيا التي أفل تدخلها كفاعل في الموقف الدولي وتركت الفعل

 

لامريكا وارتضت ان تحالفها وتلاصقها لتجسس عليها وتقتنص قضمة من الغنيمة الامريكية هنا او هناك

 

بالمساومة او بالخداع او حتى بعمل عسكري محدود فاذا كان شأن السيدة هكذا فلا نستغرب صداقة وتحالف

 

الملك عبدالله عميل الانجليز مع امريكا وادخاله لقواتها ومناوراتها على اراضيه

 

وكذلك شان قطر التي تؤوي اكبر قاعدة امريكية

 

مثل انجليزي ( أو يهودي ؟) : كن قريبا من اصدقائك ولكن كن أقرب الى أعدائك

رابط هذا التعليق
شارك

سياسة أميركا تمضي بالعنجهيّة.

 

وسياسة بريطانيا تمضي بالدّهاء.

 

عملاء الإنجليز يميلون لريح العنجهية الأميركيّة بدهاء سادتهم الإنجليز .. خشية أن تقتلعهم أميركا بجنودها.

 

لكن وراء ميلهم عصي بريطانية تدفعها في دواليب الأميركان.

 

والله تعالى أعلى واعلم.

رابط هذا التعليق
شارك

أتصور أن الأمر بغاية البساطة, عندما يتعلق الأمر بعودة الاسلام كنظام حياة فهم جميعا يد عليه, أما في غير ذلك فهم مختلفون أشد الاختلاف ولذلك يستطيع المرء كشف جهة عمالتهم.

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

جواب سؤال عن مالي

الجزائر

pdf6.gif

السؤال:

 

 

تصاعد الحديث عن التدخل العكسري في شمال مالي في الأيام الأخيرة، واجتمع أمس الأحد 11/11/2012 قادة المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس). لبحث استعادة شمال مالي ضمن دولة مالي، وكان قرارهم عائماً غير حاسم، فقد قرروا إرسال 3300 جندي إلى مالي، ولكن في الوقت نفسه أعلنوا عدم إغلاق باب التسوية السياسية، بل تركوا باب الحوار مفتوحاً... وقد كان هذا بعد قرار مجلس الأمن 2071 في 15/10/2012 الذي أعطى مهلة 45 يوماً لهذه المجموعة... وبين هذا وذاك كانت تتصاعد مواقف الدول الكبرى ذات التأثير الاستعماري في أفريقيا، وكان أشدها إلحاحاً على التدخل العسكري فرنسا، وبدرجة أقل أمريكا، وبما يشبه عدم الاهتمام من بريطانيا... ولكن اللافت للنظر أن الجزائر هي قطب الرحى في هذا الأمر، فزيارة مسئولي هذه الدول إليها متكررة، فوفد يغدو وآخر يروح...، وهي لازالت تعارض التدخل العسكري.

والسؤال لماذا الجزائر أصبحت محطة التنافس بين هذه الدول من حيث الاتصالات معها، وبخاصة من أمريكا وفرنسا؟ ثم لماذا يبدو صوت بريطانيا خافتاً؟ وما مواقف هذه الدول وأغراضها خلال اتصالاتها مع الجزائر؟

الجواب:

لكي يتضح الجواب يجب أولاً استعراض أمرين مهمين:

الأول: واقع الجزائر السياسي... والثاني: انقلاب مالي...

أما واقع الجزائر السياسي:

فالمعروف أن الرئيس بوتفليقة الذي كان وزيرا للخارجية على عهد هواري بومدين قد سار على نهج بومدين الذي ارتبط بالإنجليز، ومن ثم وصل إلى الحكم عن طريق انقلاب عسكري قاده عام 1965 ضد أحمد بن بيلا الذي كان يوالي أمريكا، واستمر الحكم يديره عملاء الإنجليز إلى أن قام عملاء فرنسا في الجيش بانقلاب عام 1992، وذلك ليحولوا دون وصول جبهة الإنقاذ الإسلامية إلى الحكم بعد أن نجحت في الانتخابات... ثم أجبروا الشاذلي بن جديد على تقديم الاستقالة... بعدها أصبح الجيش متحكما في البلاد ولكنه فشل في تسيير أمرها، واضطرب الحكم، فبعد أن أجبروا الشاذلي على الاستقالة في 1992 أتوا بمحمد بوضياف ثم قُتل، وأتوا بعده بعلي كافي، ثم أبعدوه، وبعد ذلك سلموا الحكم لوزير الدفاع الجنرال اليمين زروال أحد رجالهم، ولكن لم يستطيعوا أن يعالجوا تبعات انقلابهم وتهدئة الأوضاع في البلاد بعدما ارتكبوا مجازر فظيعة في حق أهل الجزائر المسلمين... وفي سنة 1999 اتفقوا مع عبد العزيز بوتفليقة ليكون الرئيس على أن لا تمسهم أية مساءلة عن جرائمهم وتدميرهم للبلد وليعمل على دمل الجراح بالدعوة إلى الوئام والسلم والمصالحة... وهكذا أصبح هو الرئيس منذ 1999 وحتى اليوم، وذلك بعدما أعلن عن فوزه في انتخابات 2004 ثم في انتخابات 2009م. وما زال بوتفليقة على علاقة وثيقة ببريطانيا، وقام بتتويج ذلك بزيارة بريطانيا عام 2006 لتكون أول زيارة لرئيس جزائري إلى بريطانيا. ومع أن مجموعة فرنسا في الجيش الجزائري، وهم مؤثرون إلى حد ما، يدركون علاقة بوتفليقة مع بريطانيا، وكذلك يدركون أن بوتفليقة لم يكن على وئام مع السياسة الفرنسية، وقد رفض مشروع الاتحاد المتوسطي الذي جاءت به فرنسا على عهد ساركوزي، كما أن مشاريع الاتفاقيات التي جرى الحديث عنها عام 2008 في زيارة ساركوزي للجزائر ولقائه بوتفليقة لم يجر تنفيذها... مع كل هذا الذي يدركونه إلا أنهم يسكتون على ذلك لأن ملفات جرائم قادة هذه المجموعة الذين أجرموا في حق الشعب المسلم في الجزائر لم تُغلق، وفي أية لحظة يستطيع بوتفليقة تفجيرها في وجهوهم إذا ما فكروا في القيام بانقلاب ضده، ولذلك فلم يقوموا بمعارضة سياسته وبخاصة وهو يتفق معهم في حماية العلمانية والجمهورية التي يقدسونها.

وهكذا فإن الخط السياسي العام للرئيس الجزائري هو تَبعٌ للسياسة البريطانية في موضوع مالي المبين لاحقاً.

وأما انقلاب مالي، فقد حدث في 22/3/2012، وكان واضحاً أن وراءه أمريكا، فقد كانت أمريكا تعمل على إيجاد نفوذ لها في مالي، وكان بداية ذلك عقد اتفاقيات مع مالي لتدريب القوات المالية على مكافحة الإرهاب والتمرن على التكتيكات المتعلقة بمحاربة الجماعات المتمردة. وكانت تختار ضباطا وترسلهم إلى أمريكا للتدرب. وقد نقل موقع العصر في 24/3/2012 عن مصادر أمريكية مطلعة بأن ديبلوماسيا أمريكيا طلب عدم ذكر اسمه للصحافة صرح قائلا: “إن قائد الانقلاب النقيب أمادوا “أحمدو” حيا سانوجو كان قد اختير من بين نخبة ضباط من طرف السفارة الأمريكية لتلقي تدريب عسكري لمكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة”. وأضاف بأن “سانجو سافر مرات عدة لأمريكا في مهمات خاصة...”.

وكان الغرض من الانقلاب هو إزالة النفوذ الفرنسي من مالي التي كانت ركيزته الأساسية، ومن ثم يحل النفوذ الأمريكي مكانه.

وقد سبق أن وضحنا هذا الأمر مفصلاً في جواب السؤال المؤرخ 24/3/2012.

والآن بعد استعراض الأمرين السابقين يمكن الجواب على السؤال على النحو التالي:

1- انخفاض صوت بريطانيا في أمر التدخل العسكري سببه أن المشكلة بشكل رئيسي هي بين أمريكا وفرنسا، فإن أمريكا وراء ذلك الانقلاب لقلع نفوذ فرنسا من المنطقة... ولذلك فإن بريطانيا على عادتها تريد الفريقين أن ينشغلا في هذا الأمر ليضعفهم الصراع، وتكون هي الرابحة أو على الأقل ليست الخاسرة!

أما موقفها خلال زيارة مسئوليها للجزائر حول مالي فقد كان موقفاً مراوغاً نحو التدخل العسكري وفي الوقت نفسه تأييد الجزائر في عدم التدخل العسكري! فقد صرّح السفير البريطاني في الجزائر مارتن روبر: “ان المملكة المتحدة تقف الى جانب الجزائر في هذه المرحلة الحرجة جدا” وقال “ان بريطانيا تحبذ الحل السلمي ان كان ممكنا” ( جريدة الخبر الجزائرية 22/6/012) وقد قام اليستر بيرت الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 23/6/012 بزيارة الجزائر وقام بدراسة الوضع في شمال مالي وتعزيز العلاقات مع المسؤولين الجزائريين لمدة ثلاثة أيام. “وقد ثمن الموقف الجزائري الرافض للتدخل العسكري لانهاء مشكلة التمرد في شمال مالي، وقال ان بريطانيا تدعم حل النزاع القائم في منطقة الساحل عبر المفاوضات”. ( صفحة السلام اليوم الجزائرية 24/6/012) فبريطانيا لا تريد أن تتورط جزائر بوتفليقة في تدخل عسكري في شمالي مالي لأن ذلك يمنح أمريكا فرصا للتأثير على الجزائر تمهيداً لبسط نفوذها في هذا البلد، فيكون ذلك على حساب النفوذ البريطاني في الجزائر وفي شمال أفريقيا.

وقد انعكس هذا الموقف المراوغ لبريطانيا على جزائر بوتفليقة، ولهذا كانت تصريحات الجزائر لا تريد التدخل من جانب، وتريده من جانب آخر فتقول بالحل السياسي، وتقول أيضا بمكافحة الإرهاب في شمال مالي! أي تعمد الغموض في الموقف، فهي تقول إن التدخل له آثار سيئة وبخاصة على الطوارق ويجب الحل السياسي، وفي الوقت نفسه تقول إن الحل العسكري ضروري ضد الإرهاب! كما جاء في تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية عمار بلاني حيث قال: “نعتبر ان استعمال القوة يجب ان يتم عن تبصر من اجل تجنب اي خلط او غموض بين سكان مالي الطوارق الذين لهم مطالب مشروعة والجماعات الارهابية وتجار المخدرات الذين يجب ان يكونوا الهدف الاول لكونهم مصدر الخطر الذي يهدد المنطقة”. (أ.ف.ب 30/10/012)، لذلك فهي تمسك العصا من الوسط على طريقة الإنجليز لإبقاء الصراع بين أمريكا وفرنسا مشتعلاً، وفي الوقت نفسه يبقى بعيداً عنها... ولأن بريطانيا في سياستها الحالية تتبع عدم التصادم العلني مع أمريكا وإنما التشويش عليها بوسائل أخرى، فكذلك هي الجزائر، فمع أنها تقف بقوة ضد فرنسا في مباحثاتها بالنسبة لشمال مالي، حتى إنها أجلت زيارة رئيس جمهورية فرنسا، إلا أنها تبدي ميلاً وتجاوباً مع الضغوط الأمريكية عليها، فلا تستطيع تأجيل زيارة وزير أمريكي في الوقت الذي تؤجَّل فيه زيارة رئيس لفرنسا! ويبدو أن إرضاء الجزائر لأمريكا كان وراء طلبها من فرنسا تأجيل زيارة رئيسها فرانسو أولاند، فهي تتخذ موقفاً شديداً تجاه فرنسا، ولكنها تبدي ليناً في تصريحاتها تجاه أمريكا كما يتضح من مجريات الأمور.

2- أما فرنسا، فإنها أصيبت في مقتل على أثر انقلاب مالي، وأصبح الموضوع عندها مصيرياً، فإذا لم تستطع إعادة نفوذها في مالي، فإن نفوذها في أفريقيا سينتهي تدريجيا، ولذلك فهي تعمل بجد ونشاط للتدخل الدولي العسكري وإعادة دولة مالي إلى حظيرتها، فهي لا تريد أن يبقى أزلام أمريكا في الحكم في جنوب مالي، وشبه دولة في شمال مالي، ومن ثم يصعب عليها بسط نفوذها كالسابق في دولة مالي.

ولهذا فإن فرنسا تتهافت على التدخل العسكري في شمال مالي، لأن نفوذها في مالي قد تعرض لضربة كبيرة على أثر الانقلاب العسكري هناك الذي قام به ضباط صغار موالون لأمريكا في 22/3/2012، وهذا النفوذ هو آيل للسقوط في المنطقة كلها إذا لم تستطع فرنسا معالجة موضوع مالي وشماله. ولذلك نراها تعمل في مجلس الأمن جاهدة على استصدار القرارات المتعلقة بالتدخل العسكري وتتصل بدول المنطقة، وبخاصة الجزائر...

وأما موقفها خلال اتصالاتها بالجزائر فهو الحث بقوة على التدخل العسكري، ومع ذلك لم تتجاوب الجزائر معها، فقد نقلت جريدة الخبر الجزائرية عن صحيفة لوكانار أونشي الفرنسية في 31/10/2012 أن “تأخير زيارة الرئيس الفرنسي أولاند للجزائر التي كانت مقررة في شهر نوفمبر الى شهر ديسمبر كانت بناء على طلب الرئيس الجزائري بوتفليقة” وذكرت أن “فرنسا تبعث اشارات صداقة (للجزائر) مثل زيارة وزيري الخارجية لوران فابيوس ووزير الداخلية مانويل فالس واعتراف قصر الاليزيه بالطابع الدموي لاحداث 17/اكتوبر 1961”. ونقلت عن “مستشاري اولاند انه كان يأمل في اقناع بوتفليقة بعدم البقاء مكتوف اليدين ازاء الجماعات الاسلامية المسلحة المسيطرة على شمال مالي.”. ومع كل هذا فلم تتجاوب الجزائر... وهكذا فإن مركز التنبه عند فرنسا هو عودة نفوذها إلى مالي بأسرع ما يمكن، وترى أن الطريق لذلك هو التدخل العسكري لتحتل شمال مالي ومن ثم تنطلق إلى جنوبه مستغلة هذا “النصر”، فتجعل رجالها في جنوب مالي يتحركون كخطوط أمامية لفرنسا.

3- وأما أمريكا، فمع أنها تريد التدخل لدعم رجالها في جنوب مالي، إلا أنها غير مستعجلة على التدخل، بل هي تريد الانطلاق من مشكلة مالي إلى كسب الجزائر لنفوذها لعلها تتخذها منطلقاً لها في أفريقيا ضد ما تسميه الإرهاب كما هي باكستان منطلق لها في جنوب آسيا ضد طالبان، ولذلك ضاعفت تحركاتها في الجزائر بحجة مالي، ولكن المباحثات تركز على غيرها!

أي أن أمريكا يهمها الآن إدخال نفوذها إلى الجزائر لتنطلق منه إلى أفريقيا أكثر مما يهمها التدخل العسكري في شمال مالي، وإن كان هذا التدخل من ضمن سياستها، لكنها تريده طريقاً لدخول نفوذها للجزائر، وفي الوقت نفسه لا تريد دوراً مؤثراً لفرنسا في التدخل العسكري عندما تقرر أمريكا بشكل جاد الموافقة عليه.

أما اتصالات مسئوليها مع الجزائر فإن ظاهرها البحث في شمال مالي، وحقيقتها البحث في إقامة روابط مع الجزائر، وهذا يتبين جلياً باستعراض زياراتها الأخيرة إلى الجزائر، فقد قامت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بزيارة الجزائر والاجتماع برئيسها عبدالعزيز بوتفليقة في 29/10/2012، وقد صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية كلينتون في ختام لقائها مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قائلة: “بحثنا علاقاتنا الثنائية القوية جدا، واشرنا الى اننا اجرينا للتو ندوة ممتازة للحوار الاستراتيجي التي احتضنتها واشنطن الاسبوع الماضي. كانت لنا محادثات معمقة جدا حول الوضع في المنطقة وخاصة في مالي”. (فرانس برس، رويترز 30/10/012).

فهي ذكرت العلاقات الثنائية في الجزائر والحوار الاستراتيجي معها... ثم ذكرت المحادثات المعمقة في المنطقة وبخاصة مالي، فكان الهدف في الدرجة الأولى الجزائر قبل وضع مالي. ومما يؤكد هذا الاهتمام بالجزائر في الدرجة الأولى هو أن كلينتون تركت وراءها مساعدتها إليزابيث جونس لمواصلة المحادثات مع المسؤولين مما يدل على أن هناك أمورا استطاعت أمريكا تحقيقها في هذه الزيارة وأن مساعدة الوزيرة تعمل على إتمامها. فقد ذكر الناطق باسم الخارجية الجزائرية عمار بلاني فيما يتعلق بذلك قائلا: “ان المحادثات التي جرت بين وزير الخارجية مراد مدلسي ومساعدة وزيرة الخارجية الامريكية آن اليزابيت جونس سمحت بتقييم النتائج المسجلة في اطار الدورة الاولى للحوار الاستراتيجي الجزائري الامريكي وبتعميق المشاورات حول عدد من المسائل الجهوية”. (وكالة الأنباء الجزائرية 1/11/012).

ثم إن أمريكا لا تريد أن تعطي لفرنسا أي دور رئيس في أي تدخل إذا ما قررت التدخل في هذه المنطقة، ولا تريد مساعدتها في القيام بمهمة عسكرية هناك، لأنها أصلا تستهدف إزالة النفوذ الفرنسي في مالي وفي المنطقة. وأمريكا يهمها الآن في الدرجة الأولى الجزائر وبسط النفوذ فيها، وتتخذ مسألة شمال مالي ذريعة للتحرك فيها وفي المنطقة. وهي تعمل على إيجاد الوسائل لتحقيق هذا الغرض، وأبرزها العمل على إيجاد شراكة استراتيجية مع الجزائر كما عملت مع الباكستان وأفغانستان والعراق وتركيا. ولذلك تجري معها محادثات تستهدف إيجاد هذه الشراكة التي هي عبارة عن أسلوب لإيجاد النفوذ في البلد من خلال التعاون الأمني والعسكري والاقتصادي.

4- إن الكثير من أهل الجزائر يدرك أن بلادهم مستهدفة من قبل أمريكا، فقد نقلت جريدة الخبر الجزائرية في 29/10/012 عن كبير أعيان قبائل الطوارق في تمنراست 2000 كم جنوب العاصمة رفضه التدخل العسكري في شمال مالي معتبرا ذلك أنه “مقدمة لاقامة قواعد عسكرية في الصحراء”. ونقلت هذه الجريدة عن نائب برلماني في منطقة الأهقار قوله: “ما تطلبه امريكا وفرنسا من تدخل اجنبي سيخلق الكثير من المشاكل ونحن كاعيان منطقة الاهقار نطلب من الجزائر الصمود في موقفها ضد التدخل الاجنبيي”. وكذلك نقلت وكالة الأناضول التركية في 31/10/012 عن عبدالعزيز رحابي الذي شغل سابقا منصب وزير الاتصالات وناطق رسمي باسم الحكومة قوله: “ان الامريكيين قد يطلبون من الجزائر لعب دور شبيه بدور باكستان في الحرب الدولية على حركة طالبان والقاعدة داخل الاراضي الافغانية”. موضحا أن “الجزائر سيطلب منها تقديم مساعدة معلوماتية او تسهيل تحليق الطائرات”...

ومع كل هذا وذاك، فإن الجزائر تبدي مرونة وليناً تجاه اتصالات أمريكا بشكل واضح، من باب مسايرتها كما تفعل بريطانيا، وأمريكا لا شك تدرك ذلك، لكنها كما يبدو ترى أن المسايرة هي الخطوة الأولى للمشاركة، فالنفوذ كما تراه، وذلك باستعمال الإغراء الاقتصادي، أو فزاعة الإرهاب، أو وسائل الضغط الأخرى...! على كلٍّ، إن هذه المسايرة واضحة على مدار زيارات عدة لمسئولين أمريكان إلى الجزائر خلال الأشهر الأخيرة، فقد أشاد وزير خارجية الجزائر مراد مدلسي خلال زيارته لواشنطن في شهر أيلول/سبتمبر الفائت بالتطور في العلاقات الأمريكية الجزائرية والمشاورات بينهما حول بؤر التوتر في المنطقة، وقال: “ان هناك تنسيقا وشراكة بين بلدان الساحل والبلدان الشريكة ومنها الولايات المتحدة لتوفير الظروف المناسبة لمحاربة الارهاب من خلال نظم المعلومات والتكنولوجيا والتجهيزات”. ولفت إلى تطور العلاقات بين الجزائر وواشنطن على صعيد التعاون العسكري والاقتصادي باعتبار الولايات المتحدة الزبون التجاري الاول للجزائر بواقع 17 مليار دولار عام 2011. (وكالة الأنباء الجزائرية 1/11/012)، وذكرت هذه الوكالة بأن الاجتماع الثاني للحوار الاستراتيجي بين البلدين سيجري العام القادم في الجزائر.

وقد اتضح هذا أكثر من خلال البيان الذي أصدرته الخارجية الجزائرية في 28/10/012 قبل يوم من زيارة كلينتون قالت فيه: “ان زيارة كلينتون تندرج في سياق الدورة الاولى للحوار الاستراتيجي الجزائري الامريكي التي انعقدت في 19 اكتوبر من الشهر الجاري في واشنطن والتي اعطت دفعا ملحوظا للتشاور السياسي بين البلدين” وأضاف البيان:” ان المباحثات ستتمحور حول تعزيز الشراكة الاقتصادية والامنية بين البلدين ومسائل الساعة الاقليمية والدولية”. (وكالة يو بي أي الأمريكية 28/10/012).

5- إنه ليؤلمنا أن تكون بلاد المسلمين، ومنها الجزائر ومالي وغيرها، أن تكون في غياب دولة الخلافة محلَّ صراع بين الدول الكبرى، فهذه الدول الكبرى، وهي دول استعمارية كافرة، تتصارع على بلاد المسلمين لتبسط نفوذها على بلادهم ولتنهب خيراتهم ولتحول دون عودتهم لتحكيم دينهم في حياتهم وإقامة نظامٍ منبثقٍ منه مجسداً في دولة الخلافة...

ومع أن الشعوب الإسلامية هي رافضة لأي تدخل أجنبي، إلا أن الأنظمة القائمة في بلادهم راضية بهذا التدخل، فهذه الأنظمة مستعدة لقبول التدخل الأجنبي، بل هي موالية للدول الاستعمارية الكافرة، لأنها أُسِّسَت على أساس التبعية للغرب بدساتيرها وأنظمتها ويُنَصَّب حكامها ليسيروا على هذا الأساس، وقد جرى إعدادهم على أن يكونوا موالين وتابعين لهذه الدول. فما لم يجر التخلص من الأنظمة ومن دساتيرها ومن حكامها ومن عقلية الحكم القائمة وإلا ستبقى بلاد المسلمين ساحة للصراع بين هذه الدول. مع العلم أنه يوم كانت الجزائر ولاية من ولايات دولة الخلافة الإسلامية على عهد العثمانيين كانت أمريكا تدفع لها ضرائب كلما مرت سفنها من مياه هذه الولاية الإسلامية. فكما ورد في الأرشيف الأمريكي “فقد وقعت أمريكا وباسم رئيسها ومؤسسها جورج واشنطن نفسه مع والي الجزائر حسن باشا على اتفاقية بتاريخ 5/9/ 1795م تتعهد أمريكا فيها بدفع 12 ألف ليرة ذهبية سنويا مقابل مرور السفن الأمريكية من مياه ولاية الجزائر، وأن تدفع فورا 642 ألف ليرة ذهبية مقابل إطلاق الأسرى الأمريكيين الذين أسرتهم القوات البحرية التابعة لدولة الخلافة عندما مرت لأول مرة 11 سفينة أمريكية في الشهر العاشر والحادي عشر من عام 1793”... هكذا كانت أمريكا تنظر للجزائر وهي ولاية تابعة لدولة الخلافة، فأمريكا حينها كانت تخشى غضب الجزائر عليها ناهيك عن أن تفكر في أن يكون لها نفوذ في الجزائر...!

إن الواجب على كل مسلم يؤمن بالله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يعمل لإقامة الخلافة التي تعيد للأمة عزها ونصرها، وأولاً وأخيراً تُرضي ربها، فهي خير أمة أخرجت للناس... هذا هو مبعث عز هذه الأمة وطريق نصرها.

((وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ))

 

27 من ذي الحجة 1433

12/11/2012م

رابط هذا التعليق
شارك

سم الله الرحمن الرحيم

جواب سؤال

انقلاب النيجر والصراع الدولي

pdf6.gif

السؤال: في يوم الخميس 18/2/2010 أعلنت مصادر عسكرية في النيجرعن قيام جنود يقودهم الميجر آدم هارون بانقلاب عسكري ضد رئيس البلاد محمد تانجا، وأعلنت عن احتجاز هذا الرئيس وأعضاء الحكومة في مكان قريب من القصر الرئاسي في العاصمة نيامي، وأعلنت عن تعطيل الدستور وحل كل مؤسسات الدولة. فهل هذا الانقلاب كسابقاته مما كان يحدث في النيجر من صراع محلي بين عملاء فرنسا ذات النفوذ في هذه المستعمرة الفرنسية القديمة، أو هو صراع دولي، وجزاكم الله خيراً؟

 

الجواب:

نعم، إن هذا الانقلاب قد حدث كما قلت، وأعلن عن تشكيل ” المجلس الاعلى لاعادة الديمقراطية”، وأن رئيسه هو ” سالو جيبو ” قائد وحدة الدعم في نيامي التي تضم اسلحة ثقيلة مثل المدرعات. وجاء في بيان هذا المجلس:” ان الحكومة حُلَّت، وأن المجلس الأعلى لإعادة الديمقراطية يبلغ الشعب ان تصريف الشؤون العامة اوكلت الى المدراء العامين في الوزارات والمحافظات”. (رويترز، أ.ف.ب 19/2/2010)

ولفهم حقيقة ما جرى نستعرض المؤشرات التالية:

1- لقد نقلت وكالة أ.ف. ب الفرنسية أن مسئولاً فرنسيا لم تسمه ذكر لها في وقت سابق:” ان محاولة انقلابية تجري في النيجر وان تانجا ليس في وضع جيد”. وأضافت هذه الوكالة ان هذا الديبلوماسي الفرنسي ذكر لها:” ان الحرس الرئاسي شارك في الانقلاب” وقال موضحا:” نعرف ان قسما من الجيش يعارض تانجا وفرض نفسه رغم احكام الدستور، لكننا كنا نعتقد انهم اقلية”. وقال:” هناك تاريخ من الانقلابات في هذا البلد، لكننا لم نكن نعتقد انه سيحصل بهذه السرعة”. وكان رئيس الوزراء في النيجر علي باجو غاماني قد دعا يوم الاربعاء اي قبل الانقلاب بيوم واحد الى اجتماع مهم لمجلس الوزراء.

2- يدل كل ذلك على ان فرنسا لم تكن تتوقع أن يحدث هذا الانقلاب على عميلها محمد تانجا بهذه السرعة وانها كانت تشعر بوجود حركة لدى عسكريين ولكنها كانت تظن انهم اقلية اي غير مؤثرة او غير قادرة على الانقلاب. وانها كانت تقوم بمفاوضتهم وتحاول ان تعالج الوضع وتحول دون الانقلاب ولكنه حصل رغما عنها. والحكومة كانت تشعر بوجود تهديد لها وارادت هي ومن ورائها فرنسا ان تحل الاشكالية لازالة التهديد الا ان العسكر فاجأوها كما فاجأوا فرنسا.

3- لقد أظهرت فرنسا عدم رضاها عن هذا الانقلاب فقامت بادانته، حيث قال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية:” فرنسا تدين اي استيلاء على السلطة بطرق غير دستورية، وتدعو الى حوار بين الانقلابيين ورئيس البلاد”. (قناة الحرة الامريكية 19/2/2010) فتصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية يؤكد ان فرنسا ضد الانقلابيين وتريد الحوار بينهم وبين الرئيس لاعادته، فيفهم من ذلك ان الانقلاب حصل ضدها.

4- نقلت وكالة (أ.ف.ب) الفرنسية في 19/2/2010 عن مسئول أمريكي في واشنطن لم تسمه أنه قال:” إن على (تانجا) أن لا يلوم سوى نفسه لحصول الانقلاب”. ونقلت هذه الوكالة في هذا التاريخ أيضا، كما نقلت وكالات الانباء الأخرى، أن المتحدث باسم الخارجية الامريكية فيليب كراولي قد صرح قائلا:” هذا وضع صعب، لقد كان الرئيس تانجا يحاول تمديد ولايته. ومن الواضح ان هذا فعلا هو ما سرَّع في أحداث اليوم”. وقال إننا :” نعتقد ان هذا يؤكد على حاجة النيجر على المضي قدما في تنظيم انتخابات وتشكيل حكومة جديدة”.

5- إن تصريحات المسئول الأمريكي الذي لم تذكر الوكالة الفرنسية اسمه وتصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية تدل على ان امريكا راضية عن الانقلاب وتحمِّل الرئيس المخلوع تانجا المسؤولية الفعلية عن الانقلاب، وذلك في اشارة منها الى موضوع تمديد الرئيس تانجا لنفسه مدة ثلاث سنوات عبر استفتاء على تعديل الدستور اجراه في آب/أغسطس الماضي، وقد قامت ضده حينها قوى المعارضة، فأحدث حالة سياسية مضطربة في البلاد. وكان تانجا قد انتخب مرتين بعد انقلاب قام به العسكر بقيادة الرائد داود مالام وانكي عام 1999. ولا يسمح الدستور له بفترة ثالثة فأجرى عليه ذاك التعديل. وكان قد حل المحكمة الدستورية لعدم مصادقتها على إجراء تعديل دستوري يتيح له الترشح لفترة ثالثة أو تمديد فترة رئاسته، وكذلك قام بحل البرلمان، وذلك في 26 ايار / مايو الماضي، وأجرى بعد ذلك انتخابات برلمانية في تشرين الثاني الماضي، وقاطعتها المعارضة.

إن إشارة التصريحات الأمريكية إلى حادثة التمديد هي لوضع المسئولية الفعلية على الرئيس، وتبرير الانقلاب، كما أن المتحدث باسم الخارجية الامريكية لم يدع الى اعادة الرئيس، ولا إلى الحوار بين الانقلابيين والرئيس المخلوع، بل دعا الى تنظيم انتخابات جديدة وتشكيل حكومة جديدة. فيؤكد كل هذا أن أمريكا كانت وراء الانقلاب.

6- ومن المعلوم أن النيجر، وهو بلد إسلامي أغلبية أهله من المسلمين، كان مستعمرة فرنسية مباشرة حيث أعطي له الاستقلال الشكلي عام 1960 ولكن النفوذ الفرنسي بكل أشكاله بقي فيه، ولازال يقيم فيه “1500” فرنسي لتأمين مصالح فرنسا النووية، حيث هو ثالث بلد في العالم في إنتاج اليورانيوم، وأن الشركات الفرنسية هي التي تستثمر انتاج اليورانيوم فيه. ولهذا فهو محل مطامع الأمريكيين للسيطرة عليه وابعاد النفوذ الفرنسي عنه كباقي بلاد إفريقيا، وأكثرها بلاد إسلامية، وغنية بموارد طبيعية كثيرة، وهي مصادر للمواد الخام بشتى أنواعها، وكذلك مصادر للطاقة، ولذلك كانت محل صراع بين الطامعين المستعمرين الغربيين من الاوروبيين والأمريكيين.

7- ولأهمية النيجر من حيث إنتاج اليورانيوم، وبخاصة وأن الشركات الفرنسية هي التي تستثمره، لذلك فليس من المتوقع أن تصفوا الأجواء لأمريكا بسهولة، وأن تترك فرنسا مستعمراتها وتخليها هكذا دون مقاومة لأمريكا، وعليه فإن الأيام القادمة ستحمل في طياتها صراعاً ساخناً دولياً في هذا البلد المسلم على غير ما اعتاده النيجر سابقاً من صراعات محلية بين عملاء فرنسا.

 

6 ربيع أول 1431 هـ

20/02/2010م

رابط هذا التعليق
شارك

سم الله الرحمن الرحيم

جواب سؤال

انقلاب النيجر والصراع الدولي

pdf6.gif

 

السؤال: في يوم الخميس 18/2/2010 أعلنت مصادر عسكرية في النيجرعن قيام جنود يقودهم الميجر آدم هارون بانقلاب عسكري ضد رئيس البلاد محمد تانجا، وأعلنت عن احتجاز هذا الرئيس وأعضاء الحكومة في مكان قريب من القصر الرئاسي في العاصمة نيامي، وأعلنت عن تعطيل الدستور وحل كل مؤسسات الدولة. فهل هذا الانقلاب كسابقاته مما كان يحدث في النيجر من صراع محلي بين عملاء فرنسا ذات النفوذ في هذه المستعمرة الفرنسية القديمة، أو هو صراع دولي، وجزاكم الله خيراً؟

 

الجواب:

نعم، إن هذا الانقلاب قد حدث كما قلت، وأعلن عن تشكيل ” المجلس الاعلى لاعادة الديمقراطية”، وأن رئيسه هو ” سالو جيبو ” قائد وحدة الدعم في نيامي التي تضم اسلحة ثقيلة مثل المدرعات. وجاء في بيان هذا المجلس:” ان الحكومة حُلَّت، وأن المجلس الأعلى لإعادة الديمقراطية يبلغ الشعب ان تصريف الشؤون العامة اوكلت الى المدراء العامين في الوزارات والمحافظات”. (رويترز، أ.ف.ب 19/2/2010)

ولفهم حقيقة ما جرى نستعرض المؤشرات التالية:

1- لقد نقلت وكالة أ.ف. ب الفرنسية أن مسئولاً فرنسيا لم تسمه ذكر لها في وقت سابق:” ان محاولة انقلابية تجري في النيجر وان تانجا ليس في وضع جيد”. وأضافت هذه الوكالة ان هذا الديبلوماسي الفرنسي ذكر لها:” ان الحرس الرئاسي شارك في الانقلاب” وقال موضحا:” نعرف ان قسما من الجيش يعارض تانجا وفرض نفسه رغم احكام الدستور، لكننا كنا نعتقد انهم اقلية”. وقال:” هناك تاريخ من الانقلابات في هذا البلد، لكننا لم نكن نعتقد انه سيحصل بهذه السرعة”. وكان رئيس الوزراء في النيجر علي باجو غاماني قد دعا يوم الاربعاء اي قبل الانقلاب بيوم واحد الى اجتماع مهم لمجلس الوزراء.

2- يدل كل ذلك على ان فرنسا لم تكن تتوقع أن يحدث هذا الانقلاب على عميلها محمد تانجا بهذه السرعة وانها كانت تشعر بوجود حركة لدى عسكريين ولكنها كانت تظن انهم اقلية اي غير مؤثرة او غير قادرة على الانقلاب. وانها كانت تقوم بمفاوضتهم وتحاول ان تعالج الوضع وتحول دون الانقلاب ولكنه حصل رغما عنها. والحكومة كانت تشعر بوجود تهديد لها وارادت هي ومن ورائها فرنسا ان تحل الاشكالية لازالة التهديد الا ان العسكر فاجأوها كما فاجأوا فرنسا.

3- لقد أظهرت فرنسا عدم رضاها عن هذا الانقلاب فقامت بادانته، حيث قال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية:” فرنسا تدين اي استيلاء على السلطة بطرق غير دستورية، وتدعو الى حوار بين الانقلابيين ورئيس البلاد”. (قناة الحرة الامريكية 19/2/2010) فتصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية يؤكد ان فرنسا ضد الانقلابيين وتريد الحوار بينهم وبين الرئيس لاعادته، فيفهم من ذلك ان الانقلاب حصل ضدها.

4- نقلت وكالة (أ.ف.ب) الفرنسية في 19/2/2010 عن مسئول أمريكي في واشنطن لم تسمه أنه قال:” إن على (تانجا) أن لا يلوم سوى نفسه لحصول الانقلاب”. ونقلت هذه الوكالة في هذا التاريخ أيضا، كما نقلت وكالات الانباء الأخرى، أن المتحدث باسم الخارجية الامريكية فيليب كراولي قد صرح قائلا:” هذا وضع صعب، لقد كان الرئيس تانجا يحاول تمديد ولايته. ومن الواضح ان هذا فعلا هو ما سرَّع في أحداث اليوم”. وقال إننا :” نعتقد ان هذا يؤكد على حاجة النيجر على المضي قدما في تنظيم انتخابات وتشكيل حكومة جديدة”.

5- إن تصريحات المسئول الأمريكي الذي لم تذكر الوكالة الفرنسية اسمه وتصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية تدل على ان امريكا راضية عن الانقلاب وتحمِّل الرئيس المخلوع تانجا المسؤولية الفعلية عن الانقلاب، وذلك في اشارة منها الى موضوع تمديد الرئيس تانجا لنفسه مدة ثلاث سنوات عبر استفتاء على تعديل الدستور اجراه في آب/أغسطس الماضي، وقد قامت ضده حينها قوى المعارضة، فأحدث حالة سياسية مضطربة في البلاد. وكان تانجا قد انتخب مرتين بعد انقلاب قام به العسكر بقيادة الرائد داود مالام وانكي عام 1999. ولا يسمح الدستور له بفترة ثالثة فأجرى عليه ذاك التعديل. وكان قد حل المحكمة الدستورية لعدم مصادقتها على إجراء تعديل دستوري يتيح له الترشح لفترة ثالثة أو تمديد فترة رئاسته، وكذلك قام بحل البرلمان، وذلك في 26 ايار / مايو الماضي، وأجرى بعد ذلك انتخابات برلمانية في تشرين الثاني الماضي، وقاطعتها المعارضة.

إن إشارة التصريحات الأمريكية إلى حادثة التمديد هي لوضع المسئولية الفعلية على الرئيس، وتبرير الانقلاب، كما أن المتحدث باسم الخارجية الامريكية لم يدع الى اعادة الرئيس، ولا إلى الحوار بين الانقلابيين والرئيس المخلوع، بل دعا الى تنظيم انتخابات جديدة وتشكيل حكومة جديدة. فيؤكد كل هذا أن أمريكا كانت وراء الانقلاب.

6- ومن المعلوم أن النيجر، وهو بلد إسلامي أغلبية أهله من المسلمين، كان مستعمرة فرنسية مباشرة حيث أعطي له الاستقلال الشكلي عام 1960 ولكن النفوذ الفرنسي بكل أشكاله بقي فيه، ولازال يقيم فيه “1500” فرنسي لتأمين مصالح فرنسا النووية، حيث هو ثالث بلد في العالم في إنتاج اليورانيوم، وأن الشركات الفرنسية هي التي تستثمر انتاج اليورانيوم فيه. ولهذا فهو محل مطامع الأمريكيين للسيطرة عليه وابعاد النفوذ الفرنسي عنه كباقي بلاد إفريقيا، وأكثرها بلاد إسلامية، وغنية بموارد طبيعية كثيرة، وهي مصادر للمواد الخام بشتى أنواعها، وكذلك مصادر للطاقة، ولذلك كانت محل صراع بين الطامعين المستعمرين الغربيين من الاوروبيين والأمريكيين.

7- ولأهمية النيجر من حيث إنتاج اليورانيوم، وبخاصة وأن الشركات الفرنسية هي التي تستثمره، لذلك فليس من المتوقع أن تصفوا الأجواء لأمريكا بسهولة، وأن تترك فرنسا مستعمراتها وتخليها هكذا دون مقاومة لأمريكا، وعليه فإن الأيام القادمة ستحمل في طياتها صراعاً ساخناً دولياً في هذا البلد المسلم على غير ما اعتاده النيجر سابقاً من صراعات محلية بين عملاء فرنسا.

 

 

6 ربيع أول 1431 هـ

 

 

20/02/2010م

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

أجــوبة أســئلة

الانقلاب العسكري في موريتانيا | الحرب الروسية الجورجية

pdf6.gif

 

1- في 6/8/2008 أعلن في موريتانيا عن انقلاب عسكري قام به الجيش بقيادة رئيس الحرس الجمهوري الجنرال محمد ولد عبد العزيز ضـد رئيس الجـمهورية سيد محمد ولد الشيخ عبد الله وضد رئيس وزرائه يحيى ولد أحمد الواقف. وذلك بعد مرور 16 شهراً على الانتخابات التي سمح الجيش بإجرائها في آذار/مارس 2007م بعد مرور أقل من سـنتين على انقلاب الجيش عام 2005م ضد معاوية ولد الطايع والإطاحة به وتسلم الجيش زمام السلطة بقيادة العقيد علي ولد محمد فال الذي حقق وعده بتسليم السلطة إلى حكومة منتخبة. فما حقيقة هذا الانقلاب وما الدافع وراءه؟

 

 

الجواب: تغلبت فرنسا المستعمِرة على المسلمين في موريتانيا بعد مقاومة شرسة, وذلك في عام 1920م حيث أعلنتها فرنسا مستعمرة فرنسية. وفي عام 1946 أعلنوها محافظة في ما وراء البحار تابعة لفرنسا، وبقي فيها هؤلاء المستعمرون فعلاً حتى عام 1960م حيث منحوها الاستقلال الشكلي. ولكنهم بقوا مسيطرين على زمام الأمور فيها وأنشأوا جيشاً لها حسب عقيدتهم، وخرَّجوا ضباطاً حسب ثقافتهم. وبدأت الانقلابات فيها منذ عام 1978م ضد أول رئيس عينه الفرنسيون لها وهو مختار ولد داده. وتوالت الانقلابات التي بلغت خمساً حتى الآن، ما عدا محاولات الانقلاب التي بلغت تسعاً في مدة ثلاثين عاماً.

وجاء الانقلاب الأخير بقيادة الجنرال محمد ولد عبد العزيز بعدما أصدر رئيس الجمهورية ولد الشيخ عبد الله مرسوماً يقضي بعزل هذا الجنرال من رئاسة الحرس الجمهوري وعزل رئيس الأركان ولد الغزواني وكذلك عزل قائد الدرك. مع العلم أن الرئيس ولد الشيخ عبد الله هو الذي رقَّى هؤلاء من رتبة عقيد إلى رتبة جنرال. أي أنه كان راضياً عنهم أو كان يعيش تحت ضغطهم أو كان يعمل على استرضائهم بترقيتهم حتى يكسب ولاءَهم له, والأخيرة هي الأكثر احتمالاً.

وعليه فإنه يستغرب منه أن يعود ويعزل قادة الجيش بهذه السهولة والسرعة! مع العلم أنهم كانوا هم المتمكنين من السلطة، وهو رئيس منتخب حديثاً ولأول مرة يأتي رئيس عن طريق الانتخابات! وكأنه ظن أنه أصبح متمكناً من ذلك وأنه يلاقي دعماً محلياً ودولياً بسبب ما يسمى بالعملية الديمقراطية وأن فرنسا لا تستطيع أن تشجع الضباط على الانقلاب, وبخاصة وأنه شعر بدعم أمريكي له.

وكان الرد الفرنسي الأولي على لسان الناطق الرسمي باسم الخارجية رومان نادال بقوله نحن على اتصال دائم مع سفارتنا في نواكشط ونتابع الوضع بكثير من الاهتمام بالتنسيق مع كافة شركائنا. وقال إنه من المبكر لأوانه وصف الوضع. وكانت أول دولة أعلنت عن وجود انقلاب في موريتانيا هي فرنسا. وكان أول سفير يستقبله زعيم الانقلاب هو السفير الفرنسي. وهذا يدل على علم فرنسا بالانقلاب. وقد ورد في الأخبار أن فرنسا علمت بالانقلاب قبل ساعتين على الأقل من حدوثه.

أما الرد الأمريكي على لسان الخارجية الأمريكية فهو إدانة الانقلاب ومطالبة دول العالم بإدانته والترحيب بإدانة المفوضية الأوروبية له وكذلك الاتحاد الأفريقي، والمطالبة بإطلاق سراح الرئيس المنتخب ولد الشيخ عبد الله ورئيس وزرائه يحيى ولد محمد وإعادة الحكومة المنتخبة إلى الحكم فوراً. وكذلك فقد أعلنت تعليق مساعداتها لموريتانيا غير الإنسانية.

ولكن بعد مرور يوم أصدرت الرئاسة الفرنسية في بيان لها بصفتها رئيس الاتحاد الأوروبي أن رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي تدين بكل حزم الانقلاب الذي نفذه الجنرال محمد ولد عبدالعزيز في موريتانيا. ويظهر أن هذه الإدانة جاءت متأخرة وليس باسم فرنسا وإنما باسم الاتحاد الأوروبي الذي يظهر سياسة دعم الانتخابات والديمقراطية كخط فكري عام يختلف عن مواقف كل دولة من دوله. وخاصة بعد إدانة أمريكا للانقلاب ومطالبتها للجميع بأن يدينوا الانقلاب. فلا يمكن أن تقول أوروبا أننا ندعم الانقلاب، فيظهر أنها تتناقض مع الديمقراطية التي تتشدق بها.

ولم يصدر عن بريطانيا ولا عن صحافتها وإعلامها أي شيئ, ما يدل على أن بريطانيا غير منزعجة من عملية الانقلاب, فلم تدنه ولم تؤيده ولم تروج ضده أو له, حتى لا تحرج فتظهر كأنها ضد الديمقراطية ومع الانقلاب!

والانقلاب الموريتاني هذا حصل بعد حدوث نزاع بين الجيش وبين رئيس الجمهورية ومعه رئيس وزرائه، حيث أحدث الجيش بلبلة عندما طلبوا من أعضاء في مجلس البرلمان وفي مجلس الشيوخ الاستقالة من حزب الرئيس الحاكم والذي يعرف اختصاراً باسم حزب عادل, فاستقال 48 عضواً من هذا الحزب يوم 5/8/2008م, وبعد ذلك قام رئيس الجمهورية بعزل قادة الجيش ورئيسهم زعيم الانقلاب الأخير ولد عبد العزيز. فقام قادة الجيش بانقلاب رافضين قرارات عزلهم واعتبروها لاغية وذلك في أول بيان لهم. وقد صرح زعيم الانقلاب ولد عبد العزيز لفضائية الجزيرة هذا اليوم 9-8-2008, أن الانقلاب كان ردة فعل على إجراءات فاشلة للرئيس السابق. وأما الناطق الرسمي باسم الرئاسة السابقة عبدالله ماما دوبا فقد قال: «إن العسكر كانوا يرون الرئيس دمية، واتضح لهم عكس ذلك، فزرعوا البلبلة داخل الحزب الحاكم، وعندما حاول الرئيس تشكيل غالبية جديدة مع أحزاب أخرى, حرك الضباط الآلة العسكرية».

وقد بدأت الأزمة البرلمانية في 30/6/2008م حيث اتهم نواب في البرلمان الحكومة بالفشل وطالبوا بحجب الثقة عنها أي إسقاطها. وفي 1/7/2008 كانت قد صدرت تقارير تقول بأن فرنسا هي وراء حركة البرلمانيين هؤلاء وأنها غير راضية عن أداء الحكومة والرئاسة وعن الخطوات التي تخطوهما؛ وذكرت بعض الأسباب عن عدم رضى فرنسا عن إطلاق سراح سجناء من المسلمين المحسوبين على التيار السلفي والسماح بتأسيس حزب يمثل ما يُعتبرون من الإسلاميين, وإظهار الرئيس ميوله الدينية حيث أقام مسجداً في القصر الجمهوري, وإظهاره حساسية للعلاقات مع دولة يهود وأنه سيعرض هذه العلاقة على الاستفتاء الشعبي حتى يتمكن من قطعها، وكذلك سماحه بزيادة الوجود الأمريكي في موريتانيا وهو العامل الأبرز.

والخلاصة, فإنه يمكن القول بناءاً على ما سبق ذكره أن هناك توجهات سياسية جديدة بدأت تظهر من الرئيس لم ترضَ عنها فرنسا, وأن هذه التوجهات هي التي شجعت الضباط على الانقلاب عليه، وأن أمريكا راضية عن توجهاته ضد الوجود الفرنسي والسماح لها، أي لأمريكا، بزيادة وجودها في موريتانيا تمهيدا لإزالة النفوذ الفرنسي وإحلال الوجود الأمريكي مكانه، وأنه أراد أن يتخلص من سلطة الجيش والإتيان بضباط يستطيع أن يتحكم بهم وإبعاد الضباط المواليين لفرنسا.

 

2- ما الذي دفع جورجيا للمبادرة بالهجوم على أوسيتيا الجنوبية؟ ألم تكن تتوقع رد فعل قوي من روسيا؟ ثم إلامَ تؤدي هذه الحرب؟

الجواب: من الواضح أن أمريكا هي التي أشعلت فتيل الحرب في جورجيا حيث إن القوات الجورجية التي قامت باجتياح أوسيتيا الجنوبية لا يمكن أن تقوم بمثل هذا العمل الكبير لولا وجود ضوء أخضر من الأمريكان.

فالهجوم الجورجي كان مدبراً ومفاجئاً للروس، وقد يكون بداية لحرب طويلة سيكون القوقازيون من جورجيين وأوسيتيين هم وقودها بالدرجة الأولى. وروسيا لن تسكت عن هذا الهجوم لأنها إن سكتت فستسقط هيبتها كما أنها لن تسلم لجورجيا بسيادتها على إقليم أوسيتيا الجنوبية خاصة وأن معظم سكانه الذين يتراوح تعدادهم السبعين ألفاً من الروس أو من الموالين لروسيا ويحملون جوازات سفر روسية ويعتبرون امتداداً طبيعياً لأوسيتيا الشمالية التابعة لروسيا.

وجورجيا لن تتنازل بسهولة عن أوسيتيا الجنوبية لأنها جزء من أراضيها وفقاً للخرائط الرسمية والدولية، وهي من جهة ثانية تريد أن تنتقم من الأوسيتيين الذين هزموا جورجيا في حرب عام 1992م وانفصلوا عنها بدعم روسي طيلة الست عشرة سنة الماضية. ومن المرجح أن تنتقل الحرب أيضاً إلى إقليم أبخازيا وهو إقليم أكبر من أوسيتيا الجنوبية من حيث المساحة والسكان وانفصل عن جورجيا في العام نفسه وفي الظروف نفسها.

والتصريحات الأمريكية الأولى بعد اندلاع المعارك تدل بالفعل على وقوف أمريكا إلى جانب جورجيا، فالمتحدث باسم الخارجية الأمريكية غونزالو غاليغوس قال: «نحن على اتصال مع مسؤولين كبار في روسيا وجورجيا»، وأضاف: «ندعو موسكو إلى ممارسة الضغط على قادة الأمر الواقع في أوسيتيا الجنوبية لكي يوقفوا إطلاق النار» فاعتبر قادة الانفصاليين بمثابة قادة الأمر الواقع، وفي تصريح آخر قال مسؤول في الإدارة الأمريكية بأن حل مشكلة أوسيتيا الجنوبية يجب أن يرتكز على أساس وحدة الأراضي الجورجية في إشارة إلى وجوب ضم إقليم أوسيتيا الجنوبية إلى جورجيا.

أما روسيا فإنها بعد استقلال إقليم كوسوفو وانفصاله عن صربيا فإنها هدّدت بأن ردَّها على ذلك سيكون باستقلال إقليمي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا وانفصالهما عن جورجيا. ويرى بعض المراقبين أن إدخال جورجيا في حلف الناتو متوقف على حل مشكلة أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، ويبدو أن الرئيس الجورجي سكاشفيلي يتعجل الأمور ويسابق الزمن للانضمام إلى الحلف، فقام بهذه الحرب متكئاً على الوعود الأمريكية للتخلص من تدخل الروس في شؤون دولته الداخلية وليرقى إلى مستوى دول مثل لاتفيا ولتوانيا وأستونيا حيث تخلصن من النفوذ الروسي كليةً؛ وعليه فليس من المتوقع أن يتوصل الطرفان الروسي والجورجي إلى حل نهائي, خاصة وأن الجورجيين قد ملّوا الانتظار في حل تلك المشكلة, فيما الروس يعتبرون المسألة تخص مجالهم الإقليمي ولا يتصور تنازلهم عن الانفصاليين, ولذلك فإن أقصى ما يتوقع من حلول هو أقرب إلى الهدنة “استراحة المحارب” وليس حلاً نهائيا.

إن أمريكا سوف تكون المستفيدة الأولى من هذه الحرب وليس لديها ما تخسره، لأنها على الأقل ستبقي هذه المشكلة شوكة في خاصرة روسيا تستنزف الكثير من طاقاتها وتشغلها بها مدة طويلة على حساب قضايا أخرى.

10 من شعبان 1429هـ

09/08/2008م

تم تعديل بواسطه واعي واعي
رابط هذا التعليق
شارك

http://www.hizb-ut-tahrir.org/index.php/AR/tahleelat/P40/

 

بسم الله الرحمن الرحيم

أجوبة أسئلة

المغرب

pdf6.gif

1 - ساندت أمريكا حركات (التحرر) من فرنسا في الجزائر والمغرب وأمكنها إدخال نفوذها في الجزائر عند الاستقلال في عهد ابن بيلاّ، وكذلك في المغرب في عهد محمد الخامس، ولكن هذا الأمر لَم يطل فقد تمكنت بريطانيا بإحداث انقلاب على ابن بلا بواسطة بومدين بدعم من الملك الحسن، وكذلك بعد وفاة محمد الخامس أصبح نفوذ بريطانيا هو الموجود بقوة مع مجيء الحسن الثاني.

 

 

وأصبح الطريق إلى هذين البلدين مغلقاً أمام أمريكا، إلى أن وجدت الفرصة في حركة بوليساريو لاستقلال الصحراء بعد خروج إسبانيا منها في 26/2/1976م، بعد (91) سنةً من الاستعمار. وكانت الأمم المتحدة قبل ذلك بتأثير من أمريكا قد شكلت بعثة تقصي الحقائق وأرسلتها إلى الصحراء الغربية، ورفعت هذه البعثة تقريرها إلى الجمعية العامة في 9/6/75 توصي فيه باستقلال الصحراء عن إسبانيا وتضيف أن منظمة البوليساريو هي الحركة المسيطرة في الإقليم ولها تأثير معتبر فيه. وهكذا أبرزت أمريكا البوليساريو ودعمتها كممثل للشعب الصحراوي وكان الغرض من ذلك أن لا تعود الصحراء للمغرب بعد خروج إسبانيا منها لتبقى بؤرة توتر تطالب بالاستقلال تستغلها أمريكا لمصالحها في الشمال الإفريقي. ثم حدث بعد انسحاب إسبانيا في 26/2/1976م أن أعلن المجلس الوطني الصحراوي قيام الجمهورية العربية الصحراوية، هذا من ناحية البوليساريو، ومن ناحية أخرى ففي 14/4/1976م اتفق الحسن الثاني مع ولد داده رئيس موريتانيا على تقاسم الصحراء فاحتلوها، لكن موريتانيا بعد الانقلاب على ولد داده وقعت مع بوليساريو في 5/8/1979م في الجزائر اتفاق سلام تركت بموجبه الصحراء نهائياً، ولكن الجزء الموريتاني من الصحراء لَم تتسلمه بوليساريو بل احتله المغرب وأصبح مقر الحكومة الصحراوية والبوليساريو في الجزائر في (تندوف) ولقد بدأت أمريكا بالتدخل الفعلي بالصحراء بعد ذلك مباشرة باستصدار قرارات عن طريق الأمم المتحدة:

• في 21/11/79م تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة (تأكيد الحق المشروع للشعب الصحراوي في تقرير مصيره واعترف بالبوليساريو ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الصحراوي).

• في الاجتماع الخاص لمجلس الأمن أجاز في قراره 621 الذي صدر بتاريخ 30 سبتمبر 88م للأمين العام أن يعين أول ممثل خاص له بالصحراء الغربية ووقع اختيار الأمين العام على أكروس إسبيال من الأورغواي، وأصبحت المقترحات المشتركة تحمل اسم “مخطط السلام” ألأممي الإفريقي.

• في القرار الصادر في تاريخ 19 أبريل 91م والذي يحمل رقم 690 أعلن مجلس الأمن عن تشكيل بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو).

• واستمرت القرارات تصدر إلى أن جاء كوفي عنان وعين جيمس بيكر في 1997م مبعوثاً شخصياً لتنفيذ قرار الاستفتاء حول قضية الصحراء.

• ثم زار كوفي أنان المنطقة في 30 نوفمبر 98م حاملاً مقترحات تتعلق بتحديد الهوية.

• تحدث كوفي عنان في تقريره لمجلس الأمن يوم 17 فبراير 2000م أن كل الذين رفضتهم لجنة تحديد الهوية بسبب عدم أهليتهم في التصويت قد قدموا ملفات طعون للجنة، وان الذهاب في هذا الاتجاه لا يمكن تصوره، وإن مخطط السلام الأممي الإفريقي لم يعد ممكن التطبيق!

• وفي 5 مايو 2001م حمل بيكر مقترحات سماها “ اتفاق الإطار” الذي يعطي ـ عبر إرساء فترة حكم ذاتي موسع لمدة خمس سنوات يعقبها استفتاء لتقرير مصير ـ

• وفي يوم 11/06/2004م أعلن جيمس بيكر الاستقالة من الخطة التي يشغلها منذ 1997م، وعيّن أنان, في حزيران (يونيو), خليفة له هو ألفارو دو سوتو.

وهكذا بدأت واستمرت أمريكا بإثارة تقرير المصير واستصدرت القرارات من الأمم المتحدة حول قضية الصحراء الغربية.

وعلى الرغم من أن الصحراء الغربية غنية بالثروة في باطنها، وبخاصة النفط كما ذكرت ذلك بعض التقارير، يسيل لها لعاب الدول المتنازعة أوروبا وأمريكا، إلا أن التنازع على الثروة كان تابعاً للنفوذ السياسي حيث كان هذا هو المحرك للقضية في الدرجة الأولى كمدخل إلى الجزائر والمغرب، ولذلك فإن المهم عند أمريكا لَم يكن هو استقلال الصحراء وتكوين الدولة بقدر ما كانت تريد أن تكون مشكلة الصحراء وسيلة ضغط بيدها تَنْفُذُ من خلالها إلى الجزائر والمغرب. ولذلك كانت تهدأ وتشتد وفق علاقات الجزائر والمغرب مع أمريكا.

وقد أدركت أوروبا هذا الأمر، وبخاصة الدول ذات العلاقة بريطانيا، وفرنسا وإسبانيا:

أما بريطانيا فقد كان لها اليد الطولى في الجزائر والمغرب، في وقت بو مدين في الجزائر والحسن في المغرب، ولذلك فلم تمكِّن أمريكا من استغلال قضية الصحراء كما تريد: أما في الجزائر فلأن قواعد البوليساريو فيها وكانت تراقب وضع بوليساريو في الجزائر بدقة وكذلك اتصالاتها بأمريكا الخارجية، إلا ما كانت تدبِّره أمريكا في الأمم المتحدة من قرارات، وأما في المغرب فلأنها كانت تصر على أن يكون أي حل ضمن سيادة المغرب فإذا ضُغط عليها وافقت ثم بدأت وضع عراقيل في طريق التنفيذ وفق دهاء السياسة البريطانية.

بعد فترة بومدين في الجزائر تولى الحكم رؤساء ضعفاء، فأصبح الحكم بيد الجيش، وكان المتنفذون فيه فرنسيي الولاء والثقافة والتدريب، فأصبح نفوذ فرنسا واضحاً في الجزائر فقامت بريطانيا بإحضار بوتفليقة من سويسرا وإعادته للجزائر. وهو مثل معلمه السابق (بومدين) من حيث ولاؤه لبريطانيا ومن حيث سيره وفق سياستها الحالية وهي الظهور بالسير مع أمريكا والعمل ضدها بدهاء في الخفاء. وهكذا سار بوتفليقة وتقرب من أمريكا وعقد صفقة أسلحة معها في العام الماضي بقيمة (1.87) بليون دولار، وكانت أمريكا قد قدمت للجزائر قبل ذلك في سنة 2002م عتاداً عسكرياً بحجة مكافحة الإرهاب ما فسره المراقبون بميل الجزائر نحو أمريكا حيث هذه أول مرة تحصل فيها الجزائر على مثل هذه الصفقة الضخمة من أمريكا (1.87 بليون دولار) لأن المعتاد كان تسليح الجيش الجزائري من فرنسا وأحياناً من روسيا.

وقد أضعف هذا دور فرنسا في الجزائر، وبخاصة بعد التغييرات التي اتخذها بوتفليقة ضد جنرالات الجيش الجزائري أصحاب الميول الفرنسية. وكانت بداية ذلك في اختلاف الرؤية بين الجيش بقيادة رئيس أركانه (العماري) حيث توجهاته وخياراته فرنسية، وبين بوتفليقة الذي كان في نظر الجيش يلعب على عدة حبال: خلفيته السياسية البريطانية، وإرضاء أمريكا، وعدم استفزاز فرنسا. لكن الذي عَجَّلَ في التغيرات أن بوتفليقة لاحظ الترابط العضوي بين العماري وعلي بن فليس مرشح الرئاسة المنافس لبوتفليقة، وأن العماري يخطط لإزاحة بوتفليقة عن طريق إسقاطه في انتخابات الرئاسة التي جرت في نيسان 2004م. وقد كان واضحاً للمراقبين بعد فوز بوتفليقة في الانتخابات أن الصراع أصبح حاسماً بين الرجلين وأن دور (العماري) أصبح منتهياً، وهذا ما كان. فقد أقصاه (قبل استقالته لأسباب صحية!)، وبعد الاستقالة بـ 48 ساعةً أقال بوتفليقة في 5/8/2004م قائد الناحية العسكرية الأولى (ولايات وسط البلاد بما في ذلك العاصمة) اللواء إبراهيم فضيل الشريف وهو يوصف بأنه ثاني أقوى رجل في الجيش بعد العماري. ثم قام بإقالات وتعيينات أخرى في قادة الجيش وأعلنها بعد يوم من الاستقبال الرسمي الذي خص به بوتفليقة قائد هيئة الأركان الجزائري الجديد اللواء أحمد قايد صالح بحضور سابقه الفريق محمد عماري.

وقد سبقت هذه الإقالات تصريحات بوتفليقة حول الجيش بعد فوزه في الانتخابات التي كان واضحاً منها أن بوتفليقة يريد إبعاد خطر الجيش عنه. فقد جاء في خطابه في يوم الاستقلال في الخامس من تموز العام الماضي: (من الآن فصاعداً يجب على الجيش الجزائري أن يتكيف مع مراحل الاحترافية وأن يتفرغ إلى مهامه الدستورية تحت إمرة رئيس الجمهورية وسلطته ومسئوليته بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة والمسئول الأول عن الدفاع المدني” وقال أيضاً يغمز من العماري وأعوانه من القيادات “حين لَم يكن لديهم أية رتب كنت أنا قائداً لجيش التحرير الوطني) .

فبوتفليقة أراد أن يتخلص من ربقة الجيش شأنه شأن معلمه الأول هواري بومدين - الذي جاء به وزيراً للخارجية آنذاك. ويمكن القول إنه نجح إلى حد ما في هذه الإقالات والتعيينات بدعم بريطانيا له، وإن كان لا زال في الجيش مكان لفرنسا حيث ثقافة الجيش وتدريبه في معظمه من فرنسا، ولا زال القادة الذين استقالوا أو أقيلوا مثل العماري لهم علاقات قوية داخل الجيش.

ومهما يكن من أمر فإن نتيجة ذلك أن كفة أمريكا رجحت على كفة فرنسا، ومداخلها إليها أصبحت أيسر، والرابح في ذلك بريطانيا حيث زال نفوذ الجيش القوي المؤيد لفرنسا الذي كانت تخشى منه بريطانيا على نفوذها السياسي في الجزائر، وهي لا تخشى نفوذ أمريكا لعدم وجود رجال لها يُعتمد عليهم بعد إزاحة ابن بلا، وإنما كان الجيش هو ركيزة فرنسا فكانت الخشية منه أكبر.

هذا عن الجزائر، أما المغرب فإن محمد السادس هو مثل أبيه الحسن الثاني خاضع للنفوذ السياسي الإنجليزي، وقد تناقلت وسائل الإعلام أنه يتمتع بعلاقات حميمة مع العائلة المالكة في بريطانيا وله علاقات متميزة معها، ولكنه أقل من والده دهاءً وخبرةً في خوض غمار الحياة السياسية، لذلك فإن بريطانيا نصحته أن لا يستمر في السير المتشدد تجاه أمريكا كما كان أبوه، وذلك بسبب غرور وعنجهية المحافظين الجدد في عهد بوش الابن، ولذلك أظهر تفهُّماً لمشروع أمريكا للشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبدأ بمظاهر (من الديمقراطية) وكلَّف حزب المعارضة برئاسة الوزارة وصار يظهر بأنه يتبنى ما تقوله أمريكا من الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وسمح بالبحث في جرائم السلطة في العهود السابقة وسمح كذلك بهامش من التعبير في وسائل الإعلام، وعقد اتفاقاً للتبادل التجاري الحر بين الولايات المتحدة والمغرب سيدخل حيز التنفيذ في مطلع آذار المقبل بعدما صادق عليه البرلمان المغربي مطلع السنة الجارية. وقد أصبحت أمريكا رابع زبون تجاري للمغرب وأول متعامل خارج الاتحاد الأوروبي (1.5 بليون دولار حجم التبادل التجاري) . وطلب بوش من الكونغرس في 8/2/2005م المصادقة على زيادة حجم الدعم المقدم للمغرب ليصبح (63) مليون دولار بدلاً من (20) مليون التي كانت العام الماضي.

هذا الوضع اللَّـيِّن بالنسبة لأمريكا في الجزائر والمغرب جعل أمريكا تهدىء موضوع الصحراء لأن أمريكا تنظر إلى الصحراء باباً تحاول الدخول منه إلى شمال أفريقيا أكثر من كونه باباً لإقامة الجمهورية الصحراوية.

وهكذا وافقت أمريكا على التراخي في موضوع الاستفتاء، وأن يكون البديل حكماً ذاتياً ثم بعد خمس سنين استفتاء، وقد قدَّم هذا الاقتراح (الحل الثالث أي لا الاستقلال ولا الضم) جيمس بيكر ثم بحجة عدم اتفاق الطرفين، وتحفظات المغرب على الحل الثالث استقال جيمس بيكر في حزيران 2004م وعادت أمور الصحراء هادئةً تراوح مكانها، ولولا لين الموقف من المغرب والجزائر تجاه أمريكا لما انحدر قرار الاستفتاء إلى حكم ذاتي مرحلي ثم استفتاء، ولما استقال جيمس بيكر ولما تراخت أمريكا بالنسبة لنظرتها للصحراء.

ومع ذلك فإن أمريكا لا زالت ممسكة بخيوط مشكلة الصحراء وهي لم تنهها بل هدَّأتها وفق المناخ الجديد في المغرب و الجزائر التي ترى فيه إمكانية الدخول إلى البلدين بالوسائل الاقتصادية والمشاريع السياسية، وستعود لتحريك قضية الصحراء بشدة إن تغيَّر هذا المناخ أو رأت الوسائل الاقتصادية والمشاريع السياسية لا تجعل لها موطن قدم ناجح في البلدين.

هذا من ناحية أمريكا.

أما أوروبا، ونقصد فرنسا وإسبانيا بعد (أثنار) أي في العهد الحالي، فإنها أدركت أن هذه فرصتها لأن تستغل هذا الهدوء وتحاول إنهاء هذه المشكلة بحل (واقعي) تقنع به الجزائر والمغرب، وهو أن يكون هناك حكم ذاتي موسع للصحراويين، وإقناع الصحراويين بأن هذا حل مرحلي يمكنهم التفاهم فيما بعد مع المغرب سياسياً لإيجاد حل كونفدرالي أي اتحاد بين كيانين. وغرض فرنسا وإسبانيا من ذلك أن تغلق هذا الباب نهائياً لمنع أمريكا من النفاذ منه إلى شمال إفريقيا، كما أن بريطانيا تدعمهم في ذلك بطريق غير مباشر دون أن تكون في الخط الأمامي لأنها ممسكة بعنان عملائها في الشمال الأفريقي (ليبيا وتونس والجزائر والمغرب) وتراقب الأمر عن كثب.

وهكذا فإن فرنسا وإسبانيا تبذلان جهداً كبيراً لاستغلال هذا السكون في مشكلة الصحراء لإنهاء المشكلة:

أما فرنسا فلم تزل تراودها أحلام العودة إلى مجالها القديم في شمال أفريقيا تونس والجزائر والمغرب. وقد بدأت تخطو على هذا الطريق منذ زمن لكن بخطوات اقتصادية وثقافية لأن الطريق السياسي المباشر كان مغلقاً عليها من بريطانيا وأمريكا، ومن هذه الخطوات:

• أعلن شيراك في زيارته الخاطفة للجزائر لتهنئة بوتفليقة بفوزه في الرئاسة في انتخابات نيسان 2004، أعلن أمام الصحفيين أن فرنسا تسعى إلى توقيع معاهدة شراكة بين البلدين.

• أنهى وفد من المستثمرين الفرنسيين في 11/2/2005م زيارة للجزائر درس خلالها أوجه النشاط الاستثماري الممكنة.

• إنشاء علاقات اقتصادية متميزة مع المغرب حيث تعتبر فرنسا أكبر مستثمر أجنبي في المغرب (بنسبة 13%) تليها إسبانيا وأمريكا والسعودية، بنسبة 4% لكل منها.

وأما إسبانيا فإن لها مصالح في المغرب، ومشاكل معها وبخاصة قضية احتلال (سبتة ومليلة) والجوار البحري في المتوسط والمحيط، وهو مجال اقتصادي ومجال صيد وسياحة... وهي تتطلع منذ زمن إلى إنهاء مشكلة (سبتة ومليلة) فيعترف المغرب بسيادة قانونية لإسبانيا عليها مع أخذها حكماً ذاتياً.

كما أن هناك خطّاً للغاز لشركة (سونا طراك) الجزائرية يمر بالمغرب ويزود إسبانيا 8 مليون متر مكعب سنوياً.

وهكذا أصبحت فرنسا وإسبانيا تحاولان النفاذ إلى المغرب عند أول فرصة متاحة، وهما يدركان أن تسوية مشكلة الصحراء هي المدخل لهما إلى المغرب ومن ثم إلى الجزائر، كما أن بقاء هذه المشكلة مشتعلةً يعني بقاء المدخل لأمريكا مفتوحاً إلى المنطقة. وقد ورد أكثر من مرة على لسان المسئولين الفرنسيين كونُ مشكلة الصحراء مدخلاً للنفوذ الأمريكي إلى منطقة الشمال الإفريقي. وقد أدركت فرنسا ذلك عندما كان الحزب الشعبي بقيادة أثنار، المعروف بتحالفه مع أمريكا، حاكماً في إسبانيا. فقد كان يناوئ فرنسا عند تدخلها في شأن الموقف من نزاع الصحراء. إلا أن التحول الذي طرأ على الحكم في إسبانيا بعد مجيء الحزب الاشتراكي بقيادة ثاباتيرو (سبتيرو) المعروف بتوجهه الأوروبي، وبخاصة الفرنسي، قد أوجد فرصةً سانحةً لفرنسا بالتعاون مع إسبانيا للقيام بدور ما في مواجهة النفوذ الأمريكي في منطقة الشمال الإفريقي عن طريق إيجاد حل مناسب لمشكلة الصحراء. وقد سبق لشيراك أن أكد مراتٍ عدةً أن بلاده تدعم الحل السياسي لنـزاع الصحراء في سياق إيجاد علاقات حسنة بين المغرب والجزائر بديلاً عن المنافسة والاختلاف السياسي.

وأما بريطانيا فما دام الصراع هو بين فرنسا وإسبانيا وأمريكا، دون أن يصل إلى مستوى إلحاق الضرر بعملائها أو مصالحها، ما دام الأمر كذلك فهو يتماشى مع سياسة بريطانيا الحالية حيث تأمل إضعاف الأطراف الثلاثة أثناء تصارعها.

ولذلك يمكن القول إن فرنسا وإسبانيا (وبريطانيا) تحاول بلورة سياسة جديدة لشمال إفريقيا نظراً للطوفان الأمريكي القادم، تضمن أو تحاول بها منع النفوذ الأمريكي، ومشكلة الصحراء الغربية هي منفذ أمريكا، لذلك فان أوروبا ترى التخلص من هذا العائق بحلِّه بعيداً عن أمريكا.

 

2 - في هذا السياق جاءت زيارة ملك إسبانيا للمغرب في 17/1/2005م. فقد كان الغرض الأساس هو المساعدة في إيجاد تسوية للصحراء، فتضرب إسبانيا بذلك عصفورين بحجر واحد، الأول إغلاق منفذ أمريكا إلى الشمال الإفريقي، والثاني يتعلق بحل نهائي لموضوع (سبتة ومليلة) فهي ستعرض الحل الأقرب لإرضاء المغرب بأن يكون حكماً ذاتياً للصحراء تحت السيادة المغربية تقايض إسبانيا به موضوع سبتة ومليلة ليكون حلها حكماً ذاتياً تحت السيادة الإسبانية بشكل نهائي كما أوردت ذلك صحيفة بعض وسائل الإعلام في 23/1/2005. وقد كان واضحاً هذا الغرض من الأعمال التي أعلنت مع الزيارة، قبلها وبعدها، فقد أرسلت إسبانيا وزير خارجيتها موراتينوس إلى الجزائر قبل زيارة الملك (أوائل هذا العام)، وسيذهب رئيس وزراء إسبانيا إلى الجزائر في الشهر القادم. هذا بالإضافة إلى ما ورد على لسان ملك المغرب وملك إسبانيا في خطاباتهما الرسمية أثناء الزيارة حول مشكلة الصحراء، على الرغم من أن هذا الغرض قد غلف ببحث العلاقات الثنائية وتسوية الأوضاع التي نتجت عن نزاعهما السابق حول جزيرة ليلى المقابلة لشواطئ المغرب، بالإضافة إلى العلاقات الاقتصادية حيث إسبانيا تأتي في المرتبة الثانية بعد فرنسا في هذا المجال، وكذلك إعادة بحث فكرة النفق البحري بين المغرب وإسبانيا عبر مضيق جبل طارق.

 

 

إن متابعة الزيارة والتصريحات خلالها تدل على أن هذا هو الغرض الأساس. فقد أعلن الملك محمد السادس التزام بلاده التعاون مع الأمم المتحدة لإنهاء نزاع الصحراء عبر إيجاد حل سياسي تفاوضي ومتفق عليه ونهائي، قال ذلك في مأدبة العشاء التي أقامها لملك إسبانيا أثناء زيارته للمغرب في 17/1/2005، وأضاف أن الحل السياسي يهدف إلى تمكين سكان الأقاليم الجنوبية (أي الأرض الصحراوية) من التدبير الذاتي لشئونهم الجهوية في إطار احترام السيادة والوحدة الترابية والوطنية للمغرب.

وقد رد العاهل الإسباني قائلاً (إن بلاده عازمة على إيجاد حل عادل ونهائي ومقبول من الأطراف كافةً في إطار قرارات الأمم المتحدة) ثم أضاف مشيراً إلى مسألة الصحراء الغربية (إن بلاده مهتمة خصوصاً في تقريب وجهات النظر بهدف التوصل إلى حل توافقي وعادل ونهائي بالتفاوض بين ممثلي الأطراف المعنية في إطار الشرعية الدولية وجهود الأمم المتحدة). لاحظ تكرار كلمة (نهائي) في خطاب الملك المغربي والملك الإسباني.

ومن ناحية أخرى فقد أثنى زعيم جبهة بوليساريو محمد عبد العزيز على الجهود التي يقوم به العاهل الإسباني الذي يزور المغرب حالياً وذكرت وكالة الأنباء الصحراوية أن زعيم بوليساريو أبلغ كارلوس أن في إمكانه كملك إسبانيا أن يستغل زيارته للمغرب ليلعب دوراً مهماً لحل النـزاع بين المغرب والجبهة الصحراوية.

كما أن الرئيس المكسيكي قبل زيارته للمغرب في 11/2/2005م مر على مدريد وبعد المغرب زار الجزائر، وانتقال الرئيس المكسيكي من إسبانيا إلى المغرب ثم إلى الجزائر يدل على أن زيارة الرئيس المكسيكي تتضمن محاولةً من إسبانيا لتوسيط المكسيك في الموضوع وبخاصة وأن المكسيك تعترف بالجمهورية الصحراوية. وكان الرئيس المكسيكي أجرى في اليوم الأول لزيارته محادثاتٍ سياسيةً مع العاهل المغربي تركزت على تطور نزاع الصحراء والوضع في منطقة شمال إفريقيا والعلاقات المغربية الجزائرية والبحث في حل سياسي لقضية الصحراء كما ورد ذلك في وسائل الإعلام (الحياة) في 13/2/2005م.

من كل ذلك يتبين أن الغرض الأساس من زيارة الملك الإسباني هو محاولة حل مشكلة الصحراء في سياق الخط الفرنسي الإسباني الهادف إلى إغلاق هذا الباب الذي يشكل المدخل للنفوذ الأمريكي في شمال أمريكا.

وهذا لا يعني النجاح لأوروبا في صراعها مع أمريكا في شمال أفريقيا إلا إذا استطاعت أن تنهي مشكلة الصحراء، وهذا ليس أمراً سهلاً لأن خيوط المشكلة أو جزءً كبيراً من هذه الخيوط لازال في يد أمريكا والأمم المتحدة أي أمربكا كذلك.

كل ما هنالك يمكن القول أن الصراع الأوروبي الأمريكي قد عاد إلى السخونة في شمال أفريقيا وهو من دلائل هبوط أمريكا التدريجي عن عرش التفرد في السياسة الدولية.

3 - أما موضوع الحكم في المغرب فهو في يد الملك ولَم تفلت الأمور من يده، لكن ما لوحظ من انفتاح و(حرية) تعبير، وتحريك لقضايا الجرائم الأمنية السابقة، كل ذلك من مقتضيات السير مع مشروع أمريكا للشرق الأوسط وشمال أفريقيا تثبيتاً لحكم الملك وليس لإضعافه، وهو بنصائح بريطانيا لتثبيت نفوذها في المغرب والحفاظ على الملك، تماماً مثل نصائح بريطانيا للقذافي بالخضوع إلى أمريكا في موضوع أسلحته وتسليم هذه الأسلحة لأمريكا، كل ذلك للحفاظ على القذافي وإبعاده عن خطر تحرك أمريكا ضده.

لذلك فقد قام الملك منذ مجيئه ببعض الأعمال على نسق الظواهر (الديمقراطية) في الغرب فكلَّف زعيم الاتحاد الاشتراكي السابق اليوسفي برئاسة الوزارة، في 1998م وهو كان محسوباً على المعارضة، ثم خفف الضغط على الناس ولكن بطريقة محسوبة تثبِّت حكمه لا تزعزعه. وضمن هذا السياق يفهم ما جاء في خطاب الملك في افتتاح البرلمان عندما دعا إلى بناء أقطاب سياسية محورية موزعة بين الغالبية والمعارضة والوسط، ما جعل (بوش) يثني على المغرب (الديمقراطي) في أكثر من مناسبة آخرها اليوم في خطابه في بروكسل حيث ذكر (ديمقراطية) المغرب أثناء حديثه وأنها من الدول السائرة قدماً في هذا الطريق. ولذلك فما يُلاحَظ من ظواهر (ديمقراطية) في المغرب هو ضمن هذا السياق وليس من باب إفلات الأمور من يد الملك.

11 من محرم الحرام 1426هـ

22/02/2005م

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

جواب سؤال عن مالي

الجزائر

pdf6.gif

السؤال:

 

 

تصاعد الحديث عن التدخل العكسري في شمال مالي في الأيام الأخيرة، واجتمع أمس الأحد 11/11/2012 قادة المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس). لبحث استعادة شمال مالي ضمن دولة مالي، وكان قرارهم عائماً غير حاسم، فقد قرروا إرسال 3300 جندي إلى مالي، ولكن في الوقت نفسه أعلنوا عدم إغلاق باب التسوية السياسية، بل تركوا باب الحوار مفتوحاً... وقد كان هذا بعد قرار مجلس الأمن 2071 في 15/10/2012 الذي أعطى مهلة 45 يوماً لهذه المجموعة... وبين هذا وذاك كانت تتصاعد مواقف الدول الكبرى ذات التأثير الاستعماري في أفريقيا، وكان أشدها إلحاحاً على التدخل العسكري فرنسا، وبدرجة أقل أمريكا، وبما يشبه عدم الاهتمام من بريطانيا... ولكن اللافت للنظر أن الجزائر هي قطب الرحى في هذا الأمر، فزيارة مسئولي هذه الدول إليها متكررة، فوفد يغدو وآخر يروح...، وهي لازالت تعارض التدخل العسكري.

والسؤال لماذا الجزائر أصبحت محطة التنافس بين هذه الدول من حيث الاتصالات معها، وبخاصة من أمريكا وفرنسا؟ ثم لماذا يبدو صوت بريطانيا خافتاً؟ وما مواقف هذه الدول وأغراضها خلال اتصالاتها مع الجزائر؟

الجواب:

لكي يتضح الجواب يجب أولاً استعراض أمرين مهمين:

الأول: واقع الجزائر السياسي... والثاني: انقلاب مالي...

أما واقع الجزائر السياسي:

فالمعروف أن الرئيس بوتفليقة الذي كان وزيرا للخارجية على عهد هواري بومدين قد سار على نهج بومدين الذي ارتبط بالإنجليز، ومن ثم وصل إلى الحكم عن طريق انقلاب عسكري قاده عام 1965 ضد أحمد بن بيلا الذي كان يوالي أمريكا، واستمر الحكم يديره عملاء الإنجليز إلى أن قام عملاء فرنسا في الجيش بانقلاب عام 1992، وذلك ليحولوا دون وصول جبهة الإنقاذ الإسلامية إلى الحكم بعد أن نجحت في الانتخابات... ثم أجبروا الشاذلي بن جديد على تقديم الاستقالة... بعدها أصبح الجيش متحكما في البلاد ولكنه فشل في تسيير أمرها، واضطرب الحكم، فبعد أن أجبروا الشاذلي على الاستقالة في 1992 أتوا بمحمد بوضياف ثم قُتل، وأتوا بعده بعلي كافي، ثم أبعدوه، وبعد ذلك سلموا الحكم لوزير الدفاع الجنرال اليمين زروال أحد رجالهم، ولكن لم يستطيعوا أن يعالجوا تبعات انقلابهم وتهدئة الأوضاع في البلاد بعدما ارتكبوا مجازر فظيعة في حق أهل الجزائر المسلمين... وفي سنة 1999 اتفقوا مع عبد العزيز بوتفليقة ليكون الرئيس على أن لا تمسهم أية مساءلة عن جرائمهم وتدميرهم للبلد وليعمل على دمل الجراح بالدعوة إلى الوئام والسلم والمصالحة... وهكذا أصبح هو الرئيس منذ 1999 وحتى اليوم، وذلك بعدما أعلن عن فوزه في انتخابات 2004 ثم في انتخابات 2009م. وما زال بوتفليقة على علاقة وثيقة ببريطانيا، وقام بتتويج ذلك بزيارة بريطانيا عام 2006 لتكون أول زيارة لرئيس جزائري إلى بريطانيا. ومع أن مجموعة فرنسا في الجيش الجزائري، وهم مؤثرون إلى حد ما، يدركون علاقة بوتفليقة مع بريطانيا، وكذلك يدركون أن بوتفليقة لم يكن على وئام مع السياسة الفرنسية، وقد رفض مشروع الاتحاد المتوسطي الذي جاءت به فرنسا على عهد ساركوزي، كما أن مشاريع الاتفاقيات التي جرى الحديث عنها عام 2008 في زيارة ساركوزي للجزائر ولقائه بوتفليقة لم يجر تنفيذها... مع كل هذا الذي يدركونه إلا أنهم يسكتون على ذلك لأن ملفات جرائم قادة هذه المجموعة الذين أجرموا في حق الشعب المسلم في الجزائر لم تُغلق، وفي أية لحظة يستطيع بوتفليقة تفجيرها في وجهوهم إذا ما فكروا في القيام بانقلاب ضده، ولذلك فلم يقوموا بمعارضة سياسته وبخاصة وهو يتفق معهم في حماية العلمانية والجمهورية التي يقدسونها.

وهكذا فإن الخط السياسي العام للرئيس الجزائري هو تَبعٌ للسياسة البريطانية في موضوع مالي المبين لاحقاً.

وأما انقلاب مالي، فقد حدث في 22/3/2012، وكان واضحاً أن وراءه أمريكا، فقد كانت أمريكا تعمل على إيجاد نفوذ لها في مالي، وكان بداية ذلك عقد اتفاقيات مع مالي لتدريب القوات المالية على مكافحة الإرهاب والتمرن على التكتيكات المتعلقة بمحاربة الجماعات المتمردة. وكانت تختار ضباطا وترسلهم إلى أمريكا للتدرب. وقد نقل موقع العصر في 24/3/2012 عن مصادر أمريكية مطلعة بأن ديبلوماسيا أمريكيا طلب عدم ذكر اسمه للصحافة صرح قائلا: “إن قائد الانقلاب النقيب أمادوا “أحمدو” حيا سانوجو كان قد اختير من بين نخبة ضباط من طرف السفارة الأمريكية لتلقي تدريب عسكري لمكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة”. وأضاف بأن “سانجو سافر مرات عدة لأمريكا في مهمات خاصة...”.

وكان الغرض من الانقلاب هو إزالة النفوذ الفرنسي من مالي التي كانت ركيزته الأساسية، ومن ثم يحل النفوذ الأمريكي مكانه.

وقد سبق أن وضحنا هذا الأمر مفصلاً في جواب السؤال المؤرخ 24/3/2012.

والآن بعد استعراض الأمرين السابقين يمكن الجواب على السؤال على النحو التالي:

1- انخفاض صوت بريطانيا في أمر التدخل العسكري سببه أن المشكلة بشكل رئيسي هي بين أمريكا وفرنسا، فإن أمريكا وراء ذلك الانقلاب لقلع نفوذ فرنسا من المنطقة... ولذلك فإن بريطانيا على عادتها تريد الفريقين أن ينشغلا في هذا الأمر ليضعفهم الصراع، وتكون هي الرابحة أو على الأقل ليست الخاسرة!

أما موقفها خلال زيارة مسئوليها للجزائر حول مالي فقد كان موقفاً مراوغاً نحو التدخل العسكري وفي الوقت نفسه تأييد الجزائر في عدم التدخل العسكري! فقد صرّح السفير البريطاني في الجزائر مارتن روبر: “ان المملكة المتحدة تقف الى جانب الجزائر في هذه المرحلة الحرجة جدا” وقال “ان بريطانيا تحبذ الحل السلمي ان كان ممكنا” ( جريدة الخبر الجزائرية 22/6/012) وقد قام اليستر بيرت الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 23/6/012 بزيارة الجزائر وقام بدراسة الوضع في شمال مالي وتعزيز العلاقات مع المسؤولين الجزائريين لمدة ثلاثة أيام. “وقد ثمن الموقف الجزائري الرافض للتدخل العسكري لانهاء مشكلة التمرد في شمال مالي، وقال ان بريطانيا تدعم حل النزاع القائم في منطقة الساحل عبر المفاوضات”. ( صفحة السلام اليوم الجزائرية 24/6/012) فبريطانيا لا تريد أن تتورط جزائر بوتفليقة في تدخل عسكري في شمالي مالي لأن ذلك يمنح أمريكا فرصا للتأثير على الجزائر تمهيداً لبسط نفوذها في هذا البلد، فيكون ذلك على حساب النفوذ البريطاني في الجزائر وفي شمال أفريقيا.

وقد انعكس هذا الموقف المراوغ لبريطانيا على جزائر بوتفليقة، ولهذا كانت تصريحات الجزائر لا تريد التدخل من جانب، وتريده من جانب آخر فتقول بالحل السياسي، وتقول أيضا بمكافحة الإرهاب في شمال مالي! أي تعمد الغموض في الموقف، فهي تقول إن التدخل له آثار سيئة وبخاصة على الطوارق ويجب الحل السياسي، وفي الوقت نفسه تقول إن الحل العسكري ضروري ضد الإرهاب! كما جاء في تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية عمار بلاني حيث قال: “نعتبر ان استعمال القوة يجب ان يتم عن تبصر من اجل تجنب اي خلط او غموض بين سكان مالي الطوارق الذين لهم مطالب مشروعة والجماعات الارهابية وتجار المخدرات الذين يجب ان يكونوا الهدف الاول لكونهم مصدر الخطر الذي يهدد المنطقة”. (أ.ف.ب 30/10/012)، لذلك فهي تمسك العصا من الوسط على طريقة الإنجليز لإبقاء الصراع بين أمريكا وفرنسا مشتعلاً، وفي الوقت نفسه يبقى بعيداً عنها... ولأن بريطانيا في سياستها الحالية تتبع عدم التصادم العلني مع أمريكا وإنما التشويش عليها بوسائل أخرى، فكذلك هي الجزائر، فمع أنها تقف بقوة ضد فرنسا في مباحثاتها بالنسبة لشمال مالي، حتى إنها أجلت زيارة رئيس جمهورية فرنسا، إلا أنها تبدي ميلاً وتجاوباً مع الضغوط الأمريكية عليها، فلا تستطيع تأجيل زيارة وزير أمريكي في الوقت الذي تؤجَّل فيه زيارة رئيس لفرنسا! ويبدو أن إرضاء الجزائر لأمريكا كان وراء طلبها من فرنسا تأجيل زيارة رئيسها فرانسو أولاند، فهي تتخذ موقفاً شديداً تجاه فرنسا، ولكنها تبدي ليناً في تصريحاتها تجاه أمريكا كما يتضح من مجريات الأمور.

2- أما فرنسا، فإنها أصيبت في مقتل على أثر انقلاب مالي، وأصبح الموضوع عندها مصيرياً، فإذا لم تستطع إعادة نفوذها في مالي، فإن نفوذها في أفريقيا سينتهي تدريجيا، ولذلك فهي تعمل بجد ونشاط للتدخل الدولي العسكري وإعادة دولة مالي إلى حظيرتها، فهي لا تريد أن يبقى أزلام أمريكا في الحكم في جنوب مالي، وشبه دولة في شمال مالي، ومن ثم يصعب عليها بسط نفوذها كالسابق في دولة مالي.

ولهذا فإن فرنسا تتهافت على التدخل العسكري في شمال مالي، لأن نفوذها في مالي قد تعرض لضربة كبيرة على أثر الانقلاب العسكري هناك الذي قام به ضباط صغار موالون لأمريكا في 22/3/2012، وهذا النفوذ هو آيل للسقوط في المنطقة كلها إذا لم تستطع فرنسا معالجة موضوع مالي وشماله. ولذلك نراها تعمل في مجلس الأمن جاهدة على استصدار القرارات المتعلقة بالتدخل العسكري وتتصل بدول المنطقة، وبخاصة الجزائر...

وأما موقفها خلال اتصالاتها بالجزائر فهو الحث بقوة على التدخل العسكري، ومع ذلك لم تتجاوب الجزائر معها، فقد نقلت جريدة الخبر الجزائرية عن صحيفة لوكانار أونشي الفرنسية في 31/10/2012 أن “تأخير زيارة الرئيس الفرنسي أولاند للجزائر التي كانت مقررة في شهر نوفمبر الى شهر ديسمبر كانت بناء على طلب الرئيس الجزائري بوتفليقة” وذكرت أن “فرنسا تبعث اشارات صداقة (للجزائر) مثل زيارة وزيري الخارجية لوران فابيوس ووزير الداخلية مانويل فالس واعتراف قصر الاليزيه بالطابع الدموي لاحداث 17/اكتوبر 1961”. ونقلت عن “مستشاري اولاند انه كان يأمل في اقناع بوتفليقة بعدم البقاء مكتوف اليدين ازاء الجماعات الاسلامية المسلحة المسيطرة على شمال مالي.”. ومع كل هذا فلم تتجاوب الجزائر... وهكذا فإن مركز التنبه عند فرنسا هو عودة نفوذها إلى مالي بأسرع ما يمكن، وترى أن الطريق لذلك هو التدخل العسكري لتحتل شمال مالي ومن ثم تنطلق إلى جنوبه مستغلة هذا “النصر”، فتجعل رجالها في جنوب مالي يتحركون كخطوط أمامية لفرنسا.

3- وأما أمريكا، فمع أنها تريد التدخل لدعم رجالها في جنوب مالي، إلا أنها غير مستعجلة على التدخل، بل هي تريد الانطلاق من مشكلة مالي إلى كسب الجزائر لنفوذها لعلها تتخذها منطلقاً لها في أفريقيا ضد ما تسميه الإرهاب كما هي باكستان منطلق لها في جنوب آسيا ضد طالبان، ولذلك ضاعفت تحركاتها في الجزائر بحجة مالي، ولكن المباحثات تركز على غيرها!

أي أن أمريكا يهمها الآن إدخال نفوذها إلى الجزائر لتنطلق منه إلى أفريقيا أكثر مما يهمها التدخل العسكري في شمال مالي، وإن كان هذا التدخل من ضمن سياستها، لكنها تريده طريقاً لدخول نفوذها للجزائر، وفي الوقت نفسه لا تريد دوراً مؤثراً لفرنسا في التدخل العسكري عندما تقرر أمريكا بشكل جاد الموافقة عليه.

أما اتصالات مسئوليها مع الجزائر فإن ظاهرها البحث في شمال مالي، وحقيقتها البحث في إقامة روابط مع الجزائر، وهذا يتبين جلياً باستعراض زياراتها الأخيرة إلى الجزائر، فقد قامت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بزيارة الجزائر والاجتماع برئيسها عبدالعزيز بوتفليقة في 29/10/2012، وقد صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية كلينتون في ختام لقائها مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قائلة: “بحثنا علاقاتنا الثنائية القوية جدا، واشرنا الى اننا اجرينا للتو ندوة ممتازة للحوار الاستراتيجي التي احتضنتها واشنطن الاسبوع الماضي. كانت لنا محادثات معمقة جدا حول الوضع في المنطقة وخاصة في مالي”. (فرانس برس، رويترز 30/10/012).

فهي ذكرت العلاقات الثنائية في الجزائر والحوار الاستراتيجي معها... ثم ذكرت المحادثات المعمقة في المنطقة وبخاصة مالي، فكان الهدف في الدرجة الأولى الجزائر قبل وضع مالي. ومما يؤكد هذا الاهتمام بالجزائر في الدرجة الأولى هو أن كلينتون تركت وراءها مساعدتها إليزابيث جونس لمواصلة المحادثات مع المسؤولين مما يدل على أن هناك أمورا استطاعت أمريكا تحقيقها في هذه الزيارة وأن مساعدة الوزيرة تعمل على إتمامها. فقد ذكر الناطق باسم الخارجية الجزائرية عمار بلاني فيما يتعلق بذلك قائلا: “ان المحادثات التي جرت بين وزير الخارجية مراد مدلسي ومساعدة وزيرة الخارجية الامريكية آن اليزابيت جونس سمحت بتقييم النتائج المسجلة في اطار الدورة الاولى للحوار الاستراتيجي الجزائري الامريكي وبتعميق المشاورات حول عدد من المسائل الجهوية”. (وكالة الأنباء الجزائرية 1/11/012).

ثم إن أمريكا لا تريد أن تعطي لفرنسا أي دور رئيس في أي تدخل إذا ما قررت التدخل في هذه المنطقة، ولا تريد مساعدتها في القيام بمهمة عسكرية هناك، لأنها أصلا تستهدف إزالة النفوذ الفرنسي في مالي وفي المنطقة. وأمريكا يهمها الآن في الدرجة الأولى الجزائر وبسط النفوذ فيها، وتتخذ مسألة شمال مالي ذريعة للتحرك فيها وفي المنطقة. وهي تعمل على إيجاد الوسائل لتحقيق هذا الغرض، وأبرزها العمل على إيجاد شراكة استراتيجية مع الجزائر كما عملت مع الباكستان وأفغانستان والعراق وتركيا. ولذلك تجري معها محادثات تستهدف إيجاد هذه الشراكة التي هي عبارة عن أسلوب لإيجاد النفوذ في البلد من خلال التعاون الأمني والعسكري والاقتصادي.

4- إن الكثير من أهل الجزائر يدرك أن بلادهم مستهدفة من قبل أمريكا، فقد نقلت جريدة الخبر الجزائرية في 29/10/012 عن كبير أعيان قبائل الطوارق في تمنراست 2000 كم جنوب العاصمة رفضه التدخل العسكري في شمال مالي معتبرا ذلك أنه “مقدمة لاقامة قواعد عسكرية في الصحراء”. ونقلت هذه الجريدة عن نائب برلماني في منطقة الأهقار قوله: “ما تطلبه امريكا وفرنسا من تدخل اجنبي سيخلق الكثير من المشاكل ونحن كاعيان منطقة الاهقار نطلب من الجزائر الصمود في موقفها ضد التدخل الاجنبيي”. وكذلك نقلت وكالة الأناضول التركية في 31/10/012 عن عبدالعزيز رحابي الذي شغل سابقا منصب وزير الاتصالات وناطق رسمي باسم الحكومة قوله: “ان الامريكيين قد يطلبون من الجزائر لعب دور شبيه بدور باكستان في الحرب الدولية على حركة طالبان والقاعدة داخل الاراضي الافغانية”. موضحا أن “الجزائر سيطلب منها تقديم مساعدة معلوماتية او تسهيل تحليق الطائرات”...

ومع كل هذا وذاك، فإن الجزائر تبدي مرونة وليناً تجاه اتصالات أمريكا بشكل واضح، من باب مسايرتها كما تفعل بريطانيا، وأمريكا لا شك تدرك ذلك، لكنها كما يبدو ترى أن المسايرة هي الخطوة الأولى للمشاركة، فالنفوذ كما تراه، وذلك باستعمال الإغراء الاقتصادي، أو فزاعة الإرهاب، أو وسائل الضغط الأخرى...! على كلٍّ، إن هذه المسايرة واضحة على مدار زيارات عدة لمسئولين أمريكان إلى الجزائر خلال الأشهر الأخيرة، فقد أشاد وزير خارجية الجزائر مراد مدلسي خلال زيارته لواشنطن في شهر أيلول/سبتمبر الفائت بالتطور في العلاقات الأمريكية الجزائرية والمشاورات بينهما حول بؤر التوتر في المنطقة، وقال: “ان هناك تنسيقا وشراكة بين بلدان الساحل والبلدان الشريكة ومنها الولايات المتحدة لتوفير الظروف المناسبة لمحاربة الارهاب من خلال نظم المعلومات والتكنولوجيا والتجهيزات”. ولفت إلى تطور العلاقات بين الجزائر وواشنطن على صعيد التعاون العسكري والاقتصادي باعتبار الولايات المتحدة الزبون التجاري الاول للجزائر بواقع 17 مليار دولار عام 2011. (وكالة الأنباء الجزائرية 1/11/012)، وذكرت هذه الوكالة بأن الاجتماع الثاني للحوار الاستراتيجي بين البلدين سيجري العام القادم في الجزائر.

وقد اتضح هذا أكثر من خلال البيان الذي أصدرته الخارجية الجزائرية في 28/10/012 قبل يوم من زيارة كلينتون قالت فيه: “ان زيارة كلينتون تندرج في سياق الدورة الاولى للحوار الاستراتيجي الجزائري الامريكي التي انعقدت في 19 اكتوبر من الشهر الجاري في واشنطن والتي اعطت دفعا ملحوظا للتشاور السياسي بين البلدين” وأضاف البيان:” ان المباحثات ستتمحور حول تعزيز الشراكة الاقتصادية والامنية بين البلدين ومسائل الساعة الاقليمية والدولية”. (وكالة يو بي أي الأمريكية 28/10/012).

5- إنه ليؤلمنا أن تكون بلاد المسلمين، ومنها الجزائر ومالي وغيرها، أن تكون في غياب دولة الخلافة محلَّ صراع بين الدول الكبرى، فهذه الدول الكبرى، وهي دول استعمارية كافرة، تتصارع على بلاد المسلمين لتبسط نفوذها على بلادهم ولتنهب خيراتهم ولتحول دون عودتهم لتحكيم دينهم في حياتهم وإقامة نظامٍ منبثقٍ منه مجسداً في دولة الخلافة...

ومع أن الشعوب الإسلامية هي رافضة لأي تدخل أجنبي، إلا أن الأنظمة القائمة في بلادهم راضية بهذا التدخل، فهذه الأنظمة مستعدة لقبول التدخل الأجنبي، بل هي موالية للدول الاستعمارية الكافرة، لأنها أُسِّسَت على أساس التبعية للغرب بدساتيرها وأنظمتها ويُنَصَّب حكامها ليسيروا على هذا الأساس، وقد جرى إعدادهم على أن يكونوا موالين وتابعين لهذه الدول. فما لم يجر التخلص من الأنظمة ومن دساتيرها ومن حكامها ومن عقلية الحكم القائمة وإلا ستبقى بلاد المسلمين ساحة للصراع بين هذه الدول. مع العلم أنه يوم كانت الجزائر ولاية من ولايات دولة الخلافة الإسلامية على عهد العثمانيين كانت أمريكا تدفع لها ضرائب كلما مرت سفنها من مياه هذه الولاية الإسلامية. فكما ورد في الأرشيف الأمريكي “فقد وقعت أمريكا وباسم رئيسها ومؤسسها جورج واشنطن نفسه مع والي الجزائر حسن باشا على اتفاقية بتاريخ 5/9/ 1795م تتعهد أمريكا فيها بدفع 12 ألف ليرة ذهبية سنويا مقابل مرور السفن الأمريكية من مياه ولاية الجزائر، وأن تدفع فورا 642 ألف ليرة ذهبية مقابل إطلاق الأسرى الأمريكيين الذين أسرتهم القوات البحرية التابعة لدولة الخلافة عندما مرت لأول مرة 11 سفينة أمريكية في الشهر العاشر والحادي عشر من عام 1793”... هكذا كانت أمريكا تنظر للجزائر وهي ولاية تابعة لدولة الخلافة، فأمريكا حينها كانت تخشى غضب الجزائر عليها ناهيك عن أن تفكر في أن يكون لها نفوذ في الجزائر...!

إن الواجب على كل مسلم يؤمن بالله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يعمل لإقامة الخلافة التي تعيد للأمة عزها ونصرها، وأولاً وأخيراً تُرضي ربها، فهي خير أمة أخرجت للناس... هذا هو مبعث عز هذه الأمة وطريق نصرها.

((وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ))

 

27 من ذي الحجة 1433

12/11/2012م

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...